مباني منهاج الصالحين، المجلد 9

اشارة

سرشناسه : طباطبائي قمي، تقي، 1301 -

عنوان قراردادي : منهاج الصالحين. شرح

عنوان و نام پديدآور : مباني منهاج الصالحين/ تاليف تقي الطباطبايي القمي.

مشخصات نشر : قم: محلاتي ، 14ق. = 20 م. = 13 -

مشخصات ظاهري : ج.

شابك : دوره 978-964-7455-58-9 : ؛ ج. 4 978-964-7455-57-2 :

يادداشت : عربي.

يادداشت : فهرستنويسي بر اساس جلد چهارم، 1430ق. = 1388.

يادداشت : كتاب حاضر شرحي بر كتاب " منهاج الصالحين" اثر ابوالقاسم خويي است.

يادداشت : كتابنامه.

موضوع : خوئي، ابوالقاسم، 1278 - 1371. منهاج الصالحين -- نقد و تفسير.

موضوع : فقه جعفري -- قرن 14

شناسه افزوده : خوئي، ابوالقاسم، 1278 - 1371. منهاج الصالحين. شرح.

رده بندي كنگره : BP183/5 /خ9م80216 1300ي

رده بندي ديويي : 297/342

شماره كتابشناسي ملي : 1852734

[كتاب اللقطة]

اشارة

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

كتاب اللقطة

و هي المال الضائع الذي لا بد لأحد عليه المجهول مالكه.

[مسألة 1: الضائع إما إنسان أو حيوان أو غيرهما من الأموال]

(مسألة 1): الضائع اما انسان أو حيوان أو غيرهما من الاموال:

و الاول يسمي لقيطا و الثاني يسمي ضالة و الثالث يسمي لقطة بالمعني الاخص.

[مسألة 2: لقيط دار الإسلام محكوم بحريته]

(مسألة 2): لقيط دار الإسلام محكوم بحريته (1).

______________________________

(1) قال في الجواهر: «الملقوط في دار الإسلام يحكم باسلامه و لو ملكها اهل الكفر اذا كان فيها مسلم نظرا الي الاحتمال و ان بعد تغليبا لحكم الإسلام الذي يعلو و لا يعلي عليه» «1».

الكلام يقع تارة في أنه محكوم بالاسلام أم لا؟ و اخري في أنه يجوز استرقاقه أو لا يجوز و يحكم بحرمته أما الكلام من الناحية الاولي فنقول: يشكل الحكم بكونه مسلما بمجرد الاحتمال فان هذا الحكم يحتاج الي دليل شرعي و مقتضي الأصل عدم كونه مسلما اذ تولده من المسلم غير معلوم كي يحكم عليه بالاسلام

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 38 ص: 181

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 4

______________________________

بالتبعية و لا يترتب أثر علي اظهاره الإسلام حيث حكم عليه بأن عمده و خطائه واحد في النص «1».

و مقتضي الاطلاق انه لا يترتب علي قوله و فعله أثر و ان عمده يعتبر خطاء و حمل الرواية علي خصوص الدية لا وجه له، ان قلت: كيف قبل اسلام علي عليه السلام قبل البلوغ؟ قلت: هو من خواص الامامة المختصة به و امثاله من بقية الائمة و أمثالهم كعيسي و يحيي و أضرابهما و عن مجمع البرهان- كما في الجواهر- نفي البعد عن اسلام غير المراهق اذا تكلم بكلمة الشهادة و التوحيد و الرسالة و استدل عليه «بعموم ما دل علي اسلام من قال كلمة الشهادتين و قاتلوهم حتي يقولوا لا إله الا اللّه و انهم اذا قدروا علي الاستقلال أمكن أن يكون واجبا عليهم

لان دليل وجوب المعرفة عقلي و لا استثناء في الأدلة العقلية فلا يبعد تكليفهم بل يمكن أن يجب ذلك و اذا وجب صح» الخ «2».

و لا يخفي ضعف هذه الادلة فان هذا النحو من الاستدلال اجتهاد في مقابل النص اذ قلنا ان مقتضي النص سقوط فعله- و منه قوله- عن الاعتبار و أيضا قد نص علي سقوط التكليف عنه حتي يبلغ لاحظ ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الغلام متي تجب عليه الصلاة قال: اذا أتي عليه ثلاث عشرة سنة فان احتلم قبل ذلك فقد وجبت عليه الصلاة و جري عليه القلم و الجارية مثل ذلك ان أتي لها ثلاث عشرة سنة أو حاضت قبل ذلك فقد وجبت عليها الصلاة و جري عليها القلم «3».

و صفوة القول: انه لا دليل علي الحكم بكونه مسلما و لعل هذا الذي ذكرنا

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب العاقلة الحديث: 2

(2) جواهر الكلام ج 38 ص: 182

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 5

و كذا دار الكفر اذا كان فيها مسلم أو ذمي يمكن تولده منه (1).

______________________________

هو الوجه في عدم حكم الماتن باسلامه فالنتيجة: ان اللقيط لا يحكم باسلامه.

و أما الكلام من الناحية الثانية فيمكن أن يقال: ان الوجه في الحكم عليه بالحرية من جهة ان الرقية تحتاج الي الدليل و مع الشك فيها يحكم بعدمها و بعبارة اخري: الحر الانسان الذي لا يكون مملوكا لأحد و حيث ان مقتضي الأصل عدم رقيته فهو حر فلا مجال لأن يقال: ان نفي احد الضدين لا يثبت الضد الاخر الا علي القول بالاثبات الذي لا نقول به

فلاحظ.

(1) الكلام فيه بعينه هو الكلام فانه لا سبيل الي استرقاقه لاحتمال كونه متولدا من المسلم أو الذمي فلا دليل علي دخوله فيمن يجوز استرقاقه و أيضا لا طريق الي اثبات اسلامه.

و لا يخفي ان قوله عليه السلام الإسلام يعلو و لا يعلي عليه «1»، لا يدل علي المدعي فان الرواية ضعيفة اولا بالارسال و ثانيا: انه لا يبعد أن يكون المراد به ان الإسلام ببراهينه يعلو فلا يرتبط بالمقام و ان أبيت فلا أقلّ من الاجمال و صفوة الكلام ان هذه الرواية لا تكون في مقام اثبات اسلام من يشك في اسلامه.

و اما اخبار الفطرة فهي لا تدل علي المدعي بل المستفاد منها ان المولود بفطرته الاولية يقبل الإسلام و أما الحكم باسلام الشخص و ترتيب آثاره عليه فليس في هذه الاخبار تعرض بالنسبة اليه لا حظ ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت: «فِطْرَتَ اللّٰهِ الَّتِي فَطَرَ النّٰاسَ عَلَيْهٰا»؟ قال: التوحيد «2».

و ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن قوله عز و جل: «فِطْرَتَ اللّٰهِ الَّتِي فَطَرَ النّٰاسَ عَلَيْهٰا» ما تلك الفطرة؟ قال: هي الإسلام

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب موانع الارث الحديث 11

(2) الاصول من الكافي ج 2 ص: 12 باب فطرة الخلق علي التوحيد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 6

______________________________

فطرهم اللّه حين أخذ ميثاقهم علي التوحيد قال: أ لست بربكم و فيه المؤمن و الكافر «1».

و ما رواه زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قول اللّه عز و جل:

«فِطْرَتَ اللّٰهِ الَّتِي فَطَرَ النّٰاسَ عَلَيْهٰا» قال: فطرهم جميعا علي التوحيد «2».

و ما رواه أيضا

عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قوله عز و جل:

«حُنَفٰاءَ لِلّٰهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ» قال: الحنيفية من الفطرة التي فطر اللّه الناس عليها لا تبديل لخلق اللّه قال: فطرهم علي المعرفة به قال: زرارة: و سألته عن قول اللّه عز و جل: «وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَليٰ أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قٰالُوا بَليٰ» الاية قال: اخرج من ظهر آدم ذريته الي يوم القيامة فخرجوا كالذر فعرفهم و أراهم نفسه و لو لا ذلك لم يعرف أحد ربه و قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: كل مولود يولد علي الفطرة يعني المعرفة بأن اللّه عز و جل خالقه كذلك قوله «وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللّٰهُ» «3».

و ما رواه محمد الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل:

«فِطْرَتَ اللّٰهِ الَّتِي فَطَرَ النّٰاسَ عَلَيْهٰا» قال: فطرهم علي التوحيد «4».

نعم لا يبعد- كما في الجواهر- ان مقتضي السيرة الحكم باسلام الطفل في بلاد الإسلام الغالب فيها المسلمون فلاحظ.

أضف الي ذلك ان جملة من النصوص قد دلت علي عدم جواز استرقاق اللقيط و في

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر ص: 13 حديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 7

و لقيط دار الكفر اذا لم يكن فيها مسلم أو ذمي يمكن تولده منه يجوز استرقاقه (1) و وارث الاول الامام اذا لم يكن له وارث (2) و كذلك

______________________________

بعضها حكم علي كونه حرا لاحظ ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

اللقيط لا يشتري و لا يباع «1».

و ما

رواه حاتم بن اسماعيل المدائني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المنبوذ حر فإن أحب أن يوالي غير الذي رباه والاه فان طلب منه الذي رباه النفقة و كان مؤسرا رد عليه و ان كان معسرا كان ما أنفق عليه صدقة «2».

و ما رواه عبد الرحمن العزرمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أبيه قال:

المنبوذ حرفا ذا كبر فان شاء توالي الي الذي التقطه و إلا فليرد عليه النفقة و ليذهب فليوال من شاء «3».

و ما رواه محمد بن أحمد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن اللقيطة فقال لا تباع و لا تشتري و لكن تستخدمها بما أنفقت عليها «4» و ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن اللقيط فقال: حر لا يباع و لا يوهب «5»

(1) كما هو ظاهر اذ كونه كافرا لا اشكال فيه فيجوز استرقاقه.

(2) اذ الامام عليه السلام وارث من لا وارث له بالإجماع و النص لا حظ ما رواه ابان بن تغلب عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يموت و لا وارث له و لا مولي قال: هو من اهل هذه الاية: «يسألونك عن الانفال» «6».

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أبواب اللقطة الحديث 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

(6) الوسائل الباب 1 من ابواب الانفال الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 8

الامام عاقلته (1) و اذا بلغ رشيدا فاقر برقيته قبل منه (2).

______________________________

و ما رواه حماد بن عيسي مرسلا عن العبد الصالح عليه السلام في حديث قال و للإمام صفو المال الي أن قال: «و هو وارث من

لا وارث له يعول من لا حيلة له «1».

و ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الانفال الي أن قال: «و من مات و ليس له مولي فماله من الانفال» «2».

(1) لأنه وارثه و الذي يعقله هو الذي يرثه صرح بذلك في الجواهر في هذا المقام و تفصيل الكلام من هذه الجهة موكول الي محله.

(2) لجواز اقرار العقلاء علي أنفسهم لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان قال:

سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: كان علي بن أبي طالب عليه السلام يقول:

الناس كلهم أحرار الا من أقر علي نفسه بالعبودية و هو مدرك من عبد أو أمة و من شهد عليه بالرق صغيرا كان أو كبيرا «3».

و ما رواه الفضل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل حر أقر انه عبد قال: يؤخذ بما أقر به «4».

و ما رواه محمد بن الفضل الهاشمي قال: قلت: لأبي عبد اللّه عليه السلام:

رجل حر أقر انه عبد فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: يأخذه بما قال أو يؤدي المال «5».

و ما رواه اسماعيل بن الفضل قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: حر أقر علي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 20

(3) الوسائل الباب 29 من أبواب العتق الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 9

[مسألة 3: أخذ اللقيط واجب علي الكفاية اذا توقف عليه حفظه]

(مسألة 3): اخذ اللقيط واجب علي الكفاية اذا توقف عليه حفظه (1).

______________________________

نفسه بالعبودية استعبده علي ذلك؟ قال: هو عبد اذا أقر علي نفسه «1».

و ما روي جماعة من علمائنا في كتب الاستدلال عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه قال: اقرار العقلاء علي انفسهم جائز

«2».

(1) لوجوب مقدمة الواجب و الوجه في وجوب أخذه و حفظه ان النفس المحترمة يجب حفظها و اللقيط مع ثبوت اسلامه لا اشكال في حرمة نفسه و أما مع عدم كونه محكوما بالاسلام فحيث انه قبل البلوغ لا يكون داخلا في عنوان الحربي فلا يترتب عليه حكمه.

و ان شئت قلت: ان المستفاد من جملة من النصوص احترام اطفال الكفار قبل البلوغ فيجب حفظها لا حظ ما رواه حفص بن غياث في حديث انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن النساء كيف سقطت الجزية منهن و رفعت عنهن؟ قال: فقال: لأن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله نهي عن قتل النساء و الولدان في دار الحرب الا أن يقاتلن فان قاتلن «قاتلت» أيضا فأمسك عنها ما أمكنك و لم تخف خللا «حالا خ ل» فلما نهي عن قتلهن في دار الحرب كان «ذلك» في دار الإسلام أولي و لو امتنعت أن تؤدي الجزية لم يمكن قتلها فلما لم يمكن قتلها رفعت الجزية عنها و لو امتنع الرجال عن «منع الرجال فأبوا أن» يؤدوا الجزية كانوا ناقضين للعهد و حلت دماؤهم و قتلهم لأن قتل الرجال مباح في دار الشرك و كذلك المقعد من أهل الذمة و الأعمي و الشيخ الفاني و المرأة و الولدان في أرض الحرب فمن اجل ذلك رفعت عنهم الجزية «3».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث 5

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب الاقرار الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 18 من ابواب جهاد العدو الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 10

فاذا أخذه كان احق بتربيته و حضانته من غيره (1) الا أن يوجد من له الولاية عليه لنسب أو غيره (2) فيجب دفعه اليه حينئذ

و لا يجري عليه حكم الالتقاط (3).

[مسألة 4: ما كان في يد اللقيط من مال محكوم بأنه ملكه]

(مسألة 4): ما كان في يد اللقيط من مال محكوم بأنه ملكه (4).

______________________________

و ما رواه السكوني عن جعفر عن ابيه عن آبائه عليهم السلام ان النبي صلي اللّه عليه و آله قال: اقتلوا المشركين و استحيوا شيوخهم و صبيانهم «1» و صفوة القول انه يجب حفظ النفس المحترمة.

(1) لسبقه و اقدامه علي الواجب كفاية و لو لا الحكم بالاحقية يلزم التشاجر بين الأفراد و النزاع لاستواء الحق و عدم ترجيح لأحد علي غيره.

(2) كما لو كان والده أو جده و كما لو كان قيما أو وصيا.

(3) كما هو ظاهر.

(4) نقل عن المبسوط عدم الخلاف فيه و استدل عليه في بعض كلام الأصحاب بأنه بعد الحكم بحرمة الطفل يحكم بكون ما في يده ملكا له لأن له الأهلية و قال في الجواهر- في هذا المقام-: «ان هذا الحكم لا يخلو من اشكال لو لا الاجماع»

و الذي يختلج بالبال ان ما أفاده في محله فان اثبات المدعي بغير الاجماع في غاية الاشكال اذ الملكية تحتاج الي سبب و المفروض ان فعل الصبي سيما غير المميز لا يترتب عليه الأثر.

و بعبارة: اخري: هو مسلوب الاختيار و عمده خطأ هذا من ناحية و من ناحية اخري ان مقتضي الأصل عدم تحقق كونه مالكا فلا دليل علي الملكية الا أن يقال بأن اليد امارة علي الملكية علي الاطلاق و الخارج يحتاج الي الدليل و لولاها لما قام للمسلمين سوق فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 11

[مسألة 5: يشترط في ملتقط الصبي البلوغ و العقل و الحرية]

(مسألة 5): يشترط في ملتقط الصبي البلوغ و العقل (1) و الحرية (2) فلا اعتبار بالتقاط الصبي و المجنون و العبد الا باذن مولاه (3) بل

______________________________

(1) بلا خلاف بين العامة و

الخاصة- كما في الجواهر- و قال قدس سره في طي كلامه: «بل و لا اشكال لقصورهما عن ولاية الالتقاط» انتهي. و يمكن أن يقال: بأن تحقق الالتقاط الشرعي بحيث يترتب عليه الأثر يتوقف علي الدليل و هو مفقود في محل الكلام بل الدليل علي خلافه اذ مقتضي الأصل عدمه كما ان مقتضي ان عمد الصبي خطأ عدم ترتب أثر شرعي علي فعله كما ان المجنون لا يتوجه اليه التكليف فلا أثر لفعله.

(2) قال في الجواهر: «علي المشهور بل لم أتحقق فيه خلافا و عن جامع المقاصد نفي الريب عنه و عن مجمع البرهان دعوي الاجماع عليه ظاهرا و عن الكفاية انه مما قطع به الاصحاب».

و استدل في كلام بعضهم بالأصل و بأنه لا يقدر علي شي ء اذ هو مشغول باستيلاء المولي علي منافعه و أيد و اما راموه بما رواه أبو خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأله ذريح عن المملوك يأخذ اللقطة فقال: و ما للمملوك و اللقطة و المملوك لا يملك من نفسه شيئا فلا يعرض لها المملوك فانه ينبغي أن يعرفها سنة في مجمع فان جاء طالبها دفعها اليه و الا كانت في ماله فان مات كانت ميراثا لولده و لمن ورثه فان لم يجي ء لها طالب كانت في أموالهم هي لهم فان جاء طالبها بعد دفعوها اليه «1».

(3) ادعي عليه عدم وجدان الخلاف و الظاهر انه حق اذ لا قصور في العبد الا كونه مملوكا لمولاه و هذا المحذور يرتفع بالاذن و ان شئت قلت المقتضي موجود و مع اذن المولي لا يكون قصور في الموضوع فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب اللقطة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص:

12

يشترط الإسلام فيه اذا كان اللقيط محكوما باسلامه فلو التقط الكافر صبيا في دار الإسلام لم يجر علي التقاطه احكام الالتقاط و لا يكون احق بحضانته (1).

______________________________

(1) عن مجمع البرهان امكان دعوي الاجماع عليه و يظهر من الجواهر انه لم يجد خلافا الا عن النافع و الشرائع فان عبارتهما تشعر بالتردد و استدل علي المدعي بقوله تعالي: «و لن يجعل اللّه للكافرين علي المسلمين سبيلا» «1» بتقريب:

انه نوع سبيل.

و ربما استدل بما دل من النص علي عدم جواز تزويج العارفة من غير العارف لا حظ ما رواه زرارة بن أعين عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: تزوجوا في الشكاك و لا تزوجوهم فان المرأة تأخذ من ادب زوجها و يقهرها علي دينه «2».

بتقريب: ان المستفاد منه ان النهي معلل بامكان اخذ الزوجة من أدب زوجها فبعموم العلة نحكم في المقام بعدم جواز حضانته للصبي المسلم.

و يرد علي هذا الاستدلال اولا بما افاده في الجواهر من أن المذكور ليس علة بل حكمة و ما أفاده متين اذ لو التزمنا بالعلية يلزم عدم التزويج من الفاسق أيضا.

لعين الملاك و ثانيا: ان الرواية مخدوشة سندا بموسي بن بكر فلاحظ لكن الظاهر ان الرواية تامة سندا ببعض طرقها.

و يمكن اثبات المدعي بالأصل فان اثبات حق الحضانة و احقية الكافر يحتاج الي الدليل و هو مفقود هذا كله علي فرض كون اللقيط مسلما و أما اثبات كون لقيط دار الإسلام مسلما فقد مر الاشكال فيه لعدم طريق الي اثباته الا من طريق السيرة

______________________________

(1) النساء/ 140

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 13

[مسألة 6: اللقيط إن وجد متبرع بنفقته أنفق عليه]

(مسألة 6): اللقيط ان وجد متبرع بنفقته انفق عليه

(1) و الا فان كان له مال انفق عليه منه بعد الاستيذان من الحاكم الشرعي أو من يقوم مقامه (2) و الا انفق الملتقط من ماله عليه و رجع بها عليه ان لم يكن قد تبرع بها (3).

______________________________

كما تقدم منا اللهم الا أن يقال: يكفي في عدم الجواز الشك في اسلامه و مقتضي اصالة عدم كفره عدم جواز تسلط الكافر عليه فانه خلاف الأصل و بعبارة اخري:

اثبات الحق يحتاج الي الدليل اللهم الا أن يقال: ان مقتضي الأصل عدم كونه مسلما و من لا يكون مسلما يكون كافرا فيجوز حضانته للكافر.

(1) فانه نوع احسان و الاحسان حسن من كل احد و لا اشكال فيه.

(2) اذ التصرف في ملك الغير يتوقف علي مجوز شرعي و الحاكم الشرعي أو من يقوم مقامه و لي الطفل من باب الحسبة هذا من ناحية و من ناحية اخري ان صرف ماله في شئونه ليس قربا لماله الا بالاحسن فلا اشكال فيه.

(3) ربما يقال بأنه يجب الانفاق عليه كفاية فيجب علي الملتقط لأنه من آحاد المكلفين لكن الظاهر انه لا دليل علي هذا المدعي بل الدليل علي خلافه لا حظ ما رواه محمد بن أحمد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الملتقطة فقال: لاتباع و لا تشتري و لكن تستخدمها بما أنفقت عليها «1».

فان المستفاد من الرواية انه يجوز استخدامه في مقابل ما انفق عليه فلا يجب الانفاق عليه مجانا انما الاشكال في سند الرواية و قال المجلسي في مرآة العقول:

«ان الراوي من الامام هو محمد بن احمد غير معلوم و يمكن أن يكون الغلط من النساخ فعلي هذا غير بعيد أن يكون محمد هذا هو ابن مسلم فالسند

صحيح»

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أبواب اللقطة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 14

و الا لم يرجع (1).

[مسألة 7: يكره أخذ الضالة حتي لو خيف عليها التلف]

(مسألة 7): يكره اخذ الضالة حتي لو خيف عليها التلف (2).

______________________________

و لكن مجرد الاحتمال لا يقتضي الحكم بالصحة فلا بد من التماس دليل آخر فلاحظ.

(1) لعدم المقتضي للرجوع بعد فرض التبرع.

(2) المقصود من الضالة- كما يظهر من كلماتهم- كل حيوان مملوك ضائع عن مالكه و لا يد عليه و لا اشكال ظاهرا في كراهة اخذه مع عدم خوف تلفه و بعبارة اخري: الذي يظهر من كلمات الاصحاب في هذا المقام عدم الخلاف عندهم في كراهة اخذه حتي في صورة جواز اخذه قال في الجواهر: «و لا خلاف بيننا في أن اخذه في صورة الجواز مكروه و عن المسالك: و اخذه حيث يجوز مكروه»

و استدل علي المدعي بجملة من النصوص: منها ما رواه وهب بن وهب عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام قال: لا يأكل من الضالة الا الضالون «1».

و هذه الرواية ضعيفة سندا بوهب مضافا الي أن المستفاد من الرواية ليس بيان حكم الاخذ بل المستفاد منها حكم التملك فان الأكل كناية عن التملك.

و مما ذكرنا ظهر تقريب المدعي بحديث وهب أيضا عن جعفر عن أبيه عليهما السلام في حديث: قال: لا يأكل الضالة الا الضالون «2».

و ما نقل في هذا المقام عن سيد الرياض بكفاية الخبر المذكور و الفتاوي للحكم بالكراهة للتسامح مردود اولا بأن دليل التسامح محل الاشكال و الكلام و قد ذكرنا في محله ان اخبار التسامح ترشد الي حكم العقل و لا يستفاد منها الاستحباب و ثانيا دليل التسامح علي فرض تماميته راجع الي استحباب الفعل لا الي كراهته.

و منها: مرسل

الصدوق قال: و من الفاظ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله:

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب اللقطة الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 15

______________________________

لا يؤوي الضالة الا الضال «1».

و هذه الرواية ضعيفة بالارسال و ما قيل في هذا المقام بأن المرسل اذا كان ثقة نسب الخبر الي المعصوم جزما لا بنحو روي يكون ذلك الخبر حجة، مدفوع بما ذكرنا و قد تعرض لما حققناه في هذا المقام الشيخ الحاجياني في كتابه «نخبة المقال» فراجع.

و منها: ما ورد من النصوص الدالة علي كراهة اخذ اللقطة لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث في اللقطة قال: و كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول لأهله: لا تمسوها «2» بتقريب: ان هذه النصوص و ان كانت واردة في لقطة المال لكن تدل علي كراهة اخذ الضالة بالاولوية فتأمل.

و منها: ما رواه احمد بن محمد بن عيسي في نوادره عن أبيه قال: سئل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و فيه: «و ما أحب أن امسكها» «3» و هذه الرواية ساقطة سندا بالارسال.

و منها: ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأل رجل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عن الشاة الضالة بالفلاة فقال للسائل: هي لك أو لأخيك أو للذئب قال: و ما احب أن امسها و سئل عن البعير الضال فقال للسائل مالك و له خفه حذاؤه و كرشه سقاؤه خل عنه «4».

و الظاهر ان هذه الرواية لا اشكال في دلالتها علي المدعي و لا بأس بسندها فلا اشكال في أصل الحكم انما الكلام في أن الأخذ مكروه حتي مع

خوف التلف

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث 1

(3) الوسائل الباب 13 من أبواب اللقطة الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 16

______________________________

علي الحيوان أو الحكم بالكراهة مختص بصورة الامن من تلف الحيوان؟.

ربما يقال بالاختصاص بتقريب: ان ادلة المنع منصرفة عن هذه الصورة و بأن قوله عليه السلام: «هي لك أو لأخيك أو للذئب» يقتضي ترغيب المكلف في أخذ الضالة التي في معرض التلف بمعني انه لو اخذتها و لم تعرف مالكها بعد التعريف تكون لك و ان عرفته فقد حفظت مال اخيك المؤمن و ان لم تأخذ اكلها الذئب أو اخذها غير الامين الذي يكون في حكم الذئب.

و يرد عليه: ان الانصراف ممنوع و قد ذكر في آخر الخبر انه قال عليه السلام «و ما احب أن امسها» فالكراهة متحققة حتي مع خوف التلف ان قلت: أ ليس حفظ مال الغير واجبا قلت: لا دليل عليه علي نحو الاطلاق. ان قلت: ان حفظ مال الغير لا اشكال في حسنه حيث انه احسان و قد ورد في النص جواز الحلف تقية و كذبا لحفظ مال الغير.

لاحظ ما رواه اسماعيل بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في حديث قال: سألته عن رجل أحلفه السلطان بالطلاق أو غير ذلك فحلف قال لا جناح عليه و عن رجل يخاف علي ماله من السلطان فيحلفه لينجو به منه قال:

لا جناح عليه و سألته هل يحلف الرجل علي مال أخيه كما يحلف علي ماله؟ قال:

نعم «1».

و مثله ما رواه اسماعيل الجعفي قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام امر بالعشار و معي المال فيستحلفوني فان حلفت تركوني و ان لم احلف فتشوني و ظلموني

فقال احلف لهم قلت ان حلفوني بالطلاق؟ قال فاحلف لهم قلت: فان المال لا يكون لي قال: تتقي مال اخيك «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب الايمان الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 17

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 17

[مسألة 8: إذا وجد حيوان في غير العمران كالبراري و الجبال و الآجام و الفلوات و نحوها من المواضع الخالية من السكان]

(مسألة 8): اذا وجد حيوان في غير العمران كالبراري و الجبال و الاجام و الفلوات و نحوها من المواضع الخالية من السكان فان كان الحيوان يحفظ نفسه و يمتنع عن السباع لكبر جثته أو سرعة عدوه أو قوته كالبعير و الفرس و الجاموس و الثور و نحوها لم يجز اخذه (1).

______________________________

قلت: هذا اجتهاد في مقابل النص اذ قد ذكر عليه السلام في آخر الخبر كما ذكرنا ان التعرض مكروه و ما ورد من جواز الحلف علي مال الأخ مقدمة للحفظ لا ينافي كراهة الأخذ مضافا الي أن مورد الخبر الثاني ما لو كان المال في يده فالنتيجة ان الأخذ مكروه علي الاطلاق كما في المتن و اللّه العالم.

(1) الذي يظهر من كلمات الأصحاب في هذا المقام ان عدم الجواز في الجملة اجماعي كما ان مقتضي القاعدة الاولية كذلك اذ التصرف في مال الغير بلا اذن منه حرام لاحظ ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: من كانت عنده أمانته فليؤدها الي من ائتمنه عليها فانه لا يحل دم امرء مسلم و لا ماله الا بطيبة نفس منه «1» فلا يجوز اخذه.

اضف الي ذلك النصوص الواردة في المقام لاحظ ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: جاء رجل الي النبي صلي اللّه عليه و آله فقال:

يا رسول اللّه صلي اللّه

عليه و آله اني وجدت شاة فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه هي لك أو لأخيك أو للذئب فقال: يا رسول اللّه اني وجدت بعيرا فقال: معه حذاؤه و سقاؤه حذاؤه خفه و سقاؤه كرشه فلا تهجه «2» و ما رواه معاوية «3».

فان المستفاد من الحديثين عدم جواز اخذ البعير و بعموم العلة المذكورة فيهما

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 13 من ابواب اللقطة الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 18

______________________________

يتعدي الي غير البعير و هو كل حيوان يقدر علي حفظ نفسه و الدفاع عنها و بعبارة اخري: وقع الكلام بين القوم في الحاق غير البعير به في الأحكام المذكورة حيث ان المصرح به في جملة من النصوص عنوان البعير لاحظ ما رواه هشام «1».

و ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من أصاب مالا أو بعيرا في فلاة من الارض قد كلت و قامت و سيبها صاحبها مما لم يتبعه فأخذها غيره فأقام عليها و أنفق نفقته حتي أحياها من الكلال و من الموت فهي له و لا سبيل له عليها و انما هي مثل الشي ء المباح «2» و ما رواه معاوية «3».

و عدم الحاقها بها لا خلاف فيه- كما في الجواهر- بل الاجماع قائم علي الحاق الدابة التي هي عبارة عن الفرس.

و استدل عليه بما رواه مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان امير المؤمنين عليه السلام كان يقول في الدابة اذا سرحها أهلها أو عجزوا عن علفها أو نفقتها:

فهي للذي أحياها قال: و قضي أمير المؤمنين عليه السلام في رجل ترك دابة بمضيعة فقال: ان

تركها في كلاء و ماء و أمن فهي له يأخذها متي شاء و ان كان تركها في غير كلاء و لا ماء فهي لمن أحياها «4».

و ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان أمير المؤمنين عليه السلام قضي في رجل ترك دابته من جهد فقال: ان كان تركها في كلاء و ماء و أمن فهي له يأخذها حيث أصابها و ان تركها في خوف و علي غير ماء و لا كلاء فهي لمن

______________________________

(1) لاحظ ص: 17

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب اللقطة الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 15

(4) الوسائل الباب 13 من أبواب اللقطة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 19

سواء أ كان في كلاء و ماء أم لم يكن فيهما اذا كان صحيحا يقوي علي السعي اليهما (1).

______________________________

أصابها «1».

و نقل في الجواهر: عن كشف الرموز الحاق البغل و قال في الجواهر: بل لعل لفظ الدابة في النصوص المزبورة شامل لمطلق ذوي القوائم الاربع و ربما يقال كما في الجواهر و غيره: ان حديث ابن سنان «2» باطلاقه يشمل مطلق الدابة بدعوي ان المراد بلفظ المال الواقع في الخبر الضالة بقرينة قامت.

و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان الاقرب الحاق غير البعير به في عدم جواز الاخذ و جوازه أما عدم الجواز فعلي القاعدة الاولية اذ التصرف في مال الغير حرام مضافا الي أن المستفاد من قوله عليه السلام في عدة روايات: «كرشه سقاؤه و خفه حذاؤه لا تهجه» ان المدار في الجواز و عدمه هو الامتناع من السباع و امكان البقاء و التعيش و أما جواز الاخذ فيما يكون في معرض الخطر فلرواية ابن سنان «3»

بتقريب الاطلاق في لفظ المال و استفادة

القانون الكلي من روايات البعير فان المستفاد من النصوص ان الميزان في الجواز و عدمه امكان البقاء و التعيش و عدمه فلا يجوز في الاول و يجوز في الثاني فما أفاده الماتن تام.

(1) ادعي عليه الاجماع و عدم الخلاف- كما في الجواهر- و الاطلاق مقتضي النص لاحظ ما رواه معاوية «4» فانه صرح في هذا الحديث بالفلاة و الفلاة علي ما يظهر من اللغة: الارض التي لا ماء فيها و مع الصراحة الموجودة في هذا

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 17

(2) لاحظ ص: 18

(3) لاحظ ص: 18

(4) لاحظ ص: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 20

فان أخذه الواجد حينئذ كان آثما (1) و ضامنا له (2) و تجب عليه نفقته (3) و لا يرجع بها علي المالك (4) و اذا استوفي شيئا من نمائه كلبنه و صوفه كان عليه مثله أو قيمته (5) و اذا ركبه أو حمله حملا كان عليه اجرته (6) و لا يبرأ من ضمانه الا بدفعه الي مالكه نعم اذا يئس من الوصول اليه و معرفته تصدق به عنه باذن الحاكم الشرعي (7).

______________________________

الحديث لا مجال للتأمل فالحق ما أفاده في المتن من الاطلاق فلاحظ.

(1) لأنه تصرف في مال الغير بلا احراز اذن من له اهلية الاذن مضافا الي النهي الصريح عن التعرض بقوله صلي اللّه عليه و آله: «خل عنه» فلا مجال للتأمل و لا موقع للتمسك بقاعدة الاحسان فانه لا يتحقق الاحسان بالحرام.

(2) لقاعدة ضمان اليد فان مقتضي الحديث المعروف علي اليد ما اخذت حتي تؤديه «1» هو الضمان.

و صفوة القول: ان التصرف في مال الغير و وضع اليد عليه يوجب الضمان بلا اشكال الا مع الاذن من المالك أو الشارع و هو

مفقود في المقام علي الفرض

(3) اذ المفروض انه مال محترم لمالك محترم فيجب حفظه بلا اشكال.

(4) لعدم موجب للرجوع و ان شئت قلت: لا دليل علي توجه الضمان الي المالك فلا يجوز له الرجوع عليه فلاحظ.

(5) اذ المفروض انه أتلف مال الغير فيضمن بلا اشكال.

(6) اذ المفروض انه استفاد من منفعته و مقتضي القاعدة الاولية هو الضمان و لا دليل علي التخصيص.

(7) اذ الضمان يرتفع بايصال المضمون الي المالك و الا فهو باق علي حاله

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 1 من أبواب الغصب الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 21

______________________________

و لا يجوز التصدق به الا بعد اليأس و بعبارة اخري: لا اشكال في وجوب ايصال المال الي صاحبه و يمكن الاستدلال علي وجوب الإيصال و الفحص عن المالك مضافا الي ارتكاز المتشرعة بوجهين احدهما قوله تعالي في سورة النساء الاية/ 58 «إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمٰانٰاتِ إِليٰ أَهْلِهٰا».

فان مقتضي العموم عدم الفرق بين كون الامانة مالكية كالوديعة أو شرعية كاللقطة و مجهول المالك و مال السرقة و الخيانة و الغصب فان مقتضي الاية الشريفة وجوب الفحص عن المالك و ايصال الامانة اليه سيما فيما يكون من بيده المال غاصبا و يكون تسلطه علي المال عدوانيا.

ثانيهما: جملة من الروايات فانها تدل علي وجوب الفحص ثم التصدق منها ما رواه حفص بن غياث قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل من المسلمين أودعه رجل من اللصوص دراهم أو متاعا و اللص مسلم هل يرد عليه؟ فقال: لا يرده فان أمكنه أن يرده علي أصحابه فعل و الا كان في يده بمنزلة اللقطة يصيبها فيعرفها حولا فان أصاب صاحبها ردها عليه و الا تصدق بها فان

جاء طالبها بعد ذلك خيره بين الاجر و الغرم فان اختار الاجر فله الاجر و ان اختار الغرم غرم له و كان الاجر له «1».

و الرواية ضعيفة بحفص و بقاسم علي ما قيل فان حفصا لم يوثق و الرواية بسندها الاخر مرسلة.

و منها: ما رواه هشام بن سالم قال: سأل خطاب الاعور أبا ابراهيم عليه السلام و أنا جالس فقال: انه كان عند أبي اجير يعمل عنده بالاجر ففقدناه و بقي له من أجره

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من ابواب اللقطة الحديث: 1 و الكافي ج 5 ص: 308 حديث: 21

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 22

______________________________

شي ء و لا نعرف له وارثا قال: فاطلبه قال: قد طلبناه فلم نجده قال: فقال:

مساكين و حرك يديه قال: فأعاد عليه قال: اطلب و اجهد فان قدرت عليه و الا فهو كسبيل مالك حتي يجئ له طالب فان حدث بك حدث فأوص به ان جاء له طالب أن يدفع اليه «1».

و هذه الرواية تامة سندا اذ اسناد الشيخ الي يونس تام فلا اشكال من حيث السند و أما من حيث الدلالة فلا اشكال فيها فانها تدل علي وجوب الفحص و الجهد عن المالك لكن هذه الرواية واردة بالنسبة الي معلوم المالك و الكلام في مجهول المالك.

و منها: ما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل كان له علي رجل حق ففقده و لا يدري أين يطلبه و لا يدري أحي هو أم ميت و لا يعرف له وارثا و لا نسبا و لا ولدا قال: اطلب قال: فان ذلك قد طال فاتصدق به؟ قال: اطلبه «2».

و هذه الرواية علي تقدير تمامية دلالتها مخدوشة من حيث السند

بابن ثابت و ابن عون لكن الشيخ قدس سره نقل الرواية في ج 6 من التهذيب ص: 188 حديث: 21 بسند لا بأس به فراجع و لكن موردها معلوم المالك.

و منها: ما رواه يونس بن عبد الرحمن قال: سئل أبو الحسن الرضا عليه السلام و أنا حاضر الي أن قال: فقال: رفيق كان لنا بمكة فرحل منها الي منزله و رحلنا الي منازلنا فلما ان صرنا في الطريق أصبنا بعض متاعه معنا فأي شي ء نصنع به؟ قال: تحملونه حتي تحملوه الي الكوفة قال: لسنا نعرفه و لا نعرف كيف نصنع؟ قال: اذا كان

______________________________

(1) الفروع من الكافي ج 7 ص: 153 باب ميراث المفقود الحديث: 1 و الوسائل الباب 6 من أبواب ميراث الخنثي الحديث: 1 و التهذيب ج 9 ص: 389 حديث 1387

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب ميراث الخنثي الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 23

______________________________

كذا فبعه و تصدق بثمنه قال له: علي من جعلت فداك؟ قال: علي أهل الولاية «1»

بتقريب ان المستفاد من الرواية مفهوما وجوب الفحص مع الامكان و سند الرواية مخدوش بالعبيدي و قد ورد جملة من الروايات بالنسبة الي معلوم المالك لاحظ الباب 6 من أبواب ميراث الخنثي و ما اشبهه من الوسائل و هذه النصوص موردها معلوم المالك فلا تشمل المقام كما أن الاخبار الواردة في اللقطة الدالة علي وجوب التعريف سنة لا تشمل المقام فالنتيجة ان دليل وجوب الايصال الي المالك و الفحص عنه الاية الشريفة.

و ربما يقال: بأنه لا يجب الايصال الي المالك بل يجوز التصدق به و الدليل عليه جملة من النصوص:

منها: ما رواه علي بن أبي حمزة قال كان لي صديق من كتاب بني امية

فقال لي: استأذن لي علي أبي عبد اللّه عليه السلام فاستأذنت له «عليه» فأذن له فلما أن دخل سلم و جلس ثم قال: جعلت فداك اني كنت في ديوان هؤلاء القوم فأصبت من دنياهم مالا كثيرا و أغمضت في مطالبه فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: لو لا ان بني امية وجد و الهم من يكتب و يجبي لهم الفي ء و يقاتل عنهم و يشهد جماعتهم لما سلبونا حقنا و لو تركهم الناس و ما في أيديهم ما وجدوا شيئا الا ما وقع في ايديهم قال: فقال الفتي: جعلت فداك فهل لي مخرج منه؟ قال: ان قلت لك تفعل؟ قال: أفعل قال له: فاخرج من جميع ما كسبت «اكتسبت» في ديوانهم فمن عرفت منهم رددت عليه ماله و من لم تعرف تصدقت به و أنا أضمن لك علي اللّه عز و جل الجنة فأطرق الفتي طويلا ثم قال له: لقد فعلت جعلت فداك الحديث «2»

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب اللقطة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 47 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 24

______________________________

و هذه الرواية ضعيفة بالبطائني و ابن بندار.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل ترك غلاما له في كرم له يبيعه عنبا أو عصيرا فانطلق الغلام فعصر خمرا ثم باعه قال: لا يصلح ثمنه ثم قال: ان رجلا من ثقيف اهدي الي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم راويتين من خمر فأمر بهما رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم فاهريقتا و قال: ان الذي حرم شربها حرم ثمنها ثم قال أبو عبد اللّه عليه

السلام: ان افضل خصال هذه التي باعها الغلام أن يتصدق بثمنها «1» و الظاهر ان سند الرواية لا بأس به.

و منها: ما رواه أبو أيوب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل أمر غلامه أن يبيع كرمه عصيرا فباعه خمرا ثم أتاه بثمنه فقال: ان احب الاشياء إلي أن يتصدق بثمنه «2» و السند ضعيف بمعلي.

و منها: ما رواه علي بن ميمون الصائغ قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عما يكنس من التراب فأبيعه فما أصنع به؟ قال: تصدق به فاما لك و اما لأهله الحديث «3» و السند ضعيف بابن ميمون.

و منها: ما رواه علي الصائغ قال: سألته عن تراب الصواغين و انا نبيعه قال:

أما تستطيع أن تستحله من صاحبه؟ قال: قلت: لا اذا أخبرته اتهمني قال: بعه قلت بأي شي ء نبيعه؟ قال: بطعام قلت: فأي شي ء أصنع به؟ قال: تصدق به إما لك و اما لأهله «4» و السند مخدوش بالاضمار و بعلي مضافا الي أن موردها معلوم المالك.

و منها: ما رواه أبو علي بن راشد قال: سألت أبا الحسن عليه السلام قلت

______________________________

(1) الوسائل الباب 55 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 16 من أبواب الصرف الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 25

______________________________

جعلت فداك اشتريت أرضا الي جنب ضيعتي بالفي درهم فلما وفيت المال خبرت ان الارض وقف فقال: لا يجوز شراء الوقف و لا تدخل الغلة في مالك و ادفعها الي من وقفت عليه قلت: لا أعرف لها ربا قال: تصدق بغتلها «1» و السند ضعيف بالرزاز.

اذا عرفت ما تقدم فاعلم ان النسبة بين دليل التصدق و وجوب الايصال

العموم من وجه فان دليل وجوب الايصال خاص من حيث اختصاصه بمورد يمكن فيه الايصال اذ كل تكليف مشروط بالقدرة و عام من حيث المورد اذ لا اختصاص له بمجهول المالك و الدليل الدال علي الصدقة مختص بمجهول المالك و ان أبيت عن اختصاص دليل التصدق بمجهول المالك و قلت: لا يختص الدليل به بل مطلق قلت: علي هذا التقدير تكون نسبة الاية الي الرواية نسبة الخاص الي العام اذ الاية تختص بمورد التمكن بخلاف الرواية فتكون الاية أخص و لا اشكال في تقدم الخاص علي العام.

و أما علي تقدير الالتزام بكون التعارض بالعموم من وجه نقول: يقع التعارض بين الدليلين في مورد يمكن الايصال و لا بد من الاخذ بدليل وجوب الايصال و ذلك لوجهين:

احدهما: ان العموم الوضعي يقدم علي العموم الاطلاقي و العموم الكتابي وضعي فان «الامانات» جمع محلي باللام و قد ثبت في محله انه وضع للعموم و عموم الرواية اطلاقي.

ثانيهما: ان ما خالف الكتاب لا اعتبار به. و العجب من سيدنا الاستاد حيث ذهب في المقام و أمثاله الي تقديم الكتاب بدعوي: ان الرواية مخالفة للكتاب فلا

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب عقد البيع و شروطه

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 26

______________________________

اعتبار بها و مع ذلك يري ان الخبرين المتعارضين بالعموم من وجه يتساقطان في مورد التعارض فلا تصل النوبة الي الاخبار العلاجية و الحال ان التعارض بالعموم من وجه بالاطلاق ان صدق عليه التعارض فما الوجه في التساقط؟ بل لا بد من العلاج و ان لم يصدق عليه التعارض لقابلية كل واحد من الدليلين أن يكون قرينة علي الدليل الاخر فما الوجه في سقوط الاطلاق المعارض للكتاب فلاحظ و تأمل فيما

قلناه.

فالنتيجة: ان الواجب ايصال المجهول مالكه الي مالكه ثم انه مع العلم بامكان الايصال يجب كما انه مع اليأس لا يجب أما لو شك في القدرة فربما يقال: بأن مقتضي اصالة البراءة عدم وجوب الفحص و لكن الحق ان البراءة لا تجري مع الشك في القدرة فانه علي خلاف السيرة العقلائية مضافا الي أنه يلزم تفويت المصالح.

ثم انه هل يجوز أو يجب إعطاء المجهول مالكه لمن يدعيه بعد الفحص عن المالك و اليأس عنه أولا يجوز الا مع التوصيف كاللقطة أو لا هذا و لا ذاك بل اللازم الثبوت الشرعي و الا فيجب التصدق به؟ ربما يقال: بأنه يجوز أو يجب اعطائه لمن يدعيه بدعوي دلالة خبر منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت عشرة كانوا جلوسا وسطهم كيس فيه ألف درهم فسأل بعضهم بعضا أ لكم هذا الكيس فقالوا كلهم: لا و قال واحد منهم: هو لي فلمن هو؟ قال: للذي ادعاه «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان دعوي ملكية شي ء بلا معارض مسموعة و هذه الرواية لا بأس بسندها فان الشيخ رواها بطريقه الي محمد بن احمد بن يحيي و لكن الاشكال في دلالتها علي المدعي اذ الرواية واردة في الكيس الذي تحت يد جماعة و لا ملازمة بين المورد و بقية الموارد من حيث الحكم فلعل المورد له خصوصية و مقتضي الاصل في بقية الموارد عدم كون المدعي مالكا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب كيفية الحكم و الدعاوي

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 27

______________________________

و ملخص الكلام انه لا تدل الرواية علي مالكية المدعي علي الاطلاق و علي تقدير الدلالة يجب الاعطاء فالامر دائر بين الوجوب و الحرمة لا بين

الوجوب و الجواز فلاحظ و أما جواز الاعطاء مع التوصيف في مورد حصول العلم أو الاطمينان بصدق الواصف فلا اشكال في وجوب الاعطاء لوجوب رد المال الي المالك و أما مع عدم حصول الاطمينان فلا وجه للإعطاء اذ علي تقدير كون التوصيف مؤثرا فهو مخصوص بباب اللقطة و لا وجه لتسريته الي المقام فالمتعين هو الوجه الاخير عملا بدليل وجوب التصدق.

ثم انه يقع الكلام في أنه يكفي مطلق الفحص أو يجب سنة أو يجب الي أن يحصل اليأس عن الوصول؟ ربما يقال: بأن الطبيعي يحصل ببعض أفراده و حيث ان الفحص يحصل بمطلقه فلا يجب الزائد عليه.

و يرد عليه ان المستفاد من الاية الايصال الي المالك و الفحص مقدمة له فلا معني لهذا البيان و بعبارة اخري: الواجب علي الضامن ايصال المال الي مالكه لا الفحص عنه كي يقال بأنه يحصل بالطبيعي.

و ربما يقال: بأنه يجب الفحص سنة و فيه: انه لا دليل عليه و ما ورد في اللقطة اجنبي عن المقام كما هو ظاهر و لا وجه للقياس مضافا الي ما ورد في حديث معاوية بن وهب «1» من التأكيد في الطلب ان قلت: يستفاد من حديث حفص «2» انه يجب التعريف سنة قلت: اولا ان الرواية ضعيفة كما مر و ثانيا: انه حكم وارد في مورد خاص الا أن يقال: ان العرف يفهم انه حكم مجهول المالك فتحصل:

ان الحق وجوب الفحص الا أن يحصل اليأس من الوصول.

______________________________

(1) لاحظ ص: 22

(2) لاحظ ص: 21

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 28

______________________________

ثم ان اجرة الفحص عن المالك هل علي ذي اليد أو علي المالك أو علي بيت المال؟ قد فصل سيدنا الاستاد في المقام و قال: «تحقيق

المسألة يقتضي أن يقال: ان اخذ المجهول مالكا ان كان علي وجه شرعي و باذن من الشارع كاللقطة و امثالها فلا تكون الاجرة علي الاخذ بل تكون علي المالك و ذلك لوجهين:

احدهما: قوله تعالي «مٰا عَلَي الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ» «1» فان تحريم الاخذ و اخذ الاجرة منه نحو من سبيل و هو منفي.

ثانيهما: دليل نفي الضرر و يؤيد المدعي قوله تعالي «هَلْ جَزٰاءُ الْإِحْسٰانِ إِلَّا الْإِحْسٰانُ» «2» ان قلت: يجب الفحص عن المالك و قد فرض ان الفحص يتوقف علي بذل المال فلا مورد لنفي الضرر قلت: اولا: ان التوقف علي صرف المال لا يختص بالصرف من كيس الاخذ بل يتوقف علي طبيعي الصرف فلا دليل علي وجوبه من كيسه.

و ثانيا: الفحص دائما لا يتوقف علي صرف المال بل قد يتوقف و اخري لا يتوقف فلا مانع من رفع اليد عن اطلاق الدليل بحديث لا ضرر و أما ان كان علي غير وجه شرعي و بدون الاذن فلا اشكال في أن اجرة الفحص عليه اذ ليس أخذه احسانا كي يشمله دليل نفي السبيل علي المحسنين و أما دليل نفي الضرر فلا يشمل المقام لأنه حكم امتناني و نفيه عن الاخذ خلاف الامتنان علي المالك.

و بعبارة اخري: ان الاخذ حيث أخذه و وضع يده علي مال الغير بلا اذن مالكي أو شرعي يجب عليه ايصاله الي مالكه و لو مع التوقف علي بذل المال و من هنا

______________________________

(1) التوبة/ 91

(2) الرحمن/ 60

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 29

______________________________

اشتهر ان الغاصب يؤخذ باشق الأحوال و مما يؤكد المدعي ما عن علي عليه السلام مرسلا «الحجر الغصب في الدار رهن علي خرابها» «1» هذا.

و الذي يختلج بالبال أن يقال: أما

في صورة جواز الأخذ فيجب علي الاخذ الفحص مقدمة للإيصال و لا ضمان عليه لقاعدة نفي السبيل علي المحسن فيأخذ من المالك أو من مجهول المالك باذن الحاكم و الظاهر انه لا وجه للأخذ من بيت المال كما في كلام سيدنا الاستاد اذ الظاهر انه لا دليل علي جوازه و أما ان كان الأخذ علي غير وجه شرعي فلا مجال للتوسل الي قاعدة نفي السبيل اذ المفروض انه ليس محسنا و عليه نقول: اذا قلنا بأن دليل لا ضرر لا يستفاد منه الا حرمة الاضرار كما بنينا عليه فلا مجال للبحث عن مفاد القاعدة لانتفاء الموضوع فيجب علي الاخذ صرف المال من باب مقدمة الواجب و لا دليل علي نفي الوجوب علي الفرض و أما لو لم نقل بهذه المقالة و تكلمنا علي طبق مذهب القوم فنقول: لا مانع من التمسك بقاعدة نفي الضرر و كونه خلاف الامتنان بالنسبة الي المالك لا يوجب عدم شمولها للأخذ فان الامتنان لا بد من تحققه بالنسبة الي من تتحقق القاعدة بالنسبة اليه لا بالنسبة الي كل احد لكن يقع التعارض في مدلول القاعدة بين المالك و الاخذ و حيث لا ترجيح تسقط القاعدة عن الاعتبار فيجب الفحص و صرف المال بلا أخذه من المالك و أما ما اشتهر من «أن الغاصب يؤخذ باشق الأحوال» فلا دليل عليه و أما المرسل فلا اعتبار به للإرسال.

و مما ذكرنا علم ما لو كان الفحص حرجيا حرجا زائدا علي المتعارف بحيث لا يكون قابلا للتحمل عادة فان وجوب الفحص يسقط لدليل نفي الحرج في الشريعة ان قلت: انه خلاف الامتنان بالنسبة الي المالك و حكم نفي الحرج امتناني قلت

______________________________

(1) الوسائل الباب 1

من ابواب الغصب الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 30

______________________________

لا بد من كونه امتنانيا بالنسبة الي من يصدق و يتحقق لا بالنسبة الي غيره و بعبارة اخري لا يلزم أن يكون نفي التكليف الحرجي عن شخص امتنانيا بالنسبة الي غيره فلا تغفل.

و ربما يقال: بأن مجهول المالك ملك للإمام عليه السلام و الدليل عليه ما رواه داود بن أبي يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رجل: اني قد أصبت مالا و اني قد خفت فيه علي نفسي و لو أصبت صاحبه دفعته اليه و تخلصت منه قال: فقال أبو عبد اللّه عليه السلام و اللّه لو اصبته كنت تدفعه اليه؟ قال: أي و اللّه قال: فحلف فقال فأنا و اللّه ماله صاحب غيري قال: فاستحلفه أن يدفعه الي من يأمره قال: فقال فاذهب فاقسمه في اخوانك و لك الامن مما خفت منه قال: فقسمته بين اخواني «1» و هذه الرواية لا تثبت المدعي و قاصرة عن الاثبات سندا و دلالة أما سندا فلان لها طريقين:

احدهما: طريق الكليني ثانيهما: طريق الصدوق أما طريق الكليني ففيه موسي بن عمرو هو لم يوثق و في طريق الصدوق حسن بن علي بن عبد اللّه مغيرة و هو لم يوثق فالسند ساقط عن الاعتبار و أما دلالة فمن الممكن ان ما وقع مورد السؤال مال شخصي فقد عنه عليه السلام أو كان تركة لمن لا وارث له غيره عليه السلام أو كان من صفو دار الحرب الذي هو خاص للإمام عليه السلام و لا يستفاد من الرواية حكم كلي و الوجه في أمره عليه السلام بالتصدق يمكن ان يكون من جهة رفع التهمة عنه عليه السلام أو

الاحسان الي الفقراء و مجمل القول انه ليس في الرواية دلالة علي حكم مطلق مجهول المالك فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من ابواب اللقطة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 31

______________________________

و أما حديث محمد بن القاسم بن الفضيل بن يسار عن أبي الحسن عليه السلام في رجل كان في يده مال لرجل ميت لا يعرف له وارثا كيف يصنع بالمال؟ قال:

ما أعرفك لمن هو يعني نفسه «1» فهو ضعيف بعباد.

و ربما يقال: ان مجهول المالك ملك لمن وضع يده عليه بعد اخراج خمسه فيكون كبقية الفوائد و الدليل عليه ما رواه علي بن مهزيار قال: كتب اليه أبو جعفر عليه السلام و قرأت أنا كتابه اليه في طريق مكة قال: ان الذي أوجبت في سنتي هذه الي أن قال: فأما الغنائم فهي واجبة عليهم في كل عام قال اللّه تعالي: «وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبيٰ وَ الْيَتٰاميٰ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللّٰهِ وَ مٰا أَنْزَلْنٰا عَليٰ عَبْدِنٰا يَوْمَ الْفُرْقٰانِ يَوْمَ الْتَقَي الْجَمْعٰانِ وَ اللّٰهُ عَليٰ كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ» فالغنائم و الفوائد يرحمك اللّه فهي الغنيمة يغنمها المرء و الفائدة يفيدها و الجائزة من الانسان للإنسان التي لها خطر و الميراث الذي لا يحتسب من غير أب و لا ابن و مثل عدو يصطلم فيؤخذ ماله و مثل مال يؤخذ و لا يعرف له صاحب الحديث «2».

و الحديث لا بأس به من حيث السند اذ طريق الشيخ قدس سره اليه معتبر في الجملة فلا يرد شي ء علي الرواية من حيث السند و أما من حيث الدلالة فعن المحقق الهمداني قدس سره انه استظهر من

الرواية هذا الرأي و ان مجهول المالك ملك لمن وضع يده عليه و عن الايرواني قدس سره ان الرواية صريحة في جواز التملك.

و أورد سيدنا الاستاد علي الاستدلال بالرواية اولا: ان هذه الرواية واردة في بيان موارد الخمس علي نحو القضية الحقيقية و ان كل مورد جاز التملك يكون

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب ميراث الخنثي و ما اشبهه الحديث: 12

(2) الوسائل الباب 8 من ابواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 32

______________________________

فيه الخمس و أما هذا الكلي في أي مورد يتحقق فالرواية ساكتة عنه.

و ثانيا: ان الخبر ليس صريحا في جواز التملك بل غاية ما في الباب أن تكون مطلقة بالنسبة الي جواز التملك فنقيده بدليل التصدق.

و يرد عليه: ان الظاهر من الرواية بحسب الفهم العرفي ان المال المأخوذ لأخذه و يجب فيه الخمس.

و بعبارة اخري: ان الرواية في مقام بيان الفوائد التي يفيدها الانسان و تكون له غاية الأمر يجب عليه الخمس و هذا الظهور غير قابل للإنكار و العرف ببابك اضف الي ذلك ان سيدنا الاستاد لم يلتزم بوجوب الخمس في مورد مجهول المالك حتي في مورد جواز التملك فيرجع الي أن الإغماض عن هذه الفقرة من الحديث بلا وجه.

و في بعض الكلمات: ان الظاهر من الخبر ارادة اللقطة و حكم اللقطة التملك بعد التعريف. و فيه: انه لا شاهد علي هذه الدعوي بل المستفاد من الرواية مطلق مجهول المالك مضافا الي أن الاصحاب لم يلتزموا بوجوب الخمس في اللقطة بعد التملك و الحال انه لا وجه للإغماض عن هذه الفقرة كما ذكرنا و الانصاف ان دلالة الرواية علي المدعي تامة و حيث ان سندها تام لا وجه

لرفع اليد عنها اذ قد ذكرنا في محله ان اعراض المشهور عن رواية معتبرة لا يسقطها عن الاعتبار فبحسب الصناعة لا مانع من العمل بالرواية و لا تنافي بين هذه الرواية و رواية محمد بن مسلم «1» اذ حديث ابن مهزيار مختص بمورد مجهول المالك حسب الظهور و خبر ابن مسلم مطلق يشمل مورد معرفة المالك هذا اولا و ثانيا: قد ذكر في رواية ابن مسلم ان أفضل الخصال التصدق و الظاهر انه لا تنافي بين جواز التملك و استحباب التصدق و علي فرض التنافي نجعل حديث ابن مهزيار مقيدا لرواية ابن مسلم لكون حديث

______________________________

(1) لاحظ ص: 24

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 33

______________________________

ابن مسلم اعم موردا من تلك الرواية.

و لكن لا يخفي انه يقع التعارض بين هذه الرواية و قوله تعالي: «إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمٰانٰاتِ إِليٰ أَهْلِهٰا» «1» بالعموم من وجه فان عموم الاية يشمل جميع الامانات و يختص موردها بصورة التمكن من الايصال و الرواية تشمل صورة عدم التمكن من الايصال ففي صورة امكان الايصال يقع التعارض بين الدليلين و تقدم الاية لوجهين:

احدهما: ان العموم الوضعي مقدم علي العموم الاطلاقي: ثانيهما: ان الخبر المباين مع الكتاب بالتباين الجزئي ترفع اليد عنه و يؤخذ بالكتاب فالنتيجة ان مجهول المالك يجب ايصاله الي المالك مع فرض الامكان و أما مع عدم الامكان فيجوز تملكه بمقتضي حديث ابن مهزيار.

و مما يدل علي صيرورة مجهول المالك للأخذ ما رواه هشام بن سالم قال:

سأل حفص الأعور أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا حاضر فقال: كان لأبي أجير و كان له عنده شي ء فهلك الاجير فلم يدع وارثا و لا قرابة و قد ضقت بذلك كيف أصنع؟

قال:

رأيك المساكين رأيك المساكين فقلت: اني ضقت بذلك ذرعا قال: هو كسبيل مالك فان جاء طالب أعطيته «2».

لكن المستفاد من هذه الرواية ان من لا وارت له حكمه كذا و من الظاهر ان من لا وارث له يكون وارثه الامام عليه السلام فالمستفاد ان من وضع يده علي مال ينتقل اليه بعد هلاكه اذا كان وارثه الامام.

و ربما يقال: انه يجوز للواجد التصرف في مجهول المالك و التصدق به شيئا

______________________________

(1) النساء/ 61

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب ميراث الخنثي و ما اشبهه الحديث 10

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 34

______________________________

فشيئا و الدليل عليه ما رواه نصر بن حبيب صاحب الخان قال: كتبت الي عبد صالح عليه السلام: لقد وقعت عندي مائتا درهم و أربعة دراهم و أنا صاحب فندق و مات صاحبها و لم أعرف له ورثة فرأيك في اعلامي حالها و ما أصنع بها فقد ضقت بها ذرعا فكتب اعمد فيها و اخرجها صدقة قليلا قليلا حتي يخرج «1».

و الرواية ساقطة عن درجة الاعتبار فان نصر راوي الخبر لم يوثق فلا تصل النوبة الي معارضتها مع حديث الهيثم بن أبي روح صاحب الخان قال: كتبت الي عبد صالح عليه السلام اني أتقبل الفنادق فينزل عندي الرجل فيموت فجأة و لا أعرفه و لا أعرف بلاده و لا ورثته فبقي المال عندي كيف أصنع به؟ و لمن ذلك المال؟

قال: اتركه علي حاله «2».

مضافا الي أن خبر الهيثم أيضا ضعيف به فلاحظ. و ربما يقال: يجب حفظ مجهول المالك و الايصاء به عند الوفاة و الدليل عليه ما رواه هشام «3» و هذه الرواية موردها الحق و الكلام في المقام في العين مضافا الي أنها تدل انه

كسبيل ماله.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه هشام بن سالم قال: سأل حفص الأعور أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا عنده جالس قال: انه كان لأبي أجير كان يقوم في رحاه و له عندنا دراهم و ليس له وارث فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: تدفع الي المساكين ثم قال: رأيك فيها ثم أعاد عليه المسألة فقال له مثل ذلك فأعاد عليه المسألة ثالثة فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: تطلب وارثا فان وجدت وارثا و الا فهو كسبيل مالك ثم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) لاحظ ص: 21

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 35

______________________________

قال: ما عسي أن يصنع بها ثم قال: توص بها فان جاء طالبها و الا فهي كسبيل مالك «1».

و قال سيدنا الاستاد في هذا المقام: ان الرواية ناظرة الي الحق الكلي فلا يستفاد منها حكم العين الخارجية و ثانيا أورد بأن الحكم وارد في مورد شخصي و لا يستفاد من الرواية الحكم الكلي. و الظاهر عدم ورود شي ء من الايرادين أما الايراد الاول فيدفعه ان المذكور في الرواية «ان له عندنا دراهم» و هذه الجملة لو لم تكن نصا في العين فلا اشكال في ظهورها فيها.

و أما الايراد الثاني فيدفعه ان المستفاد من الرواية بحسب الفهم العرفي ان ما أفاده عليه السلام حكم مجهول المالك كما في نظائر المقام نعم يتوجه اشكال و هو ان الظاهر من الرواية بيان حكم مورد يكون المالك معلوما غاية الأمر انه لا يمكن الايصال اليه فلا يعارض هذه الرواية حديث ابن مهزيار اذ ذلك الحديث مورده مجهول المالك فلا يتحد موردهما و يمكن أن يقال: ان المستفاد من الرواية ان الاجير

هلك و لا وارث له فالمال للإمام عليه السلام فمفاد هذه الرواية كمفاد حديث هشام «2».

و ربما يقال: بأنه يجب دفع مجهول المالك الي الحاكم لأنه ولي الغائب و يرد عليه: انه لا دليل علي ولاية الفقيه علي الامور كولاية الامام عليه السلام و انما ولايته من باب الحسبة و لا بد من الاقتصار فيها علي المقدار المعلوم و المقام ليس كذلك كما انه مع وجود الاب و الجد لا ولاية للحاكم علي الصغير فانه لو استفيد وجوب التصدق به فلا يجوز الدفع الي الحاكم. ان قلت: يجب الدفع اليه من باب كونه وليا أو من باب كونه أعرف بموارد الصرف.

قلت: أما كونه وليا فقد ظهر فساده و أما كونه اعرف فباعتبار اصل الحكم

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من ابواب الدين و القرض الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 33

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 36

______________________________

فنعم لكن بعد السؤال و التعلم يكون من يقلده مثله و أما بالنسبة الي الموضوع فليس الامر كذلك بل ربما يكون المقلد اعرف مضافا الي أنه لا دليل علي تعين الاعرف فالنتيجة انه لا دليل علي وجوب الدفع الي الحاكم.

اذا عرفت ما تقدم فاعلم انا نذكر فروعا في المقام و نتعرض لدليل كل واحد منها و نستمد من المولي جل جلاله: الفرع الاول:

اذا وقع عين لا يعلم لها مالك في يد المكلف و يمكنه الفحص عن مالكه يجب الفحص بمقتضي قوله تعالي في سورة النساء «إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمٰانٰاتِ إِليٰ أَهْلِهٰا» «1» فلو فحص عن المالك و وجده اعطاه اياها و لو فرض ان الفحص كان حرجيا يسقط وجوب الفحص لدليل نفي الحرج و لو كان ضرريا فتارة يكون وضع اليد علي

المال باذن من الشارع و اخري لا يكون باذنه أما علي الاول فلا ضمان علي الاخذ و قلنا سابقا انه يؤخذ من المالك لقوله تعالي في سورة التوبة «مٰا عَلَي الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ» «2».

و أما علي الثاني فعلي مسلك المشهور في قاعدة نفي الضرر يتعارض ضرر الغاصب و المالك و بعد التعارض تسقط القاعدة و لا بد من تحمل الضرر و الفحص و أما علي ما سلكناه في مفاد القاعدة فيجب الفحص و تحمل الضرر و أما لو فحص فلم يجد المالك و يأس من الوصول اليه فتكون العين ملكا للأخذ و يجب عليه التخميس لحديث ابن مهزيار «3» و لا تعارض بين هذا الحديث و ما رواه محمد بن مسلم «4» اذ المستفاد من حديث ابن مسلم ان الثمن أفضل خصاله التصدق

______________________________

(1) النساء/ 61

(2) التوبة/ 91

(3) لاحظ ص: 31

(4) لاحظ ص: 24

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 37

______________________________

فلا تنافي بين التملك و كون التصدق أفضل مضافا الي أنه يمكن أن يقال: ان حديث ابن مسلم اعم من حديث ابن مهزيار لان حديث ابن مهزيار ظاهر في مجهول المالك و حديث ابن مسلم اعم و ان أبيت و قلت: يكون الخبر ان متعارضين كان الترجيح مع حديث ابن مهزيار لتأخره و كونه احدث و هو من المرجحات علي مسلكنا.

الفرع الثاني: لو كانت العين معلومة المالك لكن لا يمكنه الوصول اليه و الظاهر ان حكمه التصدق و الدليل عليه حديث محمد بن مسلم «1» و يؤيد المدعي ما رواه يونس «2» و الحديث ضعيف سندا بالعبيدي.

الفرع الثالث: لو هلك صاحب العين و لا وارث له تكون العين للأخذ و الدليل عليه احاديث هشام «3».

الفرع الرابع: انه لو

وقعت عين في يد المكلف و كان مالكها معلوما شخصا لكن لا يمكن الوصول اليه.

و لا يبعد أن يكون حكمها التصدق لا طلاق حديث ابن مسلم «4» فان اطلاق هذا الحديث يقتضي أن يتصدق به و علي هذا هل يمكن الالتزام بأن حكم مال الامام عليه السلام كذلك بأن يتصدق به؟ الظاهر انه ليس كذلك و الوجه فيه انه ما دام يمكن الايصال اليه لا تصل النوبة الي الصدقة. و بعبارة اخري: يحرم التصرف في مال الغير و حيث انه عليه السلام يرضي بصرف ماله في بعض الوجوه فلا تصل النوبة الي الصدقة.

______________________________

(1) لاحظ ص: 24

(2) لاحظ ص: 22

(3) لاحظ ص: 21 و 33 و 34

(4) لاحظ ص: 24

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 38

______________________________

و ان شئت قلت: صرفه في مورد العلم برضاه نحو من الايصال فيقدم علي الصدقة. ان قلت: كيف يمكن التصدق بمجهول المالك بعد فرض ان التصدق نحو من التصرف؟ قلت: الأمر كذلك لكن بعد وجود دليل الجواز لا تصل النوبة الي هذا الاشكال.

ان قلت: الأمر بالتصدق حيث انه وارد في مقام توهم الحظر لا يدل علي الوجوب مضافا الي أن المذكور في حديث ابن مسلم «1» ليس بصورة الأمر فكيف نلتزم بوجوب التصدق؟ قلت: الامر الواقع في مقام توهم الحظر يتصور فيما نهي المولي من شي ء ثم يأمر به كالأمر بالصيد بعد النهي عنه أو يكون المقام مقام النهي و في المقام ليس كذلك و أما حديث ابن مسلم «2» فالمستفاد منه ان احسن عمل يعمل في المال المذكور أن يتصدق به و حيث ان ابقاء المال نحو تصرف فيه و ليس عليه دليل فبحكم العقل يلزم التصدق به و لا يبعد

أن يستفاد من قوله عليه السلام «أفضل خصال» الخ الزام التصدق به. و بعبارة اخري: يكون المراد من الأفضل التعين كما يستعمل كثيرا في اللغة العربية و غيرها من اللغات فتأمل.

الفرع الخامس: لو تلفت العين في يد الاخذ فتارة لا يكون التلف موجبا للضمان و اخري يكون موجبا له أما علي الاول- كما لو كان الأخذ باذن الشارع و لم يكن التلف بتفريط من ناحية الاخذ- فالأمر ظاهر اي ليس علي الاخذ شي ء و أما علي الثاني: فالذمة مشغولة و لا بد من ابرائها و لا يبعد أن يستفاد من حديث ابن مسلم «3» وجوب التصدق اذ العرف لا يفهم فرقا بين العين و الدين من هذه

______________________________

(1) لاحظ ص: 24

(2) لاحظ ص: 24

(3) لاحظ ص: 24

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 39

______________________________

الجهة.

الفرع السادس: ان هذه الصدقة عن المالك أو عن الأخذ أو لا هذا و لا ذلك؟

الحق هو الثالث اذ ليس في حديث ابن مسلم الالزام بنحو خاص و مقتضي قوله عليه السلام: «أن يتصدق بثمنه» وجوب التصدق.

الفرع السابع: ان الصدقة هل توجب ضمان المتصدق أم لا؟ الذي يختلج بالبال أن يقال: ان اليد الموضوعة علي العين تارة لا تكون يد ضمان من اول الأمر و اخري تكون اليد يد ضمان فهنا مقامان:

أما المقام الأول: فالظاهر عدم الضمان لعدم المقتضي اذ المفروض ان وضع اليد باذن من الشارع و ما علي المحسنين من سبيل فلا تكون اليد ضمانية و لا تشملها قاعدة علي اليد و أما دليل الاتلاف فليس مفاد آية أو رواية بل مستفاد من الموارد و لا يمكن أن يشمل المقام اذ الظاهر من دليل التصدق ان وظيفة الاخذ هو التصدق و به تتم

وظيفته و لا يبقي عليه شي ء مضافا الي أنه لو اشتغلت ذمته بالبدل يجب عليه التصدق به و هكذا فيلزم التسلسل و هو مقطوع البطلان فلا مجال لقاعدة الاتلاف و اما الدليل الخاص المقتضي للضمان فلم يقم في المقام.

و اما حديث ايداع اللص «1» الدال علي كون مجهول المالك مثل اللقطة فهو ضعيف سندا و اما قياس المقام علي باب اللقطة و الحكم بأنهما متحدان من حيث الحكم فتخرص بالغيب و يؤيد المدعي حديث البطائني «2».

و اما المقام الثاني فالحق فيه أيضا عدم الضمان فان مقتضي قاعدة اليد الضمان لكن التصدي بأمر الشارع نحو من الأداء مضافا الي انه لو لا ذلك يلزم التسلسل كما تقدم و حديث البطائني يؤيد المدعي.

______________________________

(1) لاحظ ص: 21

(2) لاحظ ص: 23

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 40

______________________________

الفرع الثامن: هل يجب ان يكون التصدق باذن الحاكم الشرعي أم لا يلزم؟

الحق هو الثاني لعدم الدليل علي ولايته و توقف التصدق علي اذنه بل مقتضي الاطلاق عدم اشتراط التصدق باذنه نعم مقتضي الاحتياط ان يكون باذنه خروجا عن شبهة الخلاف.

الفرع التاسع لو تصدق بمجهول المالك و تكون العين باقية في يد آخذ الصدقة فوجد المالك فهل له ان يأخذ العين من الاخذ أم لا؟ الحق هو الثاني اذ بعد التصدق بحكم الشارع تصير ملكا للأخذ و لا دليل علي جواز استرداد المالك.

مضافا الي ان المستفاد من جملة من النصوص عدم جواز الرجوع في الصدقة لاحظ ما رواه الحكم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ان والدي تصدق علي بدار ثم بدا له أن يرجع فيها و ان قضاتنا يقضون لي بها فقال: نعم ما قضت به قضاتكم و بئس ما صنع والدك

انما الصدقة للّه عز و جل فما جعل للّه عز و جل فلا رجعة له فيه الحديث «1».

و ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتصدق بالصدقة ثم يعود في صدقته فقال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: انما مثل الذي يتصدق بالصدقة ثم يعود فيها مثل الذي يقي ء ثم يعود في قيئه «2».

و ما رواه طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عليهم السلام قال: من تصدق بصدقة ثم ردت عليه فلا يأكلها لأنه لا شريك للّه عز و جل في شي ء مما جعل له انما هو بمنزلة العتاقة لا يصلح ردها بعد ما يعتق «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب الوقوف و الصدقات الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 41

______________________________

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: انما مثل الذي يرجع في صدقته كالذي يرجع في قيئه «1».

و ما رواه جراح المدائني عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: في الرجل يرتد في الصدقة قال: كالذي يرتد في قيئه «2».

و ما رواه علي بن اسماعيل عمن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه في الرجل يخرج الصدقة يريد أن يعطيها السائل فلا يجد قال: فليعطيها غيره و لا يردها في ماله «3».

و ما رواه محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام في حديث قال: لا يرجع في الصدقة اذا ابتغي بها وجه اللّه عز و جل «4».

و ما رواه سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تصدق بصدقة علي حميم

أ يصلح له أن يرجع فيها قال: لا و لكن ان احتاج فليأخذ من حميمه من غير ما تصدق به عليه «5».

فان المستفاد من هذه النصوص ان الصدقة لا رجوع فيها و لا يخفي ان مقتضي حديث محمد بن مسلم ان الصدقة لا يرجع فيها علي الاطلاق بلا فرق بين المصدق و غيره فليس للمالك الرجوع فلاحظ و يستفاد من بعض النصوص ان قوام الصدقة بكونها للّه تعالي لاحظ ما رواه حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

لا صدقه و لا عتق الا مالا اريد به وجه اللّه عز و جل «6».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) نفس المصدر الحديث: 7

(5) نفس المصدر الحديث: 9

(6) الوسائل الباب 13 من أبواب الوقوف و الصدقات الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 42

______________________________

و ما رواه ابن اذينة و ابن بكير و غيرهم كلهم قالوا: قال أبو عبد اللّه عليه السلام لا صدقة و لا عتق الا ما اريد به وجه اللّه عز و جل «1».

الفرع العاشر: هل يعتبر في آخذ الصدقة الفقر أم يجوز الاعطاء للأغنياء أيضا؟ ربما يقال- كما عن صاحب الجواهر قدس سره- جوازه بتقريب: ان الادلة باطلاقها يقتضي التسوية بين الفقير و الغني و رتب علي مرامه جواز دفع سهم الامام عليه السلام الي الاغنياء لأن السهم المبارك حكمه التصدق.

و يرد عليه: ان المتبادر من مفهوم الصدقة اعتبار الفقر في المتصدق عليه و مع الشك في الصدق يلزم الاحتياط لعدم العلم بالبراءة الا بالاحراز و ان شئت قلت:

ان العين لمالكها و لا بد من رفع الضمان و الخروج عن العهدة احراز الطريق الشرعي و لا

يحرز الا مع رعاية القيد المزبور اضف الي ذلك قوله تعالي «إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ الْمَسٰاكِينِ الاية» «2».

و في الاستدلال بالآية علي المدعي نظر اذ الظاهر ان الاية ناظرة الي بيان مصارف الزكاة الواجبة فان الاوصاف المذكورة في الاية مصارف الزكاة و من الظاهر ان الاية لا تقبل التبعيض بأن يقال: ان الصدقة الواجبة للفقراء علي الاطلاق و الزكاة خاصة للأصناف و بعبارة واضحة: الاية خاصة ببيان مصارف الزكاة فلا دلالة لها علي مصرف الصدقة علي نحو الاطلاق. نعم لا اشكال في أن السيرة الخارجية جارية علي عدم اعطاء الصدقة للغني فلا بد من اتمام الأمر بالسيرة و التسالم و الاجماع ان تم.

الفرع الحادي عشر: انه هل يجوز اعطاء الصدقة للهاشمي أم لا؟ و قد تعرضنا لهذه الجهة و تكلمنا حولها في كتاب الزكاة في ذيل مسألة (69) فراجع

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) التوبة/ 60

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 43

و ان كان الحيوان لا يقوي علي الامتناع جاز اخذه كالشاة و اطفال الابل و البقر و الخيل و الحمير و نحوها (1) فان اخذه عرفه في موضع

______________________________

المجلد السادس من هذا الكتاب ص: 501- 503.

الفرع الثاني عشر: هل يجوز وضع اليد علي مجهول المالك بعنوان ايصاله الي المالك أو التصدق به بعد وضع الغير يده عليه أم لا؟ يمكن أن يقال: بأنه اذا كان الوضع السابق بعنوان التملك و التصاحب فلا يجوز و اذا كان الغير يكون تصرفه و وضعه يده علي المال عدوانيا فلا اشكال في الجواز اذا كان بقصد الاحسان و ايصال المال الي صاحبه أو العمل بالوظيفة المقررة و أما اذا كان السابق أيضا يريد الايصال و الاحسان فتارة يرضي بوضع الغير يده

علي العين فالظاهر انه لا مانع من الوضع الثاني و اخري لا يرضي و في هذه الصورة لا نري مانعا من الوضع اذا كان بقصد الاحسان و ايصال المال الي صاحبه اذ اطلاق الأدلة بالنسبة الي كلا الشخصين علي السواء و اللّه العالم.

(1) عن التذكرة: نسبته الي علمائنا و عن بعض الاعيان: دعوي الاجماع علي الجواز و عن بعض اجماع العامة علي أن ضالة الغنم في الموضع المخوف له أكلها و استدل علي الجواز أيضا: بأنه في معرض التلف لعدم قدرته علي الامتناع فهو كالتالف و يدل علي الجواز بعض النصوص لاحظ ما رواه هشام بن سالم «1» و ما رواه معاوية بن عمار «2».

و ما رواه ابن أبي يعفور قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: جاء رجل من المدينة فسألني عن رجل أصاب شاة فأمرته أن يحبسها عنده ثلاثة أيام و يسأل عن صاحبها

______________________________

(1) لاحظ ص: 17

(2) لاحظ ص: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 44

الالتقاط (1) و الاحوط أن يعرفه في ما حول موضع الالتقاط أيضا (2) فان لم يعرف المالك جاز له تملكها و التصرف فيها بالاكل و البيع (3) و المشهور انه

______________________________

فان جاء صاحبها و الا باعها و تصدق بثمنها «1».

و ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل أصاب شاة في الصحراء هل تحل له؟ قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: هي لك أو لأخيك أو للذئب فخذها و عرفها حيث اصبتها فان عرفت فردها الي صاحبها و ان لم تعرف فكلها و أنت ضامن لها ان جاء صاحبها يطلب ثمنها أن تردها عليه «2» فالنتيجة: ان اصل الاخذ

لا اشكال فيه.

(1) كما في رواية علي بن جعفر و عن العلامة في التذكرة: «ان الاقرب عدم وجوب التعريف لقوله صلي اللّه عليه و آله: «هي لك» بتقريب: ان الظاهر من هذه الجملة تملكها من غير تعريف. و فيه: انه صلي اللّه عليه و آله صرح في الرواية بقوله: «عرفها حيث أصبتها» و مع هذا التصريح لا مجال لهذا التقريب و استدل صاحب الجواهر قدس سره علي عدم وجوب التعريف بالإجماع و حال الاجماع في الاشكال معلوم.

(2) لا اشكال في حسن الاحتياط و لكن لم يظهر وجه هذا الاحتياط اذ قد صرح في حديث ابن جعفر «3» بالتعريف حيث أصابه.

(3) كما صرح في حديث ابن جعفر فان قوله عليه السلام «فكلها» ظاهر بل صريح في جواز التملك و ربما يقال: بأن حديث ابن جعفر يعارضه حديثه الاخر

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب اللقطة الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 45

يضمنها حينئذ بقيمتها (1) لكن الظاهر أن الضمان مشروط بمطالبة المالك فاذا جاء صاحبها و طالبها وجب عليه دفع القيمة (2) و جاز له أيضا ابقائها عنده الي أن يعرف صاحبها (3).

______________________________

قال: سألته عن الرجل يصيب اللقطة دراهم أو ثوبا أو دابة كيف يصنع؟ قال:

يعرفها سنة فان لم يعرف صاحبها حفظها في عرض ماله حتي يجي ء طالبها فيعطيها اياه و ان مات أوصي بها فان أصابها شي ء فهو ضامن «1».

فان مفاد هذا الحديث وجوب التعريف اولا سنة و الحفظ لصاحبه ثانيا فما التوفيق في الجمع بين الحديثين؟ و يمكن الجواب عن هذا الاشكال: ان النسبة بين الحديثين بالعموم و الخصوص لا بالتباين فلا تعارض اذ هذا الحديث قد صرح بالدراهم

و الثوب و الدابة في كلام السائل بعد سؤاله عن مطلق اللقطة و في جواب السائل قال عليه السلام «يعرفها» اي اللقطة فغاية ما في الباب هو الاطلاق و لا اشكال في أن الاطلاق قابل للتقييد.

(1) قال في الجواهر «2»: و كذا لا خلاف اجده في أن الاخذ بالخيار ان شاء ملكها و يضمن مطلقا حين النية علي وجه بكون دينا في ديونه كما هو المشهور الي آخر كلامه فهذا هو المشهور.

(2) كما صرح به في حديث ابن جعفر فلاحظ فان مفاد هذا الحديث ان الضمان مشروط بمجي ء صاحبها و مطالبة ثمنها.

(3) قال المحقق في الشرائع: «و ان شاء احتسبها امانة في يده لصاحبها و لا ضمان» و قال في الجواهر في هذا المقام: «لم اتحقق فيه خلافا» و يمكن أن يقال بأنه موافق للقاعدة لأنه احسان و المفروض ان وضع اليد عليها باذن من مالك الملوك

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب اللقطة الحديث: 13

(2) ج 38 ص: 233

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 46

و لا ضمان عليه حينئذ (1).

[مسألة 9: إذا ترك الحيوان صاحبه في الطريق]

(مسألة 9): اذا ترك الحيوان صاحبه في الطريق فان كان قد أعرض عنه جاز لكل احد تملكه كالمباحات الاصلية (2) و لا ضمان علي

______________________________

فلا ريب في أنه احسان و ما علي المحسنين من سبيل.

(1) اذ المفروض انه امين و قد أحسن و لا مقتضي للضمان بل المقتضي لعدمه موجود و هو نفي السبيل علي المحسن فلاحظ.

فرعان: احدهما: ان الاخذ لو مات بعد التملك فهل يتوجه التكليف الي وارثه بحيث يكون ضامنا مع رجوع المالك أم يختص حكم الضمان بالاخذ؟ لا يبعد القول بالثاني اذ المفروض ان المال انتقل الي الاخذ بالتملك و ضمانه بالرجوع قد ثبت

و قد دل عليه النص و لا دليل علي الضمان مع موت الاخذ.

ثانيهما: انه لو مات صاحب العين فهل ينتقل هذا الحق اي حق الرجوع الي وارثه أم لا؟ الأقوي هو الثاني اذ قابلية انتقال هذا الحق الي الوارث اول الكلام اذ ليس كل حق قابلا للانتقال كحق الحضانة و من ناحية اخري انه لا دليل علي انتقال كل حق الي الوارث.

بقي شي ء و هو ان الموضوع للأحكام المذكورة لا تختص- كما في كلام الماتن- بخصوص الشاة و عليه يتوجه السؤال بأنه ما الوجه في العموم فنقول أما الوجه في عموم الحكم فمضافا الي عدم الخلاف و الاجماع المدعي في المقام جملة من النصوص لاحظ احاديث هشام و معاوية و علي بن جعفر «1» فان المستفاد من هذه النصوص بالفهم العرفي ان الحيوان الذي لا يقوي علي الدفاع عن نفسه و لا يكون معرضا للتلف يجوز وضع اليد عليه و أما الحيوان الذي يقدر علي التعيش و الدفاع عن نفسه فلا يجوز وضع اليد عليه فلاحظ.

(2) بناء علي كون الأعراض مخرجا عن الملك كما هو كذلك فانه مقتضي السيرة

______________________________

(1) لاحظ ص: 17 و 15 و 44

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 47

الاخذ (1) و اذا تركه عن جهد و كلل بحيث لا يقدر أن يبقي عنده و لا يقدر أن يأخذه معه فاذا كان الموضع الذي تركه فيه لا يقدر فيه الحيوان علي التعيش فيه لأنه لا ماء فيه و لا كلاء و لا يقوي الحيوان فيه علي السعي اليهما جاز لكل احد اخذه و تملكه (2) و أما اذا كان بقدر الحيوان فيه علي التعيش لم يجز لأحد أخذه و لا تملكه (3) فمن

______________________________

الجارية و

يكون خلافه مستنكرا في الاذهان و الشاهد عليه انه لو أعرض احد عن لبنات و القاها في المزبلة فأخذها شخص و تملكها و وضعها في بناء جدار داره فليس للمالك الاول الرجوع اليها و أخذها بل يعد خلافا للشرع فلاحظ.

و ربما يقال ان الاعراض لا بد أن يكون ممن له الاهلية و مع الشك يكون مقتضي الأصل عدمه و يرد بأن السيرة جارية علي جواز تملك المعرض عنه نعم لو ثبت عدم قابلية المعرض بأن يكون سفيها أو مجنونا أو غير بالغ فيشكل الحكم بالجواز و هذا أمر آخر و يظهر من صاحب الجواهر «1» ان الحيوان لو تلف في فرض الأعراض لا ضمان علي الاخذ قطعا و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه ابن سنان «2» فان التسبب علي ما يظهر من مجمع البحرين عبارة عن تركها.

(1) لعدم ما يقتضي الضمان.

(2) ادعي انه الاشهر بل ادعي ان عامة المتأخرين عليه و يمكن الاستدلال عليه بما رواه السكوني «3» و الرواية محل الكلام سندا.

(3) فان التفصيل المذكور يظهر من الخبر المزبور و بعبارة اخري: المستفاد من الخبر المذكور ان المالك تارة يترك الحيوان في مكان يقدر علي التعيش بأن

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 38 229

(2) لاحظ ص: 18

(3) لاحظ ص: 18

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 48

أخذه كان ضامنا له (1) و كذا اذا تركه عن جهد و كان ناويا للرجوع اليه قبل ورود الخطر عليه (2).

[مسألة 10: إذا وجد الحيوان في العمران]

(مسألة 10): اذا وجد الحيوان في العمران و هو المواضع المسكونة التي يكون الحيوان فيها مأمونا كالبلاد و القري و ما حولها مما يتعارف وصول الحيوان منها اليه لم يجز له اخذه (3) و من اخذه ضمنه (4) و يجب

عليه التعريف (5) و يبقي في يده مضمونا الي أن يؤديه الي مالكه (6) فان يئس منه تصدق به باذن الحاكم الشرعي (7) نعم اذا كان غير مأمون من التلف عادة لبعض الطواري لم يبعد جريان حكم

______________________________

يوجد في ذلك المكان الكلاء و الماء و اذا لم يوجد ما يرتزق به و يعيش يقدر علي التعيش بالسعي الي الماء و الكلاء و اخري يتركه في معرض التلف أما علي الاول فلا يجوز اخذه و أما علي الثاني فيجوز.

(1) لقاعدة اليد المقتضية للضمان.

(2) فان الضمان في هذه الصورة أيضا لقاعدة اليد حيث لم يرخص الاخذ في الأخذ لا من ناحية الشارع و لا من ناحية المالك.

(3) اذ التصرف في مال الغير بغير رضاه حرام و لا مجوز للأخذ.

(4) لقاعدة اليد.

(5) اذ يجب عليه أن يؤديه الي مالكه و التعريف مقدمة له فيجب لوجوب المقدمة بوجوب ذيها.

(6) كما هو مفاد قاعدة علي اليد.

(7) قد تقدم الكلام بالنسبة الي هذه الجهة و ان مقتضي الادلة وجوب التصدق

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 49

غير العمران جواز تملكه في الحال بعد التعريف و من ضمانه له كما سبق (1).

[مسألة 11: إذا دخلت الدجاجة أو السخلة في دار الإنسان لا يجوز له أخذها]

(مسألة 11): اذا دخلت الدجاجة أو السخلة في دار الانسان لا يجوز له أخذها (2) و يجوز اخراجها من الدار (3) و ليس عليه شي ء اذا لم يكن قد أخذها (4) أما اذا أخذها ففي جريان حكم اللقطة عليها اشكال (5).

______________________________

أو جواز التملك بمقتضي حديث ابن مهزيار «1» و لا وجه للإعادة فراجع ما ذكرناه هناك.

(1) بأن نقول: المستفاد من حديث ابن جعفر «2» ان الحيوان الذي يكون في معرض التلف يكون حكمه كذلك بلا فرق بين العمران و غيرها و الحق ان

ما أفاده في المتن غير بعيد لكن الجزم به بحيث يفتي به مشكل فلاحظ.

(2) اذ المفروض انه مال الغير و لا يجوز التصرف في مال الغير.

(3) اذ يجوز افراغ الملك عن مال الغير فانه من شئون الملكية و السلطة.

(4) اذ مع عدم الأخذ لا تتحقق قاعدة اليد و بدون الأخذ لا مقتضي للضمان.

(5) قال في الجواهر «3»: «و علي كل حال فلا وجه للتعريف لعدم تناول ادلة التعريف لمثلها كغيرها من اللقطة الغير الجائزة و علي تقديره فظاهر الخبر المزبور كون التعريف علي الوجه المذكور» و مراده من الخبر ما رواه ابن أبي يعفور «4».

______________________________

(1) لاحظ ص: 31

(2) لاحظ ص: 44

(3) ج 38 ص: 252

(4) لاحظ ص: 43

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 50

و الاحوط التعريف بها حتي يحصل اليأس من معرفة مالكها (1) ثم يتصدق بها (2) و لا يبعد عدم ضمانها لصاحبها اذا ظهر (3).

[مسألة 12: إذا احتاجت الضالة إلي النفقة فان وجد متبرع بها أنفق عليها]

(مسألة 12): اذا احتاجت الضالة الي النفقة فان وجد متبرع بها أنفق عليها (4) و الا أنفق عليها من ماله (5) و رجع بها علي المالك (6).

______________________________

فان مقتضي اطلاق هذا الخبر ان الشاة المأخوذة علي الاطلاق حكمها كذلك يخرج عن الاطلاق اذا دل الدليل علي خلافه و يبقي الباقي لكن الرواية المذكورة ضعيفة بمنصور و محمد بن موسي و بعد ضعف هذه الرواية و عدم شمول غيرها للمقام لا بد من العمل علي طبق القاعدة.

(1) بل لعله الأقوي اذ يجب اداء المال الي مالكه و من مقدماته الفحص فيجب.

(2) بل لا يبعد جواز التملك و وجوب الخمس بمقتضي حديث ابن مهزيار «1»

(3) لعدم ما يقتضي الضمان فان الاخذ لو تصدق بها بأمر من الشارع فلا وجه لتغريمه بعده و

ان شئت قلت: التصدق بأمر الشارع نحو من الاداء و مع الاداء لا مجال للضمان فلاحظ.

(4) و لا اشكال فيه.

(5) لأنه مال الغير و يجب حفظه فلا بد من الانفاق.

(6) تارة يكون الاخذ غاصبا و اخري يكون اخذه جائزا أما علي الاول فالظاهر عدم جواز الرجوع لأن انفاقه ليس باذن المالك و لا بأمره و كذلك ليس باذن من الشارع اذ المفروض انه غاصب و مجرد عود نفع الانفاق الي المالك لا يقتضي الرجوع اضف الي ذلك ما رواه أبو ولاد قال: قلت قد علفته بدراهم فلي عليه

______________________________

(1) لاحظ ص: 31

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 51

______________________________

علفه؟ قال: لا لأنك غاصب «1».

فان صريح الرواية يدل علي أن الغاصب اذا أنفق علي المغصوب ليس له الرجوع علي المالك مضافا الي جميع ما ذكرنا ما هو المعروف بين القوم من أن الغاصب يؤخذ بأشق الأحوال و أما اذا لم يكن غاصبا فما يمكن أن يستدل به علي جواز الرجوع وجوه:

الوجه الاول: قاعدة لا ضرر بتقريب: ان وجوب الانفاق عليه مع عدم الرجوع ضرر عليه و الضرر مرفوع في الشريعة.

و يرد عليه: اولا ان هذا الاستدلال يتم علي مسلك المشهور في مفاد لا ضرر لا علي مسلكنا و ثانيا: قد ثبت في محله ان القاعدة لا تثبت شيئا بل مفاد القاعدة النفي.

اضف الي ذلك انه علي مسلك المشهور يمكن أن يقال: بأن مقتضي القاعدة عدم وجوب الانفاق اذ المفروض ان الانفاق ضرر فلا يجب كبقية الاحكام الضررية التي ترفع بالقاعدة و توهم عدم جريان القاعدة لكونها خلاف الامتنان بالنسبة الي المالك مدفوع بأن الامتنان يلزم أن يكون بالنسبة الي من تشمله القاعدة لا الغير و المقام كذلك.

الوجه الثاني: حديث

أبي ولاد «2» فان المستفاد من الرواية ان الغاصب لكونه غاصبا ليس له الرجوع فالمقتضي للرجوع موجود لكن الغصب يمنع عن التأثير فمع عدم كونه غاصبا يجوز الرجوع.

الوجه الثالث: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن اللقطة اذا كانت جارية هل يحل فرجها لمن التقطها؟ قال: لا انما يحل

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب الغصب

(2) لاحظ ص: 50

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 52

و اذا كان للقطة نماء أو منفعة استوفاه الملتقط و يكون بدل ما أنفقه عليها (1) و لكن بحسب القيمة علي الاقوي (2).

______________________________

له بيعها بما أنفق عليها «1».

الوجه الرابع: ما ورد من النصوص فيما أنفق علي اللقيط لاحظ احاديث حاتم بن اسماعيل و عبد الرحمن العزرمي و محمد بن احمد و محمد بن مسلم «2» فان المستفاد منها جواز الرجوع فيما أنفق اذ الظاهر عدم الفرق بين الموردين.

(1) فيما يجوز له الاخذ فانه نقل «3» عن الروضة عدم الخلاف في جواز الانتفاع.

(2) ربما يقال: ان هذا بعنوان التقاص و اورد عليه بعدم رعاية شرائط التقاص فليس منه. و ربما يقال: بأنه في مقابل ما ينفق و اعترض عليه: بأن تحقق المعاوضة بين الاخذ و المالك الغائب خلاف القاعدة و لعل كلام الماتن ناظر الي أن المستفاد من النص جواز الانتفاع بحساب القيمة و بذلك المقدار لاحظ ما رواه محمد بن احمد «4».

و لاحظ ما رواه أبو ولاد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يأخذ الدابة و البعير رهنا بماله أله أن يركبه؟ قال فقال: ان كان يعلفه فله أن يركبه و ان كان الذي رهنه عنده يعلفه فليس أن يركبه «5».

و ما

رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام قال:

قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: الظهر يركب اذا كان مرهونا و علي الذي يركبه

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب اللقطة الحديث: 8

(2) لاحظ ص: 7

(3) جواهر الكلام ج 38 ص: 266

(4) لاحظ ص: 7

(5) الوسائل الباب 12 من أبواب الرهن الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 53

[مسألة 13: كل مال ليس حيوانا و لا إنسانا إذا كان ضائعا و مجهول المالك و هو المسمي لقطة بالمعني الأخص]

(مسألة 13): كل مال ليس حيوانا و لا انسانا اذا كان ضائعا و مجهول المالك و هو المسمي لقطة بالمعني الاخص (1).

______________________________

نفقته و الدر يشرب «و يشرب الدريه» اذا كان مرهونا و علي الذي يشرب نفقته «1»

فان المستفاد من هذه الأحاديث بحسب الفهم العرفي انه يستفاد من العين بمقدار ما انفق عليها فلا تقاص و لا معاوضة بل اذن من الشارع في الانتفاع بهذا الحساب فلاحظ.

لكن الانصاف ان المسألة محل الاشكال اذ الحديثان الواردان في الرهن انما يدلان علي جواز الانتفاع للمرتهن فيما ينفق و أما التقدير بلحاظ القيمة فلا يستفاد من الحديثين مضافا الي أن الحديثين واردان في الرهن و أما حديث محمد بن احمد «2» فالانصاف ان دلالته علي المدعي تامة لكن السند مخدوش بمحمد بن احمد فان وثاقة الرجل محل الاشكال و التأمل.

(1) قال في الجواهر «3»: «اللقطة لغة و عرفا كل مال غير الحيوان الذي هو القسم الثاني ضائع اخذ و لا يد عليه و لا يد ملتقط سابق فانه و ان صدق عليه انه مال ضائع الا انه سبقت عليه يد الالتقاط» الخ.

و هذا هو المعروف بين القوم في تعريف اللقطة فيخرج بقيد الضياع المال المجهول المالك المحكوم بحكم آخر و بالقيد الثاني و هو الأخذ ما لم

يؤخذ المال المطروح و بالقيد الأخير يخرج ما لو اخذه من ملتقط آخر فلا يترتب عليه حكم اللقطة و يمكن أن يقال- كما في كلام بعض الأصحاب-: انه لم يظهر وجه القيد الأخير بعد صدق اللقطة علي المال المأخوذ من آخر فهل يمكن أن يقال: اذا أخذ

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 7

(3) ج 38 ص: 271

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 54

يجوز اخذه علي كراهة (1).

______________________________

انسان لقطة و مات قبل التعريف ثم أخذه آخر لا يجب عليه التعريف لأنه أخذه من سابق؟ فالظاهر ان ما أفاده الماتن في التعريف بلا ذكر القيد الأخير هو الصحيح و اللّه العالم.

و يمكن الاستدلال علي الاطلاق باطلاق ببعض النصوص لاحظ ما رواه ابن جعفر «1» لكن مع الشك في الصدق كيف يمكن الأخذ بالاطلاق مع عدم جواز الأخذ بالدليل في الشبهة المصداقية.

و صفوة القول: انه مع احتمال القيد لا مجال للأخذ بالاطلاق و الذي يظهر من اللغة ليس فيه القيد المذكور فلاحظ.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 9، ص: 54

(1) لا يبعد أن يكون الوجه في الحكم بالجواز مع الكراهة ان المستفاد من جملة من النصوص عدم جواز الأخذ لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال: سألته عن اللقطة قال: لا ترفعوها فان ابتليت فعرفها سنة فان جاء طالبها و الا فاجعلها في عرض مالك يجري عليها ما يجري علي مالك الي أن يجي ء لها طالب «2».

و ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن اللقطة قال: لا ترفعها فان ابتليت بها فعرفها سنة فان

جاء طالبها و الا فاجعلها في عرض مالك يجري عليها ما يجري علي مالك حتي يجي ء لها طالب فان لم يجي ء لها طالب فأوص بها في وصيتك «3».

و ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن

______________________________

(1) لاحظ ص: 44

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب اللقطة الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 55

و لا فرق بين ما يوجد في الحرم و غيره (1).

______________________________

اللقطة يصيبها الرجل قال: يعرفها سنة ثم هي كسائر ماله قال: و كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول لأهله: لا تمسوها «1».

و من ناحية اخري: لا اشكال في جواز الأخذ و عن الجواهر: يمكن دعوي القطع بفساد القول بالحرمة أو الضرورة فضلا عن الاجماع و الحق كما أفاده فان جواز اخذ اللقطة من واضحات الفقه و من الامور المرتكزة عند المتشرعة.

اضف الي ذلك ما يستفاد منه الجواز لاحظ ما أرسله الصدوق قال: قال الصادق عليه السلام: افضل ما يستعملها الانسان في اللقطة اذا وجدها ان لا يأخذها و لا يتعرض لها فلو ان الناس تركوا بما يجدونه لجاء صاحبه فأخذه و ان كانت اللقطة دون درهم فهي لك فلا تعرفها فان وجدت في الحرم دينارا مطلسا فهو لك لا تعرفه و ان وجدت طعاما في مفازة فقومه علي نفسك لصاحبه ثم كله فان جاء صاحبه فرد عليه القيمة فان وجدت لقطة في دار و كانت عامرة فهي لأهلها و ان كانت خرابا فهي لمن وجدها «2».

و لاحظ ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن اللقطة فأراني خاتما في يده من فضة قال: ان هذا مما جاء به السيل و

انا اريد ان أتصدق به «3» فان صريح الرواية انه عليه السلام اخذ ما جاء به السيل.

(1) اختلفت اقوالهم في لقطة الحرم فذهب جملة من الأصحاب الي القول بحرمة الأخذ و العمدة النصوص الواردة و لا بد من ملاحظتها و ربما يستدل علي الحرمة بقوله تعالي: «أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنّٰا جَعَلْنٰا حَرَماً آمِناً» «4» بتقريب: ان اللّه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 12

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) الوسائل الباب 7 من أبواب اللقطة الحديث: 3

(4) عنكبوت/ 67

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 56

______________________________

جعل الانسان امنا علي نفسه و ماله و هو ينافي جواز اخذه.

و فيه: ان الاية بظاهرها- كما في جامع الجوامع للطبرسي- ان اللّه جعل الانسان في الحرم امنا من القتل و النهب و من الظاهر ان جواز اخذ اللقطة بقصد العمل بالوظيفة و تعريفها للوصول الي مالكها لا ينافي مفاد الاية.

و استدل علي المدعي بجملة من النصوص: منها: ما رواه الفضيل بن يسار قال: سألت ابا جعفر عليه السلام عن لقطة الحرم فقال: لا تمس ابدا حتي يجي ء صاحبها فيأخذها قلت: فان كان مالا كثيرا قال: فان لم يأخذها الا مثلك فليعرفها «1» بتقريب: انه نهي عن المس و فيه ان هذه الرواية تدل بالصراحة علي الجواز مع قصد التعريف.

و منها: ما رواه علي بن ابي حمزة قال: سألت العبد الصالح عن رجل وجد دينارا في الحرم فأخذه قال: بئس ما صنع ما كان ينبغي له أن يأخذه قلت: ابتلي بذلك قال: يعرفه قلت: فانه قد عرفه فلم يجد له باغيا قال: يرجع الي بلده فيتصدق به علي اهل بيت من المسلمين فان جاء طالبه فهو له ضامن «2» و فيه: ان الرواية ضعيفة بالبطائني.

و

منها: ما رواه فضيل بن يسار قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يجد اللقطة في الحرم قال: لا يمسها و اما انت فلا بأس لأنك تعرفها «3».

و فيه اولا: ان السند ضعيف بابن مرار و ثانيا: قد مر الكلام في الاستدلال و ان التعليل في الرواية يدل علي الجواز فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من ابواب مقدمات الطواف الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 57

و ان كانت كراهة الاخذ في الاول أشد و آكد (1).

[مسألة 14: لو انكسرت سفينة في البحر فما أخرجه من متاعها]

(مسألة 14): لو انكسرت سفينة في البحر فما أخرجه من متاعها

______________________________

و منها: ما رواه علي بن ابراهيم بن ابي البلاد عن الماضي عليه السلام قال: لقطة الحرم لا تمس بيد و لا رجل و لو ان الناس تركوها لجاء صاحبها فأخذها «1».

و فيه: ان المرسل لا اعتبار به و صفوة القول: انه كما قلنا يمكن اقامة الدليل علي جواز اخذ لقطة الحرم كغيرها مضافا الي طائفة اخري من النصوص حيث يستفاد منها الجواز لاحظ ما رواه ابراهيم عمر عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال:

اللقطة لقطتان: لقطة الحرم و تعرف سنة فان وجدت صاحبها و الا تصدقت بها و لقطة غيرها تعرف سنة فان لم تجد صاحبها فهي كسبيل مالك «2».

و ما رواه محمد بن رجاء الارجاني قال: كتبت الي الطيب عليه السلام: اني كنت في المسجد الحرام فرأيت دينارا فأهويت اليه لأخذه فاذا انا بآخر فنحيت الحصي فاذا انا بثالث فأخذتها فعرفتها فلم يعرفها احد فما تري في ذلك؟ فكتب فهمت ما ذكرت من امر الدنانير فان كنت محتاجا فتصدق بثلثها و ان كنت غنيا فتصدق بالكل «3».

و ما

رواه سعيد بن عمرو الجعفي «4» فانه يستفاد من هذه النصوص التسوية بين لقطة الحرم و غيرها في الحكم.

(1) و يمكن ان يكون الوجه في الالتزام بالشدة فيها ورود نصوص خاصة فيها و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب اللقطة الحديث 3

(2) الوسائل الباب 28 من أبواب مقدمات الطواف الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) الوسائل الباب 6 من أبواب اللقطة و سيأتي في ذيل المسألة (35)

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 58

فهو لصاحبه (1) و ما اخرج بالغوص فهو لمخرجه اذا كان صاحبه تركه (2).

[مسألة 15: اللقطة المذكورة إن كانت قيمتها دون الدرهم]

(مسألة 15): اللقطة المذكورة ان كانت قيمتها دون الدرهم جاز تملكها بمجرد الاخذ و لا يجب فيها التعريف و لا الفحص عن

______________________________

(1) هذا مقتضي القاعدة الأولية اذ المفروض انه لا مقتضي لخروجه عن ملك مالكه فهو باق علي ما كان.

(2) اذا كان الترك بعنوان الأعراض- كما هو ليس ببعيد- فجواز تملكه علي القاعدة اذ يكون كبقية المباحات الأصلية و يجوز تملكها كبقية المباحات لكن الظاهر من المتن ان الغوص بنفسه سبب للتملك و لا يبعد ان يكون ناظرا الي النص الوارد في المقام لاحظ ما رواه السكوني عن ابي عبد اللّه عليه السلام في حديث عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: و اذا غرقت السفينة و ما فيها فأصابه الناس فما قذف به البحر علي ساحله فهو لأهله و هم أحق به و ما غاص عليه الناس و تركه صاحبه فهو لهم «1».

فان ما أفاده في المتن مطابق لمفاد الرواية المذكورة لكن سند الرواية مخدوش أما برواية الكليني فضعيفة بالنوفلي و اما مرسل الصدوق فلعدم اعتبار المرسلات و اما ما نقله ابن ادريس فالظاهر أنّ البزنطي ارسل الحديث عن

أمير المؤمنين عليه السلام فلا اعتبار به.

و اما حديث الشعيري قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن سفينة انكسرت في البحر فاخرج بعضها بالغوص و اخرج البحر بعض ما غرق فيها فقال: اما ما اخرجه البحر فهو لأهله اللّه اخرجه و اما ما اخرج بالغوص فهو لهم و هم احق به «2» فهو ضعيف سندا أيضا فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من ابواب اللقطة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 59

مالكها (1).

______________________________

(1) بلا خلاف اجده- كما في الجواهر- و عن التذكرة لا يجب تعريفه و يجوز تملكه في الحال عند علمائنا اجمع بل في موضع آخر منها: «لا نعلم خلافا بين أهل العلم في اباحة اخذ القليل و الانتفاع به من غير تعريف» الي غير ذلك من كلماتهم الدالة علي المدعي.

و استدل علي المدعي بجملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن أبي حمزة مرسلا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن اللقطة قال: تعرف سنة قليلا كان أو كثيرا قال: و ما كان دون الدرهم فلا يعرف «1».

و هذه الرواية تدل علي عدم وجوب التعريف اذا كانت اللقطة دون الدرهم لكن السند مخدوش بالارسال و لا أثر لوجود ابن أبي عمير في السند مضافا الي أن المرسل ليس هو بل ابن أبي حمزة فلاحظ.

و منها: ما رواه أبو بصير عن ابي جعفر عليه السلام قال: من وجد شيئا فهو له فليتمتع به حتي يأتيه طالبه فاذا جاء طالبه رده اليه «2».

و هذه الرواية مخدوشة سندا بابن حماد حيث انه لم يوثق و ابراهيم بن اسحاق محل الاشكال و الكلام لعدم توثيقه مضافا الي أن المستفاد من هذه الرواية

ان الواجد يملك ما وجده بلا احتياج الي التملك اضف الي ذلك ان مقتضي اطلاق الحديث عدم الفرق بين أفراد اللقطة و التسوية بين ما دون الدرهم و بين غيره و التخصيص بما دون الدرهم يوجب تخصيص الأكثر و هذا اشكال آخر في الرواية فلاحظ.

و منها: ما ارسله الصدوق «3» و هذه الرواية مخدوشة بالارسال مضافا الي

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب اللقطة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 55

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 60

ثم اذا جاء المالك فان كانت العين موجودة ردها اليه (1) و ان كانت تالفة لم يكن عليه البدل (2) و ان كان قيمتها درهما فما زاد وجب عليه التعريف بها و الفحص عن مالكها (3).

______________________________

أن مفادها تحقق الملكية للواجد فلاحظ فالنتيجة: عدم قيام دليل علي المدعي الا أن يتم الأمر بالإجماع و عدم الخلاف و التسالم علي الحكم في الكل.

(1) كما صرح به في خبر أبي بصير «1» و هذا مقتضي القاعدة الأولية اذ لا وجه للخروج عن ملك مالكه و مع بقائه في ملكه يجب الرد كما هو ظاهر.

(2) لعدم الدليل علي الضمان و بعبارة اخري: لو قلنا بجواز التملك أو صيرورته ملكا بنفسه فلا وجه للضمان و ان شئت قلت: ان اليد علي العين بعد التملك ليست يد ضمان فلا مقتضي للضمان لا من ناحية اليد و لا من ناحية الاتلاف فلا ضمان لكن انما يتم هذا البيان مع قطع النظر عن الاشكال في اسناد الروايات و اما مع لحاظ ما ذكرنا من الاشكال فالحكم بعدم الضمان مشكل.

و صفوة القول: انه لا دليل علي عدم الضمان فلا بد من العمل علي طبق القواعد فلاحظ الا أن

يقوم اجماع تعبدي كاشف عن عدمه و لا يبعد ان الأخذ جائز كما مر و مع جواز اخذه شرعا يكون امانة شرعية فلا ضمان.

(3) ادعي عليه عدم الخلاف بل الاجماع و تدل علي المدعي جملة من النصوص لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و اللقطة يجدها الرجل و يأخذها قال: يعرفها سنة فان جاء لها طالب و الا فهي كسبيل ماله «2».

و ما رواه كثير قال: سأل رجل أمير المؤمنين عليه السلام عن اللقطة فقال:

يرفعها فان جاء صاحبها رفعها اليه و إلا حبسها حولا فان لم يجي ء صاحبها أو من يطلبها

______________________________

(1) لاحظ ص: 59

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب اللقطة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 61

______________________________

تصدق بها فان جاء صاحبها بعد ما تصدق بها ان شاء اغترمها الذي كانت عنده و كان الأجر له و ان كره ذلك احتسبها و الاجر له «1» و ما رواه محمد بن مسلم «2».

و ما رواه حنان قال؟ سأل رجل أبا عبد اللّه عليه و انا اسمع عن اللقطة فقال:

تعرفها سنة فان وجدت صاحبها و الا فأنت أحق بها و قال: هي كسبيل مالك و قال:

خيره اذا جاءك بعد سنة بين اجرها و بين أن تغرمها له اذا كنت اكلتها «3».

و ما رواه ابان بن تغلب قال: أصبت يوما ثلاثين دينارا فسألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ذلك فقال: أين اصبته؟ قال: قلت له: كنت منصرفا الي منزلي فأصبتها قال: فقال: صر الي المكان الذي أصبت فيه فعرفه فان جاء طالبه بعد ثلاثة ايام فأعطه اياه و الا تصدق به «4» و ما رواه محمد بن مسلم «5».

و ما رواه

داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: في اللقطة:

يعرفها سنة ثم هي كسائر ماله «6» و لاحظ حديثي ابن جعفر «7».

و ما رواه أيضا عن اخيه قال: و سألته عن الرجل يصيب اللقطة فيعرفها سنة ثم يتصدق بها فيأتي صاحبها ما حال الذي تصدق بها؟ و لمن الاجر هل عليه أن يرد علي صاحبها؟ أو قيمتها قال: هو ضامن لها و الاجر له الا أن يرضي صاحبها فيدعها و الاجر له «8».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث 2

(2) لاحظ ص: 54

(3) الوسائل الباب 2 من ابواب اللقطة الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 7

(5) لاحظ ص: 54

(6) الوسائل الباب 2 من أبواب اللقطة الحديث: 11

(7) لاحظ ص: 44 و 54

(8) الوسائل الباب 2 من ابواب اللقطة الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 62

فان لم يعرفها فان كان قد التقطها في الحرم فالاحوط أن يتصدق بها عن مالكها و ليس له تملكها (1).

______________________________

(1) قال في الجواهر في هذا المقام: «بلا خلاف اجده في الأخير الا ما سمعته من المحكي عن التقي الذي قد تقدم الاجماع من الفاضل علي خلافه» انتهي كما ان مقتضي الاصل عدم الجواز فان تملك مال الغير علي خلاف الأصل الاولي و يعضد المدعي خلو جملة من النصوص عن جواز التملك منها: ما رواه يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن اللقطة و نحن يومئذ بمني فقال: أما بأرضنا هذه فلا يصلح و أما عندكم فان صاحبها الذي يجدها يعرفها سنة في كل مجمع ثم هي كسبيل ماله «1» و منها حديثا الفضيل «2».

و لا بد من ملاحظة النصوص الواردة في المقام فنقول: مقتضي اطلاق بعض النصوص عدم

الفرق بين لقطة الحرم و مطلق اللقطة لاحظ ما رواه الحلبي «3» و لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «4» و لاحظ ما رواه حنان «5» و لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «6» و لاحظ ما رواه علي بن جعفر «7» و لاحظ ما رواه داود بن سرحان «8».

و مقتضي اطلاق هذه النصوص عدم الفرق بين أفراد اللقطة و تخصيص لقطة

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب مقدمات الطواف الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 56

(3) لاحظ ص: 60

(4) لاحظ ص: 54

(5) لاحظ ص: 61

(6) لاحظ ص: 54

(7) لاحظ ص: 54

(8) لاحظ ص: 61

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 63

و ان التقطها في غير الحرم تخير بين امور ثلاثة: تملكها مع الضمان و التصدق بها مع الضمان و ابقائها امانة في يده بلا ضمان (1).

______________________________

الحرم بعدم جواز التملك يحتاج الي دليل مخرج و يستفاد من حديث فضيل بن غزوان قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فقال له الطيار: اني وجدت دينارا في الطواف قد انسحق كتابته قال: هو له «1» ان لقطة الحرم يصير ملكا للملتقط اذا كان دينارا قد انسحق كتابته و الرواية ضعيفة بابن غزوان و مثلها في المفاد و الضعف ما ارسله الصدوق «2».

و يستفاد من حديث محمد بن رجاء «3» التفصيل في لقطة المسجد الحرام و هذه الرواية ضعيفة بابن رجاء و في المقام حديث رواه ابراهيم بن عمر «4» و يستفاد من هذه الرواية بالصراحة ان حكم لقطة الحرم غير حكم لقطة غير الحرم و ان لقطة الحرم لا بد من أن يتصدق بها و لا يجوز تملكها فان التقسيم قاطع للشركة و لا يبعد أن يكون سند الرواية تاما فان

النجاشي وثق الرجل و في قباله نقل تضعيفه من ابن الغضائري لكن سيدنا الاستاد في مدخل الرجال ناقش في صحة انتساب الكتاب الي ابن الغضائري و قال: «ان النسبة لم تثبت» فالرواية تامة سندا و دلالة فلاحظ.

(1) في المقام فرعان: احدهما: انه يتخير بين التملك و التصدق و الحفظ ثانيهما انه عليه الضمان علي الأولين دون الأخير فنقول: أما الفرع الاول: فهو المشهور- علي ما في بعض كلمات القوم- و عن التذكرة ان عليه الاجماع و العمدة النصوص

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب مقدمات الطواف الحديث: 6 و الباب 17 من أبواب اللقطة الحديث 1

(2) لاحظ ص: 55

(3) لاحظ ص: 57

(4) لاحظ ص: 57

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 64

______________________________

الواردة في المقام.

منها: ما رواه الحلبي «1» و المستفاد من هذه الرواية وجوب التعريف سنة و بعده تكون اللقطة ملكا للملتقط.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم «2» و المستفاد من هذه الرواية انه يجب تعريفها سنة و بعده يجوز التصرف فيها في عرض أمواله و ان جاء طالبها يأخذها.

و منها: ما رواه حنان «3» و هذه الرواية تدل علي أن الملتقط احق بها بعد التعريف.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم «4» و المستفاد من هذه الرواية انه يباح التصرف فيها كبقية أمواله الي أن يجي ء صاحبها و يجب الايصاء بها.

و منها: ما رواه ابن جعفر «5» و هذه الرواية كسابقتها غير انها تدل علي الضمان.

و منها: ما رواه أيضا «6» و هذه الرواية تدل علي جواز التصدق و ثبوت الضمان علي المتصدق و يدل علي جواز التصدق ما رواه زرارة «7» فالمتحصل من النصوص الواردة في المقام جواز جعل اللقطة كبقية أمواله و جواز التصرف

______________________________

(1)

لاحظ ص: 60

(2) لاحظ ص: 54

(3) لاحظ ص: 61

(4) لاحظ ص: 54

(5) لاحظ ص: 44

(6) لاحظ ص: 61

(7) لاحظ ص: 55

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 65

[مسألة 16: المدار في القيمة علي مكان الالتقاط و زمانه دون غيره من الأمكنة و الأزمنة]

(مسألة 16): المدار في القيمة علي مكان الالتقاط و زمانه دون غيره من الامكنة و الازمنة (1).

______________________________

فيها كيف ما يشاء و أيضا يستفاد من بعض النصوص جواز التصدق بها كما تقدم و أما جواز حفظها لمالكها فيمكن أن يستدل عليه بالنصوص الواردة في المقام بالاولوية فانه لو جاز التصرف فيها تصرفا مالكيا فيجوز بطريق الاولي حفظها لمالكها مضافا الي أنه احسان و ما علي المحسنين من سبيل و يضاف الي ذلك كله أن بعض النصوص صريح في كونه امانة في يده و لا بد من حفظه.

و أما الفرع الثاني و هو الضمان علي تقدير التملك و الصدقة فقد دل عليه بعض النصوص كما تقدم و أما عدم الضمان مع الحفظ فالظاهر انه المتسالم عليه بين القوم لكن المستفاد من خبر ابن جعفر «1» ثبوت الضمان بل يمكن أن يقال:

ان مقتضي هذا الخبر وجوب حفظها لمالكها و الوصية بها فلا يجوز تملكها و التصرف فيها و ان شئت قلت: هذه الرواية تعارض النصوص الدالة علي جواز التصرف فيها و تدل علي وجوب الحفظ مع الضمان و الترجيح علي فرض التعارض مع هذا الخبر بموافقتها للكتاب فان قوله تعالي: «إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمٰانٰاتِ إِليٰ أَهْلِهٰا» «2» يقتضي وجوب ردها الي مالكها كما ان الاحدثية تقتضي رجحانها علي معارضها الا أن يقوم اجماع تعبدي علي خلاف المدعي و اللّه العالم و هو الهادي الي سواء السبيل و لا يخفي انا ناقشنا اخيرا في الترجيح بموافقة الكتاب و مخالفة العامة و

قلنا ان المرجح منحصر في الاحدثية و بينا المدعي في ضمن المستدركات من المجلد الثامن من هذا الشرح.

(1) فانه المنساق من نصوص الباب بحسب الفهم العرفي.

______________________________

(1) لاحظ ص: 45

(2) النساء/ 61

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 66

[مسألة 17: المراد من الدرهم ما يزيد علي نصف المثقال الصيرفي قليلا]

(مسألة 17): المراد من الدرهم ما يزيد علي نصف المثقال الصيرفي قليلا فان عشرة دراهم تساوي خمسة مثاقيل صيرفية و ربع مثقال (1).

[مسألة 18: إذا كان المال لا يمكن فيه التعريف]

(مسألة 18): اذا كان المال لا يمكن فيه التعريف اما لأنه لا علامة فيه كالمسكوكات المفردة و المصنوعات بالمصانع المتداولة في هذه الازمنة أو لان مالكه قد سافر الي البلاد البعيدة التي يتعذر الوصول اليها أو لان الملتقط يخاف من الخطر و التهمة ان عرف بها أو نحو ذلك من الموانع سقط التعريف (2) و الاحوط التصدق بها عنه (3).

______________________________

(1) قال في المستمسك «1»: «لا اشكال عندهم في أن الدرهم سبعة أعشار المثقال الشرعي و ان كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل شرعية كما نقله جماعة كثيرة و عن ظاهر الخلاف دعوي اجماع الامة عليه و عن رسالة المجلسي: انه مما لا شك فيه و مما اتفقت عليه العامة و الخاصة فاذا كان المثقال الشرعي ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي يكون الدرهم نصف المثقال الصير في و ربع عشرة مثلا اذا كان المثقال الصيرفي اربعين جزءا كان المثقال الشرعي ثلاثين جزءا منها فاذا نقص منها ثلاثة أعشارها و هو تسعة كان الواحد و العشرين منها درهما و هو نصف أربعين و ربع عشرها».

(2) اذ مع فقدان العلامة لا أثر للتعريف كما أن مع تعذر الوصول الي المالك لا أثر له و أما وجه عدم الوجوب في الصورة الأخيرة فيمكن أن الوجه فيه قاعدة رفع الضرر حيث ان المعرف يتضرر بالتعريف و هذا يتم علي مبني القوم في القاعدة و أما علي المختار فيمكن أن يقال: بأنه مع الحرج يرتفع الوجوب و الا فلا.

(3) يمكن أن يكون الوجه في كونه أحوط انه لو تصدق به

فقد جمع بين ما

______________________________

(1) ج 9 ص: 120

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 67

و جواز التملك لا يخلو من اشكال (1).

______________________________

يستفاد من حديث ابن جعفر «1» و ما يستفاد من حديث ابن مسلم 2.

(1) لعدم الدليل عليه في هذه الصورة بل قد مر انه لا دليل علي جواز التملك و انما الدليل علي جواز التصرف و قد تقدم ان مقتضي حديث ابن جعفر وجوب حفظه لمالكه و لكن في مفروض المسألة يمكن أن يقال: يجوز التملك لرواية ابن مهزيار 3 و يجب الخمس فان مقتضي هذا الحديث كما تقدم جواز تملك مجهول المالك مع وجوب الخمس.

و بعبارة اخري: لنا أن نقول: ان مقتضي حديث ابن مهزيار جواز تملك اللقطة بعد فرض عدم شمول دليل وجوب التعريف لها اذ يصدق عليها انها اخذ و لم يعرف له صاحب و قد ذكرنا سابقا انه مع فرض التعارض بين هذه الرواية و حديث ابن مسلم 4 الترجيح مع حديث ابن مهزيار بالاحدثية فلاحظ.

فالنتيجة: انه مع سقوط وجوب التعريف لعدم العلامة أو لوجه آخر يمكن أن يقال: بجواز التملك مع وجوب الخمس لحديث ابن مهزيار.

و يمكن أن يقال: انه لا تعارض بين الحديثين اذ الخمس لا يجب الا بعد المئونة و المستفاد من حديث ابن مهزيار ان الخمس يجب فيه اذا زاد عن المئونة و مقتضي حديث ابن مسلم ان أحسن المصارف أن يتصدق به فلا تعارض بل لا تعارض و لو مع قطع النظر عن هذه الجهة اذ حديث ابن مهزيار يدل علي كونه مملوكا للأخذ و لا ريب في جواز تصرف الانسان في مملوكه و مقتضي حديث ابن مسلم ان أفضل التصرفات هو التصدق.

______________________________

(1) (1 و 2) لاحظ

ص: 61 و 24

(2) (3) لاحظ ص: 31

(3) (4) لاحظ ص: 24

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 68

[مسألة 19: تجب المبادرة إلي التعريف من حين الالتقاط إلي تمام السنة علي وجه التوالي]

(مسألة 19): تجب المبادرة الي التعريف من حين الالتقاط الي تمام السنة علي وجه التوالي (1) فان لم يبادر اليه كان عاصيا (2) و لكن لا يسقط وجوب التعريف عنه بل يجب المبادرة اليه بعد ذلك الي أن يبأس من المالك (3) و كذا الحكم لو بادر اليه من حين الالتقاط و لكن تركه بعد ستة أشهر حتي تمت السنة (4) فاذا تم التعريف تخير بين التصدق و الابقاء للمالك (5) و اذا كان قد ترك المبادرة من حين الالتقاط لعذر أو ترك الاستمرار عليه كذلك الي انتهاء السنة فالحكم كذلك (6) لكنه لا يكون عاصيا (7).

[مسألة 20: لا تجب مباشرة الملتقط للتعريف فتجوز له الاستنابة فيه بلا أجرة أو بأجرة]

(مسألة 20): لا تجب مباشرة الملتقط للتعريف فتجوز له الاستنابة فيه بلا اجرة أو باجرة (8).

______________________________

(1) للظهور العرفي فانه لا ينكر مضافا الي أنها مال الغير فالتصرف فيها بالابقاء عنده بلا مجوز لا وجه له فلا بد من التعريف فورا علي نحو التوالي الي آخر السنة.

(2) و قد ظهر الوجه فيما أفاده.

(3) اذ لا وجه لسقوط الوجوب بعد بقاء الموضوع فيجب عليه المبادرة الي التعريف الي حصول اليأس.

(4) اذ يجب تعريفها سنة و المفروض ان الواجب لم يتحقق.

(5) كما تقدم.

(6) اي فلا بد من التعريف الي أن تتم السنة.

(7) كما هو ظاهر لعدم وجه للعصيان.

(8) قال في الجواهر: «لا خلاف في جواز الاستنابة بل الاجماع بقسميه عليه»

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 69

و الاقوي كون الاجرة عليه لا علي المالك (1) و ان كان الالتقاط بنية ابقائها في يده للمالك (2).

[مسألة 21: إذا عرفها سنة كاملة فقد عرفت انه يتخير بين التصدق و غيره من الأمور المتقدمة]

(مسألة 21): اذا عرفها سنة كاملة فقد عرفت انه يتخير بين التصدق و غيره من الامور المتقدمة و لا يشترط في التخيير بينها اليأس من معرفة المالك (3).

______________________________

الخ و قد ورد في بعض النصوص ان صاحبها الذي يجدها يعرفها لاحظ حديث يعقوب بن شعيب «1» لكن العرف يفهم أنه لا خصوصية للملتقط قطعا كما قطع به في الجواهر.

(1) لوجوب الفحص عليه و لا مقتضي لأخذ الاجرة عن المالك.

(2) قال في الجواهر: «نعم لو قلنا بعدم وجوب التعريف اذا كان الالتقاط للحفظ للمالك لا تجب عليه الاجرة كما عن التذكرة و جامع المقاصد».

و الذي يختلج بالبال أن يقال: انه مع وجوب الفحص كما هو كذلك و ان الفحص واجب و ان كان بنية الابقاء للمالك فيمكن أن يقال: بوجود المقتضي للأخذ عن المالك و ربما يقال:

انه لا مقتضي للرجوع فانه حكم متوجه اليه فلا وجه لرجوعه علي المالك و أما لو قلنا بعدم وجوب الفحص في هذه الصورة فلو تفحص بأخذ الاجير فالظاهر- و اللّه العالم- انه لا مقتضي للأخذ عن المالك فان تغريم الغير يحتاج الي دليل و لا دليل عليه ظاهرا نعم لو رفع الامر الي الحاكم أمكن ان يقال: انه لولايته يستقرض علي المالك و اللّه العالم.

(3) الظاهر ان الوجه فيه اطلاق الادلة فان مقتضي عدم التفصيل في نصوص

______________________________

(1) لاحظ ص: 62

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 70

نعم اذا كان يعلم الوصول الي المالك لو زاد في التعريف علي السنة فالاحوط لو لم يكن اقوي لزوم التعريف حينئذ و عدم جواز التخيير (1).

[مسألة 22: إذا كانت اللقطة مما لا تبقي كالخضر و الفواكه و اللحم و نحوها]

(مسألة 22): اذا كانت اللقطة مما لا تبقي كالخضر و الفواكه و اللحم و نحوها جاز أن يقومها الملتقط علي نفسه و يتصرف فيها بما شاء من أكل و نحوه و يبقي الثمن في ذمته للمالك (2).

______________________________

الباب عدم اختصاص الحكم بصورة اليأس لاحظ ما رواه الحلبي «1» و قس عليه بقية النصوص لكن يتوجه اشكال و هو ان النسبة بين هذه النصوص و قوله تعالي «إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمٰانٰاتِ إِليٰ أَهْلِهٰا» «2» عموم من وجه و في مورد عدم اليأس من الوصول يقع التعارض و مقتضي الصناعة تقديم الاية الشريفة كما تقدم فلاحظ.

(1) لا يبعد أن يقال: ان ادلة التملك و التصدق منصرفة عن هذه الصورة و هي صورة العلم بالوصول مضافا الي ما ذكرناه آنفا من كون النسبة بين هذه الأدلة و الكتاب عموم من وجه و يقع التعارض بين الطرفين في صورة العلم بالوصول و احتماله و مقتضي القاعدة تقديم الكتاب

فان المخالف للكتاب لا يكون حجة و مضروب علي الجدار فلا تغفل.

(2) ادعي في الجواهر عدم الخلاف فيه و الاجماع عليه بقسميه و استدل عليه أيضا بخبرين: احدهما: مرسل الصدوق «3».

ثانيهما: ما رواه السكوني عن ابي عبد اللّه عليه السلام ان امير المؤمنين عليه

______________________________

(1) لاحظ ص: 60

(2) النساء/ 61

(3) لاحظ ص: 55

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 71

______________________________

السلام سئل عن سفرة وجدت في الطريق مطروحة كثير لحمها و خبزها و جبنها و بيضها و فيها سكين فقال امير المؤمنين عليه السلام: يقوم ما فيها ثم يؤكل لأنه يفسد و ليس له بقاء فان جاء طالبها غرموا له الثمن الحديث «1».

اقول: اما عدم الخلاف فليس من الادلة كما هو ظاهر و اما الاجماع فالمنقول منه لا يكون حجة كما حقق في محله و المحصل منه علي فرض تحققه يحتمل ان لا يكون اجماعا تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم عليه السلام و اما الخبران فالأول منهما ضعيف بالارسال و الثاني منهما ضعيف بالنوفلي فلا دليل علي المدعي و مقتضي القاعدة الأولية عدم جواز التصرف في مال الغير الا بمجوز شرعي.

ثم انه هل يجوز بيعه؟ ربما يقال: بالجواز بدعوي القطع بعدم الفرق بين التقويم و البيع و المفروض ان التقويم جائز بمقتضي النص و الاجماع و فيه: انه قد مر الاشكال في الاستدلال و بعد عدم تمامية الاستدلال علي أصل الحكم لا تصل النوبة الي هذا البيان كما هو واضح.

و أما الاستدلال علي الجواز بما رواه ابن جعفر «2» فيرد عليه ان جواز البيع في صورة خاصة لا يكون دليلا علي الجواز علي نحو الاطلاق. ثم ان هل يجوز رفع أمره الي الحاكم؟ الظاهر انه يجوز لأنه ولي الغائب

فيجوز تسليمه اليه و هل يسقط وجوب التعريف مع التسليم اليه أم لا؟ ربما يقال: بوجوبه بدعوي اطلاق دليله و استصحابه و ربما يقال بالعدم بدعوي ان التسليم الي الحاكم كإيصاله الي المالك.

و يمكن أن يقال: بأن الترجيح مع القول الثاني أما الاطلاق فلا مجال له اذ

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب اللقطة

(2) لاحظ ص: 51

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 72

كما يجوز له أيضا بيعها علي غيره و يحفظ ثمنها للمالك (1) و الاحوط

______________________________

الظاهر من النصوص ان التعريف في مورد مال يترتب عليه أحكام خاصة بعد التعريف و بعبارة اخري: المستفاد من الدليل ان التعريف ظاهر في تعريف نفس مال الغير و المفروض انه غير باق في المقام اي لا يبقي و أما الاستصحاب فلا مجال له اولا بعدم جريان الاستصحاب في الحكم الكلي و ثانيا: بعدم بقاء الموضوع اضف الي ذلك كله انه مع التسليم الي الحاكم و هو ولي الغائب قد أوصل المال الي المالك بنحو من الايصال و مع الايصال لا مجال للتعريف.

اذا عرفت ما تقدم فاعلم ان الذي يختلج بالبال أن يقال: تارة يكون الملتقط آيسا عن الوصول الي المالك و اخري لا يكون كذلك أما في الصورة الأولي فلا يبعد أن يقال: بصيرورته ملكا للملتقط مع وجوب الخمس لرواية ابن مهزيار «1» و لا يشمله دليل أحكام اللقطة لفرض عدم امكان بقائها و أما في الصورة الثانية فمع وجود الحاكم يجب رفع أمرها اليه لكونه وليا علي الغائب و مع عدم الحاكم الشرعي بأن لا يمكن رفع الأمر الي الفقيه و لا الي العادل يجوز التقويم و التصرف كما يجوز بيعها اذ المفروض ان الملتقط بنفسه له الولاية و لا

فرق بين التقويم و البيع فيجوز كلاهما و يجب عليه الفحص عن المالك الي أن ييأس منه لوجوب رد الامانات الي اهلها بمقتضي قوله تعالي: «إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمٰانٰاتِ إِليٰ أَهْلِهٰا «2»

و لا يخفي انه لا يتصور عدم امكان الوصول الي الحاكم الشرعي اذ مع عدم الفقيه الجامع تصل النوبة الي العادل و مع عدمه تصل النوبة الي الفاسق المؤمن فيكون الملتقط وليا الا في فرض عدم كونه مؤمنا بأن يكون مخالفا أو كافرا فلاحظ

(1) قد ظهر مما ذكرنا انه لا مجوز للبيع بل يجب رفع أمرها الي الحاكم.

______________________________

(1) لاحظ ص: 31

(2) النساء/ 61

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 73

أن يكون بيعها علي غيره باذن الحاكم الشرعي (1) و لا يسقط التعريف عنه علي الاحوط بل يحفظ صفاتها و يعرف بها سنة فان وجد صاحبها دفع اليه الثمن الذي باعها به أو القيمة التي في ذمته (2) و الا لم يبعد جريان التخيير المتقدم (3).

[مسألة 23: إذا ضاعت اللقطة من الملتقط فالتقطها آخر وجب عليه التعريف بها سنة]

(مسألة 23): اذا ضاعت اللقطة من الملتقط فالتقطها آخر وجب عليه التعريف بها سنة فان وجد المالك دفعها اليه (4) و ان لم يجده و وجد الملتقط جاز دفعها اليه اذا كان واثقا بانه يعمل بوظيفته (5) و عليه اكمال التعريف سنة و لو بضميمة تعريف الملتقط الثاني (6) فان لم يجد احدهما حتي تمت السنة جري عليه التخيير المتقدم (7).

[مسألة 24: قد عرفت أنه يعتبر تتابع التعريف طوال السنة]

(مسألة 24): قد عرفت انه يعتبر تتابع التعريف طوال السنة فقال بعضهم يتحقق التتابع بأن لا ينسي اتصال الثاني بما سبقه و انه

______________________________

(1) بل يتعين الرجوع الي الحاكم كما مر.

(2) قد تقدم الاشكال فيما أفاده و قلنا بأن دليل التعريف لا يشمل المقام.

(3) علي ما ذكرنا لا يبقي مجال لما أفاده كما هو ظاهر.

(4) لإطلاق الادلة فان مقتضاها عدم الفرق بين سبق الالتقاط و عدمه.

(5) لتحقق الموضوع بالنسبة الي كليهما فلا وجه للترجيح و عليه لو كان واثقا بأنه يعمل بالوظيفة لا مانع من الدفع اليه لأن يعمل علي طبقها.

(6) اذ المطلوب تحقق التعريف سنة و قد مر انه يحصل بالنيابة بل بالتبرع فلاحظ.

(7) و قد مر الكلام حول المسألة.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 74

تكرار لما سبق و نسب الي المشهور انه يعتبر فيه أن يكون في الاسبوع الاول كل يوم مرة و في بقية الشهر الاول كل اسبوع مرة و في بقية الشهور كل شهر مرة و كلا القولين مشكل و اللازم الرجوع الي العرف فيه و لا يبعد صدقه اذا كان في كل ثلاثة أيام مرة (1).

______________________________

(1) لم نجد نصا الا علي نحو خاص و الأولي كما في الجواهر ايكاله الي العرف فان الواجب تحقق التعريف و قلنا يعتبر فيه التتابع و

عليه يتحقق الامتثال بالصدق العرفي فلاحظ.

ايقاظ: قد وردت «1» في جملة من الروايات ان تعرف اللقطة سنة و قد افيدت في المقام امور ثلاثة:

الأول: ما أفاده السيد اليزدي في الحاشية بأن التحديد بالسنة للمنتهي بمعني انه لو لم يحصل اليأس لا يجب الفحص الاكثر و أما لو حصل اليأس قبل تمام السنة أو قبل الشروع لا يجب الفحص.

الثاني: ان التحديد بالسنة محمول علي الغالب حيث انه يحصل اليأس في هذه المدة و انما المناط حصول اليأس بلا مدخلية للسنة.

الثالث: ان التحديد بالسنة امر تعبدي سواء حصل اليأس عن الظفر بالمالك قبل مضي السنة أم بعده فلا بد من رعاية الحد و اختار سيدنا الاستاد هذا الوجه بتقريب: ان الاطمينان حجة عقلائية فيما لم تقم امارة شرعية علي خلافه و قد اعتبر الشارع السنة في وجوب الفحص فلا بد من رعايته.

و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان المستفاد من النصوص وجوب رعاية الحد و جعله ميزانا و لا يرفع اليد بالاطمينان بعدم الوصول أو بالوصول بل لا أثر للعلم

______________________________

(1) مصباح الفقاهة ج 1 ص: 516

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 75

______________________________

نظير جعل العدة فانها واجبة و لو مع القطع بعدم ترتب الحمل و بعبارة اخري:

الحكم لا يدور مدار الحكمة.

و ان شئت قلت: الحكمة غير العلة اي تكون مقتضية لجعل الحكم علي نحو العموم و السريان و لو مع القطع بعدمها في بعض المصاديق كالعدة و قد تقدم منا انه مع العلم بالوصول الي المالك لا يمكن العمل بالنصوص لمعارضتها مع الاية الشريفة «ان اللّه يأمركم» فانه مع العلم بالوصول و الفحص عن المالك أزيد من السنة يكون مقتضي الاية هو الوجوب و قلنا بأن الاية تقدم علي

الرواية في مورد التعارض و لكن يشكل ما ذكر من ناحية اخري و هو ان الملتقط اما يقطع بعدم الوصول أو يقطع به او يشك اما في الصورة القطع بالوصول او الشك فيه فيجب الفحص بمقتضي الاية و اما مع القطع بعدم الوصول فيجوز التملك مع وجوب الخمس بمقتضي حديث ابن مهزيار «1» و يترتب علي ما ذكر سقوط ادلة اللقطة عن الاعتبار اذ لا يبقي لها مورد و هذا بنفسه يكون مرجحا لنصوص اللقطة و ادلتها.

فالنتيجة: ان الميزان تعريف اللقطة سنة كاملة عملا بالرواية و لكن مع ذلك مع القطع بعدم ترتب أثر علي الاعلام لا يمكن الالتزام بوجوبه فانه يفهم من الدليل ان الفحص انما يكون في مورد يحتمل ترتب اثر عليه فلو قطع بعدم فائدة في الفحص لا يكون الاعلام واجبا و اما بعد تمام السنة لو قطع بالوصول الي المالك مع الاعلام و الفحص فلنا أن نقول بعدم وجوب التعريف.

و صفوة القول: انه من المرجحات في باب التعارض انه يقدم الطرف الذي لو لم يقدم علي معارضه لا يبقي له مورد و في المقام لو قدم معارض اخبار اللقطة عليها من الاية و الرواية لا يبقي مورد لها فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 31

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 76

[مسألة 25: يجب أن يكون التعريف في موضع الالتقاط]

(مسألة 25): يجب أن يكون التعريف في موضع الالتقاط و لا يجزي في غيره (1) نعم اذا كان الالتقاط في الزقاق اجزأ التعريف في الصحن أو في السوق أو ميدان البلد (2) أما اذا كان الالتقاط في القفار و البراري فان كان فيها نزال عرفهم (3) و ان كانت خالية فالاحوط التعريف في المواضع القريبة التي هي مظنة وجود المالك (4) و يجب أن

يكون في مجامع الناس كالأسواق و محل اقامة الجماعات و المجالس

______________________________

(1) الظاهر ان المراد من العبارة ان التعريف لا بد أن يكون في محل الالتقاط فلا يجزئ التعريف في محل آخر فلو التقط في قم لا اثر للتعريف في بلد آخر و لا يكون المقصود وجوب التعريف في شخص محل الالتقاط فانه لم يعهد مضافا الي عدم الدليل عليه بل الظاهر من الادلة كفاية التعريف في المجامع لاحظ ما رواه يعقوب بن شعيب «1» و لاحظ ما رواه ابو خديجة «2».

و صفوة القول: ان الظاهر من الادلة حسب الفهم العرفي وجوب التعريف في محل الالتقاط في المجامع العامة التي يظن وجود المالك فيها نعم يظهر من خبر ابان «3» وجوب التعريف في موضع الالتقاط لكن الخبر ضعيف.

(2) كما صرح به في خبر ابن شعيب حيث قال عليه السلام «يعرفها سنة في كل مجمع».

(3) فانه المناسب حسب الفهم العرفي.

(4) لا اشكال في انه احوط و لكن لا دليل علي لزومه.

______________________________

(1) لاحظ ص: 62

(2) لاحظ ص: 11

(3) لاحظ ص: 61

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 77

العامة و نحو ذلك مما يكون مظنة وجود المالك (1).

[مسألة 26: إذا التقط في موضع الغربة جاز له السفر و استنابة شخص أمين في التعريف]

(مسألة 26): اذا التقط في موضع الغربة جاز له السفر و استنابة شخص امين في التعريف (2) و لا يجوز السفر بها الي بلده (3) نعم اذا التقطها في منزل السفر جاز له السفر بها و التعريف بها في بلد المسافرين (4) و كذا اذا التقط في بلده فانه يجوز له السفر و استنابة امين في التعريف (5).

[مسألة 27: اللازم في عبارة التعريف مراعاة ما هو أقرب إلي تنبيه السامع]

(مسألة 27): اللازم في عبارة التعريف مراعاة ما هو أقرب الي تنبيه السامع لتفقد المال الضائع و ذكر صفاته للملتقط فلا يكفي أن يقول من ضاع له شي ء أو مال بل لا بد أن يقال من ضاع له ذهب أو فضة أو اناء أو ثوب أو نحو ذلك مع الاحتفاظ ببقاء الابهام للقطة فلا يذكر جميع صفاتها و بالجملة يتحري ما هو أقرب الي الوصول الي المالك فلا يجدي المبهم المحض غالبا و لا المتعين بل أمر بين الامرين (6).

______________________________

(1) كما هو مورد النصوص.

(2) قد مر انه يجوز الاستنابة.

(3) قد تقدم ان التعريف يلزم ان يكون في محل الالتقاط.

(4) اذ بلادهم محل اجتماعهم فيناسب ان يعرف هناك.

(5) فانه قد مر عدم وجوب مباشرة التعريف.

(6) قال المحقق قدس سره في الشرائع- علي ما نقل عنه في الجواهر-: «لو أو غل في الابهام كان احوط كأن يقول: من ضاع له مال أو شي ء فانه أبعد ان يدخل عليه بالتخمين».

و الحق كما أفاده و لا وجه ظاهرا لما افاده في المتن فان الواجب التعريف و أما

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 78

[مسألة 28: إذا وجد مقدارا من الدراهم أو الدنانير و أمكن معرفة صاحبها بسبب بعض الخصوصيات التي فيها]

(مسألة 28): اذا وجد مقدارا من الدراهم أو الدنانير و أمكن معرفة صاحبها بسبب بعض الخصوصيات التي فيها مثل العدد الخاص و الزمان الحاصل و المكان الخاص وجب التعريف و لا تكون حينئذ مما لا علامة له الذي تقدم سقوط التعريف فيه (1).

[مسألة 29: إذا التقط الصبي أو المجنون]

(مسألة 29): اذا التقط الصبي أو المجنون فان كانت اللقطة دون الدرهم جاز للولي أن يقصد تملكها لهما و ان كانت درهما فما زاد جاز لوليهما التعريف بها سنة و بعد التعريف سواء أ كان من الولي أم من غيره يجري التخيير المتقدم (2).

[مسألة 30: إذا تملك الملتقط اللقطة بعد التعريف فعرف صاحبها]

(مسألة 30): اذا تملك الملتقط اللقطة بعد التعريف فعرف صاحبها فان كانت العين موجودة دفعها اليه و ليس للمالك المطالبة

______________________________

تحري ما هو أقرب الي الوصول فلا دليل علي وجوبه نعم لا اشكال في جوازه كما في الجواهر فلاحظ.

(1) اذ فرض انه ذو علامة يمكن أن يعرف بها.

(2) قد تقدم الاشكال في جواز التملك و لكن علي القول به الظاهر انه لا مانع من تولي قصد الولي التملك للمجنون بل لا أري مانعا من تحقق التملك بقصد المجنون نفسه التملك الا ان يقوم اجماع علي خلافه و اما بالنسبة الي الصبي فيشكل حيث ان عمده و خطائه واحد و مما ذكرنا يظهر الاشكال في التخيير المذكور اذا كان درهما فما زاد اذ لا يترتب علي فعله حكم بل لا يقع الامر بالنسبة الي المجنون أيضا لأنه رفع عنه الفلم حتي يفيق فلا يكون موضوعا للتكليف و مع عدم كونه موضوعا لا مجال للتولي و النيابة من قبل الولي فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 79

بالبدل (1) و ان كانت تالفة أو منتقلة عنه الي غيره ببيع أو صلح أو هبة أو نحوها كان للمالك عليه البدل المثل في المثلي و القيمة في القيم (2) و ان تصدق الملتقط بها فعرف صاحبها غرم له المثل أو القيمة و ليس له الرجوع بالعين ان كانت موجودة و لا الرجوع علي المتصدق عليه بالمثل أو القيمة

ان كانت مفقودة هذا اذ لم يرض المالك بالصدقة و الا فلا

______________________________

(1) أما علي القول بعدم جواز التملك فما أفاده ظاهر اذ لا وجه لتبدل العين ببدلها بل هي بنفسها باقية علي ملك مالكها و اما علي القول بجواز التملك فايضا مقتضي جملة من النصوص انها ترجع الي مالكها الاول لاحظ حديثي محمد بن مسلم «1» و حديث علي بن جعفر «2».

و استدل صاحب الجواهر علي المدعي بما رواه ابو بصير «3» و هذه الرواية علي فرض تمامية سندها لا يمكن الاستدلال بها علي المدعي اذ لا اشكال في عدم شمولها للمقام لأن اللقطة لها حكم خاص و لذا حملها صاحب الوسائل علي ما دون الدرهم و استدل أيضا بما رواه ابو خديجة «4» و لا بأس بدلالتها علي المدعي لكن السند مخدوش.

(2) ان قلنا بعدم جواز التملك فالضمان علي القاعدة بل علي هذا القول يكون التصرف الاعتباري في العين فاسدا كما هو واضح فمع امكان رد نفس العين يجب و أما علي القول بالجواز فيمكن التمسك للضمان ببعض النصوص لاحظ ما عن

______________________________

(1) لاحظ ص: 54

(2) لاحظ ص: 44

(3) لاحظ ص: 59

(4) لاحظ ص: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 80

رجوع له علي احد و كان له اجر التصدق (1).

[مسألة 31: اللقطة أمانة في يد الملتقط لا يضمنها إلا بالتعدي عليها أو التفريط بها]

(مسألة 31): اللقطة امانة في يد الملتقط لا يضمنها الا بالتعدي عليها أو التفريط بها (2) و لا فرق بين مدة التعريف و ما بعدها (3) نعم اذا تملكها أو تصدق بها ضمنها علي ما عرفت (4).

[مسألة 32: المشهور جواز دفع الملتقط اللقطة إلي الحاكم]

(مسألة 32): المشهور جواز دفع الملتقط اللقطة الي الحاكم فيسقط وجوب التعريف عن الملتقط (5) و فيه اشكال و كذا الاشكال في جواز أخذ الحاكم لها أو وجوب قبولها (6).

______________________________

أبي الحسن عليه السلام «1».

(1) كما يدل عليه ما رواه ابن جعفر «2».

(2) كما هو حكم الامانات لكن ما تقدم آنفا من الحديث المروي عن أبي الحسن عليه السلام «3» يدل بالصراحة علي الضمان بلا تقييد بقيد الا أن يتمسك بالإجماع علي عدم الضمان و اللّه العالم.

(3) لوحدة الملاك.

(4) و قد تقدم مستند الحكم.

(5) قال في الجواهر في شرح قول المحقق في هذا المقام «فانه جائز لأنه ولي الغائب في الحفظ بل في المسالك يجب عليه القبول لأنه معد لمصالح المسلمين و من أهمها حفظ اموالهم» الخ.

(6) الظاهر ان الوجه في الاشكال ان ولاية الحاكم من باب الحسبة و من الظاهر

______________________________

(1) لاحظ ص: 44

(2) لاحظ ص: 61

(3) لاحظ ص: 44

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 81

[مسألة 33: إذا شهدت البينة بأن مالك اللقطة فلان وجب دفعها إليه و سقط التعريف]

(مسألة 33): اذا شهدت البينة بأن مالك اللقطة فلان وجب دفعها اليه (1) و سقط التعريف (2) سواء أ كان ذلك قبل التعريف أم في أثنائه أم بعده قبل التملك أم بعده (3) نعم اذا كان بعد التملك فقد عرفت انه اذا كانت موجودة عنده دفعها اليه و ان كانت تالفة أو بمنزلة التلف دفع اليه البدل و كذا اذا تصدق بها و لم يرض بالصدقة (4).

[مسألة 34: إذا تلفت العين قبل التعريف]

(مسألة 34): اذا تلفت العين قبل التعريف فان كانت غير مضمونة بأن لا يكون تعد أو تفريط سقط التعريف (5). و اذا كانت مضمونة لم يسقط و كذا اذا كان التلف في أثناء التعريف ففي الصورة الاولي يسقط التعريف و في الصورة الثانية يجب اكماله فاذا عرف

______________________________

ان وظيفة الملتقط الفحص ثم الحفظ او التخيير بين الامور الثلاثة علي القول به فلا وجه لدخالة الحاكم و ان شئت قلت: تصل النوبة الي الحاكم فيما يكون المال في معرض التلف و اما مع قيام الملتقط بوظيفته فلا مجال لدخالة الحاكم. و علي الجملة: ان الملتقط مكلف بتكليف خاص و ليس له رفع اليد عن وظيفته.

(1) لحجية البينة.

(2) اذ لا معني للتعريف بعد معرفة المالك و ايصال الامانة اليه كما هو أوضح من أن يخفي.

(3) اذ البينة حجة و بعد قيامها يثبت شرعا ان فلانا هو المالك فلا يبقي موضوع لأحكام اللقطة.

(4) قد تقدم الكلام حول المسألة فراجع.

(5) الامر كما افاده لكن قد مر الاشكال في الحكم بعدم الضمان فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 82

المالك دفع اليه المثل أو القيمة (1).

[مسألة 35: إذا ادعي اللقطة مدع و علم صدقه وجب دفعها إليه]

(مسألة 35): اذا ادعي اللقطة مدع و علم صدقه وجب دفعها اليه (2) و كذا اذا وصفها بصفاتها الموجودة فيها مع حصول الاطمينان بصدقه (3) و لا يكفي مجرد التوصيف بل لا يكفي حصول الظن (4).

______________________________

(1) اذ المفروض تحقق الضمان و يجب علي الضامن الخروج عن العهدة.

ان قلت: التعريف بمقدار خاص ثم ترتيب احكام مخصوصة آثار للعين حسب دلالة الادلة و المفروض تلف العين فما وجه ترتيب تلك الآثار علي الضمان الناشي عن التلف و لذا نري ان الفقهاء لا يرتبون تلك الآثار علي مطلق مجهول المالك

كما لو سرق شيئا ثم ندم و اراد التخلص من المظلمة و لكن لا يعرف صاحب المال قلت الأمر كما ذكرت لكن لا يبعد ان العرف لا يفرق بين العين و بدلها في تلك الاحكام و الآثار و لكن الانصاف ان في النفس شيئا.

(2) بلا اشكال.

(3) لحجية الاطمينان عند العقلاء و قد امضاه الشارع.

(4) لعدم الدليل علي اعتبار ادعائه و مقتضي الأصل خلافه و يستفاد من حديث سعيد الجعفي بلحاظ تقرير الامام عليه السلام ان التوصيف يكفي في الدفع قال:

خرجت الي مكة و انا من اشد الناس حالا فشكوت الي أبي عبد اللّه عليه السلام فلما خرجت من عنده وجدت علي بابه كيسا فيه سبعمائة دينار فرجعت اليه من فوري ذلك فأخبرته فقال: يا سعيد اتق اللّه عز و جل و عرفه في المشاهد- و كنت رجوت ان يرخص لي فيه- فخرجت و انا مغتم فأتيت مني فتنحيت عن الناس و تقصيت حتي اتيت المافوقة فنزلت في بيت متنحيا عن الناس ثم قلت: من يعرف الكيس فأول صوت صوته اذا رجل علي رأسي يقول: انا صاحب الكيس فقلت في نفسي

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 83

______________________________

أنت فلا كنت قلت: ما علامة الكيس؟ فأخبرني بعلامته فدفعته اليه قال: فتنحي ناحية فعدها فاذا الدنانير علي حالها ثم عد منها سبعين دينارا فقال: خذها حلالا خير من سبعمائة حراما فأخذتها ثم دخلت علي ابي عبد اللّه عليه السلام فأخبرته كيف تنحيت و كيف صنعت فقال: اما انك حين شكوت إلي امرنا لك بثلاثين دينارا يا جارية هاتيها فأخذتها و انا من احسن قومي حلالا «1».

لكن الحديث مخدوش سندا بالجعفي حيث انه لم يوثق بقي في هذا الفرع أمران:

احدهما: ان

المدعي لملكية اللقطة اذا كان ثقة فهل تدفع اليه بلا بينة أم لا ربما يقال: بجواز الدفع بل بوجوبه لحجية قول الثقة في الموضوعات و انما لا نلتزم بالكفاية في باب الدعاوي و القضاء لدليل خاص.

و لكن يمكن أن يرد علي هذا التقريب بأن حجية قول الثقة في الموضوعات ليس مدلول آية او رواية بل بلحاظ جريان السيرة عليها و امضاء الشارع هذه السيرة و لم يثبت من العقلاء قبول قوله فيما يرجع الي جر النار الي قرصه.

ثانيهما: انه يستفاد من حديثين قبول قول المدعي بلا معارض الاول: ما رواه منصور «2» و الظاهران الرواية نقية السند و لكن يمكن أن يناقش فيها بأن المدعي في مورد الرواية ذو اليد بالنسبة الي المال.

الثاني: ما رواه احمد بن محمد بن ابي نصر قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الرجل يصيد الطير الذي يسوي دراهم كثيرة و هو مستوي الجناحين و هو يعرف صاحبه أ يحل له امساكه؟ قال فقال: اذا عرف صاحبه رده عليه و ان لم

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب اللقطة

(2) لاحظ ص: 26

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 84

[مسألة 36: إذا عرف المالك و قد حصل للقطة نماء متصل دفع إليه العين و النماء]

(مسألة 36): اذا عرف المالك و قد حصل للقطة نماء متصل دفع اليه العين و النماء سواء حصل النماء قبل التملك أم بعده (1) و أما اذا حصل لها نماء منفصل فان حصل قبل التملك كان للمالك و ان حصل بعده كان للملتقط (2) أما اذا لم يعرف المالك و قد حصل لها نماء فان كان متصلا فان تملك اللقطة ملكه تبعا للعين (3) و أما اذا كان منفصلا ففي جواز تملكه اشكال و الاحوط التصدق به (4).

[مسألة 37: لو عرف المالك و لكن لم يمكن إيصال اللقطة إليه و لا إلي وكيله]

(مسألة 37): لو عرف المالك و لكن لم يمكن ايصال اللقطة اليه و لا الي وكيله فان أمكن الاستئذان منه في التصرف فيها و لو بمثل

______________________________

يكن يعرفه و ملك جناحه فهو له و ان جاءك طالب لا تتهمه رده عليه «1».

و المستفاد من الرواية ان المدعي لو لم يكن متهما عند الاخذ يجب عليه أن يدفع و يسلم الطير اليه فهذه الرواية تدل علي حجية قول المدعي بلا معارض الا في صورة الاتهام.

(1) اذ المفروض انه يجب رد العين و النماء المتصل تابع له عرفا و شرعا.

(2) هذا مبني علي جواز التملك و اما علي القول بعدم الجواز فلا يفرق بين الصورتين و مقتضاه كون النماء للمالك علي كلا التقديرين.

(3) بناء علي جواز التملك.

(4) الذي يختلج بالبال أن يقال: تارة ييأس عن الوصول الي المالك و اخري لا اما علي الثاني فيجب الفحص عنه فان رد الامانة بمقتضي الكتاب واجب و يحفظ المال لمالكه و أما علي الاول فلا يبعد أن يقال: بأن مقتضي حديث ابن مهزيار «2»

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب اللقطة الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 31

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 85

الصدقة عنه أو دفعها

الي أقاربه أو نحو ذلك تعين (1) و الا تعين التصدق بها عنه (2).

[مسألة 38: إذا مات الملتقط]

(مسألة 38): اذا مات الملتقط فان كان بعد التعريف و التملك انتقلت الي وارثه كسائر املاكه (3) و ان كان بعد التعريف و قبل التملك فالمشهور قيام الوارث مقامه في التخيير بين الامور الثلاثة أو الامرين و ان كان في أثنائه قام مقامه في اتمامه فاذا تم التعريف تخير الوارث

______________________________

صيرورته ملكا للأخذ مع وجوب الخمس.

(1) لأنه نحو من الايصال و الاداء و مع امكان الايصال الي المالك يجب لوجوب اداء الامانة الي اهلها.

(2) الظاهر انه استفيد ما افيد من حديث ابن جعفر «1» فانه يستفاد من هذا الحديث انه يجوز التصدق باللقطة بعد تمامية السنة و عدم وجوب الفحص و حيث ان المفروض في المقام عدم اثر للفحص يجب التصدق عنه لعدم جواز التصرف في مال الغير حتي بالامساك و ابقائه علي حاله.

ان قلت: المذكور في الرواية التصدق و لم يقيد بالتصدق عن المالك فما الوجه في هذا التقييد؟ قلت: لا يبعد ان العرف يفهم من الرواية بمناسبة الحكم و الموضوع ان التصدق يكون عن المالك اذ لا وجه للتصدق عن النفس بمال الغير بلا اذن منه فلاحظ و تأمل فافهم و اغتنم.

(3) هذا مبني علي جواز التملك فانه عليه يكون من تركته فينتقل الي وارثه بمقتضي قانون الإرث لكن تقدم منا الاشكال في أصل المبني لاحظ حديث ابن

______________________________

(1) لاحظ ص: 61

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 86

بين الامور الثلاثة أو الاثنين (1) و الاحوط اجراء حكم مجهول المالك عليه في التعريف به الي أن يحصل الياس من الوصول الي مالكه ثم يتصدق به عنه (2).

[مسألة 39: إذا وجد مالا في صندوقه و لم يعلم أنه له أو لغيره]

(مسألة 39): اذا وجد مالا في صندوقه و لم يعلم انه له أو لغيره فان كان لا يدخل احد يده

في صندوقه فهو له (3).

______________________________

جعفر «1».

(1) و يشكل لأنه مبني علي القول بانتقال حق الالتقاط الي الوارث و لا دليل عليه فعليه لا بد من اجراء حكم مجهول المالك عليه بأن نقول: مع عدم اليأس عن الوصول الي مالكه يفحص عنه و مع اليأس تكون ملكا للأخذ و لا يخفي انه علي هذا المبني لا خصوصية للوارث بل هذا حكم من وضع يده علي المال و أخذها فلاحظ و تأمل و دقق النظر و صفوة القول: انه لا يصدق عنوان اللقطة بالنسبة الي الوارث.

(2) قد ظهر مما ذكرنا انه علي فرض عدم اخذ المال لا يتوجه تكليف و علي فرض اخذ المال يتوجه التكليف الي الاخذ بلا خصوصية للوارث و لا يبعد أن يكون الماتن ناظرا فيما ذكره من الاحتياط الي الجمع بين الحقين اذ علي تقدير لزوم ترتيب احكام اللقطة لا ينافي التعريف الي زمان حصول اليأس اذ يجوز حفظ العين لمالكها علي ما تقدم و علي تقدير كونه مجهول المالك في قبال اللقطة فقد رتب عليه حكمه من التصدق به بعد اليأس و الحق ما بيناه و اللّه العالم.

(3) بلا خلاف كما في الجواهر مضافا الي أنه مقتضي الظاهر و يدل علي المدعي ما رواه جميل بن صالح قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل وجد في منزله دينارا قال: يدخل منزله غيره؟ قلت: نعم كثير قال: هذا لقطة قلت: فرجل وجد

______________________________

(1) لاحظ ص: 45

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 87

و ان كان يدخل أحد يده في صندوقه عرفه اياه فان عرفه دفعه اليه و ان انكره فهو له (1) و ان جهله لم يبعد الرجوع الي القرعة كما في سائر تردد المال

بين مالكين (2) هذا اذا كان الغير محصورا أما اذا لم يكن فلا يبعد الرجوع الي القرعة فان خرجت باسم غيره فحص عن المالك و بعد الياس منه يتصدق به عنه (3) و اذا وجد مالا في داره و لم يعلم انه له أو لغيره فان لم يدخلها احد غيره أو يدخلها قليل فهو له و ان كان يدخلها كثير كما في المضايف و نحوها جري عليه حكم اللقطة (4).

______________________________

في صندوقه دينارا قال: يدخل أحد يده في صندوقه غيره أو يضع فيه شيئا؟ قلت لا قال: فهو له «1».

(1) لانحصار الامر بينهما في اثبات احد الطرفين كما ان انتفاء احد الطرفين يقتضي اثبات الطرف الاخر فلاحظ.

(2) بناء علي حجية القرعة عند الاشكال و الاشتباه كما عليها بنائهم.

(3) لا يبعد أن يقال: في صورة عدم الحصر و كون الشبهة غير محصورة يترتب عليه حكم اللقطة بمقتضي حديث جميل «2» فانه يستفاد من هذا الحديث ان المدخل يده في الصندوق اذا كان كثيرا يترتب عليه حكم اللقطة الا أن يقال: بأن صدق اللقطة يتوقف علي الضياع و هذا المعني لا يتحقق بالنسبة الي ما في الصندوق بخلاف الدار اذ لا فرق بين الدار و الشارع من هذه الجهة فلاحظ.

(4) في هذه المسألة فروع: الاول: انه لو يدخل داره كثير يكون المال الذي وجده محكوما عليه بحكم اللقطة و الوجه فيه ما رواه جميل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب اللقطة

(2) لاحظ ص: 86

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 88

[مسألة 40: إذا تبدلت عباءة الإنسان بعباءة غيره أو حذائه بحذاء غيره]

(مسألة 40): اذا تبدلت عباءة الانسان بعباءة غيره أو حذائه بحذاء غيره فان علم ان الذي بدله قد تعمد ذلك جاز اخذ البدل من باب المقاصة (1) فان كانت قيمته

أكثر من مال الاخر تصدق بالزائد ان لم يمكن ايصاله الي المالك (2) و ان لم يعلم انه قد تعمد ذلك فان علم رضاه بالتصرف جاز له التصرف فيه و الآجري عليه حكم مجهول المالك فيفحص عن المالك (3) فان يئس منه ففي جواز أخذه وفاء عما اخذه اشكال (4).

______________________________

الثاني: انه لو لم يدخلها غيره يكون المال محكوما عليه بأنه ماله و ملكه و الوجه فيه تلك الرواية مضافا الي قاعدة اليد.

الثالث: انه لو كان يدخلها قليل غيره فان الماتن حكم بأن المال له و لم يظهر لي وجهه و أيضا لم يظهر وجه التفريق بين الدار و الصندوق فان الحق أن يقال:

ان مقتضي القاعدة الرجوع الي القرعة كما حكم بها بالنسبة الي الصندوق.

(1) مع الشرائط المقررة في باب التقاص و قد دلت علي جوازها جملة من النصوص:

منها: ما رواه داود بن رزين قال: قلت لأبي الحسن موسي عليه السلام:

اني اخالط السلطان فتكون عندي الجارية فيأخذونها و الدابة الفارهة فيبعثون فيأخذونها ثم يقع لهم عندي المال فلي أن آخذه؟ قال: خذ مثل ذلك و لا تزد عليه «1» و منها غيره.

(2) قد تقدم حكم مجهول المالك.

(3) كما هو ظاهر.

(4) لعدم الدليل علي جواز التقاص في هذه الصورة و عليه يترتب عليه حكم

______________________________

(1) الوسائل الباب 83 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 89

و الاحوط التصدق به باذن الحاكم الشرعي و احوط منه اخذه وفاء ثم التصدق به عن صاحبه كل ذلك باذن الحاكم الشرعي (1).

[كتاب الغصب]

اشارة

كتاب الغصب و هو حرام عقلا (2) و شرعا (3) و يتحقق بالاستيلاء علي مال الغير ظلما (4) و ان كان عقارا (5).

______________________________

مجهول المالك.

(1) لا اشكال

في حسن الاحتياط التام.

(2) الظاهر انه لا يمكن اثبات الحرمة شرعا بالعقل و بعبارة اخري ليس للعقل طريق الي الملاكات الشرعية و الأحكام الالهية نعم لا اشكال في أن الظلم بما هو أمر قبيح و حرام و لكن ليس للعقل تشخيص مصداق هذا الكلي.

(3) بلا اشكال و لا كلام و حرمته شرعا من ضروريات الفقه و لا تحتاج اثباتها الي اقامه الدليل و البرهان.

(4) قال في مجمع البحرين: «و هو الاستقلال باثبات اليد علي مال الغير ظلما و عدوانا».

(5) لصدق الموضوع بل الاجماع عليه بقسميه كما في الجواهر و يدل علي المدعي بعض النصوص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في رجل اكتري دارا و فيها بستان فزرع في البستان و غرس نخلا و أشجارا و فواكه و غير ذلك و لم يستأمر صاحب الدار في ذلك قال عليه الكراء و يقوم صاحب الدار الزرع و الغرس قيمة عدل و يعطيه الغارس ان كان استامره في ذلك و ان لم يكن استامره في ذلك فعليه الكراء و له الزرع و الغرس و يفعله و يذهب به حيث شاء «1»

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب الغصب الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 90

و يضمن تمامه بالاستقلال (1) و لو سكن الدار قهرا مع المالك ضمن النصف لو كانت بينهما بنسبة واحدة و لو اختلفت فبتلك النسبة (2) و يضمن المنفعة اذا كانت مستوفاة (3) و كذا اذا فاتت تحت يده (4) و لو غصب الحامل ضمن الحمل (5) و لو منع المالك من

______________________________

و قال في الجواهر: «لا خلاف و لا اشكال عندنا في أنه يصح غصب العقار و يضمنه الغاصب بل

الاجماع بقسميه عليه مضافا الي ما سمعته من النصوص و الي صحة بيعه و غيره مما يتوقف علي تحقق القبض فما عن أبي حنيفة و تلميذه ابي يوسف من عدم تصور غصبه لعدم تصور اثبات اليد فيه واضح الضعف» الي آخر كلامه «1».

و ملخص الكلام انه لا اشكال في صدق الغصب في العقار بحسب الفهم العرفي فيترتب عليه آثاره و أحكامه فلاحظ.

(1) لقاعدة اليد المعروفة عند القوم لاحظ ما رواه أبو الفتوح الرازي في تفسيره عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله، أنه قال: «علي اليد ما أخذت حتي تؤديه «2» و هذه الرواية و ان كانت مخدوشة سندا لكن لا اشكال في اصل الحكم و ان الضمان يتحقق بغصب مال الغير.

(2) لتحقق الحكم بمقدار تحقق الموضوع فتلاحظ النسبة.

(3) لاحترام مال الغير.

(4) اذ المفروض ان اليد ضمانية.

(5) و قال في الجواهر: «و غصب الأمة الحامل مثلا غصب لحملها «لولدها»

______________________________

(1) الجواهر ج 37 ص: 19

(2) مستدرك الوسائل كتاب الغصب الباب 1 الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 91

امساك الدابة المرسلة فشردت أو من القعود علي بساطه فسرق لم يضمن ما لم يستند الاتلاف اليه و الا فيضمن (1) و لو غصب من الغاصب تخير المالك في الاستيفاء ممن شاء (2) فان رجع علي الاول رجع الاول علي الثاني (3) و ان رجع علي الثاني لم يرجع علي الاول (4) و لا يضمن الحر مطلقا و ان كان صغيرا (5).

______________________________

أيضا بلا خلاف و لا اشكال لثبوت يده بل استقلاله و استيلائه عليهما فيضمنهما حينئذ معا» «1» الي آخر كلامه و الأمر كما أفاده لصدق الغصب بالنسبة الي كليهما فلاحظ.

(1) الأمر كما أفاده فان الضمان اما يتحقق

باليد و اما بالاتلاف و المفروض ان يده لم توضع علي العين فتحقق الضمان يتوقف علي صدق الاتلاف عرفا فان صدق يتحقق و الا فلا فلاحظ.

(2) لتوارد الأيدي علي العين الواحدة و ثبوت الضمان بالنسبة الي الجميع فيجوز للمالك الرجوع الي كل واحد منهم.

(3) لقرار الضمان عليه هذا في صورة تلف العين و اما مع بقائها فالظاهر جواز الرجوع الي كل واحد من الغاصبين اذ وظيفة كل غاصب أن يرد العين المغصوبة الي صاحبها.

(4) لعدم المقتضي و المفروض ان قرار الضمان عليه كما مر.

(5) لعدم المقتضي للضمان و قال في الجواهر في هذا المقام- شرحا لكلام الماتن-: «بلا خلاف محقق اجده فيه» الي أن قال: «ضرورة عدم كونه مالا حتي يتحقق فيه الضمان» «2».

______________________________

(1) الجواهر ج 37 ص: 30

(2) الجواهر ج 37 ص: 36

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 92

الا أن يكون تلفه مستندا اليه (1) و لا اجرة الصانع لو منعه عن العمل (2) الا اذا كان اجيرا خاصا لغيره فيضمن لمن استاجره (3) و لو كان اجيرا له لزمته الاجرة (4) و لو استعمله فعليه اجرة عمله (5) و لو ازال القيد عن العبد المجنون أو الفرس ضمن جنايتهما (6).

______________________________

(1) فانه يضمن في هذه الصورة لدليل ضمان اتلاف النفس المحترمة.

(2) الكلام فيه هو الكلام فان عمل الحر لا يعد من الأموال و لذا لا يكون مستطيعا و لا يجب عليه الخمس.

(3) لقاعدة الاتلاف الموجب للضمان.

(4) اذ المفروض انه بنفسه منعه عن العمل الذي يكون موردا للأجرة فلاحظ.

(5) لأن عمله ذو قيمة و المفروض انه أتلف عليه ماله المالية فيضمن و ادعي علي المدعي عدم الخلاف و الاشكال.

(6) لأنه سبب و يمكن أن يستفاد المدعي

من جملة من النصوص منها رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن بختي اغتلم فخرج من الدار فقتل رجلا فجاء اخو الرجل فضرب الفحل بالسيف، فقال: صاحب البختي ضامن للدية و يقتص ثمن بختيه «1».

و منها: ما رواه مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام كان اذا صال الفحل اول مرة لم يضمن صاحبه فاذا ثني ضمن صاحبه «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب موجبات الضمان الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 14 من ابواب موجبات الضمان الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 93

و كذا الحكم في كل حيوان جني علي غيره من انسان أو حيوان أو غيرهما فان صاحبه يضمن جنايته اذا كان بتفريط منه اما بترك رباطه أو بحله من الرباط اذا كان الحيوان من شانه أن يربط وقت الجناية للتحفظ منه (1).

______________________________

و ما رواه علي بن جعفر عن اخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن بختي اغتلم فقتل رجلا ما علي صاحبه؟ قال: عليه الدية «1».

و تؤيّد المدعي جملة اخري من الروايات منها ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: رجل حفر بئرا في غير ملكه فمر عليها رجل فوقع فيها فقال: عليه الضمان لأن كل من حفر في غير ملكه كان عليه الضمان «2».

و منها: ما رواه أبو الصباح الكناني قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: من اضر بشي ء من طريق المسلمين فهو ضامن 3.

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الشي ء يوضع علي الطريق فتمر الدابة فتنفر بصاحبها فتعقره قال: كل شي ء يضر بطريق المسلمين

فصاحبه ضامن لما يصيبه 4.

(1) بلا خلاف و لا اشكال كما في الجواهر قال: «تجب حفظ دابته الصائلة كالبعير المغتلم و الكلب العقور الذي اقتناه و الفرس العضوض و البغل الرامح و نحو ذلك بلا خلاف اجده فيه بل و لا اشكال لقاعدة الضرر و غيرها بل و لو اهمل ضمن جنايتها بلا خلاف و لا اشكال» 5 انتهي موضع الحاجة من كلامه.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث 3

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 8 من أبواب موجبات الضمان الحديث 1 و 2

(3) (4) الوسائل الباب 9 من ابواب موجبات الضمان الحديث: 1

(4) (5) الجواهر ج 42 ص: 129

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 94

______________________________

و يمكن الاستدلال علي المدعي بحديثي الحلبي و ابن جعفر «1» و مثلهما خبر آخر لابن جعفر في كتابه عن اخيه موسي بن جعفر عليهما السلام قال سألته عن بختي مغتلم قتل رجلا فقام اخو المقتول فعقر البختي و قتله ما حاله؟ قال: علي صاحب البختي ديه المقتول و لصاحب البختي ثمنه علي الذي عقر بختيه «2»

و في المقام روايات يستفاد منها التعارض مع ما قبلها منها ما عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله البئر جبار و العجماء جبار و المعدن جبار «3».

و منها: ما رواه يونس عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال بهيمة الأنعام لا يغرم أهلها شيئا 4.

و منها: ما رواه عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال كان من قضاء النبي صلي اللّه عليه و آله ان المعدن جبار و البئر جبار و العجماء جبار و العجماء بهيمة الأنعام و الجبار من الهدر

الذي لا يغرم 5.

و منها: ما رواه عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن ابيه عن آبائه قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله العجماء جبار و البئر جبار و المعدن جبار و في الركاز الخمس و الجبار الذي لا دية فيه و لا قود 6.

و الحديث الثاني ضعيف سندا ببعض من فيه و الثالث ضعيف سندا بالارسال و الرابع بمحمد بن عبد اللّه بن هلال و الخامس بهيثم بن أبي مسروق.

______________________________

(1) لاحظ ص: 93

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب موجبات الضمان الحديث: 4

(3) (3 و 4) الوسائل الباب 32 من أبواب موجبات الضمان الحديث: 2 و 3

(4) (5 و 6) نفس المصدر الحديث: 4 و 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 95

و كذا الحكم في الضمان لو انهار جدار الجار فوقع علي انسان أو حيوان أو غيرهما فان صاحب الجدار ضامن اذا كان عالما بالانهيار فلم يصلحه أو يهدمه و تركه حتي انهدم فاصاب عينا فاتلفها (1) و كذا لو كان الجدار في الطريق العام فان الحكم ضمان صاحب الجدار المتلف الحاصل من انهدامه اذا لم يبادر الي قلعه أو اصلاحه (2) و ضمان صاحب الجدار في الفرضين مشروط بجهل التالف بالحال ان كان انسانا و بجهل مالكه ان كان من الاموال فلو وقف شخص تحت الجدار المنهار أو ربط حيوانه هناك مع علمه بالحال فانهدم الجدار فتلف الانسان أو الحيوان لم يكن علي صاحب الجدار ضمان (3) و ضمان

______________________________

(1) لأنه سبب و المستفاد من الأدلة ثبوت الضمان في امثال المقام فلاحظ.

(2) لعين الملاك و يمكن الاستدلال علي المدعي بجملة من النصوص منها ما رواه سماعة قال: سألته عن الرجل يحفر البئر

في داره أو في أرضه فقال أما ما حفر في ملكه فليس عليه ضمان و أما ما حفر في الطريق أو في غير ما يملك فهو ضامن لما يسقط فيه «1».

و منها: ما رواه أبو الصباح الكناني قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام من اضر بشي ء من طريق المسلمين فهو له ضامن له «2».

(3) لعدم كون استناد التلف اليه بل يستند الي المباشر فلاحظ و النصوص منصرفة عن هذه الصور.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب موجبات الضمان الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 96

الانسان بذمته في ماله لا علي عاقلته (1) و لو فتح بابا فسرق غيره المتاع ضمن السارق (2) و لو اجج نارا من شأنها السراية الي مال الغير فسرت اليه ضمنه (3) و اذا لم يكن من شانها السراية فاتفقت السراية بتوسط الريح أو غيره لم يضمن (4) و يضمن الخمر و الخنزير للذمي بقيمتهما عندهم مع الاستتار (5).

______________________________

(1) لعدم المقتضي فان ثبوت الدية علي العاقلة علي خلاف الأصل الاولي و يحتاج الي قيام الدليل و لا دليل عليه.

(2) لاستناد الأمر اليه و السبب لا مقتضي لضمانه و ان شئت قلت: المباشر في المقام أقوي فلاحظ.

(3) لصدق الاتلاف.

(4) لعدم صدق الاتلاف الموضوع للضمان.

(5) استدل علي المدعي بالنسبة الي القيمة باجماع الفرقة و اخبارها كما في الجواهر فانه قدس سره قال في هذا المقام: «باجماع الفرقة و اخبارها في محكي الخلاف بل قيل ان الاجماع أيضا ظاهر المبسوط و السرائر و التذكرة.

أما المتظاهر فلا ضمان و ان كان الغاصب كافرا قولا واحدا و كذا الكلام في الخنزير بالنسبة الي ضمانه و عدمه في المسلم و المستتر و المتظاهر

و غير ذلك مما عرفت و ضمانه بالقيمة عند مستحليه بلا خلاف و لا اشكال و كذا الخمر يضمنها المسلم للذمي المستتر بها بالقيمة عند مستحليها باجماع الفرقة و اخبارها في محكي الخلاف و التذكرة و لا بحث فيه كما في جامع المقاصد لاستحالة ثبوت الخمر في ذمة المسلم و ان كانت مثلية بل عن المبسوط و السرائر و التحرير و المختلف و غيرها ذلك أيضا اذا كان الغاصب كافرا بل ظاهر التذكرة الاجماع عليه بل عن الخلاف

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 97

______________________________

دعوي اجماع الفرقة و اخبارها عليه أيضا» «1».

و الانصاف انه يمكن أن يستفاد من جملة من النصوص منها: ما رواه منصور قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام لي علي رجل ذمي دراهم فيبيع الخمر و أنا حاضر فيحل لي اخذها فقال انما لك عليه دراهم فقضاك دراهمك «2».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صدقات اهل الذمة و ما يؤخذ من جزيتهم من ثمن خمورهم و خنازيرهم و ميتتهم قال: عليهم الجزية في اموالهم تؤخذ من ثمن لحم الخنزير أو خمر فكل ما أخذوا منهم من ذلك فوزر ذلك عليهم و ثمنه للمسلمين حلال يأخذونه في جزيتهم «3».

و منها: ما رواه يونس في مجوسي باع خمرا أو خنازير الي اجل مسمي ثم أسلم قبل أن يحل المال قال: له دراهمه و قال: اسلم رجل و له خمر أو خنازير ثم مات و هي في ملكه و عليه دين. قال يبيع ديانه أو ولي له غير مسلم خمره و خنازيره و يقضي دينه و ليس له أن يبيعه و هو حي و لا يمسكه «4».

و

منها: ما رواه داود بن سرحان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل كانت له علي رجل دراهم فباع خنازير أو خمرا و هو ينظر فقضاه قال: لا بأس أما للمقضي فحلال و أما للبائع فحرام «5».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن الحسن عن جده علي بن جعفر عن اخيه موسي بن جعفر عليه السلام: قال: سألته عن رجلين نصرانيين باع احدهما خمرا أو

______________________________

(1) الجواهر ج 37 ص: 44

(2) الوسائل الباب 60 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 70 من أبواب جهاد العدو الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 57 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 2

(5) الوسائل الباب 28 من أبواب الدين الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 98

و كذا للمسلم حق اختصاصه فيما اذا استولي عليهما لغرض صحيح (1) و يجب رد المغصوب (2).

______________________________

خنزيرا الي اجل فأسلما قبل أن يقبضا الثمن هل يحل له ثمنه بعد الإسلام؟ قال:

انما له الثمن فلا بأس أن يأخذه «1» ان الشارع الأقدس امضي مالية الخمر و الخنزير بالنسبة الي الذمي فما افاده في المتن من تحقق الضمان بالقيمة بالنسبة الي المستتر و عدمه بالنسبة الي المتظاهر تام بالاخبار و الاجماع فدعوي وضوح الحكم ليس جزافا.

(1) اذ لو كان له غرض صحيح يثبت له حق الاختصاص فيجب رده اليه و أما مع التلف فيشكل الأمر اذ لو قلنا ان قيمة العين يثبت في الذمة فلا قيمة للخمر فلا مجال لثبوتها في الذمة و ان قلنا بثبوت المثل فيها فالمقتضي قاصر اذ دليل علي اليد بدون التوسل بالإجماع و السيرة غير تام لعدم تمامية سنده فالمدرك منحصر في الاجماع فلاحظ.

(2) قال في الجواهر: «لا خلاف

بيننا في أنه يجب رد المغصوب ما دام باقيا بل الاجماع بقسميه عليه ان لم يكن ضرورة من المذهب» «2» الي آخر كلامه.

و تدل علي المدعي جملة من النصوص الدالة علي حرمة التصرف في مال الغير فمنها: ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام (في حديث) ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: من كانت عنده أمانته فليؤدها الي من ائتمنه عليها فانه لا يحل دم امرء مسلم و لا ماله الا بطيبة نفس منه «3».

و منها: ما روي عن صاحب الزمان عليه السلام قال: لا يحل لأحد أن يتصرف

______________________________

(1) الوسائل الباب 61 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

(2) الجواهر ج 37 صفحه 75

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 99

______________________________

في مال غيره بغيره اذنه «1».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم سباب المؤمن فسوق و قتاله كفر و أكل لحمه معصية و حرمة ماله كحرمة دمه «2».

فان امساك مال الغير بلا حق نوع من التصرف فلا يجوز مضافا الي ما ورد في خصوص حرمة الغصب: منها ما عن بعض اصحابنا عن العبد الصالح عليه السلام و ذكر ما يختص الامام الي أن قال: و له صوافي الملوك ما كان في أيديهم علي غير وجه الغصب لأن الغصب كله مردود «3».

و منها: ما رواه محمد بن الحسين الرضي في نهج البلاغة قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: الحجر الغصب في الدار رهن علي خرابها «4».

و منها: ما رواه الحسين بن زيد عن الصادق عليه السلام عن آبائه عن

النبي صلي اللّه عليه و آله في حديث المناهي قال: من خان جاره شبرا من الأرض جعله اللّه طوقا في عنقه من تخوم الأرض السابعة حتي يلقي اللّه يوم القيامة مطوقا الا أن يتوب و يرجع 5.

و منها: ما رواه عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عمن أخذ أرضنا بغير حقها و بني فيها قال يرفع بناؤه و تسلم التربة الي صاحبها ليس لعرق ظالم حق 6.

ثم قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله من أخذ أرضنا بغير حق كلف أن يحمل

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب الغصب الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 158 من أبواب احكام العشرة الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب الغصب الحديث: 3

(4) (4 و 5) نفس المصدر الحديث: 5 و 2

(5) (6) الوسائل الباب 3 من ابواب الغصب الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 100

فان تعيب ضمن الارض (1) فان تعذر الرد ضمن مثله و لو لم يكن مثليا ضمنه بقيمته يوم الغصب (2).

______________________________

ترابها الي المحشر «1».

(1) اذ المفروض ان اليد ضمانية فتوجب الضمان و مقتضاه وجوب رد العين مع الأرش و ادعي في الجواهر عدم الخلاف فيه بل ادعي عليه الاجماع بقسميه.

(2) ما يمكن أن يقال أو قيل في وجه ضمان المثلي بالمثل و في القيمي بالقيمة وجوه: الوجه الأول حديث علي اليد «2».

و يرد عليه انه لا يبعد أن يكون المستفاد من الحديث ان ضمان ما أخذ الي زمان الأداء أي ما دام المأخوذ في يد الاخذ يكون الاخذ ضامنا بالنسبة اليه و ارتفاع الضمان بادائه فلا يرتبط بالمقام.

و ربما يقال: بأن المستفاد من الحديث ان المأخوذ مضمون بنفسه و

علي تقدير التعذر تصل النوبة الي المثل و علي تقدير التعذر تصل النوبة الي القيمة فلا ينطبق علي ما هو المشهور عندهم من الضمان في المثلي بالمثل و في القيمي بالقيمة مضافا الي أن الحديث ضعيف سندا فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالته.

الوجه الثاني ما دل من النصوص علي أن حرمة مال المسلم كحرمة دمه لاحظ ما من عن كتاب المجالس و الأخبار من وصايا النّبيّ لأبي ذر يا أبا ذر سباب المسلم فسوق و قتاله كفر و اكل لحمه من معاصي اللّه و حرمة ماله كحرمة دمه «3».

و ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله سباب المؤمن فسوق و قتاله كفروا اكل لحمه معصية للّه و حرمة ماله كحرمة

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 90

(3) الوسائل الباب 152 من احكام العشرة الحديث 9

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 101

______________________________

دمه «1».

و لا يخفي ان المستفاد من هذه النصوص الحكم التكليفي لا الوضعي و علي تقدير التنزل لا تدل علي المدعي بل تدل علي الضمان.

الوجه الثالث النصوص الدالة علي ان الامة المبتاعة اذا وجدت مسروقة بعد أن أولدها المشتري اخذها صاحبها و اخذ المشتري ولده بالقيمة لاحظ ما رواه جميل بن دراج عن بعض اصحابنا عن ابي عبد اللّه عليه السلام في رجل اشتري جارية فاولدها فوجدت مسروقة قال يأخذ الجارية صاحبها و يأخذ الرجل ولده بقيمته «2».

و الجواب ان المستفاد من هذه النصوص ليس ما هو المشهور عندهم من كون ضمان المثلي بالمثل و في القيمي بالقيمة و بعبارة واضحة المستفاد من هذه النصوص ان صاحب الولد يأخذ ولده و يدفع قيمته و لا

يستفاد من النصوص المشار اليها ما هو المشهور عندهم من ضمان المثلي بالمثل و القيمي بالقيمة فلاحظ.

الوجه الرابع الاجماع علي المدعي و فيه انه مدركي و لا أقلّ من احتماله فلا يكون تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم.

الوجه الخامس قوله تعالي «فَمَنِ اعْتَديٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَديٰ عَلَيْكُمْ» «3» و تقريب الاستدلال علي المدعي بالآية يتوقف علي امور ثلاثة:

الاول: أن يكون المراد بكلمة (ما) الموصول و أما اذا كان المراد بها المصدر تكون الاية اجنبية عن المدعي فتختص الاية بالاعتداء بالأفعال و لا يرتبط بالأموال و عن الأردبيلي قدس سره تعين هذا الاحتمال.

الثاني أن يكون المراد بالموصول الشي ء المعتدي بأن يكون المراد فاعتدوا

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 12

(2) الوافي ج 10 من الباب 118 من أبواب احكام التجارة ص 101

(3) البقرة/ 194

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 102

______________________________

عليه بمثل الشي ء الذي اعتدي به عليكم و فيه انه لا دليل علي المدعي بل يمكن أن يكون المراد من الموصول الفعل لا الشي ء الخارجي فلا ترتبط الاية بالمقام.

الثالث: أن يكون المراد من المثل في الاية المثل في المثلي و القيمة في القيمي و لا دليل علي هذه الدعوي اضف الي ذلك انه لا تستفاد من الاية جواز تملك مال الغير في مقابل تلف المال بل يستفاد جواز الاتلاف في مقابل الاتلاف.

اذا عرفت ما تقدم نقول تارة يقع الكلام فيما هو مقتضي القاعدة الاولية و اخري فيما هو مقتضي النص الخاص فالبحث في موضعين:

أما الموضع الاول فنقول: مقتضي القاعدة الأولية ان المغصوب يرد بعينه و مع عدم الامكان تصل النوبة الي مثله و مع تعذر مثله تصل النوبة الي قيمته و عليه يكون الضمان دائما بالمثل غاية الأمر كفاية

اداء القيمة من باب اللابدية و عدم امكان دفع المثل كما هو المفروض و علي هذا الأساس لا مجال لأن يقال لا بد من دفع المثل في المثلي و القيمة في القيمي و لا يكتفي باحدهما في موضع الاخر بل الضمان دائما بالمثل و الواجب دفع قيمة المثل و السيرة جارية عليه فلو لم يكن نص خاص في المقام لا بد من الالتزام بدفع قيمته يوم الاداء لأن الغاصب ضامن للمثل فالواجب عليه دفع قيمة ما في ذمته و الثابت في ذمته هو المثل كما ذكرنا.

و أما الموضع الثاني فيمكن أن يقال ان المستفاد من حديث أبي ولاد أن الميزان بيوم الغصب لاحظ ما عن أبي ولاد الحناط قال اكتريت بغلا الي قصر ابن هبيرة ذاهبا و جائيا بكذا و كذا و خرجت في طلب غريم لي فلما صرت قرب قنطرة الكوفة خبرت ان صاحبي توجه الي النيل فتوجهت نحو النيل فلما أتيت النيل خبرت الي صاحبي توجه الي بغداد فاتبعته و ظفرت به و فرغت مما بيني و بينه و رجعنا الي الكوفة و كان ذهابي و مجي ء خمسة عشر يوما فأخبرت صاحب البغل بعذري

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 103

______________________________

و أردت ان اتحلل منه مما صنعت و أرضيه فبذلت له خمسه عشر درهما فأبي أن يقبل فتراضينا بأبي حنيفة فأخبرته بالقصة الي أن قال و حججت تلك السنة فأخبرت أبا عبد اللّه عليه السلام بما افتي به ابو حنيفة فقال في مثل هذا القضاء و شبهه تحبس السماء ماءها و تمنع الأرض بركتها قال فقلت لأبي عبد اللّه عليه السلام فما تري أنت؟ فقال أري له عليك مثل كراء بغل ذاهبا من الكوفه الي

النيل و مثل كراء بغل راكبا من النيل الي بغداد و مثل كراء بغل من بغداد الي الكوفة توفيه اياه قال فقلت:

جعلت فداك قد علفته بدراهم فلي عليه علفه؟ فقال: لا لأنك غاصب قال: فقلت له أ رأيت لو عطب البغل و نفق أ ليس كان يلزمني؟ قال: نعم قيمة بغل يوم خالفته قلت فان اصاب البغل كسر أو دبر أو غمز فقال: عليك قيمة ما بين الصحة و العيب يوم ترده عليه الخ «1».

و مورد الاستدلال علي المدعي قوله عليه السلام «نعم قيمة بغل يوم خالفته» و الاستدلال بهذه الجملة علي المدعي يتوقف علي رجوع القيد و هو يوم خالفته الي القيمة اما باضافة القيمة الي البغل و البغل الي اليوم بنحو تتابع الإضافات كقول الشاعر (و ليس قرب قبر حرب قبر) أو باضافة القيمة الي البغل و اليوم معا أو باضافة المحصل من المضاف و المضاف اليه الي اليوم و اما بكون اليوم ظرفا للقيمة بلا اضافة اما الاحتمال الأول فيرده ان البغل من الذوات و لا يكون قابلا للتقييد بالزمان مضافا الي أن المعرف بلام التعريف لا يضاف و في بعض النسخ يكون لفظ البغل معرفا بلام التعريف و أما الاحتمال الثاني فهو غير معهود في الاستعمالات و أما الاحتمال الثالث فلا بأس به و عليه يكون المستفاد من الرواية في ضمان القيميات قيمة يوم الغصب.

و لكن يتوقف علي تجريد لفظ (بغل) عن لام التعريف و أما الاحتمال الرابع

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من احكام الاجارة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 104

______________________________

فتقريبه أن يكون اليوم ظرفا للقيمة لأن القيمة بمعني ما يتقوم به و هو المعني الحدثي و قابل لأن يقيد بالزمان

و عليه ينون لفظ البغل علي الجر باضافة القيمة اليه و يؤيد هذا الوجه ان لفظ (بغل) معرف في بعض النسخ و غير قابل لأن يضاف الي ما بعده فيكون المعني ان اللازم علي الغاصب قيمة البغل قيمة يوم الغصب.

و في المقام احتمال آخر و هو رجوع قوله يوم خالفته الي قوله عليه السلام (نعم) اي يلزمك القيمة يوم خالفته فتكون اجنبية عن المراد اذ يكون المراد منها ان الضمان و لزومه يوم المخالفة فلا تعرض للمقدار و يرد في هذا الاحتمال اشكالان

احدهما: ان لزوم الضمان يوم المخالفة و هذا امر واضح لا يحتاج الي البيان اذ الغصب يتحقق في ذلك اليوم ثانيهما: ان لازمه انتقال الضمان بالقيمة قبل تلف العين و مع بقاء البغل و لم يقل به احد.

ثم انه قد توجهت ايرادات الي الرواية علي المعني المستفاد منها: الاول انه لو كان المناط يوم المخالفة لم يكن وجه لتعرضه عليه السلام ليوم الاكتراء بقوله (أو يأتي صاحب البغل بشهود) فلا خصوصية ليوم الغصب.

و الجواب انه لا يبعد أن يكون السرّ في ذلك اتحاد يوم الاكتراء مع يوم المخالفة في مورد السؤال فان المتعارف في الأسفار القريبة اكتراء الدابة في وقت الحركة لا قبل ايام فلا يكون فصل بين زمان الاكتراء و المخالفة فصلا معتدا به و هذا الاشكال المذكور يؤيد المدعي فالامام عليه السلام قد عبر عن يوم المخالفة بيوم الاكتراء اي يوم الغصب.

الثاني انه قال أبو ولاد (قلت فان اصاب البغل كسر أو دبر أو غمز)؟ فقال:

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 9، ص: 104

عليه السلام

«عليك قيمة ما بين الصحة و العيب يوم ترده عليه» فان الظاهر من هذه الجملة هو ان الضمان بقيمة يوم الرد لأن الظرف متعلق بلفظ (عليك) لتضمنه معني

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 105

______________________________

يلزمك فتكون هذه الجملة منافية لما ذكرنا من أن المستفاد من كلامه عليه السلام ان المناط بيوم الغصب.

و اورد عليه سيدنا الاسناد بأن لازمه استقرار الضمان علي الغاصب في زمان الرد مع انه واضح البطلان لأن ضمان المغصوب يستقر علي الغاصب من زمان الغصب مضافا الي أنه علي هذا يلزم أن لا يكون تعرض في الرواية بأن هذا التفاوت من يوم الغصب أم من يوم التلف أو من يوم الرد فتكون مجملة و كون المراد من الجملة السابقة يوم الغصب يعين ان المراد من هذه الجملة يوم الغصب.

و ربما يقال ان الظرف اي لفظ اليوم متعلق بلفظ قيمة فيكون المعني انه عليك تفاوت ما بين الصحة و العيب يوم الرد و بعبارة اخري المستفاد من الحديث ان مجرد رد العين لا اثر له بل يجب رد ما به التفاوت بين الصحيح و المعيب فتكون هذه الجملة منافية مع المستفاد من الجملة السابقة و بعبارة اخري يستفاد من الحديث ان التفاوت بين الصحيح و المعيب في يوم الرد يلزمك فيلزم التفكيك بين ضمان العين و ضمان الأرش فان المناط في الأول بيوم الغصب و في الثاني بيوم الرد.

و عن الشيخ الأنصاري قدس سره بأن الظرف متعلق بعليك لا قيد للقيمة اذ لا عبرة في ارش العيب بيوم الرد اجماعا لأن النقص الحادث تابع في تعيين يوم قيمته لأصل العين.

و اورد عليه سيدنا الاستاد بأنه لا مجال لهذا الاشكال لأن الاجماع علي التبعية لا يدفع

هذا الاحتمال اذ لو كان المناط في مقدار الأرش بيوم الرد يكشف ان ضمان اصل العين منوط بيوم الرد و لا اجماع علي خلافه و الصحيح في الجواب أن يقال انه لا ملزم للالتزام بكون الظرف قيدا للقيمة بلا قرينة بل ظهور الجملة السابقة

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 106

______________________________

في كون الميزان في الضمان يوم الغصب يدفع هذا الاحتمال.

الثالث انه سأل أبو ولاد الامام عليه السلام عن المقوم و اجابه عليه السلام أنت و هو الي آخر كلامه.

و قال الشيخ الأنصاري قدس سره: ان هذه الجملة مؤيدة لكون المدار في تعيين القيمة يوم التلف بتقريب انه لو كان المدار يوم الغصب كان المالك مدعيا لدعواه زيادة القيمة المخالفة للأصل و كان الغاصب منكرا و مقتضي القاعدة توجه الحلف الي الغاصب و البينة الي المالك و بعبارة اخري كيف يمكن الجمع بين البينة و اليمين فان المالك ان كان مدعيا تجب عليه اقامة البينة و ان كان منكرا تجب عليه اليمين فلو جعلنا الملاك يوم المخالفة يلزم أن تكون الروايه مخالفة للقواعد من ناحيتين: الأولي ان دعوي الزيادة من المالك مخالفة للأصل فلا يتوجه اليه اليمين الثاني انه لو توجهت اليه اليمين لا تسمع منه البينة فلا بد من جعل الملاك يوم التلف كي لا يتوجه اشكال فنقول الامام تعرض لصورتين:

الصورة الأولي: ان يتفق المالك و الغاصب علي قيمة يوم الاكتراء فالغاصب يدعي نقصانه يوم التلف و المالك ينكر النقصان و اليمين علي من أنكر.

الصورة الثانية: أن يتفق المالك و الغاصب علي اتحاد قيمة يوم المخالفة و يوم التلف لكن المالك يدعي الزيادة و الغاصب ينكرها فعلي المالك اقامة البينة اذ المفروض كونه مدعيا.

و يرد عليه انه

يمكن تصوير النزاع بنحو ينطبق علي الموازين مع كون المدار يوم الغصب بأن نقول لو اتفقا علي القيمة يوم الاكتراء و لكن يدعي الغاصب نقصانها و المالك ينكر النقصان تكون البينة علي المدعي و هو الغاصب و اليمين علي المنكر و هو المالك و أما لو اتفقا علي أن القيمة يوم الاكتراء هي القيمة يوم الغصب لكن

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 107

______________________________

المالك يدعي انها مقدار كذائي و الغاصب ينكر و يعترف باقل منه فالبينة علي المالك و اليمين علي الغاصب فلا فرق بين القولين من هذه الجهة.

و عن الايرواني قدس سره ان مورد الرواية خارج عن حكم القضاء و النزاع بل حلف كل منهما لأجل اذعان الطرف الاخر كما هو الشائع في الاختلاف بين الناس فلا موضوع للإشكال المذكور.

و افاد سيدنا الاستاد بأن حمل الرواية علي الأمر العادي العرفي خلاف الظاهر كما ان الظاهر من الخبر ان المالك مخير بين اقامة البينة و الحلف لا ان كل واحد من الأمرين حكم صورة غير الاخري.

فالحق أن يقال ان قاعدة البينة علي المدعي و اليمين علي من انكر ليست من القواعد العقلية التي لا تقبل التخصيص فمقتضي القاعدة أن نقول و نلتزم بأنه في كل مورد تحقق الغصب بالنسبة الي دابة أو بالنسبة الي كل قيمي يكون الخيار بين الأمرين للمالك و هذا يناسب ارغام الغاصب و القضية المعروفة بينهم بأنه يؤخذ باشق الأحوال فلاحظ فانقدح ان الميزان يوم الغصب.

و ربما يقال: بأن الضمان باعلي القيم من حين الغصب الي حين التلف و ما يمكن أن يقرب به وجوه:

الوجه الأول: ان المستفاد من الحديث ان المغصوب مضمون علي الغاصب في جميع ازمنة الغصب اذ الميزان بيوم المخالفة

و هذا العنوان يصدق علي جميع ايام الغصب و عليه فان رد الغاصب نفس العين فهو و الا فان رد أعلي القيم فقد رد قيمة يوم المخالفة بقول مطلق لدخول القيمة السفلي في العليا ضرورة انه لا يجب عليه دفع قيمة كل يوم كما انه لورد القيمة النازلة لم يرد القيمة بقول مطلق فاللازم عليه رد اعلي القيم.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 108

______________________________

و اجاب سيدنا الاستاد عن هذا التقريب بأن الطبيعي يصدق علي اول فرد يوجد منه و الظاهر من الحديث ان المناط هو اليوم الأول من المخالفة لا مطلق يوم المخالفة و الذي يدل علي المدعي بوضوح انه عليه السلام حكم بأن لو شهد الشاهدان علي القيمة يوم الاكتراء يؤخذ بشهادتهم و قلنا ان يوم الاكتراء و يوم المخالفة متحد.

الوجه الثاني: ان الغاصب اذا وضع يده علي المغصوب اشتغلت ذمته به فلو ادي العين أو ادي أعلي القيم في فرض تلف العين لفرغت ذمته قطعا و الا يشك في فراغ ذمته و قاعدة الاشتغال محكمة.

و فيه ان الأمر دائر بين الأقل و الأكثر و مقتضي البراءة عدم الاشتغال بالزائد مضافا الي أن الاجتهاد في قبال النص غير صحيح و المفروض ان المستفاد من النص ان المناط يوم الغصب فلاحظ.

الوجه الثالث: ان مقتضي الاستصحاب بقاء الضمان الي زمان اداءا علي القيم و فيه ان مقتضي الاستصحاب عدم الاشتغال الا بالاقل مضافا الي أنه لا تصل النوبة الي الأصل مع وجود الدليل الاجتهادي و المفروض ان المستفاد من النص قيمة يوم المخالفة.

الوجه الرابع: انه لو لم يدفع أعلي القيم يتضرر المالك و الضرر منفي في الشريعة.

و فيه انه لا تصل النوبة الي هذه التقاريب مع وجود

النص مضافا الي أن حديث نفي الضرر يقتضي النفي لا الاثبات بالاضافة الا أن الالزام بالأعلي ضرر علي الغاصب و هو يؤخذ باشق الأحوال لا دليل عليه اضف الي ذلك كله انا ذكرنا في بحث القاعدة ان المستفاد منها حرمة الإضرار فلاحظ.

الوجه الخامس: لوجوب رد أعلي القيم من زمان الغصب الي زمان التلف

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 109

______________________________

ان الغاصب ازال يد المالك عن المغصوب بماله من المالية في جميع الأزمنة و من جملة تلك الأزمنة زمان علو القيمة فان رد الغاصب العين فقد خرج عن عهدة الضمان بداهة ان المغصوب نفس العين و أما عند التلف لا يمكن الخروج عن العهدة الا برد الأعلي لأن حيلولة الأجنبي توجب الضمان و لذا لو تلفت في زمان علو القيمة لوجبت تلك القيمة.

و اورد عليه سيدنا الاستاد بأن قياس المقام بمقام بدل الحيلولة مع الفارق فانه في ذلك المقام يلزم الضمان ببدل الحيلولة من باب عدم امكان رد العين و أما الكلام في المقام في مقدار الضمان مع فرض تلف العين مضافا الي أن التعذر في زمان علو القيمة اختيارية و باختيار الغاصب و في بدل الحيلولة التعذر غير اختياري اضف الي جميع ذلك ان الاجتهاد في قبال النص غير صحيح و مقتضي حديث أبي ولاد ان الميزان بقيمة يوم الغصب لا بأعلي القيم.

الوجه السادس: ما نسب الي المحقق الايرواني قدس سره و هو انه عند صعود القيمة يصدق ان الغاصب معتد و مقتضي قوله تعالي (فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَديٰ عَلَيْكُمْ) ان الاعتداء بمقدار الاعتداء.

و فيه انه قد مر الاشكال في أصل دلالة الاية علي الضمان فكيف بمقداره اضف الي ذلك انه لا يناسب الاستدلال بالنحو المذكور

مع دلالة حديث أبي ولاد علي كون الميزان بيوم الغصب.

الوجه السابع: ان العين مضمونة علي الغاصب في جميع الأزمنة و من جملتها زمان علو القيمة و يرد عليه انه ان كان المراد ضمان العين ما دامت باقية فهو صحيح لكن لا يدل علي المدعي لأنه مع بقاء العين لا تصل النوبة الي ضمان البدل و ان كان المراد ان الضمان بالقيمة منجز مع بقاء العين فهو خلاف الاجماع مضافا الي أنه

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 110

______________________________

ربما يستلزم الجمع بين العوض و المعوض و ان كان المراد ان الضمان بأعلي القيم مشروط بتلف العين فهو عين مورد النزاع مضافا الي أنه خلاف ما يستفاد من حديث أبي ولاد.

فتحصل ان الميزان في القيمي المغصوب بيوم الغصب بمقتضي حديث أبي ولاد و أما في غير المغصوب من القيميات فلا بد من قيام اجماع تعبدي عليه و الا فمقتضي القاعدة كما ذكرنا ان الميزان بقيمة يوم الاداء و بعبارة اخري مقتضي القاعدة الأولية ثبوت نفس التالف في الذمة غاية الأمر حيث لا يمكن ردها تصل النوبة الي المثل و مع تعذره تصل النوبة الي القيمة.

و ربما يقال ان المستفاد من جملة من الروايات الواردة في ضمان الرهن ان الميزان بقيمة يوم التلف فيقع التعارض بين تلك الروايات و حديث أبي ولاد لاحظ ما رواه سليمان بن خالد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال اذا رهنت عبدا أو دابة فمات فلا شي ء عليك و ان هلكت الدابة او أبق الغلام فانت ضامن «1».

و ما رواه ابان بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في الرهن اذا ضاع من عند المرتهن من غير أن يستهلكه رجع بحقه

علي الراهن فأخذه و ان استهلكه تراد الفضل بينهما «2».

و ما رواه اسحاق بن عمار قال سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن الرجل يرهن الرهن بمائة درهم و هو يساوي ثلاثمائة درهم فيهلك أعلي الرجل أن يرد علي صاحبه مأتي درهم؟ قال نعم لأنه اخذ رهنا فيه فضل و ضيعه قلت فهلك نصف الرهن قال علي حساب ذلك قلت فيترادان الفضل قال نعم «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من احكام الرهن الحديث: 8

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 7 من احكام الرهن الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 111

______________________________

و ما رواه ابن بكير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام في الرهن فقال: ان كان أكثر من مال المرتهن فهلك أن يؤدي الفضل الي صاحب الرهن و ان كان أقل من ماله فهلك الرهن أدي اليه صاحبه فضل ماله و ان كان الرهن سواء فليس عليه شي ء «1».

و ما رواه أبو حمزة قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول علي عليه السلام يترادان الفضل فقال: كان علي عليه السلام يقول ذلك قلت كيف يترادان فقال ان كان الرهن افضل مما رهن به ثم عطب رد المرتهن الفضل علي صاحبه و ان كان لا يسوي رد الرهن ما نقص من حق المرتهن قال: و كذلك كان قول علي عليه السلام في الحيوان و غير ذلك 2.

و الجواب عن هذا الاشكال ان المرتهن لا يكون ضامنا للعين المرهونة الا في صورتي الإفراط و التفريط أما في الصورة الاولي فزمان التلف متحد مع زمان الغصب فلا تنافي و أما في الصورة التفريط فيمكن التفكيك بين الزمانين لكن الذي يسهل الخطب ان النصوص الدالة علي الضمان لا تعين

موقعا معينا للقيمة فلا تنافي بين هذه النصوص و حديث أبي ولاد و بما ذكرنا يظهر الجواب عن توهم التعارض بين حديث أبي ولاد و النصوص الواردة في باب العتق لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن المملوك بين شركاء فيعتق احدهم نصيبه فقال ان ذلك فساد علي اصحابه فلا يستطيعون بيعه و لا مؤاجرته فقال: يقوم قيمة فيجعل علي الذي أعتقه عقوبة و انما جعل ذلك عليه عقوبة لما افسده 3

و ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن

______________________________

(1) (1 و 2) نفس المصدر الحديث: 3 و 1

(2) (3) الوسائل الباب 18 من أبواب العتق الحديث 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 112

و الاحوط استحبابا التصالح لو اختلفت القيمة من يوم غصبه الي ادائه (1) و في المثلي يضمن لو اعوز المثل قيمة يوم الاداء (2) و لو زادت للسوق فنقصت لم يضمنها (3) و لو زادت الصفة فنقصت ضمنها (4).

______________________________

قوم ورثوا عبدا جميعا فاعتق بعضهم نصيبه منه كيف يصنع بالذي اعتق نصيبه منه هل يؤخذ بما بقي فقال: نعم يؤخذ بما بقي منه (بقيمته يوم اعتق) «1».

و ما رواه سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن المملوك يكون بين شركاء فيعتق أحدهم نصيبه قال: ان ذلك فساد علي اصحابه فلا يستطيعون بيعه و لا مؤاجرته قال يقوم قيمة فيجعل علي الذي اعتقه عقوبة و انما جعل ذلك لما افسده «2».

(1) خروجا عن شبهة الخلاف و تقريب الاستدلال علي المدعي ان القيمي يضمن بمثله و ربما تصل النوبة الي القيمة لتعذر المثل فيجب اعلي القيم لأن

العين في كل آن مضمونة.

و فيه اولا: انه لا تصل النوبة الي هذا التقريب مع كون المستفاد من حديث أبي ولاد ان المناط يوم الغصب و ثانيا لا وجه لضمان اعلي القيم كما مر قريبا فلاحظ.

(2) اذ المفروض ان الثابت في عهدته المثل فيجب علي الضامن اداء قيمة ما في ذمته فيتم ما افاده الماتن.

(3) بلا خلاف اجده فيه بيننا كما في الجواهر «3» لعدم المقتضي للضمان فلاحظ.

(4) اذ المفروض ان اليد يد ضمان و مقتضاه الضمان بمقتضي السيرة العقلائية

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) الجواهر ج 37 ص: 85

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 113

مطلقا (1) و لو تجددت صفة لا قيمة لها لم يضمنها (2) و لو زادت القيمة لنقص بعضه مما له مقدر كالجب فعليه دية الجناية (3) و لو زادت العين زياده عينية باثره رجع الغاصب بها (4).

______________________________

مضافا الي النص الخاص الدال علي وجوب رد المغصوب إلي مالكه لاحظ ما رواه حماد بن عيسي عن بعض اصحابنا عن العبد الصالح عليه السلام و ذكر ما يختص الامام الي أن قال: و له صوافي الملوك ما كان في ايديهم علي غير وجه الغصب لأن الغصب كله مردود «1».

(1) يمكن أن يكون المراد بالاطلاق ان الضمان ثابت و لو لم يكن النقص بفعل الغاصب لأنه مقتضي الضمان فلا يختص الحكم بما يكون بفعل الغاصب.

(2) لعدم المقتضي للضمان و مقتضي الأصل عدمه بل لا موضوع له.

(3) كما هو مقتضي القاعدة اذ بمقتضي الدليل يجب علي الجاني دفع الدية فيجب عليه دفعها و زيادة القيمة لا تقتضي رفع اليد عن وجوب دفعها لعدم ما يقتضي ذلك فلاحظ.

(4) بلا خلاف اجده فيه كما في

الجواهر و ادعي عليه الاجماع و يدل علي المدعي ما رواه ابن خالد قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أتي ارض رجل فزرعها بغير اذنه حتي اذا بلغ الزرع جاء صاحب الأرض فقال زرعت بغير اذني فزرعك لي و علي ما انفقت أله ذلك أم لا؟ فقال: للزارع زرعه و لصاحب الأرض كراء ارضه «2».

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في رجل

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب الغصب الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب الغصب الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 114

و عليه ارش النقصان لو نقصت و ليس له الرجوع بارش نقصان عينه (1) و لو غصب عبدا و جني عليه بكمال قيمته رده مع القيمة علي قول و فيه

______________________________

اكتري دارا و فيها بستان فزرع في البستان و غرس نخلا و أشجارا و فواكه و غير ذلك و لم يستأمر صاحب الدار في ذلك قال: عليه الكراء و يقوم صاحب الدار الزرع و الغرس قيمة عدل و يعطيه الغارس ان كان استأمره في ذلك و ان لم يكن استأمره في ذلك فعليه الكراء و له الزرع و الغرس و يقلعه و يذهب به حيث شاء «1»

و يدل عليه أيضا ما اورده في الفقيه «و ان أتي رجل أرضا فزرعها بغير اذن صاحبها فلما بلغ الزرع جاء صاحب الأرض فقال زرعت بغير اذني فزرعك لي و علي ما انفقت فللزارع زرعه و لصاحب الأرض كري ارضه «2».

و يمكن أن يقال كما في الجواهر انه علي وفق اصول المذهب و قواعده ضرورة كون الزرع و الغرس ملك الغاصب و الأرض انما هي من المعدات

كالماء و الهواء و نحوهما «3».

(1) بلا خلاف و لا اشكال- كما في الجواهر- و هذا مقتضي القاعدة الاولية اذ المفروض انه لا حق له و يكون تصرفه بلا مجوز فعليه ارش النقصان و لا مقتضي لأخذ الأرش من المالك بل مقتضي حديث عبد العزيز خلافه قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول من أخذ أرضا بغير حقها أو بني فيها قال: يرفع بناؤه و تسلم التربة الي صاحبها ليس لعرق ظالم حق ثم قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم من أخذ أرضا بغير حقها كلف أن يحمل ترابها الي المحشر «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث 2

(2) من لا يحضره الفقيه ج 3 ص 149 حديث 9 ذيل الحديث

(3) الجواهر ج 37 ص: 203

(4) الوسائل الباب 33 من الاجارة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 115

تأمل (1) و لو امتزج المغصوب بجنسه فان كان بما يساويه شارك بقدر كميته (2).

______________________________

(1) نقل عن الشيخ قدس سره ان المالك مخير بين تسليمه و اخذ القيمة و بين امساكه و لا شي ء له تسوية بين الغاصب في الجناية و غيره و عليه اجماع الفرقه و أخبارهم و قال في الجواهر «1»: «و لعل المراد بالأخبار الخبرين الواردين في المقام و هو ما عن غياث عن جعفر عن أبيه عليهم السلام قال: قال علي عليه السلام اذا قطع أنف العبد أو ذكره أو شي ء يحيط بقيمته ادي الي مولاه قيمة العبد و اخذ العبد «2» و رواه الكليني عن علي بن ابراهيم نحوه 3.

و قال: «لعل المراد من الاجماع عدم فرقهم بين الغاصب و غيره في بابي القصاص و الديات الا من بعض و

يؤيد المدعي ان رده مع القيمة يوجب الجمع بين العوض و المعوض».

و كيف كان الذي يختلج بالبال ان مقتضي النص الوارد في المقام عدم الفرق بين الغاصب و غيره و اخذ الغاصب باشق الأحوال لا دليل عليه فلاحظ و لا يبعد أن يكون وجه تأمل الماتن الاشكال في سند الحديث لكن لا مقتضي لوجوب كلا الأمرين علي الغاصب و مقتضي البراءة عدم وجوب الجمع و اللّه العالم.

(2) اذ الامتزاج بالجنس كما هو المفروض باي نحو كان يقتضي الاشتراك قال في الجواهر «و كل مالين مزج أحدهما بالاخر بحيث لا يتميزان تحققت فيهما الشركة اختيارا كان المزج أو اتفاقا مقصودا به الشركة أولا بلا خلاف اجده فيه بل لعل الاجماع بقسميه عليه» 4.

______________________________

(1) الجواهر ج 37 ص: 124

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 34 من ديات الاعضاء الحديث: 1 و 2

(3) (4) الجواهر ج 26 ص: 291

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 116

و ان كان باجود منه او بالادون فله أن يشارك بقدر ماليته و له أن يطالب الغاصب ببدل ماله (1) و كذا لو كان المزج بغير جنسه و لم يتميز كالخل بالعسل و نحو ذلك (2) و فوائد المغصوب للمالك (3) و لو اشتراه جاهلا بالغصب رجع بالثمن علي الغاصب (4) و بما غرم للمالك عوضا عما لا نفع له في مقابلته او كان له فيه نفع (5) و لو كان عالما فلا رجوع بشي ء

______________________________

و لا وجه لما عن السرائر من أن مال المالك كالمستهلك و انه خارج عن ملكه و يقتضيه اصول المذهب انه لا دليل علي خروجه عن ملكه و الا كان اللازم الخروج عن الملك و لو كان الامتزاج بغير اختيار او

باختيارهما و رضاهما بل مقتضي القاعدة في مفروض الكلام حصول الشركة و بقاء ملك كل واحد علي ما كان عليه.

(1) بتقريب ان الامتزاج يوجب استهلاك مال المالك و لا يمكن تسليمه بعده و لكن مع ذلك لا يسقط حقه عن ملكه فله الخيار بين الامرين.

و الذي يختلج بالبال أن يقال ان الامتزاج يوجب الشركة و لا مقتضي لخروج المال عن ملك مالكه فيتحقق الشركة بالنسبة و بعبارة اخري انه لا مقتضي لخروج الملك عن مملوكية مالكه بل مقتضي القاعدة الشركة في العين بنسبة تفاوت القيمة

(2) الكلام فيه هو الكلام.

(3) بلا خلاف- كما في الجواهر- و هذا علي طبق القاعدة الأولية اذ الفوائد فوائد للمغصوب علي الفرض و الفائدة تابعة لذي الفائدة فكلها راجع الي المالك بلا كلام.

(4) اذ المفروض ان العقد فاسد فلم يدخل الثمن في ملك الغاصب و يده يد ضمان فالمشتري يمكنه الرجوع عليه و مطالبته بما اخذ منه.

(5) لأنه مغرور من قبل الغاصب و المغرور يرجع الي من غره.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 117

مما غرم للمالك (1) و لو زرع الغاصب للأرض فيها كان الزرع له (2) و عليه الاجرة (3) و القول قول الغاصب في القيمة مع اليمين و تعذر البينة (4).

[مسألة 1: يجوز لمالك العين المغصوبة انتزاعها من الغاصب و لو قهرا]

(مسألة 1): يجوز لمالك العين المغصوبة انتزاعها من الغاصب و لو قهرا (5).

______________________________

(1) لعدم صدق الغرور فلا وجه للرجوع.

(2) فان الزرع للزارع كما تقدم.

(3) بمقتضي النص لاحظ ما رواه ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في رجل اكتري دارا و فيها بستان فزرع في البستان و غرس نخلا و أشجارا و فواكه و غير ذلك و لم يستأمر صاحب الدار في ذلك قال: عليه الكراء و يقوم صاحب

الدار الزرع و الغرس قيمة عدل و يعطيه الغارس ان كان استأمره في ذلك و ان لم يكن استأمره في ذلك فعليه الكراء و له الزرع و الغرس و يقلعه و يذهب به حيث شاء «1» و الحديث و ان كان محل الاشكال سندا لكن المدعي علي طبق القاعدة الأولية.

(4) لأنه مقتضي الأصل و لكن يشكل بلحاظ حديث ابي ولاد «2» فان مقتضي هذا الحديث انه مع الاختلاف في القيمة في القيمي يكون القول قول المالك مع البينة أو اليمين و بعد ذلك تصل النوبة الي يمين الغاصب اللهم الا أن يقال ان المستفاد من الحديث حكم خاص في مورد مخصوص و لا وجه للتعدي عنه الي كل مورد فلاحظ.

(5) هذا علي طبق القاعدة الاولية اذ المفروض انه ملكه فيجوز انتزاعه من يد

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب الغصب الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 102

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 118

و اذا انحصر استنقاذ الحق بمراجعة الحاكم الجائر جاز ذلك (1).

______________________________

الغاصب باي وجه كان.

(1) لا اشكال عندهم في اشتراط الايمان في القاضي و انه لا يجوز الترافع الي قضاة الجور و استدلوا علي المدعي بقوله تعالي يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحٰاكَمُوا إِلَي الطّٰاغُوتِ وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَ يُرِيدُ الشَّيْطٰانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلٰالًا بَعِيداً «1» و بجملة من النصوص منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أيما مؤمن قدم مؤمنا في خصومة الي قاض أو سلطان جائر فقضي عليه بغير حكم اللّه فقد شركه في الاثم «2».

و منها ما رواه سالم بن مكرم الجمال قال: قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق عليه السلام اياكم أن يحاكم بعضكم بعضا

الي أهل الجور و لكن انظروا الي رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم فاني قد جعلته قاضيا فتحاكموا اليه «3».

و منها غيرهما المذكور في الباب 1 من أبواب صفات القاضي من الوسائل و لكن قالوا بأنه لو انحصر استنقاذ الحق بمراجعة الجائر جاز ذلك و ذكر في وجه الجواز امور:

الأول: النصوص الدالة علي جواز الحلف كاذبا تقية منها ما رواه اسماعيل بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في حديث قال: سألته عن رجل أحلفه السلطان بالطلاق أو غير ذلك فحلف قال لا جناح عليه و عن رجل يخاف علي ماله من السلطان فيحلف لينجو به منه قال: لا جناح عليه «4».

______________________________

(1) النساء/ 59

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب صفات القاضي الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) الوسائل الباب 12 من الايمان الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 119

______________________________

و منها: ما رواه يونس عن بعض اصحابه عن احدهما عليهما السلام في رجل حلف تقية فقال ان خفت علي مالك و دمك فاحلف ترده بيمينك فان لم تر ان ذلك يرد شيئا فلا تحلف لهم «1».

و منها ما رواه زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام نمر بالمال علي العشار فيطلبون منا ان نحلف لهم و يخلون سبيلنا و لا يرضون منا الا بذلك، قال: فاحلف لهم فهو أحل (احلي) من التمر و الزبد «2».

و الانصاف ان الجزم بالحكم بهذا التقريب مشكل مع ملاحظة بطلان القياس نعم هذه النصوص لا تخلو عن التأييد للمدعي.

الثاني: انصراف النصوص الدالة علي الحرمة عن صورة الضرورة و فيه ان الدليل علي المنع الاية الشريفة بالاضافة الي الاجماع و يضاف اليه الاجماع علي اشتراط العدالة في القاضي

فلا ينحصر الدليل في تلك الأخبار كي يدعي انصرافها عن صورة الضرورة بل يمكن أن يقال انه يكفي للاشتراط الشك في الاعتبار اذ اعتبار قول الحاكم و كون حكمه فصلا خلاف الأصل الأولي.

الثالث: قاعدة لا ضرر بتقريب ان عدم جواز احقاق الحق عند الضرورة و عدم جواز الترافع اليهم يوجب الضرر المنفي في الشريعة المقدسة.

و فيه: ان المشهور عند القوم ان القاعدة لا تقتضي الاثبات بل مفادها النفي فلا مجال لأن يستفاد من القاعدة اعتبار قول الجائر و جواز حكومته و الا يلزم الالتزام بتأسيس فقه جديد مثلا البيع الغرري فاسد فلو توقف بيع مال كثير علي بيعه غررا فهل يمكن الالتزام بالصحة بمقتضي القاعدة؟ و قس عليه غيره من الموارد كلا مضافا الي أن الاستدلال بالقاعدة علي المدعي يتوقف علي القول المشهور بأن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 120

و لا يجوز له مطالبة الغاصب بما صرفه في سبيل اخذ الحق (1) و كذا اذا كان له دين علي آخر و امتنع من ادائه و صرف مالا في سبيل تحصيله فانه لا يجوز له أن يأخذه من المدين (2) الا اذا اشترط عليه ذلك في ضمن معاملة لازمة (3).

______________________________

مفاد القاعدة هو النفي و أما علي القول بكون مفادها النهي عن الاضرار كما هو مذهب شيخ الشريعة قدس سره و تبعناه فلا مجال للاستدلال كما هو ظاهر.

الرابع ما رواه ابن مهزيار عن علي بن محمد عليهما السلام قال سألته هل نأخذ في أحكام المخالفين ما يأخذون منافي احكامهم فكتب عليه السلام يجوز لكم ذلك ان شاء اللّه اذا كان مذهبكم فيه التقية منهم و المدارة لهم «1».

بتقريب ان المستفاد

من الحديث انه هل يجوز لنا ان نأخذ حقوقنا منهم بحكم قضاتهم يعني اذا اضطررنا اليه كما اذا قدمنا الخصم اليهم.

و فيه اولا: ان الرواية غير واضحة المراد و ثانيا يكون الدليل اخص من المدعي فان المدعي انه يجوز عند الضرورة و الضرورة اعم من التقية و المدارة لهم.

الخامس الاجماع و التسالم بين الاصحاب و اشتهار الجواز في الاعصار و الامصار فان تم الامر بهذا النحو فهو و الا فيشكل الامر و اللّه العالم.

(1) لعدم المقتضي للجواز و مجرد كون الغاصب عاصيا لا يقتضي الجواز و صفوة القول ان جواز اخذ مال من شخص يتوقف علي دليل شرعي.

(2) الكلام فيه هو الكلام.

(3) اذ مع الشرط يثبت لمن له الشرط حق علي المشروط عليه يقتضي الزامه بالوفاء فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من ابواب آداب القاضي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 121

و اذا وقع في يده مال الغاصب جاز اخذه مقاصة (1) و لا يتوقف علي اذن الحاكم الشرعي (2) كما لا يتوقف ذلك علي تعذر الاستيفاء بواسطة الحاكم الشرعي (3) و لا فرق بين أن يكون مال الغاصب من جنس المغصوب و غيره (4) كما لا فرق بين أن يكون وديعة عنده و غيره (5).

______________________________

(1) لجمله من النصوص منها ما رواه داود بن رزين قال قلت لأبي الحسن موسي عليه السلام اني اخالط السلطان فتكون عندي الجارية فيأخذونها و الدابة الفارهة فيبعثون فيأخذونها ثم يقع لهم عندي المال فلي أن آخذه قال: خذ مثل ذلك و لا تزد عليه «1».

و منها ما رواه جميل بن دراج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون له علي الرجل الدين فيجحده فيظفر من ماله بقدر

الذي جحده أ يأخذه و ان لم يعلم الجاحد بذلك؟ قال: نعم «2».

و منها ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل الجحود أ يحل أن اجحده مثل ما جحد؟ قال: نعم و لا تزداد «3».

(2) لإطلاق النصوص الدالة علي المقصود.

(3) للإطلاق المستفاد من الروايات فلا مجال لأن يقال: التقاص علي خلاف الأصل الاولي فيتوقف جوازه علي الترافع الا مع عدم الامكان فانه لا وجه لهذا التفصيل.

(4) كما هو المستفاد من خبر ابن رزين «4».

(5) النصوص الواردة في المقام متعارضة فمنها ما يدل علي الجواز لاحظ ما

______________________________

(1) الوسائل الباب 83 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 10

(3) نفس المصدر الحديث: 13

(4) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 122

______________________________

رواه البقباق بأن شهابا ما راه في رجل ذهب له بالف درهم و استودعه بعد ذلك ألف درهم قال أبو العباس فقلت له خذها مكان الألف التي أخذ منك فأبي شهاب قال:

فدخل شهاب علي أبي عبد اللّه عليه السلام فذكر له ذلك فقال أما انا فأحب أن تأخذ و تحلف «1».

و مثله في الدلاله ما رواه علي بن سليمان قال: كتبت اليه: رجل غصب مالا او جارية ثم وقع عنده مال بسبب وديعة او قرض مثل خيانة أو غصب أ يحل له حبسه أم لا؟ فكتب نعم يحل له ذلك ان كان بقدر حقه و ان كان اكثر فيأخذ منه ما كان عليه و يسلم الباقي اليه إن شاء اللّه «2».

و يدل علي الجواز أيضا ما رواه ابن جعفر في كتابه عن اخيه قال: سألته عن رجل كان له علي آخر دراهم فجحده ثم وقعت للجاحد

مثلها عند المجحود، أ يحل له أن يجحده مثل ما جحد؟ قال نعم و لا يزداد «3».

و منها ما يدل علي عدم الجواز لاحظ ما رواه ابن أخي الفضيل بن يسار قال كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام و دخلت امرأة و كنت أقرب القوم اليها فقالت لي اسأله فقلت عما ذا؟ فقالت: ان ابني مات و ترك مالا كان في يد أخي فاتلفه ثم أفاد مالا فأودعنيه، فلي أن آخذ منه بقدر ما اتلف من شي ء؟ فأخبرته بذلك فقال:

لا قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اد الأمانة الي من ائتمنك و لا تخن من خانك «4».

و ما رواه سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل وقع

______________________________

(1) الوسائل الباب 83 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) الوسائل الباب 48 من أبواب الايمان الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 83 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 123

______________________________

لي عنده فكابرني عليه و حلف ثم وقع له عندي مال آخذه لمكان مالي الذي أخذه و أجحده و احلف عليه كما صنع؟ قال: ان خانك فلا تخنه و لا تدخل فيما عتبه عليه «1».

و ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قلت له: الرجل يكون لي عليه حق فيجحدنيه ثم يستودعني مالا إلي أن آخذ مالي عنده قال: لا هذه الخيانة «2».

فلا بد من علاج التعارض و ربما يجمع بين الطرفين بحمل ما يدل علي المنع علي الكراهة و فيه انه كيف يمكن الالتزام بالكراهة مع قوله عليه السلام في حديث البقباق «أما انا فأحب أن تأخذ و

تحلف» فانه عليه السلام لا يحب المكروه.

و افاد سيدنا الاستاد انه بعد التعارض و التساقط تصل النوبة الي الأخذ باطلاق ما يدل علي جواز المقاصه «3» كخبر ابن رزين «4» و لكن التعارض مع عدم وجود المرجح لأحد الطرفين و لنا أن نقول ان ما يدل علي المنع موافق للعموم الوضعي الكتابي و هو قوله تعالي إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمٰانٰاتِ إِليٰ أَهْلِهٰا «5» و أيضا ما يدل علي المنع موافق لقوله تعالي وَ الَّذِينَ هُمْ لِأَمٰانٰاتِهِمْ وَ عَهْدِهِمْ رٰاعُونَ «6» و قوله تعالي وَ الَّذِينَ هُمْ لِأَمٰانٰاتِهِمْ وَ عَهْدِهِمْ رٰاعُونَ «7».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث 7

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) مباني تكملة المنهاج ج 1 ص: 48

(4) لاحظ ص: 121

(5) النساء/ 58

(6) المؤمنون/ 8

(7) المعارج/ 32

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 124

و اذا كان مال الغاصب اكثر قيمة من ماله اخذ منه حصة تساوي ماله و كان بها استيفاء حقه (1) و لا يبعد جواز بيعها اجمع (2) و استيفاء دينه من

______________________________

و يؤيد المدعي بعض النصوص منها ما رواه عمر بن أبي حفص قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول اتقوا اللّه و عليكم بأداء الأمانة الي من ائتمنكم فلو ان قاتل علي ائتمنني علي أمانة «اداء الأمانة» لأديتها اليه «1».

و منها ما رواه عمار بن مروان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام في وصيته له:

اعلم أن ضارب علي عليه السلام بالسيف و قاتله لو ائتمنني و استنصحني و استشارني ثم قبلت ذلك منه لأديت اليه الأمانة «2» فالمستفاد منه التأكيد في اداء الأمانة فان قام اجماع تعبدي كاشف علي الجواز فهو و الا يشكل الجزم بالجواز و اللّه العالم.

و لقائل ان يقول

لا تعارض بين الطرفين بل النسبة العموم و الخصوص المطلقتين لاحظ حديث سليمان «3» فان هذا الحديث دال علي المنع في مورد حلف الغاصب فتكون خاصة بالنسبة الي ما يدل علي الجواز بالاطلاق فيوجب تقييده و لكن لا مجال لهذا الكلام اذ في النصوص ما يدل علي المنع بالاطلاق لاحظ ما رواه معاوية «4» و نحن لا نقول بانقلاب النسبة فالتعارض باق بحاله و لا يبعد أن يكون الترجيح بالاحدثية مع دليل الجواز.

(1) كما صرح به في خبر ابن رزين مضافا الي أنه مقتضي القاعدة الأولية فان جواز أخذ الزيادة يحتاج الي الدليل.

(2) كما صرح به في الجواهر «5» و الأمر كما افاده فان المستفاد من نصوص

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من احكام الوديعة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) لاحظ ص: 122

(4) لاحظ ص: 123

(5) الجواهر ج 40 ص: 394

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 125

الثمن (1) و الاحوط ان يكون ذلك باجازة الحاكم الشرعي (2) و الباقي من الثمن يرده الي الغاصب (3) و لو كان المغصوب منه قد استحلف الغاصب فحلف علي عدم الغصب لم تجز المقاصة منه (4).

______________________________

الجواز جواز اخذ المغصوب منه بمقدار حقه و هذا يستلزم جواز التصرف في العين و صفوة القول انه لا اشكال في أنه مستفاد من نصوص الباب.

(1) هذا فيما يتوقف الاستيفاء عليه و الا يشكل الجزم بالجواز في الأزيد مما يتوقف عليه الاستيفاء فلاحظ.

(2) خروجا عن شبهة الخلاف و لا اشكال في كونه احوط كما لا اشكال في أن الاحتياط احسن و اما لزومه فلا فان مقتضي نصوص الباب جواز المباشرة بلا توقف علي اذن الحاكم فلاحظ.

(3) كما هو مقتضي القاعدة الأولية اذ المفروض انه ملكه فلا

بد من ايصاله اليه.

(4) لجملة من النصوص منها ما رواه خضر النخعي في الرجل يكون له علي الرجل مال فيجحده قال: فان استحلفه فليس له أن يأخذ شيئا و ان تركه و لم يستحلفه فهو علي حقه «1» و هذه الرواية ضعيفة بخضر.

و منها ما رواه ابن وضاح قال كانت بيني و بين رجل من اليهود معاملة فخانني بألف درهم فقدمته الي الوالي فاحلفته فحلف و قد علمت انه حلف يمينا فاجرة فوقع له بعد ذلك عندي أرباح و دراهم كثيرة فاردت ان اقتص الألف درهم التي كانت لي عنده و احلف عليها فكتبت الي أبي الحسن عليه السلام فاخبرته اني قد احلفته فحلف و قد وقع له عندي مال فان امرتني أن آخذ منه الألف درهم التي حلف عليها فعلت، فكتب: لا تأخذ منه شيئا ان كان ظلمك فلا تظلمه و لو لا انك

______________________________

(1) الوسائل الباب 48 من أبواب الايمان الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 126

[كتاب إحياء الموات]

اشارة

كتاب احياء الموات المراد بالموات الارض المتروكة التي لا ينتفع بها اما لعدم المقتضي لإحيائها و اما لوجود المانع عنه كانقطاع الماء عنها أو استيلاء المياه او الرمول او الاحجار او السبخ عليها او نحو ذلك (1).

[مسألة 1: الموات علي نوعين]

(مسألة 1): الموات علي نوعين 1- الموات بالاصل و هو ما لم يعلم بعروض الحياة عليه أو علم عدمه كأكثر البراري و المفاوز و البوادي و سفوح الجبال و نحو ذلك 2- الموات بالعارض و هو ما عرض عليه الخراب و الموتان بعد الحياة و العمران (2).

______________________________

رضيت بيمينه فحلفته لأمرتك أن تأخذ من تحت يدك و لكنك رضيت بيمينه و قد ذهبت اليمين بما فيها فلم آخذ منه شيئا و انتهيت الي كتاب ابي الحسن عليه السلام «1» و هذه الرواية ضعيفة بحسن بن علي.

و منها ما رواه ابن خالد «2» و لكن هذه الرواية واردة في مورد خاص و لا اطلاق لها فاطلاق الحكم مبني علي الاحتياط.

(1) قال المحقق في الشرائع «و أما الموات فهو الذي لا ينتفع به لعطلته اما لانقطاع الماء عنه أو لاستيلاء الماء عليه أو لاستيجامه أو غير ذلك من موانع الانقطاع».

(2) الأمر كما أفاده فان الموات علي النوعين المذكورين.

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب كيفية الحكم الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 122

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 127

[مسألة 2: يجوز لكل أحد إحياء الموات بالأصل]

(مسألة 2): يجوز لكل احد احياء الموات بالاصل و الظاهر انه يملك به (1).

______________________________

(1) لجملة من الروايات منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله من أحيا ارضا مواتا فهو له «1».

فان المستفاد من هذا الحديث و اشباهه ان الموات من الأرض يملكه بالاحياء و بالفهم العرفي يفهم الاذن في الاحياء للمحيي فلا مجال لان يقال كون الاحياء مملكا اعم من كونه مأذونا فيه مضافا الي أن الجواز علي القاعدة بعد عدم كون الارض مملوكة لأحد من آحاد الناس نعم مقتضي جملة من

النصوص ان الموات ملك للإمام منها ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

الانفال ما لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب أو قوم صالحوا أو قوم اعطوا بأيديهم و كل أرض خربة و بطون الاودية فهو لرسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و هو للإمام من بعده يضعه حيث يشاء «2».

فان مقتضي هذه النصوص ان الموات ملك للإمام عليه السلام و ان ارض الموات من الانفال و عليه لا بد في جواز التصرف فيها من اذنه روحي فداه و لكن ينحل الاشكال بأن ما دل من النصوص علي ملكية الأرض بالاحياء يدل بالفهم العرفي علي جواز التصرف.

ان قلت الاذن في التصرف صادر من الامام السابق و المالك الفعلي الامام الموجود عجل اللّه تعالي فرجه الشريف فكيف ينحل الاشكال؟ قلت الظاهر من قوله عليه السلام من أحيا أرضا فهي له بيان الحكم الشرعي و الوظيفة المقررة لا التصدي للإذن المالكي الشخصي كي يتوجه هذا الاشكال اضف الي ذلك انه لا اشكال في

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب احياء الموات الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب الانفال الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 128

من دون فرق بين كون المحيي مسلما أو كافرا (1).

______________________________

جواز التصرف في هذه الأراضي بلا توقف علي الاذن و ربما يقال بأن الاحياء سبب للتملك و لو مع فرض عدم جواز التصرف لكن يشكل الالتزام بالاطلاق.

اولا انه لا يبعد أن يقال ان دليل كون الاحياء مملكا منصرف عن صورة عدم الاذن في التصرف و ثانيا انه يظهر من كلمات القوم في المقام ان اشتراطه بالاذن اجماعي قال في الجواهر «و اما ان اذنه شرط في تملك المحيا

فظاهر التذكرة الاجماع، بل عن الخلاف دعواه صريحا بل في جامع المقاصد لا يجوز لأحد الاحياء من دون اذن الامام عليه السلام و انه اجماعي عندنا و في التنقيح الاجماع علي أنها تملك اذا كان الاحياء باذن الامام عليه السلام و في المسالك أنه لا شبهة في اشتراط اذنه في احياء الموات فلا يملك بدونه اتفاقا» «1».

(1) لإطلاق جملة من النصوص الدالة علي أن الاحياء سبب للملك منها ما رواه محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام قال: ايما قوم احيوا شيئا من الارض او عمروها فهم احق بها «2».

فان مقتضي اطلاق هذه الرواية عدم الفرق بين كون المحيي مسلما أو غير مسلم مضافا الي ما دل عليه بالخصوص لاحظ ما رواه ابن مسلم قال: سألته عن الشراء من ارض اليهود و النصاري قال ليس به بأس الي أن قال و ايما قوم أحيوا شيئا من الأرض او عملوه فهم احق بها و هي لهم «3».

و أما حديث أبي خالد الكابلي عن أبي جعفر عليه السلام قال: وجدنا في كتاب علي عليه السلام ان الأرض للّه يورثها من يشاء من عباده و العاقبة للمتقين انا و اهل بيتي الذين اورثنا الارض و نحن المتقون و الارض كلها لنا فمن أحيا أرضا من

______________________________

(1) الجواهر ج 38 ص: 11

(2) الوسائل الباب 1 من احياء الموات الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 1 من احياء الموات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 129

______________________________

المسلمين فليعمرها فليئود خراجها الي الامام من اهل بيتي و له ما أكل منها الخ «1» فالمستفاد منه ان احياء المسلم يوجب التملك و لا يستفاد منه الاشتراط و بعبارة اخري لا مفهوم للرواية و لا تنافي

بين المثبتين.

و يمكن أن يقال ان المستفاد من حديث أبي سيار مسمع بن عبد الملك في حديث قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام اني كنت و ليت الغوص فاصبت أربعمائة الف درهم و قد جئت بخمسها ثمانين الف درهم و كرهت أن احبسها عنك و أعرض لها و هي حقك الذي جعل اللّه تعالي لك في اموالنا فقال: و ما لنا من الارض و اخرج اللّه منها الا الخمس يا أبا سيار الارض كلها لنا فما اخرج اللّه منها من شي ء فهو لنا قال قلت له: انا احمل إليك المال كله فقال لي يا أبا سيار قد طيبناه لك و حللناك منه فضم إليك مالك و كل ما كان في أيدي شيعتنا من الارض فهم فيه محللون و محلل لهم ذلك الي أن يقوم قائمنا فيجبيهم طسق ما كان في ايدي سواهم فان كسبهم من الارض حرام عليهم حتي يقوم قائمنا فيأخذ الارض من ايديهم و يخرجهم منها صغرة «2»، انه لا يجوز التصرف في الارض المملوكة للإمام عليه السلام الا لشيعته و لكن الظاهر ان الامر ليس كذلك فان حديث ابن مسلم يدل بوضوح ان الكافر يملك الارض بالاحياء و أيضا يظهر هذا المعني من حديث أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن شراء الارضين من اهل الذمة فقال: لا بأس بأن يشتريها منهم اذا عملوها و احيوها فهي لهم، و قد كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله حين ظهر علي خيبر و فيها اليهود خارجهم علي أن يترك الارض في أيديهم يعملونها و يعمرونها «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 4 من

الانفال الحديث: 12

(3) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 130

[مسألة 3: الموات بالعارض علي أقسام]

(مسألة 3): الموات بالعارض علي اقسام: الاول- ما لا يكون له مالك و ذلك كالأراضي الدارسة المتروكة و القري او البلاد الخربة و القنوات الطامسة التي كانت للأمم الماضية الذين لم يبق منهم احد بل و لا اسم و لا رسم أو أنها تنسب الي طائفة لم يعرف عنهم سوي الاسم الثاني- ما يكون له مالك مجهول و لم يعرف شخصه الثالث ما يكون له مالك معلوم أما القسم الاول فحاله حال الموات بالاصل و لا يجري عليه حكم مجهول المالك (1) و اما القسم الثاني ففي جواز احيائه و القيام بعمارته و عدمه و جهان المشهور هو الاول (2) و لكن

______________________________

فيقع التعارض بين الطرفين و لا يبعد أن يقال ان الترجيح مع حديث أبي سيار لكونه مخالفا مع العامة لكن الظاهر انه لا يختص الحكم بالشيعة فان السيرة جارية علي ترتيب الآثار الملكية علي الاراضي التي بايدي غير الشيعة و لو مع العلم بكون السبب للملكية الاحياء.

(1) اذ المفروض انه لا مالك لها كي يجري عليها حكم مجهول المالك فيكون كبقية الاراضي الموات و يجري عليه حكمها كما في المتن.

(2) يظهر من الجواهر ادعاء الاجماع علي كونها للإمام و يمكن الاستدلال علي كونها له عليه السلام بجملة من النصوص منها ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال الانفال ما لم يوجب عليه بخيل و لا ركاب او قوم صالحوا أو قوم اعطوا بأيديهم و كل ارض خربة و بطون الأودية فهو لرسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و هو للإمام من بعده يضعه حيث يشاء «1».

و

منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سمعه يقول ان

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الانفال الحديث 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 131

______________________________

الانفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة دم أو قوم صولحوا و اعطوا بأيديهم و ما كان من ارض خربة او بطون اودية فهذا كله من الفي ء و الانفال للّه و للرسول فما كان للّه فهو للرسول يضعه حيث يحب «1».

ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: الفي ء و الانفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة الدماء و قوم صولحوا و أعطوا بايديهم و ما كان من أرض خربة أو بطون أو دية فهو كله من الفي ء فهذا للّه و لرسوله فما كان للّه فهو لرسوله يضعه حيث شاء و هو للإمام بعد الرسول «2».

و منها ما رواه احمد بن محمد عن بعض اصحابنا رفع الحديث الي أن قال:

قال: و ما كان من فتح لم يقاتل عليه و لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب الا ان اصحابنا يأتونه فيعاملون عليه فكيف ما عاملهم عليه النصف او الثلث او الربع أو ما كان يسهم له خاصة و ليس لأحد فيه شي ء الا ما اعطاه هو منه و بطون الاودية و رءوس الجبال و الموات كلها هي له الخ «3».

و منها ما رواه اسحاق بن عمار قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الانفال فقال: هي القري التي قد خربت و انجلي اهلها فهي للّه و للرسول و ما كان للمملوك فهو للإمام و ما كان من الارض بخربة لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب و

كل ارض لا رب لها و المعادن منها و من مات و ليس له مولي فماله من الانفال 4.

و منها ما رواه محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: الانفال هو النفل و في سورة الانفال جدع الانف قال: و سألته عن الانفال فقال: كل أرض خربة او شي ء كان يكون للمملوك و بطون الاودية و رءوس الجبال و ما لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب فكل ذلك للإمام خالصا 5.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 12

(3) (3 و 4 و 5) نفس المصدر الحديث: 17 و 20 و 22

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 132

الاحوط فيه الفحص عن صاحبه و بعد اليأس عنه يعامل معه معاملة مجهول المالك فاما أن يشتري عينه من الحاكم الشرعي أو وكيله المأذون و يصرف ثمنه علي الفقراء و اما أن يستأجره منه باجرة معينة أو بقدر ما هو اجرة مثله و يتصدق بها علي الفقراء (1) هذا فيما اذا لم يعلم باعراض مالكه عنه و اما اذا علم به جاز احياؤه و تملكه بلا حاجة الي الاذن أصلا (2) و أما القسم الثالث فان أعرض عنه صاحبه

______________________________

فان مقتضي اطلاق هذه الروايات ان كل ارض خربة مملوك للإمام عليه السلام

(1) المعروف بينهم وجوب التصدق في مجهول المالك فما وجه الاشتراء من الحاكم و أيضا لا وجه للإجارة كما انه لا وجه للتقدير المذكور في العبارة و كيف كان يجري عليه حكم مجهول المالك من الفحص ثم التصدق أو وجوب الخمس علي اختلاف المسلك و الذي يختلج بالبال في هذه العجالة انه لا وجه للتوقف و الاحتياط بل مقتضي القاعدة انه باق في ملك مالكه

الا أن يقال: ان مقتضي عموم النصوص المشار اليها كونه للإمام الا ما خرج بالدليل ان قلت: النسبة بين هذه النصوص و دليل حكم المجهول مالكه العموم من وجه فيقع التعارض بين الدليلين قلت:

اولا: ان النصوص المشار اليها حاكمة علي دليل حكم مجهول المالك و تصرف في موضوعه و بعبارة واضحة: المستفاد من هذه النصوص ان الارض الخربة مملوكة للإمام عليه السلام فلا موضوع لدليل حكم مجهول المالك و ثانيا علي فرض التنزل نقول: العموم في بعض هذه النصوص بالوضع لاحظ ما رواه حفص و العموم الوضعي يقدم علي العموم الاطلاقي.

(2) اذا قلنا بأن الاعراض يوجب الخروج عن الملك فالامر كما افاده اذ

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 133

جاز لكل احد احياؤه (1) و ان لم يعرض عنه فان ابقاه مواتا للانتفاع به علي تلك الحال من حشيشه أو قصبه أو جعله مرعي لدوابه و انعامه أو انه كان عازما علي احيائه و انما اخر ذلك لانتظار وقت صالح له أو لعدم توفر الالات و الاسباب المتوقف عليها الاحياء و نحو ذلك فلا اشكال في عدم جواز احيائه لأحد و التصرف فيه بدون اذن مالكه و أما اذا علم ان ابقائه من جهة عدم الاعتناء به و انه غير قاصد لإحيائه فالظاهر جواز احيائه لغيره اذا كان سبب ملك المالك الاول الاحياء و ليس له انتزاعه من يد المحيي (2) و ان كان الاحوط انه لو رجع اليه

______________________________

بعد الخروج عن ملك المعرض يدخل في ملك الامام و يشملها اطلاق دليل مملكية الاحياء لكن الماتن لا يري الاعراض مخرجا و عليه فلا ندري ما الوجه في التفصيل و اللّه العالم.

(1) أما علي القول بكون الاعراض مخرجا عن

الملك فالامر ظاهر اذ علي هذا التقدير يشمله دليل مملكية الاحياء و أما علي فرض عدم الالتزام بكون الاعراض مخرجا عن الملكية فلا بد من اقامة دليل علي جواز الاحياء و كونه مملكا اذ دليل الاحياء لا يشمل املاك الناس و بعبارة اخري قوله عليه السلام: «من أحيا ارضا فهي له» لا يقتضي تملك املاك الناس بالاحياء فلا بد من التماس دليل آخر و لعله نتعرض لدليله في ذيل الكلام فانتظر.

(2) بلا كلام لان المفروض بقاء الارض في ملكه و لم يعرض عنها و يريد الانتفاع بها ان قلت مقتضي اطلاق دليل مملكية الاحياء صيرورة الارض مملوكة للمحيئ و ان كانت الارض مملوكة للغير لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 134

______________________________

قال رسول اللّه صلي اللّه عليه السلام من أحيا أرضا مواتا فهو له «1» فان اطلاق الحديث يشمل المقام.

قلت لا يبعد أن يقال ان المستفاد من الحديث بحسب الفهم العرفي ان الاحياء يوجب ملكية الأرض التي لا تكون مملوكة للغير هذا بحسب القاعدة الأولية لكن قد ورد في المقام نصوص لا بد من ملاحظتها:

منها ما رواه سليمان خالد قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يأتي الارض الخربة فيستخرجها و يجري أنها رها و يعمرها و يزرعها ما ذا عليه؟ قال:

الصدقة قلت: فان كان يعرف صاحبها قال فليئود اليه حقه «2» فان المستفاد من هذه الرواية ان الأرض تختص بمالكها و لا تصير مملوكة لمن احياها.

و منها ما رواه معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

ايما رجل أتي خربة بائرة فاستخرجها و كري أنهارها و عمرها فان عليه فيها الصدقة فان

كانت أرض لرجل قبله فغاب عنها و تركها و اخرجها ثم جاء بعد يطلبها فان الأرض للّه و لمن عمرها «3».

فان مقتضي هذه الرواية التفصيل بأن المالك الاول ان ترك الأرض و اخرجها فان المحيي لها أحق و تكون مملوكة لمن أحياها و بقانون تقييد المطلق بالمقيد يقيد الحديث الاول بالحديث الثاني فتكون النتيجة التفصيل.

و يؤكّد المدعي بل يدل عليه ما رواه عمر بن يزيد قال سمعت رجلا من أهل الجبل يسأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أخذ ارضا مواتا تركها اهلها فعمرها

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب احياء الموات الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب احياء الموات الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 135

المالك الاول ان يعطي حقه اليه و لا يتصرف فيه بدون اذنه (1) و أما اذا كان سبب ملكه غير الاحياء من الشراء أو الارث فالاحوط عدم جواز احيائه لغيره و التصرف فيه بدون اذنه و لو تصرف فيه بزرع او نحوه فعليه اجرته لمالكه علي الاحوط (2).

[مسألة 4: كما يجوز إحياء البلاد القديمة الخربة و القري الدارسة التي باد أهلها كذلك يجوز حيازة موادها و أجزائها الباقية]

(مسألة 4): كما يجوز احياء البلاد القديمة الخربة و القري الدارسة التي باد اهلها كذلك يجوز حيازة موادها و أجزائها الباقية من الاخشاب و الاحجار و الاجر و ما شاكل ذلك و يملكها الحائز اذا اخذها بقصد التملك (3).

______________________________

و كري أنهارها و بني فيها بيوتا و غرس فيها نخلا و شجرا قال: فقال أبو عبد اللّه عليه السلام كان امير المؤمنين عليه السلام يقول من أحيا أرضا من المؤمنين فهي له و عليه طسقها يؤديه الي الامام في حال الهدنة فاذا ظهر القائم فليوطن نفسه علي أن تؤخذ منه «1» فان المستفاد من هذه الرواية ما

يستفاد من حديث ابن وهب.

(1) لا اشكال في حسن الاحتياط.

(2) مقتضي اطلاق حديثي ابن وهب و ابن يزيد عدم الفرق بين كون سبب ملك الأول الاحياء و بين ما يكون سببه غير الاحياء من بقية الاسباب لكن علي ما يظهر من الجواهر ادعي الاجماع علي بقاء الملك اذا كان سبب ملك المالك الاول غير الاحياء و الظاهر ان هذه الدعوي أوجبت الاحتياط المذكور في كلام الماتن و لا اشكال في حسن الاحتياط.

(3) بتقريب انه لو لم يكن لها مالك تدخل في المباحات الاصلية فيجوز تملكها

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الانفال الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 136

[مسألة 5: الأراضي الموقوفة التي طرأ عليها الموتان و الخراب علي أقسام]

(مسألة 5): الاراضي الموقوفة التي طرأ عليها الموتان و الخراب علي اقسام

1- ما لا يعلم كيفية وقفها اصلا و انها وقف خاص او عام او أنها وقف علي الجهات او علي أقوام.

2- ما علم أنها وقف علي اقوام و لم يبق منهم أثر او علي طائفة لم يعرف منهم سوي الاسم خاصة.

3- ما علم انها وقف علي جهة من الجهات و لكن تلك الجهة غير معلومة انها مسجد او مدرسة او مشهد او مقبرة او غير ذلك.

4- ما علم انها وقف علي اشخاص و لكنهم غير معلومين باشخاصهم و اعيانهم كما اذا علم ان مالكها وقفها علي ذريته مع العلم بوجودهم فعلا.

5- ما علم انها وقف علي جهة معينة او اشخاص معلومين باعيانهم.

6- ما علم اجمالا بأن مالكها قد وقفها و لكن لا يدري انه وقفها علي مدرسته المعينة او علي ذريته المعلومين بأعيانهم و لم يكن طريق

______________________________

ان قلت بعد فرض عدم المالك لها تدخل في مملوكات الامام عليه السلام فانه وارث من لا وارث له قلت

لا يبعد أن تكون السيرة جارية علي تملك الامور المذكورة بلا نكير فتكون ممضاة عند الشارع هذا ما يخطر ببالي القاصر في هذه العجالة في شرح كلام الماتن و اللّه الهادي الي سواء السبيل.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 137

شرعي لإثبات وقفها علي احد الامرين.

أما القسم الاول و الثاني فالظاهر انه لا اشكال في جواز احيائهما لكل احد و يملكهما المحيي فحالهما من هذه الناحية حال سائر الاراضي الموات (1).

______________________________

(1) تارة نقول بأن الوقف مطلقا لا يرجع الي ملك الواقف او ورثته بتقريب ان الوقف قوامه بالتأبيد و لا يتصور فيه الانقطاع و بعبارة الاخري لا يمكن انتفاء الموقوف عليه بالكلية فاذا فرض انتفاء مرتبة تصل النوبة الي المرتبة الاخري و اخري نقول بأنه يتصور فيه الانقطاع اما في الفرض الاول فلا مجال لما افيد في المتن من جواز التملك اذ علي هذا الفرض العين الموقوفة باقية علي وقفيتها و لها موقوف عليه و مع بقاء العين علي الوقفية و فرض وجود الموقوف عليه لا مجال لتملكها بل لا بد من احراز الموقوف عليه بطريق شرعي كالقرعة مثلا و صرف الموقوفة في ذلك المصرف.

و قال السيد اليزدي قدس سره في ملحقات عروته في مسئلة 29 من مسائل كتاب الوقف «اذا كان وقف لم يعلم مصرفه من جهة الجهل به او نسيانا من الاول أو في الاثناء لم يحكم ببطلانه بلا اشكال و حينئذ فبعد اليأس عن ظاهر الحال ان كان الترديد مع انحصار الاطراف يوزع عليهم او يقرع بينهم و ان كان مع عدم الانحصار فان كان الترديد بين الجماعات الغير المحصورين كأن لم يعلم أنه وقف علي الفقراء أو الفقهاء أو علي أولاد زيد أو

اولاد عمرو و هكذا، جري عليه حكم المال المجهول مالكه من التصدق و نحوه ففي خبر علي بن راشد» الي آخر كلامه.

فالنتيجة: انه لا مجال للتملك بالاحياء و نحوه و اما خبر علي بن راشد قال:

سألت أبا الحسن عليه السلام قلت: جعلت فداك اشتريت أرضا الي جنب ضيعتي

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 138

و أما القسم الثالث فالمشهور جواز احيائه و لكنه لا يخلو من اشكال فالاحوط لمن يقوم باحيائه و عمارته بزرع أو نحوه ان يراجع الحاكم الشرعي أو وكيله و يدفع اجرة مثله اليه أو يصرفها في وجوه البر و له أن يشتريه منه أو يستأجره باجرة معينة (1) و كذلك الحال في القسم

______________________________

بألفي درهم فلما و فرت المال خبرت ان الارض وقف فقال: لا يجوز شراء الوقوف و لا تدخل الغلة في ملكك ادفعها الي من اوقفت عليه قلت: لا أعرف لها ربا قال:

تصدق بغلتها «1» فضعيف بكلا سنديه.

مضافا الي عدم وضوح مضمونه لان الامام روحي فداه بمقتضي هذا الحديث امر بدفع الارض الي من اوقفت عليه و بعد أن قال الراوي لا أعرف لها ربا أمر عليه السلام بتصدق غلتها و الحال ان الظاهر ان الارض الموقوفة لا بد من اجارتها و صرف الاجرة في الموقوف عليه و أما غلة الارض فباي ميزان يتصدق بها و بعبارة اخري تكون الغلة مملوكة لمن يزرعها و اللّه العالم.

هذا علي تقدير القول بعدم الانقطاع و أما لو قلنا بامكان الانقطاع فان قلنا برجوع الوقف الي الواقف ان كان و الي وارثه ان لم يكن فعلي تقدير وجوده او وارثه لا بد من دفعها اليه فلا تصل النوبة الي التملك نعم علي هذا التقدير لو فرض

عدم الواقف و عدم وارث له تدخل الارض في الاموال المملوكة للإمام فيجوز تملكها بالاحياء.

فتحصل مما تقدم انه لا تصل النوبة الي الاحياء لا في القسم الاول و لا في القسم الثاني الا علي القول برجوع الوقف الي ملك الواقف أو وارثه في صورة انتفاء الموقوف عليه و انتقاله الي الامام في فرض عدم الواقف و وارثه.

(1) الذي يختلج بالبال ان الوظيفة في مثله القرعة و تشخيص الموقوف عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من احكام الوقوف الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 139

الرابع (1) و أما القسم الخامس فيجب علي من احياه و عمره أجرة مثله و يصرفها في الجهة المعينة اذا كان الوقف عليها و يدفعها الي الموقوف عليهم المعينين اذا كان الوقف عليهم و يجب أن يكون التصرف باجازة المتولي او الموقوف عليهم (2).

و أما السادس فيجب علي من يقوم بعمارته و احيائه اجرة مثله و صرفها في الجهة المعينة باجازة من الذرية كما انه يجب عليه أن يستأذن منهم و من المتولي لتلك الجهة ان كان و الا فمن الحاكم الشرعي أو وكيله (3).

______________________________

و ببالي ان سيدنا الاستاد أجاب في جواب استفتاء كان نظير المقام بلزوم القرعة و علي كل حال الظاهر ان المقام مقام القرعة و لا وجه للتملك بالاحياء مع حرمة التصرف في الوقف و عدم شمول دليل الاحياء الارض المملوكة كما انه لا اري وجها لما افيد في المتن من الوجوه المذكورة.

(1) و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان مقتضي القاعدة في هذه الصورة أن يؤجر الوقف باذن الحاكم و تدفع الاجرة صدقة عن الموقوف عليه بناء علي أن مجهول المالك مصرفه التصدق عن المالك و لا اري وجها للاشتراء

و لا الصرف في وجوه البر.

(2) الظاهر ان حكم هذا القسم ظاهر فانه يجوز التصرف فيها باذن المتولي أو الموقوف عليهم اذ المفروض انها وقف عليهم فامرها راجع اليهم.

(3) الظاهر ان الوظيفة فيه التوسل بالقرعة و تشخيص الموقوف عليه و بعد تشخيصه و احرازه يعمل علي طبق الوظيفة من المراجعة الي المتولي ان كان او

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 140

[مسألة 6: من أحيا أرضا مواتا تبعها حريمها بعد الإحياء]

(مسألة 6): من أحيا ارضا مواتا تبعها حريمها بعد الاحياء و حريم كل شي ء مقدار ما يتوقف عليه الانتفاع به و لا يجوز لأحد أن يحيي هذا المقدار بدون رضا صاحبه (1) فحريم الدار عبارة عن مسلك

______________________________

الموقوف عليه ان كان قابلا للرجوع اليه او الي الحاكم او وكيله و اللّه العالم و عليه التوكل و التكلان.

(1) بلا خلاف اجده- كما في الجواهر- مضافا الي أنه لو لم يعتبر الحريم لا يترتب علي الملك الفائدة المترقبة و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه محمد بن عبد اللّه قال سألت الرضا عليه السلام عن الرجل تكون له الضيعة و تكون لها حدود تبلغ حدودها عشرين ميلا او أقلّ أو اكثر يأتيه الرجل فيقول: أعطني من مراعي ضيعتك و اعطيك كذا و كذا درهما فقال: اذا كانت الضيعة له فلا بأس «1».

فان هذه الرواية ان كانت دالة علي جواز بيع مراعي الضيعة فدلالتها علي المدعي واضحة اذ عليه تكون دليلا علي كون المرعي مملوكا لمالك الضيعة و ان لم تكن دالة علي الملكية فلا اشكال في دلالتها علي اولوية صاحب الضيعة بالمراعي و انه لا يجوز مزاحمته فيها.

و يدل علي الملكية بوضوح ما رواه ادريس بن زيد عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته و قلت: جعلت فداك

ان لنا ضياعا و لنا حدود و لنا الدواب و فيها مراعي و للرجل منا غنم و ابل و يحتاج الي تلك المراعي لإبله و غنمه أ يحل له أن يحمي المراعي لحاجته اليها، فقال: اذا كانت الارض أرضه فله أن يحمي و يصير ذلك الي ما يحتاج اليه قال: و قلت له: الرجل يبيع المراعي فقال اذا كانت الارض أرضه فلا بأس «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب احياء الموات الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 22 من أبواب عقد البيع و شروطه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 141

الدخول اليها و الخروج منها في الجهة التي يفتح اليها باب الدار و مطرح ترابها و رمادها و مصب مائها و ثلوجها و ما شاكل ذلك (1) و حريم حائط البستان و نحوه مقدار مطرح ترابه و الالات و الطين و الجص اذا احتاج الي الترميم و البناء (2) و حريم النهر مقدار مطرح ترابه و طينه اذا احتاج الي الاصلاح و التنقية و المجاز علي حافتيه للمواظبة عليه (3).

______________________________

بل لا ببعد أن يقال ان دليل تحقق الملكية بالاحياء يقتضي ملكية المرعي باحياء الأرض بتقريب ان احياء كل شي ء بحسبه فان المرعي يحيي بايجاد الضيعة فلاحظ.

(1) قال في الجواهر: «و حريم الحائط في المباح مقدار مطرح ترابه و آلاته بلا خلاف اجده فيه بل في التذكرة عندنا مشعرا بدعوي الاجماع عليه نظرا الي امساس الحاجة اليه لو استهدم» انتهي «1».

و حيث ان حكم الامثال واحد يمكن أن يقال: ان الحكم في المقام اجماعي أيضا لوحدة الملاك و هو امساس الحاجة الي الحريم و عدم نص خاص في الحائط و يمكن أن يستدل علي المدعي بأن دليل الأحياء

بنفسه يقتضي ذلك اذ لو فرض الاحتياج فلازم كون الأحياء مملكا في المباح جعل الحريم للمحيي فالحريم اما ملك للمحيي و اما يكون للمحيي الاولوية بالنسبة اليه.

(2) الكلام فيه هو الكلام و تقدم ما عن الجواهر.

(3) الكلام فيه هو الكلام قال في الجواهر «و حريم الشرب بكسر اوله الذي هو هنا النهر و القناة و نحوهما بمقدار مطرح ترابه و المجاز علي حافتيه للانتفاع به و لا صلاحه علي قدر ما يحتاج اليه عادة بلا خلاف أجده فيه و يؤمي اليه مضافا الي أنه المحتاج اليه في تنقيته لإجراء مائه مرفوع ابراهيم بن هاشم رفعه قال حريم

______________________________

(1) الجواهر ج 38. ص: 46

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 142

و حريم البئر موضع وقوف النازح اذا كان الاستقاء منها باليد و موضع تردد البهيمة و الدولاب و الموضع الذي يجتمع فيه الماء للزرع أو نحوه و مصبه و مطرح ما يخرج منها من الطين عند الحاجة و نحو ذلك (1) و حريم العين ما تحتاج اليه في الانتفاع منها علي نحو ما مر في غيرها (2) و حريم القرية ما تحتاج اليه في حفظ مصالحها و مصالح اهلها من مجمع ترابها و كناستها و مطرح سمادها و رمادها و مجمع اهاليها لمصالحهم و مسيل مائها و الطرق المسلوكة منها و اليها و مدفن موتاهم و مرعي ماشيتهم و محتطبهم و ما شاكل ذلك كل ذلك بمقدار حاجة القرية بحيث لو زاحمهم مزاحم لوقعوا في ضيق و حرج و هي تختلف باختلاف سعة

______________________________

النهر حافتاه و ما يليها «1».

(1) قال الشهيد الثاني قدس سره في المسالك- علي ما نقل عنه-: «و بسبب اختلاف الروايات و عدم صحتها جعل بعضهم حريم

البئر ما يحتاج اليه في السقي منها و موضع وقوف النازح و الدولاب و تردد البهائم و مصب الماء و الموضع الذي تجتمع فيه سقي الماشية و الزرع من حوض و غيره و الموضع الذي يطرح فيه ما يخرج منه بحسب العادة» انتهي موضع الحاجة من كلامه رفع مقامه.

و ملخص الكلام انه بعد ما علم من الشارع المقدس اعتبار الحريم نلتزم به في كل مورد بحسبه بل تقدم ان نفس دليل ملكية الاحياء تقتضي اعتبار الحريم فلاحظ.

(2) الكلام في المقام هو الكلام و الميزان هو المتعارف و ما يحتاج اليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب احياء الموات الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 143

القري و ضيقها و كثرة اهليها و قلتهم و كثرة مواشيها و دوابها و قلتها و هكذا و ليس لذلك ضابط غير ذلك و ليس لأحد أن يزاحم اهاليها في هذه المواضع (1) و حريم المزرعة ما يتوقف عليه الانتفاع منها و يكون من مرافقها كمسالك الدخول اليها و الخروج منها و محل بيادرها و حظائرها و مجتمع سمادها و نحو ذلك (2).

[مسألة 7: الأراضي المنسوبة إلي طوائف العرب و العجم و غيرهم لمجاورتها لبيوتهم و مساكنهم من دون تملكهم لها بالإحياء باقية علي اباحتها الأصلية]

(مسألة 7): الاراضي المنسوبة الي طوائف العرب و العجم و غيرهم لمجاورتها لبيوتهم و مساكنهم من دون تملكهم لها بالاحياء باقية علي اباحتها الاصليه (3) فلا يجوز لهم منع غيرهم من الانتفاع بها و لا يجوز لهم أخذ الاجرة ممن ينتفع بها (4) و اذا قسموها فيما بينهم لرفع التشاجر و النزاع لا تكون القسمة صحيحة فيجوز لكل من المتقاسمين التصرف فيما يختص بالاخر بحسب القسمة (5) نعم اذا كانوا يحتاجون اليها لرعي الحيوان او نحو ذلك كانت من حريم

______________________________

فلاحظ.

(1) بعين التقريب المتقدم فان حكم الأمثال واحد.

(2) فان الحريم

يعتبر بمقدار الحاجة و هذا يختلف بحسب اختلاف الموارد.

(3) اذ فرض عدم تحقق سبب الملكية فهي باقية علي اباحتها الأصلية.

(4) لعدم اختصاصها بهم بل الكل فيها سواء فلا مجال للمنع كما لا مجال لأخذ الاجرة.

(5) اذ لا معني لقسمة المباحات.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 144

املاكهم و لا يجوز لغيرهم مزاحمتهم و تعطيل حوائجهم (1).

[مسألة 8: للبئر حريم آخر]

(مسألة 8): للبئر حريم آخر و هو أن يكون الفصل بين بئر و بئر اخري بمقدار لا يكون في احداث البئر الثانية ضرر علي الاولي من جذب مائها تماما او بعضا او منع جريانه من عروقها و هذا هو الضابط الكلي في جميع اقسامها (2).

______________________________

(1) اذ لا يجوز التصرف في الحريم كما مر.

(2) يمكن الاستدلال علي المدعي بأن الإضرار علي الغير حرام فكل ما يكون مصداقا للأضرار يكون حراما فالضابط تحقق عنوان الإضرار و يدل علي المدعي مكاتبة محمد بن الحسين قال: كتبت الي أبي محمد عليه السلام: رجل كانت له رحي علي نهر قرية و القرية لرجل فاراد صاحب القرية أن يسوق الي قريته الماء في غير هذا النهر و يعطل هذه الرحي أله ذلك أم لا؟ فوقع عليه السلام يتقي اللّه و يعمل في ذلك بالمعروف و لا يضر أخاه المؤمن «1».

و قد وردت نصوص في بيان حد حريم البئر منها ما رواه حماد بن عثمان قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: حريم البئر العارية اربعين ذراعا حولها «2» و منها ما رواه عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يكون بين البئرين اذا كانت أرضا صلبة خمس مأئة ذراع و ان كانت أرضا رخوة فألف ذراع «3».

و منها ما رواه محمد بن علي

بن الحسين قال قضي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ان البئر حريمها اربعون ذراعا لا يحفر الي جانبها بئر اخري لعطن او غنم «4»

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من ابواب احياء الموات الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب احياء الموات الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 145

[مسألة 9: للعين و القناة أيضا حريم آخر]

(مسألة 9): للعين و القناة أيضا حريم آخر و هو أن يكون الفصل بين عين و عين اخري و قناة و قناة ثانية في الارض الصلبة خمسمائة ذراع و في الارض الرخوة ألف ذراع و لكن الظاهر ان هذا التحديد غالبي حيث ان الغالب يندفع الضرر بهذا المقدار من البعد و ليس تعبديا و عليه فلو فرض ان العين الثانية تضر بالاولي و ينقص ماؤها مع هذا البعد فالظاهر عدم جواز احداثها و لا بد من زيادة البعد بما يندفع به الضرر أو يرضي به مالك الاولي كما انه لو فرض عدم لزوم الضرر عليها في احداث قناة اخري في أقلّ من هذا البعد فالظاهر جوازه بلا حاجة الي الاذن من صاحب القناة الاولي (1) و لا فرق في ذلك

______________________________

و هذه النصوص كلها ضعيفة سندا و منها غيرها المذكور في الباب 11 من أبواب احياء الموات من الوسائل.

(1) قد وردت في بيان حد حريم العين عدة روايات منها ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال ما بين بئر المعطن الي بئر المعطن أربعون ذراعا و ما بين بئر الناضح الي بئر الناضح ستون ذراعا و ما بين العين الي العين يعني القناة خمسمائة ذراع و الطريق يتشاح

عليه اهله فحده سبع اذرع «1» و هذه الرواية ضعيفة.

و منها مرسل محمد بن حفص عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن قوم كانت لهم عيون في ارض قريبة بعضها من بعض فاراد رجل ان يجعل عينه اسفل من موضعها الذي كانت عليه و بعض العيون اذا فعل بها ذلك اضر بالبقية من العيون و بعضها لا يضر من شدة الأرض قال: فقال: ما كان في مكان شديد

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 146

بين احداث قناة في الموات و بين احداثها في ملكه فكما يعتبر في الاول أن لا يكون مضرا بالاولي فكذلك في الثاني كما ان الامر كذلك في الآبار و الانهار التي تكون مجاري للماء فيجوز احداث بئر يجري فيها الماء من منبعها قرب بئر اخري كذلك و كذلك احداث نهر قرب آخر و ليس لمالك الاول منعه الا اذا استلزم ضررا فعندئذ يجوز منعه (1).

______________________________

فلا يضر و ما كان في أرض رخوة بطحاء فانه يضر، و ان عرض رجل علي جاره ان يضع عينه كما وضعها و هو علي مقدار واحد قال: ان تراضيا فلا يضر و قال يكون بين العينين ألف ذراع «1» و هذه الرواية ضعيفة أيضا.

و منها مكاتبة محمد بن الحسن (الحسين) قال كتبت الي أبي محمد عليه السلام رجل كانت له قناة في قرية فاراد رجل أن يحفر قناة اخري الي قرية له كم يكون بينهما في البعد حتي لا تضر احداهما بالاخري في الأرض اذا كانت صلبة أو رخوة فوقع عليه السلام: علي حسب أن لا تضر احداهما بالاخري ان شاء اللّه «2».

و هذه الرواية كما تري جعلت ميزان الجواز عدم

الإضرار فالضابط كما في المتن في الحرمة و الجواز تحقق الإضرار و عدمه ففي صورة تحقق الإضرار يحرم و الا يجوز.

(1) اذ الميزان في الحرمة و عدمها تحقق الاضرار و عدمه فلا فرق بين احداث القناة في الموات و بين احداثها في الملك الشخصي فانه علي تقدير الاضرار حرام كما ان الامر كذلك في الآبار و الانهار كما في المتن فان حكم الامثال واحد فان المستفاد من حديث محمد بن الحسين (الحسن) «3» ان الميزان الكلي انه علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من احياء الموات الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 14 من احياء الموات الحديث: 1

(3) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 147

[مسألة 10: يجوز إحياء الموات التي في أطراف القنوات و الآبار]

(مسألة 10): يجوز احياء الموات التي في اطراف القنوات و الآبار في غير المقدار الذي يتوقف عليه الانتفاع منها فان اعتبار البعد المذكور في القنوات و الآبار انما هو بالاضافة الي احداث قناة او بئر اخري (1).

[مسألة 11: إذا لم تكن الموات من حريم العامر و مرافقه علي النحو المتقدم جاز إحياؤها لكل احد]

(مسألة 11): اذا لم تكن الموات من حريم العامر و مرافقه علي النحو المتقدم جاز احياؤها لكل احد و ان كانت بقرب العامر و لا تختص بمن يملك العامر و لا اولوية له (2).

[مسألة 12: الظاهر أن الحريم مطلقا ليس ملكا لمالك ما له الحريم]

(مسألة 12): الظاهر ان الحريم مطلقا ليس ملكا لمالك ما له الحريم سواء كان حريم قناة او حريم بئر او حريم قرية او حريم دار او نهر او غير ذلك (3) و انما لا يجوز لغيره مزاحمته فيه باعتبار انه من

______________________________

تقدير الاضرار لا يجوز و يجوز منعه كما انه مع عدم الاضرار يجوز و لا يجوز منعه.

(1) لوجود المقتضي و عدم المانع و بعبارة اخري يجوز احياء الموات علي الاطلاق و لا يقيد بقيد الا مع عروض عنوان ثانوي.

(2) لعدم ترجيح احد علي الاخر بل يجوز الاحياء لكل احد بمقتضي اطلاق الدليل و لا دليل علي الاختصاص بما لك العامر.

(3) بتقريب انه لا دليل علي ملكيته فان المملك الاحياء و المفروض انه لم يتعلق بالحريم فالحريم لا يكون مملوكا للمحيي و يمكن أن يقال ان احياء كل شي ء بحسبه مثلا هل يمكن أن يقال ان صحن الدار ليس مملوكا للمحيي بتقريب ان الاحياء لم يتعلق به فلا يبعد أن يقال: ان الحريم متعلق للأحياء و الحق ان المرجع العرف فان صدق عرفا انه احياه يكون ملكا و الا فلا.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 148

متعلقات حقه (1).

[مسألة 13: لا حريم للأملاك المتجاورة]

(مسألة 13): لا حريم للأملاك المتجاورة مثلا لو بني المالكان المتجاوران حائطا في البين لم يكن له حريم من الجانبين و كذا لو بني احدهما في نهاية ملكه حائطا او غيره لم يكن له حريم في ملك الاخر (2).

[مسألة 14: يجوز لكل مالك أن يتصرف في ملكه بما شاء ما لم يستلزم ضررا علي جاره]

(مسألة 14): يجوز لكل مالك أن يتصرف في ملكه بما شاء ما لم يستلزم ضررا علي جاره و الا فالظاهر عدم جوازه كما اذا تصرف في ملكه علي نحو يوجب خللا في حيطان دار جاره او حبس ماء في ملكه بحيث تسري الرطوبة الي بناء جاره او احدث بالوعة أو كنيفا بقرب بئر الجار فأوجب فساد مائها او حفر بئرا بقرب بئر جاره فاوجب نقصان مائها و الظاهر عدم الفرق بين أن يكون النقص مستندا الي

______________________________

و لو وصلت النوبة الي الشك يكون مقتضي الاصل عدم تحقق الملكية و حديث ادريس بن زيد عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته و قلت: جعلت فداك ان لنا ضياعا و لنا حدود و لنا الدواب و فيها مراعي و للرجل منا غنم و ابل و يحتاج الي تلك المراعي لإبله و غنمه، أ يحل له أن يحمي المراعي لحاجته اليها فقال اذا كانت الأرض ارضه فله أن يحمي و يصير ذلك الي ما يحتاج اليه قال: و قلت له: الرجل يبيع المراعي، فقال: اذا كانت الارض ارضه فلا بأس «1»، دال علي ملكية الحريم لكن السند مخدوش.

(1) كما مر تقريب عدم الجواز.

(2) كما هو ظاهر فان الحريم يتصور في المباحات و أما املاك الناس فلا تصير

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أبواب عقد البيع الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 149

جذب البئر الثانية لماء الاولي و ان يكون مستندا الي

كون الثانية اعمق من الاول (1) نعم لا مانع من تعلية البناء و ان كانت مانعة عن الاستفادة من الشمس او الهواء (2).

[مسألة 15: إذا لزم من تصرفه في ملكه ضرر معتد به علي جاره و لم يكن مثل هذا الضرر أمرا متعارفا فيما بين الجيران]

(مسألة 15): اذا لزم من تصرفه في ملكه ضرر معتد به علي جاره و لم يكن مثل هذا الضرر أمرا متعارفا فيما بين الجيران لم يجز له التصرف فيه (3) و لو تصرف وجب عليه رفعه هذا اذا لم يكن في ترك

______________________________

حريما لملك آخرين و ان شئت قلت: الدليل الدال علي اعتبار الحريم يختص بالمملوك الحادث في المباح و في غيره لا دليل فلا مجال لاعتبار الحريم في غيره.

(1) قد مر ان المستفاد من النص عدم جواز الاضرار و لا يعارضه دليل، اذ قاعدة تسلط الناس علي أموالهم «1» مع ضعف مدركها لا يقتضي جواز الاضرار بالغير و بعبارة اخري ليس لأحد ان يتصرف في ماله بحيث يضر بغيره و أما حديث لا ضرر فعلي تقدير جريانه و الالتزام بكون مفاده النفي لا النهي لا يشمل مورد الاضرار بالغير فالحق ما أفاده في المتن من عدم الجواز في صورة الاضرار.

(2) يمكن أن يكون الوجه فيه ان تعلية البناء المانع ليس مصداقا للإضرار بل ايجاد مانع عن الانتفاع و هذا لا دليل علي حرمته و يمكن أن يكون الوجه في الجواز التعارف الخارجي و جريان السيرة عليه التي تدل علي جوازه شرعا.

و لا يبعد تحقق السيرة، و أما الوجه الاول فيرد فيه انه لا اشكال في صدق الاضرار و هذا العرف و العقلاء ببابك فهل يكون قطع جريان الماء او تقليله ضررا و لا يكون قطع جريان الهواء و الاستفادة عن الشمس ضررا؟ فتأمل.

(3) اذ قلنا ان المستفاد من الدليل عدم جواز الاضرار

بالغير سيما الجار الذي

______________________________

(1) بحار الأنوار ج 2 ص 272

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 150

التصرف ضرر علي المالك (1) و أما اذا كان في تركه ضرر عليه ففي جواز تصرفه عندئذ و عدمه وجهان و الاحتياط في ترك التصرف لا يترك (2) كما ان الاحوط ان لم يكن اقوي ضمانه للضرر الوارد علي جاره اذا كان مستندا اليه عرفا مثلا لو حفر بالوعة في داره تضر ببئر جاره وجب عليه طمها الا اذا كان فيه ضرر علي المالك و عندئذ ففي وجوب طمها و عدمه اشكال و الاحتياط لا يترك (3) نعم الظاهر عدم

______________________________

يتأكد الحكم بالنسبة اليه بمقتضي النصوص التي سيمر عليك بعضها إن شاء اللّه هذا فيما لا يكون متعارفا و أما مع التعارف الخارجي و جريان السيرة عليه فيمكن الالتزام بالجواز من باب كونه مأذونا فيه من قبل الشارع بمقتضي السيرة و عدم الاستنكار.

(1) كما هو ظاهر فانه لا يجوز بقاء كما لم يكن جائزا حدوثا.

(2) ربما يقال بأن حديث لا ضرر يقتضي الجواز فان مقتضاه عدم حرمة الاضرار في صورة تضرر المكلف بالترك.

و فيه ان الاستدلال بالقاعدة يتوقف علي تمامية القاعدة للاستدلال و أما علي تقدير عدم تماميتها كما هو كذلك علي مسلك شيخ الشريعة قدس سره فلا مجال للاستدلال هذا اولا و ثانيا ان احد الضررين يعارض بالاخر و لا ترجيح.

و ربما يقال ان دليل حرمة الاضرار منصرف عن الصورة المفروضة فلا يحرم.

و فيه انه لا وجه للانصراف فالحق حرمة الاضرار حتي في هذه الصورة.

(3) فان اتلاف مال الغير يوجب الضمان و العجب ان الماتن جمع بين قوله «و الاحتياط لا يترك في ترك التصرف» و بين قوله «ان لم يكن

اقوي» في المقام اذ لو كان الفعل جائزا لا يكون موجبا للضمان و بعبارة اخري اذا كان التصرف عن

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 151

جريان هذا الحكم لو كان حفر البئر متأخرا عن حفر البالوعة (1).

[مسألة 16: من سبق من المؤمنين إلي أرض ذات اشجار و قابلة للانتفاع بها ملكها]

(مسألة 16): من سبق من المؤمنين الي ارض ذات اشجار و قابلة للانتفاع بها ملكها (2) و لا يتحقق السبق اليها الا بالاستيلاء عليها و صيرورتها تحت سلطانه و خروجها من امكان استيلاء غيره عليها (3).

[مسألة 17: قد حث في الروايات الكثيرة علي رعاية الجار و حسن المعاشرة مع الجيران]

(مسألة 17): قد حث في الروايات الكثيرة علي رعاية الجار و حسن المعاشرة مع الجيران و كف الاذي عنهم و حرمة ايذائهم (4).

______________________________

حق فلا وجه للضمان و ان لم يكن جائزا فاللازم هو الضمان فلا معني للجمع بين الاحتياط و الترديد و بين الجزم فلاحظ.

(1) بتقريب انه لا يصدق الضرر بل عدم النفع و الميزان الكلي صدق الاضرار عرفا و بعبارة اخري اذا كان حفر البئر متأخرا عن احداث البالوعة يصدق ان فلانا احدث بئرا في موضع لا ينفعه و لا يصدق ان بكرا يضر به و هذا العرف ببابك و لتوضيح المدعي نقول لو كان احداث البئر الاول مؤثرا في قلة ماء البئر الثاني هل يمكن أن يقال بأن مالك البئر الاول مضار باحداثه البئر الاول و هل يجب عليه طم بئره؟ كلا.

(2) فانه لا اشكال عندهم في ثبوت حق السبق للسابق في الانتفاء عن المباحات الاصلية و لا اشكال في ثبوت هذا الحق بالسيرة القطعية.

(3) فانه امر عرفي كبقية الامور العرفية و الظاهر ان ما افاده في المتن تام.

(4) من الروايات ما رواه حمزة قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول المؤمن من آمن جاره بوائقه قلت ما بوائقه قال: ظلمه و غشمه «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 86 من ابواب احكام العشرة الحديث 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 152

و قد ورد في بعض الروايات ان الجار كالنفس و ان حرمته كحرمة امه (1) و في بعضها الاخر

ان حسن الجوار يزيد في الرزق و يعمر الديار و يزيد في

______________________________

و منها ما رواه الحسين بن زيد عن الصادق عن آبائه عن علي عليه السلام عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في حديث المناهي قال: من آذي جاره حرم اللّه عليه ريح الجنة و مأواه جهنم و بئس المصير و من ضيع حق جاره فليس منا و ما زال جبرئيل يوصيني بالجار حتي ظننت انه سيورثه «1».

و منها ما رواه عمرو بن عكرمة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اتاه رجل من الانصار فقال: اني اشتريت دارا من بني فلان و ان اقرب جيراني مني جوارا من لا ارجو خيره و لا آمن شره قال فامر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عليا و سلمان و أبا ذر و نسيت آخر و أظنه المقداد أن ينادوا في المسجد باعلي اصواتهم بأنه لا ايمان لمن لا يأمن جاره بوائقه فنادوا بها ثلاثا «2» و غيرها المذكور في الباب 86 و 87 من أبواب العشرة و الباب 12 من ابواب احياء الموات من الوسائل.

(1) لاحظ ما رواه طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عن ابيه عليهما السلام قال:

قال قرأت في كتاب علي عليه السلام ان رسول اللّه كتب بين المهاجرين و الانصار و من لحق بهم من اهل يثرب ان الجار كالنفس غير مضار و لا اثم و حرمة الجار علي الجار كحرمة امه «3».

و ما رواه طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان الجار كالنفس غير مضار و لا اثم «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 86 من أبواب احكام

العشرة الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 12 من أبواب احياء الموات الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 153

الاعمار (1) و في الثالث من كف أذاه عن جاره اقاله اللّه عثرته يوم القيمة (2) و في الرابع ليس منا من لم يحسن مجاورة من جاوره و غيره مما قد اكد في الوصية بالجار و تشديد الامر فيه (3).

[مسألة 18: يستحب للجار الإذن في وضع خشب جاره علي حائطه مع الحاجة]

(مسألة 18): يستحب للجار الاذن في وضع خشب جاره علي حائطه مع الحاجة (4).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله حسن الجوار يعمر الديار و ينسي في الاعمار «1».

و ما رواه ابراهيم بن أبي رجاء عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال حسن الجوار يزيد في الرزق «2».

و ما رواه أبو مسعود قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام حسن الجوار زيادة في الاعمار و عمارة الديار 3.

(2) لاحظ ما رواه أبو بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: من كف أذاه عن جاره اقاله اللّه عثرته يوم القيمة 4.

(3) لاحظ ما رواه أبو الربيع الشامي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال و البيت غاص باهله: اعلموا أنه ليس منا و من لم يحسن مجاورة من جاوره 5

(4) قد نقل في المقام حديثان احدهما: عن النبي صلي اللّه عليه و آله: «لا يمنعن احدكم جاره أن يغرز خشبه في حائطه» 6 ثانيهما: «ان الجار يضع جذوعه

______________________________

(1) الوسائل الباب 87 من ابواب احكام العشرة الحديث: 1

(2) (2 و 3) نفس المصدر الحديث: 2 و 3

(3) (4) الوسائل الباب 86 من ابواب احكام

العشرة الحديث: 7

(4) (5) الوسائل الباب 87 من نفس المصدر الحديث: 5

(5) (6) نقل الحديث عن البحار ج 3 ص 164 كتاب المظالم و الغصب و روي عن مسلم ج 5 ص 57

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 154

و لو اذن جاز له الرجوع قبل البناء عليه (1) و كذا بعد البناء اذا لم يضر الرفع (2) و الا فالظاهر عدم جوازه (3).

[مسألة 19: لو تداعيا جدارا لا يد لأحدهما عليه فهو للحالف مع نكول الآخر]

(مسألة 19): لو تداعيا جدارا لا يد لأحدهما عليه فهو للحالف مع نكول الاخر (4).

______________________________

في حائط جاره شاء أم أبي» «1» و الحديثان لا اعتبار بهما سندا و الاستحباب المذكور في المتن علي طبق القاعدة.

(1) كما هو ظاهر لعدم ما يقتضي الزامه بعدم الرجوع.

(2) لكون كل احد مسلطا علي مال نفسه و لا يجوز لأحد أن يتصرف في مال غيره بلا اذنه.

(3) بتقريب ان الاذن في ذلك يقتضي الدوام و بلزوم الضرر و يرد علي الاول ان الاذن المقتضي للدوام لا يستلزم عدم الرجوع فان الاعارة تقتضي الدوام و مع ذلك يجوز الرجوع للمعير و علي الثاني بأن منع المالك عن طلب النزع عن ملكه ضرر عليه مضافا الي أنه لا يبعد انصراف القاعدة عن صورة الاضرار بالغير و يضاف الي ما ذكر انه يتوقف الاستدلال علي القول المشهور و أما علي مسلك شيخ الشريعة قدس سره القائل بكون مفاد القاعدة النهي فلا يتم الاستدلال.

ان قلت: اذا اذن في الدفن لا يجوز له الرجوع ففي المقام أيضا لا يجوز له قلت ان قلنا بحرمة النبش في الصورة المفروضة فالقياس مع الفارق و ان لم نقل بالحرمة فالحكم في المقيس عليه مشكل فكيف بالمقيس.

(4) بتقريب: انه لا يكون خارجا عنهما فاذا حلف احدهما و

نكل الاخر يحكم بعدم الملكية للناكل فيكون للحالف و بعبارة اخري مقتضي القاعدة كونه مشتركا

______________________________

(1) نقل ان الخرائطي رواه عن مكارم الاخلاق من حديث ابي هريرة

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 155

و لو حلفا أو نكلا فهو لهما (1) و لو اتصل ببناء احدهما دون الاخر أو كان له عليه طرح فهو له مع اليمين (2).

[مسألة 20: إذا اختلف مالك العلو و مالك السفل كان القول قول مالك السفل في جدران البيت و قول مالك العلو في السقف]

(مسألة 20): اذا اختلف مالك العلو و مالك السفل كان القول قول مالك السفل في جدران البيت و قول مالك العلو في السقف و جدران الغرفة و الدرجة و أما المخزن تحت الدرجة فلا يبعد كونه لمالك السفل و طريق العلو في الصحن بينهما و الباقي للأسفل (3).

______________________________

بينهما لكن حيث ان كل واحد منهما مدعيا لتمامه و الاخر يكون منكرا لاشتراكه و لا بينة تصل النوبة الي الحلف فلو حلف احدهما و نكل الاخر يحكم بعدم كون الناكل شريكا فيكون للحالف.

(1) كما هو ظاهر اذ الامر كما قلنا دائر بينهما و بعد عدم تأثير الحلف للتعارض يكون لهما.

(2) اذ مقتضي الظاهر كونه لذي اليد فالبينة علي المدعي و مع عدمها تصل النوبة الي يمين المنكر و يمكن الاستدلال علي المدعي بحديث منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن خص بين دارين فزعم ان عليا عليه السلام قضي به لصاحب الدار الذي من قبله وجه القماط «1».

و حديث جابر عن ابيه عن جده عن علي عليه السلام أنه قضي في رجلين اختصما اليه في خص فقال: ان الخص للذي اليه القماط 2.

(3) الميزان في التقديم صدق اليد و ان جدران البيت تحت يد مالك السفل فالقول قوله بالنسبة اليه و أما السقف و جدران الغرفة و

الدرجة تحت يد مالك العلو فالقول قوله و قس علي ما ذكر الباقي من المذكورات و الظاهران المناط الصدق

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 14 من احكام الصلح الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 156

[مسألة 21: يجوز للجار عطف أغصان شجر جاره عن ملكه إذا تدلت عليه]

(مسألة 21): يجوز للجار عطف اغصان شجر جاره عن ملكه اذا تدلت عليه (1) فان تعذر عطفها قطعها باذن مالكها (2) فان امتنع اجبره الحاكم الشرعي (3) و راكب الدابة اولي بها من قابض لجامها (4) و مالك الاسفل أولي بالغرفة المفتوح بابها الي الجار من الجار مع التنازع و اليمين و عدم البينة (5).

[مسألة 22: يعتبر في تملك الموات أن لا تكون مسبوقة بالتحجير من غيره]

(مسألة 22): يعتبر في تملك الموات أن لا تكون مسبوقة بالتحجير من غيره و لو احياها بدون اذن المحجر لم يملكها (6) و يتحقق التحجير

______________________________

العرفي.

(1) لأن المالك مسلط علي مملوكه فله اخراج ملك الغير عن ملكه.

(2) بلا اشكال اذ مع الاذن من المالك يجوز التصرف.

(3) لان الحاكم ولي الممتنع.

(4) بتقريب ان الدابة في تصرف الراكب و تحت سلطته فالقول قوله.

(5) كما هو ظاهر فان الغرفة في يد مالك الاسفل فالقول قوله مع يمينه كما هو المقرر.

(6) قال في الجواهر: «الشرط الخامس ان لا يسبق اليه سابق بالتحجير فان التحجير عندنا كما في التذكرة يفيد اولوية و اختصاصا لا ملكا للرقبة التي لا تملك الا بالاحياء الذي هو غير التحجير و ان ملك به التصرف في المحجر و منع الغير حتي لو تهجم عليه من يروم الاحياء كان له منعه و دفعه عن ذلك بل لو قاهره فاحياه لم يملك بلا خلاف بل يمكن تحصيل الاجماع عليه «1».

فالامر متسالم عليه بينهم بالاضافة الي أنه لا يبعد ان المغروس في اذهان

______________________________

(1) الجواهر ج 38 ص: 56

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 157

بكل ما يدل علي ارادة الاحياء كوضع الاحجار في اطرافها او حفر اساس او حفر بئر من آبار القناة الدارسة الخربة فانه تحجير بالاضافة الي بقية آبار القناة بل هو تحجير أيضا

بالاضافة الي الاراضي الموات التي تسقي بمائها بعد جريانه فلا يجوز لغيره احياءها كما انه لو حفر بئرا في الموات بالاصل لإحداث قناة فيها فالظاهر انه تحجير بالاضافة الي اصل القناة و بالاضافة الي الاراضي الموات التي يصل اليها ماؤها بعد تمامها و ليس لغيره احياء تلك الاراضي (1).

[مسألة 23: التحجير كما عرفت يفيد حق الأولوية و لا يفيد الملكية]

(مسألة 23): التحجير كما عرفت يفيد حق الاولوية و لا يفيد الملكية و لكن مع ذلك لا باس بنقل ما تعلق به بما هو كذلك ببيع أو غيره فما هو غير قابل للنقل انما هو نفس الحق حيث انه حكم شرعي غير

______________________________

المتشرعة ان التحجير يوجب الاولوية للمحجر مضافا الي قاعدة السبق المشهورة بين القوم و يدل عليه بعض النصوص لاحظ ما عن النبي صلي اللّه عليه و آله قال:

«من سبق الي ما لا يسبقه اليه المسلم فهو احق به» «1».

فالنتيجة: انه لا يجوز مزاحمة المحجر فان زاحمه احد فاحيا الارض لا يملكها خلافا لما يحكي عن جامع الشرائع علي ما في الجواهر انه قال يملك الاخر و يكون قد أساء و الدليل علي المدعي الاجماع و التسالم و تناسب الحكم و الموضوع يقتضيه و أما النبوي ان النبي صلي اللّه عليه و آله قال: من احاط حائطا علي أرض فهي له «2» فلا اعتبار بسنده.

(1) لا يبعد صدق العنوان بالامور المذكورة في المتن.

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 1 من أبواب احياء الموات الحديث: 4

(2) مستدرك الوسائل الباب 1 من أبواب احياء الموات الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 158

قابل للانتقال و أما متعلقه فلا مانع من نقله (1).

[مسألة 24): يعتبر في كون التحجير مانعا تمكن المحجر من القيام بعمارته و احيائه]

(مسألة 24): يعتبر في كون التحجير مانعا تمكن المحجر من القيام بعمارته و احيائه فان لم يتمكن من احياء ما حجره لمانع من الموانع كالفقر أو العجز عن تهيئة الاسباب المتوقف عليها الاحياء جاز لغيره احياؤه و كذا الحال فيما لو حجر زائدا علي ما يقدر علي احيائه فانه لا اثر لتحجيره بالاضافة الي المقدار الزائد (2) و عليه فلو حجر الموات من كان عاجزا عن احيائها ليس

له نقلها الي غيره بصلح أو هبة أو بيع او نحو ذلك (3).

[مسألة 25: لا يعتبر في التحجير أن يكون بالمباشرة بل يجوز أن يكون بالتوكيل و الاستيجار]

(مسألة 25): لا يعتبر في التحجير أن يكون بالمباشرة بل يجوز أن يكون بالتوكيل (4) و الاستيجار و عليه فالحق الحاصل بسبب عملهما للموكل و المستأجر لا للوكيل و الاجير (5) و أما اذا وقع التحجير عن

______________________________

(1) الذي يتصور ان ذا الحق يرفع اليد عن حقه كي يفتح الطريق لغيره و أما نقل العين فلا نفهم ما معناه اذ المفروض ان ما تعلق به الحق من المباحات فكيف يكون قابلا للنقل بالصلح أو الهبة.

(2) لعدم الدليل علي ازيد من هذا المقدار و ان شئت قلت: لا دليل علي كون التحجير موجبا لحصول حق الاولوية علي نحو الاطلاق بل يحصل بالمقدار المتعارف و هو هذا المقدار فمن لا يكون قادرا علي الاحياء لا يثبت له الحق.

(3) بل تقدم انه لا دليل علي جواز النقل حتي في مورد تحقق الحق و الاولوية

(4) لجريان الوكالة و جوازها في مثل هذه الامور.

(5) الاجير اذا كان وكيلا عن المستأجر يدخل في عنوان الوكالة و ان لم يكن

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 159

شخص نيابة عن غيره ثم اجاز النيابة فهل يثبت الحق للمنوب عنه اولا؟ وجهان لا يبعد عدم الثبوت (1).

[مسألة 26: إذا انمحت آثار التحجير]

(مسألة 26): اذا انمحت آثار التحجير فان كان من جهة اهمال المحجر بطل حقه و جاز لغيره احياؤه (2) و أما اذا لم يكن من جهة اهماله و تسامحه و كان زوالها بدون اختياره كما اذا أزالها عاصف و نحوه ففي بطلان حقه اشكال (3).

______________________________

وكيلا فبأي عنوان يحجر و يمكن دفع الاشكال بأن المستأجر يحجر الارض بالواسطة و بعبارة اخري الموضوع للأولوية التحجير و لا فرق بين كونه بالمباشرة أو بالواسطة.

(1) الذي يخطر بالبال عاجلا انه لا دليل علي صحة

النيابة الا في بعض الموارد المنصوصة كالنيابة في الحج أو الصلاة و الصوم فعلي هذا فلا مجال لجريان الفضولي فيها لكن مرجع اجازة النيابة الي اجازة الوكالة و المفروض صحة الفضولي.

و لعل وجه اشكال الماتن عدم دليل يشمل المقام و بعبارة اخري دليل تحقق الاولوية بالتحجير هي السيرة و لا بد من الاقتصار فيها علي القدر المتيقن و اللّه العالم.

(2) لعدم دليل علي بقاء الحق و مقتضي الاصل عدم بقائه و بعبارة اخري مقتضي الاستصحاب عدم جعل حق زائد علي المقدار المعلوم.

(3) يمكن أن يقال انه لا دليل علي بقاء حقه الا استصحاب البقاء و هذا الاستصحاب معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد مضافا الي أن مقتضي دليل الاحياء جواز احيائه و تملكه فمقتضي الاطلاق صيرورة الارض ملكا للمحيي الثاني الا أن يقال مع جريان استصحاب بقاء الحق لا مجال للأخذ بالاطلاق اذ مع الاصل في السبب لا مجال للأخذ باطلاق دليل الاحياء و بعبارة اخري بعد احراز الموضوع بالاستصحاب لا تصل النوبة الي الآخذ بالاطلاق فالعمدة الاشكال في جريان

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 160

[مسألة 27: اللازم علي المحجر أن يشتغل بالعمارة و الإحياء عقيب التحجير]

(مسألة 27): اللازم علي المحجر أن يشتغل بالعمارة و الاحياء عقيب التحجير (1) فلو اهمل و ترك الاحياء و طالت المده ففي جواز احيائه لغيره بدون اذنه اشكال فالاحوط ان يرفع أمره الي الحاكم الشرعي مع بسط يده أو وكيله فيلزم المحجر باحد أمرين اما الاحياء او رفع اليد عنه (2) نعم اذا أبدي عذرا مقبولا يمهل بمقدار زوال عذره فاذا اشتغل بعده بالتعمير و نحوه فهو و الا بطل حقه و جاز لغيره احياؤه (3) و اما اذا لم يكن الحاكم فالظاهر سقوط حقه أيضا اذا اهمل بمقدار بعد عرفا

تعطيلا له (4) و الاحوط الاولي مراعاة حقه الي ثلث سنين (5).

______________________________

الاستصحاب فلاحظ.

(1) بتقريب انه لا دليل علي اولويته حتي مع الاهمال.

(2) لا اشكال في حسن الاحتياط و أما مقتضي الصناعة فالظاهر جواز الاحياء لغيره بلا رفع الأمر الي الحاكم بالتقريب الذي ذكرناه و هو الاخذ باطلاق دليل الاحياء.

(3) اذ مع العذر لا يصدق الاهمال فيكون الحق باقيا و ليعلم ان الحكم دائر، مدار الواقع ففي صورة الاهمال يسقط حقه و في صورة كونه معذورا يبقي الحق فلو شك في الاهمال و عدمه يحرز بقاء الحق بالاستصحاب في الظاهر.

(4) بل الامر كذلك مع وجود الحاكم أيضا كما تقدم.

(5) لاحظ ما رواه يونس عن العبد الصالح عليه السلام قال: قال: ان الارض للّه تعالي جعلها وقفا علي عباده فمن عطل أرضا ثلاث سنين متوالية لغير ما علة اخذت من يده و دفعت الي غيره و من ترك مطالبة حق له عشر سنين فلا حق له «1»

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من ابواب احياء الموات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 161

[مسألة 28: الظاهر أنه لا يعتبر في التملك بالإحياء قصد التملك]

(مسألة 28): الظاهر انه لا يعتبر في التملك بالاحياء قصد التملك بل يكفي قصد الاحياء و الانتفاع به بنفسه أو من هو بمنزلته فلو حفر بئرا في مفازة بقصد ان يقضي منها حاجته ملكها (1) و لكن اذا ارتحل و أعرض عنها فهي مباحة للجميع (2).

[مسألة 29: لا بد في صدق إحياء الموات من العمل فيه إلي حد يصدق عليه أحد العناوين العامرة]

(مسألة 29): لا بد في صدق احياء الموات من العمل فيه الي حد يصدق عليه احد العناوين العامرة كالدار و البستان و المزرعة و الحظيرة و البئر و القناة و النهر و ما شاكل ذلك و لذلك يختلف ما اعتبر في الاحياء باختلاف العمارة فما اعتبر في احياء البستان و المزرعة و نحوهما غير ما هو معتبر في احياء الدار و ما شاكلها و عليه فحصول الملك تابع لصدق أحد هذه العناوين و يدور مداره وجودا

______________________________

و الرواية ضعيفة سندا.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 9، ص: 161

(1) لا طلاق دليل مملكية الاحياء فان مقتضي اطلاقه عدم التقييد بقصد التملك.

(2) تارة نقول بأن الاعراض يوجب خروج الملك عن ملك مالكه كما لا يبعد القول به و اخري لا نقول كما لا يقوله الماتن فان قلنا بأن الاعراض يوجب الخروج عن الملك فلا اشكال في كونه مباحا للجميع بل يجوز تملكه لكل احد، و اما ان لم نقل بذلك بل قلنا بكونه باقيا في ملك المعرض فلا يبعد أن يكون الوجه في الجواز في نظر الماتن احد امرين:

احدهما: انه مع فرض الاعراض يرضي بتصرف كل احد فيه بأن يقال:

الاعراض يستلزم الاباحة لكل احد أن يتصرف فيه و لكن للمناقشة في الملازمة مجال اذ ربما يقال

انه لا تنافي بين الاعراض و عدم طيب النفس بالتصرف من كل

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 162

و عدما و عند الشك في حصوله يحكم بعدمه (1).

[مسألة 30: الأعراض عن الملك لا يوجب زوال ملكيته]

(مسألة 30): الاعراض عن الملك لا يوجب زوال ملكيته (2) نعم

______________________________

احد كالغاصب لآل محمد صلي اللّه عليه و آله مثلا.

ثانيهما: السيرة الجارية فان مقتضاها جواز التصرف في العين التي أعرض عنها مالكها.

(1) ما افاده تام فان الحكم تابع للموضوع و تحقق الملكية منوط بتحقق الاحياء فلا بد من صدقه باحد الامور المذكورة في المتن و مع الصدق و احراز الموضوع يحكم بالملكية و مع الشك يحكم بعدم تحقق الملكية بل يحكم بعدم الاحياء علي ما بنينا عليه من صحة جريان الاستصحاب في الشبهة المفهومية اذا كان الشك من حيث المفهوم و أما اذا كان الشك من جهة الشبهة المصداقية فالامر أوضح.

(2) بتقريب: انه لا دليل علي الخروج و بعبارة اخري الخروج عن الملك يحتاج الي سبب من الاسباب و المفروض عدم تحقق سبب من اسبابه لكن الظاهر ان العقلاء يرون الاعراض موجبا للخروج عن الملكية و لذا نري ان المتشرعة يتصرفون في الاعيان التي اعرض عنها بلا ملاحظة رضا المعرض و عدمه و الحال انه لو لم يكن خارجا عن ملك المالك كيف يجوز التصرف فيه بدون اذنه و لا يجوز لأحد التصرف في مال الغير الا باذنه و اذا مات المعرض لا يراجعون وارثه.

و بعبارة اخري ان العقلاء يرون المال المعرض عنه من المباحات و لولاه لم يكن وجه لجواز تملكه ان قلت الاعراض يقتضي اباحة التملك فاذا تملكه احد يكون مملوكا له قلت مضافا الي النقاش في هذا الاقتضاء علي نحو الاطلاق كما تقدم لا دليل علي

تأثير الاباحة النفسية بل حتي مع الاذن الصريح لحصول الملكية للمتملك نعم لا اشكال في جواز تملك المباحات الاصلية التي لا مالك لها و أما المال الذي

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 163

اذا سبق اليه من تملكه ملكه (1) و الا فهو يبقي علي ملك مالكه فاذا مات فهو لوارثه (2) و لا يجوز التصرف فيه الا باذنه او اعراضه عنه (3).

[كتاب المشتركات]

اشارة

كتاب المشتركات المراد بالمشتركات الطرق و الشوارع و المساجد و المدارس و الربط و المياه و المعادن (4).

[مسألة 1: الطريق علي قسمين نافذ و غير نافذ]

(مسألة 1): الطريق علي قسمين نافذ و غير نافذ أما الاول فهو الطريق المسمي بالشارع العام و الناس فيه شرع سواء و لا يجوز التصرف لأحد فيه باحياء أو نحوه و لا في أرضه ببناء حائط أو حفر بئر أو نهر أو مزرعة أو غرس أشجار و نحو ذلك و ان لم يكن مضرا بالمارة و أما حفر بالوعة فيه ليجتمع فيها ماء المطر و نحوه فلا اشكال في جوازه لكونها من

______________________________

يكون مملوكا للغير فلا يجوز تملكه باباحة مالكه.

(1) يمكن أن يكون ناظرا الي جريان السيرة عليه.

(2) اذ علي فرض بقائه علي ملك مالكه ينتقل بعد موته الي وارثه بالارث.

(3) لأن المفروض ان الذي اعرض عنه مات و المالك لم يعرض فينوط التصرف باذن وارثه و رضاه فلاحظ و الحمد للّه أولا و آخرا و ظاهرا و باطنا و الصلاة علي محمد و آله الطاهرين الي يوم الدين.

(4) قال في الجواهر: «و هي الطرق و المساجد و المشاهد و الوقوف المطلقة كالمدارس و الربط و الخانات و المقابر و المساكن و نحوها مما هو مشترك المنفعة بين الناس اجمع حتي الموات الذي لم يرد احياءه».

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 164

مصالحه و مرافقه و كذا لا بأس بحفر سرداب تحته اذا أحكم أساسه و سقفه كما انه لا باس بالتصرف في فضائه باخراج روشن أو جناح أو فتح باب أو نصب ميزاب أو غير ذلك و الضابط ان كل تصرف في فضائه لا يكون مضرا بالمارة جائز (1).

[مسألة 2: لو أحدث جناحا علي الشارع العام ثم انهدم أو هدم]

(مسألة 2): لو أحدث جناحا علي الشارع العام ثم انهدم أو هدم فان كان من قصده تجديده ثانيا فالظاهر انه لا يجوز للطرف الاخر اشغال ذلك الفضاء و

ان لم يكن من قصده تجديده جاز ذلك (2).

______________________________

(1) لا اشكال في عدم جواز التصرف بما يكون مضرا بالمارة فان مقتضي السيرة عدم الجواز و أما التصرف الذي لا يكون مضرا بالمارة و لا يكون مزاحما لهم فمقتضي الاصل الأولي هو الجواز و المنع يحتاج الي دليل كما هو ظاهر و لا يتوقف الجواز علي كون التصرف من مصالح الطريق كحفر البالوعة ليجتمع فيها ماء المطر بل ما دام لا يكون مضرا بمصالح المارة يكون مقتضي الاصل هو الجواز كما هو المقرر و الوجه فيه: انه لا مقتضي للحرمة و انما الثابت بالإجماع و السيرة عدم جواز مزاحمة المارة فكل تصرف لا يترتب عليه هذا المحذور علي نحو الاطلاق و العموم يكون جائزا بمقتضي الاصل الاولي و المنع يحتاج الي الدليل.

(2) أما في صورة عدم قصده تجديده فيسقط حقه و يجوز للغير اشغال ذلك و هذا واضح و أما مع قصده تجديده فالظاهر ان الوجه في عدم الجواز حق السبق فان السابق أحق و قد دلت علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما ارسله محمد بن اسماعيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له نكون بمكة أو بالمدينة أو الحيرة أو المواضع التي يرجي فيها الفضل فربما خرج الرجل

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 165

[مسألة 3: الطريق الذي لا يسلك منه إلي طريق آخر أو أرض مباحة لكونه محاطا بالدور من جوانبه الثلاثة]

(مسألة 3): الطريق الذي لا يسلك منه الي طريق آخر أو أرض مباحة لكونه محاطا بالدور من جوانبه الثلاثة و هو المسمي بالسكة المرفوعة و الدربية فهو ملك لأرباب الدور التي أبوابها مفتوحة اليه دون كل من كان حائط داره اليه و هو مشترك بينهم من صدره الي ساقه و حكمه حكم سائر الاموال المشتركة فلا يجوز لكل واحد منهم

______________________________

يتوضأ

فيجي ء آخر فيصير مكانه فقال: من سبق الي موضع فهو أحق به يومه و ليلته «1» و هذه الرواية ساقطة بالارسال.

و منها: ما أرسله ابن أبي عمير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سوق المسلمين «القوم خ ل» كمسجدهم يعني اذا سبق الي السوق كان له مثل المسجد «2» و هذه الرواية ساقط بالارسال.

و منها: قوله عليه السلام: «من سبق الي ما لم يسبقه اليه المسلم فهو أحق به «3»» و الرواية ضعيفة.

و منها: ما رواه طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: سوق المسلمين كمسجدهم فمن سبق الي مكان فهو أحق به الي الليل و كان لا يأخذ علي بيوت السوق كراء «4».

و هذه الرواية ضعيفة بطلحة حيث انه لم يوثق لكن لا شبهة في أن حق السبق من الحقوق المسلمة في الشريعة المقدسة و عليه جريان السيرة فلا مجال للإشكال

______________________________

(1) الوسائل الباب 56 من ابواب احكام المساجد الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 17 من أبواب آداب التجارة الحديث: 2

(3) مستدرك الوسائل الباب 1 من ابواب احياء الموات الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 56 من ابواب احكام المساجد الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 166

التصرف فيه بدون اذن الاخرين (1).

______________________________

(1) قال العلامة قدس سره في التبصرة: «المشهور بين الاصحاب انه يشترك المتقدم و المتأخر في المرفوعة الي الباب الاول و صدر الدرب و يختص المتأخر بما بين البابين و لكل منهما تقديم بابه لا تأخيره».

و عن الشهيد في الدروس تقوية اشتراك الجميع في الجميع و اختاره المحقق الأردبيلي كما نقل عنه و يمكن أن يستدل علي الملكية- كما في الجواهر في كتاب الصلح- ان الدربية ملك لأرباب

الدور بواسطة الاحياء فان احياء كل شي ء بحسبه كما ان حيازة كل شي ء كذلك فيشمله دليل من أحيا أرضا فهي له و من حاز شيئا ملك و حيث ان الاحياء تتحقق بفعل ارباب الدور تكون الدربية ملكا لهم بنحو اشتراك الجميع في الجميع.

و قال في الحدائق «1» في كتاب الصلح: «البحث الثالث: لو كان في السكة المرفوعة أبواب بعضها أدخل من الاخر فهل يشترك جميعهم في جميع السكة فيكون الاستحقاق في جميعها لجميعهم أم شركة كل واحد يختص بما بين رأس السكة و باب داره لأن محل تردده هو ذلك المكان خاصة؟ المشهور بين الاصحاب الثاني و الوجه فيه ان المقتضي لاستحقاق كل واحد هو الاستطراق و نهايته بابه فلا يشارك في الداخل فحكمه بالنسبة الي هذا الداخل الزائد علي بابه حكم الاجنبي من غير اهل السكة و قيل بالاول فيشترك الجميع في الجميع حتي في الفضلة الداخلة عن الابواب و هو صدر السكة ان كان ذلك و علل باحتياجهم الي ذلك عند ازدحام الاحمال و وضع الأثقال عند الادخال و الاخراج» الي آخر ما أفاده في المقام مفصلا.

و الانصاف ان الجزم باحد الطرفين مشكل اذ لا نص و أيضا لم يقم اجماع

______________________________

(1) ج 21 ص: 123

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 167

نعم يجوز لكل منهم فتح باب آخر و سد الباب الاول (1).

[مسألة 4: لا يجوز لمن كان حائط داره إلي الدربية فتح باب إليها للاستطراق إلا بإذن أربابها]

(مسألة 4): لا يجوز لمن كان حائط داره الي الدربية فتح باب اليها للاستطراق الا باذن أربابها (2) نعم له فتح ثقبة و شباك اليها (3) و أما فتح باب لا للاستطراق بل لمجرد دخول الهواء أو الاستضاءة فلا يخلو عن اشكال (4).

[مسألة 5: يجوز لكل من أصحاب الدربية الجلوس فيها]

(مسألة 5): يجوز لكل من أصحاب الدربية الجلوس فيها

______________________________

تعبدي علي شي ء من هذه الاحكام فالمقدار المعلوم المسلم من الشرع يبني عليه و في الزائد يعمل علي طبق الاصل الاولي و مقتضاه الجواز فانقدح بما ذكرنا ان ما أفاده في المتن من كون الدربية ملك لأرباب الدور فمضافا الي أنه خلاف مقالة المشهور يشكل اقامة الدليل عليه اذ لقائل أن يقول ان دليل الاحياء و الحيازة لا يقتضي الاشتراك لأن احداث الدور من قبل أربابها لم يكن في زمان واحد.

و بعبارة اخري: هو من الامور التدريجية فلا وجه لاشتراك الجمع في الجميع اللهم الا أن يقال: بأن التدريج ليس قابلا للإنكار لكن بعد تحقق الدرب يصدق ان أرباب الدور أحيوا المرفوعة فاذا صدق هذا العنوان تكون النتيجة انها لهم بالاشتراك و هذا التقريب علي الظاهر لا بأس به فلاحظ.

(1) اذا كان فتح باب آخر جائزا بلا اذن من الاخرين فما الوجه في وجوب سد الباب الاول؟ و الذي يختلج بالبال أن يقال: انه يجوز فتح الباب الاخر مطلقا اذ يجوز له رفع الجدار تماما ففتح الباب جوازه بالاولوية فتأمل.

(2) الظاهر ان الوجه فيه انه تصرف في ملك الغير فيتوقف علي اذنه.

(3) اذ هو تصرف في ملكه فيجوز.

(4) قبل في وجهه: انه بمرور الايام تحصل شبهة الاستحقاق اذ وجود الباب

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 168

و الاستطراق و التردد منها الي داره بنفسه و عائلته

و دوابه و كل ما يتعلق بشؤونه من دون اذن باقي الشركاء و ان كان فيهم القصر و من دون رعاية المساواة معهم (1).

[مسألة 6: يجوز لكل أحد الانتفاع من الشوارع و الطرق العامة كالجلوس أو النوم أو الصلاة أو البيع أو الشراء أو نحو ذلك]

(مسألة 6): يجوز لكل أحد الانتفاع من الشوارع و الطرق العامة كالجلوس أو النوم أو الصلاة أو البيع أو الشراء أو نحو ذلك ما لم يكن مزاحما للمستطرقين و ليس لأحد منعه عن ذلك و ازعاجه كما انه ليس لأحد مزاحمته في قدر ما يحتاج اليه لوضع متاعه و وقوف المعاملين و نحو ذلك (2).

[مسألة 7: إذا جلس أحد في موضع من الطريق ثم قام عنه]

(مسألة 7): اذا جلس أحد في موضع من الطريق ثم قام عنه فان كان جلوسه جلوس استراحة و نحوها بطل حقه و ان كان لحرفة و نحوها فان كان قيامه بعد استيفاء غرضه و عدم نية العود بطل حقه أيضا و لو جلس في محله غيره لم يكن له منعه (3).

______________________________

امارة علي استحقاق الاستطراق فلهذه الشبهة يحرم هكذا في الجواهر «1».

(1) و ذلك للسيرة الجارية عليها هكذا في الجواهر «2».

(2) فانه لا مقتضي للحرمة مع عدم المزاحمة اذ ليس الشارع العام ملكا لأحد كي يتوقف علي اذنه مضافا الي أن السيرة جارية عليه فلاحظ.

(3) اذ مع بطلان حقه يكون لكل احد اشغال مكانه فيحرم عليه أن يزاحم غيره و هذا ظاهر.

______________________________

(1) ج 26 ص: 248

(2) عين المصدر

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 169

و ان كان قبل استيفاء غرضه و ناويا للعود فعندئذ ان بقي منه فيه متاع أو رحل أو بساط فالظاهر بقاء حقه (1) و ان لم يبق منه شي ء فبقاء حقه لا يخلو عن اشكال (2) و الاحتياط لا يترك فيما اذا كان في يوم واحد (3) و أما اذا كان في يوم آخر فالظاهر انه لا اشكال في أن الثاني أحق به من الاول (4).

______________________________

و ملخص الكلام ان حق السبق للسابق بلا ترجيح لأحد علي غيره هذا من

ناحية و من ناحية اخري ان الحق يزول بالاعراض و باستيفاء الغرض فما أفاده في المتن تام لا سترة عليه اضف الي ذلك ما أفاده في الجواهر في كتاب احياء الموات «بأنه اذا قام الجالس غير المضر بالمار بعد استيفاء غرضه و عدم نية العود بطل حقه الذي لم يعلم ثبوته له زائدا علي ذلك بل لعل المعلوم عدمه بل يمكن تحصيل الاجماع عليه».

(1) بتقريب: ان الاحقية تحصل ما دام كون الشي ء في يد المستحق و في تصرفه و قبضته فاخذه كدفعه ظلم و هذا هو الفارق بين بقاء الرحل و عدمه اذ مع عدم بقائه لا يصدق كون الشي ء في قبضته و تصرفه و مجرد نية العود لا يكفي في صدق كون الشي ء في قبضته و تصرفه و لقد أجاد صاحب الجواهر في كتاب احياء الموات و جاء بتحقيق يليق بأن يستفاد فراجع.

(2) لعدم الدليل علي بقاء الحق و استصحاب البقاء لا مجال له لما ذكرنا في الاصول من عدم جريان الاستصحاب في الحكم الكلي.

(3) لا يبعد أن يكون الوجه في الاحتياط ما ورد من النص لاحظ حديثي محمد بن اسماعيل و طلحة بن زيد «1» و قد مر منا ان السند في كليهما ضعيف.

(4) فانه لا مقتضي لبقاء حق الاول و الظاهر انه لا خلاف بين القوم في عدم بقاء

______________________________

(1) لاحظ ص: 164 و 165

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 170

[مسألة 8: يتحقق الشارع العام بأمور]

(مسألة 8): يتحقق الشارع العام بأمور: الاول: كثرة الاستطراق و التردد و مرور القوافل في الارض الموات (1) الثاني: جعل الانسان ملكه شارعا و تسبيله تسبيلا دائميا لسلوك عامة الناس (2) فانه بسلوك بعض

______________________________

الحق في هذه الصورة راجع ما أفاده في الجواهر في

كتاب احياء الموات في هذا المقام.

(1) قال في الحدائق في هذا المقام من كتاب الصلح: «أو يصير موضعا من الموات جادة يسلك الناس فيها و لا يجوز تغييره» و الظاهر ان الامر كما افيد اذ بعد صدق العنوان و تحقق الجادة و الشارع لا يجوز التصرف في معنونه فان الشارع العام راجع الي المصالح العامة و ليس لأحد أن يغيره أو يتصرف فيه تصرفا مزاحما للجهات العامة.

(2) قال العلامة قدس سره في التذكرة- علي ما نقل عنه في الحدائق «1» في كتاب الصلح: «يصير الموضع شارعا بامور: أن يجعل الانسان ملكه شارعا و سبيلا مسبلا و يسلك فيه شخص آخر» الخ.

و ربما يقال: انه مصداق للوقف و يمكن أن يقرب المدعي بتقريب آخر: و هو انه لو جعل المالك بطيب نفسه ملكه شارعا عاما يتعنون بهذا العنوان و بعد تعنونه به لا يجوز التصرف بعد ذلك اذ لا يجوز التصرف في الشارع العام الراجع الي العموم.

و لكن يرد عليه: بأنه مع بقاء الملكية لا مجال لهذا التقريب فان اختيار الملك بيد مالكه فما دام باقيا في ملكه يكون اختياره بيده اللهم الا أن يقال: ان عدم جواز الرجوع بعد التسبيل المطلق متسالم عليه بينهم و اللّه العالم.

______________________________

(1) ج 21 ص: 124

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 171

الناس يصير طريقا (1) و ليس للمسبل الرجوع بعد ذلك (2) الثالث احياء جماعة أرضا مواتا و تركهم طريقا نافذا بين الدور و المساكن (3).

[مسألة 9: لو كان الشارع العام واقعا بين الأملاك فلا حريم له]

(مسألة 9): لو كان الشارع العام واقعا بين الاملاك فلا حريم له كما اذا كانت قطعة أرض موات بين الاملاك عرضها ثلاثة أزرع أو أقل أو أكثر و استطرقها الناس حتي اصبحت جادة فلا يجب

علي الملاك توسيعها و ان تضيقت علي المارة و كذا الحال فيما لو سبل شخص في وسط ملكه أو من طرف ملكه المجاور لملك غيره مقدارا لعبور الناس (4).

______________________________

(1) لا يبعد ان هذا التقييد بلحاظ اشتراط القبض في الوقف و تحقيق شرطية القبض في الاوقاف العامة موكول الي محله و أما علي القول بعدم كونه داخلا في الوقف يكون دليل الحكم التسالم بينهم و بعبارة اخري مورد التسالم ما يتحقق فيه السلوك بعد التسبيل.

(2) اذ لا اشكال في عدم جواز رجوع الواقف في الوقف هذا علي تقدير كونه وقفا و أما علي القول الاخر فالمدرك التسالم كما تقدم آنفا و اللّه العالم.

(3) كما أشير اليه في كلام العلامة علي حسب نقل صاحب الحدائق و كيف كان الامر كما افيد فانه بعد تحقق عنوان الشارع يكون راجعا الي المصالح العامة و لا يجوز تغييره و التصرف المزاحم فيه كما تقدم.

(4) الوجه فيه انه لا مقتضي لوجوب التوسيع علي المالك فالامر كما أفاده في المتن ان قلت ما ذكرت و ان كان مقتضي قاعدة تسلط الناس علي أموالهم لكن مقتضي جملة من الروايات خلافه لاحظ ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: ما بين بئر المعطن الي بئر معطن أربعون

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 172

و أما اذا كان واقعا بين الموات بكلا طرفيه أو أحد طرفيه فلا يجوز احياء ذلك الموات بمقدار يوجب نقص الشارع عن خمسة أذرع فان ذلك حد الطريق المعين من قبل الشرع (1) بل الافضل أن يكون

______________________________

ذراعا و ما بين بئر الناضح الي بئر الناضح ستون ذراعا و ما بين العين الي

العين يعني القناة خمسمائة ذراع و الطريق يتشاح عليه أهله فحده سبع أذرع «1» و ما رواه عبد الرحمن الاصم «2».

و ما رواه أبو العباس البقباق عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا تشاح قوم في طريق فقال: بعضهم: سبع اذرع و قال: بعضهم: أربع أذرع فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: لا بل خمس أذرع «3».

قلت: أما الحديث الاول و الثاني فضعيفان سندا و أما الحديث الثالث فالظاهر انه ناظر الي صورة التشاح في أخذ المحيي من الشارع بدعوي ان الشارع أربع أذرع في قبال دعوي انه سبعة أذرع فقال عليه السلام: «بل خمسة أذرع» و أما بالنسبة الي الاملاك الشخصية فلا تعرض للرواية.

و ان شئت قلت: ان التشاح يتحقق فيما يكون المقتضي للتصرف موجودا كإحياء الموات فمريد الاحياء يتصدي للأخذ من الشارع و الاخر يمنعه بحجة كون الشارع محدودا بهذا الحد و أما الملك الشخصي الذي سبق و حدث بعده الشارع فلا نزاع فيه و ان أبيت عما ذكرنا فلا أقلّ من الاجمال و عدم الاطلاق.

(1) كما نص عليه في خبر البقباق «4» فان الخمس حد شرعي قد عين من

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب احياء الموات الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث 6

(3) الوسائل الباب 15 من أبواب الصلح الحديث: 1

(4) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 173

سبعة أذرع (1) و عليه فلو كان الاحياء الي حد لا يبقي للطريق خمسة أذرع وجب عليه هدمه (2) نعم لو أحيا شخص من أحد طرفيه ثم أحيا آخر من طرفه الاخر بمقدار يوجب نقصه عن حده لزم علي الثاني هدمه دون الاول (3).

______________________________

قبل الشارع في هذه الرواية.

(1) عملا بالخبر الاخرين «1» و ربما يقال:

انه لا يجوز احياء الطريق و لو كان واسعا لرواية البقباق عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: الطريق الواسع هل يؤخذ منه شي ء اذا لم يضر بالطريق؟ قال: لا «2» فان مقتضي هذه الرواية عدم جواز الاخذ من الطريق و لو كان واسعا و يمكن أن يقال بأن هذه الرواية معارضة بما رواه البقباق أيضا.

فان مقتضي تلك الرواية ان الشارع مقداره شرعا خمس أزرع و مقتضي هذه الرواية ان الطريق الواسع لا يجوز التصرف فيه في فرض عدم الاضرار بالمارة فيقع التعارض فيما زاد علي الخمس و مقتضي الاصل بعد التساقط هو الجواز بل يمكن أن يقال: انه لا تعارض بينهما فان ما حدد بالخمس حاكم علي الاخر و مبين للموضوع و ان أبيت عن هذا التقريب و قلت: انهما متعارضان نقول لا بد من الاخذ بما دل علي عدم الجواز اذ الاحدث من الخبرين غير معلوم كي يرجح علي الاخر فيكون المقام داخلا في اشتباه الحجة بلا حجة فلا بد من الاحتياط فلاحظ.

(2) اذ المفروض انه تجاوز علي الحد الشرعي و عن الحد الشرعي.

(3) اذ المفروض ان المتجاوز هو الثاني.

______________________________

(1) لاحظ ص: 171 و 172

(2) الوسائل الباب 27 من ابواب عقد البيع و شروطه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 174

[مسألة 10: إذا انقطعت المارة عن الطريق إما لعدم المقتضي أو لوجود المانع زال حكمه]

(مسألة 10): اذا انقطعت المارة عن الطريق اما لعدم المقتضي أو لوجود المانع زال حكمه بل ارتفع موضوعه و عنوانه و عليه فيجوز لكل أحد احياءه (1).

[مسألة 11: إذا زاد عرض الطريق عن خمسة أذرع]

(مسألة 11): اذا زاد عرض الطريق عن خمسة أذرع فان كان مسبلا فلا يجوز لأحد احياء ما زاد عليها و تملكه (2) و أما اذا كان غير مسبل فان كان الزائد موردا للحاجة لكثرة المارة فلا يجوز ذلك أيضا (3) و الا فلا مانع منه (4).

______________________________

(1) اذ المفروض انه ليس طريقا و شارعا بالفعل فيشمله دليل جواز الاحياء الا مع عروض عنوان آخر مانع عن الجواز.

(2) اذ لا يجوز التصرف في الوقف علي تقدير كونه وقفا و أما علي التقدير الاخر فللتسالم.

(3) لأنه مورد الحق العام مضافا الي رواية البقباق فانه يستفاد منها انه مع الاضرار بالطريق لا يجوز الاخذ فان الامام عليه السلام قد قرر ما ارتكز في ذهن السائل.

(4) كما تقدم آنفا حيث قلنا ان مقتضي الاصل بعد المعارضة هو الجواز ان قلت علي هذا الاساس يجوز التصرف فيما يكون أزيد من الخمسة اذ مقتضي المعارضة التساقط و بعده تصل النوبة الي الاصل و مقتضاه الجواز بل يمكن أن يقال: ان مقتضي احدي الروايتين ان الحد هو الخمس و مقتضي الثانية عدم جواز التصرف في الشارع و الاخذ منه علي الاطلاق بلا فرق بين الواسع و غيره و بلا فرق بين وجود المزاحمة و عدمها و بلا فرق بين الخمس و غيره فتكون النسبة العموم المطلق و مقتضاه رفع اليد عن العام بالخاص.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 175

[مسألة 12: يجوز لكل مسلم أن يتعبد و يصلي في المسجد و جميع المسلمين فيه شرع سواء]

(مسألة 12): يجوز لكل مسلم أن يتعبد و يصلي في المسجد و جميع المسلمين فيه شرع سواء (1) و لا يجوز لأحد أن يزاحم الاخر فيه اذا كان الاخر سابقا عليه (2) لكن الظاهر تقدم الصلاة علي غيرها فلو أراد أحد أن يصلي فيه جماعة

أو فرادي فلا يجوز لغيره أن يزاحمه و لو كان سابقا عليه كما اذا كان جالسا فيه لقراءة القرآن أو الدعاء أو التدريس بل يجب عليه تخلية ذلك المكان للمصلي (3).

______________________________

قلت: الامر كما ذكرت لكن الظاهر انه مع المزاحمة لا يمكن الالتزام بالجواز فان المرتكز في الاذهان عدم جواز المزاحمة فانها تعد عدوانا و تجاوزا بالنسبة الي الحق العمومي و السيرة جارية علي هذا المنوال مضافا الي أن مقتضي المصالح العامة توسعة الطريق بمقدار يكفي للمارة بأنواعها و اصنافها فانه من الامور الحسبية و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان النسبة بين الحديثين عموم من وجه اذ عنوان الواسع يجتمع مع عنوان خمس اذرع و يفترق عنه كما ان عنوان خمس اذرع كذلك فلا بد من اعمال قانون التعارض و قد تقدم انه لا بد من الاحتياط.

(1) بلا اشكال و لا كلام فان المسجد محل العبادة لعموم المسلمين.

(2) بلا اشكال و لا خلاف- كما في الجواهر- فان السابق احق بلا كلام و قد دلت علي الاحقية جملة من النصوص لاحظ احاديث: محمد بن اسماعيل و طلحة و ابن أبي عمير «1» و مرسل الصدوق قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام:

سوق المسلمين كمسجدهم فمن سبق الي مكان فهو أحق به الي الليل و كان لا يأخذ علي بيوت السوق كراء «2».

(3) قال في الجواهر: «و هل الصلاة مقدمة علي غيرها من العبادات؟ كقراءة

______________________________

(1) لاحظ ص: 164 و 165

(2) الوسائل الباب 17 من أبواب آداب التجارة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 176

و لا يبعد أن يكون الحكم كذلك حتي لو كان اختيار المصلي هذا المكان اقتراحا منه فلو اختار المصلي مكانا مشغولا بغير الصلاة و لو

اقتراحا يشكل مزاحمته بفعل غير الصلاة و ان كان سابقا عليه (1) نعم من سبق الي مكان للصلاة فيه منفردا فليس لمريد الصلاة فيه جماعة منعه و ازعاجه (2) و ان كان الاولي للمنفرد حينئذ أن يخلي المكان للجامع اذا وجد مكانا آخر فارغا لصلاته و لا يكون مناعا للخير (3).

[مسألة 13: إذا قام الجالس من المسجد و فارق المكان]

(مسألة 13): اذا قام الجالس من المسجد و فارق المكان فان

______________________________

القرآن وجهان اقوامها ذلك و لكن لم اجده في كلام احد من الاصحاب و لا غيره من صور التعارض» و يمكن أن يستدل علي المدعي بالارتكاز الشرعي مضافا الي أن مرجع الشك الي التوسعة في الاذن الشرعي و عدمها و الاصل عدم التوسعة في الاذن.

و بعبارة اخري: ان المسجد ليس من المباحات الاصلية و له أحكام خاصة فلا بد من احراز الجواز.

لكن يرد عليه ان مرجع الشك الي حرمة التصرف عند المزاحمة و مقتضي الاصل الاولي عدم الحرمة فالاولي الاستدلال عليه بالارتكاز و ان الغرض الاساسي المترتب علي المساجد الصلاة و انما سميت المساجد بهذا الاسم لعله باعتبار السجود الصلاتي فلاحظ.

(1) لعين الملاك الذي ذكرناه.

(2) لعدم دليل علي الترجيح كما هو ظاهر.

(3) لا يبعد أن تكون الاولوية المذكورة علي القاعدة حيث ان صلاة الجماعة احب الي اللّه مضافا الي أنه موافق للاحتياط.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 177

أعرض عنه بطل حقه و لو عاد اليه و قد أخذه غيره فليس له منعه و ازعاجه و أما اذا كان ناويا للعود فان بقي رحله فيه بقي حقه بلا اشكال و ان لم يبق ففي بقاء حقه اشكال فالاحوط مراعاة حقه و لا سيما اذا كان خروجه لضرورة كتجديد الطهارة أو نحوه (1).

[مسألة 14: في كفاية وضع الرحل في ثبوت الأولوية إشكال]

(مسألة 14): في كفاية وضع الرحل في ثبوت الاولوية اشكال (2) و الاحتياط لا يترك (3) هذا اذا لم يكن بين وضع الرحل و مجيئه طول زمان بحيث يستلزم تعطيل المكان و الا فلا أثر له و جاز لغيره رفعه و الصلاة في مكانه اذا كان شغل المحل بحيث لا يمكن الصلاة فيه إلا برفعه

(4) و هل انه يضمنه برفعه أم لا؟ وجهان الظاهر عدم الضمان اذ لا موجب له بعد جواز رفعه للوصول الي حقه (5).

[مسألة 15: المشاهد المشرفة كالمساجد في تمام ما ذكر]

(مسألة 15): المشاهد المشرفة كالمساجد في تمام ما ذكر

______________________________

(1) كما هو ظاهر و قد مر نظيره فلاحظ المسألة الي آخرها و طبقها علي ما ذكرناه سابقا.

(2) لعدم الدليل علي ثبوت الحق بهذا المقدار.

(3) بتقريب: صدق عنوان السبق و السابق اولي.

(4) كما هو ظاهر اذ المفروض انه لا حق له فيجوز التصرف في ماله أيضا برفعه.

(5) الامر كما أفاده لعدم المقتضي للضمان مع فرض جواز التصرف و قصور دليل الضمان عن شموله لهذه الصورة.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 178

من الاحكام (1).

[مسألة 16: جواز السكني في المدارس لطالب العلم و عدمه تابعان لكيفية وقف الواقف]

(مسألة 16): جواز السكني في المدارس لطالب العلم و عدمه تابعان لكيفية وقف الواقف فاذا خصها الواقف بطائفة خاصة كالعرب أو العجم أو بصنف خاص كطالبي العلوم الشرعية أو خصوص الفقه أو الكلام مثلا فلا يجوز لغير هذه الطائفة أو الصنف السكني فيها و أما بالنسبة الي مستحقي السكني بها فهي كالمساجد فمن حاز غرفة و سكنها فهو أحق بها و لا يجوز لغيره أن يزاحمه ما لم يعرض عنها و ان طالت المدة الا اذا اشترط الواقف مدة خاصة كخمس سنين مثلا فعندئذ يلزمه الخروج بعد انقضاء تلك المدة بلا مهلة (2) أو اذا اشترط الواقف اتصاف ساكنها بصفة خاصة كأن لا يكون معيلا أو يكون مشغولا بالتدريس أو بالتحصيل فاذا تزوج أو طرأ عليه العجز لزمه الخروج منها و الضابط ان حق السكني حدوثا و بقاء تابع لوقف الواقف بتمام شرائطه فلا يجوز السكني لفاقدها حدوثا أو بقاء (3).

[مسألة 17: لا يبطل حق السكني لساكنها بالخروج لحوائجه اليومية]

(مسألة 17): لا يبطل حق السكني لساكنها بالخروج لحوائجه اليومية من المأكول و المشروب و الملبس و ما شاكل ذلك كمالا يبطل

______________________________

(1) كما هو ظاهر.

(2) ما أفاده ظاهر و ما أفاده حق حقيق.

(3) ما أفاده ظاهر واضح.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 179

بالخروج منها للسفر يوما أو يومين أو أكثر (1) و اذا اعتبر الواقف البيتوتة في المدرسة في ليالي التحصيل خاصة أو في جميع الليالي لم يجز لساكنها أن يبيت في مكان آخر و لو بات بطل حقه (2) و أما الاسفار المتعارفة التي تشغل مدة من الزمن كالشهر أو الشهرين أو ثلاثة اشهر أو أكثر كالسفر الي الحج أو الزيارة أو لملاقاة الاقرباء أو نحو ذلك مع نية العود و بقاء رحله و

متاعه فلا بأس بها ما لم تناف شرط الواقف نعم لا بد من صدق عنوان ساكن المدرسة عليه فان كانت المدة طويلة بحيث توجب عدم صدق العنوان عليه بطل حقه (3).

[مسألة 18: لا يجوز للساكن في غرفة منع غيره عن مشاركته]

(مسألة 18): لا يجوز للساكن في غرفة منع غيره عن مشاركته الا اذا كانت الحجرة حسب الوقف أو بمقتضي قابليتها معدة لسكني طالب واحد (4).

[مسألة 19: الربط و هي المساكن المعدة لسكني الفقراء أو الغرباء كالمدارس في جميع ما ذكر]

(مسألة 19): الربط و هي المساكن المعدة لسكني الفقراء أو الغرباء كالمدارس في جميع ما ذكر (5).

[مسألة 20: مياه الشطوط و الأنهار الكبار كدجلة و الفرات من المشتركات]

(مسألة 20): مياه الشطوط و الانهار الكبار كدجلة و الفرات

______________________________

(1) الامر كما أفاده.

(2) الامر كما أفاده.

(3) الامر كما أفاده بلا كلام.

(4) الامر كما أفاده.

(5) الامر كما أفاده و تقريب الاستدلال علي المدعي في كليهما واحد.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 180

و ما شاكلهما أو الصغار التي جرت بنفسها من العيون أو السيول أو ذوبان الثلوج و كذا العيون المتفجرة من الجبال أو في اراضي الموات و غير ذلك من المشتركات و الضابط ان كل ماء جري بنفسه أو اجتمع كذلك في مكان بلا يد خارجية عليه فهو من المباحات الاصلية (1) من حازه باناء أو غيره ملكه (2).

______________________________

(1) الامر كما أفاده فان الاصل الاولي في الاشياء الاباحة مضافا الي الاجماع بقسميه كما في الجواهر اضف الي ذلك النبوي قال: «الناس شركاء في ثلاث:

النار و الماء و الكلاء «1» و الكاظمي 2.

(2) اجماعا بقسميه و بلا خلاف بل بالضرورة- كما في الجواهر- و ربما يقال بأنه لا يصير ملكا للنبوي الدال علي اشتراك الكل.

و يرد عليه: انه خلاف الضرورة و عليه تخصص الرواية مضافا الي ضعف السند في كلتا الروايتين اضف الي ذلك كله ما يدل علي الاختصاص عموما و خصوصا أما عموما فما عن النبي صلي اللّه عليه و آله من قوله: «من سبق الي مالا يسبقه اليه المسلم فهو أحق به 3.

و أما خصوصا فما رواه سعيد الاعرج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن الرجل يكون له الشرب مع قوم في قناة فيها شركاء فيستغني بعضهم عن شربه أ يبيع شربه؟ قال: نعم ان شاء باعه

بورق و ان شاء بكيل حنطة 4.

و ما رواه الكاهلي قال: سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا عنده عن قناة بين

______________________________

(1) (1 و 2) مستدرك الوسائل الباب 4 من ابواب احياء الموات الحديث: 2 و الوسائل الباب 5 من أبواب احياء الموات الحديث: 1

(2) (3) مستدرك الوسائل الباب 1 من ابواب احياء الموات الحديث: 4

(3) (4) الوسائل الباب 6 من ابواب احياء الموات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 181

من دون فرق بين المسلم و الكافر في ذلك (1) و أما مياه الآبار و العيون و القنوات التي جرت بالحفر لا بنفسها فهي ملك للحافر (2) فلا يجوز لأحد التصرف فيها بدون اذن مالكها (3).

[(مسألة 21: إذا شق نهرا من ماء مباح سواء أ كان بحفره في أرض مملوكة له أو بحفره في الموات بقصد إحيائه نهرا ملك ما يدخل فيه من الماء]

(مسألة 21): اذا شق نهرا من ماء مباح سواء أ كان بحفره في أرض مملوكة له أو بحفره في الموات بقصد احيائه نهرا ملك ما يدخل فيه من الماء (4) و اذا كان النهر لمتعددين ملك كل منهم بمقدار حصته من

______________________________

قوم لكل رجل منهم شرب معلوم فاستغني رجل منهم عن شربه أ يبيعه بحنطة أو شعير قال يبيعه بما شاء هذا مما ليس فيه شي ء «1».

و ما رواه علي بن جعفر عن أخيه قال: سألته عن قوم كانت بينهم قناة ماء لكل انسان منهم شرب معلوم فباع أحدهم شربه بدراهم او بطعام هل يصلح ذلك؟ قال نعم لا بأس «2».

(1) لإطلاق الدليل اللفظي و تحقق السيرة.

(2) فانه نحو من الحيازة و الحيازة توجب الملكية للحائز.

(3) لعدم جواز التصرف في مال الغير بلا اذن منه بلا اشكال.

(4) للحيازة و لكن لم افهم وجه التقييد بقصد الاحياء اذ يحصل التملك بالحيازة و لو بواسطة مملوك الغير فلو حاز مقدارا

من الماء في آنية مغصوبة ملك ذلك الماء و ان عصي بالنسبة الي التصرف في مال الغير الا أن يكون الماتن ناظرا الي أن شق النهر بقصد الاحياء يوجب تملك الارض فلو جري فيه الماء ملك الماء بتبع ملك الارض بتقريب: انه لو وقع شي ء من المباح الاصلي في ملك شخص يملكه مثلا

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 182

النهر فان كانت حصة كل منهم من النهر بالسوية اشتركوا في الماء كذلك و ان كانت بالتفاوت ملكوا الماء بتلك النسبة (1) و لا تتبع نسبة استحقاق الاراضي التي تسقي منه (2).

[مسألة 22: الماء الجاري في النهر المشترك حكمه حكم سائر الأموال المشتركة]

(مسألة 22): الماء الجاري في النهر المشترك حكمه حكم سائر الاموال المشتركة فلا يجوز لكل واحد من الشركاء التصرف فيه بدون اذن الباقين (3) و عليه فان أباح كل منهم لسائر شركائه أن يقضي حاجته منه في كل وقت و زمان و بأي مقدار شاء جاز له ذلك (4) و اذا وقع بينهم تعاسر و تشاجر فان تراضوا بالتناوب و المهاباة بالايام أو الساعات فهو (5) و الا فلا محيص من تقسيمه بينهم بالاجزاء بأن توضع في فم النهر حديدة مثلا ذات ثقوب متعددة متساوية و يجعل لكل منهم من الثقوب بمقدار حصته فان كانت حصة أحدهم سدسا و الاخر ثلثا

______________________________

لو اجتمع مقدار ماء المطر في حوض دار زيد يكون ملكا له و اللّه العالم.

(1) و الوجه فيه ظاهر اذ المفروض ان الملكية يتبع الملك فيلاحظ النسبة كما أفاده في المتن و ان كان بلحاظ الحيازة فالامر كذلك أيضا.

(2) اذ لا وجه للاتباع فان المناط الحيازة أو الدخول في الملك.

(3) اذ لا دليل علي اختصاصه بحكم خاص فالأمر

كما أفاده.

(4) فانه حكم الملك المشترك.

(5) يمكن أن يقال بأن صحتها علي طبق القاعدة الاولية لجريان السيرة عليها و عدم ردع الشارع عنها مضافا الي أنه يظهر من كلمات الاصحاب انها مورد الاجماع.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 183

و الثالث نصفا فلصاحب السادس ثقب واحد و لصاحب الثلث ثقبان و لصاحب النصف ثلاثة ثقوب فالمجموع ستة (1).

[مسألة 23: القسمة بحسب الأجزاء لازمة]

(مسألة 23): القسمة بحسب الاجزاء لازمة (2) و الظاهر انها قسمة اجبار فاذا طلبها أحد الشركاء اجبر الممتنع منهم عليها (3) و أما القسمة بالمهاباة و التناوب فهي ليست بلازمة فيجوز لكل منهم الرجوع عنها (4) نعم الظاهر عدم جواز رجوع من استوفي تمام نوبته دون الاخر (5).

______________________________

(1) فانه نحو من القسمة التي بنوا علي صحتها في كتاب القسمة للسيرة و الاجماع و تفصيل الكلام حولها موكول الي محله.

(2) قد صرح سيدنا الاستاد في كتاب القضاء بذلك و قال في الفرع الثاني و الأربعين: «القسمة عقد لازم» و الظاهر ان الامر كما أفاده اذ يصدق عليه العقد فيجب الوفاء به بمقتضي وجوب الوفاء بالعقد.

(3) لولاية الحاكم علي الممتنع و تفصيل الكلام موكول الي محله.

(4) قال في الجواهر «1»: «انها غير لازمة للأصل و غيره» الخ و يمكن أن يكون مراده من غيره الاجماع و أما الاصل فلا اصل له اذ لو كان المراد من الاصل اصالة عدم اللزوم فهو معارض باصالة عدم الجواز مضافا الي أن مقتضي الاستصحاب بقاء العقد علي حاله فان الاستصحاب علي مسلك المشهور يجري في الحكم الكلي اضف الي ذلك ان مقتضي وجوب الوفاء بالعقد هو اللزوم فلا تصل النوبة الي الاصل.

(5) قد صرح في الجواهر «2» بخلافه و لم يظهر لي وجه التفصيل بين

الصورتين الا أن يقال: بأن اللزوم علي القاعدة و انما نلتزم بالجواز في بعض

______________________________

(1) ج 38 ص: 127

(2) عين المصدر

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 184

[مسألة 24: إذا اجتمع جماعة علي ماء مباح من عين أو واد أو نهر أو نحو ذلك كان للجميع حق السقي منه]

(مسألة 24): اذا اجتمع جماعة علي ماء مباح من عين أو واد أو نهر أو نحو ذلك كان للجميع حق السقي منه (1) و ليس لأحد منهم شق نهر فوقها ليقبض الماء كله أو ينقصه عن مقدار احتياج الباقين (2) و عندئذ فان كفي الماء للجميع دون مزاحمة فهو و الاقدم الاسبق فالاسبق في الاحياء (3) ان كان و علم السابق (4) و الاقدم الاعلي فالاعلي و الاقرب الي فوهة العين أو أصل النهر و كذا الحال في الانهار المملوكة المنشقة من الشطوط فان كفي الماء للجميع و الاقدم الاسبق فالاسبق اي من كان شق نهره اسبق من شق نهر الاخر و هكذا ان كان هناك سابق و لاحق و الا فيقبض الاعلي بمقدار ما يحتاج اليه ثم ما يليه و هكذا (5).

______________________________

الصور للإجماع.

(1) لعدم ترجيح احدهم علي الاخرين.

(2) لعدم جواز المزاحمة و المفروض ان لكل منهم حق السقي.

(3) لأحقية السابق علي ما هو المقرر عند الشرع.

(4) يظهر من العبارة انه يشترط في التقديم وجود السابق و العلم به و يرد عليه انه في صورة وجود السابق و عدم العلم به تصل النوبة الي القرعة فانها لكل أمر مشكل و لم يظهر وجه عدم تعرضه للقرعة.

(5) لجملة من النصوص: منها: ما رواه غياث بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول قضي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في سيل وادي مهزور للزرع الي الشراك و للنخل الي الكعب ثم يرسل الماء الي أسفل من ذلك

«1» و هذه الرواية ضعيفة بابن ايمن.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب احياء الموات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 185

______________________________

و منها: مرسل الصدوق قال: و في خبر آخر: للزرع الي الشراكين و النخل الي الساقين قال: و هذا علي حسب قوة الوادي و ضعفه «1» و المرسل لا اعتبار به

و منها: ما رواه عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قضي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في شرب النخل بالليل ان الأعلي يشرب قبل الأسفل يترك من الماء الي الكعبين ثم يسرح الماء الي الأسفل الذي يليه و كذلك حتي ينقضي الحوائط و يفني الماء «2» و الرواية ضعيفة بابن هلال.

و منها: ما رواه غياث بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قضي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في سيل وادي مهزور أن يحبس الأعلي علي الاسفل للنخل الي الكعبين و الزرع الي الشراكين «3».

و الظاهر صحة هذه الرواية و لكن يبقي في المقام اشكال و هو ان هذه الرواية تعارض قاعدة السبق بالعموم من وجه و يقع التعارض بينهما فيما يكون الاسبق اسفل و المسبوق أعلي.

لكن يمكن أن يكون الوجه في تقدم الاسبق ان السيرة جارية علي احقية السابق علي الاطلاق و لعله مورد اتفاق الاصحاب.

و لكن هذا الاشكال انما يتوجه اذا قلنا بشمول النص مورد تحقق السبق و أما علي القول بعدم شمول الرواية لمورد تحقق السبق فلا مجال لهذا التقريب و الظاهر ان الحديث ناظر الي صورة التساوي و عدم السابق و لذا تري ان الماتن جعل معيار الترجيح السبق فمع تحقق السبق لا تصل الأمر بما يستفاد من الحديث.

ثم ان المذكور

في الرواية النخل و الزرع و هي خالية عن ذكر الشجر فهل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 186

[مسألة 25: تنقية النهر المشترك و إصلاحه و نحوهما علي الجميع بنسبة ملكهم]

(مسألة 25): تنقية النهر المشترك و اصلاحه و نحوهما علي الجميع بنسبة ملكهم اذا كانوا مقدمين علي ذلك باختيارهم (1) و أما اذا لم يقدم عليها الا البعض لم يجبر الممتنع (2) كما انه ليس للمقدمين مطالبته بحصته من المئونة الا اذا كان اقدامهم بالتماس منه و تعهده ببذل حقه (3) و اذا كان النهر مشتركا بين القاصر و غيره و كان اقدام غير القاصر متوقفا علي مشاركة القاصر اما لعدم اقتداره بدونه أو لغير ذلك وجب علي ولي القاصر مراعاة لمصلحته مشاركته في الاحياء و التعمير و بذل المئونة من مال القاصر بمقدار حصته (4).

______________________________

يلحق الشجر بالنخل أو الزرع؟ مقتضي الاحتياط الحاقه بالزرع الا أن يقال: بأن العرف يفهم الحاقه بالنخل و كيف كان يظهر من الماتن في المقام تقديم الأعلي علي الأسفل علي الاطلاق مع انه يظهر منه فيما بعد في مسألة (26) اختصاص التقديم بخصوص النخل و الزرع مع قيد التحديد بالكعب و الشراك المذكورين في الرواية فلاحظ.

(1) فان ملاحظة النسبة في الفرض المذكور أمر طبيعي و أصل اولي.

(2) اذ لا وجه للإجبار ان قلت مقتضي حديث لا ضرر انه يجبر اذ يلزم من امتناع بعضهم توجه الضرر الي غيره قلت: انما يتم الاستدلال بالحديث علي المسلك المشهور هذا اولا و ثانيا: لا يستفاد من حديث لا ضرر حكم اثباتي فلا يستفاد منه وجوب الاشتراك أو جواز الاجبار اضف الي ذلك انه خلاف الامتنان بالنسبة الي من اجير و هو الممتنع.

(3) كما هو

ظاهر اذ لا مقتضي للضمان الا مع الالتماس كما صرح به في المتن

(4) كما هو ظاهر فان ولي القاصر يجب عليه رعاية مصالح الصغير و القاصر و هذا

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 187

[مسألة 26: يحبس النهر للأعلي إلي الكعب في النخل و في الزرع إلي الشراك]

(مسألة 26): يحبس النهر للأعلي الي الكعب في النخل و في الزرع الي الشراك ثم كذلك لمن هو دونه (1) و للمالك أن يحمي المرعي في ملكه (2) و ليس لصاحب النهر تحويله الا باذن صاحب الرحي المنصوبة عليه باذنه (3) و كذا غير الرحي أيضا من الاشجار

______________________________

من الواضحات.

(1) كما صرح في حديث غياث «1».

(2) كما اشار اليه في الجواهر «2» و الظاهر ان المدرك حديث ادريس بن زيد عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته و قلت: جعلت فداك ان لنا ضياعا و لنا حدود و لنا الدواب و فيها مراعي و للرجل منا غنم و ابل يحتاج الي تلك المراعي لإبله و غنمه أ يحل له أن يحمي المراعي لحاجته اليها فقال: اذا كانت الأرض أرضه فله أن يحمي و يصير ذلك الي ما يحتاج اليه و قال: و قلت له: الرجل يبيع المراعي فقال: اذا كانت الارض أرضه فلا بأس «3» و الحديث ضعيف بادريس حيث انه لم يوثق.

و أما حديث محمد بن عبد اللّه قال: سألت الرضا عليه السلام عن الرجل تكون له الضيعة و تكون لها حدود تبلغ حدودها عشرين ميلا أو أقل أو أكثر يأتيه الرجل فيقول: أعطني من مراعي ضيعتك و اعطيك كذا و كذا درهما فقال: اذا كانت الضيعة له فلا باس «4» فهو ضعيف أيضا به.

(3) الأصل فيه ما رواه محمد بن الحسين قال: كتبت الي أبي محمد عليه السلام

______________________________

(1) لاحظ ص: 185

(2)

جواهر الكلام ج 38 ص: 63

(3) الوسائل الباب 22 من أبواب عقد البيع و شروطه الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 9 من ابواب احياء الموات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 188

المغروسة علي حافتيه و غيرها (1).

[مسألة 27: المعادن علي نوعين]

(مسألة 27): المعادن علي نوعين: الاول: المعادن الظاهرة و هي الموجودة علي سطح الارض فلا يحتاج استخراجها الي مؤنة عمل خارجي و ذلك كالملح و القير و الكبريت و المومياء و الفيروزج و ما شاكل ذلك الثاني: المعادن الباطنة و هي التي يتوقف استخراجها علي الحفر و العمل و ذلك كالذهب و الفضة أما الاولي فهي تملك بالحيازة فمن حاز منها شيئا ملك قليلا كان أو كثيرا (2) و بقي الباقي

______________________________

رجل كانت له رحي علي نهر قرية لرجل فأراد صاحب القرية أن يسوق الي قريته الماء في غير هذا النهر و يعطل هذه الرحي أله ذلك أم لا؟ فوقع عليه السلام:

يتقي اللّه و يعمل في ذلك بالمعروف و لا يضر أخاه المؤمن «1».

فان مقتضي اطلاق هذا الخبر عدم جواز التحويل بلا تقييد بكون نصب الرحي عن حق بل يكفي في الحرمة مجرد الاذن في النصب كما في المتن فما عن الحلي و صاحب الرياض من التقييد بصورة كونه حقا واجبا علي صاحب النهر ينافي الاطلاق فلا وجه له لكن الظاهر انه لا يشمل الحكم صورة عدم الحق لصاحب الرحي و بعبارة اخري: لا يجوز مزاحمة ذي الحق.

(1) يمكن التأمل في التعميم اذ منع صاحب النهر ينافي قاعدة الناس مسلطون علي أموالهم و يمكن أن يكون نظر الماتن الي أن العرف يفهم من الرواية عدم الفرق بين الموارد و عدم خصوصية للرحي لكن قد تقدم الاشكال في الرحي الا فيما

يكون نصبه عن حق.

(2) كغيرها من المباحات الاصلية التي تملك بها بلا اشكال لكن لقائل أن يقول

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب احياء الموات

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 189

علي الاشتراك (1) و أما الثانية فهي تملك بالاحياء بعد الوصول اليها و ظهورها (2) و أما اذا حفر و لم يبلغ نيلها فهو يفيد فائدة التحجير (3).

[مسألة 28: إذا شرع في إحياء معدن ثم أهمله و عطله أجبره الحاكم أو وكيله علي إتمام العمل أو رفع يده عنه]

(مسألة 28): اذا شرع في احياء معدن ثم أهمله و عطله أجبره الحاكم أو وكيله علي اتمام العمل أو رفع يده عنه و لو أبدي عذرا

______________________________

ان المعادن ليست من المباحات الاصلية بل هي من الانفال التي تكون مملوكة للإمام عليه السلام و يدل علي المدعي بعض النصوص لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الانفال فقال: هي القري التي قد خربت و انجلي أهلها فهي للّه و للرسول و ما كان للمملوك فهو للإمام و ما كان من الأرض بخربة لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب و كل أرض لا رب لها و المعادن منها و من مات و ليس له مولي فما له من الانفال «1».

و ما رواه داود بن فرقد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: قلت:

و ما الانفال؟ قال: بطون الاودية و رءوس الجبال و الاجام و المعادن الحديث «2» لكن الظاهر انه لا اشكال في جواز الحيازة و ان كان المحاز ملكا للإمام عليه السلام

(1) اذ لا مقتضي لملكية الباقي فان المفروض ان الباقي لم يقع مورد الحيازة فلم تملك.

(2) بتقريب: انه نحو من الاحياء الموجب للملكية و احياء كل شي ء بحسبه مضافا الي ما في الجواهر «3» من عدم الخلاف فيه بل ادعي

عليه الاجماع من جماعة و ربما يقال: بأنه مصداق للحيازة التي توجب الملكية فلاحظ.

(3) اذ لم يتحقق الاحياء كما لم تتحقق الحيازة فلا وجه لحصول الملكية نعم

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من احكام الانفال الحديث: 20

(2) نفس المصدر الحديث: 32

(3) جواهر الكلام ج 38 ص: 110

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 190

أمهله الي أن يزول عذره ثم يلزمه علي أحد الامرين (1).

[مسألة 29: المعادن الباطنة إنما تملك بإحياء الأرض إذا عدت عرفا من توابع الأرض و ملحقاتها]

(مسألة 29): المعادن الباطنة انما تملك باحياء الارض اذا عدت عرفا من توابع الارض و ملحقاتها (2) و أما اذا لم تعد منها كمعادن النفط المحتاجة الي حقر زائد للوصول اليها أو ما شاكلها فلا تتبع الارض و لا تملك باحيائها (3).

[مسألة 30: لو قال المالك اعمل و لك نصف الخارج من المعدن]

(مسألة 30): لو قال المالك اعمل و لك نصف الخارج من المعدن فان كان بعنوان الاجارة بطل (4) و في صحته بعنوان الجعالة اشكال (5).

______________________________

له حق السبق كحق التحجير.

(1) يقع الكلام تارة في مقام الثبوت و ان الحق يبقي مع الاهمال أم لا؟ و اخري في مقام الاثبات و هو انه مع وجود اظهار العذر يمهل اما المقام الاول فلقائل أن يقول انه لو لم يكن حقه باقيا مع الاهمال فلا وجه لدخالة الحاكم بل يجوز لكل احد رفع يده و الاشتغال بالعمل و ان كان حقه باقيا فلا وجه للإجبار و الاكراه فلاحظ و أما المقام الثاني فنقول: مع احتمال كونه معذورا أي وجه في جواز تعرضه و بعبارة اخري: يحمل فعله علي الصحة الا أن يثبت الاهمال.

(2) كما هو مقتضي تملك الارض بالاحياء.

(3) اذ لا مقتضي له علي الفرض.

(4) للجهالة و هي توجب بطلان الاجارة كما قرر في محله.

(5) مبني علي اشتراط العلم بمقدار الجعل و الظاهر انه لا دليل عليه سيما مع انتفاء الغرر الذي هو عبارة عن الخطر و من الظاهر ان الجهالة لا تستلزم الخطر فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 191

[كتاب الدين]

اشارة

كتاب الدين

[مسألة 1: يكره الدين مع القدرة]

(مسألة 1): يكره الدين مع القدرة (1) و لو استدان وجبت نية القضاء (2).

______________________________

(1) قد جعل صاحب الوسائل قدس سره اول أبواب كتاب الدين خاصا بالنصوص الدالة عليها و سماه بباب كراهته مع الغني عنه و من تلك النصوص ما رواه السكوني عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اياكم و الدين فانه شين الدين «1».

(2) و هو المشهور كما في بعض الكلمات و تؤيد المدعي جملة من النصوص منها ما رواه عبد الغفار الجازي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن رجل مات و عليه دين قال: ان كان أتي علي يديه من غير فساد لم يؤاخذه اللّه اذا علم من نيته الا من كان لا يريد أن يؤدي عن امانته فهو بمنزلة السارق «2».

و منها: ما رواه ابن فضال عن بعض اصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال من استدان دينا فلم ينو قضاءه كان بمنزلة السارق «3» و منها ما رواه أبو خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ايما رجل أتي رجلا فاستقرض منه مالا و في نيته أن لا يؤديه فذلك اللص العادي «4».

و يمكن أن يقال: ان نية الأداء وجوبها علي طبق القاعدة الأولية و لا يحتاج الي دليل خاص اذ الدين ملك الغير في الذمة و لا اشكال في وجوب ادائه عند

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الدين الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب الدين الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 5 من أبواب الدين الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 192

و الاقراض افضل من الصدقة (1) و يحرم

اشتراط زيادة في القدر أو الصفة علي المقترض (2) لكن الظاهر ان القرض لا يبطل بذلك

______________________________

المطالبة فعدم نية القضاء معناه عدم نية الاتيان بالواجب الالهي و هذا نحو من التجري علي المولي الا أن يقال هذا المقدار لا يقتضي الوجوب الشرعي و الكلام في المقام في الوجوب الشرعي.

(1) لاحظ ما رواه محمد بن حباب القماط عن شيخ كان عندنا قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: لأن أقرض قرضا احب إلي من أن أتصدق بمثله و كان يقول: من أقرض قرضا و ضرب له اجلا فلم يؤت به عند ذلك الأجل كان له من الثواب في كل يوم يتأخر عن ذلك الاجل بمثل صدقة دينار واحد في كل يوم «1».

(2) قال في الحدائق: «لا خلاف بين الأصحاب رضوان اللّه عليهم في تحريم اشتراط النفع في القرض بل نقل بعض محققي متأخر المتأخرين اجماع المسلمين علي ذلك» «2».

و لا يبعد أن يكون حرمة القرض الربوي من الواضحات التي لا مجال للشك فيها و يدل علي المدعي من النصوص ما رواه ابن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الربا رباءان: احدهما: ربا حلال و الاخر حرام فأما الحلال فهو أن يقرض الرجل قرضا طمعا أن يزيده و يعوضه بأكثر مما اخذه بلا شرط بينهما فان اعطاه اكثر مما اخذه بلا شرط بينهما فهو مباح له و ليس له عند اللّه ثواب فيما اقرضه و هو قوله عز و جل:

«فلا يربو عند اللّه» و أما الربا الحرام فهو الرجل يقرض قرضا و يشترط أن يرد اكثر

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب الدين الحديث: 1

(2) الحدائق ج 20 ص 110

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 193

بل يبطل

الشرط فقط (1) و يحرم اخذ الزيادة (2) و لا فرق بين أن تكون الزيادة راجعة الي المقرض و غيره فلو قال اقرضتك دينارا بشرط أن تهب زيدا أو تصرف في المسجد أو الماتم درهما لم يصح (3) و كذا

______________________________

مما اخذه فهذا هو الحرام «1».

(1) مقتضي بعض نصوص الباب فساد القرض بالشرط لاحظ ما رواه ابن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يسلم في بيع أو تمر عشرين دينارا و يقرض صاحب السلم عشرة دنانير أو عشرين دينارا قال: لا يصلح اذا كان قرضا يجر شيئا فلا يصلح قال: و سألته عن رجل يأتي حريفه و خليطه فيستقرض منه الدنانير فيقرضه و لو لا أن يخالطه و يحارفه و يصيب عليه لم يقرضه فقال: ان كان معروفا بينهما فلا بأس و ان كان انما يقرضه من أجل أنه يصيب عليه فلا يصلح «2» و لاحظ ما رواه علي بن جعفر عن اخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: و سألته عن رجل اعطي رجلا مأئة درهم علي أن يعطيه خمسة دراهم أو أقل او أكثر قال: هذا الربا المحض «3».

(2) بلا اشكال و لا كلام فانه مع فساد الشرط يكون عدم الحلية و الجواز علي طبق القاعدة الأولية مضافا الي دلالة النصوص علي المدعي لاحظ ما رواه خالد بن الحجاج قال: سألته عن رجل كانت لي عليه مائة درهم عددا قضانيها مائة درهم وزنا قال: لا بأس به ما لم يشترط قال و قال: جاء الربا من قبل الشرط و انما تفسده الشروط «4».

(3) لإطلاق بعض النصوص المقتضي لفساد مطلق الشرط لاحظ ما رواه ابن

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من ابواب

الربا الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 19 من أبواب الدين الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 18

(4) التهذيب ج 7 ص 112 الحديث: 89

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 194

اذا اشترط أن يعمر المسجد أو يقيم الماتم أو نحو ذلك مما لو حظ فيه المال فانه يحرم (1) و يجوز قبولها مطلقا من غير شرط (2) كما يجوز اشتراط ما هو واجب علي المقترض مثل أقرضتك بشرط أن تؤدي زكاتك أو دينك مما كان مالا لازم الاداء و كذا اشتراط ما لم يلحظ فيه المال مثل أن تدعو لي أو تدعو لزيد أو تصلي أنت أو تصوم من غير فرق بين أن ترجع فائدته للمقرض أو المقترض و غيرهما فالمدار في المنع ما لوحظ فيه المال و لم يكن ثابتا بغير القرض فيجوز شرط غير ذلك (3) و لو شرط موضع التسليم لزم (4).

______________________________

شعيب «1».

(1) للإطلاق.

(2) لعدم المقتضي للحرمة مضافا الي جملة من النصوص الدالة علي الجواز منها ما رواه ابن غياث «2» و منها غيره من النصوص المذكور في الوسائل في الباب 19 من الدين فلاحظ.

(3) مقتضي اطلاق قوله عليه السلام في حديث ابن شعيب «3» «اذا كان قرضا يجر شيئا فلا يصلح» عدم جواز مطلق الشرط و لعل كلام الماتن مبتن علي وجه غير ظاهر عندي و بعبارة اخري مقتضي الاطلاق هي الحرمة و اللّه العالم.

(4) لجملة من النصوص منها ما رواه يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قلت: يسلف الرجل الورق علي أن ينقدها اياه بارض اخري و يشترط عليه

______________________________

(1) لاحظ ص: 193

(2) لاحظ ص: 192

(3) لاحظ ص: 193

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 195

و كذا اذا اشترط الرهن (1).

______________________________

ذلك قال: لا

بأس «1».

و منها ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا بأس بأن يأخذ الرجل الدراهم بمكة و يكتب لهم سفاتج أن يعطوها بالكوفة «2».

و منها ما رواه ابان يعني ابن عثمان أنه قال يعني أبا عبد اللّه عليه السلام في الرجل يسلف الرجل الدراهم ينقدها اياه بارض اخري قال: لا بأس به «3».

و منها ما رواه اسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قلت: يدفع الي الرجل الدراهم فاشترط عليه أن يدفعها بارض اخري سودا بوزنها و أشترط ذلك عليه قال: لا بأس 4.

و منها ما رواه يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يسلف الرجل الورق علي أن ينقدها اياه بأرض اخري و يشترط ذلك قال: لا بأس 5.

فان مقتضي النصوص المشار اليها جواز الشرط المذكور و نفوذه.

(1) مقتضي اطلاق بعض النصوص عدم الجواز الا أن يتم المدعي بالسيرة بدعوي جريانها علي اشتراط الرهن بلا نكير بل يدل علي المدعي قوله تعالي وَ إِنْ كُنْتُمْ عَليٰ سَفَرٍ وَ لَمْ تَجِدُوا كٰاتِباً فَرِهٰانٌ مَقْبُوضَةٌ 6 فان المستفاد من الاية الشريفة انه يجوز الدين باشتراط الرهن.

و يؤيد المدعي ما رواه عباس بن عيسي قال: ضاق علي بن الحسين عليهما السلام ضيقة فأتي مولي له فقال: اقرضني عشرة آلاف درهم الي ميسرة فقال: لا

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب الصرف الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) (3 و 4 و 5) نفس المصدر الحديث 4 و 5 و 6

(4) (6) البقرة/ 283

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 196

و لو شرط تاجيله في عقد لازم صح و لزم الاجل (1).

______________________________

لأنه ليس عندي و

لكني أريد وثيقة قال: فنقف (فشق) له من ردائه هدبة فقال: هذه الوثيقة قال: فكان مولاه كره ذلك فغضب الي أن قال: فأخذها الرجل منه و اعطاه الدرهم و جعل الهدبة في حق فسهل اللّه عز و جل له المال فحمله الي الرجل ثم قال له: قد احضرت مالك فهات وثيقتي فقال له: جعلت فداك ضيعتها فقال اذا لا تأخذ مالك مني ليس مثلي من يستخف بذمته قال: فاخرج الرجل الحق فاذا فيه الهدبة فاعطاها علي بن الحسين عليهما السلام فاعطاه علي بن الحسين عليهما السلام الدراهم و اخذ الهدبة فرمي بها و انصرف «1».

(1) يمكن أن يستفاد المدعي من جملة من النصوص منها ما رواه مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن رجل له مال علي رجل من قبل عينة عينها اياه فلما حل عليه المال لم يكن عنده ما يعطيه فأراد أن يقلب عليه و يربح أ يبيعه لؤلؤا أو غير ذلك ما يسوي مأئة درهم بألف درهم و يؤخره به؟ قال: لا بأس بذلك قد فعل ذلك أبي رضي اللّه عنه و أمرني أن افعل ذلك في شي ء كان عليه «2»

و منها ما رواه محمد بن اسحاق قال قلت لأبي الحسن عليه السلام: يكون لي علي الرجل دراهم فيقول أخرني بها و أنا اربحك فابيعه جبة تقوم علي بألف درهم بعشرة آلاف درهم أو قال بعشرين ألفا و أؤخره بالمال قال: لا بأس «3».

و منها ما رواه عبد الملك بن عتبه قال: سألته عن الرجل يريد أن أعينه المال أو يكون لي عليه مال قبل ذلك فيطلب مني مالا أزيده علي مالي الذي لي عليه أ يستقيم

أن ازيده مالا و أبيعه لؤلؤة تسوي مأئة درهم بألف درهم فأقول أبيعك هذه

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب الدين الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب احكام العقود الحديث 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 197

بل الظاهر جواز اشتراط الاجل في عقد القرض نفسه (1).

[مسألة 2: كل ما ينضبط وصفه و قدره صح قرضه]

(مسألة 2): كل ما ينضبط وصفه و قدره صح قرضه (2).

______________________________

اللؤلؤة بألف درهم علي أن أؤخرك بثمنها و بمالي عليك كذا و كذا شهرا؟ قال:

لا بأس «1».

و منها ما رواه محمد بن اسحاق بن عمار قال: قلت للرضا عليه السلام:

الرجل يكون له المال فيدخل علي صاحبه يبيعه لؤلؤة تسوي مأئة درهم بألف درهم و يؤخر عنه المال الي وقت قال: لا بأس به قد أمرني أبي ففعلت ذلك و زعم انه سأل أبا الحسن عليه السلام عنها فقال مثل ذلك «2».

فان المستفاد من هذه الروايات ان شرط التأجيل جائز في ضمن عقد البيع

(1) و يدل علي المدعي قوله تعالي: «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا تَدٰايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِليٰ أَجَلٍ مُسَمًّي فَاكْتُبُوهُ وَ لْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كٰاتِبٌ بِالْعَدْلِ «3».

(2) بلا اشكال و لا كلام و تقتضيه النصوص الدالة علي مشروعية الدين و القرض و انما الكلام و الاشكال فيما اذا لم يكن كذلك فان تم اجماع علي عدم الجواز فهو و الا يكون مقتضي القاعدة هو الجواز لإطلاق الأدلة لاحظ ما رواه ابن علوان عن جعفر عن ابيه قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من طلب رزقا حلالا فاغفل فليستدن علي اللّه و علي رسوله صلي اللّه عليه و آله «4».

و يؤيد المدعي ما ورد في جواز قرض الخبز و الجوز مع التفاوت منها ما رواه

الصباح بن سيابة قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ان عبد اللّه بن أبي يعفور أمرني أن اسالك قال: انا نستقرض الخبز من الجيران فنرد اصغر منه او اكبر فقال

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) البقرة/ 282

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب الدين الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 198

و ذو المثل يثبت في الذمة مثله (1) و غيره قيمته وقت القرض (2).

[مسألة 3: إذا أقرض إنسان عينا فقبل المقترض فرجع في القرض و طالب بالعين لا يجب إعادة العين بدون اختيار المقترض]

(مسألة 3): اذا اقرض انسان عينا فقبل المقترض فرجع في القرض و طالب بالعين لا يجب اعادة العين بدون اختيار المقترض (3).

______________________________

عليه السلام: نحن نستقرض الجوز الستين و السبعين عددا فيكون فيه الكبيرة و الصغيرة فلا بأس «1».

و منها ما رواه اسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: استقرض الرغيف من الجيران و نأخذ كبيرا و نعطي صغيرا و نأخذ صغيرا و نعطي كبيرا قال:

لا بأس «2» و منها ما عن غياث عن جعفر عن ابيه قال: لا بأس باستقراض الخبز «3».

(1) فانه مقتضي القاعدة الأولية فان القرض جعل المقترض ضامنا و من الظاهر انه لا يكون ضامنا لنفس العين فيكون ضامنا لمثله.

(2) قال في الجواهر: «و المشهور نقلا و تحصيلا انه يثبت في الذمة قيمته وقت التسليم» «4» و الذي يختلج بالبال أن يقال: يثبت المثل في القيمي أيضا فان القرض قسم من الضمانات و قد اخترنا في باب ضمان القيمي ان الثابت في الذمة هو المثل كضمان المثلي و عليه يكون المناط بوقت الدفع نعم في باب الغصب التزمنا بكون الميزان بيوم الغصب بواسطة حديث أبي ولاد حيث قال عليه السلام «قيمة بغل يوم خالفته» «5».

(3) تارة يقع البحث فيما هو مقتضي القاعدة

و اخري فيما تقتضيه الشهرة أو

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب الدين الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) الجواهر ج 25 ص: 19

(5) الوسائل الباب 17 من الاجارة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 199

[مسألة 4: لا يتأجل الدين الحال إلا باشتراطه في ضمن عقد لازم]

(مسألة 4): لا يتأجل الدين الحال (1) الا باشتراطه في ضمن عقد لازم (2) و يصح تعجيل المؤجل باسقاط بعضه (3) و لا يصح تاجيل الحال باضافة شي ء (4).

[مسألة 5: لو غاب الدائن و انقطع خبره وجب علي المستدين نية القضاء]

(مسألة 5): لو غاب الدائن و انقطع خبره وجب علي المستدين نية القضاء (5).

______________________________

الاجماع فنقول مقتضي القاعدة الأولية رجوع نفس العين الي ملك المقرض اذ علي القول بجواز عقد القرض ذاتا او عرضا ينفسخ بالفسخ و يرجع كل من العوضين الي ملك من كان في ملكه و أما البحث من الحيثية الثانية فربما يقال كما في الجواهر بأن مقتضي الاستصحاب بقاء العين في ملك المقترض و عدم خروجه عن ملكه بالفسخ.

و فيه: اولا ان الاستصحاب لا يجري في الأحكام الكلية و ثانيا انه لا تصل النوبة الي الاستصحاب بعد كون الرجوع مقتضي الفسخ و أفاد صاحب الجواهر بأن بقائه في ملكه اشهر بل مشهور بل مورد اجماع المتأخرين فان تم اجماع تعبدي كاشف فهو و الا يشكل الحكم بالبقاء بعد الفسخ فلاحظ.

(1) اذ التأجيل لا يمكن الا مع المقتضي و بدونه لا وجه له.

(2) فانه قد علم من النصوص جوازه و قد تقدم.

(3) اذ الحق قابل للإسقاط كما هو ظاهر.

(4) لكونه مصداقا للربا المحرم فلا يجوز.

(5) اجماعا محكيا ان لم يكن محصلا هكذا في الجواهر- و يدل علي المدعي ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يكون عليه الدين لا يقدر علي صاحبه و لا علي ولي له و لا يدري بأي أرض هو قال: لا جناح عليه

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 200

و الوصية عند الوفاة (1) فان جهل خبره و مضت مدة يقطع بموته فيها وجب تسليمه ورثته (2) و مع

عدم معرفتهم يتصدق به عنهم (3) و يجوز تسليمه الي الورثة مع انقطاع خبره بعد مضي عشر سنين و ان لم يقطع بموته (4) بل يجوز ذلك بعد مضي اربع سنين من غيبته اذا فحص عنه

______________________________

بعد أن يعلم اللّه منه أن نيته الأداء «1».

(1) فانها من طرق الايصال فتجب و تدل علي المدعي رواية هشام بن سالم قال:

سأل خطاب الأعور أبا ابراهيم عليه السلام و أنا جالس فقال: انه كان عند أبي أجير يعمل عنده بالاجرة ففقدناه و بقي من أجره شي ء و لا يعرف له وارث قال:

فاطلبوه، قال قد طلبناه فلم نجده قال فقال: مساكين و حرك يده قال: فاعاد عليه قال:

اطلب و اجهد فان قدرت عليه و الا فهو كسبيل مالك حتي يجي ء له طالب فان حدث بك حادث فأوص به ان جاء لها طالب أن يدفع اليه «2».

و ربما يقال بوجوب العزل عند الموت و ادعي عليه الاجماع فان ثبت اجماع تعبدي فهو و الا فللإشكال فيه مجال لعدم الدليل عليه فلاحظ.

(2) اذ المفروض ان المالك ورثته فيجب اعطائهم.

(3) كما هو المقرر عندهم من التصدق بالمال الذي يكون مجهول المالك و لنا في هذا المقام كلام تعرضنا له في مسئلة (39) من المكاسب المحرمة.

(4) لم يظهر وجهه و ما ارسله يونس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من اخذت منه ارض ثم مكث ثلاث سنين لا يطلبها لم يحل له بعد ثلاث سنين أن يطلبها «3» قاصر عن اثبات المدعي سندا و دلالة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من ابواب الدين الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 6 من ابواب ميراث الخنثي الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 17 من أبواب احياء الموات الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين،

ج 9، ص: 201

في هذه المدة (1).

[مسألة 6: لو اقتسم الشريكان الدين لم يصح]

(مسألة 6): لو اقتسم الشريكان الدين لم يصح بل الحاصل لهما و التالف منهما (2).

______________________________

(1) يمكن أن الوجه في نظر الماتن فيما أفاده الي ما ورد في باب المرأة المفقود زوجها حيث تؤجل اربع سنين علي تفصيل مذكور في باب الطلاق بتقريب انه اذا كان الطلاق جائزا بعد المدة مع الفحص يجوز اعطاء ما تركه للورثة بطريق أولي و هو كما تري و اللّه العالم بحقايق الاشياء.

(2) لجملة من النصوص منها ما رواه أبو حمزة قال سئل أبو جعفر عليه السلام عن رجلين بينهما مال منه بأيديهما و منه غائب عنهما فاقتسما الذي بأيديهما و أحال كل واحد منهما من نصيبه الغائب فاقتضي احدهما و لم يقتض الاخر قال: ما اقتضي احدهما فهو بينهما ما يذهب بماله «1».

و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجلين بينهما مال منه دين و منه عين فاقتسما العين و الدين فتوي الذي كان لأحدهما من الدين أو بعضه و خرج الذي للاخر أ يرد علي صاحبه قال نعم ما يذهب بماله «2».

و منها ما رواه غياث بن ابراهيم عن جعفر بن محمد عن ابيه عن آبائه عن علي عليه السلام في رجلين بينهما مال منه بأيديهما و منه غائب عنهما فاقتسما الذي بايديهما و احتال كل واحد منهما بنصيبه فقبض احدهما و لم يقبض الاخر فقال: ما قبض احدهما فهو بينهما و ما ذهب فهو بينهما «3».

و منها ما رواه سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجلين

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الشركة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث:

2

(3) الوسائل الباب 13 من أبواب الضمان الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 202

[مسألة 7: يصح بيع الدين بالحاضر]

(مسألة 7): يصح بيع الدين بالحاضر و ان كان أقلّ منه اذا كان من غير جنسه أو لم يكن ربويا (1) و لا يصح بدين مثله اذا كان دينا قبل العقد (2).

______________________________

كان لهما مال بايديهما و منه متفرق عنهما فاقتسما بالسوية ما كان في ايديهما و ما كان غائبا عنهما فهلك نصيب أحدهما مما كان غائبا و استوفي الاخر عليه أن يرد علي صاحبه؟ قال: نعم ما يذهب بماله «1».

و في المقام حديث لعلي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليهما السلام قال سألته عن رجلين اشتركا في السلم أ يصلح لهما أن يقتسما قبل أن يقبضا؟ قال لا بأس به «2»، يستفاد منه الجواز فيقع التعارض بين الجانبين و لا يبعد أن يكون الترجيح بمخالفة القوم مع دليل الجواز حيث لا يستفاد من كلماتهم الجواز مضافا الي كونه احدث هذا ما خلج ببالي القاصر في هذه العجالة و اللّه العالم.

(1) لعدم ما يقتضي الفساد و مقتضي ادلة صحة البيع جوازه.

(2) قال في الحدائق: «الظاهر انه لا خلاف بينهم في تحريم بيع الدين بالدين و يدل علي ذلك من طريق الخاصة رواية طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: لا يباع الدين بالدين «3» و من طريق العامة ما روي عن النبي صلي اللّه عليه و آله لا يجوز بيع الكالي بالكالي» الخ «4» و لكن الحديثين مخدوشان سندا الا أن يتم الامر بعدم الخلاف و التسالم و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من ابواب الدين الحديث: 1

(2) نفس

المصدر الحديث: 2

(3) الحدائق: ج- 20 ص: 201

(4) الكافي ج 5 ص: 100

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 203

و لا فرق في المنع بين كونهما حالين و مؤجلين و مختلفين (1) و لو صار دينا بالعقد بطل في المؤجلين علي الاحوط (2) و صح في غيرهما (3) و لو كان احدهما دينا قبل العقد و الاخر دينا بعد العقد صح الا في بيع المسلم فيه قبل حلوله فانه لا يجوز بيعه من غير بائعه مطلقا و يجوز بيعه من غير بائعه بعد حلوله و من بائعه مطلقا علي تفصيل تقدم (4).

[مسألة 8: يجوز للمسلم قبض دينه من الذمي من ثمن ما باعه من المحرمات]

(مسألة 8): يجوز للمسلم قبض دينه من الذمي من ثمن ما باعه من المحرمات (5).

______________________________

(1) للإطلاق.

(2) لا يبعد أن يكون ناظرا الي ما رواه منصور بن حازم قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون له علي الرجل طعام او بقر او غنم او غير ذلك فاتي المطلوب الطالب ليبتاع منه شيئا قال: لا يبيعه نسيا فاما نقدا فليبعه بما شاء «1»

فان بيع شي ء مؤجلا لا مانع منه لا من طرف المبيع و لا من قبل الثمن فلا يبعد ان يكون المراد من الحديث النهي من التاجيل من ناحية المبيع و الثمن كليهما لكن لا يبعد أن يكون المستفاد من الحديث التاجيل من ناحية الثمن و لم يظهر لي وجه بناء المسألة علي الاحتياط.

(3) كما هو مقتضي ادلة صحة البيع لكن يمكن أن يقال ان مقتضي حديث منصور عدم جواز بيع الدين بالدين مع كون التاجيل في الثمن فقط فلاحظ.

(4) راجع ما ذكرناه هناك شرحا لما افاده.

(5) لجملة من الروايات منها ما رواه داود بن سرحان قال: سألت ابا عبد اللّه

______________________________

(1) الوسائل الباب

6 من ابواب احكام العقود الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 204

و لو اسلم الذمي بعد البيع لم يسقط استحقاقه المطالبة بالثمن (1).

______________________________

عليه السلام عن رجل كانت له علي رجل دراهم فباع خنازير او خمرا و هو ينظر فقضاه قال: لا باس اما للمقضي فحلال و اما للبائع فحرام «1».

و منها ما رواه منصور قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: لي علي رجل ذمي دراهم فيبيع الخمر و الخنزير و انا حاضر فيحل لي اخذها فقال: انما لك عليه دراهم فقضاك دراهمك «2».

و منها ما رواه محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام في رجل كان له علي رجل دراهم فباع خمرا و خنازير و هو ينظر فقضاه فقال: لا باس به اما للمقضي فحلال و اما للبائع فحرام «3».

و منها ما رواه زرارة عن ابي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يكون لي عليه الدراهم فيبيع بها خمرا و خنزيرا ثم يقضي منها قال: لا باس او قال: خذها «4».

و منها ما رواه محمد بن يحيي الخثعمي قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون لنا عليه الدين فيبيع الخمر و الخنازير فيقضينا فقال: لا باس به ليس عليك من ذلك شي ء 5.

و منها ما رواه أبو بصير قال: سالت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون له علي الرجل مال فيبيع بين يديه خمرا و خنازير يأخذ ثمنه قال: لا بأس 6.

(1) لعدم ما يقتضي السقوط و بعبارة اخري المفروض صيرورة الثمن ملكا له

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من ابواب الدين

(2) الوسائل الباب 60 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) (4 و 5) نفس

المصدر الحديث: 3 و 4

(5) (6) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 205

و ليس للعبد الاستدانة بدون اذن المولي (1) فان فعل يضمن العين فيرد ما اخذ و لو تلفت ففي ذمته مثله أو قيمته (2) و لو اذن المولي له لزمه دون المملوك (3) و ان اعتق (4) و غريم المملوك احد غرماء المولي (5).

______________________________

بالبيع و مقتضي القاعدة الأولية بقائه في ملكه و يؤيد المدعي ما رواه يونس في مجوسي باع خمرا او خنازير الي اجل مسمي ثم اسلم قبل أن يحل المال قال:

له دراهمه «1».

(1) لأنه محجور عليه و انه لا يقدر علي شي ء.

(2) اذ المفروض ان يده يد ضمان فيضمن و لازم الضمان رد العين مع بقائها و ثبوت المثل او القيمة مع تلفها علي ما هو المقرر.

(3) لاحظ ما رواه أبو بصير عن ابي جعفر عليه السلام قال: قلت له: رجل يأذن لمملوكه في التجارة فيصير عليه دين قال: ان كان اذن له أن يستدين فالدين علي مولاه و ان لم يكن اذن له يستدين فلا شي ء علي المولي و يستسعي العبد في الدين «2».

(4) للإطلاق.

(5) لا يبعد أن يكون الوجه فيه ان دينه لازم للمولي و يدل علي المدعي ما رواه زرارة قال: سألت ابا عبد اللّه (أبا جعفر) عليه السلام عن رجل مات و ترك عليه دينا و ترك عبدا له مال في التجارة و ولدا و في يد العبد مال و متاع و عليه دين استدانه العبد في حياة سيده في تجارة «تجارته» و ان الورثة و غرماء الميت اختصموا فيما في يد العبد من المال و المتاع و في رقبة العبد فقال: اري ان ليس

للورثة سبيل علي رقبة العبد و لا علي ما في يده من المتاع و المال الا أن يضمنوا دين الغرماء

______________________________

(1) الكافي ج 5 ص 232 حديث: 13

(2) الكافي ج 5 ص 303 حديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 206

و لو اذن له في التجارة فاستدان لها الزم المولي مع اطلاق الاذن (1) و إلا تبع به بعد العتق (2).

[كتاب الرهن]

كتاب الرهن و لا بد فيه من الايجاب و القبول من أهله (3) و في اشتراط الاقباض اشكال اقواه ذلك (4) و يشترط فيه أن يكون المرهون عينا مملوكة يمكن

______________________________

جميعا فيكون العبد و ما في يده من المال للورثة فان أبوا كان العبد و ما في يده للغرماء يقوم العبد و ما في يديه من المال ثم يقسم ذلك بينهم بالحصص فان عجز قيمة العبد و ما في يديه عن اموال الغرماء رجعوا علي الورثة فيما بقي لهم ان كان الميت ترك شيئا قال قال: و ان فضل من قيمة العبد و ما كان في يديه عن دين الغرماء رده علي الورثة «1».

(1) لحديث ابي بصير المقتضي لكون الاذن في الاستدانه موجبا لضمان المولي و اطلاق الاذن يقتضي الاذن في الاستدانه فلاحظ.

(2) لعدم ما يقتضي الرجوع الي المولي و حديث ابي بصير يقتضي أن يستسعي و الجمع بين الحقين أن يتبع به بعد العتق و اللّه العالم.

(3) قال في الجواهر: «لا ريب في أنه يفتقر الي الايجاب و القبول» الخ و الأمر كما أفاده فان العقد يتوقف علي الايجاب و القبول و المفروض ان الرهن من العقود.

(4) يمكن الاستدلال علي المدعي بالكتاب و السنة أما الكتاب فقوله تعالي

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من ابواب الدين الحديث: 5

مباني

منهاج الصالحين، ج 9، ص: 207

قبضها (1) و يصح بيعها (2) و أن يكون الرهن علي حق ثابت في الذمة عينا كان أو منفعة (3) و يقف رهن غير المملوك له علي اجازة مالكه (4) و اوضم مملوك غيره الي مملوكه فرهنهما لزم الرهن في ملكه و توقف

______________________________

«فَرِهٰانٌ مَقْبُوضَةٌ» «1» بتقريب ان المستفاد من الاية الشريفة انه لا يترتب الأثر علي الرهن الا بالقبض و بعبارة اخري المستفاد من الاية الشريفة ان الأثر المقصود لا يترتب الا علي المقبوض منه و اما السنة فرواية محمد بن قيس عن ابي جعفر عليه السلام قال: لا رهن الا مقبوضا «2».

(1) علي المشهور نقلا و تحصيلا بل ربما استشعر من عبارتي السرائر و الغنية الاجماع عليه- هكذا في الجواهر- و يمكن الاستدلال علي المدعي بانصراف الأدلة الي العين بل يمكن تقريب المدعي بأن صدق هذا المفهوم علي الدين اول الكلام و الاشكال و مع الشك في الصدق لا مجال للأخذ بالدليل كما هو المقرر عند القوم فلاحظ.

(2) اذ مع عدم صحة البيع لا يتحقق عنوان الوثاقة و الحال ان الرهن وثيقة للدين.

(3) بلا خلاف اجده بيننا بل في التذكرة و جامع المقاصد الاجماع عليه بل و لا اشكال- هكذا في الجواهر- و يمكن الاستدلال علي المدعي بعدم صدق المفهوم لو لم يكن علي أمر ثابت بل الشك في الصدق يكفي كما مر قريبا في نظيره و علي الجملة موضوع الرهن الأمر الثابت في الذمة فلا يعقل تحققه قبل موضوعه.

(4) بناء علي صحة الفضولي بالاجازة كما هو المقرر.

______________________________

(1) البقرة/ 284

(2) الوسائل الباب 3 من احكام الرهن الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 208

في الضميمة علي اجازة مالكها (1) و يلزم

الرهن من جهة الراهن (2) و رهن الحامل ليس رهنا للحمل و ان تجدد (3) و فوائد الرهن للمالك (4).

______________________________

(1) كما هو ظاهر فان تصرف المالك نافذ في ملكه و أما التصرف الصادر من الفضولي فيتوقف صحته علي الاجازة كما هو المقرر في محله.

(2) ادعي عليه عدم الخلاف بل ادعي عليه الاجماع و يدل علي المدعي عموم قوله تعالي أَوْفُوا بِالْعُقُودِ «1» فان الأمر بالوفاء ارشاد الي لزوم العقد.

(3) لعدم المقتضي للدخول بل دخوله و عدمه تابعان للقصد و لا فرق في هذه الجهة بين التجدد و عدمه و الاجماع المدعي علي الدخول يوهن كما في الجواهر لمصير كثير من الاصحاب الي خلافه اذ القول بعدم التبعية للمبسوط و الخلاف و نكت النهاية للمصنف و التحرير و التذكرة و الارشاد و المختلف، و الايضاح، و التنقيح، و جامع المقاصد، و الروضة، و مجمع البرهان، و الكفاية علي ما حكي عن بعضها و مال اليه في المسالك و حكاه في الدروس عن المصنف في درسه بل قد يظهر من التذكرة الاجماع عليه بل في زكاة الخلاف دعواه صريحا قال: «اذا رهن جارية أو شاة فحملتا بعد الرهن كان الحمل خارجا باجماع الفرقة» «2» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

و علي الجملة لا دليل علي التبعية علي الاطلاق و مقتضي الأصل عدم الدخول اذ المفروض عدم تعلق القصد و اصالة تسلط المالك علي ملكه بحالها.

(4) بلا خلاف و لا اشكال بل الاجماع بقسميه عليه بل المحكي منهما مستفيض كالنصوص بل يمكن دعوي ضرورة المذهب بل الدين عليه- هكذا في الجواهر «3» و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه

عن أبي

______________________________

(1) المائدة/ 1

(2) الجواهر ج 25 ص: 230

(3) نفس المصدر ج 25 ص: 229

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 209

و الرهن علي احد الدينين ليس رهنا علي الاخر (1) و لو استدان آخر و جعل الرهن علي الاول رهنا عليهما صح (2) و للولي الرهن مع مصلحة

______________________________

عبد اللّه عليه السلام قال: قضي امير المؤمنين عليه السلام في كل رهن له غلة ان غلته تحسب لصاحب الرهن مما عليه «1».

و منها ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث انه سأله عن رجل ارتهن دارا لها غلة لمن الغلة؟ قال: لصاحب الدار «2».

و منها ما رواه ابو العباس عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و قضي في كل رهن له غلة ان غلته تحسب لصاحبه عليه «3».

و منها ما رواه ابراهيم الكرخي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل رهن بماله ارضا أو دارا لها غلة كثيرة فقال علي الذي ارتهن الأرض و الدار بماله أن يحتسب لصاحب الأرض و الدار ما اخذه من الغلة و يطرحه عنه من الدين له «4»

و منها ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان رهن رجل أرضا فيها ثمرة فان ثمرتها من حساب ماله و له حساب ما عمل فيها و انفق منها فاذا استوفي ماله فليدفع الأرض الي صاحبها «5».

(1) كما هو ظاهر واضح لعدم المقتضي لذلك فلاحظ.

(2) لوجود المقتضي و عدم المانع و ادعي عدم الخلاف فيه بل ادعي الاجماع

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الرهن الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) نفس المصدر الحديث:

6

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 210

المولي عليه (1) و المرتهن ممنوع من التصرف بغير اذن الراهن (2).

______________________________

بقسميه عليه كما في الجواهر «1».

(1) فان الولي له التصرف في مال اليتيم مع المصلحة علي ما هو المقرر في محله و لا فرق في جواز التصرف بين اقسامه فلاحظ.

(2) لحرمة التصرف في مال الغير بدون اذنه و يؤكد المدعي ما عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه قال: «الراهن و المرهون ممنوعان من التصرف في الرهن «2».

و في المقام رواية لأبي ولاد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يأخذ الدابة و البعير رهنا بماله أله أن يركبه قال: فقال: ان كان يعلفه فله أن يركبه و ان كان الذي رهنه عنده يعلفه فليس له أن يركبه «3».

و مقتضي هذه الرواية جواز ركوب الدابة و البعير بشرط التعليف و قريب منها ما رواه السكوني عن جعفر عن ابيه عن آبائه عن علي عليه السلام قال قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: الظهر يركب اذا كان مرهونا و علي الذي يركبه نفقته و الدار يشرب اذا كان مرهونا و علي الذي يشرب نفقته «4».

و قال صاحب الحدائق: «و الاصحاب حملوهما علي ما اذا اذن له الراهن في الانفاق مع تساوي الحقين و أنت خبير بما فيه من البعد عن سياق الخبرين سيما الأول لأن السائل سأله عن الرجل يأخذ الدابة أو البعير أله أن يركبه يعني من غير اذن الراهن و الا فمع الاذن لا معني للسؤال بالكلية» «5» الي آخر كلامه.

______________________________

(1) الجواهر ج 26 ص: 154

(2) مستدرك الوسائل الباب 17 من ابواب الرهن الحديث: 6

(3) الوسائل الباب 12 من ابواب الرهن الحديث: 1

(4)

نفس المصدر الحديث: 2

(5) الحدائق ج 20 ص: 262

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 211

و لا باس بتصرف الراهن في المرهون تصرفا لا ينافي حق الرهانة (1) و لا يجوز له التصرف المنافي من دون اذن المرتهن (2) و تقدم حكم بيع الراهن العين المرهونة مع علم المشتري و جهله في شروط العوضين (3) و لو شرط المرتهن في عقد الرهن استيفاء منافع العين في مدة الرهن مجانا فان لم يرجع ذلك الي الاشتراط في القرض أو في تاجيل الدين صح و كذلك ما لو شرط استيفاءها بالاجرة مدة و اذا صح الشرط لزم العمل به الي نهاية المدة (4).

______________________________

و قبل أسطر «1» نقل كلام الشيخ قدس سره في النهاية حيث قال: «و قال الشيخ في النهاية: و اذا كان الرهن دابة فركبها المرتهن كانت نفقتها عليه و كذلك ان كانت شاة شرب لبنها كانت عليه نفقتها و اذا كان عند الانسان دابة أو حيوان رهنا فان نفقتها علي الراهن دون المرتهن فان انفق المرتهن عليها كان له ركوبها و الانتفاع بها أو الرجوع علي الراهن بما انفق» الخ.

و الظاهر ان ما أفاده صاحب الحدائق من الاستبعاد في محله و ان ما أفاده الشيخ قدس سره من نهاية موافق لحديث أبي ولاد و أما الحديث الاخر فلا اعتبار به سندا و اللّه العالم.

(1) كتزويج العبد و تعليمه و تقبيل الجارية و أمثالها اذ لا مقتضي للمنع.

(2) بلا خلاف كما في الحدائق مضافا الي أن عدم الجواز مع فرض التنافي من الواضحات بحيث لا يحتاج الي الاستدلال فلاحظ.

(3) فراجع ما ذكرناه هناك و لا نعيد.

(4) اذ مع عدم استلزامه الرباء لا مانع منه في حد نفسه فيصح

اشتراطه

______________________________

(1) لاحظ المصدر ص: 261

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 212

و ان برئت ذمة الراهن من الدين (1) و لو شرط في عقد الرهن وكالة المرتهن أو غيره في البيع لم ينعزل ما دام حيا (2) و لو أوصي اليه لزم (3) و حق الرهانة موروث (4) و المرتهن امين لا يضمن بدون التعدي (5).

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 9، ص: 212

______________________________

و يلزم.

(1) اذ الشرط في ضمن العقد يلزم فلا بد من رعايته الي نهاية امده و لا وجه لربطه بالرهن بقاء كما هو ظاهر لمن له خبرة بالصناعة.

(2) فان الوكالة تلزم بالشرط في ضمن العقد.

(3) لنفوذ الوصية عند اجتماع شرائطها.

(4) كبقية الحقوق فان الحقوق تورث كالأموال نعم لا اشكال في عدم قابلية الارث بالنسبة الي بعض الحقوق فلاحظ و لنا اشكال في ارث الحقوق تعرضنا له في ارث الخيار فراجع.

(5) قال في الجواهر في هذا المقام «1» بلا خلاف أجده فيه بيننا بل ظاهر كشف الحق و غيره الاجماع عليه بل عن الخلاف و الغنية و السرائر و التذكرة و المفاتيح دعواه صريحا الخ.

و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه جميل بن دراج قال قال:

أبو عبد اللّه عليه السلام في رجل رهن عند الرجل رهنا فضاع الرهن قال: هو من مال الراهن و يرجع المرتهن عليه بماله «2».

و منها ما رواه ابان بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال في الرهن:

اذا ضاع من عند المرتهن من غير أن يستهلكه رجع بحقه علي الراهن فاخذه و ان استهلكه ترادا الفضل بينهما 3.

______________________________

(1) الجواهر

ج 25 ص: 174

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 5 من ابواب الرهن الحديث 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 213

______________________________

و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يرهن عند الرجل الرهن فيصيبه توي أو ضياع قال: يرجع بماله عليه «1».

و منها ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي ابراهيم عليه السلام قال: قلت: الرجل يرتهن العبد فيصيبه عور أو ينقص من جسده شي ء علي من يكون نقصان ذلك؟

قال: علي مولاه قلت: ان الناس يقولون: ان رهنت العبد فمرض او انفقأت عينه فاصابه نقصان من جسده ينقص من مال الرجل بقدر ما ينقص من العبد قال: أ رأيت لو ان العبد قتل «قتيلا» علي من يكون جنايته؟ قال: جنايته في عنقه «2».

و منها ما رواه الحلبي في الرجل يرهن عند الرجل رهنا فيصيبه شي ء أوضاع قال: يرجع بماله عليه «3».

و منها ما رواه اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي ابراهيم عليه السلام الرجل يرهن الغلام و الدار فتصيبه الآفة علي من يكون؟ قال: علي مولاه ثم قال: أ رأيت لو قتل قتيلا علي من يكون؟ قلت هو في عنق العبد قال: ألا تري فلم يذهب مال هذا ثم قال: أ رأيت لو كان ثمنه مأئة دينار فزاد و بلغ مأتي دينار لمن كان يكون قلت:

لمولاه قال: كذلك يكون عليه ما يكون له 4.

و منها ما رواه ابان بن عثمان عمن اخبره عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال في الرهن: اذا ضاع من عند المرتهن من غير أن يستهلكه رجع في حقه علي الراهن فاخذه فان استهلكه ترادا الفضل بينهما 5.

و منها ما رواه سليمان بن خالد عن

أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا رهنت

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) (3 و 4) نفس المصدر الحديث: 5 و 6

(4) (5) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 214

______________________________

عبدا أو دابة فمات فلا شي ء عليك و ان هلكت الدابة أو أبق الغلام فأنت ضامن «1».

و منها ما رواه ابان عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل رهن عند رجل دارا فاحترقت او انهدمت قال: يكون ماله في تربة الأرض و قال في رجل رهن عنده مملوكة تجذم او رهن عنده متاع فلم ينشر المتاع و لم يتعاهده و لم يحركه فتأكل هل ينقص ماله بقدر ذلك؟ قال: لا 2.

و جملة من النصوص تدل علي ضمانه علي الاطلاق منها ما رواه أبو حمزة قال:

سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول علي عليه السلام: يترادان الفضل فقال: كان علي عليه السلام يقول ذلك قلت: كيف يترادان؟ فقال: ان كان الرهن أفضل مما رهن به ثم عطب رد المرتهن الفضل علي صاحبه و ان كان لا يسوي رد الراهن ما نقص من حق المرتهن قال: و كذلك كان قول علي عليه السلام في الحيوان و غير ذلك 3.

و منها ما رواه ابن بكير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام في الرهن فقال: ان كان اكثر من مال المرتهن فهلك أن يؤدي الفضل الي صاحب الرهن و ان كان أقلّ من ماله فهلك الرهن ادي اليه صاحبه فضل ماله و ان كان الرهن سواء فليس عليه شي ء 4.

و منها ما رواه عبد اللّه بن الحكم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل رهن عند رجل رهنا علي

ألف درهم و الرهن يساوي الفين و ضاع قال: يرجع عليه بفضل ما رهنه و ان كان أنقص مما رهنه عليه رجع علي الراهن بالفضل و ان كان الرهن يسوي ما رهنه عليه فالرهن بما فيه 5 و تقيد الاطلاقات بما يدل علي عدم الضمان

______________________________

(1) (1 و 2) نفس المصدر الحديث: 8 و 9

(2) (3) الوسائل الباب 7 من أبواب الرهن الحديث: 1

(3) (4) نفس المصدر الحديث: 3

(4) (5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 215

و يضمن معه لمثله ان كان مثليا (1) و الا قيمته يوم التعدي (2) و القول قوله مع يمينه في قيمته و عدم التفريط (3) و قول الراهن في قدر الدين (4) و هو أحق به من باقي الغرماء اذا صار الراهن مفلسا (5).

______________________________

و تحمل علي صورة الافراط أو التفريط.

(1) كما هو المقرر.

(2) لحديث أبي ولاد عن الصادق عليه السلام قيمة بغل يوم خالفته «1» الدال علي أن الميزان و المعيار بيوم الغصب.

(3) لأنه موافق مع الأصل.

(4) الكلام فيه هو الكلام فان الأصل معه.

(5) ادعي عليه عدم الخلاف بل ادعي عليه الاجماع مضافا الي جملة من النصوص الدالة علي أن الرهن وثيقة للدين و فائدتها شرعا و عرفا استيفاء الدين منها.

منها ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن السلم في الحيوان و الطعام و يرتهن الرجل بماله رهنا قال: نعم استوثق من مالك «2»

و منها ما عن معاوية قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يسلم في الحيوان و يرتهن الرهن قال: لا بأس تستوثق من مالك «3» و مثلها ما رواه محمد بن مسلم و يعقوب ابن شعيب

«4».

و في المقام حديثان احدهما ما رواه عبد اللّه بن حكم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أفلس و عليه دين لقوم و عند بعضهم رهون و ليس عند بعضهم

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من الاجارة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب الرهن الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب الرهن الحديث: 9

(4) نفس المصدر الحديث: 5 و 6

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 216

و لو فضل من الدين شي ء شارك في الفاضل (1) و لو فضل من الرهن و له دين بغير رهن تساوي الغرماء فيه (2) و لو تصرف المرتهن بدون اذن الراهن ضمن (3) و عليه الاجرة (4) و لو اذن الراهن في البيع قبل الاجل فباع لم يتصرف في الثمن الا باذن الراهن (5) حتي بعد الاجل (6) و اذا

______________________________

فمات و لا يحيط ماله بما عليه من الدين قال: يقسم جميع ما خلف من الرهون و غيرها علي أرباب الدين بالحصص «1».

ثانيهما ما رواه سليمان بن حفص المروزي قال كتبت الي أبي الحسن عليه السلام في رجل مات و عليه دين و لم يخلف شيئا الا رهنا في يد بعضهم فلا يبلغ ثمنه أكثر من مال المرتهن أ يأخذ بماله أو هو و ساير الديان فيه شركاء، فكتب عليه السلام: جميع الديان في ذلك سواء يتوزعونه بينهم بالحصص «2»، يستفاد خلاف المدعي منهما لكنهما ضعيفان سندا.

(1) كما هو مقتضي القاعدة اذ المفروض انه احد الغرماء فيشارك غيره في الفاضل.

(2) هذا أيضا علي طبق القاعدة الاولية في هذا الباب فلاحظ.

(3) اذ المفروض ان يده يد عدوان فيضمن علي طبق القاعدة الأولية.

(4) بلا كلام اذ المفروض انه ليس له التصرف فتثبت

عليه الاجرة الاعلي القول بالتفصيل الذي تقدم «3».

(5) اذ المفروض ان الثمن ملك للراهن فلا يجوز التصرف فيه الا باذنه.

(6) لأنه لا يخرج عن ملكه بعد حلول الأجل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من ابواب الرهن الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 210

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 217

لم يأذن في الاستيفاء حينئذ جاز للمرتهن الاستيفاء بلا اذن (1) كما انه لو لم يأذن في البيع حينئذ و امتنع من وفاء الدين جاز للمرتهن البيع و الاستيفاء بلا اذن (3) و الاحوط استحبابا مراجعة الحاكم الشرعي (3) و لو خاف المرتهن جحود الوارث عند موت الراهن و لا بينة جاز أن يستوفي من الرهن مما في يده (4).

______________________________

(1) اذ لو لم يجز لا يترتب علي الرهن الأثر المرغوب فيه و بعبارة اخري الغاية المترتبة علي الرهن امكان استيفاء الدين من تلك الوثيقة فلا يتصور عدم الجواز الا في صورة اذن الراهن أو وفاء الدين بطريق آخر.

(2) الكلام فيه هو الكلام و التقريب هو التقريب.

(3) لا اشكال في حسن الاحتياط.

(4) قد ذكرت في تقريب الاستدلال علي المدعي وجوه:

الأول: ان فائدة الرهن جواز بيع الوثيقة عند عدم امكان الاستيفاء من غيرها و فيه انه فرض موت الراهن و انتقال الوثيقة الي الوارث و عقد الرهن مع الراهن لا مع الورثة فاثبات الجواز يحتاج الي الدليل.

الثاني: لزوم الحرج علي المرتهن و فيه اولا: انه اخص من المدعي اذ ربما لا يكون حرج عليه، و ثانيا: قاعدة لا حرج شانها النفي لا الاثبات.

الثالث: قاعدة الضرر و فيه اولا: ان القاعدة شانها النفي لا الاثبات و ثانيا: انما يتم علي المسلك المشهور في مفاد القاعدة و أما علي مسلك الشيخ الشريعة

قدس سره فلا تتم لإثبات المدعي.

الرابع: ما رواه المروزي انه كتب الي أبي الحسن عليه السلام في رجل مات و له ورثة فجاء رجل فادعي عليه مالا و ان عنده رهنا فكتب عليه السلام: ان كان له

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 218

______________________________

علي الميت مال و لا بينة له عليه فليأخذ ماله بما في يده و ليرد الباقي علي ورثته «1» و هذه الرواية ضعيفة سندا و عمل المشهور بها علي تقدير تحققه لا يوجب اعتبارها كما هو المقرر عندنا تبعا لسيدنا الاستاد.

الخامس: النصوص الدالة علي جواز المقاصة منها: ما رواه داود بن رزين قال: قلت لأبي الحسن موسي عليه السلام: اني اخالط السلطان فتكون عندي الجارية فيأخذونها و الدابة الفارهة فيبعثون فيأخذونها ثم يقع لهم عندي المال فلي أن آخذه قال: خذ مثل ذلك و لا تزد عليه «2».

و منها ما رواه جميل بن دراج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون له علي الرجل الدين فيجحده فيظفر من ماله بقدر الذي جحده أ يأخذه و ان لم يعلم الجاحد بذلك قال: نعم «3».

و منها ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل الجحود أ يحل أن اجحده مثل ما جحد؟ قال: نعم و لا تزداد «4».

و فيه ان المستفاد من هذه النصوص جواز التقاص في مورد تحقق الخيانة و انكار الحق المعلوم عند المنكر و في المقام لم يفرض علم الوارث بالحال فعلي طبق القاعدة لا يجب عليه تصديق ما يدعي المرتهن.

السادس: الاجماع قال في الجواهر: «و قد صرح به الأصحاب من غير خلاف يعرف بل عن شرح الارشاد الاجماع ان للمرتهن الاستيفاء

من الرهن» الي أن قال

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب الرهن

(2) الوسائل الباب 83 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) نفس المصدر الحديث 13

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 219

و القول قول المالك مع ادعاء الوديعة و ادعاء الاخر الرهن (1).

______________________________

«و عن مجمع البرهان الاجماع أيضا» الخ و هل يمكن اثبات المدعي بالإجماع المدعي في المقام؟ و اللّه العالم.

(1) لكونه موافقا مع الأصل فان اثبات كونه رهنا يتوقف علي اقامة البينة هذا مقتضي القاعدة الأولية و لكن يستفاد من بعض النصوص كحديث ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث فان كان الرهن أقلّ مما رهن به او اكثر و اختلفا فقال: هو رهن و قال الاخر هو وديعة قال: علي صاحب الوديعة البينة فان لم يكن بينة حلف صاحب الرهن «1».

و حديث عباد بن صهيب قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن متاع في يد رجلين احدهما يقول: استودعتكاه «استودعتكه» و الاخر يقول: هو رهن قال فقال:

القول قول الذي يقول هو انه رهن الا أن يأتي الذي ادعي انه اودعه بشهود 2 ان القول قول مدعي الرهانة.

و ربما يقال: الحديثان مطلقان فيقيدان بحديث ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام انه قال في رجل رهن عند صاحبه رهنا فقال الذي عنده الرهن: ارتهنته عندي بكذا و كذا و قال الاخر: انما هو عندك وديعة فقال: البينة علي الذي عنده الرهن ان بكذا و كذا فان لم يكن له بينة فعلي الذي له الرهن اليمين 3.

فان مقتضي اطلاق الحديثين عدم الفرق بين ثبوت الدين و عدمه و هذا الاطلاق يقيد بحديث ابن مسلم و لكن الانصاف انه

لا مجال لهذا التقريب فان النصوص كلها متساوية من هذه الجهة و بعبارة اخري كلها مطلقة فيقع التعارض بينها و الترجيح بالأحدثية مع حديثي ابن صهيب و ابن أبي يعفور.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 16 من أبواب الرهن الحديث: 2 و 3

(2) (3) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 220

[كتاب الحجر]

اشارة

كتاب الحجر

[و أسبابه أمور]

اشارة

و اسبابه امور:

[الأول الصغر]

الاول الصغر (1) فالصغير ممنوع من التصرف الا مع البلوغ (2).

______________________________

و اما حديث ابن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل قال لرجل: لي عليك ألف درهم فقال الرجل: لا و لكنها وديعة فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: القول قول صاحب المال مع يمينه «1» فهو متعرض لحكم خاص في مورد مخصوص فلا يمكن التعدي عن مورده فلاحظ.

(1) قال في الحدائق: «لا خلاف في الحجر علي الصغير ما لم يبلغ في الجملة الخ» «2».

(2) و يمكن الاستدلال علي المدعي بوجوه:

الوجه الأول: قوله تعالي «وَ ابْتَلُوا الْيَتٰاميٰ حَتّٰي إِذٰا بَلَغُوا النِّكٰاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوٰالَهُمْ» «3» بتقريب ان المستفاد من الاية الشريفة انه لا يدفع الي اليتيم ماله الا مع تحقق امرين: البلوغ و الرشد.

و بعبارة اخري: ان مقتضي المفهوم عدم الدفع اليه اذا كان غير بالغ أو اذا كان غير رشيد و عدم الدفع لأجل كونه محجورا عليه و ممنوعا عن التصرف و المستفاد من الاية و ان كان التصرف في ماله و لكن يمكن أن يقال: بعدم القول بالفصل يثبت منعه عن التصرفات علي الاطلاق.

الوجه الثاني: ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من ابواب الرهن الحديث: 1

(2) الحدائق ج 20 ص: 343

(3) النساء/ 6

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 221

______________________________

عن الغلام متي تجب عليه الصلاة؟ قال: اذا أتي عليه ثلاث عشرة سنة، فان احتلم قبل ذلك فقد وجبت عليه الصلاة، و جري عليه القلم، و الجارية مثل ذلك ان أتي لها ثلاث عشرة سنة أو حاضت قبل ذلك فقد وجبت عليها الصلاة و جري عليها القلم «1».

فان

مقتضي هذه الرواية ان جريان القلم علي الصبي مشروط بالبلوغ و قبل البلوغ لا يجري عليه القلم بل القلم مرفوع عنه و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين قلم التكليف و الوضع فلا يترتب علي معاملاته و عقوده و ايقاعاته اثر.

الوجه الثالث: ما يدل من النصوص علي عدم جواز امر الصبي و مضيه الا بالبلوغ:

منها ما رواه حمران عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان الجارية ليست مثل الغلام ان الجارية ان تزوجت و دخل بها و لها تسع سنين ذهب عنها اليتم و دفع اليها مالها و جاز أمرها في الشراء و البيع و اقيمت عليها الحدود التامة و اخذت لها و بها قال: و الغلام لا يجوز امره في الشراء و البيع و لا يخرج من اليتم حتي يبلغ خمس عشرة سنة أو يحتلم أو يشعر او ينبت قبل ذلك «2».

و منها ما رواه أبو الحسين الخادم بياع اللؤلؤ عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سأله أبي و أنا حاضر عن اليتيم متي يجوز أمره؟ قال: حتي يبلغ أشده قال: و ما أشده قال: احتلامه قال: قلت: قد يكون الغلام ابن ثمان عشرة سنة او أقلّ أو اكثر و لم يحتلم قال: اذا بلغ و كتب عليه الشي ء «و نبت عليه الشعر» جاز عليه امره الا أن يكون سفيها أو ضعيفا «3» و مثلهما غيرهما فان مقتضي اطلاق هذه

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من مقدمات العبادات الحديث: 12

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب الحجر الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 2 من ابواب الحجر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 222

______________________________

النصوص عدم نفوذ تصرفه.

الوجه الرابع: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

عمد الصبي و خطاءه واحد «1» فان مقتضي هذه الرواية ان عمد الصبي كخطائه فلا يترتب اثر علي افعاله و تخصيص الرواية بجناياته الموجبة للدية لا وجه له فان الرواية مطلقة و لا مقتضي للتقليد فلاحظ.

و ربما يستدل علي جواز تصرفات الصبي بوجوه أيضا:

الوجه الاول: الاية الشريفة و قد ذكر في تقرير الاستدلال بها علي المدعي تقريبان:

احدهما: ان المستفاد منها ان المدار الرشد و انما ذكر البلوغ لكونه امارة عليه و لا خصوصية له و بعبارة اخري الجملة الأخيرة استدراك علي الصدر فالصبي الرشيد امره نافذ.

و فيه: ان جعل البلوغ امارة و طريقا الي الرشد خلاف الظاهر لا يصار اليه بلا قرينة.

ثانيهما: ان الابتلاء و الامتحان تعلق في الاية باليتامي فيستفاد من الاية الشريفة ان اليتيم اذا ابتلي و علم انه رشيد يصح أمره و ينفذ.

و فيه اولا: انه يمكن أن يكون المراد بالابتلاء ما يتعلق ببلوغه اي يبتلي كي يعلم انه بلغ أم لا و ثانيا: نفرض ان الابتلاء لأجل استعلام رشده و لكن لا تنافي بين كون الابتلاء لاستعلام الرشد و أن يكون نفوذ الأمر مترتبا علي المركب من البلوغ و الرشد كما هو ظاهر الاية.

و صفوة القول: انه لا مناص عن العمل بالظاهر و ظاهر الاية يقتضي ترتب النفوذ علي البلوغ و الرشد و الا لم يكن وجه لذكر البلوغ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من ابواب العاقلة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 223

و الرشد (1) و يعلم الاول بانبات

______________________________

الوجه الثاني: النصوص الدالة علي جواز وصيته و وقفه و صدقته و عتقه لاحظ ما رواه أبو بصير يعني المرادي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: اذا بلغ الغلام عشر سنين و

اوصي بثلث ماله في حق جازت وصيته و اذا كان ابن سبع سنين فاوصي من ماله باليسير في حق جازت وصيته «1».

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا أتي علي الغلام عشر سنين فانه يجوز في ماله ما اعتق او تصدق او أوصي علي حد معروف و حق فهو جائز «2».

و ما رواه زرارة أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا أتي علي الغلام عشر سنين فانه يجوز له من ماله ما اعتق و تصدق علي وجه المعروف فهو جائز «3»

و فيه: ان هذه النصوص علي فرض تماميتها سندا و دلالة تقتضي التخصيص في ادلة المنع و دليل المنع لا يكون آبيا عن التخصيص.

الوجه الثالث: ما ارسله في المبسوط علي ما نقل عنه «و روي انه اذا بلغ عشر سنين و كان رشيدا كان جائز التصرف» و المرسل لا اعتبار به.

الوجه الرابع: السيرة بدعوي جريانها علي ترتيب الأثر علي تصرفاته.

و فيه: ان جريان السيرة من المتشرعة المبالين بالشرع و الشريعة اول الكلام و الاشكال فالنتيجة عدم دليل علي جواز تصرفات الصبي.

(1) كما يستفاد من الاية الشريفة و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها ما رواه هشام عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: انقطاع يتم اليتيم بالاحتلام و هو اشده و ان احتلم و لم يؤنس منه رشده و كان سفيها أو ضعيفا فليمسك عنه وليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 44 من احكام الوصايا الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 15 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 56 من أبواب العتق الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 224

الشعر الخشن علي العانة (1).

______________________________

ماله «1».

(1) ادعي عليه عدم الخلاف بل الاجماع و

قال في الحدائق: «قال في التذكرة و هو مختص بشعر العانة الخشن و لا اعتبار بالشعر الضعيف الذي قد يوجد في الصغر بل الخشن الذي يحتاج في ازالته الي الحلق حول ذكر الرجل و فرج المرأة و قال أيضا في الكتاب المذكور انبات هذا الشعر دليل البلوغ في حق المسلمين و الكفار عند علمائنا اجمع» «2» الي أن قال: «قال في المسالك بعد قول المصنف- و يعلم بلوغه بانبات الشعر الخشن علي العانة- ما لفظه: و يعبر عنه بالزغب» «3» الخ.

و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه الكناسي قال قلت لأبي جعفر عليه السلام: متي يجوز للأب أن يزوج ابنته و لا يستأمرها؟ قال: اذا جاز تسع سنين فان زوجها قبل بلوغ التسع سنين كان الخيار لها اذا بلغت تسع سنين الي أن قال قلت: فالغلام يجري في ذلك مجري الجارية؟ فقال: يا أبا خالد ان الغلام اذا زوجه ابوه و لم يدرك كان بالخيار اذا ادرك و بلغ خمس عشرة سنة أو يشعر في وجهه أو ينبت في عانته قبل ذلك الخ «4» و هذا الحديث مخدوش بالكناسي.

و منها ما رواه حمران قال: سألت أبا جعفر عليه السلام قلت له: متي يجب علي الغلام أن يؤخذ بالحدود التامة و يقام عليه و يؤخذ بها؟ قال: اذا خرج عنه اليتم و ادرك قلت: فلذلك حد يعرف به فقال: اذ احتلم او بلغ خمس عشرة أو اشعر

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الحجر الحديث: 1

(2) الحدائق ج 20 ص: 346

(3) الحدائق ج 20 ص: 347

(4) الوسائل الباب 6 من أبواب عقد النكاح و أولياء العقد الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 225

أو الاحتلام

(1).

______________________________

او أنبت قبل ذلك اقيمت عليه الحدود التامة و اخذ بها و اخذت له «1» و هذه الرواية ضعيفة بحمزة و غيره.

و منها ما رواه ابو البختري عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه السلام انه قال عرضهم رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم يومئذ يعني بني قريظة علي العانات فمن وجده انبت قتله و من لم يجده أنبت ألحقه بالذراري «2» و هذه الرواية ضعيفة أيضا سندا فالعمدة الاجماع و التسالم بين الأصحاب.

(1) الظاهر انه لا خلاف فيه بين الأصحاب و يدل عليه قوله تعالي وَ إِذٰا بَلَغَ الْأَطْفٰالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ «3» و عن التذكرة: «الاحتلام هو خروج المني و هو الماء الدافق الذي يخلق منه الولد» و عنه أيضا: «الحلم خروج المني من الذكر أو قبل المرأة مطلقا سواء كان بشهوة او بغير شهوة و سواء كان بجماع أو غير جماع و سواء كان في نوم او يقظة».

و تدل علي المدعي أيضا جملة من النصوص منها ما رواه حمران عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان الجارية ليست مثل الغلام ان الجارية اذا تزوجت و دخل بها و لها تسع سنين ذهب عنها اليتم و دفع اليها مالها و جاز أمرها في الشراء و البيع و اقيمت عليها الحدود التامة و اخذت لها و بها قال: و الغلام لا يجوز امره في الشراء و البيع و لا يخرج من اليتم حتي يبلغ خمس عشرة سنة او يحتلم او يشعر او ينبت قبل ذلك «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) النور/ 59

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب

الحجر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 226

او الحيض (1).

______________________________

و منها ما رواه طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان اولاد المسلمين موسومون عند اللّه شافع و مشفع فاذا بلغوا اثنتي عشرة سنة كتبت لهم الحسنات فاذا بلغوا الحلم كتبت عليهم السيئات «1».

و منها ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه قال: سألته عن اليتيم متي ينقطع يتمه قال: اذا احتلم و عرف الأخذ و العطاء 2.

و منها ما عن جعفر بن محمد عن ابيه عن آبائه عليهم السلام في وصية النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم لعلي عليه السلام قال يا علي لا يتم بعد احتلام 3.

و منها ما رواه الأعمش عن أبي ظبيان قال أتي عمر بامرأة مجنونة قد زنت فأمر برجمها فقال علي عليه السلام أما علمت ان القلم يرفع عن ثلاثة عن الصبي حتي يحتلم و عن المجنون حتي يفيق و عن النائم حتي يستيقظ 4.

و منها مرسل الفقيه قال: و في خبر آخر علي الصبي اذا احتلم الصيام و علي المرأة اذا حاضت الصيام 5.

و منها ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته متي تجب عليه الصلاة قال: اذا أتي عليه ثلاث عشرة سنة فان احتلم قبل ذلك فقد وجبت عليه الصلاة و جري عليه القلم و الجارية مثل ذلك ان أتي لها ثلاث عشرة سنة او حاضت قبل ذلك فقد وجبت عليها الصلاة و جري عليها القلم 6.

(1) لاحظ ما رواه عمار 7 ان قلت لا اشكال في عدم التحيض قبل البلوغ

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 4 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 1 و

6

(2) (3) نفس المصدر الحديث: 9

(3) (4) نفس المصدر الحديث 11

(4) (5) نفس المصدر الحديث: 10

(5) (6 و 7) نفس المصدر الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 227

او اكمال خمس عشرة سنة في الذكر (1).

______________________________

تسعا فكيف يكون البلوغ بالحيض؟ و بعبارة اخري الحيض قبل التسع لا يكون حيضا شرعا كما صرح الماتن به في بحث الحيض و بعد التسع يكون البلوغ بالسن فأين تظهر الفائدة؟ قلت: تظهر الفائدة في مجهول السن و بعبارة اخري لو تري الجارية الدم الذي يكون حيضا قطعا و لا تدري ان سنها بلغ التسع أم لا؟ يحكم بكونها بالغة و لا مجال لاستصحاب عدم بلوغ سنها تسعا و ان شئت قلت: دم الحيض في مجهولة السن امارة علي البلوغ و مع وجود الامارة لا مجال للأصل فلا يجري الاستصحاب فلاحظ.

(1) ما يمكن أن يذكر في تقريب الاستدلال علي المدعي وجهان:

الوجه الأول: الاجماع و التسالم القطعي علي تحقق البلوغ باكمال خمس عشرة فما دام لم يكمل هذا المقدار يجري استصحاب عدم البلوغ بل مقتضي الاية «وَ ابْتَلُوا الْيَتٰاميٰ حَتّٰي إِذٰا بَلَغُوا النِّكٰاحَ «1» «وَ إِذٰا بَلَغَ الْأَطْفٰالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا» «2» و الرواية عدم تحقق البلوغ قبل تحقق الحلم خرج عنه بلوغ هذا المقدار من السن بمقتضي الاجماع و التسالم.

الوجه الثاني: النصوص الدالة علي المدعي منها ما رواه حمران عن أبي جعفر عليه السلام في حديث الي أن قال قال: و الغلام لا يجوز أمره في البيع و الشراء و لا يخرج من اليتم حتي يبلغ خمس عشرة ستة أو يحتلم أو يشعر أو ينبت قبل ذلك «3».

و منها ما رواه بريد (يزيد) الكناسي قال: قلت: لأبي جعفر عليه السلام متي

يجوز للأب أن يزوج ابنته و لا يستأمرها؟ الي أن قال: قلت: فالغلام يجري في

______________________________

(1) النساء/ 6

(2) النور/ 59

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب الحجر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 228

______________________________

ذلك مجري الجارية قال يا أبا خالد إن الغلام اذا زوجه أبوه و لم يدرك كان بالخيار اذا ادرك و بلغ خمس عشرة سنة او يشعر في وجهه او ينبت في عانته قبل ذلك «1».

و منها ما رواه معاوية بن وهب في حديث قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام في كم يؤخذ الصبي بالصيام؟ قال ما بينه و بين خمس عشرة سنة و اربع عشرة سنة فان هو صام قبل ذلك فدعه و لقد صام ابني فلان قبل ذلك فتركته «2».

و في قبال هذه النصوص روايات يستفاد منها خلاف المدعي منها ما رواه الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له: في كم تجري الأحكام علي الصبيان قال في ثلاث عشرة و اربع عشرة قلت: فانه لم يحتلم فيها قال: و ان كان لم يحتلم فان الأحكام تجري عليه «3».

و هذه الرواية ضعيفة سندا فدليل كون البلوغ باربع عشرة سنة ضعيف سندا و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأله أبي و أنا حاضر عن قول اللّه عز و جل حَتّٰي إِذٰا بَلَغَ أَشُدَّهُ قال: الاحتلام قال: فقال: يحتلم في ست عشرة و سبع عشرة سنة و نحوها فقال: لا اذا أتت عليه ثلاث عشرة سنة كتبت له الحسنات و كتبت عليه السيئات و جاز أمره الا أن يكون سفيها أو ضعيفا «4».

و منها ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن الغلام متي تجب عليه الصلاة قال: اذا أتي عليه ثلاث عشرة سنة فان احتلم قبل ذلك فقد وجبت عليه الصلاة «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب عقد النكاح و مقدماته الحديث: 9

(2) الوسائل الباب 29 من ابواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 45 من ابواب احكام الوصايا الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 44 من ابواب الوصايا الحديث: 8

(5) الوسائل الباب 4 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 229

______________________________

فان المستفاد من هذه الطائفة ان البلوغ يتحقق بثلاث عشرة سنة فيقع التعارض بين هذه الطائفة و ما يدل علي أن البلوغ يحصل بخمس عشرة سنة و حيث لا مرجح في احد الطرفين يتساقطان فقبل الخمس عشرة يحكم بعدم تحقق البلوغ بالتقاريب المتقدمة و أما بعدها فلا اشكال في تحقق البلوغ فلاحظ الا أن يقال: ان احد الطرفين أحدث فيدخل المقام في باب اشتباه الحجة بغيرها.

و منها ما يدل علي تحققه بثمان سنين لاحظ ما رواه حسن بن راشد عن العسكري عليه السلام قال: اذا بلغ الغلام ثماني سنين فجائز امره في ماله و قد وجب عليه الفرائض و الحدود و اذا تم للجارية سبع سنين فكذلك «1» و هذه الرواية ضعيفة سندا بضعف اسناد الشيخ الي ابن فضال.

و منها ما يدل علي تحققه بعشر سنين لاحظ ما رواه أبو ايوب قال: سألت اسماعيل بن جعفر متي تجوز شهادة الغلام؟ فقال: اذا بلغ عشر سنين قلت:

و يجوز أمره؟ قال: فقال: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله دخل بعائشة و هي بنت عشر سنين و ليس يدخل بالجارية حتي تكون امرأة فاذا كان للغلام عشر سنين جاز أمره و

جازت شهادته «2» و هذه الرواية ضعيفة بالعبيدي مضافا الي أنها غير مستندة الي المعصوم.

و يمكن الاستدلال علي تحققه بعشر سنين بما يدل علي جواز عتقه و صدقته و وصيته و وقفه لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: اذا بلغ الغلام عشر سنين و أوصي بثلث ماله في حق جازت وصيته و اذا كان ابن سبع سنين فأوصي من ماله باليسير في حق جازت وصيته «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 22 من ابواب الشهادات الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 44 من الوصايا الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 230

و تسع في الاثني (1).

______________________________

و ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا بلغ الغلام عشر سنين جازت وصيته «1».

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا أتي علي الغلام عشر سنين فانه يجوز له في ماله ما اعتق او تصدق او اوصي علي حد معروف و حق فهو جائز «2».

و ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا بلغ الصبي خمسة اشبار اكلت ذبيحته و اذا بلغ عشر سنين جازت وصيته 3.

و ما رواه ابو بصير و ابو ايوب عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الغلام ابن عشر سنين يوصي قال: اذا أصاب موضع الوصية جازت 4.

و ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن وصية الغلام هل تجوز قال: اذا كان ابن عشر سنين جازت وصيته 5.

فيقع التعارض بين الجانبين و لكن يمكن أن يقال:

ان صحة عتقه و صدقته و وقفه اعم من بلوغه مضافا الي أنه قد صرح في بعض النصوص بعدم بلوغه بعشر سنين لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في غلام صغير لم يدرك ابن عشر سنين زني بامرأة قال يجلد الغلام دون الحد و تجلد المرأة الحد كاملا قيل: فان كانت محصنة قال: لا ترجم لأن الذي نكحها ليس بمدرك و لو كان مدركا لرجم 6 فالنتيجة ان البلوغ يتحقق بخمس عشرة سنة و اللّه العالم بحقايق الأشياء.

(1) كما هو المشهور عندهم بل هو الذي استقر عليه المذهب- علي ما في

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) (2 و 3 و 4) نفس المصدر الحديث: 4 و 5 و 6

(3) (5) نفس المصدر الحديث: 7

(4) (6) الوسائل الباب 9 من ابواب حد الزنا الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 231

______________________________

الجواهر- و يظهر من الشيخ قدس سره في الخلاف في كتاب الحجر أنه اجماعي و يدل علي المدعي بعض النصوص منها ما رواه حمران قال سألت ابا جعفر عليه السلام قلت له: متي يجب علي الغلام أن يؤخذ بالحدود التامة؟ الي أن قال:

قلت: فالجارية متي تجب عليها الحدود التامة و تؤخذ بها و يؤخذ لها؟ قال: ان الجارية ليست مثل الغلام ان الجارية اذا تزوجت و دخل بها و لها تسع سنين ذهب عنها اليتم و دفع اليها مالها و جاز أمرها في الشراء و البيع «1».

و منها ما رواه يزيد الكناسي عن ابي جعفر عليه السلام قال الجارية اذا بلغت تسع سنين ذهب عنها اليتم و زوجت و اقيمت عليها الحدود التامة لها و عليها «2»

و منها ما رواه عبد اللّه بن

سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا بلغ الغلام ثلاث عشرة سنة كتبت له الحسنة و كتبت عليه السيئة و عوقب و اذا بلغت الجارية تسع سنين فكذلك و ذلك أنها تحيض لتسع سنين «3».

و يمكن الاستدلال علي المدعي بالنصوص الدالة علي جواز الدخول بالجارية اذا بلغت تسع سنين منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال اذا تزوج الرجل الجارية و هي صغيرة فلا يدخل بها حتي يأتي لها تسع سنين «4».

و منها ما رواه زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال: لا يدخل بالجارية حتي يأتي لها تسع سنين او عشر سنين 5 و غيرهما مما ورد في الباب المشار اليه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب مقدمة العبادات الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 44 من احكام الوصايا الحديث: 12

(4) (4 و 5) الوسائل الباب 45 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 232

و الثاني باصلاح ماله عند اختباره بحيث يسلم من المغابنات و تقع افعاله علي الوجه الملائم (1) و لا يزول الحجر مع فقد احدهما (2) و ان طعن في السن (3) و يثبت الرشد في الرجال بشهادة أمثالهم (4).

______________________________

بتقريب عدم جواز الدخول بغير البالغة كما انه يمكن الاستدلال بما دل علي أن الجارية تحيض لتسع سنين منها: ما رواه عبد الرحمن الحجاج قال: قال ابو عبد اللّه عليه السلام: ثلاث تتزوجن علي كل حال التي لم تحض و مثلها لا تحيض قال:

قلت: و ما حدها قال اذا اتي لها أقلّ من تسع سنين و التي لم يدخل بها «1».

و منها ما رواه عبد الرحمن بن

الحجاج أيضا قال: سمعت ابا عبد اللّه عليه السلام يقول ثلاث يتزوجن علي كل حال: التي قد يئست من المحيض و مثلها لا تحيض قلت و متي تكون كذلك؟ قال: اذا بلغت ستين سنة فقد يئست من المحيض و مثلها لا تحيض و التي لم تحض و مثلها لا تحيض قلت و متي يكون كذلك؟ قال: ما لم تبلغ تسع سنين فانها لا تحيض و مثلها لا تحيض و التي لم يدخل بها «2» بتقريب ان الحيض لا يتحقق شرعا قبل البلوغ.

(1) اذ لا اشكال في أنه بهذه الوسيلة يعرف انه رشيد أم لا.

(2) بلا اشكال اذ قد مر ان المستفاد من الدليل انه محجور ما دام لا يكون بالغا و ما دام لا يكون رشيدا فيلزم في ارتفاع الحجر زوال كلا الأمرين.

(3) اذ السن لا يكون ملاكا للرشد فلا اثر لزيادته.

(4) اجماعا كما في الجواهر مضافا الي أن نفوذ شهادة الرجال علي طبق القاعدة الأولية.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب العدد الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 3 من ابواب العدد الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 233

و في النساء بشهادة الرجال (1) و كذلك بشهادتهن علي اشكال (2)

[الثاني الجنون]

الثاني الجنون (3).

______________________________

(1) بلا خلاف كما في الجواهر مضافا الي أنه علي طبق القاعدة.

(2) ادعي عليه الاجماع و لكن صاحب الجواهر قدس سره قال في هذا المقام «لم أتحققه» و الظاهر ان منشأ الاشكال في عبارة الماتن ان المستفاد من الأدلة و النصوص عدم جواز شهادة النساء الا في موارد خاصة لاحظ ما رواه السكوني عن جعفر عن ابيه عن علي عليه السلام انه كان يقول: شهادة النساء لا تجوز في طلاق و لا نكاح و لا

في حدود الا في الديون و ما لا يستطيع الرجال النظر اليه «1».

و لاحظ بقية النصوص الواردة في الباب 24 من أبواب الشهادات من الوسائل و عليه يشكل نفوذ شهادتهن في مورد لا يكون دليل علي نفوذها فلاحظ.

(3) قال في الحدائق «و دليل الحجر علي المجنون ظاهر من العقل و النقل» انتهي. و يمكن الاستدلال علي المدعي بما ورد في الحجر علي السفيه بالاولوية فان السفيه اذا كان محجورا عليه من التصرف فالحجر علي المجنون بالاولوية القطعية.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بالنصوص الدالة علي اشتراط العقل في تعلق التكاليف منها ما رواه ابو الجارود عن ابي جعفر عليه السلام قال: انما يداق اللّه العباد في الحساب يوم القيمة علي قدر ما آتاهم من العقول في الدنيا «2».

و منها ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: اذا بلغكم عن رجل حسن حال فانظروا في حسن عقله

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من ابواب الشهادات الحديث: 42

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب مقدمة العبادات الحديث 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 234

و لا يصح تصرف المجنون الا في اوقات افاقته (1)

[الثالث السفه]

الثالث السفه و يحجر علي السفيه في ماله خاصة علي المشهور (2).

______________________________

فانما يجازي بعقله «1».

و منها ما رواه هشام قال: قال ابو عبد اللّه عليه السلام لما خلق اللّه العقل قال له أقبل فأقبل ثم قال له أدبر فأدبر ثم قال: و عزتي و جلالي ما خلقت خلقا هو احب إلي منك بك آخذ و بك أعطي و عليك اثيب «2».

فان المستفاد من هذه النصوص ان المجنون خارج عن دائرة المقررات الشرعية فلا اعتبار بافعاله و

تروكه و لا يترتب علي عقده و إيقاعه اثر شرعي و يؤيد المدعي ما رواه ابن ظبيان قال أتي عمر بامرأة مجنونة قد زنت فامر برجمها فقال علي عليه السلام: اما علمت ان القلم يرفع عن ثلاثة عن الصبي حتي يحتلم و عن المجنون حتي يفيق و عن النائم حتي يستيقظ «3».

فان مقتضي اطلاق الرفع ارتفاع القلم عنه و ان شئت قلت: ان المستفاد من مجموع الروايات ان المجنون في نظر الشارع كالحيوانات.

(1) كما هو ظاهر اذ زمان افاقته يكون جامعا للشرائط فما يصدر عنه صحيح كالصادر عن غيره و ما يصدر عنه في زمان جنونه لا يصح لفقدان شرط الصحة فلاحظ.

(2) قال في الجواهر: «و كيف كان فلو باع و الحال هذه اي غير رشيد لم يمض بيعه و لا شرائه و لا غير ذلك من عقوده و معاملاته اذا حجر عليه الحاكم أو مطلقا علي الخلاف و كما لو وهب او اقر بمال و الضابط: المنع من التصرفات

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 235

[الرابع الملك]

الرابع الملك: فلا ينعقد تصرف المملوك بدون اذن مولاه (1) و لو ملكه مولاه شيئا ملكه علي الأصحّ و كذا غيره اذا كان باذن المولي (2).

______________________________

المالية بلا خلاف اجده فيه بل يمكن تحصيل الاجماع عليه بل عن مجمع البرهان دعواه و هو الحجة» الخ «1».

و يدل علي المدعي الكتاب و السنة كما مر تقريب الاستدلال بهما في اشتراط الرشد في صحة المعاملة فراجع و علي الجملة المستفاد من الدليل ان غير الرشيد ممنوع من التصرف المالي و أما حجره علي الاطلاق فلا دليل

معتبر عليه ظاهرا.

(1) قال في الجواهر: «لا يجوز للمملوك فضلا عن غيره ان يتصرف في نفسه باجارة و لا استدانة و لا غير ذلك من العقود و لا بما في يده ببيع و لا هبة الا باذن سيده و لو حكم له بملكه» «2».

(2) لاحظ ما رواه عمر بن يزيد قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أراد أن يعتق مملوكا له و قد كان مولاه يأخذ منه ضريبة فرضها عليه في كل سنة و رضي بذلك المولي فاصاب المملوك في تجارته ما لا سوي ما كان يعطي مولاه من الضريبة فقال: اذا ادي الي سيده ما كان فرض عليه فما اكتسب بعد الفريضة فهو للمملوك «3»

و لاحظ حديث اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ما تقول في رجل يهب لعبده ألف درهم او أقلّ او اكثر فيقول حللني من ضربي اياك و من كل ما كان مني إليك و مما اخفتك و ارهبتك فيحلله و يجعله في حل رغبة فيما اعطاه ثم ان المولي بعد اصاب الدراهم التي كان أعطاها في موضع قد وضعها فيه العبد فأخذها المولي احلال هي له؟ قال: فقال: لا تحل له لأنه افتدي بها نفسه من العبد

______________________________

(1) الجواهر ج 26 ص: 56

(2) الجواهر ج 25 ص: 69

(3) تهذيب الاحكام ج 8 ص 224 حديث: 40

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 236

[الخامس: الفلس]

الخامس: الفلس و يحجر علي المفلس بشروط اربعة (1) ثبوت ديونه عند الحاكم (2) و حلولها (3) و قصور امواله عنها (4) و مطالبة اربابها الحجر (5).

______________________________

مخافة العقوبة و القصاص يوم القيامة «1».

فان المستفاد من الحديثين ان العبد يملك و حيث ان المسألة

خارجة عن محل الابتلاء نقتصر من البحث فيها علي هذا المقدار و اللّه ولي التوفيق و عليه التكلان.

(1) تحقق الحجر به يحتاج الي دليل و بعبارة اخري يكون تصرف المالك في ماله نافذا شرعا الا أن يقوم دليل علي المنع و حيث انه لا دليل عليه بدون الشروط المذكورة يتوقف تحققه عليها.

(2) لأصالة بقاء سلطنته علي ماله و بتعبير آخر عدم تحقق الحجر يكون علي مقتضي القاعدة الأولية و جواز التصرف و نفوذه قبل تحققه علي القاعدة مضافا الي أنه ما دام لا يثبت كونه مديونا عند الحاكم لا يقدر الحاكم علي حجره كما هو ظاهر

(3) اذ مع عدم الحلول لا يستحق الديان المطالبة و لعل اللّه يحدث بعد ذلك امرا و بعبارة واضحة لا دليل علي جواز الحجر عليه فلا يجوز فان الجواز يحتاج الي الدليل و عدم الجواز علي طبق القاعدة.

(4) قال في الجواهر: «فان لم تكن قاصرة فلا حجر عليه اجماعا محكيا في جامع المقاصد و المسالك و ظاهر التذكرة بل طالبه ارباب الدين فان قضي و الا رفعوا امرهم الي الحاكم فيحبسه الي أن يقضي او يبيع عليه و يقضي عنه لأنه ولي الممتنع» «2» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

(5) اذ الحق لهم فلا يحجر عليه مع عدم التماسهم ذلك فانه لا دليل علي تحقق الحجر في غير هذه الصورة و صفوة القول: ان الحجر علي خلاف الاصول و القواعد

______________________________

(1) تهذيب الاحكام ج 8 ص 225 حديث: 41

(2) الجواهر ج 25 ص: 279

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 237

و اذا حجر عليه الحاكم بطل تصرفه في ماله مع عدم اجازة الديان ما دام الحجر باقيا (1) فلو اقترض بعده او

اشتري في الذمة لم يشارك المقرض و البائع الغرماء (2).

______________________________

فلا يتحقق الا في مورد اليقين.

لكن المستفاد من النص لا يكون كذلك لاحظ ما رواه غياث بن ابراهيم عن جعفر عن ابيه ان عليا عليه السلام كان يفلس الرجل اذا التوي علي غرمائه ثم يأمر به فيقسم ماله بينهم بالحصص فان ابي باعه فقسم بينهم يعني ماله «1». فان المستفاد من هذه الرواية ان شرط جواز الحجر و التفليس التواء الرجل علي غرمائه فلا بد من تحقق اجماع علي المنع كي يمنع عن الأخذ باطلاق الدليل و اللّه العالم

(1) ما يمكن أن يذكر في تقريب الاستدلال علي المدعي و جهان: الوجه الأول الاجماع. الوجه الثاني: حديث غياث و عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام مثله الا أنه قال: يحبس الرجل «2».

فانه يستفاد من هذا الحديث انه بعد الحجر لا يمكنه التصرف في ماله و انه لمعزول عنه مضافا الي أن الاستدلال علي جواز الحجر يثبت كونه محجورا اذ لو لم يحجر لم تكن فائدة في الحجر عليه و مع اجازة الديان يجوز تصرفه اذ المنع من ناحيتهم فيجوز باذنهم.

(2) لعدم دليل علي المشاركة و ان شئت قلت: انه بالحجر عليه اختص ماله بالغرماء و مشاركة الغير معهم تحتاج الي شركة جديدة و لا دليل عليها مضافا الي دعوي الاتفاق علي عدم المشاركة في صورة علم المقرض أو البائع باعساره نعم في صورة الجهل بالحال لا يبعد الالتزام بالخيار بتقريب انه مقتضي الاشتراط

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب الحجر الحديث: 1

(2) نفس المصدر و ذيل الحديث

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 238

و لو أتلف مال غيره فالاظهر عدم مشاركة صاحبه للغرماء (1) و كذا الواقر بدين سابق

(2) أو بعين (3) و له اجازة بيع الخيار (4) و في جواز فسخه اشكال (5).

______________________________

الارتكازي الضمني فلاحظ.

(1) لعدم دليل علي المشاركة و مقتضي الأصل عدمها و الظاهر انه لا نص في المقام يقتضي الشركة الجديدة و أما كون الضمان بالاتلاف بغير رضا صاحب المال لا يقتضي المشاركة مع الغرماء كما هو ظاهر.

(2) و الوجه فيه ان الإقرار نافذ عليه و أما بالنسبة الي غيره فلا دليل علي نفوذه فلا يكون موجبا لمشاركة المقر له مع الغرماء. ان قلت قد اشتهر فيما بينهم ان مثبتات الامارات حجة فنفوذ الإقرار يستلزم ترتيب لوازمه فتلزم المشاركة.

قلت لم يرد دليل يدل علي هذه الكلية بل الالتزام بترتب اللوازم يتوقف علي أمرين أحدهما: دلالة الامارة علي اللازم ثانيهما: قيام دليل علي حجيتها علي الاطلاق فلو انتفي احد الأمرين لا يتم الأمر مثلا اذا أخبر الثقة ببقاء زيد في قيد الحياة فقد أخبر باللوازم المترتبة علي الحياة فاذا قام الدليل علي حجية قوله علي الاطلاق يثبت باخباره جميع اللوازم و أما في المقام فلا دليل علي اعتبار قول المقر الا بالمقدار الذي يكون اقرارا علي نفسه و أما بالنسبة الي الغير فلا دليل علي اعتبار اقراره.

(3) الكلام فيه هو الكلام اي لا دليل علي اعتبار قوله بلحاظ تحقق الضرر بالنسبة الي الغرماء.

(4) اذ لا وجه لسقوط هذا الحق فانه يحجر عن التصرف في امواله و اسقاط الخيار لا يكون تصرفا في ماله فلا وجه لسقوط هذا الحق كما انه لا وجه لكونه محجورا عليه عن اعماله.

(5) ادعي في الجواهر عدم وجدان الخلاف في جوازه و الذي يخطر بالبال

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 239

و من وجد عين ماله كان له اخذها

(1) دون نمائها المنفصل (2) أما المتصل فان كان كالطول و السمن و بلوغ الثمرة و نحوهما مما لا يصح للانفصال تبعها (3) و ما يصح لذلك كالصوف و الثمرة و نحوهما ففيه اشكال و الاظهر عدم التبعية (4).

______________________________

في هذه العجالة انه ان تم اجماع تعبدي علي الجواز فهو و الا يشكل الالتزام بالجواز لأن الفسخ و ان كان تصرفا في العقد لكن لا اشكال في أنه تصرف في المال و لو بالواسطة و المفروض كونه محجورا عليه عن التصرفات المالية و ما ذكر في المقام من أنه ليس تصرفا ابتدائيا بل هو اثر امر ثابت قبل الحجر غير تام لأن المفلس بعد الحجر ممنوع عن التصرف في المال فما افاده في المتن من الاشكال متين.

(1) كما هو المعروف بين الأصحاب- علي ما في بعض الكلمات- و يدل علي المدعي ما رواه عمر بن يزيد عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته عن الرجل يركبه الدين فيوجد متاع رجل عنده بعينه قال لا يحاصه الغرماء «1».

(2) لعدم المقتضي اذ المفروض ان النماء تابع للأصل و المفروض ان النماء وجد في ملك المديون و المستفاد من حديث عمر بن يزيد ان العين التي كانت للغير تختص به و أما نمائه المنفصل فلا دليل عليه.

(3) فان ما لا يكون قابلا للانفصال تابع للعين اذ المفروض ان العين تختص بمالكها السابق و المفروض أيضا عدم امكان الانفصال و يمكن الاستدلال علي المدعي باطلاق حديث عمر بن يزيد.

(4) استدل علي عدم التبعية بوجوه: الوجه الأول: ان اخذ العين خارج عن الأصل و القاعدة فيقتصر فيه علي مقدار اليقين و هو اصل المتاع لا نمائه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب

الحجر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 240

و لو خلطها بجنسها فله عين ماله مطلقا و ان كان بالاوجود (1) و كذا لو خلطها بغير جنسها (2) ما لم تعد من التالف (3) و لا اختصاص في مال الميت مع قصور التركة (4).

______________________________

الوجه الثاني: ان اخذه للزيادة ضرر علي الغرماء و هو منفي.

الوجه الثالث: ان الزيادة مملوكة للمفلس فلا تخرج عنه مجانا.

الوجه الرابع: انها ليست عين مال الغير فلا مقتضي لرجوعها اليه. و الذي يخطر ببالي القاصر ان المستفاد من حديث عمر بن يزيد ان الغرماء لا يحاصوه في ماله و لا يدل الحديث علي رجوع العين الي ملك مالكها السابق كما انه لا يدل علي الخيار بل المستفاد من الحديث ان له اخذ حقه من العين الباقية عند المفلس و عليه لا وجه للتبعية لا في النماء المتصل و لا في النماء المنفصل بل له اخذ حقه من العين فقط.

و لكن الانصاف انه لا يبعد شمول الدليل للعين مع الزيادة المتصلة نعم في الزيادة المتصلة القابلة للانفصال يشكل الالتزام بالصدق فلا يبعد ان ما اختاره الماتن هو الصحيح.

(1) بتقريب ان المأخوذ في الدليل وجود متاع الرجل بعينه و اطلاقه يقتضي شمول الدليل هذه الفروض و لا يبعد الشمول لصدق العنوان المأخوذ في الموضوع.

(2) بعين التقريب.

(3) كما هو ظاهر فانه مع صدق التلف لا يصدق الموضوع المأخوذ في الدليل

(4) لاحظ ما رواه أبو ولاد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل باع من رجل متاعا الي سنة فمات المشتري قبل أن يحل ماله و اصاب البائع متاعه بعينه أله أن يأخذه اذا حقق له؟ قال: فقال ان كان عليه دين و ترك نحوا

مما عليه فليأخذ ان حقق له، فان ذلك حلال له و لو لم يترك نحو من دينه فان صاحب المتاع

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 241

و يخرج الحب و البيض بالزرع و الاستفراخ عن الاختصاص (1) و للشفيع أخذ الشقص (2) و يضرب البائع مع الغرماء (3) و اذا كان في التركة عين زكوية قدمت الزكاة علي الديون و كذلك الخمس (4) و اذا كانا في ذمة الميت كانا كسائر الديون (5)

[مسائل]

اشارة

مسائل:

[الأولي: لو افلس بثمن أم الولد بيعت أو أخذها البائع بعد موت الولد]

الاولي: لو افلس بثمن أمّ الولد بيعت (6) أو أخذها البائع بعد موت الولد (7) و أما قبله ففيه اشكال و الجواز

______________________________

كواحد ممن له عليه شي ء يأخذ بحصته و لا سبيل له علي المتاع «1» فان التفصيل المذكور في المتن يستفاد من الحديث فلاحظ.

(1) لعدم صدق العنوان المأخوذ في الدليل و بعبارة اخري ليس المتاع الموجود عين ذلك المتاع السابق و العرف ببابك.

(2) بلا خلاف كما في الجواهر و استدل علي المدعي في الجواهر بقوة حق الشفعة فان ثبتت قوة حق الشفعة بحيث تقدم علي بقية الحقوق بالإجماع و التسالم القطعي فهو و الا فيشكل الجزم بها و اللّه العالم.

(3) اذ المفروض انه من الغرماء.

(4) اذ المفروض ان العين متعلق حق الفقراء و السادة و الامام فلا مجال لتعلق حق الغرماء بها.

(5) كما هو ظاهر اذ المفروض ان الدين في الذمة فالغرماء علي السواء فلاحظ.

(6) لجواز بيعها في ثمن رقبتها كما قرر في محله.

(7) فانه مع فرض موت الولد لا مانع من انتقالها و المفروض انها عين متاع البائع فعلي القول بأن البائع أحق بمتاعه بمقتضي حديث عمر بن يزيد «2»

______________________________

(1) تهذيب الاحكام ج 6 ص 193 حديث 46

(2) لاحظ ص: 239

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 242

اظهر (1)

[الثانية: لا يحل مطالبة المعسر]

الثانية: لا يحل مطالبة المعسر (2).

______________________________

فله اخذها بناء علي أن المستفاد من الدليل جواز الأخذ.

(1) قال في الجواهر: «و لو اولد الجارية ثم فلس جاز لصاحبها انتزاعها و بيعها فيه و في غيره لصدق وجدان عين المال فسلط علي الفسخ و الاستيلاد غير مانع بعد ان لو طالب بثمنها و لم يفسخ جاز بيعها في ثمن رقبتها فأخذها حينئذ بمنزلته» الخ «1».

(2) يمكن الاستدلال علي المدعي بقوله

تعالي «و ان كان ذو عسرة فنظرة الي ميسرة» «2» فان المستفاد من الاية الشريفة انه يجب النظرة الي الميسرة كما ان المستفاد من حديث غياث كذلك فروي عن جعفر عن ابيه ان عليا عليه السلام كان يحبس في الدين فاذا تبين له حاجة و افلاس خلي سبيله حتي يستفيد مالا «3»

فان المستفاد من الحديث انه مع تحقق اعسار يخلي سبيل المديون حتي يستفيد. و تؤيد المدعي ان لم تدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: قال النبي صلي اللّه عليه و آله: ألف درهم أقرضها مرتين احب إلي من أن اتصدق بها مرة و كما لا يحل لغريمك ان يمطلك و هو مؤسر فكذلك لا يحل لك أن تعسره اذا علمت انه معسر «4».

و منها ما رواه معاوية بن عمار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من أراد ان يظله اللّه في ظل عرشه يوم لا ظل الا

______________________________

(1) الجواهر ج 25 ص: 320

(2) البقرة/ 280

(3) الوسائل الباب 7 من كتاب الحجر الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 25 من أبواب الدين الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 243

و لا الزامه بالتكسب اذا لم يكن من عادته و كان عسرا عليه (1) و لا بيع دار سكناه اللائقة بحاله و لا عبد خدمته (2).

______________________________

ظله فلينظر معسرا أو ليدع له من حقه «1».

و منها ما رواه ابو الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من سره أن يقيه اللّه من نفخات جهنم فلينظر معسرا أو ليدع له من حقه «2» و غيرها من الروايات

الواردة في الباب المشار اليه فان المستفاد من هذه النصوص مطلوبية انظار المعسر و النهي عن اعساره فلاحظ.

(1) فان الزام الغير علي خلاف القاعدة الأولية بل علي خلاف المستفاد من الكتاب و السنة بل الواجب الأنظار حتي يستفيد و لا ادري ما الوجه في تقييد الماتن عدم الجواز بالقيد المذكور؟ فان مقتضي القاعدة عدم الجواز و لو مع عدم العسر الا أن يقال: انه يجب عليه اداء دينه فتجب مقدمته فاذا كان التكسب ممكنا مع عدم العسر و عدم المهانة في حقه يجب عليه الكسب لأداء دينه بل يستفاد المدعي من حديث غياث بتقريب ان (حتي) الواردة في الرواية تعليلية اي يخلي سبيله لأجل أن يستفيد و يؤيد المدعي انه ذهب جماعة الي وجوب الكسب «3» فعن المسالك: «انه لو قيل بوجوب ما يليق بحاله كان حسنا و عن السرائر ان من كان عليه دين وجب عليه السعي في قضائه و عن القواعد و يجب علي المديون السعي في قضاء الدين و نحوهما عن النهاية» و في الجواهر «فالقول حينئذ بوجوب السعي عليه في قضاء الدين بتكسب و غيره لا يخلو عن قوة».

(2) فان الدار و الخادم اللائقان بالحال من مستثنيات الدين و لا يجب علي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) الجواهر ج 25 ص: 326- 327

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 244

و لا غيره مما يعسر عليه بيعه (1)

[الثالثة: لا يحل بالحجر الدين المؤجل]

الثالثة: لا يحل بالحجر الدين المؤجل (2) و لو مات من عليه حل (3) و لا يحل بموت صاحبه (4)

[الرابعة: ينفق عليه من ماله إلي يوم القسمة و علي عياله]

الرابعة: ينفق عليه من ماله الي يوم القسمة و علي عياله (5).

______________________________

المديون بيع مثلهما.

(1) لا يبعد أن يكون المراد من العبارة الأمتعة المحتاج اليها اللائقة بحاله كدابته مثلا و الا فلا ادري ما الوجه في عدم الوجوب فلاحظ.

(2) قال في الحدائق: «المشهور انه لا تحل الديون المؤجلة عليه بالحجر و انما تحل بالموت كما تقدم في كتاب الدين و نقل عن ابن الجنيد أنها تحل» انتهي كلامه «1» و مقتضي القاعدة الأولية عدم الحلول لعدم الدليل عليه.

(3) بلا خلاف و بلا اشكال- كما في الجواهر- و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه ابو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا مات الرجل حل ماله و ما عليه من الدين «2».

و منها ما رواه السكوني عن جعفر عن ابيه عليهما السلام أنه قال: اذا كان علي الرجل دين الي اجل و مات الرجل حل الدين 3.

و منها مرسل الصدوق قال: و قال الصادق عليه السلام: اذا مات الميت حل ماله و ما عليه 4.

(4) لعدم الدليل عليه و أما حديث أبي بصير فضعيف سندا و مثله في الضعف مرسل الصدوق المتقدم.

(5) بلا خلاف اجده- كما في الجواهر- و الظاهر ان المدرك للحكم عدم الخلاف و التسالم و يؤيد المدعي ما رواه علي بن اسماعيل عن رجل من اهل

______________________________

(1) الحدائق ج 20 ص 391

(2) (2 و 3 و 4) الوسائل الباب 12 من أبواب الدين الحديث: 1 و 3 و 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 245

و لو مات قدم الكفن و غيره

من واجبات التجهيز (1).

______________________________

الشام أنه سأل أبا الحسن الرضا عليه السلام عن رجل عليه دين قد فدحه و هو يخالط الناس و هو يؤتمن يسعه شراء الفضول من الطعام و الشراب فهل يحل له أم لا؟ و هل يحل أن يتطلع من الطعام أم لا يحل له الا قدر ما يمسك به نفسه و يبلغه قال: لا بأس بما أكل «1».

(1) و في الجواهر- في شرح قول المحقق-: و لو مات قدم كفنه علي حقوق الغرماء و يقتصر علي الواجب منه، قال: «بلا خلاف اجده» «2» و استدل علي المدعي بجملة من النصوص منها ما رواه زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل مات و عليه دين بقدر كفنه قال: يكفن بما ترك الا أن يتجر عليه انسان فيكفنه و يقضي بما ترك دينه «3».

و فيه انه لم يفرض في الحديث تعلق حق الغرماء بما ترك الميت و لا يبعد أن يكون المستفاد منه بحسب الفهم العرفي حكم ما تركه الميت لو خلي و طبعه فلا يشمل صورة تعلق حق الغرماء بالمال بواسطة الحجر.

و منها ما رواه اسماعيل بن أبي زياد عن جعفر عن ابيه عليهما السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ان اول ما يبدأ به من المال الكفن ثم الدين ثم الوصية ثم الميراث «4».

و الكلام فيه هو الكلام مضافا الي كون محمد بن عيسي في السند و لهذا الحديث سند آخر و هو عن محمد بن يعقوب عن علي بن ابراهيم عن ابيه عن

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من أبواب الدين الحديث: 1

(2) الجواهر ج 25 ص: 342

(3) الوسائل الباب 13 من ابواب الدين الحديث: 1

(4)

نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 246

[الخامسة: يقسم المال علي الديون الحالة بالتقسيط]

الخامسة: يقسم المال علي الديون الحالة بالتقسيط (1) و لو ظهر دين حال بعد القسمة نقضت و شاركهم (2) و مع القسمة يطلق و يزول الحجر

______________________________

النوفلي عن السكوني «1» و السند مخدوش أيضا.

و منها ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الكفن من جميع المال «2» و منها ما رواه زرارة قال: سألته عن رجل مات و عليه دين بقدر ثمن كفنه قال يجعل ما ترك في ثمن كفنه الا أن يتجر عليه بعض الناس فيكفنوه و يقضي ما عليه مما ترك 3 و الكلام فيهما هو الكلام فلا بد من اتمام الأمر بالإجماع و التسالم.

(1) كما هو المستفاد من حديث غياث بن ابراهيم عن جعفر عن أبيه ان عليا عليه السلام كان يفلس الرجل اذ التوي علي غرمائه ثم يأمر به فيقسم ماله بينهم بالحصص فان أبي باعه فقسم بينهم يعني ماله 4.

(2) قال في الجواهر: «اذا قسم الحاكم مال المفلس علي غرمائه ثم ظهر غريم لم يكن يعلم به و ليس له عين مال قد اختار الفسخ فيها نقضها بل هي انتقضت في نفسها و شاركهم الغريم» الي أن قال «لعدم صدق القسمة التي كان يأمر بها أمير المؤمنين عليه السلام» الخ 5.

و صفوة القول: ان القسمة وقعت في غير محلها اذ المفروض عدم انحصار الغرماء فيهم بل أزيد فلا بد من تجديد القسمة و علي الجملة: القسمة المستفادة من كلامه عليه السلام في حديث غياث لم تنطبق علي المورد فلا بد من تجديدها.

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب الوصية الحديث: 1

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 27 من ابواب

الوصية الحديث: 1 و 2

(3) (4) الوسائل الباب 6 من أبواب الحجر الحديث: 1

(4) (5) الجواهر ج 25 ص: 346

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 247

بالاداء (1)

[السادسة: الولاية في مال الطفل و المجنون و السفيه اذا بلغا كذلك للأب و الجد له]

السادسة: الولاية في مال الطفل و المجنون و السفيه اذا بلغا كذلك للأب و الجد له فان فقدا فللوصي اذا كان وصيا في ذلك فان فقد فللحاكم و في مال السفيه و المجنون اللذين عرض عليهما السفه و الجنون بعد البلوغ و المفلس للحاكم خاصة (2).

[كتاب الضمان]

اشارة

كتاب الضمان الضمان هو نقل المال عن ذمة المضمون عنه الي ذمة الضامن للمضمون له (3).

______________________________

(1) بل الأمر كذلك و لو مع عدم القسمة و عدم الأداء اذ حجره بالنسبة الي امواله لا مطلقا و عليه لا مجال لهذا الكلام اذ قبل القسمة و الأداء لا اشكال في حجره عن التصرف في امواله التي حجر عليها و أما بعد القسمة فلا موضوع للمال كي يقال بزوال الحجر و أما بالنسبة الي ما حجر عليه فلا مقتضي للحجر عنه فلاحظ

(2) قد تعرضنا لولاية الأب و الجد و الحاكم تبعا للماتن في كتاب البيع و نخبة الكلام: ان الأب و الجد و الوصي لهما لهم الولاية بالنسبة الي الصغير و المجنون و السفيه اللذين بلغا كذلك و أما المجنون و السفيه اللذان عرض الجنون أو السفه بعد البلوغ فولايتهما للحاكم بتقريب أنه لا دليل علي ولاية الأب و الجد عليهما فوليهما الولي العام و هو الحاكم، و كذلك الكلام بالنسبة الي المفلس هذا تمام الكلام في هذا المقام و الحمد للّه اولا و آخرا قد وقع الفراغ عن مسائل كتاب الحجر في يوم الأربعاء الثاني و العشرين من شهر رجب من السنة 1409 علي مهاجرها و آله آلاف التحية و السلام و اللعن الدائم علي أعداء آل محمد من الان الي يوم الدين.

(3) هذا مذهب الامامية في الضمان فانه بهذا المعني

مأخوذ من الضمن لأنه

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 248

[مسألة 1: يعتبر في الضمان الإيجاب من الضامن و القبول من المضمون له]

(مسألة 1): يعتبر في الضمان الايجاب من الضامن و القبول من المضمون له بكل ما يدل علي تعهد الاول بالدين و رضا الثاني بذلك (1).

[مسألة 2: الأحوط اعتبار التنجيز في عقد الضمان]

(مسألة 2): الاحوط اعتبار التنجيز في عقد الضمان فالتعليق لا يخلو عن اشكال (2) نعم لا يبعد صحة الضمان اذا كان تعهد الضامن للدين فعليا و لكن علق أداؤه علي عدم أداء المضمون عنه فعندئذ

______________________________

ينتقل ما كان في ذمة الضامن و يجعل في ذمة اخري و أما ما نسب الي اكثر العامة فهو عبارة عن ضم ذمة الي اخري و لذا يتخير المضمون له في المطالبة فالضمان بهذا المعني بمعني الضم مأخوذ منه و هو عقد شرع للتعهد بالمال.

(1) فان المفروض انه عقد و العقد يحتاج الي الايجاب و القبول و من ناحية اخري التعهد من الضامن فالايجاب من قبله و القبول من طرف المضمون له و حيث انه يتحقق بالفعل كما يتحقق باللفظ فلا يتوقف علي تحققه باللفظ فقط بل لا فرق بين القول و الفعل من هذه الجهة.

و ان شئت قلت: ان الضمان امر عقلائي و قد امضاه الشارع و لم يقيد باللفظ فيكفي فيه الفعل مضافا الي أنه يمكن الاستدلال علي المدعي باطلاق نصوص الباب.

(2) بتقريب ان الاجماع قائم علي بطلان التعليق في العقود مع ما فيه من الاشكال و يمكن تقريب الاستدلال علي المدعي في المقام بالقصور في المقتضي اذ مع عدم الدليل علي الضمان المعلق لا يجوز التعليق و الظاهر انه لا دليل علي جوازه معلقا لعدم اطلاق يقتضي صحته فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 249

للدائن أن يطالب الضامن علي تقدير عدم اداء المدين (1).

[مسألة 3: يعتبر في الضامن و المضمون له البلوغ و العقل و الاختيار و عدم السفه و التفليس]

(مسألة 3): يعتبر في الضامن و المضمون له البلوغ و العقل و الاختيار و عدم السفه و التفليس (2).

______________________________

(1) ان تم المدعي بالإجماع فهو و الا فيشكل اذ مع التعهد بالفعل بالضمان فبأي وجه يؤخر

الأداء فان شرط ان له حق التأخير الي ذلك الزمان يكون شرطا مخالفا للمقرر الشرعي فلا يصح و ان شرط ان مضمون له لا يطالب الا ذلك الوقت يصح و يجب عليه أن يؤخر الطلب لكن لو عصي و طالب فبأي مستند يؤخر و لعله ناظر الي وجه لم يخطر ببالي القاصر الا أن يقال: ان السيرة جارية علي النحو المذكور و الشارع الأقدس امضي السيرة الجارية الخارجية و اللّه العالم.

(2) كما هو ظاهر فان التصرف المالي يتوقف علي جواز التصرف و عدم الحجر عنه فعلي هذا الأساس لا بد من البلوغ و العقل و عدم السفه و أما اشتراط الاختيار فلأن الصادر من المكره لا أثر له علي ما هو المقرر و أما اشتراط عدم التفليس ففيه انه يظهر من الجواهر «انه لا خلاف عندنا في أنه يشترط في لزوم الضمان الملاءة أو العلم من المضمون له بالإعسار و الرضا به» «1» و يؤيد المدعي ما أرسله الصدوق قال: قال روي أنه احتضر عبد اللّه بن الحسن فاجتمع اليه غرماؤه فطالبوه بدين لهم فقال لهم: ما عندي ما اعطيكم و لكن ارضوا بمن شئتم من أخي و بني عمي علي بن الحسين أو عبد اللّه بن جعفر فقال الغرماء أما عبد اللّه بن جعفر فملي مطول و أما علي بن الحسين فرجل لا مال له صدوق و هو احبهما إلينا فارسل اليه فأخبره الخبر فقال عليه السلام: أضمن لكم المال الي غلة و لم يكن له غلة فقال القوم قد رضينا فضمنه فلما أتت الغلة أتاح اللّه تعالي له المال فأداه «2».

______________________________

(1) الجواهر ج 26 ص: 128

(2) الوسائل الباب 5 من أحكام الضمان الحديث

1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 250

و أما في المديون فلا يعتبر شي ء من ذلك فلو ضمن شخص ما علي المجنون أو الصغير من الدين صح (1).

______________________________

(1) و الوجه فيه انه لا يشترط في صحة الضمان رضا المضمون عنه علي ما هو المعروف عندهم و نقل عن الجواهر الاجماع بقسميه عليه و يدل علي المدعي ما دل من النصوص علي الضمان عن الميت منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل يموت و عليه دين فيضمنه ضامن للغرماء فقال: اذا رضي به الغرماء فقد برئت ذمة الميت «1».

و منها ما رواه معاوية بن وهب قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ذكر لنا ان رجلا من الأنصار مات و عليه دينار ان فلم يصل عليه النبي صلي اللّه عليه و آله و قال:

صلوا علي صاحبكم حتي ضمنها بعض قرابته، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: ذلك الحق الحديث «2».

و منها ما رواه الحسين بن مخارق عن الصادق عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من ضمن لأخيه حاجة لم ينظر اللّه عز و جل في حاجته حتي يقضيها «3».

بتقريب ان الميت لا يكون قابلا لأن يرضي فيعلم انه يكفي في الصحة رضا الضامن و المضمون له و أما توقفه علي رضا الضامن و المضمون له فنقول أما رضا الضامن فهو من الواضحات اذ كيف يمكن اشتغال ذمته للغير بدون اختياره و رضاه و أما اشتراط رضا المضمون له في الضمان فيمكن أن يستدل عليه بوجوه:

الأول: الاجماع بل نقل عن بعض الأصحاب انه من قطعيات الفقه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أحكام الضمان الحديث: 1

(2)

نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 251

______________________________

الثاني: ان الضمان من العقود و من الظاهر توقف العقد علي الايجاب من طرف و القبول من الطرف الاخر.

الثالث: النص الخاص لاحظ حديث ابن سنان «1».

و ربما يقال بعدم الاشتراط و ما يمكن أن يستدل به علي المدعي عدة نصوص منها ما روي من أن عليا عليه السلام و أبا قتادة ضمنا الدين عن الميت و لم يسئل النبي صلي اللّه عليه و آله عن رضي المضمون له لاحظ ما رواه ابو سعيد الخدري قال كنا مع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في جنازة فلما وضعت قال: هل علي صاحبكم من دين؟ قالوا: نعم درهمان فقال صلي اللّه عليه و آله صلوا علي صاحبكم فقال علي عليه السلام هما علي يا رسول اللّه و أنا لهما ضامن فقام رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فصلي عليه ثم اقبل علي علي عليه السلام فقال: جزاك اللّه عن الإسلام خيرا و فك رهانك كما فككت رهان اخيك «2».

و ما رواه جابر بن عبد اللّه أن النبي صلي اللّه عليه و آله كان لا يصلي علي رجل عليه دين فأتي بجنازة فقال: علي صاحبكم دين؟ قالوا نعم ديناران فقال: صلوا علي صاحبكم فقال ابو قتادة: هما علي يا رسول اللّه قال فصلي عليه قال: فلما فتح اللّه علي رسوله قال: أنا أولي بالمؤمنين من انفسهم فمن ترك مالا فلورثته و من ترك دينا فعلي «3».

و فيه ان السند غير معتبر فلا تصل النوبة الي ملاحظة الدلالة و منها ما رواه ابن جهم قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل مات و له

علي دين و خلف ولدا رجالا و نساء و صبيانا فجاء رجل منهم فقال: أنت في حل مما لأبي عليك

______________________________

(1) لاحظ ص: 250

(2) المستدرك الباب 3 من أبواب الضمان الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 252

______________________________

من حصتي و أنت في حل مما لإخوتي و أخواتي و أنا ضامن لرضاهم عنك قال:

يكون في سعة من ذلك و حل «1».

و الظاهر من الحديث تحقق الإبراء بابراء الضامن و هذا مخالف للإجماع و من ناحية اخري انه ضمن رضاهم و هذا ليس من الضمان المصطلح و تأويله بالضمان المصطلح بدون رضاهم ليس بأولي من ضمانه برضاهم و لكن لا بينة له علي ذلك و بعبارة اخري يمكن أن يكون ضمانه باجازتهم و رضاهم و لكن لا يمكنه اثبات دعواه علي ذلك و الحاصل ان ظاهر الرواية ليس قابلا للالتزام به فلا بد من تأويله فيمكن تأويله بنحو ينطبق علي المدعي.

و منها ما رواه الخثعمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قلت له: الرجل يكون عنده المال وديعة يأخذ منه بغير اذن فقال: لا يأخذ الا أن يكون له وفاء قال: قلت أ رأيت ان وجد من يضمنه و لم يكن له وفاء و أشهد علي نفسه الذي يضمنه يأخذ منه؟ قال نعم «2».

و هذه الرواية بظاهرها تدل علي جواز الأخذ من مال الوديعة بدون اذن من صاحبها و هل يمكن الالتزام به مضافا الي أن الضمان كما مر عبارة عن النقل من ذمة الي ذمة و المستفاد من الحديث تعهد الضامن اول الأمر فلا ترتبط بالمقام و قال صاحب الجواهر قدس سره: «انها تحمل علي صورة اذن المودع بالأخذ في الصورة المفروضة» «3».

و

منها ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يكون

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب احكام الضمان الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 8 من أحكام الوديعة الحديث: 1

(3) الجواهر ج 26 ص: 126

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 253

[مسألة 4: إذا دفع الضامن ما ضمنه إلي المضمون له رجع به إلي المضمون عنه إذا كان الضمان بطلبه]

(مسألة 4): اذا دفع الضامن ما ضمنه الي المضمون له رجع به الي المضمون عنه اذا كان الضمان بطلبه (1) و الا لم يرجع (2).

______________________________

عليه دين فحضره الموت فقال وليه: علي دينك قال: يبرؤه ذلك و ان لم يوفه وليه من بعده و قال: ارجو أن لا يأثم و انما اثمه علي الذي يحبسه «1».

بتقريب ان المستفاد من الحديث تحقق الضمان بلا رضا المضمون له و لا يبعد أن يقال: ان الحديث مطلق و يقيد بما دل علي اشتراط الضمان برضا المضمون له و ان لم يكن قابلا للتقييد يرد علمه الي اهله.

و صفوة القول: انه لا يمكن الالتزام بعدم اشتراط رضا المضمون له قال في الجواهر في هذا المقام: «فمن الغريب وسوسة بعض متأخر المتأخرين في الحكم المزبور لذلك مما هو غير صالح لمعارضة بعض ما عرفت خصوصا بعد كون المسألة من قطعيات الفقه و ضرورياته بل لعل الوسوسة فيها جهل بمذاق الفن و مذاق الشرع» «2».

(1) لاحترام عمل المسلم و ان شئت قلت: لا اشكال في الضمان فيما يكون الضمان بطلب المضمون عنه.

(2) لعدم المقتضي للرجوع و أما حديث حسين بن خالد قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: جعلت فداك قول الناس الضامن غارم قال: فقال: ليس علي الضامن غرم الغرم علي من أكل المال «3» فعلي فرض دلالته علي جواز الرجوع و لو مع عدم الطلب يقيد بالاتفاق علي عدم

جواز الرجوع بدون الطلب مضافا الي ان السند مخدوش.

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من ابواب الدين الحديث: 2

(2) الجواهر ج 26 ص: 126

(3) الوسائل الباب 1 من ابواب احكام الضمان الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 254

[مسألة 5: إذا أبرأ المضمون له ذمة الضامن عن تمام الدين برئت ذمته]

(مسألة 5): اذا أبرأ المضمون له ذمة الضامن عن تمام الدين برئت ذمته (1) و لا يجوز له الرجوع الي المضمون عنه (2) و اذا أبرأ ذمته عن بعضه برئت عنه و لا يرجع الي المضمون عنه بذلك المقدار (3) و اذا صالح المضمون له الضامن بالمقدار الاقل فليس للضامن مطالبة المضمون عنه الا بذلك المقدار دون الزائد و كذا الحال لو ضمن الدين بمقدار أقلّ من الدين برضا المضمون له (4) و الضابط ان الضامن

______________________________

بقي شي ء و هو ان المستفاد من كلامهم ان الضامن ليس له الرجوع الي المضمون عنه الا بعد الأداء و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل ضمن عن رجل ضمانا ثم صالح عليه قال: ليس له الا الذي صالح عليه «1»، فان المستفاد من الحديث انه يجوز الرجوع بالمقدار الذي صالح عليه لكن لا يستفاد من الحديث انه لا يحصل الاشتغال الا بالأداء بل المستفاد من الحديث انه لا يحصل الاشتغال الا بهذا المقدار.

و بعبارة اخري المستفاد من الحديث ان الضمان بالمقدار المتصالح عليه و ان لم يؤده فاشتراط الضمان بالأداء من باب التسالم و الاتفاق الحاصل بين الأصحاب

(1) بلا اشكال و لا كلام فان الإبراء يوجب البراءة.

(2) قال في الجواهر: «فاذا ابرءه برءا معا و ان كان الضمان بالاذن لعدم استحقاق الرجوع عليه الا بالاداء الذي قد انتفي محله بالأداء فينتفي

الحق عنه للضامن الذي قد فرضنا براءة ذمته من المضمون له» «2».

(3) بعين الملاك.

(4) لاحظ حديث عمر بن يزيد.

______________________________

(1) الوسائل الباب 66 من ابواب احكام الضمان الحديث: 1

(2) جواهر الكلام ج 26 ص: 127

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 255

لا يطالب المضمون عنه الا بما خسر دون الزائد و منه يظهر انه ليس له المطالبة في صورة تبرع اجنبي لأداء الدين (1).

[مسألة 6: عقد الضمان لازم]

(مسألة 6): عقد الضمان لازم فلا يجوز للضامن فسخه و لا للمضمون له (2).

[مسألة 7: يشكل ثبوت الخيار لكل من الضامن و المضمون له بالاشتراط أو بغيره]

(مسألة 7): يشكل ثبوت الخيار لكل من الضامن و المضمون له بالاشتراط (3) او بغيره (4).

[مسألة 8: إذا كان الدين حالا و ضمنه الضامن مؤجلا فيكون الأجل للضمان لا للدين]

(مسألة 8): اذا كان الدين حالا و ضمنه الضامن مؤجلا فيكون الاجل للضمان لا للدين (5) فلو أسقط الضامن الاجل و ادي الدين حالا

______________________________

(1) لا يبعد أن يكون الحكم متسالما عليه عندهم كما انه لا يبعدان يستفاد الحكم من حديث عمر بن يزيد.

(2) لوجوب الوفاء بالعقود المستفاد من قوله تعالي «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» «1»

(3) قد مر الكلام حول ثبوت الخيار بالاشتراط في العقود في كتاب البيع و انه هل يجري الخيار بالاشتراط في الضمان أم لا فراجع ما ذكرناه هناك.

(4) الخيار تارة يشترط بالاشتراط الاستقلالي الصريح و اخري بالشرط الارتكازي الضمني و أما ثبوته بغير الاشتراط فلا أدري ما المراد منه نعم يمكن أن يكون مراد الماتن الخيار التعبدي و حيث انه لا دليل عليه فلا خيار لا بالاشتراط و لا بالتعبد.

(5) كما هو ظاهر بالتأمل اذ لا وجه لصيرورة الحال مؤجلا فيكون التأجيل في الضمان لا في الدين.

______________________________

(1) المائدة/ 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 256

فله مطالبة المضمون عنه كذلك (1) و كذا اذا مات الضامن قبل انقضاء الاجل المذكور (2) و اذا كان الدين مؤجلا و ضمنه كذلك ثم أسقط الاجل و أدي الدين حالا فليس له مطالبة المضمون عنه قبل حلول الاجل (3) و كذا الحال اذا مات الضامن في الاثناء فان المضمون له يأخذ المال المضمون من تركته حالا و لكن ليس لورثته مطالبة المضمون عنه قبل حلول الاجل (4) و اذا كان الدين مؤجلا و ضمنه حالا باذن المضمون عنه و ادي الدين فالظاهر جواز الرجوع اليه بعد اداء الدين لأنه المتفاهم العرفي من اذنه بذلك

(5).

______________________________

(1) اذ المفروض حلول الدين و من ناحية اخري المفروض ان الضامن ادي الدين فله مطالبة المضمون عنه.

(2) فان المديون اذا مات يصير المؤجل حالا فبعد أداء الدين يجوز مطالبة المضمون عنه.

(3) اذ لا وجه لجواز المطالبة فان المفروض كون الدين مؤجلا.

(4) فانه بالموت يصير المؤجل حالا فيكون للمضمون له أخذه من التركة و لكن لا يجوز الرجوع علي المديون اذ المفروض ان الدين مؤجل و لا وجه لصيرورته حالا.

(5) الظاهر ان ما افاده تام فانه المتفاهم من اللفظ عرفا و لكن نقل عن بعض الأعيان عدم جواز ضمان المؤجل حالا و قد ذكرت في تقريب عدم الجواز وجوه:

الأول: انه ضمان ما لا يجب. الثاني: ان الفرع لا يرجح علي الأصل. الثالث ان الضمان نقل الدين علي ما هو عليه.

ورد الوجه الأول بأن اصل الدين حال و التأجيل من التوابع و يسقط برضا

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 257

[مسألة 9: إذا كان الدين مؤجلا و ضمنه بأقل من أجله]

(مسألة 9): اذا كان الدين مؤجلا و ضمنه باقل من أجله كما اذا كان اجله ثلاثة اشهر مثلا و ضمنه بمدة شهر و أداه بعد هذه المدة و قبل حلول الاجل فليس له مطالبة المضمون عنه بذلك قبل انقضاء الاجل الاول و هو اجل الدين (1) و اذا ضمنه بأكثر من اجله ثم اسقط الزائد و اداه فله مطالبة المضمون عنه بذلك (2) و كذا الحال اذا مات الضامن بعد انقضاء اجل الدين و قبل انقضاء المدة الزائدة (3).

[مسألة 10: إذا احتسب المضمون له ما علي ذمة الضامن]

(مسألة 10): اذا احتسب المضمون له ما علي ذمة الضامن

______________________________

الطرفين، و الثاني بأنه لا دليل عليه و ان شئت قلت: انه وجه استحساني لا برهاني و الثالث بأن الضمان نقل الدين و أما وصفه من الحلول و التأجيل فلا دليل علي لزوم رعايته و الاطلاقات تشهد بعدم اعتباره و الاشكال كل الاشكال في الاطلاق فان الظاهر- و اللّه العالم- انه ليس في نصوص الباب ما يكون مطلقا من هذه الجهات فلاحظ.

نعم حيث ان الضمان من العقود الامضائية فيكون كل ضمان عقلائي جائزا الا ما قام الدليل علي فساده و بعبارة اخري مقتضي الاطلاق المقامي جواز الضمان العرفي الا أن يقوم الدليل علي خلافه و اللّه العالم.

(1) اذ المفروض عدم انتهاء أجل الدين فلا وجه لمطالبة المضمون عنه.

(2) الأمر كما افاده فان المفروض انتهاء الأجل المقرر او لا فله مطالبة المضمون عنه.

(3) فانه بموته يصير التأجيل الثاني حالا و المفروض انتهاء التأجيل الأول فيجوز الرجوع الي المضمون عنه و السيرة الخارجية جارية علي هذه الأقسام و ممضاة من قبل الشارع الأقدس.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 258

خمسا أو زكاة باجازة من الحاكم الشرعي أو صدقة فالظاهر ان للضامن

أن يطالب المضمون عنه بذلك (1) و كذا الحال اذا أخذه منه ثم رده اليه بعنوان الهبة أو نحوها (2) و هكذا اذا مات المضمون له و ورث الضامن ما في ذمته (3).

[مسألة 11: يجوز الضمان بشرط الرهانة من المضمون عنه]

(مسألة 11): يجوز الضمان بشرط الرهانة من المضمون عنه (4).

[مسألة 12: إذا كان علي الدين الثابت في ذمة المضمون عنه رهن فهو ينفك بالضمان]

(مسألة 12): اذا كان علي الدين الثابت في ذمة المضمون عنه رهن فهو ينفك بالضمان (5).

[مسألة 13: إذا ضمن شخصان مثلا عن واحد فلا يخلو من أن يكون إما بنحو العموم المجموعي أو بنحو العموم الاستغراقي]

(مسألة 13): اذا ضمن شخصان مثلا عن واحد فلا يخلو من أن يكون اما بنحو العموم المجموعي أو بنحو العموم الاستغراقي فعلي

______________________________

(1) اذا قلنا بأن المال يدخل في ملك الضامن ثم يخرج يتم ما في المتن اذ عليه يحصل الخسران فيجوز أن يطالب المضمون عنه و أما اذا لم يكن كذلك و قلنا: يتحقق الاحتساب بدون دخول المال في ملك الضامن فيشكل ما افاده في المتن اذ عليه لا خسران علي الضامن فليس له المراجعة.

(2) اذ لا اشكال في صدق الخسارة في هذه الصورة.

(3) فان الضامن يملك ما في ذمة نفسه بالارث ثم يخرج و يسقط فله الرجوع الي المضمون عنه.

(4) فانه شرط جائز فيجب بمقتضي الشرط و بعبارة اخري يشترط في الضمان الرهن فالمشروط عليه يرهن بعد عقد الضمان بمقتضي وجوب الشرط كما أنه يمكن تصويره علي نحو شرط النتيجة.

(5) و الوجه فيه ان الرهن وثيقة للدين و لا دين علي المضمون عنه بعد الضمان بالنسبة الي المضمون له فلا مجال لبقاء الرهن علي حاله.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 259

الاول يقسط الدين عليهما (1) و علي الثاني يكون كل واحد منهما ضامنا علي نحو تعاقب الايدي و عليه فاذا أبرأ المضمون له ذمة احدهما بخصوصه برئت ذمته دون الاخر (2).

[مسألة 14: إذا كان مديونا لشخصين صح ضمان شخص لهما أو لأحدهما المعين و لا يصح ضمانه لأحدهما لا علي التعيين]

(مسألة 14): اذا كان مديونا لشخصين صح ضمان شخص لهما أو لأحدهما المعين و لا يصح ضمانه لأحدهما لا علي التعيين.

و كذا الحال اذا كان شخصان مديونين لواحد فضمن عنهما شخص

______________________________

(1) الأمر كما افاده فان مقتضي ضمان كل واحد بنحو المجموع التقسيط و ان شئت قلت مرجعه الي ضمان كل واحد منهما نصف الدين.

(2) تارة يكون ضمانهما دفعة و اخري يكون علي نحو التعاقب

أما علي الأول فتارة يقبل المضمون له واحدا معينا منهما و اخري يقبل كليهما أما علي الأول فيصح ما قبله و أما علي الثاني فالظاهر بطلانهما فان صحة كليهما غير معقول و من ناحية اخري ترجيح احدهما علي الاخر لا يمكن لعدم المرجح فالنتيجة بطلانهما.

و مما ذكر يظهر حكم ما يكون ضمانهما علي نحو التعاقب و أما الالتزام بالصحة و قياس المقام علي باب تعاقب الأيدي قياس مع الفارق اذ يتصور تعدد الضمان ثبوتا كما في تعاقب الأيدي بأن يكون الضامن الجامع بين الأفراد فلا يتوجه اشكال عدم المقتضي لكون البدل متعددا مع كون المبدل واحدا فينحل الاشكال بالالتزام بكون الضامن هو الجامع فيجوز للمضمون له الرجوع الي كل واحد من أفراد ذلك الكلي.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 9، ص: 259

و في المقام أيضا يتصور لكن الظاهر انه لا دليل عليه الا أن يقال: بأن الضمان بهذا النحو أمر دائر بين العقلاء و ابناء المحاورة و الشارع الأقدس امضي ما يجري بينهم و هل يمكن اثبات جريان السيرة عليه كي يثبت المدعي بالامضاء؟ فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 260

فان كان ضمانه عنهما أو عن أحدهما المعين صح و ان كان عن أحدهما لا علي التعيين لم يصح (1).

[مسألة 15: إذا كان المديون فقيرا لم يصح أن يضمن شخص عنه بالوفاء من الخمس أو الزكاة أو المظالم]

(مسألة 15): اذا كان المديون فقيرا لم يصح أن يضمن شخص عنه بالوفا من الخمس أو الزكاة أو المظالم و لا فرق في ذلك بين أن تكون ذمة الضامن مشغولة بها فعلا أم لا (2).

______________________________

(1) ما افاده تام فان المردد لا واقع له فلا يصح ضمان واحد لا علي التعيين

و أما ضمان المعين فلا مانع منه كما ان الضمان عن المتعدد أو للمتعدد صحيح.

(2) لعدم الدليل علي الجواز و بعبارة اخري: لا دليل علي جواز تبديل الدين بالخمس أو الزكاة أو المظالم.

و بعبارة واضحة: تارة يكون المراد نقل الدين من ذمة الفقير الي مصرف الخمس أو غيره بأن يكون المتعهد المصرف الخاص، و اخري يكون المراد النقل الي ذمة الضامن و يكون الأداء من الحق الخاص و ثالثة بأن يكون المراد التعهد بالأداء و الوفاء من الحق الخاص من دون اشتغال ذمته بالمال.

أما الأول فتتوقف صحته علي هذه الولاية بأن نقول لكل احد أن ينقل الدين من ذمة المضمون عنه الي مصرف الخمس أو الزكاة و لا دليل عليه.

مضافا الي أن الوظيفة دفع الخمس و الزكاة و امثالهما الي المستحق و بغير هذا النحو لا يتحقق الامتثال.

و أما الثاني فلا دليل علي تعيين الأداء من الوجوه المذكورة بل مقتضي الدليل عدم جواز الاداء اذ لا مقتضي لجواز تبرئة ذمة الضامن من الوجوه المذكورة فانها بمقتضي الدليل لها مصارف خاصة فلا وجه لصرفها في اداء دين الضامن.

و أما الثالث فلا يرتبط بباب الضمان فانه وعد يجب العمل به لا اشتغال لذمة المتعهد و بعبارة واضحة: الضمان نقل المال من ذمة المضمون عنه الي ذمة الضامن و في المقام لا ينتقل الدين الي ذمة غير المديون فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 261

[مسألة 16: إذا كان الدين الثابت علي ذمة المدين خمسا أو زكاة صح أن يضمن عنه شخص للحاكم الشرعي أو وكيله]

(مسألة 16): اذا كان الدين الثابت علي ذمة المدين خمسا أو زكاة صح أن يضمن عنه شخص للحاكم الشرعي أو وكيله (1).

[مسألة 17: إذا ضمن شخص في مرض موته صح الضمان]

(مسألة 17): اذا ضمن شخص في مرض موته صح الضمان و يخرج المال المضمون من اصل تركته سواء كان الضمان باذن المضمون عنه أم لا (2).

[مسألة 18: يصح أن يضمن شخص للمرأة نفقاتها الماضية]

(مسألة 18): يصح أن يضمن شخص للمرأة نفقاتها الماضية (3) و أما ضمانه لنفقاتها الآتية ففي صحته اشكال (4) و أما نفقة الاقارب فلا يصح ضمانها بلا اشكال (5).

______________________________

(1) فان الحاكم ولي الفقراء و السادة فيجوز أن يضمن له ضامن لمدين بالخمس أو الزكاة و بعبارة اخري: المرجع في الخمس و الزكاة الحاكم و الأمر بيده فيجوز أن يصير مضمونا له.

(2) أما في صورة الاذن من المضمون عنه فلكونه من ديونه فيخرج من الأصل فان الديون تخرج من الأصل و أما مع عدم الاذن فان منجزات المريض تخرج من الأصل كما هو المقرر في منجزات المريض.

(3) بتقريب ان الذمة مشغولة بالنسبة الي النفقات الماضية فيصح الضمان بالنسبة اليها فانها من مصاديق الدين فلاحظ.

(4) وجه الاشكال: ان الضمان نقل الدين من ذمة المضمون عنه الي ذمة الضامن فما دام لا يكون الضمان متحققا لا يصح الضمان و قد تقدم ان الضمان التعليقي محل الاشكال و الكلام.

(5) بدعوي انه ليس هناك الا التكليف المحض فلا موضوع للضمان.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 262

[مسألة 19: يصح ضمان الأعيان الخارجية]

(مسألة 19): يصح ضمان الاعيان الخارجية بمعني كون العين في عهدة الضامن فعلا و أثر ذلك وجوب ردها مع بقاء العين المضمونة ورد بدلها من المثل أو القيمة عند تلفها و من هذا القبيل ضمان شخص عهدة الثمن للمشتري اذا ظهر المبيع مستحقا للغير أو ظهر بطلان البيع من جهة اخري و الضابط: ان الضمان في الاعيان الخارجية بمعني التعهد لا بمعني الثبوت في الذمة فهو قسم آخر من الضمان (1).

______________________________

(1) كتب الماتن في هامش العروة تفصيلا و هذا نص عبارته: «الظاهر فيه التفصيل فان المنشأ اذا كان هو التعهد الفعلي للعين المضمونة ليترتب عليه

ردها مع بقائها و دفع البدل عند تلفها فلا بأس به للعمومات و لا سيما انه متعارف في الخارج و اذا كان اشتغال الذمة بالبدل فعلا علي تقدير تلفها و اشتغال ذمة الضامن الأول به متأخرا فهو واضح الفساد بل صحته غير معقولة و اذا كان اشتغال الذمة بعد اشتغال ذمة الضامن الأول به علي نحو الواجب المشروط فصحته مبتنية علي عدم اعتبار التنجيز» الي آخر كلامه.

و الذي يختلج بالبال في المقام أن يقال: ان تم اجماع تعبدي علي الجواز فهو كما انه لو ثبت كونه أمرا خارجيا متعارفا بين العقلاء يمكن الالتزام بالجواز من باب الامضاء الشرعي حيث ان الضمان من العقود الامضائية فاذا لم يتعرض الشارع الأقدس لفساده يكشف انه امضاه أما لو لم يكن كذلك فيشكل الالتزام بالجواز و الظاهر انه ليس في العمومات ما يدل علي جوازه أما قوله تعالي «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» فقد ذكرنا انه ناظر الي اللزوم و لا تعرض فيه للصحة و أما قوله تعالي «تجارة عن تراض» فلا تصدق التجارة علي الضمان التبرعي بلا اشكال و أما الضمان مع الاذن من المضمون عنه فصدق التجارة عليه اول الكلام و الاشكال و قد سبق في بعض المباحث السابقة احتمال اختصاص التجارة بمالها من المفهوم بخصوص البيع.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 263

[مسألة 20: يشكل صحة ضمان ما يحدثه المشتري في الأرض المشتراة]

(مسألة 20): يشكل صحة ضمان ما يحدثه المشتري في الارض المشتراة من بناء أو غرس أو نحو ذلك اذا ظهر كونها مستحقا للغير (1).

[مسألة 21: إذا قال شخص لآخر ألق متاعك في البحر و علي ضمانه فألقاه]

(مسألة 21): اذا قال شخص لاخر ألق متاعك في البحر و علي ضمانه فالقاه ضمنه (2) سواء كان لخوف غرق السفينة أو لمصلحة اخري من خفتها أو نحوها و هكذا اذا أمره باعطاء دينار مثلا لفقير أو بعمل لاخر أو لنفسه فانه يضمن اذا لم يقصد المأمور المجانية (3).

______________________________

مضافا الي أن ضمان العين قبل التلف لا يكون داخلا في الضمان المتعارف و ضمان بدله بعد التلف يدخل في التعليق الموجب للبطلان و أما النصوص الواردة في المقام فالظاهر انه ليس فيها ما بعمومه أو اطلاقه يشمل المقام فلاحظ و اللّه العالم

(1) الوجه في الاشكال انه من اقسام ضمان ما لم يجب و بعبارة اخري الضمان نقل الدين من ذمة الي ذمة و المفروض ان ذمة البائع غير مشغولة فلا يصح الضمان عنه الاعلي القول بجواز ضمان ما لم يجب و يظهر من الجواهر ان القائل بالجواز الشهيدان «1».

(2) فان استيفاء عمل الغير مع الضمان يوجب الضمان عند العقلاء و بعبارة اخري: ان المأمور بأمر الضامن و التزامه به أتلف ماله كما لو أمره بالضيافة مع الالتزام بالضمان و لك أن تقول: لا اشكال في تحقق الضمان عند العقلاء في أمثال المقام و الشارع الأقدس امضاه فلاحظ.

(3) لوحدة الملاك فان عمله محترم علي كل تقدير فالمقتضي للضمان موجود و المانع مفقود فيتحقق الضمان بفعل المأمور الا أن يقصد المجانية فلا وجه للضمان كما هو ظاهر.

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 26 ص: 149

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 264

[مسألة 22: إذا اختلف الدائن و المدين في أصل الضمان]

(مسألة 22): اذا اختلف الدائن و المدين في اصل الضمان كما اذا ادعي المديون الضمان و انكره الدائن فالقول قول الدائن و هكذا اذا ادعي المديون الضمان في تمام الدين

و انكره المضمون له في بعضه (1).

[مسألة 23: إذا اختلف الضامن و المضمون له في أصل الضمان أو في مقداره أو في اشتراط التعجيل إذا كان الدين مؤجلا فالقول قول الضامن]

(مسألة 23): اذا اختلف الضامن و المضمون له في أصل الضمان أو في مقداره أو في اشتراط التعجيل اذا كان الدين مؤجلا فالقول قول الضامن (2) و اذا اختلفا في اشتراط التأجيل مع كون الدين حالا أو في وفائه للدين أو في ابراء المضمون له قدم قول المضمون له (3).

[مسألة 24: إذا اختلف الضامن و المضمون عنه في الإذن و عدمه]

(مسألة 24): اذا اختلف الضامن و المضمون عنه في الاذن و عدمه أو في وفاء الضامن للدين أو في مقدار الدين المضمون أو في اشتراط شي ء علي المضمون عنه قدم قول المضمون عنه (4).

[مسألة 25: إذا أنكر الضامن الضمان و لكن استوفي المضمون له الحق منه بإقامة بينة]

(مسألة 25): اذا أنكر الضامن الضمان و لكن استوفي المضمون له الحق منه باقامة بينة فليس له مطالبة المضمون عنه لاعترافه بأن

______________________________

(1) اذ مقتضي الأصل عدم الضمان فالقول قول منكره.

(2) لأن قول الضامن في الموارد المذكورة موافق مع الاصل فالقول قوله.

(3) اذ قول المضمون له في الموارد المذكورة موافق مع الاصل فالقول قوله علي ما هو المقرر.

(4) فان قول المضمون عنه موافق مع الأصل في الموارد المذكورة فليس عليه الا اليمين.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 265

المضمون له أخذ المال منه ظلما (1).

[مسألة 26: إذا ادعي الضامن الوفاء و أنكر المضمون له و حلف]

(مسألة 26): اذا ادعي الضامن الوفاء و أنكر المضمون له و حلف فليس للضامن الرجوع الي المضمون عنه اذا لم يصدقه في ذلك (2).

[كتاب الحوالة]

اشارة

كتاب الحوالة الحوالة هي تحويل المدين ما في ذمته من الدين الي ذمة غيره باحالة الدائن عليه (3).

[مسألة 1: يعتبر في الحوالة الإيجاب من المحيل و القبول]

(مسألة 1): يعتبر في الحوالة الايجاب من المحيل و القبول

______________________________

(1) الظاهر ان الامر كما افاده فان الاقرار نافذ علي المقر فلا أثر للبينة بالنسبة الي جواز رجوعه الي المضمون عنه اذ المفروض انه مقر بعدم ضمان المضمون عنه.

(2) اذ الرجوع فرع الوفاء و مع عدمه لا مجال للرجوع و علي الجملة:

لا تشتغل ذمة المضمون عنه الا بعد اداء الضامن و المفروض عدم ثبوته بل مقتضي الاصل عدمه و اللّه العالم قد وقع الفراغ من شرح كتاب الضمان في اليوم السبت العاشر من شهر شعبان المعظم سنة 1409 علي مهاجرها و آله آلاف التحية و الثناء

(3) عن المحقق قدس سره تعريف الحوالة بأنها عقد شرع لتحويل المال من ذمة الي ذمة مشغولة بمثله و نقل انه حيث ان هذا التعريف لا يشمل الحوالة علي البري ء و العلامة يري صحتها عدل في القواعد عن هذا التعريف الي تعريفها بقوله «و هي عقد شرع لتحويل المال من ذمة الي اخري».

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 266

من المحال (1).

______________________________

(1) لا اشكال في أن الحوالة من العقود فيحتاج الي الايجاب و القبول و من الظاهر ان الايجاب من المحيل و القبول من المحال و أما المحال عليه فقد وقع الكلام بينهم في أن قبوله دخيل في العقد أم لا؟ و ربما يستدل علي الاشتراط بأن دليل صحة الحوالة الاجماع و لا اجماع علي الصحة الا مع قبول المحال عليه. و اجيب عن هذا التقريب بأنه يكفي للصحة و لو مع عدم رضا المحال عليه العمومات الأولية و اطلاق خصوص ما ورد في باب

الحوالة و الظاهر ان هذا الجواب غير تام اذ المراد بالعموم اما قوله تعالي أَوْفُوا بِالْعُقُودِ «1» و اما قوله تعالي تجارة عن تراض «2».

اما آية وجوب الوفاء بالعقود فقد ذكرنا انها ناظرة الي اللزوم و غير ناظرة الي مقام الصحة و أما آية التجارة فاطلاقها يتوقف علي عدم اختصاص التجارة بخصوص البيع و أما مع اختصاصها به و لو احتمالا فلا مجال للاستدلال بها علي المدعي كما هو ظاهر و أما اطلاق دليل الحوالة فالظاهر انه لا اطلاق في نصوص الباب من هذه الناحية.

و مما يمكن الاستدلال به علي المدعي ان اثبات المال في ذمة الغير يتوقف علي رضاه و بعبارة اخري التصرف في ذمة الغير بلا رضاه خلاف السلطنة فلا يجوز و فيه انه لا تصرف في ذمة الغير بل الحوالة عبارة عن تبديل المحيل بالمحال و بعبارة اخري يقوم المحال مقام المحيل نعم في الحوالة علي البري ء اثبات شي ء في ذمته و لا اشكال في توقفه علي رضاه.

و مما يمكن الاستدلال به علي المدعي استصحاب بقاء ما في ذمة المحال

______________________________

(1) المائدة/ 1

(2) النساء/ 29

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 267

بكل ما يدل عليها من لفظ أو فعل أو كتابة (1).

[مسألة 2: يشترط في المحيل و المحال و المحال عليه البلوغ و العقل و الرشد]

(مسألة 2): يشترط في المحيل و المحال و المحال عليه البلوغ و العقل و الرشد (2) كما يعتبر فيهم عدم التفليس (3) الا في الحوالة علي البري ء فانه يجوز فيها أن يكون المحيل مفلسا أو سفيها (4).

______________________________

للمحيل و فيه انه لا مجري للاستصحاب مع وجود الدليل ان التزمنا به مضافا الي عدم جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية.

(1) اذ الميزان بصدق عنوان الحوالة و هذا العنوان يتحقق باللفظ تارة و بالفعل اخري و بالكتابة

ثالثة.

(2) فان هذه الشرائط ثابتة في جميع العقود و في المقام لا اشكال في اعتبارها في المحيل و المحال و أما المحال عليه فان كان بريئا لا اشكال في اعتبارها فيه و أما اذا لم يكن بريئا فلا أري وجها لاعتبارها فيه اذ المحال عليه غير البري ء مديون للمحيل و ما في ذمته مملوك للمحيل و اختياره بيده فلا وجه لاشتراط البلوغ و العقل و الرشد فيه لعدم المقتضي للاعتبار نعم علي القول باعتبار قبوله و رضاه في العقد يمكن الالتزام بالاشتراط لكن الماتن لا يري قبوله و رضاه معتبرا فيه كما يظهر من هامشه علي العروة فلا أدري ما الوجه في الاشتراط.

(3) الكلام فيه هو الكلام فان اشتراط عدم التفليس في المحيل و المحال علي القاعدة اذ مقتضي التفليس عدم جواز تصرف المفلس في مملوكه و أما في المحال عليه فلا وجه لاعتبار عدمه فيه اذ المفروض انه مديون و المفلس لا يمكنه التصرف في أمواله و أما الحوالة عليه فلا تنافيه.

(4) لأن الحوالة علي البري ء لا يكون تصرفا في المملوك فلا يكون التفليس و لا السفه مانعا عن التصرف.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 268

و يعتبر في المحيل و المحال الاختيار (1) و في اعتباره في المحال عليه اشكال و الاظهر عدم الاعتبار (2) الا في الحوالة علي البري ء أو بغير الجنس فيعتبر عندئذ قبول المحال عليه برضاه و اختياره (3).

[مسألة 3: يعتبر في الحوالة أن يكون الدين ثابتا في ذمة المحيل]

(مسألة 3): يعتبر في الحوالة أن يكون الدين ثابتا في ذمة المحيل فلا تصح الحوالة بما سيستقرضه (4).

[مسألة 4: يشترط في الحوالة أن يكون المال المحال به معينا]

(مسألة 4): يشترط في الحوالة أن يكون المال المحال به معينا فاذا كان شخص مدينا لاخر بمن من الحنطة و دينار لم يصح أن يحيله بأحدهما من غير تعيين (5).

[مسألة 5: يكفي في صحة الحوالة تعين الدين واقعا]

(مسألة 5): يكفي في صحة الحوالة تعين الدين واقعا و ان لم

______________________________

(1) علي ما هو المقرر من كون الاكراه مانعا عن صحة التصرف.

(2) و قد مر الكلام حوله و الذي يختلج ببالي القاصر في هذه العجالة ان يستدل علي عدم اشتراط قبوله بالسيرة الخارجية العقلائية فان الظاهران العقلاء لا يرون رضا المحال عليه معتبرا في صحة الحوالة و اللّه العالم.

(3) اذ المفروض عدم اشتغال ذمته فلا تشتغل ذمته الا برضاه و اختياره هذا بالنسبة الي البري ء و أما بالنسبة الي غير البري ء فلا تجوز الحوالة الا مع رضا المحال عليه اذ المفروض تبديل ما في ذمته فلا بد من رضاه.

(4) استدل علي المدعي تارة بالإجماع و اخري بعدم صدق مفهوم الحوالة مع عدم الدين الثابت في ذمة المحيل فان التحويل و التحول يتوقفان علي وجود شي ء في محل كي ينقل الي محل آخر.

(5) فان المردد لا واقع له فلا مجال لتحقق الحوالة به فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 269

يعلم المحيل و المحال بجنسه أو مقداره حين الحوالة فاذا كان الدين مسجلا في الدفتر فحوله المدين علي شخص قبل مراجعته فراجعه و أخبر المحال بجنسه و مقداره صحت الحوالة (1).

[مسألة 6: للمحال أن لا يقبل الحوالة و ان لم يكن المحال عليه فقيرا و لا مماطلا في أداء الحوالة]

(مسألة 6): للمحال أن لا يقبل الحوالة و ان لم يكن المحال عليه فقيرا و لا مما طلا في أداء الحوالة (2).

[مسألة 7: لا يجوز للمحال عليه البري ء مطالبة المال المحال به من المحيل قبل أدائه إلي المحال]

(مسألة 7): لا يجوز للمحال عليه البري ء مطالبة المال المحال به من المحيل قبل ادائه الي المحال (3).

______________________________

(1) فان المتعين الواقعي لا يكون مصداقا للمردد بل يباينه فيجوز و بعبارة اخري لا فرق في تحقق الحوالة بمالها من المفهوم بين كون الدين معلوما بالتفصيل و بين كونه معلوما بالاجمال.

(2) لعدم دليل علي كون القبول واجبا عليه.

(3) تارة يقع الكلام في جواز صحة الحوالة علي البري ء و عدمه و اخري في أنه بعد فرض الجواز هل يجوز للمحال عليه مطالبة المال قبل الأداء أم لا؟ فيقع الكلام في موردين:

أما المورد الأول فنقول يظهر من كلام الجواهر ان الجواز مشهور و عن السرائر الاجماع عليه مضافا الي السيرة الجارية في الخارج «1» و لا يبعد تحقق السيرة علي جريانها.

و أما المورد الثاني فلا يبعد أن تكون الحوالة علي البري ء بعد قبولها من قبله من مصاديق الضمان فان الانصاف انه لا فرق بينهما بحسب الواقع و انما الخلاف لفظي و مجرد الاختلاف اللفظي لا يوجب تغيير الأحكام فلا مجال لأن

______________________________

(1) الجواهر ج 26 ص: 165

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 270

و اذا تصالح المحال عليه علي أقل من الدين لم يجز أن يأخذ من المحيل الا الاقل (1).

[مسألة 8: لا فرق في المال المحال به بين أن يكون عينا في ذمة المحيل أو منفعة أو عملا لا يعتبر فيه المباشرة]

(مسألة 8): لا فرق في المال المحال به بين أن يكون عينا في ذمة المحيل أو منفعة أو عملا لا يعتبر فيه المباشرة كخياطة ثوب و نحوها بل و لو مثل الصلاة و الصوم و الحج و الزيارة و القراءة و غير ذلك (2).

______________________________

يقال الهبة المعوضة تشبه البيع و مع ذلك لا يترتب عليها احكامه فان القياس مع الفارق لأن البيع تمليك عين بعوض و بمجرد تحققه يصير البائع مالكا للثمن

و المشتري مالكا للمثمن و أما الهبة المعوضة فيمكن تحققها و الحال ان الواهب لا يملك شيئا قبل تحقق الشرط و أما في المقام فلا يتصور في البري ء المحال عليه بعد قبوله غير الضمان فعليه لا يجوز المطالبة قبل الأداء كما ان الضمان كذلك و قد مر الكلام حوله مضافا الي أنه لا دليل علي جواز المطالبة قبل الأداء.

(1) كما ان الضمان كذلك و قد سبق في الضمان مضافا الي أنه لا دليل علي جواز اخذ الأكثر.

(2) ان ثبت اجماع تعبدي علي الجواز في الموارد المذكورة في هذا الفرع فهو و الا يشكل الجزم بالجواز اذ العمومات الاولية لا مجال للاستدلال بها علي المدعي كما مر و في نصوص الباب ليس ما يكون قابلا للاستدلال به علي الجواز علي الاطلاق فلا بد اما من قيام اجماع تعبدي كاشف و اما من جريان السيرة الخارجية.

و لقائل أن يقول: انه لا مانع من الاخذ باطلاق حديث أبي أيوب انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يحيل الرجل بالمال أ يرجع عليه؟ قال لا يرجع عليه

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 271

و لا فوق في ذلك بين أن تكون الحوالة علي البري ء أو علي المشغول ذمته (1) كما لا فرق بين أن يكون المال المحال به مثليا أو قيميا (2).

[مسألة 9: الحوالة عقد لازم]

(مسألة 9): الحوالة عقد لازم فليس للمحيل و المحال فسخه (3).

______________________________

ابدا الا أن يكون قد افلس قبل ذلك «1».

فان مقتضي اطلاق هذا الحديث شمول الحكم للموارد المذكورة فلاحظ.

الا أن يقال: ان الحديث ناظر الي مورد تمامية الحوالة و تحققها فلا يشمل المقام اذ تماميتها علي نحو الاطلاق اول الكلام و الاشكال و بعبارة اخري: الرواية ناظرة الي

مورد تحقق الحوالة التامة شرعا و تماميتها في المصاديق المشتبهة اول الكلام لكن يمكن أن يقال: انه لا وجه للإشكال فانه لو صدق الموضوع خارجا يترتب عليه الحكم فاذا تمت مقدمات الاطلاق يؤخذ به بأن يقال: مقتضي الاطلاق ترتب الحكم الشرعي علي ما وقع في الخارج فيشمل جميع مصاديق الموضوع فلاحظ.

بل لا يبعد أن يقال: ان العرف يفهم من جواز الحوالة في بعض الموارد جوازها في جميعها بتقريب انه يفهم انه لا فرق بينها من هذه الحيثية.

(1) فعلي القول بالجواز في الحوالة علي البري ء تجري الامور المذكورة.

(2) ربما يقال: بأنها لا تصح في القيمي للجهالة. و فيه اولا: ان الجهالة لا تضر بصحة الحوالة بل التعيين الواقعي يكفي كما مر و ثانيا: سلمنا كون الجهل موجبا للفساد لكن هذا لا يوجب الحكم بالفساد علي الاطلاق فان القيمي الثابت في الذمة أمر كلي قابل للمعرفة بالتوصيف.

(3) فان مقتضي وجوب الوفاء بالعقود لزومها.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من ابواب الضمان الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 272

نعم لو كان المحال عليه معسرا حين الحوالة و كان المحال جاهلا به جاز له الفسخ بعد علمه بالحال (1) و ان صار غنيا فعلا (2) و أما اذا كان حين الحوالة موسرا أو كان المحال عالما باعساره فليس له الفسخ (3).

[مسألة 10: يجوز جعل الخيار لكل من المحيل و المحال و المحال عليه]

(مسألة 10): يجوز جعل الخيار لكل من المحيل و المحال و المحال عليه (4).

[مسألة 11: لوادي المحيل نفسه الدين]

(مسألة 11): لوادي المحيل نفسه الدين فان كان بطلب من

______________________________

(1) الظاهر ان الوجه فيه اشتراط الخيار بمقتضي الشرط الضمني الارتكازي و قد تقدم الاشكال في جعل الخيار الا في مورد يثبت الجواز بالإجماع أو النص اذ قد ذكرنا مرارا ان دليل الشرط لا يكون مشرعا فلا بد من اثبات الجواز في الرتبة السابقة و أما حديثا أبي ايوب «1» و منصور بن حازم قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يحيل علي الرجل بالدراهم أ يرجع عليه؟ قال لا يرجع عليه ابدا الا أن يكون قد افلس قبل ذلك «2»، فالمستفاد منهما انه لا يجوز الرجوع علي المحيل الا فيما يكون مفلسا قبل الحوالة فلا يرتبطان بالمقام اللهم الا أن يتم الأمر بالإجماع و التسالم او السيرة و هل يمكن اثباته بهذه التقاريب؟ و اللّه العالم.

(2) اذ بعد ثبوت الخيار لا وجه لسقوطه.

(3) لعدم اشتراط الخيار أما في الصوره الأولي فلأن المفروض عدم الأعسار فلا يثبت الخيار و أما في الصورة الثانية فلأنه مع العلم بالإعسار لا موضوع للاشتراط.

(4) قد مر الاشكال فيه قريبا فلا وجه للإعادة.

______________________________

(1) لاحظ ص: 270

(2) الوسائل الباب 11 من ابواب الضمان الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 273

المحال عليه و كان مدينا فله أن يطالب المحال عليه بما اداه و أما اذا لم يكن بطلبه أو لم يكن مدينا له فليس له ذلك (1).

[مسألة 12: إذا تبرع اجنبي عن المحال عليه برئت ذمته و كذا إذا ضمن شخص عنه برضا المحال]

(مسألة 12): اذا تبرع اجنبي عن المحال عليه برئت ذمته و كذا اذا ضمن شخص عنه برضا المحال (2).

[مسألة 13: إذا طالب المحال عليه المحيل بما أداه و ادعي المحيل ان له عليه مالا و أنكر المحال عليه فالقول قوله مع عدم البينة]

(مسألة 13): اذا طالب المحال عليه المحيل بما أداه و ادعي المحيل ان له عليه مالا و أنكر المحال عليه فالقول قوله مع عدم البينة فيحلف علي براءته (3).

[مسألة 14: تصح الحوالة بمال الكتابة المشروطة أو المطلقة من السيد علي مكاتبه]

(مسألة 14): تصح الحوالة بمال الكتابة المشروطة أو المطلقة من السيد علي مكاتبه سواء أ كانت قبل حلول النجم أو بعده و بها يتحرر

______________________________

(1) اذ المفروض كون المحال عليه مدينا كما ان المفروض ان الأداء بطلب منه فلا مجال لبراءة ذمته بغير الاداء و ليعلم ان الحوالة توجب كون المحال عليه مديونا للمحال فاذا كان مدينا للمحيل و بالحوالة صار مدينا للمحال فاذا كان اداء الدين بطلب منه يشتغل ذمته بالاداء للمحيل فله أن يراجعه و يطالبه و أما اذا لم يكن بطلب منه فلا مقتضي للرجوع كما انه لو لم يكن مدينا لا وجه لرجوع المحيل عليه اذ المفروض عدم كونه مدينا فلا وجه لأن يراجعه.

(2) فان التبرع باداء الدين جائز و النتيجة براءة ذمته كما ان الضمان يوجب براءة المضمون عنه فلاحظ.

(3) الظاهر ان الأمر كما افاده فان وجوب الاداء علي طبق القاعدة الاولية الا أن يكون المحال عليه مشغول الذمة و مقتضي الاصل عدم الاشتغال فعلي المحيل اقامة البينة لإثبات دعواه و مع عدم البينة تصل النوبة الي أن المنكر يحلف و اللّه العالم.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 274

المكاتب لبراءة ذمته لمولاه و تشتغل ذمته للمحال (1) و لا يتوقف تحرره علي قبوله الحوالة لفرض انه مدين لمولاه (2).

[مسألة 15: إذا كان للمكاتب دين علي اجنبي فأحال المكاتب سيده عليه بمال الكتابة فقبلها]

(مسألة 15): اذا كان للمكاتب دين علي اجنبي فأحال المكاتب سيده عليه بمال الكتابة فقبلها صحت الحوالة و ينعتق المكاتب (3) سواء أدي المحال عليه المال للسيد أم لا (4).

[مسألة 16: إذا اختلف المحيل و المحال في أن العقد الواقع بينهما كان حوالة أو وكالة]

(مسألة 16): اذا اختلف المحيل و المحال في أن العقد الواقع بينهما كان حوالة أو وكالة فمع عدم قيام البينة يقدم قول منكر الحوالة سواء أ كان هو المحيل أم المحال (5).

______________________________

(1) الامر كما افاده لتمامية اركان الحوالة علي الفرض.

(2) اذ المفروض كونه مشغول الذمة و لا يكون الحوالة علي البري ء كي يتوقف علي قبوله و قد مر أنه لا يكون قبول المدين المحال عليه دخيلا في تحقق الحوالة بل الحوالة تصح و لو مع عدم قبوله.

(3) و الوجه فيه ان الانعتاق يحصل باداء مال الكتابة و المفروض ان السيد قبل الحوالة و هذا نحو من الاداء و البراءة مما في ذمته فلاحظ.

(4) اذ المفروض تحقق براءة ذمة العبد من مال الكتابة و هي الميزان في حصول العتق و المفروض براءة ذمته بالحوالة فلا وجه لبقاء الرقية.

(5) بتقريب ان تشخيص المدعي و المنكر هو الغرض المقصود من التداعي لا مصب الدعوي و الغرض المقصود هنا اشتغال ذمته المحيل للمحتال و اشتغال ذمة المحال عليه للمحيل أو للمحتال و كل هذه مخالف للأصل فمدعي الحوالة لا بد من اقامة البينة و مدعي الوكالة عليه اليمين و اما اذا قلنا ان الميزان مصب الدعوي

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 275

[كتاب الكفالة]

اشارة

كتاب الكفالة الكفالة هي التعهد باحضار المدين و تسليمه الي الدائن عند طلبه ذلك (1).

[مسألة 1: تصح الكفالة بالايجاب من الكفيل بكل ما يدل علي تعهده و التزامه و القبول من الدائن بكل ما يدل علي رضاه بذلك]

(مسألة 1): تصح الكفالة بالايجاب من الكفيل بكل ما يدل علي تعهده و التزامه و القبول من الدائن بكل ما يدل علي رضاه بذلك (2).

[مسألة 2: يعتبر في الكفيل العقل و البلوغ و الاختيار]

(مسألة 2): يعتبر في الكفيل العقل (3) و البلوغ (4) و الاختيار (5).

______________________________

يكون المقام داخلا في التداعي لأن قول كل منهما مخالف مع الاصل فلاحظ.

(1) قال في الجواهر: «و المعروف في تعريفها أنها عقد شرع للتعهد بالنفس «1» و قال في مجمع البحرين: «و ان شئت قلت: الكفالة هي التعهد بالنفس» و قال في الحدائق: «الكفالة هي التعهد بالنفس بمعني التزام احضار المكفول متي طلبه المكفول له» «2».

(2) اذ لا دليل علي التقييد فان الكفالة من العقود و كل عقد مركب من الايجاب و القبول و مقتضي اطلاق الدليل عدم التقييد و يمكن أن يقال: انه قد علم من مجموع الادلة ان كل عقد صحيح شرعي يتحقق بالايجاب و القبول و التقييد يحتاج الي دليل خاص و ان شئت قلت: ان السيرة جارية علي ايقاعها بكل ما يدل عليها و هذه السيرة ممضاة عند الشارع فلاحظ.

(3) كما يعتبر في بقية العقود بلا كلام و لا اشكال.

(4) فان غير البالغ لا اعتبار بالتزاماته كما هو المقرر في جميع الموارد.

(5) فان دليل الاكراه يرفع ما يقع علي نحو الاكراه.

______________________________

(1) الجواهر ج 26 ص: 185

(2) الحدائق: ج- 21 ص: 62

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 276

و القدرة علي احضار المدين (1) و عدم السفه (2).

______________________________

(1) اذ مع عدم القدرة لا مجال للالتزام به فان الالتزام يتعلق بالأمر المقدور للملتزم و لذا لا معني لأن يلتزم احد بنزول المطر من السماء فان نزوله بارادة اللّه تعالي فلاحظ.

(2) بتقريب ان السفيه ليس له التصرف المالي و

من ناحية اخري ان الكفيل لو لم يحضر المكفول يجب عليه اداء الدين فلا تجوز الكفالة من السفيه و يمكن أن يقال: ان الكفالة لا تكون تصرفا ماليا اذ الكفالة التزام باحضار المكفول و لا دليل من نصوص الباب علي وجوب اداء الدين مع عدم الاحضار الا أن يتم الامر بالإجماع أو يقال: ان مرجع الكفالة الي الضمان المعلق و هل يمكن الالتزام بصحة الضمان التعليقي مع عدم الدليل علي صحته و عدم صحة التعليق في العقود؟

و استدل علي أن الكفالة توجب تخيير الكفيل بين احضار المكفول و بين دفع ما عليه بوجوه:

الاول: ان الكفالة بنفسها تقتضي ذلك لأن بنائها عرفا عليه و هو المقصود بين المتعاملين و بعبارة اخري: يكون دفع ما عليه من الشرط الضمني فان مقتضي الشرط ان عليه الدفع ان لم يحضره.

و فيه انه لا دليل علي هذه الدعوي و لذا لا يعرف في مقام التفهيم بهذا النحو و أما الشرط فان دل عليه دليل و قامت قرينة عليه فان كان شرط الفعل يصح علي طبق القاعدة و أما شرط النتيجة بأن تشتغل ذمة الكفيل فلا دليل علي مشروعيته لأن الشرط لا يكون مشرعا فلا بد من احراز الجواز في الرتبة السابقة.

الثاني: النص: الخاص الوارد في المقام لاحظ ما ارسله الصدوق قال قال الصادق عليه السلام: الكفالة خسارة غرامة ندامة «1» و هذه الرواية لا اعتبار

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من ابواب الضمان الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 277

و التفليس (1) و لا يشترط في الدائن البلوغ و الرشد و العقل و الاختيار فتصح الكفالة للصبي و السفيه و المجنون اذا قبلها الولي (2).

______________________________

بسندها لإرسالها.

و لاحظ ما رواه الرقي عن أبي

عبد اللّه عليه السلام قال: مكتوب في التوراة كفالة ندامة غرامة «1» و هذه الرواية علي تقدير تمامية سندها لا تدل علي المدعي فان الغرامة بمعني الهلاك و العذاب و لعل الرواية تشير الي مرجوحية الكفالة كما ورد ما يدل علي المنع منها في بعض النصوص منها ما رواه إسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تتعرضوا للحقوق فاذا لزمتكم فاصبروا لها «2».

و منها ما رواه العباس الفضل بن عبد الملك ان الصادق عليه السلام قال له:

ما منعك من الحج؟ قال: كفالة كفلت «تكفلت» بها قال: و مالك و للكفالات اما علمت ان الكفالة هي التي اهلكت القرون الاولي؟ «3».

و منها ما رواه اسماعيل بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يا بني اياكم و التعرض للحقوق و اصبروا علي النوائب الحديث «4».

(1) لا أري وجها لعدم جواز كفالة المفلس فان المفلس ممنوع عن التصرف في امواله و لا يكون ممنوعا عن التصرف في ذمته.

(2) كما هو ظاهر فان الولي يقوم مقام القاصر فلا تكون الامور المذكورة مانعة عن الصحة.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 278

[مسألة 3: تصح الكفالة بإحضار المكفول إذا كان عليه حق مالي]

(مسألة 3): تصح الكفالة باحضار المكفول اذا كان عليه حق مالي (1) و لا يشترط العلم بمبلغ ذلك المال (2).

[مسألة 4: إذا كان المال ثابتا في الذمة فلا شبهة في صحة الكفالة]

(مسألة 4): اذا كان المال ثابتا في الذمة فلا شبهة في صحة الكفالة (3) و أما اذا لم يكن ثابتا في الذمة فعلا و لكن وجد سببه كالجعل في عقد الجعالة و كالعوض في عقد السبق و الرماية و ما شاكل ذلك فالاقوي صحة الكفالة في هذه الموارد (4).

______________________________

(1) بلا اشكال و لا كلام.

(2) لا يبعد أن يكون المدرك اطلاق بعض النصوص لاحظ ما رواه ابن سرحان انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الكفيل و الرهن في بيع النسيئة قال: لا باس «1» فان مقتضي اطلاق هذه الرواية عدم الفرق بين كون مقدار الدين معلوما و عدمه فلاحظ.

(3) الأمر كما افاده فانه لا اشكال في صحتها في الصورة المفروضة.

(4) مقتضي القاعدة الاولية عدم الصحة لو شك فيها فان الامر الوضعي يحتاج الي دليل الاثبات و الا فمقتضي الاستصحاب عدم تحققه و حيث انه لا دليل علي المدعي ظاهرا يتوقف الجزم بالصحة علي تحقق الاجماع التعبدي الكاشف و أني لنا باثباته.

و ربما يقال: ان الكفالة بهذا النحو متعارف عند العقلاء و الشارع الاقدس لم يردع عنها و لكن اللازم اثبات تحقق السيرة عليها و أما عموم وجوب الوفاء بالعقود فلا مجال للاستدلال به اذ قد ذكرنا مرارا ان دليل وجوب الوفاء ناظر الي اللزوم و لا تستفاد منه الصحة فلا تغفل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب احكام الضمان الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 279

[مسألة 5: الكفالة عقد لازم لا يجوز فسخه من طرف الكفيل الا بالاقالة أو بجعل الخيار له]

(مسألة 5): الكفالة عقد لازم لا يجوز فسخه من طرف الكفيل (1) الا بالاقالة أو بجعل الخيار له (2).

[مسألة 6: إذا لم يحضر الكفيل المكفول فأخذ المكفول له المال من الكفيل]

(مسألة 6): اذا لم يحضر الكفيل المكفول فاخذ المكفول له المال من الكفيل فان لم يأذن المكفول لا في الكفالة و لا في الاداء فليس للكفيل الرجوع عليه و المطالبة بما اداه (3) و اذا اذن في الكفالة و الاداء أو اذن في الاداء فحسب كان له أن يرجع عليه (4) و ان اذن له في الكفالة دون الاداء فالظاهر عدم رجوعه عليه بما اداه (5) و ان كان غير متمكن من احضاره عند طلب المكفول له ذلك (6).

[مسألة 7: يجب علي الكفيل التوسل بكل وسيلة مشروعة لإحضار المكفول]

(مسألة 7): يجب علي الكفيل التوسل بكل وسيلة مشروعة لإحضار المكفول (7).

______________________________

(1) فان كل عقد لازم بمقتضي وجوب الوفاء به الا ما خرج بالدليل.

(2) كل منهما يحتاج الي الدليل و قد مر الكلام من هذه الجهة في بعض الابحاث المتقدمة فلا نعيد و ان شئت راجع ما ذكرناه سابقا في هذا المقام.

(3) لعدم المقتضي للرجوع فان المفروض عدم اذن المكفول فلا وجه لضمانه و مع عدم الضمان لا مجال للرجوع اليه كما هو ظاهر واضح.

(4) اذ المفروض ان الاداء تحقق باذنه فيشتغل ذمة الاذن بمقتضي السيرة العقلائية الممضاة شرعا.

(5) لعدم ما يقتضي الرجوع كما مر قريبا.

(6) لوحدة الملاك و لكن الاشكال في صحة الكفالة مع عدم امكان الاحضار و قد مر من الماتن انه يشترط في صحة الكفالة القدرة علي احضار المدين فلاحظ

(7) لان المفروض وجوب الاحضار فتجب مقدماته من باب وجوب مقدمة

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 280

فاذا احتاج الي الاستعانة بشخص قاهر و لم تكن فيها مفسدة دينية وجبت الاستعانة به (1).

[مسألة 8: إذا كان المكفول غائبا احتاج حمله إلي مؤنة]

(مسألة 8): اذا كان المكفول غائبا احتاج حمله الي مؤنة فالظاهر أنها علي الكفيل (2) الا اذا كان صرفها باذن من المكفول (3).

[مسألة 9: إذا نقل المكفول له حقه الثابت علي المكفول إلي غيره ببيع أو صلح أو حوالة أو هبة بطلت الكفالة]

(مسألة 9): اذا نقل المكفول له حقه الثابت علي المكفول الي غيره ببيع أو صلح أو حوالة أو هبة بطلت الكفالة (4).

[مسألة 10: إذا أخرج أحد من يد الغريم مديونه قهرا أو حيلة بحيث لا يظفر به فيأخذ منه دينه فهو بحكم الكفيل]

(مسألة 10): اذا أخرج أحد من يد الغريم مديونه قهرا أو حيلة بحيث لا يظفر به فيأخذ منه دينه فهو بحكم الكفيل يجب عليه احضاره لديه و الا فيضمن عنه دينه و يجب عليه تاديته له (5).

______________________________

الواجب و لو عقلا.

(1) لوحدة الملاك و المفروض خلوه عن المفسدة الشرعية فلاحظ.

(2) لأن وجوب ذي المقدمة يقتضي وجوب مقدماته و ما ذكر منها فيجب.

(3) فان الاذن يقتضي الضمان كما تقدم.

(4) لانتفاء موضوع الكفالة فان الكفيل كان ملتزما باحضار زيد مثلا و بعد فراغ ذمته لا يكون موضوع الكفالة باقيا و لا مجال لبقاء الحكم مع انتفاء الموضوع.

(5) قال في الجواهر في هذا المقام: «كما صرح به غير واحد بل في الرياض نفي الخلاف فيه علي الظاهر» الخ. و ما يمكن أن يذكر في تقريب الحكم المذكور وجوه:

الوجه الاول: الاجماع فعن الصيمري دعوي الاجماع عليه. و فيه انه لا اعتبار بالإجماع المنقول كما حقق في محله بل لو تحقق اجماع محصل لا يترتب عليه

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 281

______________________________

أثر لاحتمال استناد المجمعين الي الوجوه المذكورة في المقام.

الوجه الثاني قاعدة نفي الضرر لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: لا ضرر و لا ضرار «1» فان الضرر متحقق بفعل المخرج فعليه الضمان. و فيه اولا: ان التقريب المذكور علي فرض تماميته يتوقف علي الالتزام بمقالة المشهور و أما علي مسلك شيخ الشريعة فلا، و ثانيا: ان المستفاد من الحديث علي ما هو المقرر عندهم نفي

الحكم الضرري و لا يستفاد من القاعدة ثبوت أمر كالضمان المبحوث عنه في المقام.

الوجه الثالث شمول حديث «علي اليد ما اخذت حتي تؤدي» «2» للمقام و فيه ان حديث علي اليد ضعيف سندا مضافا الي أن الاطلاق غير الاستيلاء اضف الي ذلك ان الظاهر ان الدليل يختص بالاعيان الخارجية.

الوجه الرابع: فحوي ما ورد في اطلاق القاتل لاحظ ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام: قال: سألته عن رجل قتل رجلا عمدا فرفع الي الوالي فدفعه الي اولياء المقتول ليقتلوه فوثب عليهم قوم فخلصوا القاتل من أيدي الاولياء قال أري أن يحبس الذي خلص «الذين خلصوا» القاتل من أيدي الاولياء حتي يأتوا بالقاتل قيل: فان مات القاتل و هم في السجن؟ قال: و ان مات فعليهم الدية يؤدونها جميعا الي اولياء المقتول «3».

و فيه انه حكم خاص وارد في مورد مخصوص و لا أري لتقريب الفحوي وجها و علي هذا الاساس تكون المسألة مبتنية علي الاحتياط الا أن يتم الامر بالإجماع

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من ابواب الخيار الحديث: 3

(2) مستدرك الوسائل الباب 1 من أبواب الغصب الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 15 من أبواب الضمان

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 282

[مسألة 11: ينحل عقد الكفالة بأمور]

(مسألة 11): ينحل عقد الكفالة بامور الاول: أن يسلم الكفيل المكفول الي المكفول له (1) الثاني: أن يؤدي دينه (2) الثالث: ما اذا أبرأ المكفول له ذمة المدين (3) الرابع: ما اذا مات المدين (4) الخامس ما اذا رفع المكفول له يده عن الكفالة (5).

[كتاب الصلح]

اشارة

كتاب الصلح الصلح عقد شرع للتراضي و التسالم بين شخصين في أمر: من تمليك عين أو منفعة أو اسقاط دين أو حق أو غير ذلك مجانا أو بعوض (6).

______________________________

المدعي و التسالم فيما بين القوم أو السيرة و اللّه العالم.

(1) كما هو ظاهر فانه مع التسليم يتم الامر و لا مجال للبقاء كما هو واضح.

(2) اذ مع الاداء يتم الامر به.

(3) اذ مع الابراء لا حق له عليه فلا مجال للبقاء.

(4) اذ مع موته لا موضوع للإحضار.

(5) اذ مع رفع اليد لا يبقي حق له فلا مجال للإحضار و الحمد للّه و له المنة قد وقع الفراغ من كتابة كتاب الكفالة في ليلة السبت السابع من شهر شوال المكرم سنة 1409.

(6) لا اشكال في أن الصلح الواقع في الخارج بين العقلاء يعم هذه الأقسام و يمكن الاستدلال علي جوازه بقوله تعالي: «وَ إِنِ امْرَأَةٌ خٰافَتْ مِنْ بَعْلِهٰا نُشُوزاً أَوْ إِعْرٰاضاً فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْهِمٰا أَنْ يُصْلِحٰا بَيْنَهُمٰا صُلْحاً وَ الصُّلْحُ خَيْرٌ «1». فان قوله تعالي في ذيل الاية «وَ الصُّلْحُ خَيْرٌ» بيان لكبري كلية تنطبق علي ما ذكر في الاية.

______________________________

(1) النساء/ 128

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 283

[مسألة 1: الصلح عقد مستقل و لا يرجع الي سائر العقود]

(مسألة 1): الصلح عقد مستقل و لا يرجع الي سائر العقود و ان افاد فائدتها فيفيد فائدة البيع اذا كان الصلح علي عين بعوض و فائدة الهبة اذا كان علي عين بغير عوض و فائدة الاجارة اذا كان علي منفعة بعوض و فائدة الابراء اذا كان علي اسقاط حق أو دين (1).

[مسألة 2: إذا تعلق الصلح بعين أو منفعة أفاد انتقالهما إلي المتصالح]

(مسألة 2): اذا تعلق الصلح بعين أو منفعة افاد انتقالهما الي المتصالح سواء أ كان مع العوض أو بدونه و كذا اذا تعلق بدين علي غير المتصالح له أو حق قابل للانتقال كحقي التحجير و الاختصاص و اذا تعلق بدين علي المتصالح أفاد سقوطه و كذا الحال اذا تعلق بحق قابل للإسقاط و غير قابل للنقل و الانتقال كحق الشفعة و نحوه (2).

______________________________

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الصلح جائز بين الناس «1» و يؤيد المدعي ما ارسله الصدوق قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: البينة علي المدعي و اليمين علي المدعي عليه و الصلح جائز بين المسلمين الا صلحا احل حراما أو حرم حلالا «2».

(1) كما هو ظاهر فان الصلح عبارة عن المصالحة التي يعبر عنها في اللغة الفارسية ب (سازش كردن) و الذي يدل علي المدعي صحة سلب عنوان البيع و كذا بقية العناوين عنها و ان الأثر المترتب عليها في بعض الاحيان أثر البيع و قد يكون أثرها اثر الاجارة و هكذا فلاحظ.

(2) كما مر فان الصلح عقد مستقل لكن أثره ربما يكون انتقال العين الي المتصالح و اخري يكون اثره انتقال المنفعة اليه و هكذا

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب الصلح الحديث: 1

(2) نفس المصدر

الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 284

و اما ما لا يقبل الانتقال و لا الاسقاط فلا يصح الصلح عليه (1).

[مسألة 3: يصح الصلح علي مجرد الانتفاع بعين]

(مسألة 3): يصح الصلح علي مجرد الانتفاع بعين كأن يصالح شخصا علي أن يسكن داره أو يلبس ثوبه في مدة أو علي أن يكون جذوع سقفه علي حائطه أو يجري ماءه علي سطح داره أو يكون ميزابه علي عرصة داره أو يكون الممر و المخرج من داره أو بستانه أو علي أن يخرج جناحا في فضاء ملكه أو علي أن يكون أغصان أشجاره في فضاء ارضه و غير ذلك (2) و لا فرق فيه بين أن يكون بلا عوض أو معه (3).

[مسألة 4: يجري الفضولي في الصلح كما يجري في البيع و نحوه]

(مسألة 4): يجري الفضولي في الصلح كما يجري في البيع و نحوه (4).

______________________________

(1) اذ المفروض عدم قبوله لا للنقل و لا للإسقاط فلا مجال لوقوع الصلح عليه و ان شئت قلت: الصلح الذي لا يترتب عليه أي أثر يكون لغوا فلا يشمله دليل الصحة.

(2) لإطلاق الادلة كتابا و سنة مضافا الي السيرة الخارجية العقلائية الممضاة عند الشارع فلاحظ.

(3) بعين التقريب و بعين الملاك.

(4) لوحدة الملاك فان الدليل المثبت للفضولي في البيع جار في الصلح و قد تقدم في كتاب البيع ان العمدة في اثبات المدعي النص الخاص لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن مملوك تزوج بغير اذن سيده فقال ذاك الي سيده ان شاء اجازه و ان شاء فرق بينهما قلت: اصلحك اللّه ان الحكم بن عيينة و ابراهيم النخعي و اصحابهما يقولون: ان اصل النكاح فاسد و لا تحل اجازة السيد له فقال أبو جعفر عليه السلام: انه لم يعص اللّه و انما عصي سيده فاذا اجازه

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 285

[مسألة 5: يجوز للمتداعيين أن يتصالحا بشي ء من المدعي به أو بشي ء آخر حتي مع انكار المدعي عليه]

(مسألة 5): يجوز للمتداعيين أن يتصالحا بشي ء من المدعي به أو بشي ء آخر حتي مع انكار المدعي عليه (1) و يسقط بهذا الصلح حق الدعوي و كذا يسقط حق اليمين الذي كان للمدعي علي المنكر فليس للمدعي يعد ذلك تجديد المرافعه (2) و لكن هذا قطع للنزاع ظاهرا و لا يحل لغير المحق ما يأخذه بالصلح و ذلك مثل ما اذا ادعي شخص علي آخر بدين فانكره ثم تصالحا علي النصف فهذا الصلح و ان أثر في سقوط الدعوي و لكن المدعي لو كان محقا فقد وصل اليه نصف حقه و يبقي نصفه الاخر في ذمة

المنكر الا انه اذا كان المنكر معذورا في اعتقاده لم يكن عليه اثم (3) نعم لو رضي المدعي بالصلح عن

______________________________

فهو له جائز «1» فان مقتضي عموم العلة المذكورة في الحديث صحة الفضولي علي الاطلاق و تفصيل الكلام موكول الي بحث الفضولي في كتاب البيع فراجع

(1) لما مر من جواز الصلح مطلقا.

(2) سقوط حق الدعوي بالصلح يتوقف علي قابلية اسقاط حق الدعوي و هذا اول الكلام و الاشكال فان زيدا مثلا لو كان مديونا لبكر هل يجوز اسقاط حق مطالبته؟

و عليه يشكل الجزم بما أفاده من أنه ليس للمدعي بعد ذلك تجديد الدعوي الا أن يقال انه لا اشكال في أنه أمر عقلائي عليه السيرة الخارجية و الشارع الأقدس لم يردع عنها و الحال ان مقتضي الاطلاق المقامي التعرض لفساده ان كان الصلح بهذا النحو فاسدا.

(3) لو كان الاسقاط ظاهريا لا يكون مؤثرا في السقوط الواقعي بل يبقي الواقع

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 286

جميع ما في ذمته فقد سقط حقه (1).

[مسألة 6: لو قال المدعي عليه للمدعي صالحني لم يكن ذلك منه إقرارا بالحق]

(مسألة 6): لو قال المدعي عليه للمدعي صالحني لم يكن ذلك منه اقرارا بالحق لما عرفت من أن الصلح يصح مع الاقرار و الانكار (2) و أما لو قال بعني أو ملكني كان اقرارا (3).

[مسألة 7: يعتبر في المتصالحين البلوغ و العقل و الاختيار و القصد و عدم الحجر لسفه أو غيره]

(مسألة 7): يعتبر في المتصالحين البلوغ و العقل و الاختيار و القصد و عدم الحجر لسفه أو غيره (4).

______________________________

علي حاله.

(1) كما هو ظاهر واضح.

(2) و ان شئت قلت: لا تنافي بين الصلح و انكار الدعوي فلا وجه لكون طلب الصلح اقرارا.

(3) فان طلب البيع أو التمليك يستلزم الاقرار بالملكية فلاحظ.

(4) فان غير البالغ لا اعتبار بتصرفاته كما انه لا اعتبار بما يصدر عن المجنون كما ان دليل رفع الاكراه يرفع الاثر عن الانشاء الاكراهي كما ان ما يصدر عن الانسان بلا قصد لا أثر له بلا اشكال و أما عدم الحجر فانما يكون معتبرا فيما يكون التصرف ماليا و أما التصرف لو لم يكن في المال و بعبارة اخري لا وجه لعدم اعتبار الصلح الصادر من المحجور الا في مورد يكون التصرف في المال.

و يستفاد من حديثين عدم نفوذ أمر السفيه حتي بعد البلوغ احدهما ما رواه أبو الحسين عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأله أبي و أنا حاضر عن اليتيم متي يجوز أمره؟ قال: حتي يبلغ اشده قال: و ما أشده؟ قال: احتلامه قال: قلت: قد يكون الغلام ابن ثمان عشرة سنة او أقلّ او اكثر و لم يحتلم قال: اذا بلغ و كتب عليه

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 287

[مسألة 8: يتحقق الصلح بكل ما يدل عليه من لفظ أو فعل أو نحو ذلك]

(مسألة 8): يتحقق الصلح بكل ما يدل عليه من لفظ أو فعل أو نحو ذلك و لا تعتبر فيه صيغة خاصة (1).

______________________________

الشي ء «و نبت عليه الشعر» جاز عليه أمره الا أن يكون سفيها أو ضعيفا «1»

فان المستفاد من هذه الرواية عدم نفوذ أمر السفيه علي الاطلاق حتي بعد البلوغ و لو لم يكن التصرف ماليا فلو آجر نفسه لعمل لا تصح اجارته

نعم لو لم يكن تصرفه الا نافعا له كما لو قبل ما يهبه غيره لا يكون مشمولا للحديث فان المذكور فيه عنوان جواز أمره عليه فلو لم يكن عليه جاز الا أن يقال ان المستفاد من الحديث نفوذ الامر عليه و هذا العنوان يصدق علي الاطلاق أي يصدق عنوان نفوذ الأمر و جوازه عليه حتي فيما يكون تصرفا نافعا في حقه فقط و لذا يصح أن يقال: لو غسل زيد ثوبه يحكم عليه بكونه طاهرا و ان شئت قلت: الحكم من الحاكم علي المحكوم يستلزم عنوان الاستعلاء و لكن الاشكال في سند الحديث من حيث كون الخادم في السند و هو مجهول.

ثانيهما ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأله أبي و أنا حاضر عن قول اللّه عز و جل حَتّٰي إِذٰا بَلَغَ أَشُدَّهُ قال: الاحتلام قال: فقال: يحتلم في ست عشرة و سبع عشرة سنة و نحوها فقال: اذا أتت عليه ثلاث عشرة سنة كتبت له الحسنات و كتبت عليه السيئات و جاز أمره الا أن يكون سفيها أو ضعيفا فقال:

و ما السفيه؟ فقال الذي يشتري الدرهم باضعافه قال و ما الضعيف قال الابله «2» فان المستفاد من هذه الرواية عدم جواز امر السفيه علي الاطلاق لكن السند ضعيف أيضا لضعف اسناد الشيخ الي ابن فضال.

(1) لإطلاق دليله مضافا الي السيرة الجارية الخارجية.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب الحجر الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 44 من الوصايا الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 288

[مسألة 9: لو تصالح شخص مع الراعي]

(مسألة 9): لو تصالح شخص مع الراعي بان يسلم نعاجه اليه ليرعاها سنة مثلا و يتصرف في لبنها و يعطي مقدارا معينا من الدهن مثلا صحت المصالحة

(1) بل لو آجر نعاجه من الراعي سنة علي أن يستفيد من لبنها بعوض مقدار معين من دهن أو غيره صحت الاجارة (2).

[مسألة 10: لا يحتاج إسقاط الحق أو الدين إلي القبول]

(مسألة 10): لا يحتاج اسقاط الحق أو الدين الي القبول (3) و أما المصالحة عليه فتحتاج الي القبول (4).

[مسألة 11: لو علم المديون بمقدار الدين و لم يعلم به الدائن و صالحه بأقل منه]

(مسألة 11): لو علم المديون بمقدار الدين و لم يعلم به الدائن و صالحه باقل منه لم تبرأ ذمته عن المقدار الزائد (5) الا أن يعلم برضا الدائن بالمصالحة حتي لو علم بمقدار الدين أيضا (6).

[مسألة 12: لا تجوز المصالحة علي مبادلة مالين من جنس واحد إذا كانا مما يكال أو يوزن]

(مسألة 12): لا تجوز المصالحة علي مبادلة مالين من جنس واحد اذا كانا مما يكال أو يوزن مع العلم بالزيادة في احدهما علي الاحوط (7).

______________________________

(1) لما مر من جواز الصلح علي الاطلاق و ما ذكر من مصاديق ذلك الكلي.

(2) لوجود المقتضي و عدم المانع فانه لا مانع من الاجارة المفروضة و من ناحية اخري الشرط الواقع في ضمن عقد الاجارة جائز و نافذ.

(3) فان الاسقاط ايقاع فلا يحتاج الي القبول.

(4) اذ المفروض ان المصالحة من العقود و يعتبر فيها الايجاب و القبول.

(5) اذ لا وجه للبراءة مع عدم قصد الدائن و تعلق قصده بالاقل.

(6) كما هو ظاهر لجواز المصالحة علي الاطلاق كما تقدم.

(7) لا اشكال في حسن الاحتياط و أما الجزم بالحرمة فلا وجه له بعد اختصاص

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 289

و لا باس بها مع احتمال الزيادة (1).

[مسألة 13: لا بأس بالمصالحة علي مبادلة دينين علي شخص واحد أو علي شخصين فيما اذا لم يكونا من المكيل أو الموزون]

(مسألة 13): لا باس بالمصالحة علي مبادلة دينين علي شخص واحد أو علي شخصين فيما اذا لم يكونا من المكيل أو الموزون أو لم يكونا من جنس واحد أو كانا متساويين في الكيل أو الوزن و أما اذا كانا من المكيل أو الموزون و من جنس واحد فجواز الصلح علي مبادلتهما مع زيادة محل اشكال (2).

[مسألة 14: يصح الصلح في الدين المؤجل بأقل منه إذا كان الغرض إبراء ذمة المديون من بعض الدين]

(مسألة 14): يصح الصلح في الدين المؤجل باقل منه اذا كان الغرض ابراء ذمة المديون من بعض الدين و أخذ الباقي منه نقدا هذا فيما اذا كان الدين من جنس الذهب أو الفضة أو غيرهما من

______________________________

دليل الحرمة بالبيع و الالتزام بكون الصلح عقدا مستقلا كما سبق.

(1) اذ يمكن احراز عدمها بالاصل اي استصحاب العدم الأزلي.

(2) اما عدم البأس في غير صورة الأخيرة فلعدم وجه للمنع و أما الاشكال في الصورة الاخيرة فلاحتمال الحرمة من اجل الربا و لكن قد مر انه لا وجه للإشكال مع كون الصلح عقدا مستقلا فلا يشمله دليل المنع و أما علي تقدير الشك فان قلنا بأن المقيد مجمل فايضا لا مجال للإشكال لأن اجمال المقيد المنفصل لا يسري الي المطلق و مع التنزل عن هذه الجهة ان قلنا بجريان الاستصحاب في الشبهات المفهومية- كما نقول- يمكن احراز عدم تحقق عنوان الربا فيحكم بالصحة و أما علي القول بعدم جريان الاستصحاب- كما هو المقرر عندهم- فلا مجال للأخذ بدليل الصحة و لا بدليل الفساد لعدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية لكن مقتضي الاصل العملي هو الفساد فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 290

المكيل أو الموزون (1) و أما في غير ذلك فيجوز البيع و الصلح بالاقل من المديون و غيره و عليه فيجوز للدائن تنزيل

الكمپيالة في المصرف و غيره في عصرنا الحاضر لان الدنانير الرائجة ليست مما يوزن أو يكال (2).

[مسألة 15: ينفسخ الصلح بتراضي المتصالحين بالفسخ]

(مسألة 15): ينفسخ الصلح بتراضي المتصالحين بالفسخ (3) و كذا اذا فسخ من جعل له حق الفسخ منهما في ضمن الصلح (4).

[مسألة 16: لا يجري خيار الحيوان و لا خيار المجلس و لا خيار التاخير في الصلح]

(مسألة 16): لا يجري خيار الحيوان و لا خيار المجلس و لا خيار التاخير في الصلح (5) نعم لو أخر تسليم المصالح به عن الحد المتعارف أو اشترط تسليمه نقدا فلم يعمل به فللاخر أن يفسخ المصالحة (6) و أما الخيارات الباقيه فهي تجري في عقد الصلح (7).

______________________________

(1) بلا اشكال لعدم وجه للإشكال.

(2) الامر كما افاده لعدم ما يقتضي عدم الجواز فيجوز و يصح فلاحظ.

(3) هذا مبني علي جريان الاقالة في غير البيع و هو محل الاشكال.

(4) علي القول بجواز جعل الخيار و قد مر الاشكال فيه الا أن يقال: ان السيرة الخارجية العقلائية جارية عليه و الشارع الاقدس أمضي هذه السيرة.

(5) لعدم ما يقتضي الجريان بعد اختصاص الدليل بالبيع.

(6) بتقريب ان مرجعه الي جعل الخيار عند عدم الوفاء بالشرط و جعل الخيار جائز و الاشكال فيه هو الاشكال المتقدم آنفا.

(7) بدعوي ان دليلها دليل الشرط فيعم و يشكل الجزم بما ذكر للإشكال في قصور دليل الشرط لإثبات هذه الدعوي الا أن يتم الامر بالسيرة الخارجية بأن يقال لا اشكال في ثبوت هذه الخيارات بين العقلاء و المفروض عدم ردع الشارع عنها

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 291

[مسألة 17: لو ظهر العيب في المصالح به جاز الفسخ]

(مسألة 17): لو ظهر العيب في المصالح به جاز الفسخ و أما اخذ التفاوت بين قيمتي الصحيح و المعيب ففيه اشكال (1).

[مسألة 18: لو اشترط في عقد الصلح وقف المال المصالح به إذا لم يكن للمصالح وارث بعد الموت صح]

(مسألة 18): لو اشترط في عقد الصلح وقف المال المصالح به اذا لم يكن للمصالح وارث بعد الموت صح و لزم الوفاء بالشرط (2).

______________________________

فيعلم امضائه لسيرتهم اذ المفروض امضاء الصلح و مع ذلك لم يتعرض لفساد ما يكون جاريا بينهم فلاحظ.

(1) بتقريب ان جواز اخذ الأرش يختص بالبيع فلا تجري في الصلح و أما الخيار فمن باب الشرط الضمني و الاشكال فيه هو الاشكال المتقدم.

(2) بتقريب ان مقتضي دليل نفوذ الشرط صحة الشرط المذكور و وجوب العمل به و لكن يرد عليه ان عدم الوارث علي الاطلاق لا موضوع له فان الامام عليه السلام وارث من لا وارث له فكيف يمكن الالتزام بالجواز؟ الا أن يقال: ان اللفظ منصرف عن صورة كون الوارث الامام مضافا الي أن المقصود من الكلام غير واضح فان وجود الوارث و عدمه لا دخل له في صحة هذا الشرط و عدمها فان المفروض ان المالك حال حياته نقل ملكه الي غيره و اشترط عليه أن يقفه بعد موته و المفروض ان الشرط نافذ و من ناحية اخري لا ينتقل المال المصالح به الي ورثة المصالح لكن لا يبعد أن يكون المراد من المتن ان اشتراط الوقف مقيد بعدم الوارث و أما مع وجود الوارث فلا.

لكن يرد عليه بأنه مع وجود الوارث لا يخرج مورد المصالحة عن ملك المتصالح و مع بقائه في ملك المتصالح لا مجال لانتقاله الي الوارث الا أن يرجع الامر الي اشتراط تمليكه من الورثة و اللّه العالم و قد وقع الفراغ من كتابة كتاب

الصلح في يوم الاربعاء العاشر من شهر شوال المكرم من السنة 1409.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 292

[كتاب الإقرار]

كتاب الاقرار و هو اخبار عن حق ثابت علي المخبر او نفي حق له علي غيره (1).

و لا يختص بلفظ بل يكفي كل لفظ دال علي ذلك عرفا و لو لم يكن صريحا و كذا تكفي الاشارة المعلومة (2) و يشترط في المقر التكليف (3) و الحرية (4) فلا ينفذ اقرار الصبي و المجنون و لا اقرار العبد بالنسبة الي ما يتعلق بحق المولي بدون تصديقه مطلقا و لو كان مما يوجب الجناية علي العبد نفسا أو طرفا (5) و أما بالنسبة الي ما يتعلق به نفسه مالا كان أو جناية فيتبع به بعد عتقه (6) و يشترط في المقر له اهلية التملك

______________________________

(1) كما هو المستفاد العرفي منه.

(2) لعدم وجه للاختصاص بعد صدق المفهوم فاذا صدق يترتب عليه حكمه اعم من أن يكون بنحو الصراحة أو الاشارة كما هو ظاهر.

(3) لعدم ترتب اثر علي ما يصدر عن غير المكلف صبيا كان أو مجنونا.

(4) اذ الاقرار لا ينفذ في حق الغير.

(5) كما هو ظاهر لما مر من عدم اعتباره.

(6) قال في الجواهر في هذا المقام «1» «بلا خلاف و لا اشكال لعموم اقرار العقلاء» لاحظ ما عن النبي صلي اللّه عليه و آله أنه قال اقرار العقلاء علي أنفسهم جائز «2».

______________________________

(1) ج 35 ص: 108

(2) الوسائل الباب 3 من ابواب الاقرار الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 293

و لو اقر للعبد فهو له لو قيل بملكه كما هو الظاهر (1) و لو قال له علي مال الزم به (2) فان فسره بما لا يملك لم يقبل (3) و لو

قال هذا لفلان بل لفلان كان للأول و غرم القيمة للثاني (4) و يرجع في النقد و الوزن و الكيل الي عادة البلد (5) و مع التعدد الي تفسيره (6) و لو اقر بالمظروف لم يدخل الظرف (7) و لو اقر بالدين المؤجل ثبت

______________________________

(1) كما هو واضح اذ مع عدم الأهلية لا مجال للنفوذ شرعا.

(2) لنفوذ الاقرار و وجوب الاخذ به.

(3) اذ الانكار بعد الاقرار يحتاج الي الاثبات.

(4) بمقتضي نفوذ الاقرار بالنسبة الي الأول و الحيلولة بالنسبة الي الثاني قال في الجواهر في مقام تقريب الاستدلال علي المدعي: «لأنه حال بينه و بينها فهو كالمتلف بلا خلاف معتد به اجده فيه لعموم اقرار العقلاء و للحيلولة التي سمعتها» الخ.

و يرد علي هذا التقريب بأنه اما نقول ان الاقرار الاول لنفوذه اوجب كون المقرّ به للأول فلا أثر للإقرار الثاني لأنه اقرار بالنسبة الي مال الغير و اما نقول ان المتكلم ما دام متشاغلا بالكلام له أن يلحق بكلامه من اللواحق ما شاء و لا مجال للحكم عليه ما دام متشاغلا و المفروض ان كلمة الأضراب وضعت لإفادة الأضراب عن الاول و الاثبات للثاني و من ناحية اخري ان الاشتباه أمر ممكن فيلزم أن يحكم للثاني فأما يحكم للأول بالتقريب الأول و اما يحكم للثاني بالتقريب الثاني فعلي كلا التقديرين لا يتم ما افيد في المتن الا أن يتم الامر بالتسالم و الاجماع.

(5) للظهور العرفي.

(6) فانه المرجع في تفسير كلامه.

(7) لعدم ما يقتضي الدخول.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 294

المؤجل (1) و لم يستحق المقر له المطالبة به قبل الاجل (2) و لو اقر بالمردد بين الاقل و الاكثر ثبت الاقل (3) و لو ابهم المقر له

فان عين قبل (4) و لو ادعاه الاخر كانا خصمين (5) و للاخر علي المقر اليمين علي عدم العلم ان ادعي عليه العلم (6) و لو ابهم المقر به ثم عين فان أنكره المقر له ففي أن للحاكم انتزاعه او اقراره في يده اشكال (7) و الاظهر الثاني (8) و لو ادعي المواطاة علي الاشهاد كان عليه اقامة البينة علي المواطاة او احلاف المشتري علي اقباض الثمن (9. مسائل الاولي: اذا اقر بولد

______________________________

(1) اذ لا وجه للتعجيل مع عدم دليل عليه.

(2) كما هو ظاهر فان الاستحقاق يحتاج الي الدليل.

(3) اذ الاكثر لم يقع مورد الاقرار فلا وجه لثبوته و الاصل عدمه.

(4) فان المقر هو المرجع في التفسير لأنه ذويد فيقبل قوله و ربما يقال كما في الجواهر: «انه بعد الاقرار الاول لا أثر لقوله و بعبارة اخري بعد الاقرار بكونه للغير تخرج العين عن يده.

(5) فلا بد من اجراء قوانين الدعوي و القضاء.

(6) اذ المفروض ان الاخر يدعي علم المقر بكون المال له فعليه البينة و وظيفة المقر اليمين لكونه منكرا.

(7) فربما يقال ان للحاكم انتزاعه لأنه ولي من لا ولي له و ربما يقال له ابقائها في يده اذ لم يثبت عدوانه.

(8) لأنه مكلف بايصاله الي صاحبها فلا وجه لانتزاعها من يده فلاحظ.

(9) علي ما هو مقتضي قانون الدعاوي من كون البينة علي المدعي و اليمين علي من انكر فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 295

أو أخ أو اخت أو غير ذلك نفذ اقراره مع احتمال صدقه في ما عليه من وجوب انفاق أو حرمة نكاح أو مشاركة في ارث و نحو ذلك (1) و أما بالنسبة الي غير ما عليه من الاحكام ففيه تفصيل

فان كان الاقرار بالولد فيثبت النسب باقراره مع احتمال صدقه و عدم المنازع اذا كان الولد صغيرا و كان تحت يده (2).

______________________________

(1) لنفوذ الاقرار علي النفس مع احتمال الصدق و أما مع عدم احتمال الصدق فلا مجال لنفوذه كما هو ظاهر.

(2) و يمكن الاستدلال بحديث ابن الحجاج قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحميل فقال: و اي شي ء الحميل؟ قال: قلت المرأة تسبي من ارضها و معها الولد الصغير فتقول: هو ابني و الرجل يسبي فيلقي اخاه فيقول هو اخي و ليس لهم بينة الا قولهم قال: فقال ما يقول الناس فيهم عندكم؟ قلت: لا يورثونهم لأنه لم يكن لهم علي ولادتهم بينة و انما هي ولادة الشرك فقال: سبحان اللّه اذا جاءت بابنها أو بابنتها و لم تزل مقرة به و اذا عرف اخاه و كان ذلك في صحة منهما و لم يزالا مقرين بذلك ورث بعضهم من بعض «1».

و ذكر الماتن لاعتبار الاقرار بالولد بحيث يلحق بالمقر شروطا: الاول:

احتمال صدقه في دعواه فانه مع عدم احتمال صدقه لا مجال للأخذ باقراره كما مر آنفا و ان شئت قلت: الاقرار من الامارات و الامارة حجة في صورة احتمال مطابقتها مع الواقع.

الثاني: عدم المنازع و قيل في وجهه: انه يتعارض الاقرار ان مضافا الي النصوص الواردة في وطي الشركاء الامة المبتاعة منها ما رواه معاوية بن عمار

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب ميراث ولد الملاعنة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 296

______________________________

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا وطئ رجلان أو ثلاثة جارية في طهر واحد فولدت فادعوه جميعا اقرع الوالي بينهم فمن قرع كان الولد ولده و يردا قيمة الولد علي

صاحب الجارية قال فان اشتري رجل جارية و جاء رجل فاستحقها و قد ولدت من المشتري رد الجارية عليه و كان له ولدها بقيمته «1».

و منها ما رواه سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قضي علي عليه السلام في ثلاثة وقعوا علي امرأة في طهر واحد و ذلك في الجاهلية قبل أن يظهر الإسلام فأقرع بينهم فجعل الولد للذي قرع و جعل عليه ثلثي الدية للآخرين فضحك رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله حتي بدت نواجده قال: و قال: ما اعلم فيها شيئا الا ما قضي علي عليه السلام «2».

و منها ما رواه الحلبي و محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا وقع الحر و العبد و المشرك بامرأة في طهر واحد فادعوا الولد اقرع بينهم فكان الولد للذي يخرج سهمه «3».

فان تلك النصوص تدل علي لزوم التعيين بالقرعة مع فرض التنازع فتدل علي لزومها في المقام بالاولوية- كما في الجواهر- و يمكن أن يقال: ان مقتضي حديث ابن الحجاج هو الالحاق و لو مع وجود المنازع و لا نري وجها للأولوية المدعاة.

الثالث أن يكون الولد صغيرا كما صرح في الخبر المشار اليه يقوله «و معها الولد الصغير».

الرابع: أن يكون تحت يده و يدل عليه قوله عليه السلام في الخبر «و معها الولد الصغير».

______________________________

(1) الوسائل الباب 57 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 297

و لا يشترط فيه تصديق الصغير (1) و لا يلتفت الي انكاره بعد بلوغه (2) و يثبت بذلك النسب بينهما و بين أولادهما و سائر الطبقات (3) و أما

في غير الولد الصغير فلا أثر للإقرار الا مع تصديق الاخر (4) فان لم يصدقه الاخر لم يثبت النسب (5) و ان صدقه و لا وارث غيرهما توارثا (6) و في ثبوت التوارث مع الوارث الاخر اشكال و الاحتياط لا يترك (7).

______________________________

(1) و عن جامع المقاصد الاجماع عليه و اطلاق الخبر يقتضيه.

(2) بلا خلاف اجده فيه كما اعترف به غير واحد- هكذا في الجواهر- و الوجه في عدم الالتفات ان النسب ثبت قبل البلوغ بالنص فلا وجه لاعتبار انكاره.

(3) فانه مقتضي ثبوت كون الولد ولدا له بمقتضي النص و بعبارة اخري يستفاد من النص ترتب أحكام الولادة منه علي الاطلاق و الذي يختلج بالبال في هذه العجالة انه ان تم المدعي بالإجماع فهو و الا فللمناقشة مجال اذ لا يستفاد من حديث ابن الحجاج العموم فتأمل.

(4) فان الالحاق علي خلاف القاعدة و انما نخرج عن القاعدة بالمقدار المستفاد من النص لاحظ ما رواه الأعرج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجلين حميلين جي ء بهما من أرض الشرك فقال احدهما لصاحبه: أنت أخي فعرفا بذلك ثم اعتقا و مكثا مقرين بالإخاء ثم ان احدهما مات قال: الميراث للأخ يصدقان «1»

(5) كما هو المستفاد من حديث الأعرج.

(6) كما نص به في الخبر.

(7) و الوجه في الاشكال عدم دلالة النص فان الظاهر منه بيان الحكم لصورة

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب ميراث ولد الملاعنة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 298

و كذلك في تعدي التوارث الي غيرهما (1) و لا يترك الاحتياط أيضا فيما لو اقر بولد أو غيره ثم نفاه بعد ذلك (2) الثانية: لو اقر الوارث باولي منه دفع ما في يده اليه

و لو كان مساويا دفع بنسبة نصيبه من الاصل (3) و لو اقر باثنين فتتناكرا لم يلتفت الي تناكرهما فيعمل بالاقرار (4) و لكن تبقي الدعوي قائمة بينهما (5) و لو أقر باولي منه في الميراث ثم أقر باولي من المقر له قبل كما اذا اقر العم بالاخ ثم اقر بالولد فان صدقه دفع الي الثالث و الا فالي الثاني و يغرم للثالث (6) و لو اقر الولد بآخر ثم أقرا بثالث و أنكر الثالث الثاني كان للثالث النصف و للثاني السدس (7).

______________________________

انحصار الوارث.

(1) لا يبعد أن يكون وجه الاشكال اختصاص الدليل بهما و لا دليل علي التعدي.

(2) الظاهر ان منشأ الاشكال قوله في الحديث «و لم تزل مقرة به» و قوله عليه السلام أيضا «و لا يزالا مقرين بذلك» فيستفاد من الرواية اشتراط دوام الاقرار و عدم النفي و اللّه العالم.

(3) فان اقراره بالنسبة الي ما في يده نافذ من باب نفوذ اقرار العقلاء.

(4) فان مقتضي نفوذ الاقرار دفع ما في يده اليهما.

(5) كما هو ظاهر فانها باقية الي أن ترتفع بالاسباب الشرعية.

(6) كما مر الكلام في نظير المقام مع ما سبق من الاشكال فراجع.

(7) بتقريب ان ارث الثالث ثابت باعتراف الاولين فهو احد الاثنين المتفق عليهما فيكون له النصف و للأول الثلث لأنه باعترافه احد الثلاثة فليس له الا ثلث التركة و يبقي للثاني السدس.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 299

و لو كانا معلومي النسب لا يلتفت الي انكاره (1) الثالثة يثبت النسب بشهادة عدلين (2) لا برجل و امراتين و لا برجل و يمين (3) و لو شهد الاخوان بابن للميت و كانا عدلين كان أولي منهما و يثبت النسب (4) و لو

كانا فاسقين يثبت الميراث اذا لم يكن لهما ثالث (5) دون النسب (6).

[كتاب الوكالة]

اشارة

كتاب الوكالة و لا بد فيها من الإيجاب و القبول (7).

______________________________

و لا يبعد أن يقال بقسمة المال بينهم اثلاثا فان اقرار الأولين بثالث ليس الا اقرارا باستحقاقه ثلث المال فلا يستحق الا بهذا المقدار و لا أثر لإنكاره نسب الثاني فلاحظ و اللّه العالم بحقايق الامور.

(1) كما هو ظاهر فلا تغفل.

(2) بلا كلام لعموم حجية البينة.

(3) فان قبول الشهادة و اثبات المشهود بها يحتاج الي الدليل و لا دليل عليه في المقام.

(4) لحجية البينة.

(5) لنفوذ الاقرار.

(6) لعدم الدليل علي الاعتبار فلاحظ و الحمد للّه اولا و آخرا و ظاهرا و باطنا.

(7) أفاد السيد اليزدي قدس سره بأنه «لا يشترط في الوكالة القبول و لذا نري انه لو قال وكلتك في بيع داري فباعها صح بيع الدار و الظاهر الصحة و لو مع غفلة البائع عن الوكالة و قصد النيابة و هذا دليل عدم تقوم الوكالة بالقبول و أيضا نري انه لو و كله و هو غائب في أمر فقبل الوكيل الوكالة بعد مضي ايام تصح و الحال

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 300

______________________________

انه لا يجوز الفصل بين الايجاب و القبول فالحق أن يقال: ان الوكالة تتحقق بالايجاب و القبول تارة و بالاذن في التصرف اخري» هذا ملخص كلامه رفع في علو مقامه.

و يمكن أن يرد علي ما أفاده اولا: بأن صحة البيع لا تدل علي تحقق الوكالة بدون القبول بل الصحة من باب خروج البيع عن الفضولية بالاذن الصادر من المالك و يرد علي ما أفاده ثانيا: انه لا دليل علي اشتراط كون القبول متصلا بالايجاب بل يجوز الفصل مع بقاء الايجاب بقوته

السابقة و لذا نري صحة الهدية و الهبة و لو مع عدم اتصال قبولهما بل تجوز ان و لو مع الفصل الزماني الطويل

و ربما يستدل علي اشتراط القبول فيها بأنه اذا تحققت بلا قبول يلزم التصرف في نفس الغير بدون رضاه و هذا ينافي سلطنة كل احد علي نفسه و فيه اولا: انه لا اشكال في أن الاذن في التصرف يقتضي أن يصير المأذون مأذونا في التصرف بلا اختيار منه و هل يمكن أن يقال: انه لا يتحقق الاذن و لا يصير المأذون مأذونا؟ لأنه يلزم أن يكون الشخص مسلطا علي الغير علي خلاف قانون سلطنة كل احد علي نفسه. و ثانيا لا بد من ملاحظة الدليل فان اقتضي تحقق الوكالة بلا قبول نلتزم و إلا فلا.

اذا عرفت ما تقدم نقول الذي يخطر بالبال أن يقال: ان الوكالة من العقود الامضائية و هي أمر رائج بين العقلاء و الظاهر تقومها بالايجاب و القبول و لا تتحقق الوكالة بلا قبول و لو التزمنا بعدم قوامها بالقبول و قلنا بتحققها بمجرد الايجاب، يلزم تحققها دائما بالايجاب و لا مجال لأن يقال: انها علي قسمين: تتحقق تارة بالايجاب و القبول و تتحقق اخري بالايجاب فقط، اذ مع تحققها بالايجاب لا تصل النوبة الي القبول.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 301

و ان كان فعلا (1) أو متأخرا (2) و لا يشترط فيها التنجيز فلو علقها علي شرط غير حاصل حال العقد أو مجهول الحصول حينه فالظاهر الصحة (3) و يصح تصرف الوكيل حينئذ عند تحقق الشرط (4) و هي جائزة من الطرفين (5).

______________________________

و بعبارة اخري مع تحققها بالايجاب يكون القبول الواقع بعدها أمرا اجنبيا عنها فصفوة القول: انه تارة يتحقق

الاذن و اخري تتحقق الوكالة أما علي الأول فلا يحتاج الي القبول كما هو ظاهر و أما علي الثاني فيحتاج الي القبول و اللّه العالم

(1) اذ لا يشترط في تحققه اللفظ بل يصدق و لو بالقبول الفعلي فيترتب عليه أثره.

(2) بلا اشكال اذ لا دليل علي اشتراط التوالي بين ايجابها و قبولها بل تصدق و لو مع الفصل بين الايجاب و القبول و هذا العرف ببابك و هذه السيرة العقلائية نصب عينك.

(3) بتقريب: انه لا دليل علي اشتراط التنجيز في العقود الا الاجماع و القدر المعلوم منه غير المقام و لكن ادعي الاجماع علي الاشتراط في خصوص المقام الا أن يقال: انه ليس اجماعا محصلا بل غايته الاجماع المنقول و لا اعتبار به مضافا الي أنه لو فرض تحصيله يكون محتمل المدرك فلا يكون اجماعا تعبديا كاشفا عن رأيه عليه السلام.

(4) اذ المفروض ان دائرة الوكالة مضيقة و الاذن في التصرف في اطار خاص

(5) بلا خلاف اجده بل الاجماع بقسميه عليه- هكذا في الجواهر- فاذا ثبت الاجماع التعبدي الكاشف عن رأي المعصوم فهو و الا فيشكل الجزم بالمدعي لأن مقتضي اصالة اللزوم في كافة العقود المستفادة من قوله تعالي أَوْفُوا بِالْعُقُودِ «1»

______________________________

(1) المائدة 1/

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 302

و لكن يعتبر في عزل الموكل له اعلامه به فلو تصرف قبل علمه به صح تصرفه (1) و تبطل بالموت (2).

______________________________

ان كل عقد لازم الا ما خرج بالدليل نعم بالنسبة الي الموكل فقد دلت جملة من النصوص علي جواز عزله الوكيل:

منها: ما رواه معاوية بن وهب و جابر بن يزيد جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: من وكل رجلا علي امضاء امر من الامور

فالوكالة ثابتة ابدا حتي يعلمه بالخروج منها كما أعلمه بالدخول فيها «1».

و منها ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل و كل آخر علي وكالة في أمر من الامور و أشهد له بذلك شاهدين فقام الوكيل فخرج لإمضاء الأمر فقال: أشهدوا اني قد عزلت فلانا عن الوكالة فقال: ان كان الوكيل أمضي الأمر الذي و كل فيه قبل العزل فان الأمر واقع ماض علي ما امضاه الوكيل كره الموكل أم رضي «2».

(1) كما يستفاد من النص لاحظ حديث ابن وهب المتقدم ذكره آنفا و يدل علي المدعي أيضا حديث هشام المتقدم.

(2) أما بموت الوكيل فلا اشكال في البطلان لعدم ما يقتضي انتقالها بالارث الي وارثه و أما بموت الموكل فيظهر من كلام الجواهر ان البطلان مورد الاجماع و ذكر في وجه البطلان أيضا: ان المال ينتقل بالموت الي الوارث فلا وجه لجواز تصرف الوكيل. و اورد فيه بأنه لا يتم المدعي في الثلث و الحق أن يقال: ان الوكيل نائب عن الموكل و المفروض ان الموكل بنفسه معزول عن التصرف فلا مجال للنيابة فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أحكام الوكالة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 2 من أحكام الوكالة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 303

و تلف متعلقها (1) و فعل الموكل (2) و تبطل الوكالة بجنون الموكل (3) و باغمائه حال جنونه و اغمائه (4) و في بطلانها مطلقا حتي بعد رجوع العقل و الافاقة اشكال (5) و تصح الوكالة فيما لا يتعلق غرض الشارع بايقاعه مباشرة و يعلم ذلك ببناء العرف و المتشرعة عليه (6) و لا يتعدي الوكيل الماذون حتي في تخصيص السوق الا اذا علم انه

ذكره من باب احد الافراد (7) و لو عمم التصرف صح مع المصلحة (8) الا في الاقرار (9

______________________________

(1) لانتفاء الموضوع و مع انتفائه لا مجال لبقائها كما هو ظاهر.

(2) الكلام فيه هو الكلام فلاحظ.

(3) اذ المجنون لا يترتب اثر علي تصرفاته فكيف بتصرف وكيله مضافا الي الاجماع المدعي في المقام.

(4) العمدة في وجه الاستدلال هو الاجماع المدعي في المقام و ربما يقال:

ان الوكيل نائب عن الموكل و مع سقوط الموكل عن الاعتبار لا مجال لتصرف نائبه و وكيله نعم في النائم و السكران نقطع ببقائها و عدم بطلانها.

(5) تظهر من عبارة الأصحاب بطلانها بهما و مع فرض البطلان لا دليل علي رجوعها، و ملخص الكلام ان المدرك الاجماع و التسالم المدعي.

(6) كما هو ظاهر فانه يعلم من السيرة العقلائية و سيرة المتشرعة.

(7) كما هو ظاهر اذ ميزان الجواز و عدمه منوط باذنه.

(8) اذ لا وجه للتقييد و عدم العموم بل ان ثبت الاجماع علي البطلان في صورة عدم المصلحة فهو و الا لكان للالتزام بالصحة مجال الا أن يقال: انه لا دليل علي التعميم فالقصور في المقتضي.

(9) ان ثبت اجماع تعبدي علي عدم الجواز فهو و الا فيمكن أن يكون الوجه

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 304

نعم اذا قال انت وكيلي في ان تقر علي بكذا لزيد مثلا كان هذا اقرارا منه لزيد به (1) و الاطلاق يقتضي البيع حالا بثمن المثل بنقد البلد و ابتياع الصحيح و تسليم المبيع و تسليم الثمن بالشراء و الرد بالعيب (2) و لا يقتضي وكالة الخصومة عند القاضي الوكالة في القبض و كذلك العكس (3) و يشترط اهلية التصرف في الوكيل و الموكل (4) فيصح توكيل الصغير فيما جاز

له مباشرته كالوصية اذا بلغ عشرا (5).

______________________________

فيه عدم جريان الوكالة فيه و انه غير قابل للتوكيل فيه بل لا يتحقق الا بالمباشرة و يمكن أن يكون الوجه في المنع ان نفوذ الاقرار علي المقر، مختص بصورة المباشرة و اللّه العالم.

(1) فانه مصداق للإقرار فيؤخذ به.

(2) فان الظاهر لو لا القرينة يقتضي ذلك و بعبارة اخري الطبع الأولي في المعاملات يقتضي هكذا و عليه تحقق الوكالة في غير النحو المذكور يتوقف علي الاثبات.

(3) لعدم الدليل و كل منهما اعم من الاخر فثبوت الوكالة في احدهما لا يستلزم تحققها في الاخر.

(4) بلا اشكال و لا كلام.

(5) اذ بعد قيام الدليل علي جواز وصيته علي ما هو المقرر عندهم في كتاب الوصية من جواز وصيته اذا كان له عشر سنين يجوز توكيله اذ يبعد أن تكون المباشرة شرطا بل يمكن أن يستدل علي المدعي باطلاق ما دل علي جواز وصيته فان مقتضي الاطلاق جوازها مباشرة و توكيلا لاحظ ما رواه أبو بصير يعني المرادي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: اذ بلغ الغلام عشر سنين و أوصي بثلث ماله في

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 305

و يجوز أن يكون الصغير وكيلا و لو بدون اذن وليه (1) و لو وكل العبد

______________________________

حق جازت وصيته و اذا كان ابن سبع سنين فأوصي من ماله باليسير في حق جازت وصيته «1».

(1) بتقريب انه لا دليل علي سلب عبارته و إنشائه و فيه انه قد دل الدليل عليه لاحظ ما رواه ابن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال عمد الصبي و خطاه واحد «2» فان المستفاد من الحديث ان عمد الصبي في حكم خطائه و تخصيص الرواية بباب الجنايات

لا وجه له.

بل يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الغلام متي تجب عليه الصلاة؟ قال: اذا أتي عليه ثلاث عشرة سنة، فان احتلم قبل ذلك فقد وجبت عليه الصلاة و جري عليه القلم و الجارية مثل ذلك ان اتي لها ثلاث عشرة سنة أو حاضت قبل ذلك فقد وجبت عليها الصلاة و جري عليها القلم «3».

فان المستفاد من الحديث ان القلم علي الاطلاق مرفوع عن الصبي فلا يترتب علي افعاله اثر و بعبارة اخري: القلم مرفوع عنه بلا فرق بين التكليف و الوضع و لا وجه للالتزام بأنه مخصوص بالتكليف و علي هذا الأساس لا فرق بين كونه مأذونا من وليه و بين أن لا يكون.

قال في الجواهر: «لا تصح وكالة الصبي لسلب عبارته و فعله فضلا عن عدم جواز تصرفه مميزا كان أو لم يكن اذن فيه وليه أو لم يأذن كما عرفته غير مرة «4»

______________________________

(1) الوسائل الباب 44 من ابواب الوصايا الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 11 من ابواب العاقلة الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 12

(4) الجواهر ج 27 ص: 387

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 306

باذن مولاه صح (1) و لا يوكل الوكيل بغير اذن الموكل (2) و للحاكم التوكيل عن السفهاء و البله (3) و يستحب لذوي المروات التوكيل في مهماتهم (4).

______________________________

فان المستفاد من كلامه ان توكيله باطل لسلب عبارته و حكم الأمثال واحد فلاحظ و قال أيضا في شروط الوكيل: «و يعتبر فيه البلوغ و كمال العقل بلا خلاف و لا اشكال» «1».

(1) قال في الجواهر: «لا اشكال و لا خلاف في أنه يجوز وكالة العبد

اذا اذن له مولاه للعمومات» الخ «2» و الأمر كما افاده.

(2) بلا اشكال فان الأمر و الاختيار بيد الموكل فلا بد من اذنه و بدون اذنه لا يصح.

(3) فانه وليهم فله التوكيل عنهم و يمكن أن يقال: ان الحاكم حيث انه وليهم فتارة يقيم بأمرهم مباشرة و اخري يوكل غيره فالوكيل وكيل للحاكم لا لهم فلاحظ

(4) الذي يخطر ببالي القاصر عاجلا انهم يستحب لهم أن يحفظوا كرامتهم كي لا يهانوا فيستحب التوكيل فتأمل مضافا الي بعض النصوص منها: ما روي انه صلي اللّه عليه و آله و كل عمرو بن امية الضميري في قبول نكاح أم حبيبة و كانت بالحبشة و وكل أبا رافع في قبول نكاح ميمونة بنت الحرث الهلالية خالة عبد اللّه بن العباس و وكل عروة بن الجعد البارقي في شراء شاة الاضحية و وكل السعاة في قبض الصدقات «3».

و منها ما روي ان عليا عليه السلام و كل اخاه عقيلا في مجلس أبي بكر أو عمرو قال: هذا عقيل فما قضي عليه فعلي و ما قضي له فلي و وكل عبد اللّه بن جعفر في مجلس عثمان 4.

______________________________

(1) الجواهر ج 27 ص: 393

(2) الجواهر ج 27 ص: 395

(3) (3 و 4) مستدرك الوسائل الباب 20 من أبواب الاجارة الحديث: 3 و 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 307

و لا يتوكل الذمي علي المشهور و لكن الاظهر الجواز (1) و لا يضمن الوكيل الا بتعد أو تفريط (2) و لا تبطل وكالته به (3) و القول قوله مع اليمين

______________________________

(1) لعدم ما يقتضي المنع و نفي سبيل الكافر علي المسلم لا يرتبط بالمقام و امثاله.

(2) قال في الجواهر: «لا خلاف بين المسلمين و لا

اشكال في أن الوكيل سواء كان بجعل أو غيره كما هو صريح بعض و ظاهر الباقين امين بالنسبة الي أنه لا يضمن ما تلف في يده الا مع التفريط او التعدي كغيره من الأمناء» الخ.

و تدل علي عدم ضمان الامين جملة من النصوص منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال اذا هلكت العارية عند المستعير لم يضمنه الا أن يكون اشترط عليه «1».

و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن العارية فقال لا غرم علي مستعير عارية اذا هلكت اذا كان مأمونا «2».

و منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن العارية يستعيرها الانسان فتهلك أو تسرق فقال: ان كان امينا فلا غرم عليه «3» و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: صاحب الوديعة و البضاعة مؤتمنان و قال: ليس علي مستعير عارية ضمان و صاحب العارية و الوديعة مؤتمن «4»

(3) لعدم التنافي بين صيرورة اليد يد ضمان و بقاء وكالته علي ما هي عليها لا من جهة بقائها بالاستصحاب كي يقال: ان الاستصحاب الجاري في الشبهة الحكمية

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من العارية الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 308

و عدم البينة في عدمه (1) و في العزل و العلم به (2) و التصرف (3) و في الرد اشكال و الاظهر العدم (4).

______________________________

معارض بعدم الجعل الزائد بل من جهة ان الوكالة اذا ثبتت لا تزول الا بالرافع.

(1) اذ العدم موافق للأصل فالقول قول منكر التفريط و الافراط.

(2) الكلام فيهما هو

الكلام فان مقتضي الاصل عدم العزل كما ان مقتضاه عدم حصول العلم به.

(3) الذي وكل فيه و انكر ذلك الموكل مثل أن يقول: بعت المتاع و تلف الثمن مني أو قال: قبضت له و تلف مني و انكر ذلك الموكل و يترتب علي الأول غرامة الوكيل المبيع عينا أو قيمة و في الثاني عدم غرامة الثمن من الموكل لكون المبيع تلف قبل قبضه فربما يقال: بأن القول قول الموكل لكون قوله موافق للأصل و عن جامع المقاصد انه امتن دليلا و عن مجمع البرهان كأنه أظهر.

و في قبال هذه الاستدلالات يمكن أن يقال: ان القول قول الوكيل لقاعدة من ملك شيئا ملك الاقرار به و لأنه امين قد نهي عن تخوينه الذي منه تكذيبه لاحظ ما رواه مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ليس لك أن تتهم من ائتمنته و لا تأتمن الخائن و قد جربته «1»، و انه محسن و ليس عليه من سبيل و ان في عدم تصديقه العسر و الحرج المنفيين بالدليل و اختلال نظام المعاملات بانصراف رغبة الناس عن معاملات الأولياء و الوكلاء و المأذونين خصوصا في المضاربات و لأن الموكل بتوكيله اقدم علي قبول قوله فيما يفعل فيجب أن يصدقه كما الزم بتصديقه في دعوي التلف التي يكون الملاك فيها كونه امينا و صاحب يد علي ما اؤتمن فيه فلاحظ.

(4) الظاهر ان منشأ الاشكال انه يقبل قول الودعي عند الأصحاب في الرد و المقام

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب الوديعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 309

و لو ادعي الوكيل التلف فالقول قوله الا اذا كان متهما فيطالب بالبينة (1) و القول قول منكر الوكالة (2)

و قول الموكل لو ادعي الوكيل الاذن في البيع بثمن معين فان وجدت العين استعيدت فان فقدت أو تعذرت

______________________________

كذلك من حيث الاحسان فالقول قوله و من ناحية اخري ان قوله مخالف الأصل فعليه البينة و لا وجه لقياسه علي الودعي و لا يبعد ان هذا اقرب باصول المذهب كما في كلام المحقق قدس سره.

(1) لا يبعد أن يكون التفصيل المذكور في المتن مستفادا من جملة من النصوص لاحظ ما رواه أبو بصير يعني المرادي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يضمن الصائغ و لا القصار و لا الحائك الا أن يكونوا متهمين فيخوف فيجيئون بالبينة و يستحلف لعله يستخرج منه شيئا و في رجل استأجر جمالا فيكسر الذي يحمل أو يحريقه فقال علي نحو من العامل ان كان مأمونا فليس عليه شي ء و ان كان غير مأمون فهو ضامن «1».

و ما رواه أبو بصير أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان علي عليه السلام يضمن القصار و الصائغ يحتاط به علي أموال الناس و كان أبو جعفر عليه السلام يتفضل عليه اذا كان مأمونا «2» و ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن الصباغ و القصار فقال: ليس يضمنان قال الشيخ يعني اذا كانا مأمونين فاما اذا اتهما ضمنا بحسب ما قدمنا «3»، فان المستفاد من هذه الروايات انه مع الاتهام يجب علي الأمين اقامة البينة.

(2) لأن قوله موافق للأصل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من الاجارة الحديث: 11

(2) نفس المصدر الحديث 12

(3) نفس المصدر الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 310

فالمثل أو القيمة ان لم يكن مثليا (1) و لو زوجه فانكر الموكل الوكالة حلف (2)

و علي الوكيل نصف المهر لها (3).

______________________________

(1) فان الأصل عدم الاذن و مع عدم الاذن يتحقق الضمان بالمثل في المثلي و بالقيمة في القيمي علي ما هو المقرر عند القوم.

(2) فان اليمين علي من انكر فما افاده علي طبق القاعدة.

(3) استدل علي المدعي بجملة من النصوص: منها ما رواه عمر بن حنظلة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل قال لاخر: اخطب لي فلانة فما فعلت من شي ء مما قاولت من صداق أو ضمنت من شي ء أو شرطت فذلك لي رضا و هو لازم لي و لم يشهد علي ذلك فذهب فخطب له و بذل عنه الصداق و غير ذلك مما طالبوه و سألوه فلما رجع اليه أنكر ذلك كله قال: يغرم لها نصف الصداق عنه و ذلك انه هو الذي ضيع حقها الحديث «1» و هذه الرواية ضعيفة بعمر بن حنظلة.

و منها ما رواه ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام انه سأله عن رجل زوجته امه و هو غائب قال النكاح جائزان شاء المتزوج قبل و ان شاء ترك فان ترك المتزوج تزويجه فالمهر لازم لأمه «2».

و منها ما رواه أبو عبيدة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل امر رجلا أن يزوجه امرأة من اهل البصرة من بني تميم فزوجه امرأة من اهل الكوفة من بني تميم قال: خالف امره و علي المأمور نصف الصداق لأهل المرأة و لا عدة عليها و لا ميراث بينهما فقال بعض من حضر: فان أمره أن يزوجه امرأة و لم يسم أرضا و لا قبيلة ثم جحد الامر أنه يكون أمره بذلك بعد ما زوجه فقال: ان كان للمأمور بينة ان كان

أمره أن يزوجه كان الصداق علي الأمر و إن لم يكن له بينة كان الصداق علي المأمور لأهل المرأة

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الوكالة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب عقد النكاح و أوليائه الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 311

و علي الموكل ان كان كاذبا في انكاره الزوجية طلاقها (1) و لو لم يفعل و قد علمت بكذبه رفعت امرها الي الحاكم ليطلقها بعد امر الزوج بالانفاق عليها و امتناعه (2) و لو وكل اثنين لم يكن لأحدهما الانفراد بالتصرف الا اذا كانت هناك دلالة علي توكيل كل منهما علي الاستقلال (3) و لا تثبت الا بشاهدين عدلين (4).

______________________________

و لا ميراث بينهما و لا عدة عليها و لها نصف الصداق ان كان فرضا لها صداقا «1» و السند معتبر.

(1) لا اشكال في حرمة التكذيب كما انه لا اشكال في وجوب القيام بوظائف الزوجية و أما وجوب الطلاق فلم يظهر لي وجهه الا أن يقال: انها تقع في الحرام اذا لم يطلقها و فيه ان الدليل أخص من المدعي مضافا الي ما فيه من الاشكال.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 9، ص: 311

(2) قد تعرض الماتن لحكم من لا ينفق علي زوجته في المسألة (4) من مسائل النفقات و قد شرحنا كلامه هناك فراجع ما ذكرناه هناك.

(3) كما هو ظاهر اذ الأمر بيد الموكل و باختياره و لا يجوز التخطي عن امره فلو كانت الوكالة للمجموع لم يكن لواحد الاقدام بالانفراد الا مع قيام دليل علي استقلال كل منهما منفردا عن الاخر.

(4) لا يبعد أن يكون الماتن

ناظرا الي صورة النزاع و الاختلاف و بعبارة اخري: تارة يقع الكلام في أن الوكالة بأي طريق تثبت و اخري في اثباتها عند المرافعة أما في الصورة الأولي فطريق اثباتها كبقية الموضوعات الخارجية و أما اثباتها في صورة المخاصمة و الادعاء و الانكار فتحقيق الحال موكول الي كتاب القضاء و يمكن أن يكون الماتن ناظرا الي أن مقتضي الأصل الأولي عدم الثبوت و انما نلتزم بثبوت الموضوعات بقول الثقة بالسيرة العقلائية فلا بد من الاقتصار

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب عقد النكاح و أولياء العقد

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 312

و لو اخر الوكيل التسليم مع القدرة و المطالبة ضمن (1).

[مسألة: الوكيل المفوض إليه المعاملة بحكم المالك يرجع عليه البائع بالثمن و يرجع عليه المشتري بالمثمن]

(مسألة): الوكيل المفوض اليه المعاملة بحكم المالك يرجع عليه البائع بالثمن و يرجع عليه المشتري بالمثمن و ترد عليه العين بالفسخ بعيب و نحوه و يؤخذ منه العوض (2).

[كتاب الهبة]

اشارة

كتاب الهبة و تصح في الاعيان المملوكة و ان كانت مشاعة (3).

______________________________

علي مقدار تحققها و بعبارة اخري: لا مجال للأخذ بالاطلاق أو العموم فمع الشك لا بد من اشتراط قيام البينة و اللّه العالم.

(1) اذ بالتأخير المذكور تصير يده يد عدوان موجب للضمان.

(2) الأمر كما افاده فان معني الوكيل المفوض ما ذكر هذا تمام الكلام في الوكالة و قد حصل الفراغ من كتابتها في يوم الجمعة الرابع و العشرين من شهر رجب من السنة 1409 علي مهاجرها آلاف التحية و الثناء.

(3) بلا خلاف كما في بعض الكلمات بل حكي عليه الاجماع و الظاهر انه لا مجال للإشكال و السيرة الجارية عليها بلا نكير اقوي شاهد علي المدعي هذا بالنسبة الي الاعيان الشخصية غير المشاعة التي هي القدر المتيقن من جواز الهبة بالنسبة اليها و بالنسبة الي المشاع فمضافا الي ما تقدم يمكن الاستدلال عليه بما ما رواه عمر الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن دار لم تقسم فتصدق بعض أهل الدار بنصيبه من الدار، قال: يجوز قلت: أ رأيت ان كانت هبة، قال يجوز الحديث «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من ابواب أحكام الهبات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 313

و لا تبعد أيضا صحة هبة ما في الذمة لغير من هو عليه و يكون قبضه بقبض مصداقه (1) و لا بد في الهبة من ايجاب و قبول (2).

______________________________

(1) قال صاحب العروة قدس سره، و أما هبته لغير من عليه فالمشهور عدم صحتها

الخ و استدل لعدم الصحة بأن القبض شرط في صحة الهبة و ما في الذمة غير قابل للقبض و الفرد الخارجي ليس هو الكلي بل فرده و بعبارة اخري الذي تعلق به الهبة هو الكلي و الذي تعلق به القبض الفرد الخارجي.

و أجيب عن الاشكال بأن الكلي الطبيعي موجود بوجود الأفراد فاقباض الكلي و قبضه قابل باقباض فرده و قبضه فلا اشكال.

و الذي يختلج بالبال أن يقال ان الاشكال كل الاشكال من ناحية المقتضي فان الالتزام بالصحة يتوقف علي دليل يدل علي النحو العام أو الخاص علي الصحة و الا فعدم الجواز علي طبق القاعدة الأولية و استدل علي الجواز بما رواه صفوان بن يحيي قال: سألت الرضا عليه السلام عن رجل كان له علي رجل مال فوهبه لولده فذكر له الرجل المال الذي له عليه، فقال: انه ليس عليك منه شي ء في الدنيا و الآخرة، يطيب ذلك له و قد كان وهبه لولد له قال: نعم يكون وهبه له ثم نزعه فجعله لهذا «1».

بتقريب ان المستفاد من الحديث انه يجوز هبة ما في ذمة الغير للولد فلا مانع من هبة ما في الذمة.

ان قلت الهبة للولد لا يجوز الرجوع فيها قلت الهبة مشروطة بالقبض و المفروض عدم تحقق القبض و اطلاق النزع باعتبار العقد لا باعتبار القبض.

(2) ربما يستدل علي المدعي بأن الهبة تمليك و تملك فيلزم فيها الايجاب من طرف و القبول من طرف آخر و فيه انه مصادرة فالأولي في مقام الاستدلال أن يقال

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أحكام الهبات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 314

و لو معاطاة (1) من المكلف الحر (2) و لو وهبه ما في ذمته كان ابراء

(3) و يشترط فيها القبض (4).

______________________________

الهبة لا تكون أمرا تأسيسيا من قبل الشارع الأقدس بل الهبة امر عقلائي دائرة فيما بين العرف و العقلاء و الشارع الأقدس أمضاها و لا اشكال في أنها مركبة من الايجاب و القبول عند العرف فلا اشكال في توقفها علي الايجاب و القبول.

(1) كما عليه السيرة و يكفي اطلاق الدليل أيضا لاحظ ما رواه ابراهيم بن عبد الحميد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أنت بالخيار في الهبة ما دامت في يدك، فاذا خرجت الي صاحبها فليس لك أن ترجع فيها الحديث «1».

(2) فان العبد لا يقدر علي شي ء.

(3) ان كان المراد من العبارة ان النتيجة الابراء فتام اذ نتيجة تملك الانسان لما في ذمته سقوط ما فيها فتكون الهبة كالإبراء من حيث النتيجة و أما ان كان المراد ان هبة ما في الذمة في المقام عبارة عن الابراء فغير تام اذ الهبة عبارة عن التمليك و التملك كما تقدم و ليست مصداقا للإبراء و يظهر من كلام الجواهر انها صحيحة بلا خلاف قال قدس سره: «بل في بعض كتب مشايخنا ظاهر هم الاتفاق عليه» الخ

و يدل علي الجواز ما رواه معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون له علي الرجل الدراهم فيهبها له، أله أن يرجع فيها قال:

لا «2».

(4) كما هو المعروف بينهم و يدل علي المدعي بعض النصوص، منها ما رواه ابان عمن أخبره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: النحل و الهبة ما لم تقبض حتي يموت صاحبها، قال: هي بمنزلة الميراث، و ان كان لصبي في حجره و أشهد عليه فهو

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من احكام الهبات الحديث:

6

(2) الوسائل الباب 1 من احكام الهبات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 315

______________________________

جائز «1».

و منها ما رواه داود بن الحصين عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الهبة و النحلة ما لم تقبض حتي يموت صاحبها قال: هي ميراث الحديث «2».

و منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الهبة لا تكون أبدا هبة حتي يقبضها، و الصدقة جائزة عليه الحديث «3».

فان المستفاد من هذه النصوص بقاء الموهوب في ملك الواهب ما لم يقبض و لذا يكون ميراثا لو مات الواهب قبل القبض و ربما يقال: ان مقتضي قوله تعالي «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» «4»، الصحة قبل القبض بتقريب ان المستفاد من الاية وجوب الوفاء بالعقد و العقد يتحقق قبل القبض.

و فيه ان الاية الشريفة دليل اللزوم لا الصحة و علي تقدير الدلالة علي الصحة لا بد من تخصيصها بما مر من النصوص و ربما يقال: ان المستفاد من حديث عبد الرحمن بن سيابة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا تصدق الرجل بصدقة أو هبة قبضها صاحبها أو لم يقبضها علمت أو لم تعلم فهي جائزة «5».

و حديث أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: الهبة جائزة قبضت أو لم تقبض، قسمت أو لم تقسم و النحل لا تجوز حتي تقبض، و انما أراد الناس ذلك فأخطئوا «6»، الصحة قبل القبض.

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أحكام الهبات الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) المائدة/ 1

(5) الوسائل الباب 4 من أبواب أحكام الهبات الحديث: 3

(6) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 316

______________________________

و فيه ان المستفاد من الحديثين عدم اللزوم

و هو كذلك و ان أبيت عن ذلك فغاية المستفاد منهما الصحة قبل القبض بمقتضي الظهور العرفي، لكن ترفع اليد عن الظهور بما دل صريحا من النصوص علي عدم تحقق الصحة قبل القبض و بما ذكرنا يظهر الجواب عن حديث ابي مريم «1».

لكن لو قطعنا النظر عن الجواب الأول لا يكون الجواب الثاني تاما لأنه قد صرح في الرواية بكونه جائزة قبل القبض و بعد القبض فكيف يمكن تخصيصها بما بعد القبض فالعمدة في رفع الاشكال الجواب الأول بأن نقول المراد بالجواز عدم كونها لازمة قال الشيخ قدس سره في الخلاف: «الهبة لا تلزم الا بالقبض» فالجواز المذكور في الحديث ما يقابل اللزوم لكن يمكن أن يقال ان الجواز متفرع علي الصحة.

و بعبارة اخري: الجواز متقوم بالصحة فالتعارض بحاله و الترجيح بمخالفة القوم مع ما دل علي عدم اشتراط القبض فان الشيخ قدس سره بعد ما قال «الهبة لا تلزم الا بالقبض» قال: «و به قال في الصحابة ابو بكر و عمر و عثمان و ابن عمر و ابن عباس و معاذ القارئ و انس و عائشة و لا نعرف لهم مخالفا و به قال الشافعي» الخ فمقتضي الصناعة عدم الاشتراط الا أن يتم المدعي بالتسالم و الإجماع و اللّه العالم.

و قد ذكرنا اخيرا انه لا دليل علي الترجيح لا بموافقة الكتاب و لا بمخالفة القوم بل الترجيح منحصر في الاحدثية و حيث ان الاحدث غير معلوم يدخل المقام في اشتباه الحجة بلا حجة فتصل النوبة الي الاصل العملي و مقتضاه عدم الصحة الا بالقبض و بعبارة اخري: مقتضي الاصل عدم تحقق الملكية الا بالقبض فلاحظ

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 317

و

لا بد فيه من أذن الواهب (1) الا أن يهبه ما في يده فلا حاجة حينئذ الي قبض جديد (2) و للأب و الجد ولاية القبول و القبض عن الصغير (3).

______________________________

(1) كما هو المشهور و عن الجواهر عليه الاجماع بقسميه و عن المسالك انه لا خلاف فيه عندنا و يمكن الاستدلال علي المدعي مضافا الي الاجماع المدعي و عدم الخلاف و الشهرة بما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الهبة لا تكون أبدا هبة حتي يقبضها و الصدقة جائزة عليه الحديث «1».

فان المستفاد من الحديث توقف الصحة علي اقباض الواهب اياها فان قوله عليه السلام «حتي يقبضها» يقتضي أن يكون القبض باذن الواهب اضف الي ذلك أن المفروض عدم صحة الهبة قبل القبض فالموهوب باق في ملك الواهب قبل القبض فيكون قبضه بلا اذن الواهب حراما و تصرفا في ملك الغير و معه كيف يمكن أن يكون مملكا.

لكن هذه الرواية طرف المعارضة فكيف يمكن جعلها دليلا علي المدعي فنقول مضافا الي الاجماع المدعي و عدم الخلاف كذلك يمكن اثبات الدعوي بالاصل بالتقريب المتقدم.

(2) اذ الشرط و هو القبض حاصل فلا مقتضي لتجديد القبض.

(3) فانهما وليان علي الصغير فمقتضي القاعدة الجواز مضافا الي النص الخاص لاحظ ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام «2» و لاحظ ما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الصدقة اذا لم تقبض هل تجوز لصاحبها؟ قال: اذا كان أب تصدق بها علي ولد صغير فانها جائزة لأنه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) لاحظ ص: 315

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 318

و المجنون اذا بلغ مجنونا (1) أما لو

جن بعد البلوغ فولاية القبول و القبض للحاكم (2) و لو وهب الولي أحدهما و كانت العين الموهوبة بيد الولي لم يحتج الي قبض جديد (3) و ليس للواهب الرجوع بعد الاقباض ان كانت لذي رحم (4).

______________________________

يقبض لولده اذا كان صغيرا، و اذا كان ولدا كبيرا فلا يجوز له حتي يقبض الحديث «1».

(1) بتقريب أن الولاية ثابتة قبل البلوغ فاذا جن بالغا يجري استصحاب بقاء الولاية و فيه ان الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باستصحاب عدم جعل الزائد لكن يمكن الاستدلال علي المدعي بما دل علي ولاية الأب علي الطلاق و النكاح بتقريب الأولوية فلاحظ.

(2) لا يبعد أن يكون وجه التفريق ان ولايته عليه في الجنون المتصل بزمان عدم بلوغه مورد التسالم و أما في الجنون العارض بعد البلوغ فلا اجماع فتصل النوبة الي الحاكم الشرعي و هو الولي العام فانه يظهر من كلام الجواهر في كتاب الحجر ان كون الولاية للحاكم مع تجدد الجنون بعد البلوغ مورد الاجماع.

(3) اذ المفروض تحقق القبض فلا وجه للتجديد.

(4) لجملة من النصوص، منها ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه و عبد اللّه بن سليمان (سنان) جميعا قالا: سألنا أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يهب الهبة أ يرجع فيها ان شاء أم لا؟ فقال تجوز الهبة لذوي القرابة و الذي يثاب عن هبته و يرجع في غير ذلك إن شاء «2».

و منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال:

الهبة و النحلة يرجع فيها صاحبها إن شاء حيزت أو لم تحز الا لذي رحم فانه لا يرجع

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب أحكام الهبات الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 6

من أحكام الهبات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 319

أو بعد التلف (1) أو التعويض (2) و في التصرف خلاف، و الاقوي جواز الرجوع اذا كان الموهوب باقيا بعينه (3) فلو صبغ الثوب أو قطعه أو خاطه (4) او نقله الي غيره لم يجز له الرجوع (5).

______________________________

فيها «1».

و يستفاد من حديث داود بن الحصين عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته هل لأحد أن يرجع في صدقة أو هبة؟ قال: أما ما تصدق به للّه فلا، و أما الهبة و النحلة فانه يرجع فيها حازها أو لم يحزها و ان كانت لذي قرابة «2»، جواز الرجوع و ان كانت الهبة لذي رحم و الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن فضال و الرواية بسندها الاخر مرسلة.

(1) لاحظ ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كانت الهبة قائمة بعينها فله أن يرجع و الا فليس له «3» فان المستفاد من هذه الرواية ان الرجوع في الهبة مشروط بكون الموهوب قائما بعينه فلا مجال للرجوع مع تلف العين كما هو المفروض.

(2) يمكن أن يستدل علي المدعي بأن المستفاد من الدليل جواز رجوع الواهب فيما وهبه و مع التبديل لا مجال للرجوع فيه فلا يجوز مع التعويض.

(3) الظاهر ان كلام الماتن ناظر الي حديث جميل «4» فان صدق عنوان قيام العين بعينها يجوز و الا فلا.

(4) بتقريب أنه ان تغيرت لا تكون قائمة بعينها.

(5) لما مر من أن موضوع الحكم الرجوع في الهبة و مع النقل لا مجال له

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 8 من أحكام الهبات الحديث: 1

(4) مر آنفا

مباني منهاج

الصالحين، ج 9، ص: 320

و له الرجوع في غير ذلك (1).

______________________________

فلا يجوز.

(1) لاحظ ما رواه جميل، فان مقتضاه جواز الرجوع الا فيما يقوم دليل علي عدم الجواز و يستفاد من بعض النصوص عدم جواز الرجوع في الهبة منها ما رواه اليونسي قال: كتبت الي علي بن محمد عليهما السلام: رجل جعل لك شيئا من ماله ثم احتاج اليه أ يأخذه لنفسه أم يبعث به إليك؟ فقال: هو بالخيار في ذلك ما لم يخرجه عن يده، و لو وصل إلينا لرأينا أن نواسيه و قد احتاج اليه «1».

و هذه الرواية ضعيفة بالعبيدي.

و منها ما رواه جراح المدائني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من رجع في هبته فهو كالراجع في قيئه «2» و هذه الرواية ضعيفة سندا أيضا.

و منها ما رواه ابراهيم بن عبد الحميد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أنت بالخيار في الهبة ما دامت في يدك، فاذا خرجت الي صاحبها فليس لك أن ترجع فيها، و قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من رجع في هبته فهو كالراجع في قيئه «3» و هذه الرواية ضعيفة سندا.

و منها ما رواه أبو بصير قال: سألته عن الرجل يشتري البيع فيوهب له الشي ء فكان الذي اشتري لؤلؤا فوهب له لؤلؤا، فرأي المشتري في اللؤلؤ أن يرد، أ يرد ما وهب له؟ قال الهبة ليس فيها رجعة و قد قبضها انما سبيله علي البيع فان رد المبتاع البيع لم يرد معه الهبة «4» و هذه الرواية ضعيفة سندا مضافا الي أن العموم

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من احكام الهبات الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 10 من احكام

الهبات الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 19 من ابواب الخيار الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 321

فان عاب فلا أرش (1) و ان زادت زيادة متصلة تبعت علي التفصيل المتقدم في المفلس (2) و الا فللموهوب له (3).

[مسألة 1: في الهبة المشروطة يجب علي الموهوب له العمل بالشرط]

(مسألة 1): في الهبة المشروطة يجب علي الموهوب له العمل بالشرط (4) فاذا تعذر أو امتنع المتهب من العمل بالشرط جاز للواهب الرجوع في الهبة (5) بل الظاهر جواز الرجوع في الهبة المشروطة قبل العمل بالشرط (6) و في الهبة المطلقة لا يجب التعويض علي الاقوي (7).

______________________________

و الاطلاق قابلان للتخصيص و التقييد فلاحظ.

(1) لعدم دليل علي الارش و لا بد في العيب الحادث فيه أن لا يكون مغيرا للعين أما لو كان مغيرا لها بحيث لا يصدق أنها قائمة بعينها لا يجوز الرجوع لانتفاء الموضوع علي الفرض.

(2) فراجع هناك.

(3) اذ لا مقتضي للرجوع الي الواهب فيكون باقيا في ملك الموهوب له فلاحظ.

(4) لدليل وجوب الوفاء بالشرط.

(5) لإطلاق دليل جواز الرجوع في الهبة بل يمكن الاستدلال بمفهوم حديث عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا عوض صاحب الهبة فليس له أن يرجع «1» فان مقتضي مفهوم الشرطية جواز الرجوع مع عدم التعويض.

(6) بعين التقريب المتقدم ذكره آنفا.

(7) لعدم دليل علي الوجوب.

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من احكام الهبات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 322

لكن لو عوض المتهب لزمت (1) و لم يجز للواهب الرجوع (2) و لو بذل المتهب العوض و لم يقبل الواهب لم يكن تعويضا (3) و العوض المشروط ان كان معينا تعين (4) و ان كان مطلقا أجزأ اليسير الا اذا كانت قرينة علي ارادة المساوي من

عادة أو غيرها (5) و لا يشترط في العوض أن يكون عينا بل يجوز أن يكون عقدا أو ايقاعا كبيع شي ء علي الواهب أو ابراء ذمته من دين له عليه أو نحو ذلك (6).

[كتاب الوصية]

اشارة

كتاب الوصية و هي قسمان: تمليكيه بأن يجعل شيئا من تركته لزيد أو للفقراء مثلا بعد وفاته فهي وصية بالملك أو الاختصاص، و عهدية بأن يأمر بالتصرف بشي ء يتعلق به من بدن أو مال كأن يأمر بدفنه في مكان

______________________________

(1) لإطلاق حديث ابن سنان «1» فان مقتضي اطلاقه عدم جواز الرجوع مع العوض بلا قيد فيتم ما أفاده في المتن.

(2) فانه صرح في حديث ابن سنان بعدم جواز الرجوع في الهبة المعوضة.

(3) فان مجرد البذل لا يحقق التعويض كما هو ظاهر و من ناحية اخري لا دليل علي وجوب قبول المبذل فلا يجب.

(4) كما هو ظاهر فاذا اشترط عليه ان يهبه الكتاب الفلاني تجب هبته بعينه.

(5) فان الاجزاء لازم الاطلاق الا مع القرينة الصارفة او المعينة كما هو ظاهر

(6) لصدق العوضية و مع صدق التعويض يترتب عليه حكمه من اللزوم و عدم جواز الرجوع و الحمد للّه اولا و آخرا و ظاهرا و باطنا و الصلاة علي محمد و آله

______________________________

(1) لاحظ ص: 321

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 323

معين أو زمان معين أو يأمر بأن يعطي من ماله احدا او يستناب عنه في الصوم و الصلاة من ماله أو يوقف ماله أو يباع أو نحو ذلك (1).

______________________________

الطاهرين المعصومين و اللعن الدائم علي أعدائهم أجمعين. و قد وقع الفراغ من بحث كتاب الهبة في يوم السبت الثامن عشر من شهر رجب المرجب من السنة 1409 من بعد الهجرة علي مهاجرها و آله آلاف التحية

و الثناء في البلدة الطيبة قم المقدسة.

(1) قال في المختصر النافع: «الوصية تمليك عين أو منفعة أو تسليط علي تصرف» الخ و قال في الحدائق: «قالوا: الوصية تمليك عين او منفعة أو تسليط علي التصرف بعد الوفاة» الخ.

الي غير ذلك من الكلمات و الظاهر انه لا خلاف بينهم في أن الوصية تمليكية و عهدية و يكفي دليلا لصحة القسمين قوله تعالي «كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذٰا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوٰالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَي الْمُتَّقِينَ فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مٰا سَمِعَهُ فَإِنَّمٰا إِثْمُهُ عَلَي الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ «1» فان مقتضي اطلاق هذا الكلام الالهي جواز كلا القسمين.

و نعم ما قال سيد المستمسك في هذا المقام: فانه (قده) افاد في جملة من كلامه ان مقتضي الاطلاق جواز الوصية علي الاطلاق.

و صفوة القول: ان مقتضي اطلاق الاية المباركة جواز الوصية بأي نحو كان و التخصيص يحتاج الي دليل خارجي اضف الي ذلك النصوص الواردة في الموارد المتعددة الدالة علي الجواز و الصحة مضافا الي وضوح الامر بين المتشرعة و السيرة الجارية بينهم.

و بما ذكرنا ظهر ان ما أفاده في المتن تام اذ بمقتضي الدليل تجوز الوصية علي الاطلاق بلا فرق بين كونها تمليكية أو عهدية بانواعها من المذكورات في المتن و غيرها كما ان مقتضي الاطلاق عدم الفرق في التمليكية بين كون الوصية

______________________________

(1) البقرة/ 181 و 182

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 324

فان وجه امره الي شخص معين فقد جعله وصيا عنه و جعل له ولاية التصرف (1) و ان لم يوجه امره الي شخص معين و لم تكن قرينة علي التعيين كما اذا قال اوصيت بأن يحج عني أو يصام عني أو نحو ذلك فلم يجعل

له وصيا معينا كان تنفيذه من وظائف الحاكم الشرعي (2).

______________________________

بالملك، كما لو اوصي بكون الدار الفلانية لزيد، و أن تكون بالاختصاص كما لو أوصي بكون الدار الفلانية، للفقراء فان جعلها للفقراء قرينة علي أن الوصية ليست بالتمليك فانه من الواضح ان الدار الفلانية لا يمكن أن تكون ملكا لجميع الفقراء بالملك الشخصي.

(1) كما هو ظاهر، فانه في هذه الصورة يكون تكليف انفاذها متوجها الي ذلك ذلك المعين.

(2) بتقريب ان المورد من الامور التي لا يرضي الشارع بعدم تحققها و بعبارة اخري: لا بد من القيام بها و القدر المتيقن هو الحاكم اذ التصرف في شئون الغير يحتاج الي الدليل فمع وجود الحاكم لا تصل النوبة الي غيره هذا ما يمكن أن يقال في هذا المقام.

و لقائل أن يقول: ان القيام بمورد الوصاية وظيفة لعامة المكلفين بنحو الوجوب الكفائي، و ذلك لأنه لا اشكال في أن الوصاية تحتاج الي الوصي و من ناحية اخري الاهمال في الواقع غير معقول، فمع عدم التعيين يكون الامر متوجها الي الكل

و بعبارة اخري: ان مقتضي الاطلاق ايكال الامر من قبل الموصي الي غيره علي نحو الاطلاق، و ان شئت قلت مع عدم تفويض الامر الي شخص معين أو اشخاص كذلك، اما لا يجعل امر التصرف الي الغير و اما يجعل و علي الثاني اما بالنحو المهمل و أما بالنحو الاطلاق أما علي الاول فلا يتم امر الوصاية و أما علي الثاني فيلزم الاهمال في الواقع و هو غير معقول، و اما علي الثالث فيجوز لكل

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 325

[مسائل في أحكام الوصية]

[مسألة 1: الوصية العهدية لا تحتاج الي قبول]

(مسألة 1): الوصية العهدية لا تحتاج الي قبول سواء لم يجعل له وصيا أم جعل (1، نعم لورد الموصي اليه

في حال حياة الموصي

______________________________

احد القيام به و لا يختص الحكم بالحاكم، و لو اغمض عما ذكرنا و سلمنا عدم جعل الموصي وصيا فلنا أن نقول بأي دليل ثبت وجوب القيام بامره كي يقال يتعين للقيام بالامر الحاكم الشرعي.

الا أن يقال: انه مع الغفلة يمكن تصور الاهمال من هذه الجهة فيدخل المقام في الامور الحسبية و القائم بها الحاكم الشرعي.

(1) قال في المستمسك: هذا مما لا ينبغي الاشكال فيه، و يمكن الاستدلال علي المدعي بوجهين:

الوجه الاول: اطلاق قوله تعالي «1» فان مقتضي اطلاق الاية صحة الوصية بلا اشتراط ايجابها بالقبول.

و دعوي ان الاية في مقام بيان حكمها بعد تحققها بشرائطها مردودة بأن الظاهر من الاية التشريع و الحث عليها و مقتضي الأصل العقلائي اطلاق الحكم و يؤكد المطلوب ذيل الاية و هو قوله تعالي «فمن بدله» الخ فان مقتضي هذه الجملة حرمة التبديل و استثني منها صورة خوف الجنف اذ الاستثناء دليل العموم و الاطلاق.

الوجه الثاني: النصوص الخاصة الدالة علي وجوب العمل بالوصية في صورة عدم الرد أو الرد غير البالغ الموصي، منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان اوصي رجل الي رجل و هو غائب فليس له أن يرد وصيته، و ان اوصي اليه و هو بالبلد فهو بالخيار إن شاء قبل و إن شاء لم يقبل «2»

و منها ما رواه فضيل بن يسار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل يوصي اليه، قال: اذا بعث بها اليه من بلد فليس له ردها، و ان كان في مصر يوجد فيه

______________________________

(1) لاحظ ص: 323

(2) الوسائل الباب 23 من أحكام الوصايا الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 326

و بلغه

الرد في زمان يمكنه جعل وصي آخر لم يلزمه العمل بالوصية (1) و أما التملكية فكما اذا قال: هذا المال لزيد بعد مماتي فالمشهور احتياجها الي القبول من الموصي له و الا ظهر عدمه (2).

______________________________

غيره فذاك اليه «1».

و منها ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا اوصي الرجل الي اخيه و هو غائب فليس له أن يرد عليه وصيته لأنه لو كان شاهدا فأبي أن يقبلها طلب غيره «2» الي غيرها من النصوص الواردة في الباب فان مقتضي هذه النصوص جواز الوصية و تحققها و لو مع عدم القبول.

(1) بلا اشكال بل اجماعا كما في بعض الكلمات و تدل علي المدعي جملة من النصوص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم و ما رواه الفضيل و منصور «3» و ما رواه الفضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في الرجل يوصي اليه قال: اذا بعث بها اليه من بلد فليس له ردها «4».

فلا اشكال في أصل الحكم انما الاشكال في أنه هل يجوز الرد مع عدم امكان جعل غيره وصيا لا يبعد أن يستفاد من نصوص الباب وجوب القبول و عدم جواز الرد في هذه الصورة، فلاحظ.

(2) لإطلاق دليل نفوذ الوصية و صحتها و ما يمكن أن يقال أو قيل في وجه كون القبول جزءا للسبب او شرطا له امور:

الاول الاجماع المدعي في المقام و فيه لو لا انه قد حقق في محله ان الاجماع المنقول ليس حجة و ثانيا ان الاجماع علي تقدير تحققه محتمل المدرك فلا يكون

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أحكام الوصايا الحديث: 2 و 3

(2) الوسائل الباب 23 من احكام الوصايا الحديث: 3

(3) لاحظ ص:

325

(4) الوسائل الباب 23 من أحكام الوصايا الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 327

______________________________

حجة و ثالثا ان الاجماع المدعي في المقام اجماع علي كون الوصية التمليكية من العقود.

و عليه نقول: كيف يمكن جواز الفصل بين الايجاب و القبول فان بنائهم علي صحة القبول بعد الموت و المقرر في محله ان الموالاة شرط في العقود، و فيه اشكال بل الحق عدم اشتراط الموالاة مضافا الي ان موت الموجب يقتضي سقوط قابلية العقد للحقوق القبول بالايجاب فلاحظ.

الثاني: ان غاية ما يستفاد من دليل نفوذ الوصية نفوذها بالنسبة الي ما يكون للموصي سلطان عليه، و حيث انه لا سلطان لأحد علي غيره فلا تنفذ.

و فيه: ان الاقتصار المذكور خلاف اطلاق دليل نفوذ الوصية و لا وجه لهذا التقييد ان قلت: انه علي خلاف قاعدة سلطنة كل احد علي نفسه فيقع التعارض بين الدليلين و لا وجه للترجيح قلت: اولا انه لا مانع من رفع اليد عن دليل السلطنة بدليل نفوذ الوصية.

و بعبارة اخري: اي دليل دل علي كون الانسان مسلطا علي نفسه بحيث لا يمكن لغيره جعله مالكا و ان شئت قلت: انه لا عموم لدليل السلطنة كي يعارض عموم دليل الوصية.

و ثانيا: سلمنا التعارض لكن الترجيح مع دليل نفوذ الوصية اذ قد حقق في الاصول ان المخالف للكتاب يضرب علي الجدار و ثالثا ان السلطنة تحفظ بامكان الرد من قبل الموصي اليه علي القول به.

الثالث: انه عديم النظير و يرد عليه: اولا: انه ليس كذلك بل له نظائر فان حصول الملك القهري كثير فان الشخص يرث من مورثه بموته و أيضا يملك عوض المال التالف في ذمة المتلف و قس عليه مالكية المجني عليه بالجناية و الامر

كذلك في الوقف.

و ثانيا مع دلالة الدليل لا مانع من الالتزام بالمقصود و لا يكون عدم النظير

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 328

[مسألة 2: تتضيق الواجبات الموسعة إذا لم يطمأن بالتمكن من الامتثال مع التأخير]

(مسألة 2): تتضيق الواجبات الموسعة اذا لم يطمأن بالتمكن من الامتثال مع التأخير كقضاء الصلاة و الصيام و اداء الكفارات و النذور و نحوها من الواجبات البدنية و غيرها فتجب المبادرة الي الي ادائها (1) و اذا ضاق الوقت عن ادائها وجب الايصاء و الاعلام

______________________________

مانعا من الاخذ بالدليل فالنتيجة ان الحق ما أفاده في المتن.

الرابع: ان مقتضي الاصل عدم انتقال المال الي الغير مع عدم القبول و يرد عليه انه ان قام دليل علي صحة الوصية كما هو كذلك فلا مجال للأصل و ان لم يقم فمقتضي الاصل عدم الانتقال حتي مع القبول فلاحظ.

(1) و الوجه فيه ان امتثال التكاليف واجب بحكم العقل و الموسع انما يجوز التأخير فيه فيما يكون للمكلف طريق الي امكان الامتثال.

و يمكن أن يقال: انه لا تصل النوبة الي دوران الامر بين التعيين و التخيير كما في كلام السيد الحكيم (قدس سره) فان الترديد بين الامرين يتصور بالنسبة الي حكم الشارع و أما في نفس حكم العقل فلا مجال للترديد اذ لا معني ان الحاكم يتردد في مورد حكمه فالنتيجة ان العقل يحكم بالتعيين بلا اشكال اذ مع عدم المبادرة الي الامتثال لا يكون آمنا من الضرر فيجب دفع الضرر بحكم العقل و مقتضي هذا البيان وجوب المبادرة حتي مع عدم الظن بالتمكن.

و بعبارة اخري: تجب المبادرة بمجرد احتمال عدم التمكن الا أن يقال:

بأن الاجماع القولي و العملي يقتضي جواز التأخير مع عدم الظن بالضيق.

و لقائل أن يقول انه لو قام بينة عادلة علي بقاء الشخص يجوز الاستناد

اليها فلا تجب المبادرة و عليه فما المانع من قيام الاستصحاب الاستقبالي؟ اذ قد ثبت في محله قيام الاستصحاب مقام القطع الطريقي و لذا لا يجب البدار في الواجبات الموسعة و يجوز تأخيرها الي آخر وقتها كما أنه يجوز البدار لذوي الاعذار.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 329

بها علي الاقوي (1) الا أن يعلم بقيام الوارث او غيره به (2) و أما اموال الناس من الوديعة و العارية و مال المضاربة و نحوها مما يكون تحت يده فالظاهر عدم وجوب المبادرة الي ادائه (3) الا اذا خاف عدم اداء

______________________________

(1) بتقريب ان الايصاء نحو من الافراغ للذمة فيجب أما مع العلم بقيام الغير بالافراغ فظاهر و أما مع الشك فمن باب الشك في القدرة و معه لا تصل النوبة الي البراءة.

و يرد عليه: ان اثبات وجوب الايصاء بهذا التقريب في غاية الاشكال اذ المسلم تكليف المكلف باداء ما في ذمته و المفروض عدم تمكنه فوجوب الايصاء يحتاج الي دليل مفقود.

نعم يمكن أن يقال: بأن المفروض اشتغال ذمته بالمذكورات و لا اشكال في وجوب افراغ الذمة و لا اشكال أيضا ان الايصاء بها نحو من الامتثال و نحو من الافراغ فيجب و يؤيد المدعي بل تدل عليه جملة من النصوص: منها ما رواه جعفر بن محمد عن ابيه قال: قال علي عليه السلام: الوصية تمام ما نقص من الزكاة «1»

و منها ما رواه محمد بن يحيي رفعه عنهم عليهم السلام قال: من أوصي بالثلث احتسب له من زكاته 2.

لكن هذا البيان انما يتم فيما يعلم بقيام الغير بمورد الوصية و أما مع الشك فلا مانع من اجراء البراءة و قد ذكرنا في الاصول ان الحق جريان البراءة في

مورد الشك في الحكم من ناحية القدرة و عدمها فلاحظ.

(2) اذ مع علمه بقيام الوارث لا وجه للإيصاء و بعبارة اخري يعلم بحصول النتيجة.

(3) اذ لا وجه لوجوب المبادرة مع عدم الخوف.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 2 من احكام الوصايا الحديث: 1 و 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 330

الوارث (1) و يجب الايصاء به و الاشهاد عليه اذا كان يتوقف عليها الاداء و الا لم يجب (2) و مثلها الديون التي عليه مع عدم مطالبة الدائن (3) اما مع مطالبته فتجب المبادرة الي ادائها و ان لم يخف الموت (4).

[مسألة 3: يكفي في تحقق الوصية كل ما دل عليها من لفظ صريح أو غير صريح أو فعل و إن كان كتابة أو إشارة]

(مسألة 3): يكفي في تحقق الوصية كل ما دل عليها من لفظ صريح او غير صريح او فعل و ان كان كتابة او اشارة (5) بلا فرق بين صورتي الاختيار و عدمه (6) بل يكفي وجود مكتوب بخطه او بامضائه (7) بحيث يظهر منه ارادة العمل به بعد

______________________________

(1) لأنه يجب عليه الرد و مع الخوف لا يطمأن بالرد فيجب.

(2) لأنه طريق الي ايصال الحق الي ذيه فيجب.

(3) كما هو ظاهر فان حكم الامثال واحد.

(4) لوجوب اداء مال الغير و حرمة المماطلة فيه بلا اشكال.

(5) و ذلك لإطلاق الدليل فان الموضوع تحقق الوصية و مع فرضه يترتب عليه الحكم بلا فرق بين تحققه بحسب اختلاف الموارد فالحق ما أفاده في المتن

(6) اذ الميزان صدق عنوان الايصاء بلا دليل علي التقييد.

(7) فان الخط كالقول و الاشارة في كشفه عن المراد و يؤيد المدعي بل يدل عليه بعض النصوص، منها قوله عليه السلام: ما ينبغي لامرء مسلم ان يبيت ليلة الا و وصيته تحت رأسه «1».

و منها ما رواه حنان بن سدير، عن أبيه عن جعفر عليه

السلام قال: دخلت علي محمد بن علي بن الحنفية و قد اعتقل لسانه فامرته بالوصية فلم يجب، قال: فامرت بطشت فجعل فيه الرمل فوضع فقلت له: خط بيدك فخط وصيته بيده في الرمل

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أحكام الوصايا الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 331

موته (1) و اذا قيل له هل اوصيت؟ فقال: لا فقامت البينة علي وقوع الوصية منه كان العمل علي البينة و لم يعتد بخبره (2)، نعم اذا كان قد قصد إنشاء العدول عن الوصية صح العدول منه (3) و كذا الحكم لو قال

______________________________

و نسخت انا في صحيفة «1».

و منها ما رواه ابراهيم بن محمد الهمداني قال: كتبت الي أبي الحسن عليه السلام رجل كتب كتابا بخطه و لم يقل لورثته: هذا وصيتي و لم يقل: اني قد اوصيت الا انه كتب كتابا فيه ما أراد أن يوصي به، هل يجب علي ورثته القيام بما في الكتاب بخطه و لم يأمرهم بذلك؟ فكتب عليه السلام: ان كان له ولد ينفذون كل شي ء يجدونه في كتاب أبيهم في وجه البر و غيره 2.

(1) اذ لولاه لا تكون الحجة قائمة علي الوصية و بعبارة اخري الظواهر حجة فلا بد أن تكون الكتابة في نظر العرف ظاهرة في إنشاء الوصية.

(2) لحجيتها و لزوم العمل بها في الموضوعات.

(3) بلا خلاف كما في بعض الكلمات و تدل عليه جملة من النصوص منها:

ما رواه ابن مسكان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قضي امير المؤمنين عليه السلام ان المدبر من الثلث، و ان للرجل ان ينقض وصيته فيزيد فيها و ينقص منها ما لم يمت 3.

و منها: ما رواه عبيد بن زرارة قال: سمعت أبا عبد

اللّه عليه السلام يقول:

للموصي ان يرجع في وصيته ان كان في صحة او مرض 4.

و منها: ما رواه بريد العجلي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لصاحب الوصية أن يرجع فيها و يحدث في وصيته ما دام حيا 5.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 48 من احكام الوصايا الحديث: 1 و 2

(2) (3 و 4 و 5) الوسائل الباب 18 من احكام الوصايا الحديث: 1 و 3 و 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 332

نعم و قامت علي عدم الوصية منه فانه ان قصد الاخبار كان العمل علي البينة (1) و ان قصد إنشاء الوصية صح الانشاء و تحققت الوصية (2).

[مسألة 4: المشهور ان رد الموصي له الوصية في الوصية التمليكية مبطل لها]

(مسألة 4): المشهور ان رد الموصي له الوصية في الوصية التمليكية مبطل لها اذا كان بعد الموت و لم يسبق بقبوله و لكنه لا يخلو عن اشكال (3) أما اذا سبقه القبول بعد الموت أو في حال الحياة فلا اثر له و كذا الرد حال الحياة (4).

[مسألة 5: لو أوصي له بشيئين فقبل أحدهما و رد الآخر صحت فيما قبل]

(مسألة 5): لو أوصي له بشيئين فقبل احدهما ورد الاخر صحت فيما قبل (5) و بطلت فيما رد علي اشكال و كذا لو اوصي له بشي ء واحد فقبل في بعضه ورد في الاخر (6).

______________________________

(1) و قد ظهر وجهه مما مر.

(2) لتمامية المقتضي و عدم المانع و بتعبير آخر لتحقق الموضوع و اطلاق دليل الحكم.

(3) اذ مقتضي اطلاق دليل الوصية نفوذها و عدم قيام دليل علي الخلاف و غاية ما في الباب قيام الشهرة و من الظاهر انه لا اعتبار بالشهرة الفتوائية بل الاجماع علي فرض دعواه لا اثر له فما افاده من الاشكال متين جدا.

(4) أما علي القول بأنه عقد يحتاج الي القبول فلا وجه لتأثير الرد بعد القبول و أما علي القول بأنه ايقاع فلا اثر للرد و لا دليل علي تأثيره و قس عليه الرد حال الحياة.

(5) لتمامية المقتضي و عدم المانع فان الوصية بشيئين تنحل الي الوصية بالنسبة الي كل منهما و المفروض تحقق القبول بالنسبة الي احدهما.

(6) قد مر الكلام فيه آنفا.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 333

[مسألة 6: لا يجوز للورثة التصرف في العين الموصي بها قبل أن يختار الموصي له أحد الأمرين من الرد و القبول]

(مسألة 6): لا يجوز للورثة التصرف في العين الموصي بها قبل ان يختار الموصي له احد الامرين من الرد و القبول (1) و ليس

______________________________

(1) ان قلنا بأن الوصية لا تشترط بالقبول و لا تفسد بالرد ينتقل مورد الوصية الي الموصي له و بمقتضي جملة من النصوص: منها ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اول شي ء يبدأ به من المال الكفن ثم الدين ثم الوصية ثم الميراث «1».

و منها ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام: ان الدين قبل الوصية ثم الوصية

علي اثر الدين، ثم الميراث بعد الوصية فان اول (اولي خ ل) القضاء كتاب اللّه «2».

و منها ما رواه ابان بن عثمان عن رجل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اوصي الي رجل و «ان» عليه دين قال: يقضي الرجل ما عليه من دينه، و يقسم ما بقي بين الورثة الحديث 3، تكون الوصية مقدمة علي الارث.

بل يمكن الاستدلال علي المدعي بالآية الشريفة اي قوله تعالي «مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهٰا أَوْ دَيْنٍ» 4، و ان قلنا باشتراط الوصية بالقبول فيمكن القول بجواز التصرف ظاهرا ببركة الاستصحاب الاستقبالي المقتضي لعدم القبول.

و بعبارة اخري مقتضي الاستصحاب عدم تحقق القبول بل لنا أن نقول:

بجواز التصرف واقعا اذ مع اشتراط القبول ينتقل المال الي ملك الورثة لكن علي القول بالنقل يمكن أن يقال: بأن العرف يفهم بمناسبة الحكم و الموضوع ان الوصية تكون بالابقاء حتي ينكشف الامر من القبول و عدمه سيما مع قلة مقارنة القبول مع الموت نعم علي القول بكفاية القبول حال الحياة يمكن تحقق القبول

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من احكام الوصايا الحديث: 1

(2) (2 و 3) نفس المصدر الحديث 2 و 3

(3) (4) النساء/ 11

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 334

لهم اجباره علي الاختيار معجلا (1).

[مسألة 7: إذا مات الموصي له قبل قبوله و رده قام وارثه]

(مسألة 7): اذا مات الموصي له قبل قبوله و رده قام وارثه

______________________________

حال الحياة و ان قلنا بأن الرد يبطل الوصية لا يجوز التصرف لاستصحاب عدم الرد بل يمكن أن يقال: بعدم جواز التصرف حتي مع العلم بالرد اذ المفروض ان الملكية تحققت بالوصية و الرد يبطلها فلا وجه لجواز التصرف.

(1) لعدم وجه لجواز الاجبار اذ المفروض ان هذا الحق راجع اليه فلا وجه لإجباره علي احد الطرفين

و أفاد سيد العروة: انه يجوز الاجبار في صورة توجه الضرر الي الوارث و يمكن أن يكون ناظرا الي حرمة الاضرار بالغير.

لكن يرد عليه اولا: ان هذا ليس اضرارا بل منع من عدم المنفعة مضافا الي أن الامر راجع اليه و مقتضي القاعدة كونه مختارا في التعجيل و التأخير و بعبارة اخري: يتصرف في سلطانه الا أن يقال: لا يجوز الاضرار بالغير و لو بالتصرف في السلطان و سلمنا كونه حراما لكن بأي دليل يثبت امكان اجباره أزيد من النهي عن المنكر.

ثم ان الماتن بني علي عدم اشتراط القبول و استشكل في كون الرد مفسدا و مع ذلك كيف طرح الفرع بهذه الصورة؟ اذ مع البناء علي عدم اشتراط القبول و عدم كون الرد مفسدا يكون المال ملكا للموصي له و لا مجال لإجباره و بعبارة اخري: لا موضوع لهذا البحث الا أن يقال: ان عنوانه معلق علي القول بأن له الرد أو القبول فلاحظ.

ثم ان هذا كله فيما تكون الوصية متعلقة بعين معينة و أما لو أوصي بمقدار مشاع ليس للموصي له التأخير اذ ينافي التأخير مع حق الغير فلا بد من اختيار احد الامرين.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 335

مقامه في ذلك فله القبول أو الرد اذا لم يرجع الموصي من وصيته (1).

______________________________

(1) تارة يقع الكلام في هذه المسألة بالنظر الي القاعدة الاولية و اخري من حيث النصوص الخاصة فيقع الكلام في موضعين:

أما الموضع الأول: فنقول ان مات الموصي له في زمان حياة الموصي فمقتضي القاعدة بطلان الوصية اذ الوصية تمليك مشروط بالفوت و المفروض ان الموصي له قبل تحقق شرط الملكية مات فلا مجال لأن ينتقل الي الوارث شي ء و انتقال حق القبول

اليه لا دليل عليه بل الدليل علي عدمه لأن هذا الحق غير قابل للإسقاط فلا يكون قابلا للانتقال و ان مات بعد وفات الموصي فتارة نقول باشتراط صحة الوصية بالقبول و نفرض تحقق القبول فلا اشكال في انتقال المال اليه لأن المفروض ان العين انتقلت الي ملك المورث فيرثه الوارث و أما لو لم نقل باشتراط القبول فان قلنا بأن الرد لا أثر له فالكلام هو الكلام و ان قلنا بأن الرد يبطل الوصية و للموصي له حق القبول و الرد فربما يقال: بأن هذا الحق ينتقل الي الوارث فله الرد و القبول لكن للمناقشة فيه مجال واسع فانه لم يحرز كون مثله قابلا للانتقال بل يمكن الجزم بعدم انتقاله بالارث اذ ليس قابلا للإسقاط فلا يكون حقا بل يكون حكما.

لكن في هذه الصورة ينتقل المال الي الوارث اذ المفروض تحقق الملكية بالنسبة الي المورث فبمقتضي قانون الارث يرثه الوارث هذا تمام الكلام في الموضع الاول.

و أما الموضع الثاني: فنقول قد وردت عدة نصوص في المقام منها ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قضي امير المؤمنين عليه السلام في رجل أوصي لاخر و الموصي له غائب، فتوفي الموصي له الذي أوصي له قبل الموصي، قال: الوصية لوارث الذي أوصي له قال: و من اوصي لأحد شاهدا كان

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 336

______________________________

أو غائبا فتوفي الموصي له قبل الموصي فالوصية لوارث الذي أوصي له، الا أن يرجع في وصيته قبل موته «1» و مقتضي هذه الرواية ان الموصي له اذا مات يقوم وارثه مقامه.

و منها: ما رواه عباس ابن عامر قال: سألته عن رجل اوصي له بوصية فمات قبل أن يقبضها،

و لم يترك عقبا، قال: اطلب له وارثا أو مولي فادفعها اليه، قلت فان لم اعلم له وليا، قال: اجهد علي أن تقدر له علي ولي فان لم تجد و علم اللّه منك الجد فتصدق بها 2 و المستفاد من هذه الرواية ما يستفاد من تلك الرواية

و منها: ما رواه محمد بن عمر الباهلي «الساباطي» قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل اوصي إلي و امرني ان اعطي عماله في كل سنة شيئا، فمات العم فكتب: اعط ورثته 3 و هذه الرواية ضعيفة بضعف محمد بن عمر، مضافا الي أن مدلول الروايه لا يرتبط بالمقام بل ترتبط بالايصاء.

و منها: ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل اوصي لرجل بوصية ان حدث به حدث فمات الموصي له قبل الموصي قال:

ليس بشي ء 4 و هذه الرواية ساقطة عن الاعتبار بضعف اسناد الشيخ (قده) الي ابن فضال.

و منها: ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن رجل اوصي لرجل فمات الموصي له قبل الموصي قال: ليس بشي ء 5.

و ربما يقال: بأن المستفاد من قوله عليه السلام ليس بشي ء ان المفروض ان الموصي له مات قبل الموصي فليس مانع للموصي أن يعين شخصا آخر و بعبارة اخري: تنقض الوصية و لكن الظاهر ان هذه الوصية كالعدم الا أن يقال: لا فرق

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 30 من احكام الوصايا الحديث: 1 و 2

(2) (3 و 4) نفس المصدر الحديث: 3 و 5

(3) (5) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 337

و لا فرق بين أن يموت في حياة الموصي أو بعد وفاته (1).

[مسألة 8: الظاهر ان الوارث يتلقي المال الموصي به من مورثه الموصي له اذا مات بعد موت الموصي]

(مسألة 8):

الظاهر ان الوارث يتلقي المال الموصي به من مورثه الموصي له اذا مات بعد موت الموصي فتخرج منه ديونه و وصاياه و لا ترث منه الزوجة اذا كان ارضا و ترث قيمته ان كان نخلا أو بناء (2) و اما اذا مات الموصي له قبل الموصي فالظاهر ان

______________________________

بين التقريبين في النتيجة و كيف كان فتقع المعارضة بين الجانبين و حيث ان المنقول عن العامة بطلان الوصية فالترجيح مع الطائفة الاولي لكونها مخالفة لهم و الرشد في خلافهم.

و لنا في اثبات المدعي طريق آخر و هو ان التعارض الواقع بين حديثي محمد بن قيس و محمد بن مسلم يوجب تساقطهما و المرجع بعد التساقط حديث ابن عامر لأن الحديثين المذكورين وارد ان في بيان حكم موت الموصي له قبل موت الموصي و أما حديث عباس بن عامر فهو مطلق و من الظاهر ان المطلق لا يكون طرفا للمعارضة مع المقيد فيكون مرجعا بعد التعارض و التساقط لا طرفا للتعارض فافهم و اغتنم.

و في المراجعة الأخيرة بنينا ان المرجح منحصر في الاحدثية و الترجيح بها مع ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام فاللازم الأخذ بمفاده فلاحظ.

(1) فان المصرح به في حديث محمد بن قيس الموت قبل فوت الموصي و مقتضي حديث عباس بن عامر هو الاطلاق فالنتيجة ان ما أفاده في المتن تام لكن قد رجحنا ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام علي ما عن أبي جعفر عليه السلام فاللازم تخصيص حديث ابن عامر بما عن أبي عبد اللّه عليه السلام فالنتيجة التفصيل في المسألة هذا ما يخطر ببالي القاصر في هذه العجالة و اللّه العالم.

(2) ما أفاده في هذا الفرض تام و

علي طبق القاعدة الأولية اذ بموت الموصي ينتقل المال الي ملك الموصي له و وارثه يرث المال منه و يترتب عليه احكام الارث بالنحو المذكور في المتن.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 338

ورثة الموصي له يتلقون الموصي به من الموصي نفسه فلا يجري عليه حكم تركة الميت الموصي له (1) و في كلتا الصورتين المدار علي الوارث للموصي له عند موته لا الوارث عند موت الموصي (2) و اذا مات الوارث في حياة الموصي أيضا ففي انتقال الموصي به الي ورثته أيضا اشكال و الانتقال اظهر (3).

[مسألة 9: إذا أوصي إلي أحد أن يعطي بعض تركته لشخص مثلا فهل يجري الحكم المذكور من الانتقال إلي الوارث لو مات في حياة الموصي بتمليكه إشكال]

(مسألة 9): اذا اوصي الي احد أن يعطي بعض تركته لشخص مثلا فهل يجري الحكم المذكور من الانتقال الي الوارث لو مات في حياة الموصي بتمليكه اشكال و الجريان اظهر (4).

[مسألة 10: «يشترط في الموصي أمور»]

(مسألة 10): «يشترط في الموصي امور» (الاول البلوغ

______________________________

(1) فان المستفاد من حديث محمد بن قيس ان الوارث يرث الوصية فلا وجه لرعاية احكام الارث من كون سهم الذكر ازيد و عدم ارث الزوجة من العقار و غيرهما من الاحكام بل مقتضي الرواية التقسيم بين الورثة بالسوية لكن مقتضي ما تقدم بطلان الوصية.

(2) فانه الظاهر من النصوص لو لم يكن منصوصا به فلاحظ.

(3) اذ المفروض ان العنوان المأخوذ في الموضوع من يكون وارثا عند موت الموصي له فموته الميزان في ترتب الحكم لكن قد مر ان موت الموصي له قبل موت الموصي يبطل الوصية.

(4) لإطلاق النص و أما حديث محمد بن عمر الباهلي «1» فضعيف كما مر قريبا و قد مر ان موته قبل وفاة الموصي يبطل الوصية.

______________________________

(1) لاحظ ص: 336

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 339

فلا تصح وصية الصبي (1) الا اذا بلغ عشرا (2).

______________________________

(1) كما هو المقرر عند القوم من عدم اعتبار تصرفاته بمقتضي الكتاب و السنة أما الكتاب فقوله تعالي «فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوٰالَهُمْ» «1» بتقريب انه لو كان الرشد كافيا في جواز التصرف لم يكن وجه لاختباره كي يعلم انه بلغ أم لا و أما السنة فتدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه عمار الساباطي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الغلام متي تجب عليه الصلاة؟ قال: اذا أتي عليه ثلاث عشرة سنة، فان احتلم قبل ذلك فقد وجبت عليه الصلاة و جري عليه القلم،

و الجارية مثل ذلك ان اتي لها ثلاث عشرة سنة أو حاضت قبل ذلك فقد وجبت عليها الصلاة و جري عليها القلم «2»

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال عمد الصبي و خطاه واحد «3».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام: قال اذا بلغ اشده ثلاث عشرة سنة و دخل في الاربع عشرة وجب عليه ما وجب علي المحتلمين احتلم أو لم يحتلم و كتب عليه السيئات و كتب له الحسنات و جاز له كل شي ء الا أن يكون ضعيفا أو سفيها «4».

(2) هذا هو المشهور بين القوم علي ما في كلام سيد العروة (قدس سره) و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها: ما رواه أبو بصير يعني المرادي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: اذا بلغ الغلام عشر سنين و أوصي بثلث ماله في حق

______________________________

(1) النساء/ 6

(2) الوسائل الباب 4 من ابواب مقدمة العبادات الحديث: 12

(3) الوسائل الباب 11 من ابواب العاقلة الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 44 من احكام الوصايا الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 340

______________________________

جازت وصيته و اذا كان ابن سبع سنين فأوصي من ماله باليسير في حق جازت وصيته «1».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا اتي علي الغلام عشر سنين فانه يجوز له في ماله ما أعتق أو تصدق أو أوصي علي حد معروف و حق فهو جائز 2.

و منها: ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن وصية الغلام هل تجوز؟ قال: اذا كان ابن عشر سنين جازت وصيته 3 و

منها غيرها المذكور في الباب المشار اليه.

و هذه الروايات مختلفة فلا بد من ملاحظتها و التوفيق بينها ان أمكن و الا فلا بد من اعمال قانون التعارض، فنقول اما الرواية الأولي من الباب فمطلقه و مقتضاها جواز تصرفات الصبي و اما الرواية الثانية فقد جعلت الحد عشر سنين و مقدار التصرف الثلث و اذا كان التصرف يسيرا يكفي سبع سنين، و أما الثالثة فقد اطلقت في مقدار التصرف، و أما الرابعة فضعيفة بموسي بن بكر، و أما الخامسة فقد اطلقت من حيث المقدار، و أما السادسة فكالخامسة، و أما السابعة فكذلك، و أما الثامنة فلا ترتبط بالمقام و أما التاسعة فكذلك، و أما العاشرة فكذلك، و أما الحديث الحادي عشر فكذلك و قس عليه الثاني عشر.

و مقتضي الجمع بين نصوص الباب ان البالغ عشرا اذا أوصي بثلث ماله لأرحامه تجوز وصيته و في قبال قول المشهور قول بعدم نفوذ وصيته ذهب اليه جماعة منهم ابن ادريس و ما قيل في وجهه امور:

الاول: انه خلاف الاحتياط و فيه انه مع وجود الدليل خلافه مخالف للاحتياط

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) نفس المصدر الحديث: 2 و 4 و 7

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 341

و كان قد عقل (1).

______________________________

بل مخالف للشرع.

الثاني: الأصل، و فيه انه مع وجود الدليل لا تصل النوبة الي الأصل.

الثالث: اختلاف النصوص، و فيه مع امكان الجمع بينهما يجمع و مع عدم امكانه يعمل بقانون التعارض.

اذا عرفت ما تقدم فاعلم انه بمقتضي قانون تقييد المطلق بالمقيد لا بد من تقييد ما دل من النصوص علي جواز الوصية علي الاطلاق بما رواه محمد بن مسلم حيث انه قيد في هذه الرواية جوازها بصورة كون الوصية لذوي

الارحام، فالنتيجة ان وصية الصبي غير البالغ نافذة اذا كانت في أمر مشروع لرحمه لكن يرد علي هذا التقريب ان حديث محمد بن مسلم «1» يعارضه ما يدل علي نفوذ وصية ابن عشر سنين بالعموم من وجه لاحظ ما رواه أبو بصير «2» و حيث ان ترجيح احدي الروايتين علي الاخري بالاحدثية و لا نميز الأحدث يكون المقام داخلا في كبري اشتباه الحجة بلا حجة فلا بد من اعمال حيلة و الذي يختلج بالبال أن يقال:

لا مانع من التمسك بالأصل بأن يقال مقتضاه عدم نفوذ الوصية أو يقال: مقتضي الأصل عدم انتقال المال الي ملك الموصي له و يمكن اثبات المدعي بتقريب آخر و هو ان مقتضي دليل الارث انتقال جميع ما تركه الميت الي وارثه اذ المفروض الشك في التخصيص في مورد التعارض فلا بد من الأخذ بدليل الارث فالنتيجة ان الصبي اذا بلغ عشر سنين و أوصي لرحمه تكون نافذة و أيضا اذا كان ابن سبع سنين تجوز وصيته لرحمه اذا كان موردها شيئا يسيرا الا أن يقال: ان الاجماع و التسالم قائمان علي ما هو المشهور فيما بين القوم فلاحظ.

(1) كما صرح في حديث جميل بن دراج عن احدهما عليهما السلام قال:

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 339

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 342

و كانت وصيته في وجوه الخير و المعروف لأرحامه (1) و في نفوذ وصيته لغير ارحامه (2) اشكال (3 (الثاني): العقل، فلا تصح وصية

______________________________

يجوز طلاق الغلام اذا كان قد عقل و صدقته و وصيته و ان لم يحتلم «1».

و لقائل أن يقول: ان هذه الرواية معارضة للنصوص الدالة علي أن الميزان في صحة وصية الصبي بلوغه عشر سنين و

مقتضي القاعدة تخصيص كل من الطرفين بالاخر فيكون المقام داخلا في كبري تعدد الجزاء و اتحاد الشرط كقوله: «اذا خفي الاذان فقصر و اذا خفي الجداران فقصر» فانه ثبت في بحث المفاهيم ان مفهوم كل من الشرطيتين يخصص بمنطوق الاخر و النتيجة كفاية احد الامرين في ترتب الجزاء و هذا التقريب ان تم يجري بالنسبة الي الحديثين المتقدمين اعني البلوغ عشرا و الوصية للرحم بأن يقال ان حديث ابن مسلم بمنطوقه يقيد و يخصص مفهوم حديث أبي بصير و أيضا حديث أبي بصير يخصص بمنطوقه مفهوم حديث ابن مسلم فالنتيجة نفوذ وصية الصبي اذا عقل أو اذا بلغ عشرا أو اذا بلغ سبع سنين أو اذا كان موردها شيئا يصيرا أو اذا أوصي لرحمه الا أن يقال: انه مع عدم العقل لا تجوز وصيته بالضرورة اذ لو لم يكن عاقلا لا يكون مميزا و كيف يمكن الالتزام بجواز وصية الصبي غير المميز فاشتراط العقل مما لا اشكال فيه فلاحظ.

(1) كما صرح في حديث زرارة «2» و الرواية ضعيفة بموسي بن بكر و لكن اشتراط كون مورد الوصية بالخير و كونه معروفا امر علي القاعدة و لا يحتاج الي دليل خاص.

(2) كما هو مقتضي الجمع بين نصوص الباب فان مقتضي مفهوم الشرطية الواقعة في حديث محمد بن مسلم عدم صحة وصيته اذا كان لغير الرحم.

(3) بل ظهر انه لا مجال له و الدليل علي الاشتراط تام و عدم ذهاب المشهور الي

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من احكام الوقوف و الصدقات الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 340

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 343

المجنون (1).

______________________________

اعتباره لا يهمنا فانه قد تكرر منا ان ترك العمل بحديث من ناحية الأصحاب لا يسقط الرواية

عن الاعتبار لكن قد مر قريبا ان مقتضي الجمع بين النصوص تخصيص كل واحد منهما بغيره.

(1) ما يمكن أن يقال في وجهه امور: الاول: الاجماع المدعي في المقام و اشكال الاجماع واضح.

الثاني: حديث رفع القلم عن المجنون كما روي ابن ظبيان قال: اتي عمر بامرأة مجنونة قد زنت، فأمر برجمها، فقال علي عليه السلام أما علمت ان القلم يرفع عن ثلاثة: عن الصبي حتي يحتلم و عن المجنون حتي يفيق و عن النائم حتي يستيقظ؟ «1» بتقريب ان مقتضي رفع القلم عنه انه لا يكتب عليه شي ء و لازمه انه لو عامل لا يترتب علي معاملته اثر و لا يؤخذ بشي ء فتكون معاملته فاسدة.

و يمكن أن يقال: ان المستفاد من الرواية بحسب الفهم العرفي ان الشخص اذا كان غير بالغ أو كان مجنونا أو نائما لا يتعلق به التكليف فلا ترتبط الرواية بالمقام فتأمل.

اضف الي ذلك ان رفع القلم لا ينافي صحة وصيته و ان شئت قلت: ان العرف بمناسبة الحكم و الموضوع يفهم من حديث رفع القلم انه لا يكتب علي المجنون شي ء و وصيته لا تكون عليه بل له ان قلت: المجنون لا يكون رشيدا و يشترط في صحة المعاملات و العقود كون الشخص رشيدا.

قلت: الجنون لا يستلزم السفاهة و لذا نري ان الماتن و غيره جعل العقل شرطا تارة و الرشد اخري، اللهم الا أن يقال انه لا ريب في عدم صحة تصرفات المجنون و يضاف الي ذلك ان الرواية ضعيفة سندا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب مقدمة العبادات الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 344

و المغمي عليه (1) و السكران حال جنونه و اغمائه و سكره (2) و اذا اوصي حال

عقله ثم جن أو سكر أو اغمي عليه لم تبطل وصيته (3) و في اعتبار الرشد فيه اشكال فلا يترك الاحتياط (4 (الثالث): الاختيار فلا تصح وصية المكره (5).

______________________________

الثالث: انه غير قاصد و الانشائيات متقومة بالقصد و هذا الوجه غير تام اذ يمكن فرض تحقق الانشاء من المجنون فالدليل علي المنع منحصر في التسالم و كونه أمرا واضحا.

(1) لعدم كونه شاعرا و قاصدا فأمره غير نافذ.

(2) بشرط أن يكون مسلوب القصد و الارادة و الا فيشكل ما أفاده اذ أي دليل دل علي بطلان إنشاء السكران.

(3) لتمامية اركانها.

(4) بل لا وجه للصحة بدون الرشد لأن الشارع الأقدس اشترط في صحة التصرف كون المتصرف رشيدا فلا اثر لمعاملاته.

ان قلت: عدم ترتيب الأثر من قبل الشارع علي إنشائه خلاف الامتنان و الحال ان منعه عن التصرف حكم امتناني، و بعبارة اخري منعه عن الانتفاع بماله علي خلاف الامتنان.

قلت: هذا التقريب غير صحيح اذ المفروض ان السفيه لا يدرك مصالحه فمقتضي الامتنان منعه و حجره عن التصرف و هذا حكم امتناني بلا اشكال و لا كلام فلاحظ.

(5) فان حديث رفع الاكراه يقتضي عدم تأثير الانشاء الاكراهي لاحظ ما روي عن أبي الحسن عليه السلام في الرجل يستكره علي اليمين فحلف بالطلاق و العتاق و صدقة ما يملك أ يلزمه ذلك؟ فقال: لا قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: وضع

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 345

(الرابع): الحرية فلا تصح وصية المملوك (1) الا أن يجيز مولاه (2) و لا فرق بين أن تكون في ماله و أن

______________________________

عن امتي ما اكرهوا عليه و ما لم يطيقوا و ما أخطئوا «1» فان المستفاد من الخبر المذكور و لو باعانة تطبيقه

عليه السلام ان الامر الاكراهي لا يترتب عليه اثر.

(1) لأنه ممنوع عن التصرف بالكتاب و السنة و أما الكتاب فقوله تعالي «ضَرَبَ اللّٰهُ مَثَلًا عَبْداً مَمْلُوكاً لٰا يَقْدِرُ عَليٰ شَيْ ءٍ» «2» و أما السنة:

فمنها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج، عن احدهما عليهما السلام انه قال لا وصية لمملوك «3».

و هذه الرواية ضعيفة بعلي بن حديد لكن يكفي لإثبات المدعي ما رواه محمد بن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام انه قال في المملوك ما دام عبدا فانه و ماله لأهله لا يجوز له تحرير و لا كثير عطاء و لا وصية الا أن يشاء سيده «4».

و يمكن الاستدلال علي المدعي: بما رواه زرارة عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا: المملوك لا يجوز طلاقه و لا نكاحه الا باذن سيده قلت: فان السيد كان زوجه بيد من الطلاق؟ قال: بيد السيد ضَرَبَ اللّٰهُ مَثَلًا عَبْداً مَمْلُوكاً لٰا يَقْدِرُ عَليٰ شَيْ ءٍ الحديث «5».

(2) علي ما ثبت عندهم من صحة عقد الفضولي بالاجازة المتأخرة و قد تعرضنا في بحث المعاملات لبحث عقد الفضولي، و قلنا ان الحق ان عقد الفضولي لا يصح الا فيما يثبت في مورد خاص.

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب كتاب الايمان الحديث: 12

(2) النحل/ 75

(3) الوسائل الباب 78 من أحكام الوصايا الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 1

(5) الوسائل الباب 45 من أبواب مقدمات الطلاق

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 346

______________________________

و صفوة القول: ان العقد اذا لم يكن واجدا للشرائط يكون باطلا و حيث ان الشي ء لا ينقلب عما هو عليه فلا يمكن الحكم بصحته و الاجازة المتأخرة لا تغير الواقع كما هو ظاهر.

ان قلت: ان الاجازة المتأخرة توجب انتساب العقد

الواقع سابقا الي المجيز فيصح العقد من حين الانتساب قلت: يرد عليه اولا: النقض ببقية الشرائط مثلا لو باع زيد ملك عمرو بالبيع الغرري هل يمكن أن يصير صحيحا بالاجازة حالكون ارتفاع الغرر و حكم الامثال واحد.

و ثانيا: ان الامور التكوينية الخارجية الصادرة من شخص لا تستند الي غيره و البيع عبارة عن الاعتبار النفساني و إنشاء ذلك الاعتبار بمنشإ خارجي و كلا الامرين من الموجودات الواقعية اذ نفس الاعتبار أمر واقعي كالفرض و التصور نعم متعلقه اعتباري كما ان الانشاء الفعلي أو القولي أمر واقعي و الأمر الواقعي غير قابل للنيابة و غير قابل للاستناد بالاجازة فلا يكون عقد الفضولي صحيحا.

ان قلت: هب ان الامر كذلك لكن صريح حديث محمد بن قيس جواز وصية العبد اذا شاء سيده قلت: ان المستفاد من هذه الرواية ان وصية العبد مع موافقة سيده تصح و لا يستفاد منها صحة الفضولي.

و ملخص الكلام: ان الصادر عن العبد بلا اذن سيده باطل و لا دليل علي أن ما وقع باطلا حدوثا يكون صحيحا بقاء، و لكن مع ذلك كله الحق صحة الفضولي بالاجازة بواسطة حديث زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن مملوك تزوج بغير اذن سيده، فقال: ذاك الي سيده ان شاء اجازه و ان شاء فرق بينهما، قلت: اصلحك اللّه ان الحكم بن عيينة و ابراهيم النخعي و أصحابهما يقولون:

ان اصل النكاح فاسد، و لا تحل اجازة السيد له، فقال أبو جعفر عليه السلام:

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 347

تكون في مال غيره كما اذا أوصي ان يدفن في مكان معين (1، و اذا أوصي ثم انعتق و أجازها صحت و ان لم يجز المولي (2

(الخامس) أن لا يكون قاتل نفسه فاذا اوصي بعد ما أحدث في نفسه ما يوجب هلاكه من جرح أو شرب سم أو نحو ذلك لم تصح وصيته اذا كانت في ماله (3).

______________________________

انه لم يعص اللّه، و انما عصي سيده، فاذا اجازه فهو له جائز «1» و قد تعرضنا لما يستفاد من الرواية في بحث الفضولي فراجع.

(1) خلافا لسيد العروة (قدس سره) حيث افتي بجواز وصيته فيما اذا أوصي بدفنه في مكان خاص لا يحتاج الي صرف مال، لكن الانصاف ان مقتضي دليل الحجر كتابا و سنة عدم نفوذ وصيته فانه عبد كل علي مولاه لٰا يَقْدِرُ عَليٰ شَيْ ءٍ.

(2) قد ظهر مما تقدم ان هذا أيضا مشكل لوحدة الملاك و لو قلنا بالصحة في المقام يلزم أن نقول بها فيما لو باع مع فقد بعض الشرائط و بعد اجتماعه و تمامية الشرائط يصح العقد بالاجازة و هل يمكن الالتزام بالصحة؟ كلا و لكن قد تقدم ان الفضولي يصح مع الاجازة.

(3) علي ما هو المشهور عند القوم بل علي ما يظهر من كلام سيد العروة قدس سره انه ادعي عليه الاجماع و في قباله قول ابن ادريس و من تبعه و الاصل في هذا الحكم ما رواه أبو ولاد قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: من قتل نفسه متعمدا فهو في نار جهنم خالدا فيها، قلت «قيل له. يه» أ رأيت ان كان أوصي بوصية ثم قتل نفسه من ساعته تنفذ وصيته؟ قال: فقال ان كان أوصي قبل أن يحدث حدثا في نفسه من جراحة أو قتل اجيزت وصيته في ثلثه، و ان كان أوصي بوصية

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من نكاح العبيد و الاماء الحديث:

1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 348

و أما اذا كانت في غيره من تجهيز و نحوه صحت (1، و كذا اذا فعل ذلك لا عن عمد بل كان خطأ أو سهوا (2) أو كان لا بقصد الموت بل لغرض آخر (3) أو علي غير وجه العصيان مثل الجهاد في سبيل اللّه (4) و كذا اذا عوفي ثم أوصي (5) بل الظاهر الصحة أيضا اذا أوصي بعد ما فعل السبب ثم عوفي ثم مات (6).

[مسألة 11: إذا أوصي قبل أن يحدث في نفسه ذلك ثم أحدث فيها صحت وصيته]

(مسألة 11): اذا أوصي قبل أن يحدث في نفسه ذلك ثم أحدث فيها صحت وصيته و ان كان حين الوصية بانيا علي ان يحدث

______________________________

بعد ما أحدث في نفسه من جراحة أو قتل لعله يموت لم تجز وصيته «1».

(1) للمناقشة فيما أفاد مجال اذ قد حكم بالصحة بثلث المال اذا لم يكن قاتلا لنفسه و أما من قتل نفسه فلا وصية له علي الاطلاق.

و بعبارة اخري: السؤال عن مطلق وصيته و في مقام الجواب فصل بين الصورتين ففي الصورة الأولي تنفذ في الثلث و في الصورة الثانية لا تنفذ علي الاطلاق.

(2) فان التعمد صرح به في الحديث.

(3) فان المستفاد من الحديث ان الموضوع تعمد القتل و ارادته.

(4) اذ المفروض في الخبر ان المتصدي من اهل جهنم و لا يمكن تصوره في صورة الاتيان به من باب الوظيفة، فلاحظ.

(5) لخروج المورد عن تحت النص بل لو أوصي قبل العافية ثم عوفي لعين الملاك.

(6) قد ظهر وجهه مما تقدم فان الموضوع غير متحقق فلا وجه لعدم النفوذ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 52 من أحكام الوصايا الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 349

ذلك بعدها (1).

[مسألة 12: تصح الوصية من كل من الأب و الجد بالولاية علي الطفل مع فقد الآخر]

(مسألة 12): تصح الوصية من كل من الاب و الجد بالولاية علي الطفل مع فقد الاخر (2).

______________________________

(1) لخروج هذه الصورة عن تلك الكبري المستفادة من الرواية، فلاحظ.

(2) نصا و فتوي بل اجماعا بقسميه- كما في الجواهر- و يمكن الاستدلال علي المدعي بجملة من النصوص: منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن رجل أوصي الي رجل بولده و بمال لهم و اذن له عند الوصية أن يعمل بالمال، و أن يكون الربح بينه و بينهم، فقال: لا بأس به

من اجل ان اباه قد اذن له في ذلك و هو حي «1» و هذه الرواية ضعيفة بحسن بن علي.

و منها: ما رواه خالد «ابن بكير خ» الطويل قال: دعاني أبي حين حضرته الوفاة فقال: يا بني اقبض مال اخوتك الصغار و اعمل به، و خذ نصف الربح و اعطهم النصف، و ليس عليك ضمان، فقد متني أم ولد ابي بعد وفاة ابي الي ابن ابي ليلي، فقالت: ان هذا يأكل اموال ولدي قال: فاقتصصت عليه ما امرني به ابي، فقال لي ابن ابي ليلي ان كان ابوك امرك بالباطل لم اجزه، ثم اشهد علي ابن ابي ليلي ان انا حركته فانا له ضامن، فدخلت علي أبي عبد اللّه عليه السلام فقصصت عليه قصتي ثم قلت له: ما تري؟ فقال: أما قول ابن ابي ليلي فلا استطيع رده و أما فيما بينك و بين اللّه عز و جل فليس عليك ضمان «2».

و هذه الرواية ضعيفة بخالد و اصلاح السند بكون ابن أبي عمير في السند كما في كلام السيد الخوانساري قدس سره في جامع مداركه لا يترتب عليه اثر كما حققناه في محله.

______________________________

(1) الوسائل الباب 92 من أحكام الوصايا الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 350

و لا تصح مع وجوده (1).

[مسألة 13: لا يجوز للحاكم الوصية بالولاية علي الطفل]

(مسألة 13): لا يجوز للحاكم الوصية بالولاية علي الطفل

______________________________

و منها: ما رواه سعد بن اسماعيل عن ابيه، قال: سألت الرضا عليه السلام عن وصي ايتام يدرك ايتامه فيعرض عليهم أن يأخذوا الذي لهم فيأبون عليه كيف يصنع؟ قال: يرد عليهم و يكرههم عليه «علي ذلك. يب» «1» و لم يثبت كون اسماعيل الواقع في السند ثقة.

و منها: ما ارسله محمد

بن عيسي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في رجل مات و أوصي الي رجل و له ابن صغير فادرك الغلام و ذهب الي الوصي و قال له:

رد علي مالي لا تزوج فأبي عليه، فذهب حتي زني، فقال، يلزم ثلثي اثم زنا هذا الرجل ذلك الوصي الذي «لأنه. خ» منعه المال و لم يعطه فكان يتزوج «2» و المرسلات لا اعتبار بها كما هو ظاهر.

و منها: ما رواه العيص بن القاسم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن اليتيمة متي يدفع اليها مالها؟ قال: اذا علمت انها لا تفسد و لا تضيع فسألته ان كانت قد تزوجت؟ فقال: اذا تزوجت فقد انقطع ملك الوصي عنها «3».

و الظاهر ان هذه الرواية لا بأس بها سندا مضافا الي أن السيرة جارية علي الوصية علي اليتيم و جعل القيم له بلا انكار من المتشرعة و هذا آية الجواز.

(1) ادعي عليه عدم الخلاف بل ادعي عليه الاجماع و القاعدة الأولية تقتضي عدم الجواز فان الولاية علي خلاف الاصل فلا بد من الاقتصار علي المقدار المعلوم و لا اطلاق في النصوص من هذه الجهة، فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 47 من احكام الوصايا الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 46 من احكام الوصايا الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 45 من احكام الوصايا الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 351

بعد موته بل بعد موته يرجع الي حاكم غيره (1).

[مسألة 14: لو أوصي للأطفال واحد من أرحامهم أو غيرهم بمال و جعل أمره إلي غير الأب و الجد و غير الحاكم لم يصح]

(مسألة 14): لو أوصي للأطفال واحد من أرحامهم أو غيرهم بمال و جعل أمره الي غير الاب و الجد و غير الحاكم لم يصح بل يكون للأب و الجد مع وجود احدهما و للحاكم مع فقدهما (2)، نعم لو أوصي أن يبقي ماله بيد

الوصي حتي يبلغوا فيملهكم اياه صح (3) و كذا اذا اوصي أن يصرف ماله عليهم من دون أن يملكهم اياه (4).

[مسألة 15: يجوز أن يجعل الأب و الجد الولاية و القيمومة علي الأطفال لاثنين أو أكثر]

(مسألة 15): يجوز أن يجعل الاب و الجد الولاية و القيمومة علي الاطفال لاثنين أو اكثر كما يجوز جعل الناظر علي القيم المذكور (5) و يجوز جعل الناظر له أيضا كما يأتي في الناظر علي

______________________________

(1) لعدم الدليل و بعبارة اخري لا دليل علي ولاية الحاكم بعد موته فلا يجوز جعلها لغيره.

(2) لأن ولاية مال الطفل للأب و الجد و مع فقدهما للحاكم فلا يمكن جعلها لغيرهم.

(3) لمشروعية الوصية فتصح لصحتها.

(4) لوحدة الملاك.

(5) الذي يظهر من كلمات الأصحاب ان الأمر مورد التسالم عندهم و انه يجوز جعل الولاية من الأب أو الجد للموصي اليه و بعد فرض الجواز لا فرق بين جعل الولاية لواحد و جعلها للأكثر، و أما جواز جعل الناظر فيتم بعموم جواز الوصية و يمكن الاستدلال علي جواز جعل القيمومة للمتعدد، بالسيرة الخارجية غير المردوعة مضافة الي التسالم بين الاصحاب بالاضافة الي عدم الفرق بين الوصاية علي المال

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 352

الوصي (1).

[مسألة 16: إذا قال الموصي لشخص أنت ولي و قيم علي أولادي القاصرين و أولاد ولدي و لم يقيد الولاية بجهة بعينها]

(مسألة 16): اذا قال الموصي لشخص انت ولي و قيم علي اولادي القاصرين و أولاد ولدي و لم يقيد الولاية بجهة بعينها جاز له التصرف في جميع الشئون المتعلقة بهم من حفظ نفوسهم و تربيتهم و حفظ

______________________________

و النفس في نظر العرف، فان ثبت الجواز بالنسبة الي احد الامرين يثبت الاخر فتأمل.

اضف الي ذلك كله انه يستفاد الجواز من النصوص الدالة علي جواز اكل القيم من مال اليتيم لاحظ النصوص الواردة في هذا الباب:

منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل «فليأكل بالمعروف» قال: المعروف هو القوت، و انما عني الوصي أو القيم في أموالهم و ما يصلحهم «1».

و

منها: ما رواه حنان بن سدير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام سألني عيسي بن موسي عن القيم للأيتام في الأكل و ما يحل له منها، فقلت له: اذا لاط حوضها و طلب ضالتها، و هنأ جرباها فله أن يصيب من لبنها في غير نهك لضرع و لا فساد لنسل «2».

و منها: ما رواه هشام بن الحكم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عمن تولي مال اليتيم ما له ان يأكل منه؟ فقال: ينظر الي ما كان غيره يقوم به من الأجر لهم فليأكل بقدر ذلك 3 بتقريب ان المستفاد من هذه النصوص جوازها للمتعدد بمقتضي اطلاقها.

(1) لعموم دليل الوصية فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 72 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 1

(2) (2 و 3) نفس المصدر الحديث: 2 و 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 353

اموالهم و الانفاق عليهم و استيفاء ديونهم و وفاء ما عليهم من نفقات أو ضمانات او غير ذلك من الجهات (1) و اذا قيد الولاية بجهة دون جهة وجب علي الولي الاقتصار علي محل الاذن دون غيره من الجهات و كان المرجع في الجهات الاخري الحاكم الشرعي (2).

[مسألة 17: يجوز للقيم علي اليتيم أن يأخذ أجرة مثل عمله إذا كانت له أجرة و كان فقيرا]

(مسألة 17): يجوز للقيم علي اليتيم أن يأخذ اجرة مثل عمله اذا كانت له اجرة و كان فقيرا أما اذا كان غنيا ففيه اشكال و الاحوط الترك (3).

______________________________

(1) كما هو ظاهر فان مقتضي اطلاق الجعل الجواز علي الاطلاق.

(2) الوجه فيما أفاده ظاهر فان المفروض ان هذه الولاية مجعولة من قبل الأب و الجد فلا بد من الاقتصار علي مقدار الجعل و في بقية الجهات المرجع هو الحاكم الذي له الولاية العامة.

(3) يظهر من بعض الكلمات ان الاصحاب متفقون علي جواز الأخذ

لكن اختلفوا فيما يؤخذ علي اقوال: احدها جواز أخذ اجرة المثل، ثانيها: جواز اخذ مقدار حاجته ثالثها: جواز اخذ أقلّ الامرين رابعها: جواز الاخذ بشرط كونه فقيرا كما في المتن.

و يمكن أن يقال: ان المستفاد من الكتاب و السنة جواز اخذ اجرة المثل بشرط كونه فقيرا لاحظ قوله تعالي «وَ ابْتَلُوا الْيَتٰاميٰ حَتّٰي إِذٰا بَلَغُوا النِّكٰاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوٰالَهُمْ وَ لٰا تَأْكُلُوهٰا إِسْرٰافاً وَ بِدٰاراً أَنْ يَكْبَرُوا وَ مَنْ كٰانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَ مَنْ كٰانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ «1» فان الأكل في مثل هذه الاستعمالات يستفاد منه التملك كما ان المعروف ما عرف عند الناس و بعبارة اخري

______________________________

(1) النساء/ 6

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 354

______________________________

يكون عند العقلاء متعارفا و لا يكون منكرا و أخذ اجرة المثل امر غير منكر عندهم.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بجملة من النصوص منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام و انا حاضر عن القيم لليتامي في الشراء لهم و البيع فيما يصلحهم أله أن يأكل من أموالهم؟ فقال: لا بأس أن يأكل من اموالهم بالمعروف كما قال اللّه تعالي في كتابه «وَ ابْتَلُوا الْيَتٰاميٰ حَتّٰي إِذٰا بَلَغُوا النِّكٰاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوٰالَهُمْ وَ لٰا تَأْكُلُوهٰا إِسْرٰافاً وَ بِدٰاراً أَنْ يَكْبَرُوا وَ مَنْ كٰانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَ مَنْ كٰانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ» هو القوت و انما عني فليأكل بالمعروف الوصي لهم و القيم في أموالهم ما يصلحهم «1».

و منها: ما رواه سماعة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل:

«وَ مَنْ كٰانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ» قال: من كان يلي شيئا لليتامي و هو

محتاج ليس له ما يقيمه فهو يتقاضي اموالهم و يقوم في ضيعتهم فليأكل بقدر و لا يسرف و ان كان ضيعتهم لا تشغله عما يعالج بنفسه فلا يرزأن من اموالهم شيئا «2».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال: سألته عن رجل بيده ماشية لابن اخ له يتيم في حجره، أ يخلط أمرها بأمر ماشيته؟ قال: ان كان يليط حوضها و يقوم علي مهنتها و يرد نادتها فيشرب من ألبانها غير منهلك للحلاب و لا مضر بالولد 3.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان و حنان و هشام 4 ثم انه يظهر من بعض

______________________________

(1) تهذيب الاحكام ج 9 ص 244 الحديث 42

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 72 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 4 و 6

(3) (4) لاحظ ص: 352

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 355

______________________________

النصوص خلاف المدعي، لاحظ حديث أبي الصباح فان المستفاد منه ان المال لو كان قليلا لا يأخذ «1».

و لقائل أن يقول ان النسبة بين هذه الرواية و بقية الأدلة من الكتاب و السنة عموم و خصوص بنحو الاطلاق، و عليه يكون مقتضي القاعدة تخصيص تلك الأدلة بهذه الرواية فالنتيجة ان مال اليتيم اذا كان قليلا لا يجوز الاخذ منه للقيم و يمكن أن يكون المراد انه لو كان عمل القيم بمقدار لا تكون له اجرة في نظر العرف لا يأخذ.

و أما حديث رفاعة (عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوله: «فليأكل بالمعروف» قال: كان أبي يقول: انها منسوخة) «2» الدال علي نسخ الحكم فلإرساله لا يترتب عليه اثر، فلا تغفل.

و الانصاف: ان نصوص الباب متعارضة فان المستفاد من حديثي عبد اللّه بن سنان «3»

انه لا يجوز للقيم الا بمقدار القوت و القوت علي ما يستفاد من اللغة ما يسد به الرمق و المستفاد من حديث سماعة «4» انه اذا كان فقيرا و ليس له ما يقيمه يجوز له الأخذ بالمقدار الذي يقيمه، و مقتضي اطلاقه الجواز حتي في صورة كون المقدار المذكور اكثر من اجرة المثل فيقع التعارض بين الحديثين.

فيمكن أن يقال: بأن الترجيح مع حديث سماعة لكونها موافقة للكتاب فيؤخذ بها و ان أبيت عن هذا الجمع نقول يقع التعارض و بعد التساقط يرجع الي اطلاق

______________________________

(1) الوسائل الباب 72 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) لاحظ ص: 352 و 354

(4) لاحظ ص: 354

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 356

______________________________

الكتاب و في المراجعة الأخيرة بنينا علي حصر المرجح في الاحدثية و بينا المراد في خاتمة الجزء الثامن من هذا الشرح و حيث ان الاحدث غير محرز فلا بد من العمل علي طبق الاحتياط و بعبارة اخري: حيث لا تميز الحجة عن لا حجة فلا بد من العمل علي نحو يوافق الاحتياط.

اذا عرفت: ما تقدم قلنا أن نقول بأن المستفاد من مجموع الأدلة انه يجوز له أن يأخذ من مال اليتيم بالنحو المعروف و المقدار المعروف- علي ما في كلام صاحب الحدائق- مالا اسراف فيه و لا تقتير و هو الحد الوسط بل يستفاد المدعي من حديث سماعة حيث قيد الجواز بعدم السرف.

بل يمكن أن يقال: ان هذا هو المتفاهم العرفي عند اطلاق هذا اللفظ، و لا يخفي انه لا يختص جواز الاخذ بنفسه بل يجوز له ما يقيمه علي نحو الاطلاق و من الظاهر ان عدم لحاظ عياله الواجب نفقته عليه تضييع اياه و

ان شئت قلت:

المستفاد من حديث سماعة ان المحتاج يجوز له أن يأخذ بمقدار لا يكون اسرافا فبمقتضي الاية و الرواية يجوز أن يأخذ بمقدار لا يكون مسرفا لكن يشترط جواز اخذه بشروط:

الاول: ان يكون فقيرا و يدل عليه الكتاب و خبر سماعة فانه صرح فيهما بكونه فقيرا، و ما عن المسالك من الميل الي استحباب العفة اذا كان غنيا لا وجه له.

الثاني: اشتغاله باصلاح اموالهم بحيث يمنعه عن الاشتغال لنفسه فان كان قادرا علي الاشتغال بكلا الامرين و تحصيل معاشه لا يجوز له الأخذ لاحظ حديث سماعة و مثله حديث زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول اللّه «وَ مَنْ كٰانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ» قال: ذلك اذا حبس نفسه في أموالهم فلا يحترف لنفسه

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 357

______________________________

فليأكل بالمعروف من مالهم «1».

الثالث: سعة مال اليتيم اما لو كان قليلا فلا يجوز الأخذ و يدل عليه حديث أبي الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل: «وَ مَنْ كٰانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ» فقال: ذلك رجل يحبس نفسه عن المعيشة فلا بأس أن أن يأكل بالمعروف اذا كان يصلح لهم أموالهم، فان كان المال قليلا فلا يأكل منه شيئا الحديث «2».

و مقتضي قانون الاطلاق و التقييد تقييد الكتاب و السنة بهذه الرواية و قد ثبت في محله جواز تخصيص العام الكتابي بالخبر الواحد.

و يدل علي المدعي أيضا حديث أبي اسامة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوله: (فليأكل بالمعروف) فقال: ذلك رجل يحبس نفسه علي أموال اليتامي فيقوم لهم فيها و يقوم لهم عليها فقد شغل نفسه عن طلب المعيشة فلا بأس أن يأكل بالمعروف اذا

كان يصلح أموالهم، و ان كان المال قليلا فلا يأكل منه شيئا «3»

لكن الحديثين مخدوشان سندا، أما الحديث الثاني فواضح و أما الحديث الأول فلكون محمد بن الفضيل الواقع في السند مشتركا بين الثقة و غير الثقة فيشكل الاعتماد عليه، و اللّه العالم.

الرابع: أن لا يكون بنحو الاسراف و الدليل عليه قوله تعالي و ما ورد في حديث سماعة فانقدح بما ذكرنا ان الحق اختيار هذا القول و يترتب عليه انه يجوز الأخذ بمقدار الحاجة أعم من أن يكون بمقدار اجرة المثل أو أقل أو أكثر، و أما

______________________________

(1) الوسائل الباب 72 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 10

(2) الوسائل الباب 72 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 3

(3) الوسائل ج 12- في ذيل ص: 187

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 358

[فصل في الموصي به]

اشارة

فصل في الموصي به

[مسألة 1: يشترط في الموصي به أن يكون مما له نفع محلل معتد به]

(مسألة 1): يشترط في الموصي به أن يكون مما له نفع محلل (1) معتد به (2) سواء أ كان عينا موجودة أم معدومة اذا كانت متوقعة الوجود كما اذا اوصي بما تحمله الجارية او الدابة أو منفعة لعين موجودة أو معدومة متوقعة الوجود أو حق من الحقوق القابلة للنقل مثل حق التحجير و نحوه لا مثل حق القذف و نحوه مما لا يقبل الانتقال الي الموصي له (3).

______________________________

حديث هشام «1» الدال علي اخذ اجرة المثل فسنده ضعيف بعلي بن السندي و لم يثبت وثاقته.

(1) اذ الوصية بلحاظ المنفعة المحرمة لا تصح فلا بد من فرض منفعة محللة في موردها.

(2) يمكن أن يكون الوجه في الاشتراط المذكور الانصراف.

(3) لإطلاق دليل الوصية، ان قلت: ان الحمل المتجدد مثلا بعد موت الموصي يصير ملكا للوارث فكيف تتعلق به الوصية.

قلت: اولا يرد عليه النقض بمنفعة الدار المتجددة و ثانيا نجيب بالحل و هو ان المالك للعين مالك لها بالملكية المرسلة و بتبع العين يملك منافعها بالملكية المرسلة فلا مانع من الوصية و مما ذكرنا يظهر الوجه في بقية ما أفاده فان مقتضي اطلاق دليل نفوذ الوصية صحة الوصية في جميع ما ذكر من الأقسام.

______________________________

(1) لاحظ ص: 352

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 359

[مسألة 2: إذا أوصي لزيد بالخمر القابلة للتخليل أو التي ينتفع بها في غير الشرب أو أوصي بآلات اللهو إذا كان ينتفع بها إذا كسرت صح]

(مسألة 2): اذا أوصي لزيد بالخمر القابلة للتخليل أو التي ينتفع بها في غير الشرب أو أوصي بآلات اللهو اذا كان ينتفع بها اذا كسرت صح (1).

[مسألة 3: يشترط في الموصي به أن لا يكون زائدا علي الثلث]

(مسألة 3): يشترط في الموصي به أن لا يكون زائدا علي الثلث فاذا أوصي بما زاد عليه بطل الايصاء في الزائد (2).

______________________________

(1) اذ المفروض ان مثل هذه المنافع حلال فتصح الوصية باطلاق دليلها.

(2) ادعي عليه الاجماع بقسميه و تدل عليه جملة من النصوص: منها: ما رواه حمران، عن أبي جعفر عليه السلام في رجل اوصي عند موته و قال: اعتق فلانا و فلانا و فلانا حتي ذكر خمسة، فنظر في ثلثه فلم يبلغ ثلثه أثمان قيمة المماليك الخمسة الذين أمر بعتقهم، قال: ينظر الي الذين سماهم و بدأ بعتقهم فيقومون و ينظر الي ثلثه فيعتق منه اول شي ء ذكر، ثم الثاني و الثالث ثم الرابع ثم الخامس فان عجز الثلث كان في الذين سمي اخيرا لأنه أعتق بعد مبلغ الثلث ما لا يملك فلا يجوز له ذلك «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل حضره الموت فاعتق غلامه و أوصي بوصية فكان أكثر من الثلث، قال:

يمضي عتق الغلام و يكون النقصان فيما بقي «2».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم أيضا، عن أبي جعفر عليه السلام قال في رجل أوصي بأكثر من الثلث و اعتق مماليكه في مرضه، فقال: ان كان أكثر من الثلث رد الي الثلث و جاز العتق 3.

______________________________

(1) الوسائل الباب 66 من احكام الوصايا الحديث: 1

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 67 من احكام الوصايا الحديث: 1 و 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 360

الا مع

اجازة الوارث (1) و اذا أجاز بعضهم دون بعض نفذ في حصة المجيز دون الاخر و اذا اجازوا في بعض الموصي به وردوا في غيره

______________________________

و منها: ما رواه احمد بن محمد قال: كتب احمد بن اسحاق الي أبي الحسن عليه السلام: ان ردة بنت مقاتل توفيت و تركت ضيعة اشقاصا في مواضع، و أوصت لسيدنا في اشقاصها بما يبلغ أكثر من الثلث، و نحن أوصيائها و احببنا انهاء ذلك الي سيدنا، فان أمرنا بامضاء الوصية علي وجهها أمضيناها و ان أمرنا بغير ذلك انتهينا الي امره في جميع ما يأمر به إن شاء اللّه، قال: فكتب عليه السلام بخطه:

ليس يجب لها في تركتها الا الثلث، و ان تفضلتم و كنتم الورثة كان جائزا لكم إن شاء اللّه «1».

و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري تدل علي نفوذ الوصية في تمام ما تركه الميت لاحظ ما رواه محمد بن عبدوس قال: أوصي رجل بتركته متاع و غير ذلك لأبي محمد عليهما السلام فكتبت اليه: رجل أوصي إلي بجميع ما خلف لك، و خلف ابنتي أخت له، فرأيك في ذلك، فكتب إلي: بع ما خلف و ابعث به إلي فبعت و بعثت به اليه، فكتب إلي: قد وصل «2» و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ قدس سره الي علي بن الحسن بن فضال، و بمحمد بن عبدوس.

و لاحظ ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الرجل احق بماله ما دام فيه الروح اذا أوصي به كله فهو جائز 3 و هذه الرواية ضعيفة أيضا سندا.

(1) لمكاتبة احمد بن اسحاق 4.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من احكام الوصايا الحديث: 1

(2) (2 و 3)

نفس المصدر الحديث: 16 و 19

(3) (4) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 361

صح فيما أجازوا و بطل في غيره (1).

[مسألة 4: لا إشكال في الاجتزاء بالإجازة بعد الوفاة]

(مسألة 4): لا اشكال في الاجتزاء بالاجازة بعد الوفاة (2) و في الاجتزاء بها حال الحياة قولان اقواهما الاول (3) و ليس للمجيز الرجوع عن اجازته حال حياة الموصي و لا بعد وفاته (4).

______________________________

(1) كما هو مقتضي القاعدة و بعبارة اخري لوجود المقتضي و عدم المانع بالنسبة الي المقدار المجاز.

(2) عن الجواهر انه اجماعي بقسميه و يدل علي المدعي مكاتبة احمد بن اسحاق «1» فان مقتضي هذه الرواية ان اجازة الوارث بعد وفاة الموصي تؤثر في نفوذ الوصية و اعتبارها.

(3) قال في الجواهر بل هو المشهور بل عن الشيخ الاجماع عليه و يدل علي المدعي حديث محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل أوصي بوصية و ورثته شهود فاجازوا ذلك فلما مات الرجل نقضوا الوصية هل لهم أن يردوا ما أقروا به؟ فقال: ليس لهم ذلك، و الوصية جائزة عليهم اذا أقروا بها في حياته «2».

و يدل عليه أيضا ما رواه منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أوصي بوصية أكثر من الثلث و ورثته شهود فاجازوا ذلك له، قال: جائز قال ابن رباط: و هذا عندي علي انهم رضوا بذلك في حياته و اقروا به 3.

(4) لما رواه محمد بن مسلم 4 و مثله في الدلالة علي المقصود ما رواه منصور بن حازم 5 بل يمكن الاستدلال علي المدعي بمكاتبة احمد بن

______________________________

(1) لاحظ ص: 360

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 13 من أحكام الوصايا الحديث: 1 و 2

(3) (4) مر آنفا

(4) (5) مر آنفا

مباني

منهاج الصالحين، ج 9، ص: 362

كما لا أثر للرد اذا الحقته الاجازة (1) و لا فرق بين وقوع الوصية حال مرض الموصي و حال صحته و لا بين كون الوارث غنيا و فقيرا (2).

[مسألة 5: لا يشترط في نفوذ الوصية قصد الموصي انها من الثلث الذي جعله الشارع له]

(مسألة 5): لا يشترط في نفوذ الوصية قصد الموصي انها من الثلث الذي جعله الشارع له فاذا أوصي بعين غير ملتفت الي الثلث و كانت بقدره أو أقل صح و اذا قصد كونها من ثلثي الورثة فان اجازوا صح و إلا بطل و ان قصد كونها من الاصل نفذت الوصية في ثلثها و توقف في ثلثيها علي اجازة الورثة. هذا اذا اوصي بثلث الباقي كما اذا قال فرسي لزيد و ثلثي من باقي التركة لعمرو فانه تصح وصيته لعمرو. و أما وصيته لزيد فتصح اذا رضي الورثة و الا صحت في ثلث الفرس أما اذا لم يوص بالثلث فان لم تكن زائدة علي الثلث نفذت و ان زادت علي الثلث توقف نفوذها في الزائد علي اجازة الورثة (3).

[مسألة 6: إذا وصي بعين معينة أو بمقدار كلي من المال]

(مسألة 6): اذا وصي بعين معينة أو بمقدار كلي من المال

______________________________

اسحاق «1» فان مقتضي اطلاق الرواية نفوذ الاجازة فلاحظ.

(1) للإطلاق فان مقتضاه عدم الفرق.

(2) كل ذلك للإطلاق، فلاحظ.

(3) لصدورها من اهله و وقوعها في محلها، و بعبارة اخري لتمامية المقتضي و عدم المانع ثم ان ما أفاده في هذا الفرع بتمامه علي طبق القاعدة المستفادة من النص من نفوذ الوصية في مقدار الثلث بنحو الاطلاق و في الزائد بشرط اجازة الوارث، فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 360

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 363

كألف دينار يلاحظ في كونه بمقدار الثلث أو أقلّ أو أزيد بالاضافة الي اموال الموصي حين الموت لا حين الوصية. فاذا أوصي لزيد بعين كانت بقدر نصف أمواله حين الوصية و حين الموت صارت بمقدار الثلث اما لنزول قيمتها أو لارتفاع قيمة غيرها أو لحدوث مال له لم يكن حين الوصية صحت الوصية في تمامها (1) و اذا

كانت حين الوصية بمقدار الثلث فصارت أكثر من الثلث حال الموت اما لزيادة قيمتها أو لنقصان قيمة غيرها أو لخروج بعض أمواله عن الملكية نفذت الوصية بما يساوي الثلث و بطلت في الزائد الا اذا أجاز الورثة (2) و اذا أوصي بكسر مشاع كالثلث فان كان حين الوفاة مساويا له حين الوصية فلا اشكال في صحة الوصية بتمامه و كذا اذا كان أقلّ فتصح فيه بتمامه حين الوفاة أما اذا كان حين الوفاة اكثر منه حين الوصية كما لو تجدد له مال فهل يجب اخراج ثلث الزيادة المتجددة أو يقتصر علي ثلث المقدار حين الوصية لا يخلو من اشكال و ان كان الاقوي الاول (3) الا

______________________________

(1) و الوجه فيه ان الوصية عبارة عن التمليك بعد الوفاة و من ناحية اخري انها نافذة في الثلث علي الاطلاق و في الزائد عليه بشرط اجازة الوارث فحين الوفاة اذا كانت واجدة لشرط النفوذ ينفذ و الا فلا.

(2) كما هو ظاهر فان الوصية بالزائد عن الثلث يتوقف علي اجازة الورثة.

(3) تارة يقع الكلام فيما هو مقتضي القاعدة الاولية و اخري فيما يستفاد من النص الخاص اما من حيث القاعدة فالظاهر ان الميزان بحال الوصية لظاهر الكلام

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 364

أن تقوم القرينة علي ارادة الوصية بثلث الاعيان الموجودة حين الوصية لا غير (1) فاذا تبدلت أعيانها لم يجب اخراج شي ء (2) أو تقوم القرينة علي ارادة الوصية بمقدار ثلث الموجود حينها و ان تبدلت اعيانها فلا يجب اخراج الزائد (3) و كذا اذا كان كلامه محفوفا

______________________________

كبقية الموارد و أما من حيث النص الخاص فالميزان مراعاة حال الوفاة لاحظ ما رواه محمد بن قيس قال: قلت له: رجل أوصي

لرجل بوصية من ماله ثلث أو ربع فيقتل الرجل خطأ، يعني الموصي، فقال: يجاز لهذه الوصية من ماله و من ديته «1».

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 9، ص: 364

(1) لانصراف النص عن هذه الصورة بل لنا أن نقول ان الظاهر من الرواية صورة ارادة الكسر المشاع حين الموت و أما في غير هذه الصورة فلا يشمله النص.

و عليه نقول: تارة يكون الظاهر من كلام الموصي و لو بالقرنية حال الوفاة تلاحظ تلك الحال، و اخري يكون الظاهر من كلامه حين الوصية فالمدار عليه.

و ثالثة يكون الكلام مجملا فلا بد من الاقتصار علي القدر المتيقن.

لكن الانصاف: ان ما افاده في المتن تام فانه لو لا القرينة الخارجية يكون مقتضي الظهور اللفظي تعلق الوصية بثلث ما يتركه حين الوفاة اذ الوصية تمليك من حين الوفاة فيكون متعلق الوصية ثلث ما يقع مورد التأثير، فالمناط بحال الوفاة فلا اشكال.

(2) اذ المفروض اختصاص الوصية بالموجود حينها و قد فرض تبدلها فلا موضوع للوصية.

(3) كما هو ظاهر اذ الوصية بذلك المقدار فلا وجه للزائد.

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من احكام الوصايا الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 365

بما يوجب اجمال المراد فانه يقتصر علي القدر المتيقن و هو الاقل (1).

[مسألة 7: يحسب من التركة ما يملكه بعد الموت كالدية في الخطأ]

(مسألة 7): يحسب من التركة ما يملكه بعد الموت كالدية في الخطأ و كذا في العمد اذا صالح عليها أولياء الميت و كما اذا نصب شبكة في حياته فوقع فيها شي ء بعد وفاته فيخرج من جميع ذلك الثلث اذا كان قد اوصي به و اذا أوصي بعين تزيد علي ثلثه في حياته و بضم

الدية و نحوها تساوي الثلث تنفذ وصيته فيها بتمامها (2).

[مسألة 8: إنما يحسب الثلث بعد استثناء ما يخرج من الأصل من الديون المالية]

(مسألة 8): انما يحسب الثلث بعد استثناء ما يخرج من الاصل من الديون المالية فاذا اخرج جميع الديون المالية من مجموع التركة كان ثلث الباقي هو مورد العمل بالوصية (3).

______________________________

(1) اذ اللازم متابعة الوصية فيجب الاقتصار علي القدر المتيقن، فلاحظ.

(2) لا يخفي ان ما أفاده خلاف القاعدة الأولية اذ المفروض تعلق الوصية بثلث ما يملكه و المفروض ان الدية و اشباهها تقع في ملكه بعد وفاته فلا تشلمه الوصية لكن ببركة النص أعني حديث محمد بن قيس نلتزم بما افاده في المتن و النص و ان كان واردا في الدية لكن العرف يفهم عدم الفرق.

(3) بلا اشكال و لا كلام، و تدل عليه جملة من النصوص: منها: ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أول شي ء يبدأ به من المال الكفن، ثم الدين، ثم الوصية، ثم الميراث «1».

و منها: ما رواه محمد بن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام: ان الدين قبل الوصية، ثم الوصية علي اثر الدين، ثم

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أحكام الوصايا الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 366

[مسألة 9: إذا كان عليه دين فأبرأه الدائن بعد وفاته أو تبرع متبرع في أدائه بعد وفاته]

(مسألة 9): اذا كان عليه دين فابرأه الدائن بعد وفاته او تبرع متبرع في ادائه بعد وفاته لم يكن مستثني من التركة و كان بمنزلة عدمه (1).

[مسألة 10: لا بد في إجازة الوارث الوصية الزائدة علي الثلث]

(مسألة 10): لا بد في اجازة الوارث الوصية الزائدة علي الثلث من امضاء الوصية و تنفيذها و لا يكفي فيها مجرد الرضا النفساني (2).

______________________________

الميراث بعد الوصية فان اول (أولي خ ل) القضاء كتاب اللّه «1».

و منها: ما رواه الفضل بن الحسن الطبرسي في (مجمع البيان) عن امير المؤمنين عليه السلام في قوله تعالي: «مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهٰا أَوْ دَيْنٍ» قال:

انكم لتقرءون في هذه الوصية قبل الدين، و ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قضي بالدين قبل الوصية 2.

(1) اذ مع فرض الابراء لا وجه للاستثناء و بعبارة اخري المفروض تعلق الوصية بالثلث، فلا بد من انفاذها فيه بلا لحاظ الدين بعد فرض الابراء.

(2) لعدم دليل علي كفايته بل الدليل علي خلافه لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل أوصي بوصية و ورثته شهود فاجازوا ذلك فلما مات الرجل نقضوا الوصية هل لهم أن يردوا ما اقروا به؟ فقال: ليس لهم ذلك، و الوصية جائزة عليهم اذا اقروا بها في حياته 3.

و منها: ما رواه منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أوصي بوصية اكثر من الثلث و ورثته شهود فاجازوا ذلك له، قال: جائز قال:

ابن رباط: و هذا عندي علي أنهم رضوا بذلك في حياته و اقروا به 4 فان

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 28 من ابواب أحكام الوصايا الحديث: 2 و 5

(2) (3 و 4) الوسائل الباب 13 من أحكام الوصايا

الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 367

[مسألة 11: اذا عين الموصي ثلثه في عين مخصوصة تعين]

(مسألة 11): اذا عين الموصي ثلثه في عين مخصوصة تعين (1) و اذا فوض التعيين الي الوصي فعينه في عين مخصوصة تعين أيضا بلا حاجة الي رضا الوارث (2) و اذا لم يحصل منه شي ء من ذلك كان ثلثه مشاعا في التركة و لا يتعين في عين بعينها بتعين الوصي الا مع رضا الورثة (3).

[مسألة 12: الواجبات المالية تخرج من الأصل]

(مسألة 12): الواجبات المالية تخرج من الاصل و ان لم يوص بها الموصي و هي الاموال التي اشتغلت بها ذمته مثل المال الذي اقترضه و المبيع الذي باعه سلفا و ثمن ما اشتراه نسيئة و عوض المضمونات و اروش الجنايات و نحوها و منها الخمس و الزكاة و رد المظالم (4) و اما الكفارات و النذور و نحوها فالظاهر انها لا تخرج من الاصل (5).

[مسألة 13: إذا تلف من التركة شي ء بعد موت الموصي وجب إخراج الواجبات المالية من الباقي و إن استوعبه]

(مسألة 13): اذا تلف من التركة شي ء بعد موت الموصي وجب اخراج الواجبات المالية من الباقي و ان استوعبه و كذا اذا غصب بعض التركة (6) و اذا تمرد بعض الورثة عن وفاء الدين لم يسقط

______________________________

المستفاد من الرواية عنوان الاجازة.

(1) لأن اختيار الثلث بيده.

(2) لأن تعيينه بمنزلة تعيين الموصي نفسه.

(3) فان التصرف في المال المشترك لا يجوز الا مع اجازة الشريك.

(4) اذ الدين يخرج من الأصل و هو مقدم علي الارث و الوصية و جميع المذكورات داخل في الدين.

(5) اذ ليس ما ذكر داخلا في الدين فلا وجه لخروجه من الأصل.

(6) لتقدم الدين علي الارث كتابا و سنة، أما الكتاب فقوله تعالي «مِنْ بَعْدِ

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 368

من الدين ما يلزم في حصته بل يجب علي غيره وفاء الجميع كما يجب عليه (1) ثم اذا و في غيره تمام الدين فان كان باذن الحاكم الشرعي

______________________________

وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهٰا أَوْ دَيْنٍ- مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهٰا أَوْ دَيْنٍ» «1» و أما السنة فحديث محمد بن قيس «2».

(1) لأن الدين قبل كل شي ء فما دام موجودا لا تصل النوبة الي الارث و بعبارة اخري: المستفاد من الكتاب و السنة المشار اليهما انه لا يجوز التوريث الا بعد اداء الدين و انفاذ الوصية،

و بعبارة واضحة الارث بعد الدين و بعد الوصية و الظاهر من لفظ البعد المذكور في الاية البعد الزماني فلا يجوز التصرف فيما تركه الميت لا اعتبارا و لا خارجا الا بعد اداء الدين و انفاذ الوصية و ان شئت قلت: جميع ما تركه الميت متعلق حق الدين و الوصية فالورثة محجورون عن التصرف الا بعدهما.

و بكلمة اخري: الظاهر من الاية الشريفة انه لا يتحقق الارث و لا ينتقل المال الي الوارث الا في صورة انتفاء الدين و الوصية و أما معهما أو احدهما لا يصير ما تركه الميت ملكا للوارث.

نعم يستفاد من حديث عبد الرحمن بن الحجاج- عن أبي الحسن عليه السلام مثله الا أنه قال: ان كان يستيقن ان الذي ترك يحيط بجميع دينه فلا ينفق و ان لم يكن يستيقن فلينفق عليهم من وسط المال «3»، التفصيل بين استيعاب الدين و عدمه بجواز التصرف في الصورة الثانية و عدمه في الصورة الأولي.

و لكن يعارضه حديث عباد بن صهيب، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل

______________________________

(1) النساء/ 11 و 12

(2) لاحظ ص: 365

(3) الوسائل الباب 29 من أحكام الوصايا الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 369

رجع علي المتمرد بالمقدار الذي يلزم في حصته (1) و اذا كان بغير اذن الحاكم الشرعي ففي رجوعه عليه بذلك المقدار اشكال (2).

______________________________

فرط في اخراج زكاته في حياته، فلما حضرته الوفاة حسب جميع ما كان فرط فيه مما لزمه من الزكاة ثم أوصي به أن يخرج ذلك فيدفع الي من تجب له، قال جائز يخرج ذلك من جميع المال، انما هو بمنزلة دين لو كان عليه ليس للورثة شي ء حتي يؤدوا ما أوصي به من الزكاة «1».

فان

المستفاد من هذه الرواية انه لا يجوز التصرف حتي مع عدم الاستيعاب اذ المفروض في الرواية التبعض و التبعض يساوق كونه أقلّ، فالحديثان متعارضان و الترجيح مع حديث عباد لكونه موافقا مع ظاهر الكتاب مضافا الي كونه أحدث فالترجيح مع حديث عباد و يضاف الي ذلك كله انه لو وصلت النوبة الي الشك يكون مقتضي الاصل عدم انتقال ما تركه الميت الي الوارث قبل اداء الدين و اللّه العالم.

فالنتيجة: ان المستفاد من الدليل الاجتهادي و الفقاهتي ان تحقق الارث في صورة عدم الدين و الوصية، هذا ما يخطر بالبال في هذه العجالة.

و أما دعوي الاجماع علي انتقال المال الي الوارث حتي مع وجود الدين أو الوصية فليس اجماعا تعبديا كاشفا بل مستند الي التقريبات التي في كلماتهم كما يظهر لمن يراجعها فيترتب علي ما ذكر انه قبل الوفاء لا يجوز التصرف كما في المتن.

(1) اذ مع اذن الحاكم يكون تصرفاته صحيحة و الا فلا.

(2) لعدم الدليل علي جواز الرجوع و بعبارة اخري ان الدين مانع عن الارث و المفروض ارتفاعه بالاداء و جواز الرجوع الي المتمرد يحتاج الي الدليل و لكن

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 370

[مسألة 14: الحج الواجب بالاستطاعة من قبيل الدين يخرج من الأصل]

(مسألة 14): الحج الواجب بالاستطاعة من قبيل الدين يخرج من الاصل (1) و أما الحج النذري فيخرج من الثلث علي الاظهر (2).

[مسألة 15: إذا أوصي بوصايا متعددة متضادة]

(مسألة 15): اذا أوصي بوصايا متعددة متضادة كان العمل

______________________________

علي القول بعدم الملكية قبل اداء الدين و الوصية لا بد من التقسيم بعد تحقق الملكية اذ المال المشترك لا بد من تقسيمه بالتراضي.

(1) كما دلت عليه جملة من النصوص: منها: ما رواه معاوية بن عمار قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يموت و لم يحج حجة الإسلام و يترك مالا، قال: عليه ان يحج من ماله رجلا ضرورة لا مال له «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل مات و لم يحج حجة الإسلام يحج عنه؟ قال: نعم 2.

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام (في حديث) قال يقضي عن الرجل حجة الإسلام من جميع ماله 3 و مثلها غيرها المذكور في الباب المشار اليه.

(2) كما نص عليه في حديث عبد اللّه بن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل نذر للّه ان عافي اللّه ابنه من وجعه ليحجنه الي بيت اللّه الحرام فعافي اللّه الابن و مات الأب، فقال: الحجة علي الأب يؤديها عنه بعض ولده، قلت: هي واجبة علي ابنه الذي نذر فيه؟ فقال: هي واجبة علي الأب من ثلثه، أو يتطوع ابنه فيحج عن ابيه 4 و مثله غيره من الروايات الواردة في الباب 29 من أبواب وجوب الحج من الوسائل.

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) الوسائل الباب 28 من أبواب وجوب الحج و شرائطه الحديث: 1 و 2 و 3

(2) (4) الوسائل الباب

29 من أبواب وجوب الحج و شرائطه الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 371

علي الثانية و تكون ناسخة للأولي (1) فاذا اوصي بعين شخصية لزيد ثم اوصي بها لعمرو

______________________________

(1) قال في الجواهر في هذا المقام «بلا خلاف و لا اشكال لكونها ناسخة للأولي و رجوعا عنها عرفا» انتهي موضع الحاجة من كلامه و ما أفاده تام بالنسبة الي الملتفت اذ للموصي أن يرجع عن وصيته بمقتضي جملة من النصوص:

لاحظ ما رواه ابن مسكان و ما رواه عبيد بن زرارة و ما رواه بريد «1» فاذا فرضنا جواز الرجوع فالوصية الثانية نافذة علي القاعدة فان الموصي بالوصية الثانية يبطل الاولي و يوجد الثانية.

و عليه لنا أن نقول: انه لا فرق بين كونه ذاكرا و كونه ناسيا و ذاهلا كما في الجواهر و تقريب المدعي ان المفروض اختيار المالك في الرجوع عن الاولي و احداث الثانية و حيث ان الوصية صدرت من اهلها و وقعت في محلها تنفذ بلا اشكال.

و لكن في النفس شي ء و هو ان الوصية الأولي وقعت صحيحة علي الفرض غاية الأمر للموصي حق الرجوع فيها و المفروض ان الرجوع أمر إنشائي و لم يتحقق بعد فمقتضي القاعدة أن تؤثر الأولي و تلغو الثانية نظير ما لو باع زيد داره بالبيع الخياري و مع الذهول عن المعاملة الواقعة و نسيانها باعها ثانيا من شخص آخر فهل يمكن أن يكون البيع الثاني صحيحا مع وقوعه علي ملك الغير؟ و يؤيد المدعي ما رواه حمران «2» لكن الرواية ضعيفة بأبي جميله.

و قياس المقام بباب البيع مع الفارق فان البائع بعد البيع الاول اجنبي عن المال و ليس له أن يبيعه ثانيا و أما الموصي فله أن

يبطل الوصية الاولي و يوصي

______________________________

(1) لاحظ ص: 331

(2) لاحظ ص: 359

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 372

اعطيت لعمرو و كذا اذا اوصي بثلثه لزيد ثم أوصي به لعمرو (1) و اذا أوصي بثلثه لزيد ثم أوصي بنصف ثلثه لعمرو كان الثلث بينهما علي السوية و كذا اذا اوصي بعين شخصية لزيد ثم أوصي بنصفها لعمرو فتكون الثانية ناسخة للأولي بمقدارها (2).

[مسألة 16: إذا أوصي بوصايا متعددة غير متضادة و كانت كلها مما يخرج من الأصل]

(مسألة 16): اذا أوصي بوصايا متعددة غير متضادة و كانت كلها مما يخرج من الاصل وجب اخراجها من الاصل و ان زادت علي الثلث (3) و ان كانت كلها واجبات لا تخرج من الاصل كالواجبات البدنية و الكفارات و النذور اخرجت من الثلث (4) فان زادت علي الثلث و اجاز الورثة اخرجت جميعها (5) و ان لم يجز الورثة ورد النقص علي الجميع بالنسبة (6) سواء أ كانت مرتبة بأن ذكرت في كلام الموصي

______________________________

وصية اخري فالحق ما افاده في المتن.

(1) فانه بعد فرض صحة الثانية و بطلان الاولي تكون النتيجة كما ذكر و قس عليه الفرع الثاني.

(2) اذ المفروض ان الوصية بطلت بالنسبة الي نصف الثلث فالنتيجة تعدد الموصي له فلكل منهما نصف الثلث و قس عليه الفرع التالي فلاحظ.

(3) كما مر فانه يجب اخراجها من الأصل و ان زاد علي الثلث كما في المتن.

(4) لنفوذ الوصية فيه فقط.

(5) لنفوذ الزائد مع اجازة الوارث كما مر.

(6) لعدم جواز الترجيح بلا مرجح.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 373

واحدة بعد اخري كما اذا قال: اعطوا عني صوم عشرين سنة و صلاة عشرين سنة أم كانت غير مرتبة بان ذكرت جملة واحدة كما اذا قال:

اقضوا عني عباداتي مدة عمري صلاتي و صومي (1) فاذا كانت تساوي قيمتها نصف التركة

فان اجاز الورثة

______________________________

(1) يمكن أن يقال: بأنه ما لم يرفع اليد عن السابقة لا تصل النوبة الي اللاحقة و قد مر قريبا نظير هذا الاشكال هذا بحسب القاعدة الاولية، و لكن يمكن أن يكون الماتن فيما افاده ناظرا الي النصوص الخاصة الواردة في المقام منها ما رواه معاوية بن عمار، قال: اوصت إلي امرأة من أهل بيتي بمالها «بثلث مالها خ ل» و امرت أن يعتق عنها و يحج و يتصدق، فلم يبلغ ذلك، فسألت أبا حنيفة فقال: يجعل ذلك اثلاثا ثلثا في الحج، و ثلثا في العتق، و ثلثا في الصدقة، فدخلت علي أبي عبد اللّه عليه السلام فقلت له: ان امرأة من اهلي «اهل بيتي خ ل» ماتت و اوصت إلي بثلث مالها، و أمرت أن يعتق عنها و يحج عنها و يتصدق، فنظرت فيه فلم يبلغ، فقال:

ابدء بالحج فانه فريضة من فرائض اللّه عز و جل، و اجعل ما بقي طائفة في العتق، و طائفة في الصدقة، فأخبرت أبا حنيفة بقول أبي عبد اللّه عليه السلام فرجع عن قوله و قال بقول أبي عبد اللّه عليه السلام «1».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: في امرأة أوصت بمال في عتق و حج و صدقة فلم يبلغ؟ قال: ابدء بالحج فانه مفروض فان بقي شي ء فاجعل في الصدقة طائفة و في العتق طائفة 2.

و منها: ما رواه أيضا قال: ماتت اخت مفضل بن غياث و أوصت بشي ء من مالها الثلث في سبيل اللّه، و الثلث في المساكين، و الثلث في الحج، فاذا هو

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 65 من احكام الوصايا الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين،

ج 9، ص: 374

______________________________

لا يبلغ ما قالت «الي أن قال» و لم تكن حجت المرأة فسألت ابا عبد اللّه عليه السلام فقال لي: ابدء بالحج، فانه فريضة من فرائض اللّه عليها، و ما بقي اجعله بعضا في ذا و بعضا في ذا الحديث «1».

و منها: ما رواه أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة أوصت بمال في الصدقة و الحج و العتق، فقال: ابدء بالحج فانه مفروض فان بقي شي ء فاجعل في العتق طائفة، و في الصدقة طائفة «2».

و منها: ما رواه أيضا قال: ان امرأة هلكت و أوصت بثلثها يتصدق به عنها و يحج عنها و يعتق عنها، فلم يسع المال ذلك (الي أن قال) فسألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ذلك فقال: ابدء بالحج: فان الحج فريضة، فما بقي فضعه في النوافل 3.

و منها: ما رواه محمد بن عبد الجبار، قال: كتبت الي العسكري عليه السلام امرأة أوصت الي رجل و اقرت له بدين ثمانية آلاف درهم، و كذلك ما كان لها من متاع البيت من صوف و شعر و شبه و صفر و نحاس و كل ما لها اقرت به للموصي اليه، و اشهدت علي وصيتها، و أوصت أن يحج عنها من هذه التركة حجتان، و تعطي مولاة لها أربعمائة درهم، و ماتت المرأة و تركت زوجا، فلم ندر كيف الخروج من هذا و اشتبه علينا الامر، و ذكر كاتب ان المرأة استشارته فسألته ان يكتب لهم ما يصح لهذا الوصي، فقال: لها لا تصح تركتك «لهذا الوصي خ ل» الا باقرارك له بدين يحيط بتركتك بشهادة الشهود، و تأمريه بعد أن ينفذ ما توصيه به، و كتبت له

بالوصية علي هذا و اقرت للوصي بهذا الدين، فرأيك ادام اللّه عزك في مسألة

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 30 من أبواب وجوب الحج و شرائطه الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 375

نفذت في الجميع (1) و ان لم يجز الورثة ينقص من وصية الصلاة الثلث و من وصية الصوم الثلث (2) و كذا الحكم اذا كانت كلها تبرعية غير واجبة فانها ان زادت علي الثلث و اجاز الورثة وجب اخراج الجميع (3).

______________________________

الفقهاء قبلك عن هذا و تعريفنا ذلك لنعمل به ان شاء اللّه، فكتب بخطه: ان كان الدين صحيحا معروفا مفهوما فيخرج الدين من رأس المال ان شاء اللّه، و ان لم يكن الدين حقا انفذ لها ما أوصت به من ثلثها كفي أو لم يكف «1».

و منها: ما رواه الحسين بن مالك قال: كتبت الي أبي الحسن عليه السلام:

اعلم سيدي ان ابن اخ لي توفي و اوصي لسيدي بضيعة، و أوصي ان يدفع كل ما في داره حتي الاوتاد تباع و يحمل الثمن الي سيدي، و أوصي بحج و أوصي للفقراء من اهل بيته و اوصي لعمته و اخيه بمال، فنظرت فاذا ما أوصي به اكثر من الثلث، و لعله يقارب النصف، مما ترك، و خلف ابنا لثلاث سنين، و ترك دينا، فرأي سيدي؟

فوقع عليه السلام: يقتصر من وصيته علي الثلث من ماله، و يقسم ذلك بين من أوصي له علي قدر سهامهم ان شاء اللّه «2».

و في قبال هذه الطائفة رواية عن أبي جعفر عليه السلام «3» يستفاد منها ان المقدم في الذكر يقدم و هذه الرواية ضعيفة بأبي جميلة.

(1) اذ باجازة الوارث تصح الوصية في

الزائد علي الثلث.

(2) فاذا فرض مجموع التركة اثني عشر دينارا يكون نصفه ستة دنانير و بعد نقصان الثلث من كل منهما يبقي ثلث التركة اي اربعة دنانير.

(3) كما هو ظاهر بعد اجازة الوارث.

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من احكام الوصايا الحديث: 10

(2) الوسائل الباب 11 من احكام الوصايا الحديث: 14

(3) لاحظ ص: 359

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 376

و ان لم يجز الورثة ورد النقص علي الجميع بالنسبة (1) و اذا كانت الوصايا المتعددة مختلفة بعضها واجب يخرج من الاصل و بعضها واجب لا يخرج من الاصل كما اذا قال: اعطوا عني ستين دينارا عشرين دينارا زكاة و عشرين دينارا صلاة و عشرين دينارا صوما فان وسعها الثلث اخرج الجميع (2) و كذلك ان لم يسعها و اجاز الورثة (3) اما اذا لم يسعها و لم يجز الورثة فيقسم الثلث علي الجميع (4) و ما يجب اخراجه من أصل التركة يلزم تتميمه منها فاذا كان الميت قد ترك مائة دينار يخرج من اصل تركته عشرة دنانير للزكاة ثم يخرج ثلثه ثلاثون دينارا فيوزع علي الزكاة و الصلاة و الصوم (5) و كذا الحال فيما اذا تعددت الوصايا و كان بعضها واجبا يخرج من الاصل و بعضها تبرعية (6) نعم اذا لم يمكن التتميم من التركة تعين التتميم من الثلث في كلتا الصورتين (7) و اما اذا تعددت الوصايا و كان بعضها واجبا لا يخرج من الاصل

______________________________

(1) كما هو مقتضي عدم الترجيح.

(2) كما هو ظاهر لعدم منافاة بينها.

(3) كما هو ظاهر اذ مع اجازة الوارث يجب.

(4) لعدم الترجيح في البعض علي الاخر.

(5) لخروج الدين من الاصل كما مر.

(6) لوحدة الملاك و عدم الفرق، فلاحظ.

(7) اذ الدين مقدم علي

الوصية، لاحظ ما رواه محمد بن قيس «1».

______________________________

(1) لاحظ ص: 333

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 377

و بعضها تبرعية و لم يف الثلث بالجميع و لم يجزها الورثة ففي تقديم الواجب علي غيره اشكال و كلام و الاظهر هو التقديم (1).

[مسألة 17: المراد من الوصية التبرعية الوصية بما لا يكون واجبا عليه في حياته]

(مسألة 17): المراد من الوصية التبرعية الوصية بما لا يكون واجبا عليه في حياته سواء أ كانت تمليكية كما اذا قال: فرسي أزيد بعد وفاتي أم عهدية كما اذا قال: تصدقوا بفرسي بعد وفاتي (2).

[مسألة 18: إذا أوصي بثلثه لزيد من دون تعيينه في عين شخصية يكون الموصي له شريكا مع الورثة فله الثلث و لهم الثلثان]

(مسألة 18): اذا أوصي بثلثه لزيد من دون تعيينه في عين شخصية يكون الموصي له شريكا مع الورثة فله الثلث و لهم الثلثان فان تلف من التركة شي ء كان التلف علي الجميع و ان حصل لتركته نماء كان النماء مشتركا بين الجميع (3) و كذا اذا اوصي بصرف ثلثه في مصلحته من طاعات و قربات يكون الثلث باقيا علي ملكه فان تلف من التركة شي ء كان التلف موزعا عليه و علي بقية الورثة و ان حصل النماء كان له منه الثلث و اذا عين ثلثه في عين معينة تعين كما عرفت

______________________________

(1) لاحظ ما رواه معاوية بن عمار «1» فان المستفاد من هذه الرواية انه لو وقعت الوصية علي المفروض و غير المفروض يقدم المفروض عند التزاحم، و بعبارة اخري عموم العلة يقتضي ما ذكر.

(2) الامر كما أفاده فان التبرع مقابل ما يجب عليه.

(3) ما أفاده في هذا الفرع تام و علي طبق القواعد الاولية و لا يحتاج الي بحث و بعبارة اخري: الوصية التمليكية تقتضي انتقال مورد الوصية الي الموصي له فيترتب عليه احكام الملك.

______________________________

(1) لاحظ ص: 373

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 378

فاذا حصل منها نماء كان النماء له وحده و ان تلف بعضها أو تمامها اختص به التلف و لم يشاركه فيه بقية الورثة (1).

[مسألة 19: إذا أوصي بثلثه مشاعا ثم أوصي بشي ء آخر معينا]

(مسألة 19): اذا اوصي بثلثه مشاعا ثم اوصي بشي ء آخر معينا كما اذا قال: انفقوا علي ثلثي و اعطوا فرسي لزيد وجب اخراج ثلثه من غير الفرس و تصح وصيته بثلث الفرس لزيد و أما وصيته بالثلثين الاخرين من الفرس لزيد فصحتها لزيد موقوفة علي اجازة الورثة فان لم يجيزوا بطلت كما تقدم و اذا كان الاخر غير معين

كما اذا قال انفقوا علي ثلثي و اعطوا زيدا مائة دينار توقفت الوصية بالمائة علي اجازة الورثة فان اجازوها في الكل صحت في تمامها و ان اجازوها في البعض صحت في بعضها و ان لم يجيزوا منها شيئا بطلت في جميعها و نحوه اذا قال: اعطوا ثلثي لزيد و اعطوا ثلثا آخر من مالي لعمرو فانه تصح وصيته لزيد و لا تصح وصيته لعمرو الا باجازة الورثة اما اذا قال:

اعطوا ثلثي لزيد ثم قال: اعطوا ثلثي لعمرو كانت الثانية ناسخة للأولي كما عرفت و المدار علي ما يفهم من الكلام (2).

______________________________

(1) اذ في هذه الصورة لا ينتقل الثلث الي احد فيكون باقيا علي ملك الميت و علي الجملة ما أفاده تام فلا وجه لإطالة الكلام.

(2) اذ المفروض انه تعلقت الوصية بثلث جميع ما تركه بنحو الاشاعة و يترتب عليه نفوذ وصيته في الفرس بمقدار ثلثه و أما الزائد عليه فيحتاج الي اجازة الورثة و ان شئت قلت: ان الوصية الأولي تعلقت بالثلث و الوصية الثانية تعلقت بما زاد عليه فيحتاج الي الاجازة و مع صحة الاولي لا يمكن تصحيح الثانية الا مع رفع

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 379

[مسألة 20: لا تصح الوصية في المعصية]

(مسألة 20): لا تصح الوصية في المعصية فاذا أوصي بصرف مال في معونة الظالم أو في ترويج الباطل كتعمير الكنائس و البيع و نشر كتب الضلال بطلت الوصية (1).

[مسألة 21: إذا كان ما اوصي به جائزا عند الموصي باجتهاده أو تقليده و ليس بجائز عند الوصي كذلك]

(مسألة 21): اذا كان ما اوصي به جائزا عند الموصي باجتهاده أو تقليده و ليس بجائز عند الوصي كذلك لم يجز للوصي تنفيذ الوصية و اذا كان الامر بالعكس وجب علي الوصي العمل (2).

[مسألة 22: إذا أوصي بحرمان بعض الورثة من الميراث فلم يجز ذلك البعض لم يصح]

(مسألة 22): اذا أوصي بحرمان بعض الورثة من الميراث فلم يجز ذلك البعض لم يصح نعم اذا لم يكن قد اوصي بالثلث و اوصي بذلك وجب العمل بالوصية بالنسبة الي الثلث لغيره فاذا كان له ولدان و كانت التركة ستة فأوصي بحرمان ولده زيد من الميراث

______________________________

اليد عن الأولي و لو في الجملة.

و قد مر ان الوصية الثانية المضادة للأولي ناسخة للأولي فكيف الجمع بين ما افاده في المقام و ما افاده فيما تقدم؟ و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان الوصية الثانية نافذة في جميع الفرس و ناسخة للأولي بهذا المقدار و اللّه العالم.

(1) فان النهي عن شرب الخمر مثلا ينافي امضاء الوصية بصرف المال فيه و هكذا، نعم لو فرض وجود منفعة محللة للخمر مثلا لا مانع من الوصية به بلحاظ تلك المنفعة كالطلي.

(2) اذ المفروض ان الوصي يري العمل الفلاني حراما فيري كون الوصية به باطلا و مع البطلان لا موضوع للقيام بالعمل علي طبقها و أما في صورة العكس يري صحة الوصية فيجب القيام بها لعدم جواز التبديل فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 380

اعطي زيد اثنين و اعطي الاخر اربعة و اذا أوصي بسدس ماله لأخيه و أوصي بحرمان ولده زيد من الميراث اعطي اخوه السدس و اعطي زيد الثلث و اعطي ولده الاخر النصف (1).

[مسألة 23: إذا أوصي بمال زيد بعد وفاة نفسه لم يصح]

(مسألة 23): اذا اوصي بمال زيد بعد وفاة نفسه لم يصح و ان اجاز زيد (2) و اذا أوصي بمال زيد بعد وفاة زيد فأجاز زيد صح (3).

______________________________

(1) الظاهر ان ما افاده تام و علي طبق القاعدة و لا يحتاج الي تطويل في البحث فلاحظ.

(2) فانه خارج عن الوصية و لا مقتضي لصحة هذا الانشاء، و

بعبارة اخري الوصية بالمال مع حياة المالك لا تصح اذ متعلق الوصية و موضوعها ما بعد الموت فلا مجال للصحة مع حياة المالك.

(3) علي ما هو المقرر عندهم من صحة الفضولي بالاجازة و قد ذكرنا في بحث المعاملات عدم تمامية الفضولي علي القاعدة.

نعم انما نلتزم بصحته مع الاجازة فيما يقوم دليل خاص علي صحته، و الحق صحة الفضولي مع الاجازة بلحاظ النص الخاص، لاحظ حديث زرارة «1» و لا يخفي: ان البطلان الذي ندعيه يتوقف علي كون الاجازة انفاذا لعمل الفضولي و أما لو كان الاجازة مصداقا للإنشاء كما لو كتب زيد وصية من قبل غيره و ذلك الغير بعد الاطلاع علي ذلك الكتاب انشأ الوصية بالنحو المزبور جازت الوصية لصدق العنوان و دخوله تحت دليل النفوذ.

و بعبارة اخري: تارة تكون الاجازة وصية ابتدائية و يصدق بالاجازة عنوان الوصية فلا اشكال في الصحة و أما نفوذها بالاجازة فيتوجه عليه ما ذكرناه في ذلك البحث، و الحق كما تقدم الصحة مع الاجازة بالنص الخاص.

______________________________

(1) لاحظ ص: 346

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 381

[مسألة 24: قد عرفت أنه إذا أوصي بعين من تركته لزيد ثم أوصي بها لعمرو كانت الثانية ناسخة]

(مسألة 24): قد عرفت انه اذا أوصي بعين من تركته لزيد ثم أوصي بها لعمرو كانت الثانية ناسخة و وجب دفع العين لعمرو فاذا اشتبه المتقدم و المتأخر تعين الرجوع الي القرعة في تعيينه (1).

[مسألة 25: إذا دفع إنسان إلي آخر مالا و قال له إذا مت فانفقه عني و لم يعلم أنه أكثر من الثلث أو أقل او مساو له]

(مسألة 25): اذا دفع انسان الي آخر مالا و قال له اذا مت فانفقه عني و لم يعلم انه اكثر من الثلث او أقلّ او مساو له او علم انه اكثر و احتمل انه مأذون من الورثة في هذه الوصية او علم انه غير مأذون من الورثة لكن احتمل انه كان له ملزم شرعي يقتضي اخراجه من الاصل فهل يجب علي الوصي العمل بالوصية حتي يثبت بطلانها فيه اشكال و لا سيما في الفرضين الاخيرين (2).

[مسألة 26: إذا أوصي بشي ء لزيد و تردد بين الأقل و الأكثر]

(مسألة 26): اذا اوصي بشي ء لزيد و تردد بين الاقل و الاكثر

______________________________

(1) لأنها لكل أمر مشكل.

(2) الذي يختلج بالبال أن يفصل بين الصورة الأولي و الصورتين الأخيرتين بأن تلتزم بالصحة في الأولي و بعدمها فيهما، و تقريب المدعي ان الوصية بالثلث جائز بلا اشكال و مع الشك في الزيادة يحرز موضوع النفوذ باستصحاب عدم كونه زائدا و لا مجال لاستصحاب عدم كونه غير زائد لعدم ترتب اثر عليه الا علي النحو المثبت الذي لا نقول به و اما مع احراز الزيادة فمقتضي قانون الارث انتقال ما تركه الميت الي الورثة كما ان مقتضي الاصل عدم الاذن و عدم الزام شرعي و حمل فعل المسلم علي الصحة لا يقتضي ترتيب الاثر عليه.

و بعبارة اخري: لا يستفاد من دليله الا عدم اتهامه و حسن الظن به لا أزيد من هذا المقدار، و أما حمل فعل الغير علي الصحة بمعني جعل عمله مؤثرا فهو يتوقف

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 382

اقتصر علي الاقل (1) و اذا تردد بين المتباينين عين بالقرعة (2).

[فصل في الموصي له]

اشارة

فصل في الموصي له

[مسألة 1: الأظهر صحة الوصية العهدية للمعدوم إذا كان متوقع الوجود في المستقبل]

(مسألة 1): الاظهر صحة الوصية العهدية للمعدوم اذا كان متوقع الوجود في المستقبل مثل أن يوصي باعطاء شي ء لأولاد ولده الذين لم يولدوا حال الوصية و لا حين موت الموصي (3) فيبقي المال الموصي به في ملك الموصي (4) فان ولدوا بعد ذلك اعطي لهم و إلا صرف في الاقرب فالاقرب الي نظر الموصي (5) و أما الوصية التمليكية فهي

______________________________

علي احراز كونه مالكا للعمل الفلاني، و أما مع الشك في كونه مالكا فلا دليل علي جريان اصالة الصحة.

اللهم الا أن يقال: ان عمل ذي اليد و قوله حجة بالنسبة الي ما في يده و المقام من صغريات تلك الكبري، و علي الجملة المسألة لا تكون واضحة و لو قيل باعتبار كلام القائل بتقريب كونه ذا اليد لا يكون جزافا، و اللّه العالم بحقائق الامور.

(1) لعدم دليل علي الازيد و مقتضي الاصل عدمه.

(2) لأنها لكل أمر مشتبه.

(3) لإطلاق دليل الوصية.

(4) كما هو مقتضي القاعدة اذ الوصية مانعة من الانتقال الي الوارث و حيث لا موجب لخروجه عن ملك الميت يبقي في ملكه الي ذلك الزمان.

(5) الحق ان اثباته مشكل فان الوصية من الامور الانشائية و مع عدم تعلق الانشاء بالاقرب فالاقرب لا مقتضي له كما هو ظاهر.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 383

لا تصح للمعدوم الي زمان موت الموصي (1) و او أوصي لحمل فان ولد حيا ملك الموصي به (2).

______________________________

(1) اذ الموصي به ينتقل من ملك الموصي حين وفاته فكيف يمكن صيرورته ملكا للموصي له مع فرض كونه معدوما و المعدوم غير قابل للملكية و لقائل أن يقول:

اي مانع من أن يبقي الموصي به في ملك الموصي حتي بعد وفاته و ينتقل

الي ملك الموصي له بعد وجوده.

لكن يظهر من الجواهر «1» ان الادلة قاصرة للشمول و علي فرض شمولها لا بد من رفع اليد عنها بالإجماع المنقول و المحصل و لا يبعد أن ما أفاده تام اذ ليس في الأدلة ما يدل علي الجواز و لو مع عدم وجود الموصي له لاحظ قوله تعالي: «كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذٰا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوٰالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ» «2» فان الظاهر منه فرض الوجود للموصي له و قس علي الاية الشريفة النصوص الواردة في الموارد المختلفة.

و لكن الانصاف ان منع الاطلاق في جميع النصوص مشكل فان جملة منها مطلقة من هذه الجهة لاحظ احاديث الواردة في الباب 11 من احكام الوصايا «3» و قد مر بعض النصوص لاحظ احاديث احمد و عمار و عليه لا بد من اتمام الامر بالإجماع و التسالم، و اللّه العالم.

(2) قال في الحدائق «4»: «الظاهر انه لا خلاف في أنه تصح الوصية للحمل الموجود حين الوصية و ان لم تحله الحياة لكن يكون ذلك مراعي بوضعه حيا فتصح بمجرد وجوده و ان كان استقرارها مشروطا بوضعه حيا فلو وضعه ميتا بطلت

______________________________

(1) ج 28 ص: 363 و 364

(2) البقرة/ 181

(3) لاحظ ص: 360

(4) ج 22 ص: 551

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 384

و الا بطلت الوصية و رجع المال الي ورثة الموصي (1) و تصح الوصية للذمي (2).

______________________________

الوصية و ان كان حال الوصية حيا في بطن امه كما انها تصح بوضعه حيا و ان لم يكن حال الوصية حيا و لم تلجه الروح و معني استقرارها تحقق صحتها من حين موت الموصي، و مع وضعه ميتا يتبين البطلان من ذلك الوقت، و حينئذ

فالنماء المتخلل بين الولادة و موت الموصي يتبع العين و لم اقف في هذا المقام علي نص غير ان ظاهر الاصحاب الاتفاق علي ما ذكرنا، فانه لم ينقل هنا خلاف في شي ء من هذه الاحكام» انتهي موضع الحاجة من كلامه رفع في الفردوس مقامه و هذا التفصيل ان تم بالإجماع و التسالم فهو و الا فللمناقشة فيما ذكر مجال.

(1) قد علل هذا الحكم تارة بأنه لو لم يولد حيا لا يكون قابلا للمالكية لعدم ترتب اثر علي مالكيته و اخري بقياسه بباب الارث من التفصيل بين تولده حيا و عدمه.

و يمكن أن يرد علي التقريب الاول اولا بالنقض بما لو ولد حيا و مات في ساعته و ثانيا بالحل بأن أثر ملكيته انتقال ملكه الي وارثه نظير ما قيل في الوقف بأن الموقوف له اذا ملك و سقط ميتا بعد ولوج الروح فيه يكون ملكه ارثا لوارثه و علي التقريب الثاني ببطلان القياس في المذهب فعليه ان تم اجماع تعبدي و الا فلا مانع حسب الأدلة، فلاحظ.

(2) الذي يظهر من بعض كلمات الاصحاب ان عمدة الأقوال في الذمي ثلاثة:

قول بالجواز علي الاطلاق و قول بعدمه كذلك و قول بالتفصيل بين كونه رحما فيجوز و كونه اجنبيا فلا يجوز و قد ذكرت في وجه الجواز امور:

الاول: انه مضافا الي عدم الخلاف المدعي في المقام قوله تعالي لا ينهاكم اللّه عن الذين لم يقاتلوكم في الدين و لم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم و تقسطوا

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 385

______________________________

اليهم «1» الاية بتقريب ان المستفاد من الاية الكريمة انه لا بأس بالبر بالنسبة الي الذمي.

الثاني: ما دل من النصوص علي الترغيب بالبر و الاحسان بالنسبة الي كل

احد منها: ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اصنع المعروف الي من هو اهله، و الي من ليس من اهله، فان لم يكن هو اهله فكن أنت من اهله 2.

و منها: ما رواه معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اصنعوا المعروف الي كل احد فان كان اهله، و الا فانت اهله 3.

و منها: ما رواه علي بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن موسي عليه السلام قال اخذ أبي بيدي ثم قال: يا بني ان أبي محمد بن علي عليهما السلام أخذ بيدي كما اخذت بيدك و قال: ان أبي علي بن الحسين عليهما السلام أخذ بيدي و قال: يا بني افعل الخير الي كل من طلبه منك فان كان من اهله فقد اصبت موضعه، و ان لم يكن من اهله كنت انت من اهله، و ان شتمك رجل عن يمينك ثم تحول الي يسارك فاعتذر إليك فاقبل عذره 4.

الثالث: ما دل من النصوص علي التصدق علي كل احد لاحظ ما رواه، اسحاق بن عمار، عن جعفر عن أبيه ان عليا عليه السلام كان يقول: لا يذبح نسككم الا اهل ملتكم، و لا تصدقوا بشي ء من نسككم الا علي المسلمين، و تصدقوا بما سوا غير الزكاة علي اهل الذمة 5.

______________________________

(1) الممتحنة/ 8

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 3 من ابواب فعل المعروف الحديث: 1 و 2

(3) (4) نفس المصدر الحديث: 3

(4) (5) الوسائل الباب 19 من ابواب الصدقة الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 386

______________________________

الرابع: اطلاقات ادلة الوصية من الكتاب و السنة الخامس ما دل من النصوص الواردة في المقام، منها: ما رواه محمد بن مسلم

قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل أوصي بماله في سبيل اللّه، قال: اعطه لمن أوصي له به و ان كان يهوديا او نصرانيا ان اللّه عز و جل يقول: فمن بدله بعد ما سمعه فانما إثمه علي الذين يبدلونه «1».

و منها: ما رواه الريان بن شبيب «الصلت» قال: اوصت ماردة «مارد خ ل مارية خ ل» لقوم نصاري فراشين بوصية فقال اصحابنا: اقسم هذا في فقراء المؤمنين من اصحابك، فسألت الرضا عليه السلام فقلت: ان اختي اوصت بوصية لقوم نصاري، و اردت ان اصرف ذلك الي قوم من اصحابنا مسلمين، فقال: امض الوصية علي ما أوصت به، قال اللّه تعالي: فانما اثمه علي الذين يبدلونه «2».

و منها: ما رواه أبو خديجة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يرث الكافر المسلم و للمسلم أن يرث الكافر الا أن يكون المسلم قد أوصي للكافر بشي ء 3

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أوصي بماله في سبيل اللّه، قال: اعطه لمن اوصي له، و ان كان يهوديا أو نصرانيا ان اللّه يقول: «فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مٰا سَمِعَهُ فَإِنَّمٰا إِثْمُهُ عَلَي الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ» 4.

و منها: ما رواه الحسين بن سعيد في حديث آخر عن الصادق عليه السلام قال:

قال عليه السلام: لو ان رجلا اوصي إلي ان اضع في يهودي أو نصراني لوضعت فيهم ان اللّه يقول: «فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مٰا سَمِعَهُ فَإِنَّمٰا إِثْمُهُ عَلَي الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ» 5.

و استدل لعدم الجواز بقوله تعالي «لٰا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللّٰهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوٰادُّونَ

______________________________

(1) الوسائل الباب 32 من أحكام الوصايا الحديث: 1

(2) (2 و 3 و 4 و 5)

الوسائل الباب 35 من أحكام الوصايا الحديث: 1 و 4 و 5 و 6

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 387

______________________________

مَنْ حَادَّ اللّٰهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَوْ كٰانُوا آبٰاءَهُمْ أَوْ أَبْنٰاءَهُمْ أَوْ إِخْوٰانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمٰانَ وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَ يُدْخِلُهُمْ جَنّٰاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهٰارُ خٰالِدِينَ فِيهٰا رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ أُولٰئِكَ حِزْبُ اللّٰهِ أَلٰا إِنَّ حِزْبَ اللّٰهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» «1»

بتقريب ان المستفاد من الاية الكريمة حرمة الموادة معهم حتي لو كانوا ارحاما فتكون الاية دليلا علي الحرمة بلا فرق بين الاجنبي و الرحم، و الوصية لهم نوع من المودة فلا يجوز.

و يرد عليه اولا- انه كما قيل-: ان النهي عن الموادة معهم من حيث كونهم يحادون اللّه و الا يلزم حرمة سقي الكافر و هو كما تري و ثانيا: علي فرض التنزل لا بد من تقييد الاية الشريفة بالآية المتقدمة.

و ثالثا: لا بد من رفع اليد عن الاية و اطلاقها بالنصوص الدالة علي الجواز الواردة في خصوص الكافر كما مرت.

و رابعا: لا تنافي بين حرمة الوصية تكليفا و نفوذها وضعا كالبيع وقت النداء حيث انه حرام مع انه لا اشكال في صحته، فلاحظ.

مضافا الي جميع ذلك انه قد دل الكتاب و السنة علي رجحان البر و الاحسان بالنسبة الي الأرحام بل يدلان علي وجوبهما في الجملة سيما بالنسبة الي الوالدين و قد ذكرنا في بحث صلة الارحام ان مقتضي اطلاق الادلة عدم الفرق بين كون الرحم مسلما و كونه كافرا لاحظ ما رواه صفوان بن الجهم بن حميد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: تكون لي القرابة علي غير امري، ألهم علي حق؟ قال: نعم حق الرحم

لا يقطعه شي ء و اذا كانوا علي أمرك كان لهم حقان: حق الرحم و حق الإسلام «2»

______________________________

(1) المجادلة/ 22

(2) الاصول من الكافي ج 2 كتاب الايمان و الكفر الحديث: 30 ص- 157

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 388

و للحربي (1) و لمملوكه و أم ولده و مدبره و مكاتبه (2).

______________________________

فان المستفاد من هذه الرواية ان الرحم يوصل و ان لم يكن مسلما.

(1) ربما يستدل علي عدم الجواز بامور: الاول الاجماع و فيه ان المنقول:

منه لا يكون حجة و المحصل منه علي فرض تحققه محتمل المدرك فلا اعتبار به.

الثاني ان الحربي غير قابل لكونه مالكا فلا مجال للوصية له و فيه اولا ان هذا التقريب علي فرض تماميته لا يكون دليلا بالنسبة الي الوصية العهدية و ثانيا:

ان المدعي المذكور باطل فان الحربي يملك غاية الامر انه لا احترام لماله و كم فرق بين الامرين؟.

الثالث: ان الوصية له محرمة بمقتضي الاية المتقدمة من سورة المجادلة.

و يرد عليه جميع ما قلناه آنفا و من جملة ما ذكرناه ان الحرمة التكليفية لا تستلزم الفساد الوضعي.

و لا يخفي: ان مقتضي الاطلاق عدم الفرق في اليهود و النصاري بين الذمي و الحربي منهما فان النصوص الدالة علي جواز الوصية لليهود و النصاري تشمل باطلاقها كلا الفريقين من كلتا الطائفتين: فالحق ما أفاده في المتن.

(2) ادعي علي جميع ما ذكر الاجماع- كما في الجواهر-، و يمكن أن يستدل علي المدعي بما رواه محمد بن الحسن الصفار انه كتب الي أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام: رجل أوصي بثلث ماله في مواليه و مولياته الذكر و الاثني فيه سواء أو للذكر مثل حظ الأنثيين من الوصية؟ فوقع عليه السلام: جائز للميت ما اوصي

به علي ما اوصي ان شاء اللّه «1».

و يمكن الاستدلال أيضا بما رواه محمد بن علي بن محبوب، قال: كتب رجل الي الفقيه عليه السلام: رجل أوصي لمواليه و موالي ابيه بثلث ماله فلم يبلغ ذلك

______________________________

(1) الوسائل الباب 63 من احكام الوصايا

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 389

و لا تصح لمملوك غيره قنا كان او غيره (1) و ان اجاز مولاه (2) الا اذا كان مكاتبا مطلقا و قد ادي بعض مال الكتابة فيصح من الوصية له قدر ما تحرر منه (3).

[مسألة 2: إذا كان ما أوصي به لمملوكه بقدر قيمته أعتق و لا شي ء له]

(مسألة 2): اذا كان ما أوصي به لمملوكه بقدر قيمته اعتق و لا شي ء له و اذا كان اكثر من قيمته اعتق و اعطي الزائد و ان كان أقلّ منها

______________________________

قال: المال لمواليه و سقط موالي ابيه «1».

(1) يمكن الاستدلال عليه مضافا الي الاجماع المدعي في المقام في الجملة بما رواه عبد الرحمن بن الحجاج، عن احدهما عليهما السلام انه قال: لا وصية للمملوك «2».

(2) للإطلاق.

(3) لما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قضي امير المؤمنين عليه السلام في مكاتب كانت تحته امرأة حرة فأوصت له عند موتها بوصية، فقال اهل الميراث: لا يجوز وصيتها لأنه مكاتب لم يعتق، فقضي انه يرث بحساب ما اعتق منه، و يجوز له من الوصية بحساب ما اعتق منه، قال: و قضي عليه السلام في مكاتب اوصي له بوصية و قد قضي نصف ما عليه فاجاز له نصف الوصية، و قضي في مكاتب قضي ربع ما عليه فاوصي له بوصية فاجاز له ربع الوصية، و قال في رجل أوصي لمكاتبته و قد قضت سدس ما كان عليها فاجاز لها بحساب ما اعتق منها «3».

______________________________

(1) الوسائل

الباب 69 من أحكام الوصايا الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 79 من أحكام الوصايا الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 80 من أحكام الوصايا الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 390

اعتق و استسعي في الزائد (1) سواء أ كان ما اوصي له بقدر نصف قيمته أم اكثر أم أقلّ (2).

[مسألة 3: إذا أوصي لجماعة ذكورا أو أناثا أو ذكورا و أناثا بمال اشتركوا فيه علي السوية]

(مسألة 3): اذا اوصي لجماعة ذكورا أو اناثا أو ذكورا و اناثا بمال اشتركوا فيه علي السوية و كذا اذا اوصي لا بنائه و بناته اولا عمامه و عماته او اخواله و خالاته او اعمامه و اخواله فان الحكم في الجميع التسوية الا أن تقوم القرينة علي التفصيل مثل أن يقول علي كتاب اللّه او نحو ذلك فيعطي للذكر مثل حظ الأنثيين (3).

______________________________

(1) لحديث حسن بن صالح، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل أوصي لمملوك له بثلث ماله، قال: فقال: يقوم المملوك بقيمة عادلة، قال عليه السلام ثم ينظر ما ثلث الميت، فان كان الثلث أقلّ من قيمة العبد بقدر ربع القيمة استسعي العبد في ربع القيمة، و ان كان الثلث اكثر من قيمة العبد اعتق العبد و دفع اليه ما فضل من الثلث بعد القيمة «القسمة خ ل» «1».

فان المستفاد من هذا الحديث ينطبق علي ما أفاده في المتن، فلاحظ.

(2) ربما يقال: ان المستفاد من الحديث حكم خاص في مورد خاص و لكن يمكن أن يقال ان العرف يفهم من هذا الحديث عدم الفرق بين الموارد، فلاحظ

(3) فانه مقتضي القاعدة الاولية و الترجيح يحتاج الي دليل.

و بعبارة اخري: مقتضي نفوذ الوصية نفوذها بكل نحو تحققت و الاعتبار بمقام الاثبات الكاشف عن مقام الثبوت فما دام لم يقم دليل علي الترجيح و التفصيل يكون مقتضي الظاهر

التسوية لكن يستفاد من حديث سهل قال: كتبت اليه: رجل له ولد ذكور و إناث فاقر لهم بضيعة انها لولده و لم يذكر انها بينهم علي سهام

______________________________

(1) الوسائل الباب 79 من أحكام الوصايا الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 391

[فصل في الوصي]

اشارة

فصل في الوصي

[مسألة 1: يجوز للموصي ان يعين شخصا لتنفيذ وصاياه و يقال له الوصي]

(مسألة 1): يجوز للموصي ان يعين شخصا لتنفيذ وصاياه و يقال له الوصي (1) و يشترط فيه امور (الاول): البلوغ علي المشهور فلا تصح الوصاية الي الصبي منفردا اذا اراد منه التصرف في حال صباه مستقلا و لكنه لا يخلو عن اشكال (2).

______________________________

اللّه و فرائضه الذكر و الاثني فيه سواء؟ فوقع عليه السلام: ينفذون فيها وصية ابيهم علي ما سمي، فان لم يكن سمي شيئا ردوها الي كتاب اللّه و سنة نبيه صلي اللّه عليه و آله «1»، التفصيل بين ان يعين الموصي و يسمي و ان يطلق كلامه فانه يجب في الصورة الثانية التقسيم علي ما فرض اللّه، لكن الحديث ضعيف بسهل.

و في المقام رواية رواها زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام في رجل أوصي بثلث ماله في اعمامه و اخواله فقال: لأعمامه الثلثان و لأخواله الثلث «2»، تدل علي أنه لو اوصي احد بثلث ماله لأعمامه و اخواله يكون لأعمامه الثلثان و لأخواله الثلث، و الرواية لا بأس بسندها فيشكل ما أفاده في المتن علي نحو الاطلاق و اعراض المشهور عن الرواية لا يقتضي ضعفها كما هو مسلك سيدنا الاستاد فلاحظ.

(1) هذا من الواضحات التي ليست قابلة للتشكيك فيها و يستفاد مشروعية المدعي من نصوص كثيرة: منها ما رواه معاوية بن عمار «3».

(2) ربما يستدل علي المدعي بقوله تعالي «فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ

______________________________

(1) الوسائل الباب 64 من احكام الوصايا الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 62 من احكام الوصايا

(3) لاحظ ص: 373

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 392

______________________________

أَمْوٰالَهُمْ» «1» فان المستفاد من الاية الكريمة ان مجرد الرشد لا يكفي في جواز التصرف بل يشترط فيه مضافا الي الرشد البلوغ و بدونه

لا يتم الأمر و يترتب عليه عدم نفوذ تصرفات غير البالغ.

ان قلت: هذه الاية تدل علي عدم جواز تصرفات غير البالغ في ملكه و المقام لا يرتبط بذلك الباب قلت: لا يبعد ان العرف يفهم قصور غير البالغ عن التصرف فلا فرق بين الأبواب، فتأمل.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بطوائف من النصوص: الطائفة الأولي:

ما يدل علي عدم نفوذ امر الصبي «2» و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان «3».

و منها: ما رواه محمد بن علي بن الحسين قال: قال: أبو عبد اللّه عليه السلام اذا بلغت الجارية تسع سنين دفع اليها مالها، و جاز امرها في مالها، و اقيمت الحدود التامة لها و عليها «4».

و منها: ما رواه ابو الحسين الخادم بباع اللؤلؤ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأله أبي و انا حاضر عن اليتيم متي يجوز امره؟ قال: حتي يبلغ اشده.

قال: و ما أشده؟ قال: احتلامه، قال: قلت: قد يكون الغلام ابن ثمان عشرة سنة او أقلّ او اكثر و لم يحتلم، قال: اذا بلغ و كتب عليه الشي ء «و نبت عليه الشعر ظ» جاز عليه أمره الا أن يكون سفيها او ضعيفا 5.

بتقريب ان المستفاد من هذه النصوص انه لا يجوز و لا يمضي امر الصبي الا بأن يبلغ و اورد علي الاستدلال سيدنا الاستاد بأن الظاهر من هذه النصوص نفي

______________________________

(1) النساء/ 6

(2) لاحظ ص: 339

(3) لاحظ ص: 339

(4) (4 و 5) الوسائل الباب 2 من احكام الحجر الحديث: 3 و 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 393

نعم الاحوط أن يكون تصرفه باذن الولي أو الحاكم الشرعي (1) أما لو أراد أن يكون تصرفه بعد البلوغ (2) او مع اذن الولي

فالاظهر صحة

______________________________

استقلال الصبي بالأمر و أما مع اجازة وليه فلا تعرض في النصوص له.

لكن الانصاف: ان مقتضي الاطلاق عدم ترتب الاثر علي فعله و لو مع اجازة وليه، لكن العمدة في الاشكال عدم تمامية اسناد النصوص المشار اليها ظاهرا.

الطائفة الثانية: ما يدل علي رفع القلم عن الصبي حتي يحتلم و من تلك الطائفة ما رواه عمار الساباطي «1» بتقريب ان مقتضي رفع القلم عنه عدم ترتب اثر علي إنشائه فوجوده كالعدم.

و يرد عليه: ان رفع القلم لا يستلزم عدم اعتبار إنشائه فان الظاهر من هذه الجملة ان الصبي لا يلزم بشي ء و من الظاهر انه لو أجري صيغة البيع وكالة عن قبل المالك لا يتوجه الزام عليه الا أن يقال: انه لو صار وكيلا او وصيا و اوقع معاملة وكالة أو وصاية يلزم بترتيب الاثر.

الطائفة الثالثة: ما يدل علي ان عمده خطاء لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «2» فان مقتضي الحديث ان عمده في حكم خطائه من حيث عدم ترتب الاثر، و من الظاهر ان الانشاء الصادر عن الخطأ غير مؤثر و مما ذكرنا علم ما في كلام الماتن من الاشكال.

(1) قد تقدم ان اذن الولي أو الحاكم لا أثر له فلا يترتب علي إنشاء غير البالغ الاثر المرغوب فيه.

(2) فان المقتضي تام بلا مانع.

______________________________

(1) لاحظ ص: 339

(2) لاحظ ص: 339

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 394

الوصية (1) و تجوز الوصاية اليه منضما الي الكامل سواء أراد أن لا يتصرف الكامل الا بعد بلوغ الصبي أم اراد أن يتصرف متفردا قبل بلوغ الصبي (2) لكن في الصورة الاولي اذا كان عليه تصرفات فورية كوفاء دين و نحوه يتولي ذلك الحاكم الشرعي (3).

(الثاني): العقل فلا تصح

الوصية الي المجنون في حال جنونه (3).

______________________________

(1) قد ظهر مما ذكرناه ان اذن الولي لا أثر له.

(2) اذ لا مانع من الوصاية الي المتعدد و قد دلت عليه النصوص منها ما رواه محمد بن الحسن الصفار قال كتبت إلي أبي محمد عليه السلام: رجل كان أوصي الي رجلين أ يجوز لأحدهما ان يتفرد بنصف التركة و الاخر بالنصف؟ فوقع عليه السلام: لا ينبغي لهما ان يخالفا الميت و ان يعملا علي حسب ما امرهما إن شاء اللّه «1» فلا مانع من الانضمام غاية الامر يشترط نفوذ عمل الصبي ببلوغه، فلاحظ.

(3) فان الحاكم الشرعي له التصدي في مثل هذه الامور و حيث ان الوصاية قبل بلوغ الصبي لا أثر لها، و المفروض لزوم العمل فالحاكم يتصدي للأمر لكونه داخلا في الامور الحسبية التي امرها راجع الي الحاكم الشرعي.

(4) قال في الجواهر «2»: «لا يصح الايصاء الي المجنون مطبقا أو ادوارا لعدم صحة تصرفاته و عدم صلوحه للوكالة فضلا عن الوصاية التي هي اعظم منها» الخ.

و الذي يمكن أن يقال في المقام: ان المجنون تارة لا تميز له و لا قصد له فلا تصح الوصية اليه و كذلك اذا لم يكن رشيدا في معاملاته، و أما اذا كان قابلا للقصد و التميز و كان رشيدا في معاملاته فان تم اجماع تعبدي علي عدم صحة جعله وصيا

______________________________

(1) الوسائل الباب 51 من أحكام الوصايا الحديث: 1

(2) ج 28 ص: 392

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 395

سواء أ كان مطبقا أم ادواريا (1) و اذا أوصي اليه في حال العقل ثم جن بطلت الوصاية اليه و إذا افاق بعد ذلك عادت علي الاظهر (2) و أما اذا نص الموصي علي عودها

فلا اشكال (3).

(الثالث): الإسلام اذا كان الموصي مسلما علي المشهور و فيه

______________________________

فهو و الا فلقائل أن يقول: اي مانع لجعله وصيا كما انه لو قلنا بأنه لا يصح توكيله نلتزم بعدم صحة الايصاء اليه للأولوية كما مر في كلام صاحب الجواهر قدس سره.

و أيضا يمكن أن يقال: بأنه لو ثبت رفع القلم عن المجنون علي الاطلاق لا يكون توكيله و لا الايصاء اليه صحيحا اذ مع عدم الزامه بشي ء كيف يمكن الالتزام بصحة تصرفاته كما لو باع دار موكله مع عدم الزامه بالاقباض؟.

الا أن يقال: ان الضرورات تقدر بقدرها و لا تنافي بين صحة بيعه و عدم وجوب اقباضه لرفع القلم و الالزام عنه كما أن الجزم باشتراط الرشد محل الاشكال و الكلام.

(1) اذ المفروض كون الجنون مانعا فلا فرق بين قسميه.

(2) لا يخفي ان الاهمال محال في الواقع و عليه نقول: ان جعل الوصاية اذا كان شاملا لما بعد الافاقة فالمقتضي لتحقق الوصاية تام و لا مانع و لا مجال لأن يقال انه لا مقتضي للعود فالأظهر العود و أما مع عدم شمول الجعل لما بعد الافاقة فلا مقتضي للعود كما هو ظاهر.

ثم انه وردت رواية في المقام عن علي عليه السلام و لا يزيل الوصي عن الوصية ذهاب عقل أو ارتداد أو خيانة أو ترك سنة «1» الخ لكن الرواية لضعف سندها لا تكون قابلة للاستناد اليها.

(3) كما هو ظاهر.

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 28 ص: 393

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 396

اشكال (1).

______________________________

(1) ما قيل في مقام الاستدلال علي المدعي امور: الاول قوله تعالي و لن يجعل اللّه للكافرين علي المؤمنين سبيلا «1» بتقريب ان هذا نحو سبيل علي المؤمن للكافر و قد نفي

شرعا.

و يرد عليه اولا: انه يلزم انه لو استأجر الكافر المسلم لعمل تكون الاجارة باطلة و هو كما تري و ثانيا يمكن أن يقال: بأن السبيل المنفي راجع الي الآخرة بل الظاهر ان الامر كذلك اذ المستفاد من الاية ان الحكومة و القضاوة بين المتخاصمين اذا كان يوم القيامة يكون الحاكم في ذلك اليوم هو اللّه، فيكون السبيل المنفي للكافر في ذلك اليوم.

و ذكر السيد البجنوردي (قدس سره) حديثا «2» عن الطبري في تفسيره عن ابن وكيع باسناده عن علي عليه السلام قال رجل: يا أمير المؤمنين أ رأيت قول اللّه وَ لَنْ يَجْعَلَ اللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَي الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا و هم يقاتلوننا فيظهرون و يقتلون قال له علي عليه السلام ادنه ثم قال عليه السلام فَاللّٰهُ يَحْكُمُ بينهم يَوْمَ الْقِيٰامَةِ وَ لَنْ يَجْعَلَ اللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَي الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا يوم القيامة، يؤيد ما ذكرنا.

و ثالثا: ان المناسبة بين الحكم و الموضوع تقتضي أن يكون المراد من السبيل الحجة في الامر الديني و رابعا: ان السبيل هو السلطنة و لا سبيل للوصي علي الموصي.

الأمر الثاني: «قوله تعالي لٰا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكٰافِرِينَ أَوْلِيٰاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ «3» بتقريب ان جعل الكافر وصيا جعله وليا و فيه اولا: يرد عليه النقض المذكور و ثانيا ان جعله وصيا بعد الموت ليس جعله وليا و ثالثا: النهي التكليفي لا يقتضي الفساد

______________________________

(1) النساء/ 141

(2) ج 1 من القواعد الفقهية ص: 158

(3) آل عمران/ 28

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 397

[مسألة 2: الظاهر عدم اعتبار العدالة في الوصي]

(مسألة 2): الظاهر عدم اعتبار العدالة في الوصي بل يكفي الوثوق و الامانة هذا في الحقوق الراجعة الي غيره كأداء الحقوق الواجبة و التصرف في مال الايتام و نحو ذلك (1) أما ما

يرجع الي نفسه كما اذا اوصي اليه في أن يصرف ثلثه في الخيرات و القربات ففي اعتبار الوثوق به

______________________________

الوضعي.

الامر الثالث: الاجماع، و فيه ان تمامية الاجماع التعبدي الكاشف في غاية الاشكال، فالحق هو الجواز.

(1) نسب الي جماعة من الاعيان اشتراط صحة الوصية بعدالة الوصي و استدل علي المدعي بامور: الأمر الاول: انه لو لم يكن عادلا لا يجوز الركون اليه لقوله تعالي «وَ لٰا تَرْكَنُوا إِلَي الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّٰارُ» «1».

و يرد عليه اولا: ان الوصاية ليست ركونا فان الظاهر من الاية الكريمة المنع من جعل الظالم ركنا و عمادا كالركون الي الامام الفاسق و يؤيد المدعي ما عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل و لا تركنوا الي الذين ظلموا فتمسكم النار» قال: هو الرجل يأتي السلطان فيحب بقائه الي أن يدخل يده كيسه فيعطيه «2»

و ثانيا: انه يلزم حرمة استيجار الفاسق و من الظاهر فساد هذه الدعوي و ثالثا ان الظاهر من الاية الشريفة الظالم للغير و الفاسق اعم منه فان الفاسق و ان كان ظالما لنفسه لكن الظاهر من هذا اللفظ في المحاورات هو القسم الخاص منه و هو الظالم للغير و رابعا: ان النهي التكليفي لا يستلزم الفساد الوضعي.

______________________________

(1) هود/ 113

(2) تفسير نور الثقلين ج- 2 ص: 400 الحديث: 230

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 398

______________________________

الامر الثاني: ان الوصاية استيمان علي مال الغير و الفاسق ليس اهلا للاستيمان و يرد عليه اولا: انه يكفي كونه موثقا به و اما اشتراط العدالة فلا و ثانيا انه يمكن جعل الناظر عليه.

الامر الثالث: ان مال الموصي ينتقل الي الغير بموته فلا يجوز استيمان الفاسق.

و يرد عليه: أن الاستيمان يتم مع

الوثوق كما مر فلا تشترط العدالة.

الامر الرابع: انه يشترط في وكيل الوكيل العدالة فتشترط في الوصي بالاولوية لأن تقصير الوكيل يجبر بنظر الوكيل و الموكل بخلاف الوصي.

و فيه انه لا تشترط العدالة في وكيل الوكيل فان الموكل اذا اذن للوكيل توكيل الغير يجوز و الا فلا و بعبارة اخري: الامر بيد الموكل في أصل التوكيل و في قيوده، مضافا الي أنه يمكن تثبيت الأمر بجعل الناظر.

الأمر الخامس: النصوص الواردة بالنسبة الي من مات و له اموال و ورثة صغار و لا وصي له حيث اشترطت العدالة في تلك النصوص للمتولي:

منها: ما رواه علي بن رئاب قال: سألت أبا الحسن موسي عليه السلام عن رجل بيني و بينه قرابة مات و ترك اولادا صغارا، و ترك مماليك له غلمانا و جواري و لم يوص فما تري فيمن يشتري منهم الجارية فيتخذها أم ولد؟ و ما تري في بيعهم فقال: ان كان لهم ولي يقوم بأمرهم باع عليهم و نظر لهم كان مأجورا فيهم، قلت فما تري فيمن يشتري منهم الجارية فيتخذها أم ولد؟ قال: لا بأس بذلك اذا باع عليهم القيم لهم الناظر فيما يصلحهم، و ليس لهم أن يرجعوا عما صنع القيم لهم الناظر فيما يصلحهم «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 88 من احكام الوصايا الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 399

اشكال (1).

[مسألة 3: إذا ارتد الوصي بطلت وصايته بناء علي اعتبار الإسلام في الوصي]

(مسألة 3): اذا ارتد الوصي بطلت وصايته بناء علي اعتبار الإسلام في الوصي (2).

______________________________

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن رجل مات و له بنون و بنات صغار و كبار من غير وصية، و له خدم و مماليك و عقد كيف يصنع الورثة بقسمة ذلك الميراث قال: ان قام رجل ثقة قاسمهم ذلك

كله فلا بأس «1».

و منها: ما رواه اسماعيل بن سعد، قال: سألت الرضا عليه السلام عن رجل مات بغير وصية و ترك اولادا ذكرانا و غلمانا صغارا، و ترك جواري و مماليك، هل يستقيم أن تباع الجواري؟ قال: نعم، و عن الرجل يصحب الرجل في سفر فيحدث به حدث الموت، و لا يدرك الوصية كيف يصنع بمتاعه و له اولاد صغار و كبار، أ يجوز أن يدفع متاعه و دوابه الي ولده الأكابر أو الي القاضي و ان كان في بلدة ليس فيها قاض كيف يصنع؟ و ان كان دفع المتاع الي الأكابر و لم يعلم فذهب فلم يقدر علي رده كيف يصنع؟ قال: اذا أدرك الصغار و طلبوا لم يجد بدا من اخراجه الا أن يكون بأمر السلطان الحديث «2».

و تلك النصوص و إن كانت خارجة عن المقام لكن فيها أشعار بأنه لا بد في التولي في أمر الصغير أن يكون المتولي عادلا هكذا في الجواهر و يرد عليه: انه ليس في تلك النصوص ذكر من العدالة و المذكور في الحديث الثاني من الباب عنوان الوثاقة.

(1) لعدم المقتضي للاشتراط كما يظهر بأدني تأمل.

(2) كما هو ظاهر فانه علي القول باشتراط الإسلام في الوصي لا تبقي الوصية

______________________________

(1) الوسائل الباب 88 من احكام الوصايا الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 88 من احكام الوصايا الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 400

و لا تعود اليه اذا اسلم (1) الا اذا نص الموصي علي عودها (2).

[مسألة 4: إذا أوصي إلي عادل ففسق]

(مسألة 4): اذا أوصي الي عادل ففسق فان ظهر من القرينة التقييد بالعدالة بطلت الوصية و ان لم يظهر من القرينة التقييد بالعدالة لم تبطل و كذا الحكم اذا أوصي الي الثقة (3).

[مسألة 5: لا تجوز الوصية إلي المملوك إلا بإذن سيده]

(مسألة 5): لا تجوز الوصية الي المملوك الا باذن سيده (4) او معلقة علي حريته (5).

______________________________

بحالها بعد زوال الشرط.

(1) لعدم المقتضي للعود.

(2) لم افهم الفرق بين هذه المسألة و ما مر من أنه لو عرض الجنون ثم أفاق حيث ان الماتن قال هناك: «عادت علي الأظهر» و في المقام علق العود علي التصريح به و كيف كان لا فرق بين المقامين ثبوتا و العود و عدمه دائر ان مدار الجعل و عدمه و الظهور في مقام الاثبات متبع.

(3) ما أفاده علي طبق القاعدة الأولية.

(4) اذ لا أمر له مع سيده و زمامه بيد مولاه و يؤيد المدعي ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج «1» بتقريب: ان عدم جواز جعله وصيا يستفاد من عدم جواز وصيته.

(5) اذ التعليق علي ما يتوقف عليه صحة العقد أو الايقاع لا دليل علي بطلانه فلا مانع منه، و في المقام فروع و اقوال اغمضنا النظر عن التعرض لها لعدم كون اصل المسألة محل الابتلاء كما هو ظاهر.

______________________________

(1) لاحظ ص: 345

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 401

[مسألة 6: تجوز الوصاية إلي المرأة علي كراهة و الأعمي و الوارث]

(مسألة 6): تجوز الوصاية الي المرأة (1) علي كراهة (2) و الاعمي (3) و الوارث (4).

______________________________

(1) لإطلاق الدليل و قيام السيرة بلا نكير فان السيرة جارية علي جعل الأب أم اطفاله قيما عليهم و يؤيد المدعي ما رواه علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل أوصي الي امرأة و شرك في الوصية معها صبيا، فقال: يجوز ذلك و تمضي المرأة الوصية، و لا تنتظر بلوغ الصبي، فاذا بلغ الصبي فليس له أن لا يرضي الا ما كان من تبديل أو تغيير فان له أن يرده الي ما أوصي به الميت «1»

و انما عبرنا بالتأييد لضعف السند بالعبيدي.

(2) استفيدت الكراهة من حديث السكوني، عن جعفر بن محمد، عن ابيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: المرأة لا يوصي اليها لأن اللّه عز و جل يقول «وَ لٰا تُؤْتُوا السُّفَهٰاءَ أَمْوٰالَكُمُ» «2» و هذه الرواية ضعيفة لضعف اسناد الصدوق قدس سره الي السكوني علي ما ذكره الحاجياني.

و لا يخفي: ان المستفاد من الحديث عدم الصحة فتكون الرواية معارضة لما يدل علي الصحة و حمل الفساد علي الكراهة بلا وجه.

نعم لا بأس بحملها علي التقية لأنه مذهب اكثر اهل الخلاف حسب نقل صاحب الوسائل عن الشيخ.

(3) لإطلاق الدليل و عدم تقييد للإطلاق و ما نقل عن بعض العامة من عدم الجواز، مردود.

(4) بلا اشكال و عليه السيرة القطعية فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أوصي الي علي عليه السلام و هو سلام اللّه عليه أوصي الي الحسن عليه السلام و فاطمة عليها

______________________________

(1) الوسائل الباب 50 من احكام الوصايا الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 53 من احكام الوصايا الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 402

[مسألة 7: إذا أوصي إلي الصبي و البالغ فمات الصبي قبل بلوغه أو بلغ مجنونا]

(مسألة 7): اذا اوصي الي الصبي و البالغ فمات الصبي قبل بلوغه او بلغ مجنونا ففي جواز انفراد البالغ بالوصية قولان احوطهما الرجوع الي الحاكم الشرعي فيضم اليه آخر (1).

[مسألة 8: يجوز جعل الوصاية إلي اثنين أو أكثر علي نحو الانضمام و علي نحو الاستقلال]

(مسألة 8): يجوز جعل الوصاية الي اثنين او اكثر علي نحو الانضمام و علي نحو الاستقلال (2) فان نص علي الاول فليس لأحدهما الاستقلال بالتصرف لا في جميع ما أوصي به و لا في بعضه (3) و اذا عرض لأحدهما ما يوجب سقوطه عن الوصاية من موت و نحوه ضم الحاكم

______________________________

السلام اوصت الي علي عليه السلام فلا ريب في المسألة.

(1) ان استفيد من ايصاء الموصي اشتراط التصرف بالانضمام فالمتعين الرجوع الي الحاكم كي يضم اليه آخر و الا فالظاهر جواز الانفراد اذ المفروض تحقق الايصاء اليه و ما دام لم يبلغ الصبي لا يكون له شريك فلو فرض موته أو بلوغه مجنونا يجوز للوصي أن ينفرد بالتصدي اذ المفروض عدم تحقق موضوع الاشتراك فلاحظ.

و يمكن أن يقال: ان في صورة الاشتراك و الايصاء الي المتعدد لا يجوز للحاكم ضم احد الي الوصي اذ المفروض ان الموضوع هو المركب و المجموع و قد فرض انتفائه بانتفاء احدهما فتصل النوبة الي الحاكم لأن المورد من الامور الحسبية.

(2) لإطلاق دليل اعتبار الوصية، مضافا الي النص الخاص الوارد في المقام «1».

(3) كما هو ظاهر لأن جواز التصرف يدور مدار شمول الوصية فالأمر كما أفاده.

______________________________

(1) لاحظ ص: 394

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 403

آخر الي الاخر (1) و ان نص علي الثاني جاز لأحدهما الاستقلال (2) و ايهما سبق نفذ تصرفه (3) و ان اقترنا في التصرف مع تنافي التصرفين بأن باع احدهما علي زيد و الاخر علي عمرو في زمان

واحد بطلا معا (4) و لهما ان يقتسما الثلث بالسوية و بغير السوية (5) و اذا سقط احدهما عن الوصاية انفرد الاخر و لم يضم اليه الحاكم آخر (6) و اذا أطلق الوصاية اليهما و لم ينص علي الانضمام و الاستقلال جري حكم الانضمام (7) الا اذا كانت قرينة علي الانفراد كما اذا قال: وصيي فلان و فلان

______________________________

(1) اذ المفروض ان الموصي قيد التصرف علي نحو الاشتراك فتصل النوبة الي الحاكم و هو يضم الي آخر الاخر، و قد مر قريبا الاشكال فيه، فلاحظ.

(2) كما هو ظاهر فان زمام الامر توسعة و تضييقا بيد الموصي.

(3) كما هو ظاهر لصدوره من اهله و وقوعه في محله.

(4) لعدم امكان صحتهما و لا مقتضي لترجيح لأحدهما علي الاخر.

(5) اذ المفروض استقلال كل منهما بالتصرف فلكل منهما التصرف في كل جزء من الثلث.

(6) اذ المفروض ان كل واحد اوصي اليه بنحو الاستقلال، فلا وجه للضم.

(7) لعدم ثبوت الوصاية بنحو الاستقلال و الأصل العملي يقتضي عدمها فلا بد من الاقتصار علي المقدار المعلوم و هو الانضمام ان قلت: كما ان مقتضي الاصل عدم جعل الاستقلال كذلك مقتضاه عدم جعل الانضمام قلت: نعم و لكن العمل الخارجي و التصرف فيما يتعلق بالميت اذا تحقق بنحو الانضمام يكون مورد الامضاء قطعا و أما غيره فلا دليل علي جوازه و صحته، فلاحظ.

و صفوة القول: ان اللازم رعاية ما أوصي به الموصي و عدم التخلف عما

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 404

فاذا ماتا كان الوصي فلانا فانه اذا مات احدهما استقل الباقي و لم يحتج الي أن يضم اليه آخر (1) و كذا الحكم في ولاية الوقف (2).

[مسألة 9: إذا قال زيد وصيي فإن مات فعمرو وصيي صح]

(مسألة 9): اذا قال زيد وصيي فان

مات فعمرو وصيي صح و يكونان وصيين مترتبين و كذا يصح اذا قال وصيي زيد فان بلغ ولدي

______________________________

جعله و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه محمد بن الحسن الصفار «1»

و ربما يقال: بأنه يعارضه ما رواه بريد بن معاوية قال: ان رجلا مات و اوصي إلي و الي آخر و الي رجلين، فقال احدهما: خذ نصف ما ترك و اعطني النصف مما ترك فأبي عليه الاخر، فسألوا أبا عبد اللّه عليه السلام عن ذلك فقال: ذلك له «2».

بتقريب ان المشار اليه باسم الاشارة ارادة التقسيم فيقع التعارض بين الخبرين اذ مفاد الخبر الاول عدم الجواز مع جعل الوصاية علي نحو الاطلاق و مفاد الخبر الثاني جوازه، فنقول علي فرض التعارض يكون المرجح مع الاول لكونه أحدث بل يمكن أن يكون الخبر الاول موافقا للكتاب اذ المستفاد من الكتاب عدم جواز تبديل الوصية و مع عدم رعاية الاجتماع يحتمل أن يكون تبديلا للوصية و مقتضي اصالة عدم جعل الاستقلال ان التصدي لا يكون بنحو الاستقلال.

و ان شئت قلت: ان مقتضي الكتاب وجوب رعاية الوصية و الخبر الاول أيضا مفاده كذلك، مضافا الي الاشكال في السند فان داود بن أبي يزيد لم يوثق.

(1) كما هو ظاهر اذ المفروض عدم لحاظ الموصي الانضمام.

(2) لعين الملاك.

______________________________

(1) لاحظ ص: 394

(2) الوسائل الباب 51 من أحكام الوصايا الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 405

فهو الوصي (1).

[مسألة 10: يجوز أن يوصي إلي وصيين أو أكثر]

(مسألة 10): يجوز أن يوصي الي وصيين أو اكثر و يجعل الوصاية الي كل واحد في أمر بعينه لا يشاركه فيه الاخر (2).

[مسألة 11: إذا أوصي إلي اثنين بشرط الانضمام فتشاحا لاختلاف نظرهما]

(مسألة 11): اذا أوصي الي اثنين بشرط الانضمام فتشاحا لاختلاف نظرهما فان لم يكن مانع لأحدهما بعينه من الانضمام الي الاخر أجبره الحاكم علي ذلك و ان لم يكن مانع لكل منهما من الانضمام اجبرهما عليه و ان كان لكل منهما مانع انضم الحاكم الي احدهما و نفذ تصرفه دون الاخر (3).

[مسألة 12: إذا قال أوصيت بكذا و كذا و جعلت الوصي فلانا إن استمر علي طلب العلم مثلا صح]

(مسألة 12): اذا قال اوصيت بكذا و كذا و جعلت الوصي فلانا ان استمر علي طلب العلم مثلا صح و كان فلان وصيا اذا استمر علي

______________________________

(1) لإطلاق ادلة الوصية ان قلت: أ ليست الوصية لعمرو بنحو التعليق؟ و التعليق يوجب البطلان قلت: المدرك لبطلان التعليق هو الاجماع فاذا لم يشمل معقد الاجماع المقام فلا مانع منه بعد شمول اطلاق دليل الوصية، فلاحظ.

(2) لإطلاق دليل نفوذ الوصية، و ان شئت قلت: المقتضي للصحة موجود و المانع مفقود.

(3) الذي يختلج بالبال أن يقال في هذا المقام انه تارة يكون اختلاف النظر ناشيا من سبب شرعي بأن يري كل منهما نظر الاخر خلاف الميزان الشرعي و اخري يكون ناشيا من سبب خارجي فان كان الاختلاف من القسم الاول فلا مناص من انضمام الحاكم الي احدهما و تنفيذ نظره و ان كان من القسم الثاني فعلي الحاكم أن يجبرهما علي أمر واحد، و ان كان سبب الاختلاف مختلفا بأن يكون احدهما

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 406

طلب العلم (1) فان انصرف عنه بطلت وصايته (2) و تولي تنفيذ وصيته الحاكم الشرعي (3).

[مسألة 13: إذا عجز الوصي عن تنفيذ الوصية ضم إليه الحاكم من يساعده]

(مسألة 13): اذا عجز الوصي عن تنفيذ الوصية ضم اليه الحاكم من يساعده (4) و اذا ظهرت منه الخيانة ضم اليه امينا يمنعه عن الخيانة (5) فان لم يمكن عزله و نصب غيره (6).

______________________________

ناظرا الي جهة شرعية دون الاخر أجبر الاخر علي الانضمام.

و قد مر انه مع الوصاية الي المجموع تبطل الوصاية في صورة عدم امكان الاجتماع فتصل النوبة الي دخالة الحاكم الذي يكون مرجعا للأمور العامة.

الا أن يقال: ان مطلوب الموصي متعدد فاذا لم يمكن اجتماع المطلوبين يلزم التحفظ علي احدهما، فلا بد من ان الحاكم أن

يضم اليه الاخر و علي هذا الاساس لا بد من ملاحظة كلام الموصي و استفادة مراده من كلامه، و اللّه العالم.

(1) لإطلاق دليل الوصية و زمام الامر بيد الموصي فله أن يجعل الوصاية كيف اراد.

(2) لفقدان الشرط و العنوان المقوم لبقاء الوصاية.

(3) اذ المفروض انه لا وصي له و الحاكم له الولاية بالنسبة الي الامور العامة و هذا منها.

(4) اذ المفروض ان الحاكم ولي في الامور التي لا ولي لها و يمكن أن يقال ان الوصاية تبطل بعجز الوصي فلا مجال للضم.

(5) فانه من شئون الولاية العامة.

(6) ربما يقال: لا وجه للعزل بل غايته المنع عن التصرفات و لكن يمكن أن يقال: ان دائرة جعل الوصاية اما لا تشمل الخائن و اما تشمل أما علي الاول فلا موضوع

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 407

[مسألة 14: إذا مات الوصي قبل تنجيز تمام ما أوصي إليه به نصب الحاكم الشرعي وصيا لتنفيذه]

(مسألة 14): اذا مات الوصي قبل تنجيز تمام ما اوصي اليه به نصب الحاكم الشرعي وصيا لتنفيذه (1) و كذا اذا مات في حياة الموصي و لم يعلم بذلك او علم و لم ينصب غيره و لم يكن ما يدل علي عدوله عن اصل الوصية (2) و ليس للوصي ان يوصي الي احد في تنفيذ ما اوصي اليه به الا ان يكون مأذونا من الموصي في الايصاء

______________________________

للعزل كما هو ظاهر و أما علي الثاني فمع بقاء كونه وصيا لا مجال لتصدي غيره فلا بد من عزله كي يتصدي غيره للأمر.

و لكن يمكن أن يقال: ان للحاكم منعه عن التصرف و منع الحاكم كمنع الموصي و مع منع الحاكم ليس له حق التصرف و تظهر النتيجة انه لو تاب و عدل الي سواء الطريق و ندم عن خيانته يكون باقيا علي وصايته.

ان قلت:

ان الموصي لا يرضي بخيانة الوصي قلت: الامر النفساني لا يغير متعلق الجعل و الانشاء و لنا أن نقول ان القرينة المقامية مانعة عن جعل الوصاية علي الاطلاق و بعبارة اخري: يمكن أن يقال: ان الموصي بارتكازه النفساني يجعل الوصاية للوصي ما دام لا يكون خائنا.

اللهم الا أن يقال: ان الاطلاق عبارة عن رفض القيود لا الجمع بينها، فمقتضي الاطلاق استمرار الجعل و عدم التقييد و الأمر النفساني و الدواعي النفسية لا تؤثر في توسعة الجعل، فلاحظ لكن لو قلنا بأن الارتكاز يوجب التقييد لا بد من رفع اليد عن الاطلاق فان الارتكاز المذكور مانع عن تحقق الاطلاق.

(1) اذ المفروض ان الوصي مات فلا بد من دخالة ولي الأمر و هو الحاكم.

(2) لعين الملاك و في المقام شبهة و هي ان الوصاية اذا كانت الي شخص خاص فبموته تنتفي الوصاية و الوصية، الا أن يعلم من حال الموصي ان وصيته ليست دائرة مدار وجود الوصي و بعبارة اخري: اطلاق الوصية و بقائها حتي بعد فوت

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 408

الي غيره (1).

[مسألة 15: الوصي أمين لا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط]

(مسألة 15): الوصي امين لا يضمن الا بالتعدي أو التفريط (2) و يكفي في الضمان حصول الخيانة بالاضافة الي ضمان موردها (3) اما الضمان بالنسبة الي الموارد الاخر مما لم يتحقق فيها الخيانة ففيه اشكال بل الاظهر العدم (4).

[مسألة 16: إذا عين الموصي للوصي عملا خاصا أو قدرا خاصا أو كيفية خاصة وجب الاقتصار علي ما عين]

(مسألة 16): اذا عين الموصي للوصي عملا خاصا أو قدرا خاصا أو كيفية خاصة وجب الاقتصار علي ما عين و لم يجز له التعدي فان تعدي كان خائنا و اذا أطلق له التصرف بأن قال له: اخرج ثلثي و انفقه عمل بنظره و لا بد من ملاحظة مصلحة الميت فلا يجوز له أن يتصرف كيف شاء و ان لم يكن صلاحا للميت أو كان غيره أصلح مع تيسر فعله علي النحو المتعارف و يختلف ذلك باختلاف الاموات فربما يكون الاصلح اداء العبادات الاحتياطية عنه و ربما يكون الاصلح اداء الحقوق المالية الاحتياطية و ربما يكون الاصلح اداء حق بعينه احتياطي دون

______________________________

الوصي يحتاج الي دليل.

(1) اذ ليس له هذا الحق الا مع الاذن من الموصي و بعبارة اخري: زمام الامر بيد الموصي لا بيد الوصي و تفويض الامر الي الغير يتوقف علي الدليل و حيث ليس فليس.

(2) لأنه مأذون في التصرف و لا موجب لضمانه ما دام لا يكون خائنا.

(3) كما هو ظاهر.

(4) اذ المفروض بقاء اذنه في التصرف فملاك عدم الضمان موجود فلا يضمن.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 409

غيره او اداء الصلاة عنه دون الصوم و ربما يكون الاصلح فعل القربات و الصدقات و كسوة العراة و مداواة المرضي و نحو ذلك. هذا اذا لم يكن تعارف يكون قرينة علي تعيين مصرف بعينه و الا كان عليه العمل (1).

[مسألة 17: إذا قال أنت وصيي و لم يعين شيئا و لم يعرف المراد منه]

(مسألة 17): اذا قال انت وصيي و لم يعين شيئا و لم يعرف المراد منه و انه تجهيزه او صرف ثلثه او شئون اخري كان لغوا (2) الا اذا كان تعارف يكون قرينة علي تعيين المراد كما يتعارف في كثير من بلدان العراق انه وصي في

اخراج الثلث و صرفه في مصلحة الموصي و اداء الحقوق التي عليه و اخذ الحقوق التي له ورد الامانات و البضائع الي اهلها و اخذها (3) نعم في شموله للقيمومة علي القاصرين من اولاده

______________________________

(1) كما هو ظاهر واضح فان زمام الامر بيد الموصي و ما أفاده في هذا الفرع علي طبق القاعدة و ليس موردا للبحث و علي الجملة لا بد من العمل بما أوصي به الموصي اطلاقا و تقييدا فلا بد من رعاية الصلاح و الأصلح ان قلت: ما المانع من الاخذ بالاطلاق و عدم الرعاية؟.

قلت: المناسبة بين الحكم و الموضوع تمنع عن الاطلاق، و ان شئت قلت العرف لا يفهم من كلام الموصي الا العمل بما هو أصلح و لا أقلّ عن عدم الجزم بالاطلاق

(2) الذي يختلج بالبال ان الوجه في كونه لغوا ان الوصية من الامور الانشائية و الانشاء متقوم بالابراز فمع فرض عدم الابراز لا بالصراحة و لا بالاشارة لا مطلقا و لا مقيدا يكون لغوا و بعبارة اخري: ما دام لا يفهم العرف من كلام المتكلم شيئا لا يترتب عليه اثر، فلاحظ.

(3) فان التعارف قرينة علي المراد بحسب المتفاهم العرفي.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 410

اشكال و الاحوط أن لا يتصدي لأمورهم الا بعد مراجعة الحاكم الشرعي و عدم نصب الحاكم الشرعي غيره الا باذن منه (1).

[مسألة 18: يجوز للموصي اليه أن يرد الوصية في حال حياة الموصي]

(مسألة 18): يجوز للموصي اليه أن يرد الوصية في حال حياة الموصي بشرط أن يبلغه الرد (2) بل الاحوط اعتبار امكان نصب غيره له أيضا (3) و لا يجوز له الرد بعد موت الموصي (4) سواء قبلها قبل الرد أم لم يقبلها (5) و الرد السابق علي الوصية لا اثر له فلو قال زيد

لعمرو لا اقبل أن توصي إلي فأوصي عمرو اليه لزمته الوصية الا ان يردها بعد ذلك (6) و لو أوصي اليه فرد الوصية فاوصي اليه ثانيا و لم يردها

______________________________

(1) اذا فرض شمول الوصاية له و لو بالقرينة العامة يؤخذ بها، و لم اعرف وجه التفصيل و لعل الماتن ناظر الي مستند صحيح، و اللّه العالم.

(2) للنص الخاص لاحظ ما رواه منصور بن حازم «1» بدعوي ان العرف يفهم من الحديث ان الوجه في عدم جواز الرد في حال الغيبة عدم امكان وصول الرد الي الموصي فتأمل.

(3) فانه لا يبعد أن يستفاد المدعي من حديثي فضيل بن يسار و منصور بن حازم «2».

(4) كما يستفاد من النصوص الواردة في المقام فان المستفاد منها ان جواز الرد منحصر بصورة وصوله الي الموصي و امكان جعل بدل له، فلاحظ.

(5) للإطلاق المستفاد من النص.

(6) لعدم دليل علي تأثيره و الميزان بحال تحقق الوصية حسب النصوص.

______________________________

(1) لاحظ ص: 326

(2) لاحظ ص: 325 و 326

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 411

ثانيا لجهله بها ففي لزومها له قول و لكنه لا يخلو من اشكال بل الاظهر خلافه (1).

[مسألة 19: إذا رأي الوصي أن تفويض الأمر إلي شخص في بعض الأمور الموصي بها أصلح للميت]

(مسألة 19): اذا رأي الوصي ان تفويض الامر الي شخص في بعض الامور الموصي بها أصلح للميت جاز له تفويض الامر اليه كأن يفوض امر العبادات التي أوصي بها الي من له خبرة في الاستنابة في العبادات و يفوض امر العمارات التي أوصي بها الي من له خبرة فيها و يفوض امر الكفارات التي اوصي بها الي من له خبرة بالفقراء و كيفية القسمة عليهم و هكذا و ربما يفوض الامر في جميع ذلك الي شخص واحد اذا كان له خبرة في جميعها و قد

لا يكون الموصي قد أوصي بامور معينة بل أوصي بصرف ثلثه في مصالحه و أو كل تعيين المصرف كما و كيفا الي نظره فيري الوصي من هو اعرف منه في تعيين جهات المصرف و كيفيتها فيوكل الامر اليه فيدفع الثلث اليه بتمامه و يفوض اليه تعيين الجهات كما و كيفا كما يتعارف ذلك عند كثير من الاوصياء حيث يدفعون الثلث الموصي به الي المجتهد الموثوق به عندهم فالوصاية الي شخص ولاية في التصرف و لو بواسطة التفويض الي الغير فلا بأس أن يفوض الوصي أمر الوصية الي غيره (2).

______________________________

(1) الأمر كما أفاده فان العرف يفهم من النصوص الواردة ان الوصية لوردت علي ما هو المقرر فلا أثر لها بعده و لو جددت من قبل الموصي و ان شئت قلت:

ان دليل النفوذ منصرف عن الصورة المفروضة و لكن مع ذلك في النفس شي ء.

(2) الأمر كما أفاده فان الامر مفوض الي الوصي فله أن يعمل علي طبق نظره

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 412

الا أن تقوم القرينة علي ارادة الموصي منه المباشرة فلا يجوز له حينئذ التفويض (1) كما انه لا يجوز تفويض الوصاية الي غيره بمعني عزل نفسه عن الوصاية و جعلها له فيكون غيره وصيا عن الميت بجعل منه (2).

[مسألة 20: إذا بطلت وصاية الوصي لفوات شرطها نصب الحاكم الشرعي وصيا مكانه أو تولي الصرف بنفسه]

(مسألة 20): اذا بطلت وصاية الوصي لفوات شرطها نصب الحاكم الشرعي وصيا مكانه أو تولي الصرف بنفسه و كذا اذا أوصي و لم يعين وصيا اصلا (3).

______________________________

و الميزان الكلي ان لا يخون في مقام العمل و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه جعفر بن عيسي قال: كتبت الي أبي الحسن عليه السلام في رجل أوصي ببعض ثلثه من بعد موته من غلة ضيعة له الي وصيه

يضعه في مواضع سماها له معلومة في كل سنة، و الباقي من الثلث يعمل فيه بما شاء و رأي الوصي فانفذ الوصي ما أوصي اليه من المسمي المعلوم، و قال في الباقي: قد صيرت لفلان كذا و لفلان كذا في كل سنة، و في الحج كذا، و في الصدقة كذا في كل سنة، ثم بدا له في ذلك، فقال قد شئت الاول، و رأيت خلاف مشيتي الأولي و رأيي أله أن يرجع فيه يصير ما صير لغيرهم أو ينقصهم أو يدخل معهم غيرهم ان اراد ذلك؟ فكتب عليه السلام:

له أن يفعل ما شاء «يشاء خ ل» الا أن يكون كتب كتابا علي نفسه «1».

(1) كما هو ظاهر فان مرجعه تضييق دائرة سلطة الوصي.

(2) لعدم دليل علي الجواز اذ لا دليل علي جواز عزله و نصب غيره.

(3) اذ المورد من الامور العامة التي زمامها بيد الحاكم الشرعي فعليه التصدي بنفسه او تعيين شخص وصيا مكان الفاقد للشرط كما ان الامر كذلك فيما لم يعين الموصي وصيا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 95 من أحكام الوصايا الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 413

[مسألة 21: إذا نسي الوصي مصرف المال الموصي به و عجز عن معرفته]

(مسألة 21): اذا نسي الوصي مصرف المال الموصي به و عجز عن معرفته صرفه في وجوه البر التي يحتمل أن تكون مصرف المال الموصي به اذا كان التردد بين غير المحصور اما اذا تردد بين محصور ففيه اشكال و لا يبعد الرجوع الي القرعة في تعيينه (1).

______________________________

و أما حديث سماعة «1» و حديث محمد بن اسماعيل بزيع- قال: مات رجل من اصحابنا و لم يوص فرفع امره الي قاضي الكوفة فصير عبد الحميد القيم بماله، و كان الرجل خلف ورثة صغارا و متاعا و جواري، فباع عبد

الحميد المتاع فلما اراد بيع الجواري ضعف قلبه عن بيعهن اذ لم يكن الميت صير اليه وصيته و كان قيامه فيها بامر القاضي لأنهن فروج قال: فذكرت ذلك لأبي جعفر عليه السلام قلت له: يموت الرجل من اصحابنا، و لا يوصي الي احد، و يخلف جواري فيقيم القاضي رجلا منا فيبيعهن، او قال: يقوم بذلك رجل منا فيضعف قلبه لأنهن فروج فما تري في ذلك؟ قال: فقال: اذا كان القيم به مثلك «او. يب» و مثل عبد الحميد فلا بأس «2» - فلا يرتبطان بالمقام.

(1) لم أفهم وجه الفرق بين المحصور و غير المحصور اذ الظاهر ان المراد بغير المحصور ما يكون اطرافه كثيرة و عليه يكون مقتضي القاعدة الرجوع الي القرعة و تعيين التكليف بها بناء علي عموم دليلها و اجرائها في الشبهات الموضوعية و أما صرفه في الوجوه التي يحتمل أن تكون مصرفا لمورد الوصية فالظاهر ان الوجه فيه ان الأمر دائر بين الامتثال الاحتمالي و ترك الواجب من أصله و العقل حاكم علي الأخذ بالامتثال الاحتمالي، لكن مع جواز الرجوع الي القرعة لا يبقي مجال لهذا البيان.

______________________________

(1) لاحظ ص: 399

(2) الوسائل الباب 16 من أبواب عقد البيع و شروطه الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 414

______________________________

و أما مكاتبة محمد بن الريان- قال: كتبت الي أبي الحسن عليه السلام اسأله عن انسان اوصي بوصية فلم يحفظ الوصي الا بابا واحدا منها، كيف يصنع في الباقي؟ فوقع: الأبواب الباقية اجعلها في البر «1» فهي ضعيفة بسهل.

ان قلت: اذا كان الرجوع الي القرعة جائزا يلزم جواز الرجوع اليها في جميع موارد العلم الإجمالي و هو كما تري قلت: العلم الإجمالي تارة يفرض في الشبهة الحكمية

و اخري في الموضوعية.

أما الاولي فلا مجال للقرعة فان القرعة انما شرعت في الشبهة الموضوعية كما لو علم اجمالا بكون واحد من قطيع الغنم موطوئا و أما الثانية، فلو سدت الابواب و لم يكن طريق الي الامتثال تصل النوبة اليها و لا نتحاشي من الرجوع اليها

و يؤيد المدعي ما رواه أبو حمزة الثمالي قال: قال: ان رجلا حضرته الوفاة فأوصي الي ولده غلامي يسار هو ابني فورثوه مثل ما يرث احدكم و غلامي يسار فاعتقوه فهو حر، فذهبوا يسألونه ايما يعتق و ايما يورث فاعتقل لسانه، قال: فسألوا الناس فلم يكن عند احد جواب حتي اتوا أبا عبد اللّه عليه السلام، فعرضوا المسألة عليه قال: فقال معكم احد من نسائكم؟ قال: فقالوا: نعم معنا اربع اخوات لنا و نحن اربعة اخوة، قال: فاسألوهن أي الغلامين كان يدخل عليهن فيقول ابوهن لا تستترن منه، فانما هو اخو كن، قالوا: نعم كان الصغير يدخل علينا فيقول ابونا لا تستترن منه، فانما هو اخو كن، فكنا نظن انه انما يقول ذلك لأنه ولد في حجورنا و انا ربيناه، قال: فيكم اهل البيت علامة؟ قالوا: نعم، قال: انظروا أ ترونها بالصغير؟ قال: فرأوها به قال: تريدون اعلمكم امر الصغير؟ قال: فجعل عشرة اسهم للولد، و عشرة اسهم للعبد، قال: ثم اسهم عشرة مرات، قال: فوقعت

______________________________

(1) الوسائل الباب 61 من احكام الوصايا

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 415

[مسألة 22: يجوز للموصي أن يجعل ناظرا علي الوصي مشرفا و مطلعا علي عمله]

(مسألة 22): يجوز للموصي أن يجعل ناظرا علي الوصي مشرفا و مطلعا علي عمله بحيث لا يجوز للوصي أن يعمل بالوصية الا باطلاع الناظر و اشرافه عليه فاذا عمل بدون اشرافه كان بدون اذن من الموصي و خيانة له و اذا عمل باطلاعه

كان مأذونا فيه و اداءا لوظيفته (1) و لا يجب علي الوصي متابعة مثل هذا الناظر في رأيه و نظره فاذا أوصي الموصي باستنابة من يصلي عنه فاستناب الوصي زيدا و كان الناظر يريد استنابة عمرو و يراها أرجح لم يقدح ذلك في صحة استنابة زيد و ليس للناظر الاعتراض عليه في ذلك (2) نعم لو جعله ناظرا علي الوصي بمعني أن يكون عمل الوصي بنظره ففي المثال المذكور

______________________________

علي الصغير سهام الولد، فقال: اعتقوا هذا و ورثوا هذا «1» لكن الحديث وارد في الحق المالي.

و صفوة القول: انه يشكل الجزم بجريان القرعة في كل مورد علي نحو الاطلاق و العموم و تفصيل الكلام موكول الي مجال آخر.

(1) لإطلاق دليل الوصية و الأمر بيده فيجوز له الوصاية بهذا القيد و لا يجوز للوصي التخطي عما أوصي به مع قيوده فعلي تقدير التقييد يجب علي الوصي العمل مطابقا لنظر الناظر اذ متعلق الوصاية العمل علي طبق نظر الناظر و الا فلا يجب المطابقة بل يعمل علي طبق نظره.

(2) الأمر كما أفاده اذ المفروض ان نظر الناظر لا دخل له فلا موجب لوجوب اطاعته.

______________________________

(1) الوسائل الباب 43 من احكام الوصايا الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 416

لا تصح استنابة زيد و تجب استنابة عمرو (1) لكن هذا المعني خلاف ظاهر جعل الناظر علي الوصي (2) و الظاهر انه اذا خان الوصي لم يجب علي الناظر بما هو ناظر مدافعته في كلتا الصورتين (3) فلو لم يدافع لم يكن ضامنا (4) و في الصورتين اذا مات الناظر لزم الوصي الرجوع الي الحاكم الشرعي (5).

[مسألة 23: الوصية جائزة من طرف الموصي]

(مسألة 23): الوصية جائزة من طرف الموصي فاذا أوصي بشي ء جاز له العدول الي غيره

و اذا اوصي الي احد جاز له العدول الي غيره و اذا اوصي بأشياء جاز له العدول عن جميعها و عن بعضها كما يجوز له تبديل جميعها و تبديل بعضها ما دام فيه الروح (6) اذا وجدت فيه الشرائط المتقدمة

______________________________

(1) كما هو ظاهر فان المفروض ان نظر الناظر دخيل فيجب متابعته.

(2) فان الميزان الظهور العرفي فلا بد من رعايته.

(3) لعدم الدليل علي الوجوب، نعم يجب عليه من باب النهي عن المنكر أو الأمر بالمعروف.

(4) لعدم دليل علي الضمان.

(5) اذ المفروض ان الموصي جعل الوصاية للوصي في اطار وجود الناظر فلا بد من وجود الناظر و لو بجعل من الحاكم الشرعي و يمكن تقريب المدعي بأن الموصي اراد امرين احدهما عمل الوصي ثانيهما كونه بنظر الناظر فمع موت الناظر يجب علي الحاكم جعل ناظر آخر، فلاحظ.

(6) ادعي عليه عدم الخلاف و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها:

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 9، ص: 417

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 417

______________________________

احاديث ابن مسكان و عبيد بن زرارة و بريد العجلي «1».

و منها: ما رواه يونس، عن بعض اصحابه قال: قال علي بن الحسين عليهما السلام للرجل ان يغير وصيته فيعتق من كان أمر بملكه، و يملك من كان أمر بعتقه، و يعطي من كان حرمه، و يحرم من كان أعطاه ما لم يمت «2».

و منها: ما رواه سعيد بن يسار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل دفع الي رجل مالا و قال: انما ادفعه إليك ليكون ذخرا لا بنتي فلانة و فلانة، ثم بدا للشيخ بعد ما دفع

اليه المال أن يأخذ منه خمسة و عشرين و مأئة دينار فاشتري بها جارية لابن ابنه، ثم ان الشيخ هلك فوقع بين الجاريتين و بين الغلام أو احداهما فقالت و يحك و اللّه انك لتنكح جاريتك حراما انما اشتراها ابونا لك من مالنا الذي دفعه الي فلان، فاشتري منها هذه الجارية فانت تنكحها حراما لا يحل لك، فامسك الفتي عن الجارية. فما تري في ذلك؟ فقال: أ ليس الرجل الذي دفع المال ابا الجاريتين و هو جد الغلام و هو اشتري به الجارية؟ قلت: بلي، قال: قل له:

فليأت جاريته اذا كان الجد هو الذي اعطاه و هو الذي اخذه 3.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المدبر من الثلث، و قال: للرجل أن يرجع في ثلثه ان كان أوصي في صحة أو مرض 4

و منها: ما رواه هشام بن الحكم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يدبر مملوكه أله أن يرجع فيه؟ قال: نعم هو بمنزلة الوصية 5.

و منها: ما رواه معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المدبر

______________________________

(1) لاحظ ص: 331

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 18 من أحكام الوصايا الحديث: 2 و 5

(3) (4) الوسائل الباب 19 من احكام الوصايا الحديث: 1

(4) (5) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 418

من العقل و الاختيار و غيرهما (1) و اذا اوصي الي شخص ثم أوصي الي آخر و لم يخبر الوصي الاول بالعدول عنه الي غيره فمات فعمل الوصي الاول بالوصية ثم علم كانت الغرامة علي الميت تخرج من اصل التركة ثم يخرج الثلث الموصي الثاني (2) هذا اذا

لم يكن العدول عن الاول لسبب ظاهر أما اذا كان لسبب ظاهر كما اذا هاجر الوصي الاول الي بلاد بعيدة او حدث بينه و بين الوصي عداوة و مقاطعة فعدل عنه كان ما صرفه الوصي الاول من مال نفسه (3).

[مسألة 24: يتحقق الرجوع عن الوصية بالقول]

(مسألة 24): يتحقق الرجوع عن الوصية بالقول مثل أن يقول:

______________________________

قال: هو بمنزلة الوصية يرجع فيما شاء منها «1».

(1) اذ مع فقدان شرائط التصرف يكون اعتباره و إنشائه لغوا و لا يترتب عليه الاثر المترقب.

(2) لقاعدة الغرور فان المغرور يرجع الي من غره و الغرامة علي الميت و تخرج من اصل التركة و بعد اخراجها تصل النوبة الي الوصية فتنفذ وصيته في الثلث بعد اخراج الدين كما هو الميزان.

هذا علي تقدير تحقق الغرور و أما مع عدم صدق الغرور فيشكل ما أفاده من كون الغرامة علي الميت الا أن يقال ان تغريمه امر عقلائي و لو مع عدم صدق الغرور اذ هو السبب في الاتلاف فيكون ضامنا.

(3) اذا كان الدليل علي العدول امرا ظاهرا عرفيا فالحق كما أفاده لتمامية الحجة علي الوصي الاول و الا يشكل.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 419

رجعت عن وصيتي الي زيد (1) و بالفعل مثل أن يوصي بصرف ثلثه ثم يوصي بوقفه (2) و مثل ان يوصي بوقف عين ثم يبيعها أو يهبها (3).

[مسألة 25: لا يعتبر في وجوب العمل بالوصية مرور مدة طويلة أو قصيرة]

(مسألة 25): لا يعتبر في وجوب العمل بالوصية مرور مدة طويلة او قصيرة فاذا اوصي ثم مات بلا فصل وجب العمل بها و كذا اذا مات بعد مرور سنين (4) نعم يعتبر عدم الرجوع عنها (5) و اذا شك في الرجوع بني علي عدمه (6).

[مسألة 26: إذا قال: إذا مت في هذا السفر فوصيي فلان و وصيتي كذا و كذا]

(مسألة 26): اذا قال: اذا مت في هذا السفر فوصيي فلان و وصيتي كذا و كذا فاذا لم يمت في ذلك السفر و مات في غيره لم يجب العمل بوصيته و لم يكن له وصي أما اذا كان الداعي له علي إنشاء الوصية خوف الموت في السفر الذي عزم عليه وجب العمل بوصيته و ان لم يمت في ذلك السفر و لأجل ذلك يجب العمل بوصايا

______________________________

(1) كما هو ظاهر.

(2) اذ لا يمكن الجمع بين الامرين فيكون الثاني ناسخا للأول و تأسيسا للثاني.

(3) فان البيع يعدم موضوع الوصية و كذا هبتها كما هو ظاهر.

(4) كما هو ظاهر فان موضوع الوصية يتحقق بموت الموصي بلا فرق بين الفصل الزماني الطويل و غيره بين الموت و الوصية.

(5) فان الرجوع عن الوصية تبطلها.

(6) بمقتضي الاستصحاب.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 420

الحجاج عند العزم علي الحج و مثلهم زوار الرضا عليه السلام و المسافرون اسفارا بعيدة فان الظاهران هؤلاء و امثالهم لم يقيدوا الوصية بالموت في ذلك السفر و انما كان الداعي علي الوصية خوف الموت في ذلك السفر فيجب العمل بوصاياهم ما لم يتحقق الرجوع عنها (1).

[مسألة 27: يجوز للوصي أن يأخذ أجرة مثل عمله إذا كان له أجرة]

(مسألة 27): يجوز للوصي ان يأخذ اجرة مثل عمله اذا كان له اجرة (2) الا اذا كان اوصي اليه بأن يعمل مجانا كما لو صرح الموصي بذلك او كانت قرينة عليه فلا يجوز له اخذ الاجرة حينئذ (3) و يجب عليه العمل بالوصية ان كان قد قبل (4) أما اذا لم يقبل ففي الوجوب اشكال و الاقرب العدم هذا بالنسبة الي العمل الذي أوصي اليه فيه كالبيع و الشراء و اعطاء الديون و نحو ذلك من الاعمال التي هي موضوع ولايته (5) اما

لو اوصي باعمال اخري مثل أن يوصي الي زيد ان يحج

______________________________

(1) بدعوي ان الظاهر من الجملة المذكورة التقييد بخلاف الصورة الثانية و علي جميع التقادير يكون المناط بالظهور العرفي فانه المتبع و مع الاجمال تصل النوبة الي الاصل العملي.

(2) لاحترام العمل فالامر به يوجب الضمان.

(3) اذ مع الوصية بهذا القيد يكون العمل مجانا و لا تكون له اجرة.

(4) اذ المفروض انه قد قبل ان ينفذ الوصية مجانا فيجب بمقتضي وجوب انفاذ الوصية.

(5) يمكن الاستدلال عليه بقاعدة لا ضرر علي مسلك القوم و أما علي ما سلكناه

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 421

عنه او يصلي عنه او نحو ذلك لم يجب عليه القبول حتي لو لم يعلم ذلك في حياة الموصي (1) و لو قبل في حياته فان كان أوصي اليه بالعمل مجانا مثل أن يحج فقبل لم يبعد جواز الرد بعد وفاته (2) و اذا جعل له اجرة معينة بأن قال له: حج عني بمائة دينار كان اجارة و وجب العمل بها و له الاجرة اذا كان قد قبل في حياته (3) و الا لم يجب (4) و لو

______________________________

فيمكن أن يقال: بأنه خلاف المعهود من الشريعة.

و بعبارة اخري: وجوب القيام بعمل للغير بأمره مجانا غير معهود من مذاق الشرع فلا يجب.

(1) اما لقاعدة لا ضرر و اما لعدم معهودية مثله في الشريعة و اما لانصراف دليل وجوب العمل بالوصية عن مثله.

(2) لم يظهر وجهه اذ بعد القبول علي ما هو عليه من المجانية لا وجه للرد.

و يمكن أن يقال: ان الوجه فيما أفاده انه لا دليل علي وجوب العمل بما أوصي به.

و بعبارة اخري لا دليل علي وجوب العمل مجانا غاية ما في الباب ان الوصي

وعد بأن يعمل بالوصية و وجوب العمل بالوعد مورد الاشكال و الكلام فلا يبعد جواز الرد كما في المتن.

(3) اذ المفروض انه وقع المعاملة علي العمل بهذا النحو و ليست الاجارة الا تمليك المنفعة في مقابل اجرة لكن هذا يتم فيما اتصل القبول بالوصية و أما مع الفصل فلا يكون اجارة.

الا أن يقال: انه لا دليل علي اشتراط الموالاة بين الايجاب و القبول فلو قبل الأجير قبل انصراف الموصي عن وصيته تصير اجارة صحيحة.

(4) بتقريب انه لا مقتضي للوجوب اذ المفروض ان دليل الوصية لا يشمل المقام

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 422

كان باجرة غير معينة عندهما بان قال له: حج عني باجرة المثل و لم تكن الاجرة معلومة عندهما فقبل في حياته لم يبعد أيضا عدم وجوب العمل و جريان حكم الاجارة الفاسدة (1) و لو كان بطريق الجعالة لم يجب العمل (2) لكنه يستحق الاجرة علي تقدير العمل لصدق الوصية حينئذ (3).

[مسألة 28: تثبت الوصية التمليكية بشهادة مسلمين عادلين]

(مسألة 28): تثبت الوصية التمليكية بشهادة مسلمين عادلين (4) و بشهادة مسلم عادل مع يمين الموصي له (5) و بشهادة مسلم عادل مع

______________________________

و من ناحية اخري لا يمكن تصحيحه بكونه اجارة اذ المفروض ان الموصي مات قبل قبول المؤجر و لا تصح الاجارة الا مع الايجاب من طرف و القبول من الطرف الاخر مع بقاء الشرائط في كليهما الي آخر العقد، فعلي هذا لو لم يقبل في حال الحياة لم يجب العمل بما أوصي بعد وفات الموصي.

(1) الظاهر ان الوجه في الحكم بالفساد تحقق الغرر الموجب لفساد العقد.

(2) لعدم ما يقتضي الوجوب.

(3) و مع صدق الوصية لو عمل بها يستحق الجعل.

(4) اجماعا بقسميه- كما في الجواهر- و يدل علي المدعي قوله تعالي

«يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهٰادَةُ بَيْنِكُمْ إِذٰا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنٰانِ ذَوٰا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرٰانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصٰابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمٰا مِنْ بَعْدِ الصَّلٰاةِ فَيُقْسِمٰانِ بِاللّٰهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لٰا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَ لَوْ كٰانَ ذٰا قُرْبيٰ وَ لٰا نَكْتُمُ شَهٰادَةَ اللّٰهِ إِنّٰا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ» «1» و صفوة القول انه لا اشكال في قبول شهادة عدلين في الحقوق المالية.

(5) لجملة من النصوص: منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه

______________________________

(1) المائدة/ 106

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 423

مسلمتين عادلتين كغيرها من الدعاوي المالية (1) و تختص أيضا بانها تثبت بشهادة النساء منفردات فيثبت ربعها بشهادة مسلمة عادلة و نصفها بشهادة مسلمتين عادلتين و ثلاثة ارباعها بشهادة ثلاث مسلمات عادلات و تمامها بشهادة اربع مسلمات عادلات (2) بلا حاجة الي اليمين في

______________________________

السلام قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم يجيز في الدين شهادة رجل واحد و يمين صاحب الدين و لم يجز في الهلال الا شاهد عدل «1».

و منها: ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم يقضي بشاهد واحد مع يمين صاحب الحق 2

و منها: ما رواه حماد بن عثمان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام: يقول كان علي عليه السلام يجيز في الدين شهادة رجل و يمين المدعي 3.

و منها: ما رواه حماد بن عيسي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

حدثني أبي عليه السلام ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم قضي بشاهد و يمين 4

(1) يمكن أن يستدل

عليه بقوله تعالي «وَ اسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجٰالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونٰا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَ امْرَأَتٰانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدٰاءِ» 5.

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه ابراهيم بن محمد الهمداني قال: كتب احمد بن هلال الي أبي الحسن عليه السلام: امرأة شهدت علي وصية رجل لم يشهدها غيرها، و في الورثة من يصدقها، و منهم من يتهمها، فكتب: لا الا أن يكون رجل و امرأتان، و ليس بواجب ان تنفذ شهادتها 6.

(2) بلا خلاف بل اجماعا- كما في الجواهر- و يمكن الاستدلال عليه بجملة

______________________________

(1) (1 و 2 و 3 و 4) الوسائل الباب 14 من أبواب كيفية الحكم الحديث: 1 و 2 و 3 و 4

(2) (5) البقرة/ 282

(3) (6) الوسائل الباب 22 من أحكام الوصايا الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 424

شهادتهن (1) أما الوصية العهدية و هي الوصاية بالولاية فلا تثبت الا بشهادة مسلمين عادلين (2).

[مسألة 29: تثبت الوصية التمليكية و العهدية بشهادة ذميين عدلين في دينهما عند عدم عدول المسلمين]

(مسألة 29): تثبت الوصية التمليكية و العهدية بشهادة ذميين عدلين في دينهما عند عدم عدول المسلمين (3).

______________________________

من النصوص: منها ما رواه ربعي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في شهادة امرأة حضرت رجلا يوصي ليس معها رجل فقال: يجاز ربع ما أوصي بحساب شهادتها «1».

فانه يستفاد من هذه الرواية انه يثبت ربع مورد الوصية بشهادة امرأة واحدة و لازمه ثبوت النصف بامرأتين و ثبوت ثلاثة ارباع بشهادة ثلاث نسوة و ثبوت الجميع بشهادة الاربع، فلاحظ.

(1) لإطلاق النصوص.

(2) كما هو مقتضي الأصل الاولي و عن كتاب المسالك و محكي غيره نفي الخلاف فيه.

(3) ادعي عدم الخلاف في الجملة علي قبول شهادة الكافر في الوصية.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بقوله تعالي «2» و تدل علي المدعي أيضا جملة من

النصوص، منها: ما رواه ضريس الكناسي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن شهادة اهل الملل هل تجوز علي رجل مسلم من غير اهل ملتهم؟ فقال: لا الا أن لا يوجد في تلك الحال غيرهم، و ان لم يوجد غيرهم جازت شهادتهم في الوصية لأنه لا يصلح ذهاب حق امرء مسلم و لا تبطل وصيته «3».

و منها: ما رواه ابو الصباح الكناني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أحكام الوصايا الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 422

(3) الوسائل الباب 20 من احكام الوصايا الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 425

و لا تثبت بشهادة غيرهما من الكفار (1).

[مسألة 30: تثبت الوصية التمليكية بإقرار الورثة جميعهم إذا كانوا عقلاء بالغين]

(مسألة 30): تثبت الوصية التمليكية باقرار الورثة جميعهم اذا كانوا عقلاء بالغين و ان لم يكونوا عدولا (2) و اذا اقر بعضهم دون

______________________________

عن قول اللّه عز و جل: «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهٰادَةُ بَيْنِكُمْ إِذٰا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنٰانِ ذَوٰا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرٰانِ مِنْ غَيْرِكُمْ» قلت: ما آخر ان من غيركم؟ قال: هما كافران قلت: ذوا عدل منكم. قال: مسلمان «1».

و منها: ما رواه الحلبي و محمد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته هل تجوز شهادة اهل ملة من غير اهل ملتهم؟ قال: نعم اذا لم يوجد من اهل ملتهم جازت شهادة غيرهم انه لا يصلح ذهاب حق احد «2».

(1) الاية الكريمة و إن كانت مطلقة و كذلك عدة من النصوص لكن لا بد من رفع اليد عن اطلاقهما بما رواه حمزة بن حمران، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن قول اللّه عز و جل: «ذَوٰا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرٰانِ مِنْ غَيْرِكُمْ» قال:

فقال اللذان منكم

مسلمان و اللذان من غيركم من اهل الكتاب، فقال: اذا مات الرجل المسلم بأرض غربة فطلب رجلين مسلمين يشهدهما علي وصيته فلم يجد مسلمين فليشهد علي وصيته رجلين ذميين من اهل الكتاب مرضيين عند اصحابهما «3».

لكن السند مخدوش بحمزة بن حمران حيث انه لم يوثق: الا أن يقال بأن التقييد اجماعي كما في الجواهر فبالاجماع يقيد اطلاق الاية و النصوص و يختص الحكم بخصوص الذمي، و اللّه العالم.

(2) لنفوذ الاقرار، روي جماعة من علمائنا في كتب الاستدلال عن النبي صلي

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أحكام الوصايا الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 426

بعض تثبت بالنسبة الي حصة المقر دون المنكر (1) نعم اذا اقر منهم اثنان و كانا عدلين تثبت الوصية بتمامها (2) و اذا كان عدلا واحدا تثبت أيضا مع يمين الموصي له و تثبت الوصية العهدية باقرار الورثة جميعهم و اذا اقر بعضهم ثبت بعض الموصي به علي نسبة حصة المقر و ينقص من حقه نعم اذا اقر اثنان عدلان منهم ثبتت (3).

[فصل في منجزات المريض]

اشارة

فصل في منجزات المريض

[مسألة 1: إذا تصرف المريض في مرض الموت تصرفا منجزا]

(مسألة 1): اذا تصرف المريض في مرض الموت تصرفا منجزا فان لم يكن مشتملا علي المحاباة كما اذا باع بثمن المثل او آجر باجرة المثل فلا اشكال في صحته و لزوم العمل به (4) و اذا كان مشتملا علي نوع من المحاباة و العطاء المجاني كما اذا أعتق أو أبرأ او وهب هبة مجانية غير معوضة او معوضة باقل من القيمة أو باع باقل

______________________________

اللّه عليه و آله و سلم انه قال: اقرار العقلاء علي انفسهم جائز «1» و جواز الاقرار و نفوذه من الواضحات.

(1) لتحقق الموضوع بهذا المقدار.

(2) لتحقق الشهادة المعتبرة علي الفرض.

(3) كما مر، و مما ذكرنا يتضح ما أفاده بتمامه، فلاحظ.

(4) للإطلاقات و العمومات الأولية الدالة علي الصحة بلا وجود معارض مضافا الي عدم الخلاف فيه ظاهرا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من الاقرار الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 427

من ثمن المثل او آجر باقل من اجرة المثل او نحو ذلك مما يستوجب نقصا في ماله فالظاهر انه نافذ كتصرفه في حال الصحة و القول بأنه يخرج من الثلث فاذا زاد عليه لم ينفذ الا باجازة الوارث ضعيف (1) و اذا اقر بعين أو دين لوارث أو لغيره فان كان المقر مأمونا و مصدقا في نفسه نفذ الاقرار من الاصل و ان كان متهما

______________________________

(1) يقع الكلام في هذه المسألة في مقامين: المقام الأول: فيما تقتضيه القواعد الأولية و المقام الثاني فيما تقتضيه النصوص الخاصة. أما المقام الأول: فنقول لا اشكال في أن مقتضي القواعد الاولية نفوذ التصرف و صحته فانه ما دام لم يقم دليل علي التخصيص أو التقييد يكون عموم العمومات و اطلاق المطلقات محكما و مرجعا.

و أما المقام

الثاني: فعمدة ما قيل في مقام الاستدلال علي المدعي أو يمكن أن يقال جملة من النصوص: منها: ما رواه سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن عطية الوالد لولده فقال: أما اذا كان صحيحا فهو ماله يصنع به ما شاء و أما في مرضه فلا يصلح «1».

و المستفاد من هذه الرواية كما تري ان عطية الوالد للولد إن كانت في حال المرض لا يكون صالحا و ان كان في حال الصحة يكون صالحا و من الظاهر ان مفاد الرواية لا يرتبط بالمقام فان المدعي في المقام ان منجزات المريض في مرض موته لا تكون صحيحة و بعبارة اخري: مفاد الرواية اجنبي عما نحن بصدده.

و منها: ما رواه جراح المدائني قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن عطية الوالد لولده يبينه قال: اذا اعطاه في صحته جاز 2 و هذه الرواية ضعيفة

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 17 من احكام الوصايا الحديث: 11 و 14

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 428

______________________________

بجراح.

و منها: ما رواه الحلبي، قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون لامرأته عليه الصداق او بعضه فتبرئه منه في مرضها فقال: لا «1».

و المستفاد من هذه الرواية كالرواية السابقة اجنبي عن المقام اذ المستفاد منها ان ابراء الصداق الثابت في ذمة الزوج في حال المرض لا يصح و من الظاهر انه لا يرتبط بما نحن فيه.

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته و ذكر مثله و زاد: و لكنها ان وهبت له جاز ما وهبت له من ثلثها 2 و الكلام فيه هو الكلام.

مضافا الي أن المستفاد من الحديث ان ابراء ما في الذمة ليس صحيحا و لكن هبتها، تكون

صحيحة و الحال انه يمكن أن يقال كما في بعض الكلمات انه خلاف الاجماع حيث ان ابراء ما في الذمة صحيح دون هبته فالأمر بالعكس.

و منها: ما رواه عقبة بن خالد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل حضره الموت فاعتق مملوكا له ليس له غيره فأبي الورثة أن يجيزوا ذلك، كيف القضاء فيه؟ قال: ما يعتق منه الا ثلثه 3 و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن عبد اللّه بن هلال.

و منها: ما رواه علي بن عقبة: عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل حضره الموت فاعتق مملوكا له ليس له غيره، فأبي الورثة ان يجيزوا ذلك، كيف القضاء فيه؟ قال: ما يعتق منه الا ثلثه، و ساير ذلك الورثة احق بذلك، و لهم ما بقي 4 و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن حسن بن

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) نفس المصدر الحديث: 15 و 16 و 13

(2) (4) الوسائل الباب 11 من أحكام الوصايا الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 429

______________________________

الفضال.

و منها: ما رواه أبو بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان اعتق رجل عند موته خادما له ثم اوصي بوصية اخري اعتقت الخادم من ثلثه، و الغيت الوصية الا أن يفضل من الثلث ما يبلغ الوصية «1» و هذه الرواية ضعيفة بالبطائني.

و منها: ما رواه أبو ولاد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون لامرأته عليه الدين فتبرئه منه في مرضها قال: بل تهبه له فتجوز هبتها له و يحسب ذلك من ثلثها ان كانت تركت شيئا «2» و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن حسن بن

الفضال.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم «3» بتقريب ان المستفاد من الرواية ان مجموع ما اوصي مع العتق اكثر من الثلث و فيه: انه لا دليل عليه بل لا يبعد أن يرجع الضمير الي خصوص ما اوصي بل علي ما قيل استدل بعض بهذه الرواية علي القول الاخر، فلاحظ.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم «4» و الكلام فيه هو الكلام، بل دلالة هذه الرواية علي القول الاخر اظهر مضافا الي الاشكال في السند.

و منها: ما رواه الحسن بن الجهم قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول في رجل اعتق مملوكا و قد حضره الموت و اشهد له بذلك و قيمته ستمائة درهم، و عليه دين ثلاثمائة درهم و لم يترك شيئا غيره، قال: يعتق منه سدسه لأنه انما له من ثلاثمائة درهم و له السدس من الجميع «و يقضي عنه ثلاثمائة درهم و له من الثلاثمائة

______________________________

(1) الوسائل الباب 67 من أحكام الوصايا الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 11 من أحكام الوصايا الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 359

(4) لاحظ ص: 359

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 430

______________________________

درهم و له من الثلاثمائة ثلثها. خ كا» «1».

و فيه: انه لم يفرض المرض في الرواية مضافا الي ما نقل عن المسالك بأن الرواية واردة في العتق و يمكن أن يكون الحكم خاصا به و لا وجه لقياس غير المقام عليه اضف الي ذلك كله ان الرواية معارضة مع ما دل علي صحة عتقه.

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج، قال سألني أبو عبد اللّه عليه السلام هل يختلف ابن ابي ليلي و ابن شبرمة؟ فقلت: بلغني انه مات مولي لعيسي بن موسي فترك عليه دينا كثيرا، و ترك مماليك

يحيط دينه بأثمانهم، فاعتقهم عند الموت فسألهما عيسي بن موسي عن ذلك فقال ابن شبرمة أري ان تستسعيهم في قيمتهم فتدفعها الي الغرماء فانه قد أعتقهم عند موته، فقال ابن أبي ليلي: اري ان ابيعهم و ادفع اثمانهم الي الغرماء، فانه ليس له أن يعتقهم عند موته، و عليه دين يحيط بهم، و هذا اهل الحجاز اليوم يعتق الرجل عبده و عليه دين كثير فلا يجيزون عتقه اذا كان عليه دين كثير، فرفع ابن شبرمة يده الي السماء و قال:

سبحان اللّه يا ابن أبي ليلي متي قلت بهذا القول؟ و اللّه ما قلته الا طلب خلافي فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: فعن رأي ايهما صدر؟ قال: قلت بلغني انه اخذ برأي ابن أبي ليلي، و كان له في ذلك هوي فباعهم و قضي دينه، فقال: فمع ايهما من قبلكم؟ قلت له: مع ابن شبرمة، و قد رجع ابن أبي ليلي الي رأي ابن شبرمة بعد ذلك، فقال: أما و اللّه ان الحق لفي الذي قال ابن أبي ليلي، و ان كان قد رجع عنه، فقلت له: هذا ينكسر عندهم في القياس، فقال: هات قايسني، قلت: أنا اقايسك، فقال: لتقولن باشد ما تدخل فيه من القياس، فقلت له: رجل ترك عبدا لم يترك مالا غيره و قيمة العبد ستمائة درهم و دينه خمسمائة درهم، فاعتقه عند الموت كيف يصنع؟ قال: يباع العبد فيأخذ الغرماء خمسمائة درهم و يأخذ الورثة

______________________________

(1) الوسائل الباب 39 من احكام الوصايا الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 431

______________________________

مأئة درهم، فقلت: أ ليس قد بقي عن قيمة العبد مأئة درهم عن دينه؟ فقال: بلي، قلت: أ ليس للرجل ثلثه يصنع به ما

شاء؟ قال: بلي، قلت: أ ليس قد أوصي للعبد فالثلث من المائة حين اعتقه؟ قال: ان العبد لا وصية له انما ماله لمواليه، فقلت له: فان كان قيمة العبد ستمائة درهم و دينه أربعمائة فقال: كذلك يباع العبد فيأخذ الغرماء أربعمائة درهم و يأخذ الورثة مأتين و لا يكون للعبد شي ء، قلت:

فان قيمة العبد ستمائة درهم و دينه ثلاثمائة درهم فضحك، فقال: من هاهنا اتي اصحابك جعلوا الاشياء شيئا واحدا و لم يعلموا السنة، اذا استوي مال الغرماء و مال الورثة أو كان مال الورثة أكثر من مال الغرماء لم يتهم الرجل علي وصيته، و اجيزت الوصية علي وجهها فالآن يوقف هذا، فيكون نصفه للغرماء و يكون ثلثه للورثة و يكون له السدس «1».

و هذه الرواية لم يفرض فيه المرض للمعتق و انما فرض كون المعتق مديونا فلا يرتبط بالمقام و يمكن أن يكون الحكم الوارد في الرواية حكما خاصا للموضوع الخاص.

و منها: ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل اعتق مملوكه عند موته و عليه دين، فقال: ان كان قيمته مثل الذي عليه و مثله جاز عتقه و الا لم يجز «2» و من الظاهر انه لا يرتبط مفاد الحديث بما نحن بصدده.

و ربما يستدل علي المدعي بالنصوص الدالة علي أن للإنسان عند موته ثلث ماله منها: ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان البراء بن معرور الانصاري بالمدينة، و كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بمكة، و انه حضره الموت و كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و المسلمون يصلون الي بيت المقدس

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2)

نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 432

______________________________

فأوصي البراء بن معرور اذا دفن أن يجعل وجهه تلقاء النبي صلي اللّه عليه و آله الي القبلة، و أوصي بثلث ماله فجرت به السنة «1».

و منها: ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يموت ماله من ماله؟ فقال: له ثلث ماله و للمرأة أيضا 2.

و منها: ما رواه مرازم، عن بعض اصحابنا، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يعطي الشي ء من ماله في مرضه قال: ان ابان به فهو جائز و ان أوصي به فهو من الثلث 3.

بتقريب انه لا يجوز تصرفه الا في هذا المقدار و يرد عليه: ان المراد من تلك النصوص الوصية بالثلث و الا فلا اشكال في ان الشخص ما دام حيا يكون ماله بتمامه له اضف الي ذلك ان هذه الطائفة معارضة بما دل علي أن الانسان يمكنه التصرف في ماله ما دام حيا.

الا أن يقال: انه لا تعارض بين الجانبين اذ يمكن أن يقال: ان الأخبار الدالة علي أن للإنسان ماله الي زمان الموت يقيد بما دل علي التقييد.

و مما يمكن أن يستدل به علي المدعي النصوص الدالة علي عدم جواز الاضرار بالوارث و عدم جواز الجور في الوصية: منها ما رواه السكوني، عن جعفر بن محمد، عن ابيه عليهما السلام قال: قال علي عليه السلام: ما ابالي اضررت بولدي او سرقتهم ذلك المال 4.

و منها: ما رواه السكوني أيضا عن جعفر بن محمد عن ابيه عليهما السلام قال: قال علي عليه السلام من أوصي و لم يحف و لم يضار كان كمن تصدق به في حياته 5.

______________________________

(1) (1 و 2 و

3) الوسائل الباب 10 من احكام الوصايا الحديث: 1 و 2 و 4

(2) (4 و 5) الوسائل الباب 5 من احكام الوصايا الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 433

______________________________

و منها: ما رواه محمد بن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قضي امير المؤمنين عليه السلام في رجل توفي و أوصي بماله كله أو اكثره، فقال له: الوصية ترد الي المعروف غير المنكر، فمن ظلم نفسه و اتي في وصيته المنكر و الحيف فانها ترد الي المعروف، و يترك لأهل الميراث ميراثهم الحديث «1».

و منها: ما رواه مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد عن ابيه عليهما السلام قال: من عدل في وصيته كان كمن تصدق بها في حياته، و من جار في وصيته لقي اللّه عز و جل يوم القيامة و هو عنه معرض «2».

و منها: ما رواه العياشي (في تفسيره) عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن ابيه عن علي عليهم السلام قال: السكر من الكبائر، و الحيف في الوصية من الكبائر 3.

بتقريب ان المستفاد من هذه النصوص ان التصرف في أزيد من الثلث يتوقف علي اذن الوارث.

و فيه ان هذا الحكم خاص بالوصية و الا يلزم القول بعدم جواز التصرف حتي في حال الصحة، و هو كما تري و بعبارة اخري هذه حكمة لجعل الوصية نافذة في خصوص الثلث.

و لكن مع ذلك كله في النفس شي ء اذ لا يبعد أن يفهم من عنوان المرض في جملة من النصوص مرض الموت فلا يتوجه ما ذكرناه من الاشكال حيث قلنا ان مفاد تلك النصوص اجنبي عن المقام اللهم الا أن يستدل علي جواز التصرف علي نحو الاطلاق بالسيرة الخارجية من غير نكير

من المتشرعة اذ لو لا صحة التصرف الواقع في مرض الموت كيف يمكن جريان السيرة عليه و طريق الاحتياط ظاهر و اللّه العالم بحقائق الامور و عليه التوكل و التكلان.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من احكام الوصايا الحديث: 1

(2) (2 و 3) نفس المصدر الحديث: 2 و 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 434

نفذ من الثلث هذا اذا كان الاقرار في مرض الموت اما اذا كان في حال الصحة أو في المرض غير مرض الموت اخرج من الاصل و ان كان متهما (1).

______________________________

(1) الظاهر ان الماتن ناظر الي ان الجمع بين النصوص يقتضي التفصيل المذكور فان المستفاد من جملة من النصوص نفوذ الاقرار مع عدم التهمة و عدم نفوذها معها لاحظ ما رواه العلاء بياع السابري قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امراة استودعت رجلا مالا فلما حضرها الموت قالت له: ان المال الذي دفعته إليك لفلانة و ماتت المرأة فأتي اولياؤها الرجل فقالوا: انه كان لصاحبتنا مال و لا نراه الا عندك فاحلف لنا مالها قبلك شي ء أ فيحلف لهم؟ فقال: ان كانت مأمونة عنده فيحلف لهم، و ان كانت متهمة فلا يحلف، و يضع الأمر علي ما كان، فانما لها من مالها ثلثه «1».

و لاحظ ما رواه أبو ايوب، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل أوصي لبعض ورثته ان له عليه دينا، فقال: ان كان الميت مرضيا فاعطه الذي أوصي له 2

و لاحظ مكاتبة محمد بن عبد الجبار 3 بتقريب ان الدين لو لم يكن معروفا معلوما لم يكن الاقرار مؤثرا للتهمة.

و لاحظ ما رواه الحلبي، قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل اقر لوارث بدين في مرضه أ

يجوز ذلك؟ قال: نعم اذا كان مليا 4 بناء علي ان الملاءة طريق الي رفع التهمة و نقل عن الصحاح انه ملؤ الرجل صار مليا اي ثقة.

و لاحظ ما رواه منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 16 من احكام الوصايا الحديث: 2 و 8

(2) (3) لاحظ ص: 374

(3) (4) الوسائل الباب 16 من احكام الوصايا الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 435

[مسألة 2: إذا قال: هذا وقف بعد وفاتي أو نحو ذلك مما يتضمن تعليق الإيقاع علي الوفاة فهو باطل لا يصح]

(مسألة 2): اذا قال: هذا وقف بعد وفاتي او نحو ذلك مما يتضمن تعليق الايقاع علي الوفاة فهو باطل لا يصح و ان اجاز الورثة (1) فالانشاء المعلق علي الوفاة انما يصح في مقامين إنشاء الملك و هي الوصية

______________________________

اوصي لبعض ورثته ان له عليه دينا، فقال: ان كان الميت مرضيا فاعطه الذي أوصي له «1».

و لاحظ ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: الرجل يقر لوارث بدين، فقال: يجوز اذا كان مليا 2.

و لاحظ ما رواه أبو بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل معه مال مضاربة فمات و عليه دين، و أوصي ان هذا الذي ترك لأهل المضاربة، أ يجوز ذلك؟ قال: نعم اذا كان مصدقا 3.

و مقتضي الجمع بين هذه الطائفة و بقية الطوائف التفصيل بأن يقال: ان كان الاقرار في حال المرض اي مرض الموت و كان بمقدار الثلث ينفذ و الا لا ينفذ، هذا فيما يكون المقر غير مصدق في قوله و الا يحسب من الأصل فان الجمع بين النصوص يقتضي التفصيل المذكور.

لاحظ حديث بياع السابري 4 حيث يدل علي ان الاقرار مع التهمة لا يؤثر الا في الثلث

و بهذه الرواية يقيد ما دل علي عدم النفوذ علي الاطلاق في حال التهمة و أما التقييد بالمرض المقيد بمرض الموت فلا يبعد ان الوجه فيه قيام الاجماع القطعي علي نفوذ الاقرار في حال الصحة و حال المرض غير مرض الموت، و اللّه العالم.

(1) للتعليق.

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) نفس المصدر الحديث: 1 و 5 و 14

(2) (4) لاحظ ص: 434

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 436

التمليكية و إنشاء العتق و هو التدبير (1) و لا يصح في غيرهما من انواع الانشاء فاذا قال: بعت او آجرت او صالحت او وقفت بعد وفاتي بطل و لا يجري عليه حكم الوصية بالبيع او الوقف مثلا بحيث يجب علي الورثة ان يبيعوا او يوقفوا بعد وفاته (2) الا اذا فهم من كلامه انه يريد الوصية بالبيع او الوقف فحينئذ كانت وصيته صحيحة و وجب العمل بها (3) نعم اذا قال للمدين ابرأت ذمتك بعد وفاتي و اجازه الوارث بعد موته برئت ذمه المدين فان اجازة الابراء بنفسها تنازل من قبل الورثة عن حقهم و ابراء لذمة المدين (4).

[كتاب الوقف]

اشارة

كتاب الوقف و هو تحبيس الأصل و تسبيل الثمرة (5).

______________________________

(1) كما هو ظاهر واضح.

(2) فانه لا مقتضي للصحة.

(3) لنفوذ الوصية و وجوب العمل بها.

(4) الظاهر ان ما أفاده تام.

(5) قال المحقق قدس سره: «الوقف عقد ثمرته تحبيس الأصل و اطلاق المنفعة و قد ذكر هذا المضمون في بعض النصوص منها ما رواه ابن أبي جمهور في عوالي اللآلي عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه قال حبس الأصل و سبل الثمرة «1» و في درر اللآلي عنه صلي اللّه عليه و آله انه قال ان شئت حبست اصله

و سبلت ثمرتها 2

______________________________

(1) (1 و 2) مستدرك الوسائل الباب 2 من أبواب الوقف الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 437

[مسائل]

[مسألة 1: لا يكفي في تحققه مجرد النية بل لا بد من مظهر لها مثل وقفت و حبست و نحوهما مما يدل علي المقصود]

(مسألة 1): لا يكفي في تحققه مجرد النية بل لا بد من مظهر لها مثل وقفت و حبست و نحوهما مما يدل علي المقصود (1) و الظاهر وقوعه بالمعاطاة مثل أن يعطي الي قيم المشهد آلات الاسراج أو يعطيه الفراش أو نحو ذلك (2) بل ربما يقع بالفعل بلا معاطاة مثل أن يعمر الجدار أو الاسطوانة الخربة من المسجد أو نحو ذلك (3) فانه اذا مات من دون اجراء صيغة الوقف لا يرجع ميراثا الي ورثته (4).

[مسألة 2: الوقف تارة يكون له موقوف عليه يقصد عود المنفعة اليه و تارة لا يكون كذلك و الثاني وقف المسجد]

(مسألة 2): الوقف تارة يكون له موقوف عليه يقصد عود المنفعة اليه و تارة لا يكون كذلك و الثاني وقف المسجد فان الواقف لم يلحظ في الوقف منفعة خاصة و انما لاحظ مجرد حفظ العنوان الخاص و هو عنوان المسجدية و هذا القسم لا يكون له موقوف عليه (5).

______________________________

و لا اشكال في أن قوام الوقف بكون الموقوف محبوسا و ممنوعا عن الحركة و بهذا الاعتبار يسمي الوقف وقفا و علي الجملة لا اشكال فيما أفاده و قد أجاد الماتن حيث قال: «و هو تحبيس الأصل» و لم يقل هو عقد اذ لو كان عقدا يلزم فيه القبول و الحال ان الوقف لا يشترط فيه القبول كما يصرح به فيما بعد.

(1) فان الوقف من الامور الانشائية و لا بد فيها من ابرازها بمبرز.

(2) اذ يصدق العنوان بالمعاطاة و لا دليل علي اشتراط الانشاء باللفظ.

(3) بعين التقريب و وحدة الملاك فلاحظ.

(4) اذ بعد تمامية الوقف لا مجال للانتقال الي الورثة بالإرث فان المفروض خروج العين عن ملك المورث فلا موضوع للإرث كما هو ظاهر.

(5) ربما يقال: ان المسجد خارج عن عنوان الوقف و مصداق للتحرير و لكن

مباني منهاج الصالحين، ج 9،

ص: 438

و اذا لاحظ الواقف منفعة خاصة مثل الصلاة أو الذكر أو الدعاء أو نحوها من انحاء العبادة فقال: وقفت هذا المكان علي المصلين أو الذاكرين أو الداعين أو نحو ذلك لم يصر مسجدا و لم تجر عليه أحكام المسجد و انما يصير وقفا علي الصلاة أو غيرها مما لاحظه الواقف و يكون من القسم الاول الذي له موقوف عليه و هو الذي لاحظ الواقف فيه المنفعة و هو علي اقسام (1).

______________________________

الظاهر انه لا دليل عليه فالحق انه نوع من الوقف في مقابل بقية الوقوف فكما أفاد الماتن تارة يكون للوقف موقوف عليه و في هذه الصورة لا يتحقق عنوان المسجدية فالمسجد وقف بلا موقوف عليه.

و ان شئت قلت: لا اشكال في أن المستفاد من الأدلة الشرعية ان الشارع الأقدس جعل احكاما خاصة للمسجد و يلاحظ عنوان المسجد موضوعا للأحكام الخاصة و يتحقق هذا العنوان بتعلق إنشائه مع اجتماع الشرائط بمكان فالنتيجة انه لو قصد الواقف ذلك الموضوع الذي تترتب عليه أحكام خاصة في الشريعة يتحقق عنوان المسجدية و تترتب عليه تلك الأحكام و لا يكون له موقوف عليه فانقدح مما تقدم ان المسجد داخل في الوقوف و لكن لا ينافي كونه تحريرا و الظاهر ان المراد من التحرير اطلاقه و عدم كونه ملكا لأحد و علي الجملة الوقف اذا كان له موقوف عليه لا يكون محررا بل مقيدا بكونه مملوكا و بعبارة اخري: قبل الوقف يكون ملكا للواقف و بعد الوقف يصير ملكا للموقوف عليه و أما المسجد حيث انه لا يكون ملكا للموقوف عليه لعدمه لا يكون مقيدا بل يكون حرا فقبل الوقف يكون ملكا للواقف و بالوقف يصير محررا و مطلقا من

هذه الجهة فلاحظ.

(1) الأمر كما أفاده فان الموقوف في هذه الصورة لا يكون مسجدا بل يكون

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 439

الاول: أن يلحظ عود المنفعة الي الموقوف عليهم بصيرورتها ملكا لهم كما اذا قال: هذا المكان وقف علي اولادي علي أن تكون منافعه لهم أو هذا البستان وقف علي اولادي علي أن تكون ثمرتها لهم فتكون المنافع و الثمرة ملكا لهم كسائر أملاكهم تجوز المعاوضة منهم عليها و يرثها وارثهم و تضمن لهم عند طروء سبب الضمان و تجب الزكاة علي كل واحد منهم عند بلوغ حصته النصاب (1) الثاني أن تلحظ المنافع مصروفة عليهم من دون تمليك فلا تجوز المعاوضة من احد الموقوف عليهم علي حصته و لا تجب فيها الزكاة و ان بلغت النصاب و لا يرثها وارث الموقوف عليه اذا مات قبل أن تصرف المنفعة عليه و تضمن

______________________________

موقوفا علي المصلين و تكون المنفعة راجعة اليهم و لذا لا يكون تحريرا بل يكون ملكا و هذا القسم له اقسام.

(1) و السيرة جارية عليه بلا ردع من الشارع بل اطلاق قوله عليه السلام في بعض النصوص: منها ما رواه محمد بن الحسن الصفار أنه كتب الي أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام في الوقف و ما روي فيه «الوقوف و ما روي فيها» عن آبائه عليهم السلام فوقع عليه السلام: الوقوف تكون علي حسب ما يوقفها أهلها إن شاء اللّه «1».

و منها: ما رواه محمد بن يحيي قال: كتب بعض اصحابنا الي أبي محمد عليه السلام في الوقوف و ما روي فيها فوقع عليه السلام: الوقوف علي حسب ما يقفها اهلها إن شاء اللّه 2، يشمل المقام و بعد تحقق الملكية تترتب عليها

أحكامها كما في المتن.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 2 من أبواب الوقوف الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 440

المنفعة بطروء سبب الضمان و هذا القسم علي نوعين: الاول أن يلحظ فيه صرف شخص المنفعة كما اذا قال: هذه الشجرة وقف علي اولادي يأكلون ثمرتها و في مثله لا يجوز للولي تبديلها و المعاوضة عليها بل يصرف نفس الثمرة عليهم ليأكلوها الثاني: أن لا يلحظ فيه صرف شخص المنفعة بل يلحظ الاعم منها و من بدلها كما اذا قال: هذه البستان وقف علي اولادي تصرف منفعتها عليهم سواء أ كان بتبديلها الي عين أخري بأن يبدل الولي الثمرة بالحنطة أو الدقيق أو الدراهم أو يبذل نفسها لهم (1) القسم الثالث: أن يلاحظ الواقف انتفاع الموقوف عليهم مباشرة باستيفاء المنفعة بأنفسهم مثل وقف خانات المسافرين و الرباطات و المدارس و كتب العلم و الادعية و نحوها و هذا القسم كما لا تجوز المعاوضة علي منافعه لا من الموقوف عليهم و لا من الولي لا توارث فيه (2) و الظاهر ثبوت الضمان فيه أيضا اذا غصب المنفعة غاصب كالأقسام السابقة (3) نعم الظاهر عدم الضمان في مثل المساجد

______________________________

(1) كما هو مقتضي اطلاق كون الوقف علي حسب جعل الواقف فانه تابع لجعله فاذا وقفه علي أن يصرف نفعه في الموقوف عليه بلا تغيير يجب و أما اذا جعل الأعم يجوز الصرف علي ذلك النحو.

(2) كما عليه السيرة الخارجية المستمره و في جميع هذه الأقسام يكون الوقف ملكا للموقوف عليه غاية الأمر تارة يكون الوقف خاصا و اخري عاما و بعبارة اخري ان العين الموقوفة مملوكة للموقوف عليه و تتصور الأقسام المذكورة في المتن بالنسبة الي منفعة

الوقف.

(3) اذ المفروض عدم كون التالف من المباحات الأصلية فيكون المتلف ضامنا

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 441

التي يكون الوقف فيها تحريرا (1).

[مسألة 3: الظاهر عدم اعتبار القبول في الوقف بجميع أنواعه]

(مسألة 3): الظاهر عدم اعتبار القبول في الوقف بجميع انواعه (2).

______________________________

و يمكن أن يقال: ان المنفعة في هذه الموارد ملك للجهة الخاصة.

(1) و الوجه فيه انه لا مالك للعين في المسجد فلا موضوع للضمان و بعبارة اخري الضمان يترتب علي تلف المملوك و المفروض ان المساجد غير مملوكة فلا موضوع للضمان فيها.

(2) قد تقدم في أول الكتاب بأنه لا دليل علي اشتراط القبول في الوقف بل مقتضي اطلاق النصوص عدم الاشتراط و بعبارة اخري: الوقف بماله من المفهوم يصدق و لو مع عدم القبول مضافا الي السيرة الجارية الخارجية حيث لا يراعي فيه القبول و ربما يستدل باعتبار القبول فيه بوجوه:

الوجه الاول ان الوقف عقد و يشترط في العقد الايجاب و القبول. و فيه انه مصادرة و الدليل عين المدعي.

الوجه الثاني: انه ادخال في الملك و كيف يمكن ادخال عين في ملك احد بلا قبوله و رضاه. و فيه اولا: النقض بالطبقات اللاحقة في الوقف الخاص اذ لم ينقل فيه اشتراط القبول منهم و أيضا ينقض بالارث و ثانيا: انه لو دل الدليل نلتزم به و لا محذور فيه و قد تقدم ان السيرة الخارجية جارية علي الوقف بلا رعاية اشتراط القبول اضف الي ذلك النصوص الدالة علي أوقاف الائمة عليهم السلام.

منها: ما رواه عجلان أبو صالح قال: أملي أبو عبد اللّه عليه السلام بسم اللّه الرحمن الرحيم هذا ما تصدق به فلان بن فلان و هو حي سوي بداره التي في بني فلان بحدودها صدقة لا تباع و لا توهب حتي يرثها

وارث السماوات و الأرض و انه

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 442

و ان كان احوط (1).

______________________________

قد أسكن صدقته هذه فلانا و عقبه فاذا انقرضوا فهي علي ذي الحاجة من المسلمين «1».

و منها: ما رواه ربعي بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال تصدق أمير المؤمنين عليه السلام بدار له في المدينة في بني زريق فكتب بسم اللّه الرحمن الرحيم هذا ما تصدق به علي بن أبي طالب و هو حي سوي تصدق بداره التي في بني زريق صدقة لاتباع و لا توهب حتي يرثها اللّه الذي يرث السماوات و الأرض و أسكن هذه الصدقة خالاته ما عشن و عاش عقبهن فاذا انقرضوا فهي لذي الحاجة من المسلمين 2.

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: بعث إلي بهذه الوصية أبو ابراهيم عليه السلام: هذا ما أوصي به و قضي في ماله عبد اللّه علي ابتغاء وجه اللّه ليولجني به الجنة و يصرفني به عن النار و يصرف النار عني يوم تبيض وجوه و تسود وجوه: ان ما كان لي من مال بينبع «من مال» يعرف لي فيها و ما حولها صدقة و رقيقها غير أبي رياح و أبي نيزر و جبير عتقاء ليس لأحد عليهم سبيل فهم موالي يعملون في المال خمس حجج و منه «و فيه» نفقتهم و رزقهم و رزق اهاليهم و مع ذلك ما كان لي في بوادي القري كله مال بني فاطمة و رقيقها صدقة الي آخر الحديث 3 فانه لا تكون في هذه النصوص دلالة علي القبول.

الوجه الثالث: ان مقتضي الأصل عدم خروج العين الموقوفة عن ملك الواقف و فيه انه لا مجال للأصل مع وجود الدليل.

(1)

لا اشكال في أنه أحوط كما أنه لا اشكال في حسنه سيما مع وجود القائل به

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 6 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث: 3 و 4

(2) (3) الوسائل الباب 10 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 443

و لا سيما في الوقف بلحاظ ملك المنفعة (1) سواء كان عاما مثل الوقف علي العلماء أم خاصا مثل الوقف علي اولاده (2) فيقبل في الاول الحاكم الشرعي (3) و في الثاني الموقوف عليهم من الطبقة الاولي (4).

[مسألة 4: الأظهر عدم اعتبار القربة في صحة الوقف]

(مسألة 4): الاظهر عدم اعتبار القربة في صحة الوقف (5).

______________________________

كما عبر في عبارة المحقق بالعقد فلاحظ.

(1) لا يبعد أن يكون الوجه في الخصوصية انه لو لم تلحظ فيه ملكية المنفعة للموقوف عليه لا يكون الوقف ادخالا لشي ء في ملك الغير و أما مع هذا اللحاظ يكون من مصاديق الإدخال في ملك الغير فكيف يمكن تحققه بلا قبول من يدخل في ملكه و الجواب عن هذا التقريب قد تقدم و قلنا مع دلالة الدليل لا مجال للإشكال مضافا الي أن الوقف لا يكون تحريرا بل تمليك فعلي كلا التقديرين يكون الوقف مستلزما لإدخال العين في ملك الغير نعم في خصوص وقف المسجد- كما تقدم- لا يكون تمليكا بل تحريرا.

(2) اذ علي كلا التقديرين يحصل التمليك و ادخال المنفعة في ملك الغير.

(3) فانه الولي العام و حيث ان المالك ليس الشخص بل الكلي لا بد من قبوله و دخوله في الأمر.

(4) اذ المفروض ان المالك الشخص الخارجي فلا بد من قبوله و لا وجه لدخول الحاكم.

(5) قد وقع الخلاف بين الأصحاب في اشتراط قصد القربة في الوقف و عدمه و ما يمكن أن

يقال: في تقريب الاستدلال علي الاشتراط وجوه: الوجه الأول:

الاجماع و فيه انه يمكن استناد المجمعين الي الوجوه المذكورة في المقام فلا يكون اجماعا تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم.

الوجه الثاني: انه أطلق عنوان الصدقة علي الوقف في النصوص لاحظ

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 444

______________________________

وقوف الائمة منها ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال أوصي أبو الحسن عليه السلام بهذه الصدقة هذا ما تصدق به موسي بن جعفر عليهما السلام تصدق بأرضه في مكان كذا و كذا كلها و حد الأرض كذا و كذا تصدق بها كلها و نخلها و أرضها و قناتها و ماؤها و أرحابها الخ «1».

هذا من ناحية و من ناحية اخري قد دل الدليل علي اشتراط الصدقة بالقربة لاحظ ما عن ابي عبد اللّه عليه السلام الرجل يتصدق علي بعض ولده بصدقة و هم صغار أله أن يرجع فيها قال: لا الصدقة للّه تعالي «2».

و ما رواه حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا صدقة و لا عتق الا ما اريد به وجه اللّه عز و جل «3».

و لاحظ أيضا ما عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا صدقة و لا عتق الا ما اريد به وجه اللّه عز و جل «4».

و فيه ان المستفاد من فعل الائمة عليهم السلام ان الوقف يمكن أن يقع مصداقا للصدقة و المستفاد من دليل اشتراط القربة في الصدقة انه لا تتحقق الصدقة الا مع قصد القربة لكن لا دليل علي تقوم الوقف بالقربة و بعبارة اخري الذي يستفاد من الدليل ان الصدقة يشترط فيها القربة و أما كون الوقف علي الاطلاق أمرا قريبا فلا يستفاد من هذه النصوص.

الوجه الثالث: انه يلزم

اتباع الأئمة فلا بد من قصد القربة و فيه انه لا اشكال في جواز قصد القربة انما الاشكال في لزومه و لا دليل علي لزوم الاتباع فيما لا يكون

______________________________

(1) لاحظ ص 441 و 442 و الوسائل الباب 10 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 4 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 13 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 445

و لا سيما في مثل الوقف علي الذرية (1).

[مسألة 5: يعتبر في صحة الوقف القبض]

(مسألة 5): يعتبر في صحة الوقف القبض (2).

______________________________

لازما.

الوجه الرابع: ان مقتضي الأصل عدم تحققه بلا قصد القربة و فيه انه لا مجال للأصل مع عدم الدليل عليه و وجود المقتضي للصحة مضافا الي السيرة الخارجية المقتضية لعدم الاشتراط.

الوجه الخامس: ان الأصل في الأوامر التعبدية و فيه انه قد ثبت في الاصول ان مقتضي القاعدة الأولية التوصلية و التعبد يحتاج الي الدليل اضف الي ذلك كله انه لا اشكال في الوقف الصادر عن المخالف و الحال ان المخالف لا يمكنه قصد القربة لعدم صحة العبادة عن غير المؤمن فالحق ما أفاده في المتن من عدم الاشتراط.

(1) لم يظهر لي وجه الخصوصية و لعل الوجه فيه ان عدم الاشتراط اوضح بلحاظ السيرة الجارية الخارجية و اللّه أعلم.

(2) قال في الحدائق: «لا خلاف في اشتراط القبض في صحة الوقف و تمامه بحيث انه بعده لا رجوع في الوقف و أما قبله فله الرجوع و لو مات قبله رجع ميراثا بمعني ان الانتقال عن المالك مشروط بالعقد و القبض فيكون العقد جزء السبب الناقل و تمامه القبض و علي هذا فالعقد في نفسه صحيح الا أنه غير

ناقل الا بالقبض و لهذا جاز فسخه قبل القبض و بطل بالموت قبله» «1».

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه صفوان بن يحيي عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن الرجل يقف الضيعة ثم يبدو له أن يحدث في ذلك شيئا

______________________________

(1) الحدائق ج 22 ص: 143

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 446

فاذا مات قبل القبض بطل (1) و لا يعتبر في القبض الفورية (2).

______________________________

فقال: ان كان وقفها لولده و لغيرهم ثم جعل لها قيما لم يكن له أن يرجع فيها و ان كانوا صغارا و قد شرط ولايتها لهم حتي بلغوا فيحوزها لهم لم يكن له أن يرجع فيها و ان كانوا كبارا و لم يسلمها اليهم و لم يخاصموا حتي يحوزوها عنه فله أن يرجع فيها لأنهم لا يحوزونها عنه و قد بلغوا «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان الحيازة و القبض شرط و قبل القبض يجوز للواقف الرجوع في الضيعة و لكن الانصاف انه لا يستفاد المدعي من هذا الخبر بل المستفاد منه تحقق الملكية بالوقف و تحقق لزومه بالقبض و مثله في الدلالة علي الصحة دون اللزوم ما رواه الأسدي فيما ورد عليه من جواب مسائله عن محمد بن عثمان العمري عن صاحب الزمان عليه السلام و أما ما سألت عنه من الوقف علي ناحيتنا و ما يجعل لنا ثم يحتاج اليه صاحبه فكل ما لم يسلم فصاحبه فيه بالخيار و كل ما سلم فلا خيار فيه لصاحبه احتاج أو لم يحتج افتقر اليه أو استغني «2».

(1) لو قلنا بعدم تحقق الملكية قبل القبض فالأمر كما افاده اذ مع بقاء العين في ملك الواقف ينتقل ما تركه الي وارثه و لكن الاشكال

في أصل المبني كما تقدم نعم يستفاد المدعي من حديث عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في رجل تصدق علي ولد له قد ادركوا قال: اذا لم يقبضوا حتي يموت فهو ميراث فان تصدق علي من يدرك من ولده فهو جائز لأن الوالد هو الذي يلي أمره و قال لا يرجع في الصدقة اذا تصدق بها ابتغاء وجه اللّه «3» لكن الحديث ضعيف بقاسم بن سليمان حيث انه لم يوثق فلا بد من اتمام الامر بالإجماع التعبدي الكاشف ان تحقق.

(2) لإطلاق الدليل فان المستفاد من حديث صفوان اشتراط القبض بدون تقيده

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الوقوف و الصدقات الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 447

و في اعتبار اذن الواقف في القبض اشكال (1).

[مسألة 6: يكفي في تحقق القبض في مثل الوقف علي الذرية قبض الطبقة الأولي]

(مسألة 6): يكفي في تحقق القبض في مثل الوقف علي الذرية قبض الطبقة الاولي (2).

[مسألة 7: إذا وقف علي أولاده الصغار و أولاد أولاده و كانت العين في يده كفي ذلك في تحقق القبض]

(مسألة 7): اذا وقف علي أولاده الصغار و أولاد أولاده و كانت العين في يده كفي ذلك في تحقق القبض و لم يحتج الي قبض آخر (3) و اذا كانت العين في يد غيره فلا بد من أخذها منه ليتحقق قبض وليهم (4).

______________________________

بالفورية و يمكن تقريب الاستدلال علي المدعي بوجه آخر و هو ان المرجع اطلاق دليل الوقف لكن لا بد من تقييده بالقبض في الجملة فلو تحقق القبض و لو مع التراخي يكون مقتضي دليل الصحة كونه تاما بعد القبض فلاحظ.

(1) ربما يستدل علي اشتراط الاذن بحديث الأسدي «1» فان المستفاد من هذا الحديث التسليم لكن السند ضعيف فليس قابلا للاعتماد عليه و يستفاد عدم الاشتراط من حديث صفوان «2» حيث انه يستفاد منه جواز المخاصمة مع الواقف للحيازة فيعلم عدم اشتراط الاذن و طريق الاحتياط ظاهر و اللّه العالم.

(2) اذ المفروض انه وقف واحد فيتم بقبض الطبقة الأولي و يمكن أن يقال:

انه لا دليل علي اشتراط قبض كل طبقة و مع عدم الدليل يكفي اطلاق دليل الوقف

(3) اذ المفروض كونه وليا لهم و قبضه قبضهم فاذا كانت العين في يده يتحقق القبض و لا يحتاج الي قبض آخر و ان شئت قلت: تحصيل الحاصل لا يمكن.

(4) كما هو ظاهر فان المفروض اشتراط القبض فلا بد من أخذه كي يتحقق

______________________________

(1) لاحظ ص: 446

(2) لاحظ ص: 445

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 448

[مسألة 8: إذا كانت العين بيد الموقوف عليه كفي ذلك في قبضها]

(مسألة 8): اذا كانت العين بيد الموقوف عليه كفي ذلك في قبضها و لم يحتج الي قبض جديد (1).

[مسألة 9: يكفي في قبض غير المنقول رفع الواقف يده عنه و استيلاء الموقوف عليهم عليه]

(مسألة 9): يكفي في قبض غير المنقول رفع الواقف يده عنه و استيلاء الموقوف عليهم عليه (2).

[مسألة 10: في اعتبار القبض في صحة الوقف علي الجهات العامة إشكال]

(مسألة 10): في اعتبار القبض في صحة الوقف علي الجهات العامة اشكال (3) و لا سيما اذا كان من نية الواقف أن تبقي في يده و يعمل بها علي حسب ما وقف (4) و الاحوط اعتباره (5) و لكن الظاهر عدم اعتبار قبض الحاكم الشرعي (6).

______________________________

القبض.

(1) اذ قد تقدم انه لا يمكن تحصيل الحاصل و بعبارة اخري: المفروض تحقق الشرط فيتم الأمر فلاحظ.

(2) فان قبض كل شي ء بحسبه و بعبارة اخري: القبض امر عرفي و تحققه بنظر العرف في غير المنقول بما ذكر في المتن.

(3) الظاهر ان وجه الاشكال عدم الدليل و اختصاصه بالأوقاف الخاصة فلا مقتضي للاشتراط.

(4) تارة يجعل نفسه متوليا فيكون قبضه كافيا و اما اذا لم يكن كذلك فلا أري وجها لكفاية قبضه اذا قلنا باشتراط القبض و علي الجملة لم يظهر لي ما رامه الماتن و اللّه العالم.

(5) بلا اشكال و لا كلام فان الاحتياط طريق النجاة و اخوك دينك فاحتط لدينك.

(6) ان قلنا باشتراط القبض لا بد من قبض الحاكم فان له الولاية في الامور

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 449

فاذا وقف مقبرة كفي الدفن فيها و اذا وقف مكانا للصلاة كفي الصلاة فيه و اذا وقف حسينية كفي اقامة العزاء فيها و كذا الحكم في مثل وقف الخان علي المسافرين و الدار علي سكني العلماء و الفقراء فانه يكفي في قبضها السكني فيها و اذا وقف حصيرا للمسجد كفي وضعه في المسجد و كذا في مثل آلات المشاهد و المعابد و المساجد و نحوها فان الظاهر انه يكفي في قبضها وضعها فيها بقصد

استعمالها (1) و اذا خرب جانب من جدار المسجد أو المشهد أو نحوها فعمره فالظاهر كفاية ذلك في تمامية الوقف و ان لم يقبضه قابض (2) و اذا مات لم يرجع ميراثا لوارثه كما عرفت (3).

[مسألة 11: إذا وقف علي أولاده الكبار فقبض واحد منهم صح القبض في حصته]

(مسألة 11): اذا وقف علي اولاده الكبار فقبض واحد منهم صح القبض في حصته و لم يصح في حصة الباقين (4).

______________________________

العامة الا أن يقال: ان مقتضي السيرة عدم الاعتبار لكن مرجعه الي عدم الاشتراط فيكون خروجا عن الفرض.

(1) كيف يكون الدفن قبضا و الحال ان جواز الدفن متوقف علي القبض و بعبارة اخري: رتبة جواز الدفن متأخرة عن القبض فلا بد من تحقق القبض كي يتم الوقف و بعد تماميته يترتب عليه حكمه الا أن يقال: بجريان السيرة الخارجية عليه فيكون خروجا عن الفرض.

(2) بمقتضي السيرة الخارجية بلا كلام.

(3) و عرفت انه لا مجال للإرث فراجع.

(4) ما أفاده ظاهر فان المفروض تحقق القبض بالنسبة الي بعضهم و عدم تحققه

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 450

[مسألة 12: الوقوف التي تتعارف عند الأعراب بأن يقفوا شاتا علي أن يكون الذكر المتولد منها (ذبيحة)]

(مسألة 12): الوقوف التي تتعارف عند الاعراب بأن يقفوا شاتا علي أن يكون الذكر المتولد منها (ذبيحة) يعني يذبح و يؤكل و الانثي (منيحة) يعني تبقي و ينتفع بصوفها و لبنها فاذا ولدت ذكرا كان (ذبيحة) و اذا ولدت أنثي كانت (منيحة) و هكذا اذا كان وقفهم معلقا علي شفاء مريض او ورود مسافر أو سلامة غنمهم من الغزو أو المرض أو نحو ذلك فهي باطلة (1) و اذا كانت منجزة غير معلقة فالظاهر بطلانها أيضا لان المنيحة اذا كانت ملكا للواقف فلا يمكن أن يكون نتاجها الذكر ذبيحة لان وقف المعدوم باطل و ان خرجت عن ملك الواقف فلا يمكن أن يكون صوفها و لبنها راجعا اليه أو الي ورثته (2).

[مسألة 13: لا يجوز في الوقف توقيته بمدة]

(مسألة 13): لا يجوز في الوقف توقيته بمدة فاذا قال: داري

______________________________

بالنسبة الي البعض الاخر فيترتب علي كل حكمه علي مقتضي القاعدة فتأمل.

(1) الظاهر ان الوجه في حكمه بالبطلان التعليق فان التعليق باطل عندهم و يتعرض الماتن لاشتراط الوقف بعدم التعليق في المسألة (17) و نتعرض هناك إن شاء اللّه لتقريب الاستدلال علي المدعي و ما فيه من الاشكال فانتظر.

(2) الأمر كما أفاده فان المنيحة المتولدة من الشاة الموقوفة ان كانت ملكا للواقف فلا يجوز وقفها لعدم جواز وقف المعدوم و ان لم تكن ملكا للواقف فلا وجه لرجوع لبنها و صوفها الي المالك.

و لقائل أن يقول: نلتزم بكون المنيحة ملكا للواقف و قد علق الوقف علي وجودها فلا يكون متعلق الوقف معدوما.

لكن يتوجه اشكال التعليق الا أن يقال: ان التعليق علي ما يتوقف عليه صحة

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 451

وقف علي اولادي سنة أو عشر سنين بطل (1).

______________________________

العقد غير مضر بالصحة نعم يتوجه

اشكال آخر و هو انه كيف يمكن كونها ملكا للواقف و الحال ان الشاة موقوفة و بعبارة اخري: منافع العين الموقوفة لا تكون ملكا للواقف فلاحظ.

(1) و نقل في الجواهر الاجماع بقسميه عليه عن الغنية و ما يمكن أن يستدل به عليه وجوه:

الوجه الاول: الاجماع و فيه ان الاجماع المدعي في المقام يحتمل كونه مدركيا فلا يترتب عليه اثر.

الوجه الثاني: ان التأبيد معتبر في مفهوم الوقف و فيه انه ليس الامر كذلك و ان الوقف علي قسمين بل لا يبعد اطلاق الوقف علي المنقطع في بعض النصوص

الوجه الثالث: الوقوف الصادرة عن بعض الائمة عليهم السلام لاحظ خبري عجلان «1» و ربعي 2 و لاحظ حديث عبد الرحمن 3.

بتقريب: ان المستفاد من هذه النصوص ان التأبيد مقوم للوقف حيث انه وصف به او باطلاقه يكون ظاهرا في المؤيد و فيه ان هذا التقريب لا يثبت المدعي اذ يمكن أن يكون الوقف علي قسمين و هم عليهم السلام اختاروا احد القسمين و بعبارة اخري: لا يستفاد من هذه الروايات ان الوقف منحصر بالمؤبد.

الوجه الرابع: لزوم الاقتصار علي القدر المعلوم و كون الوقف مشروعا في غير المؤبد اول الكلام و الاشكال و فيه انه يكفي دليلا للصحة النصوص 4 الدالة علي أن الوقوف علي حسب ما اوقفها اهلها و يمكن الاستدلال علي الصحة بما رواه الصفار قال: كتبت الي أبي محمد عليه السلام أسأله عن الوقف الذي

______________________________

(1) (1 و 2) لاحظ ص: 441 و 442

(2) (3) لاحظ ص: 442

(3) (4) لاحظ ص: 439

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 452

و الظاهر عدم صحته حبسا (1).

[مسألة 14: إذا وقف علي من ينقرض]

(مسألة 14): اذا وقف علي من ينقرض كما اذا وقف علي اولاده و اولاد اولاده

صح وقفا (2) فاذا انقرضوا رجع الي ورثة الواقف

______________________________

يصح كيف هو؟ فقد روي ان الوقف اذا كان غير موقت فهو باطل مردود علي الورثة، و اذا كان موقتا فهو صحيح ممضي، قال قوم ان الموقت هو الذي يذكر فيه انه وقف علي فلان و عقبه فاذا انقرضوا فهو للفقراء و المساكين الي أن يرث اللّه الأرض و من عليها و قال آخرون هذا موقت اذا ذكر انه لفلان و عقبه ما بقوا و لم يذكر في آخره للفقراء و المساكين الي أن يرث اللّه الأرض و من عليها و الذي هو غير موقت أن يقول: هذا وقف و لم يذكر احدا فما الذي يصح من ذلك؟ و ما الذي يبطل؟ فوقع عليه السلام: الوقوف بحسب ما يوقفها ان شاء اللّه «1» فان مقتضي اطلاق هذا الخبر تبعية الوقف للقصد و يصح علي اي نحو قصده الواقف.

(1) اذ المفروض ان الواقف قصد عنوان الوقف فلا وجه لتحققه حبسا و بعبارة اخري: الامور الانشائية القصدية تابعة للقصد ان قلت: ليس الحبس الا الإيقاف مدة و المفروض ان الواقف قصد هذا العنوان فيصح حبسا قلت: الوقف اخراج الملك عن النفس و ادخاله في ملك الموقوف عليه و الحبس لا يكون اخراجا للملك فكيف يصح الوقف حبسا؟ فلاحظ.

(2) اذا قلنا بعدم اشتراط التأبيد فالأمر ظاهر فان المقتضي للصحة موجود و المانع مفقود فيحكم بالصحة كما في المتن و أما علي القول باشتراط التأبيد في الوقف فيمكن أن يقال: ان عمدة الوجه في مستند الاشتراط هو الاجماع و لا اجماع في المقام و حيث لا اجماع في هذه الصورة فمقتضي القاعدة و الصناعة الصحة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من ابواب الوقوف

و الصدقات الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 453

حين الموت لا حين الانقراض فاذا مات الواقف عن ولدين و مات احدهما قبل الانقراض و ترك ولدا ثم انقرض الموقوف عليهم كانت العين الموقوفة مشركة بين العم و ابن اخيه (1).

[مسألة 15: لا فرق فيما ذكرنا من صحة الوقف و رجوعه إلي ورثة الواقف بين كون الموقوف عليه مما ينقرض و كونه مما لا ينقرض غالبا فاتفق انقراضه]

(مسألة 15): لا فرق فيما ذكرنا من صحة الوقف و رجوعه الي ورثة الواقف بين كون الموقوف عليه مما ينقرض و كونه مما لا ينقرض غالبا فاتفق انقراضه (2) نعم يستثني من ذلك ما اذا ظهر من القرائن ان خصوصية الموقوف عليه ملحوظة بنحو تعدد المطلوب بأن كان الواقف قد انشأ التصدق بالعين و كونه علي نحو خاص فاذا بطلت الخصوصية بقي اصل التصدق فاذا قامت القرينة علي ذلك و انقرض الموقوف عليه لم يرجع الي الوارث أو ورثته بل يحب أن يتصدق به (3).

______________________________

(1) الظاهر ان الوجه فيما أفاده ان الملك لا يخرج بالوقف عن ملك الواقف الا في قطعة خاصة من الزمان كثلاث سنوات مثلا و باقي المدة يكون باقيا في ملك الواقف فاذا مات الواقف ينتقل الي وارثه حين موته بمقتضي قانون الارث و بعبارة اخري: لا مقتضي لخروج الملك عن ملك الواقف أزيد من ذلك المقدار من الزمان فالزائد عليه يكون في ملكه و بموته ينتقل بالارث الي وارثه في ذلك الوقت فما أفاده في المتن متين فلاحظ.

(2) لعدم ما يقتضي التفصيل و التفريق فان الملاك و تقريب الاستدلال واحد في كلا المقامين فالأمر كما أفاده.

(3) أما علي فرض إنشاء الوقف هكذا فالأمر ظاهر اذ عليه تكون العين موقوفة مطلقا و أما علي تقدير قصد التصدق بعنوان الوصية فاللازم العمل بها بمقتضي

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 454

[مسألة 16: إذا وقف عينا علي غيره و شرط عودها إليه عند الحاجة ففي صحته قولان]

(مسألة 16): اذا وقف عينا علي غيره و شرط عودها اليه عند الحاجة ففي صحته قولان و الاظهر البطلان (1).

[مسألة 17: يشترط في صحة الوقف التنجيز]

(مسألة 17): يشترط في صحة الوقف التنجيز فلو علقه علي أمر مستقبل معلوم الحصول أو متوقع الحصول أو أمر حالي محتمل الحصول اذا كان لا يتوقف عليه صحة العقد بطل فاذا قال: وقفت داري اذا جاء رأس الشهر او اذا ولد لي ذكر أو ان كان هذا اليوم يوم الجمعة بطل (2) و اذا علقه علي أمر حالي معلوم الحصول او مجهول

______________________________

صحة الوصية و علي كلا التقديرين لا مقتضي للإرث و اللّه العالم.

(1) لاحظ ما رواه اسماعيل بن فضل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من أوقف أرضا ثم قال ان احتجت اليها فانا أحق بها ثم مات الرجل فانها ترجع الي الميراث «1» فان المستفاد من هذا الحديث ان الوقف بهذا النحو باطل و لذا لا أثر له و يكون المال موروثا و ينتقل الي الوارث بالارث فلاحظ.

(2) قال السيد اليزدي قدس سره في الملحقات: «الثالث التنجيز علي المشهور بل في الجواهر بلا خلاف و لا اشكال بل الاجماع بقسميه عليه لكن في الحدائق لم اقف عليه في جملة من كتب المتقدمين منها كتاب النهاية للشيخ و المبسوط و السرائر و كذا المقنعة للمفيد فلو علق علي شرط كقدوم زيد او صفة كمجي ء رأس الشهر لم يصح و لا دليل عليه بالخصوص كما اعترف به صاحب المسالك و حينئذ فان تحقق الاجماع فهو و الا فهو مشكل نعم ادعي صاحب الجواهر ان ظاهر ما دل علي تسبيب الأسباب ترتب آثارها حال وقوعها و هو أيضا مشكل فالأحوط مراعاة الاحتياط هذا و لو علق

علي أمر محقق الوقوع حال الانشاء مع العلم به كما اذا

______________________________

(1) التهذيب ج 9 ص 150 حديث: 59

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 455

الحصول اذا كان يتوقف عليه صحة العقد كما اذا قال زيد: وقفت داري ان كنت زيدا او وقفت داري ان كانت لي صح (1).

[مسألة 18: إذا قال هذا وقف بعد وفاتي بطل إلا أن يفهم منه الوصية بالوقف]

(مسألة 18): اذا قال هذا وقف بعد وفاتي بطل الا أن يفهم منه الوصية بالوقف فيجب العمل بها فيوقف بعده (2).

[مسألة 19: يشترط في صحة الوقف إخراج الواقف نفسه عن الوقف]

(مسألة 19): يشترط في صحة الوقف اخراج الواقف نفسه عن الوقف فاذا وقف علي نفسه بطل (3).

______________________________

قال وقفت ان كان هذا يوم الجمعة مع العلم بأنه يوم الجمعة صح بل لا ينبغي الاشكال و ان نقل عن بعض بطلانه أيضا لأنه بصورة التعليق بل لو لم يعلم أيضا فالظاهر الصحة فلو قال وقفت علي اولاد زيد ان كانوا عدو لا مع عدالتهم و عدم علمه بذلك فانه لم يتأخر الأثر حينئذ» «1» الي آخر كلامه زيد في علو مقامه.

و صفوة القول: انه لا دليل علي الاشتراط المذكور الا أن يتم الاجماع التعبدي الكاشف و علي فرض تحققه لا بد من الاقتصار علي المقدار المعلوم منه نعم الاحتياط طريق النجاة.

(1) اذ لا اجماع في هذه الصورة.

(2) و الوجه فيه ان العين تنتقل بعد وفاة الواقف الي الورثة و لا مجال لوقفه من قبل المالك الا أن يرجع الي الوصية بالوقف كما في المتن.

(3) ادعي عليه الاجماع و يمكن الاستدلال علي المدعي بأن الوقف نقل العين الي الموقوف عليه و بعبارة اخري: الوقف نقل الملك عن ملك الواقف الي ملك الموقوف عليه و من الظاهر عدم تعقل نقل الملك عن النفس الي النفس فلا يعقل الوقف علي النفس كي يتكلم في صحته و فساده.

______________________________

(1) ملحقات العروة ج 1 ص 196

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 456

و اذا قال داري وقف علي و علي أخي مثلا علي نحو التشريك بطل الوقف في نصف الدار (1) و اذا كان علي نحو الترتيب بأن قصد الوقف علي نفسه ثم علي

غيره كان الوقف من المنقطع الاول فيبطل مطلقا (2) و ان قصد الوقف علي غيره ثم علي نفسه بطل بالنسبة الي نفسه فقط و كان من الوقف المنقطع الاخر (3) و ان قال هي وقف علي

______________________________

و أفاد السيد اليزدي قدس سره اولا: ان الوقف ايقاف لا تمليك و ثانيا: لا مانع من تبديل ملكية بملكية اخري عليه بنحو آخر «1».

و في كلا الجوابين اشكال أما ما أفاده اولا فان الوقف اخراج عن الملك و لذا يقال: ان العين الموقوفة ملك للموقوف عليه و اختيارها بيد الموقوف عليه و تنتقل العين من الطبقة السابقة الي الطبقة اللاحقة و أماما أفاده ثانيا فيرد عليه: ان الوقف اخراج للعين عن الملك و كيف يمكن اخراجها مع عدم دخوله في ملك الغير؟

نعم في المسجد تحرير و ان شئت قلت: الوقف اخراج للملك لا تبديل و كم فرق بين الأمرين.

(1) بتقريب ان المقتضي للصحة في النصف تام فيصح فيه و لكن لقائل أن يقول: انه لو أراد الواقف المقيد بما هو مقيد لا يتم التقريب المذكور بل يكون مقتضي القاعدة البطلان مطلقا.

(2) أما بالنسبة الي الأول فلما ذكر من تقريب البطلان و أما بالنسبة الي الثاني فلما تقدم من بطلان الوقف بعد الموت الا أن يرجع الي الوصية.

(3) أما الصحة في الأول فلما تقدم من صحة الوقف كذلك و أما البطلان في الثاني فلما مر من كونه فاسدا.

______________________________

(1) ملحقات العروة ج 1 ص 197

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 457

أخي ثم علي نفسي ثم علي شخص آخر بطل الوقف بالنسبة الي نفسه و الشخص الاخر و كان من الوقف المنقطع الوسط (1).

[مسألة 20: إذا وقف علي أولاده و اشترط عليهم وفاء ديونه من مالهم عرفية كانت الديون أم شرعية]

(مسألة 20): اذا وقف علي أولاده و اشترط عليهم

وفاء ديونه من مالهم عرفية كانت الديون أم شرعية كالزكاة و الكفارات المالية صح (2) بل الظاهر صحة الوقف اذا اشترط وفاء ديونه من حاصل الوقف أيضا (3).

[مسألة 21: إذا وقف علي جيرانه و اشترط عليهم أكل ضيوفه]

(مسألة 21): اذا وقف علي جيرانه و اشترط عليهم أكل ضيوفه

______________________________

(1) أما الصحة في الأول فلما تقدم من تقريب الصحة و أما الفساد في الثاني فلما ذكر من تقريب الفساد و أما الفساد في الثالث فلبطلان التعليق.

(2) الظاهر ان الوجه في الصحة دليل صحة الشرط فان مقتضاه صحة الشرط ما لم يكن مخالفا مع الشرع فيصح الوقف مع الشرط المذكور علي فرض قبول الموقوف عليهم و لا اشكال في أن الاشتراط المذكور لا ينافي الوقف فما أفاده في الحدائق من منافاته للوقف «1» ليس في محله و علي الجملة ان الصور المفروضة خارجة عن الوقف علي النفس فلا وجه لفساده و لكن يشكل الأمر بالنسبة الي الطبقة اللاحقة التي لم تكن طرفا للشرط اذ لا مقتضي لوجوب العمل عليهم بالشرط المذكور لأن المفروض عدم الاشتراط معهم نعم يمكن أن يتصور علي نحو يحصل مطلوب الواقف بأن يقف علي من يقوم بهذه المهمة كما لو وقف علي من يصلي صلاة الليل فمن لا يصلي صلاة الليل لا يكون مصداقا للموقوف عليه.

(3) الظاهر ان ما أفاده تام اذ حاصل الوقف ملك لهم فلا مانع من هذا الاشتراط معهم فلاحظ.

______________________________

(1) الحدائق ج 22 ص: 160

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 458

أو القيام بمئونة اهله و اولاده حتي زوجته صح و اذا اشترط عليهم نفقة زوجته الواجبة عليه من مالهم صح بل الظاهر الصحة مع اشتراطها من حاصل الوقف أيضا (1).

[مسألة 22: إذا وقف عينا له علي وفاء ديونه العرفية و الشرعية بعد الموت ففي صحته كما قيل إشكال]

(مسألة 22): اذا وقف عينا له علي وفاء ديونه العرفية و الشرعية بعد الموت ففي صحته كما قيل اشكال بل الاظهر البطلان و كذا في ما لو وقفها علي اداء العبادات عنه بعد الوفاة (2).

[مسألة 23: إذا أراد التخلص من اشكال الوقف علي النفس يملك العين لغيره ثم يقفها غيره]

(مسألة 23): اذا اراد التخلص من اشكال الوقف علي النفس يملك العين لغيره ثم يقفها غيره علي النهج الذي يريد من ادرار مؤنته و وفاء ديونه و نحو ذلك (3) و يجوز له أن يؤجرها مدة و يجعل لنفسه خيار الفسخ و بعد الوقف يفسخ الاجارة فترجع المنفعة اليه لا الي الموقوف عليهم (4).

______________________________

(1) الكلام في هذا الفرع هو الكلام و تقريب الاستدلال علي الصحة هو التقريب فلا وجه للإعادة.

(2) ان لم يرجع الي الوصية يشكل الجواز اذ بالموت ينتقل ما تركه الميت الي الوارث فلا مجال لتحققه وقفا بل يمكن أن يقال: انه من مصاديق الوقف علي النفس و قد مر بطلانه الا أن يقال ان الموقوف عليه الجهة الخاصة فيكون خارجا عن الوقف علي النفس.

(3) اذ بهذه الوسيلة لا يتوجه الاشكال مع حصول النتيجة المطلوبة.

(4) اذ المفروض صحة الاجارة كما ان مقتضي القاعدة صحة الوقف فبعد الفسخ يكون مالكا للمنفعة مع كون العين موقوفة.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 459

بل لا يبعد صحة وقف العين مع اشتراط بقاء منافعها علي ملكيته مدة معينة كسنة أو غير معينة مثل مدة حياته (1).

[مسألة 24: يجوز انتفاع الواقف بالعين الموقوفة]

(مسألة 24): يجوز انتفاع الواقف بالعين الموقوفة في مثل المساجد و القناطر و المدارس و منازل المسافرين و كتب العلم و الزيارات و الادعية و الآبار و العيون و نحوها مما لم يكن المنفعة معنونة بعنوان خاص مضاف الي الموقوف عليه بل قصد مجرد بذل المنفعة و اباحتها للعنوان العام الشامل للواقف (2) اما اذا كان الوقف علي الانحاء الاخر مع كون الموقوف عليه عنوانا كليا عاما ففي جواز مشاركة الواقف اشكال و الاظهر الجواز (3).

______________________________

(1) بتقريب ان الواقف مالك للعين و لمنافعها

و اختيار العين بيده فله أن يقف العين مسلوبة المنفعة مدة معينة أو غير معينة و دليل الوقف باطلاقه يشمل مفروض الكلام.

لكن الذي يختلج بالبال: انه مخصوص بالمنفعة المملوكة بالفعل و أما مالا لا يكون مملوكا له فلا يجري هذا التقريب الا أن يقال لا مصداق له فلاحظ.

(2) اذ المفروض ان العين الموقوفة لا تكون مملوكة للعنوان بل الموقوف عليه تلك الجهة فيكون الواقف كبقية الأفراد في جواز الانتفاع و بعبارة اخري:

لا يكون الوقف لجماعة خاصة كي يقال: لا يجوز للواقف بل الموقوف عليه تلك الجهة.

(3) و الوجه في الاشكال شبهة كون الوقف المذكور من مصاديق الوقف علي النفس فلا يجوز و لكن الشبهة واهية اذ الواقف يخرج العين عن ملكه و يدخلها في ملك العنوان الجامع فلا يكون داخلا في الوقف علي النفس فالأظهر الجواز

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 460

[مسألة 25: إذا تم الوقف كان لازما لا يجوز للواقف الرجوع فيه]

(مسألة 25): اذا تم الوقف كان لازما لا يجوز للواقف الرجوع فيه (1) و ان وقع في مرض الموت لم يجز للورثة رده و ان زاد علي الثلث (2).

[فصل في شرائط الواقف]

اشارة

فصل في شرائط الواقف

[مسألة 26: يعتبر في الواقف أن يكون جائزا لتصرف بالبلوغ و العقل و الاختيار و عدم الحجر لسفه أو رق أو غيرهما]

(مسألة 26): يعتبر في الواقف أن يكون جائزا لتصرف بالبلوغ و العقل و الاختيار و عدم الحجر لسفه اورق او غيرهما (3) فلا يصح وقف الصبي و ان بلغ عشرا (4) نعم اذا أوصي بأن يوقف ملكه بعد وفاته علي وجوه البر و المعروف لأرحامه و كان قد بلغ عشرا و عقل نفذت

______________________________

كما في المتن.

(1) ما أفاده علي طبق القاعدة الأولية فان الخيار و جواز الرجوع يحتاج الي الدليل و بعبارة اخري: بعد فرض تحقق الوقف و صحته كما هو المفروض تكون العين خارجة عن ملك الواقف و داخلة في ملك الموقوف عليه و من ناحية اخري لا يجوز التصرف في الوقف فعدم الجواز و لزومه بعد تحققه امر واضح ظاهر و علي المدعي للخلاف اقامة الدليل و اللّه العالم بحقايق الامور.

(2) اذ قد حقق في محله صحة منجزات المريض و لو في الزائد عن الثلث فلا وجه لاشتراطه باجازة الوارث و التفصيل موكول الي مجال آخر.

(3) فان هذه الامور شرائط عامة في جميع العقود و الايقاعات و قد تعرضنا لأدلة الاشتراط في جملة من المباحث السابقة و لا نعيد.

(4) يظهر من كلماتهم ان المسألة ذات قولين و استدل علي الجواز بجملة من النصوص منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا أتي علي الغلام عشر سنين فانه يجوز في ماله ما أعتق أو تصدق أو اوصي علي حد معروف و حق

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 461

______________________________

فهو جائز «1» و هذه الرواية ضعيفة سندا بموسي بن بكر.

و منها ما رواه جميل عن احدهما عليهما السلام قال: يجوز طلاق الغلام اذا كان قد عقل و صدقته و وصيته و

ان لم يحتلم 2 و سند هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن فضال.

و منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سئل عن صدقة الغلام ما لم يحتلم قال: نعم اذا وضعها في موضع الصدقة 3 و الكلام في سند الحديث هو الكلام في سابقه.

و منها ما رواه الحسن بن راشد عن العسكري عليه السلام قال اذا بلغ الغلام ثماني سنين فجائز أمره في ماله و قد وجب عليه الفرائض و الحدود و اذا تم للجارية سبع سنين فكذلك 4.

و هذه الرواية ضعيفة سندا أيضا فلا مجال للاستناد الي هذه النصوص في اثبات المدعي بعد عدم اعتبار اسنادها مضافا الي أن الظاهر منها جواز صدقته و شمول الصدقة للوقف اول الكلام و الاشكال و استعمال الصدقة في الوقف في جملة من الموارد اعم من الحقيقة كما هو ظاهر.

و أما النصوص الدالة علي جواز وصيته بعد بلوغه عشرا منها ما رواه أبو بصير يعني المرادي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: اذا بلغ الغلام عشر سنين و اوصي بثلث ماله في حق جازت وصيته و اذا كان ابن سبع سنين فأوصي من ماله باليسير في حق جازت وصيته 5.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 15 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث: 1 و 2

(2) (3) نفس المصدر الحديث: 3

(3) (4) نفس المصدر الحديث: 4

(4) (5) الوسائل الباب 44 من ابواب الوصايا الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 462

وصيته كما تقدم (1) و اذا وقف باذن الولي و كان مصلحة ففي بطلانه اشكال و الاظهر الصحة (2).

[مسألة 27: يجوز للواقف جعل الولاية علي العين الموقوفة لنفسه]

(مسألة 27): يجوز للواقف جعل الولاية علي العين

الموقوفة لنفسه (3).

______________________________

و منها ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد للّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال اذا بلغ الغلام عشر سنين جازت وصيته «1».

و منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا أتي علي الغلام عشر سنين فانه يجوز له في ماله ما اعتق أو تصدق أو اوصي علي حد معروف و حق فهو جائز «2»، فلا مجال للاستناد اليها في اثبات المدعي اذ المفروض ان موردها الوصية و الكلام في المقام في الوقف فلاحظ.

(1) و قد تقدم شرح كلام الماتن فراجع ما ذكرناه هناك.

(2) قد تعرضنا سابقا ان مقتضي بعض النصوص ان عمد الصبي كخطائه لاحظ ما رواه ابن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام: قال عمد الصبي و خطاه واحد «3» فلا اثر لإنشائه و لو مع اذن الولي و اللّه العالم.

(3) ما يمكن أن يستدل به وجوه: الوجه الاول: الاجماع فانه نقل عن المختلف الاجماع علي المدعي. و من الظاهر ان الاجماع المنقول لا اعتبار به كما حقق في محله و أما الاجماع المحصل فهل يمكن تحققه؟ سيما مع نقل الخلاف عن ابن ادريس و علي فرض تحققه هل يمكن الاستناد اليه مع احتمال كونه مدركيا و مستندا الي الوجوه المذكورة في المقام.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 11 من ابواب العاقلة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 463

و لغيره علي وجه الاستقلال (1).

______________________________

الوجه الثاني: الأصل و لم يعلم المراد منه فان مقتضي الأصل عدم الاعتبار.

الوجه الثالث: عموم وجوب الوفاء بالشرط لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المسلمون عند شروطهم الاكل شرط

خالف كتاب اللّه عز و جل فلا يجوز «1».

و فيه ان دليل الشرط كما ذكرنا في محله لا يكون مشرعا فمع الشك في الجواز لا مجال للاستناد اليه.

الوجه الرابع: عموم وجوب الوفاء بالعقد المستفاد من قوله تعالي أَوْفُوا بِالْعُقُودِ «2» و فيه انا ذكرنا سابقا ان دليل وجوب الوفاء بالعقد دال علي اللزوم بعد الفراغ عن الصحة و لا يكون دليلا علي الصحة.

مضافا الي أن اطلاق العقد علي مطلق العهد اول الكلام و الاشكال.

الوجه الخامس عموم دليل ان الوقف علي حسب ما أوقفها اهلها لاحظ ما رواه محمد بن الحسن الصفار انه كتب الي أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام في الوقف و ما روي فيه عن آبائه عليهم السلام فوقع عليه السلام الوقف تكون علي حسب ما يوقفها اهلها إن شاء اللّه «3» بتقريب ان جعل الوقف بيد الواقف فله أن يقف مملوكه علي هذا النحو و لا يبعد تمامية هذا الوجه.

الوجه السادس: السيرة الخارجية الممضاة فان السيرة جارية علي جعل الولاية للواقف علي العين الموقوفة فلاحظ.

(1) يمكن الاستدلال علي جواز الولاية للغير مضافا الي الوجوه المتقدمة

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب الخيار الحديث: 2

(2) المائدة/ 1

(3) الوسائل الباب 2 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 464

و الاشتراك (1) كما يجوز له أيضا جعل الناظر علي الولي بمعني المشرف عليه أو بمعني المرجع له في النظر (2) و لا فرق في المجعول له الولاية و النظارة بين العادل و الفاسق (3) نعم اذا خان ضم اليه الحاكم الشرعي من يمنعه عنها (4).

______________________________

ببعض النصوص و هو ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال بعث إلي بهذه الوصية أبو ابراهيم

هذا ما أوصي به و قضي في ماله عبد اللّه علي ابتغاء وجه اللّه ليولجني به الجنة و يصرفني به عن الي أن قال و انه يقوم علي ذلك الحسن بن علي يأكل منه بالمعروف و ينفقه حيث يريد اللّه في حل محلل لا حرج عليه فيه فان أراد ان يبيع نصيبا من المال فيقضي به الدين فليفعل ان شاء لا حرج عليه فيه و إن شاء جعله شروي «سروي» الملك و ان ولد علي و أموالهم الي الحسن بن علي ان كان دار الحسن غير دار الصدقة فبدا له أن يبيعها فليبعها إن شاء لا حرج عليه فيه و ان باع فانه يقسمها ثلاثة اثلاث فيجعل ثلثا في سبيل اللّه و يجعل ثلثا في بني هاشم و بني المطلب و يجعل ثلثا في آل أبي طالب و انه يضعه حيث يريد اللّه و ان حدث بحسن بن علي حدث و حسين حي فانه الي حسين بن علي «1» فانه يستفاد من هذه الرواية جواز الولاية للغير.

(1) لوحدة الملاك.

(2) فانه من انحاء الوقف فيشمله دليل ان الوقوف علي حسب ما أوقفها اهلها مضافا الي السيرة الخارجية فانها جارية علي جعل الناظر علي النحوين المذكورين و هو الاستصوابي و غيره فلاحظ.

(3) كما عليه السيرة و الدليل علي اشتراط العدالة فيه.

(4) اذ الحاكم هو المرجع العام في الامور الحسبية.

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من الوقوف الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 465

فان لم يمكن ذلك عزله (1).

[مسألة 28: يجوز للمجعول له الولاية أو النظارة الرد و عدم القبول]

(مسألة 28): يجوز للمجعول له الولاية أو النظارة الرد و عدم القبول (2) بل لا يبعد جواز الرد بعد القبول أيضا (3).

[مسألة 29: يجوز أن يجعل الواقف للولي و الناظر مقدارا معينا من ثمرة العين الموقوفة أو منفعتها]

(مسألة 29): يجوز أن يجعل الواقف للولي و الناظر مقدارا معينا من ثمرة العين الموقوفة أو منفعتها سواء أ كان أقل من اجرة المثل أم اكثر أم مساويا (4) فان لم يجعل له شيئا كان له اجرة المثل ان كان لعمله اجرة (5) الا أن يظهر من الواقف قصد المجانية (6).

[مسألة 30: إذا لم يجعل الواقف وليا علي الوقف كانت الولاية عليه للحاكم الشرعي]

(مسألة 30): اذا لم يجعل الواقف وليا علي الوقف كانت الولاية عليه للحاكم الشرعي (7) نعم اذا كان الوقف علي نحو التمليك

______________________________

(1) اذ مع عدم الامكان لا مناص عن قطع يده و طرده و ربما يقال: انه بنفسه ينعزل و لا وجه له اذ مع اطلاق الجعل لا وجه للانعزال بنفسه بل يتوقف علي عزله فلاحظ.

(2) لعدم دليل علي وجوب القبول فلا يجب عليه القبول.

(3) بل يبعد فان مقتضي وجوب الوفاء بالعقد لزومه و عدم جواز الفسخ.

(4) فان الوقوف علي حسب ما اوقفها اهلها مضافا الي السيرة الجارية الخارجية فاذا قبل المتولي او الناظر يتعين.

(5) لاحترام عمل العامل فله اجرة المثل.

(6) اذ مع عدم جعل الواقف الاجرة لا مقتضي للإعطاء و بعبارة اخري: اذا قبل المتولي أو الناظر مع فرض قصد المجانية لا يكون للعمل احترام كما هو ظاهر.

(7) لأنه من الامور الحسبية فأمره راجع الي الحاكم الشرعي.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 466

و كان خاصا كانت الولاية عليه للموقوف عليه فاذا قال: هذه الدار وقف لأولادي و من بعدهم لأولادهم و هكذا فالولاية عليها و علي منافعها تكون للأولاد (1) و اذا لم يكن الوقف خاصا او كان و لم يكن علي نحو التمليك بأن كان علي نحو الصرف و غيره من الانواع فالولاية للحاكم الشرعي (2).

[مسألة 31: إذا جعل الواقف وليا أو ناظرا علي الولي فليس له عزله]

(مسألة 31): اذا جعل الواقف وليا أو ناظرا علي الولي فليس له عزله (3) نعم اذا فقد شرط الواقف كما اذا جعل الولاية للعدل ففسق أو للأرشد فصار غيره أرشد أو نحو ذلك انعزل بذلك بلا حاجة الي عزل (4).

[مسألة 32: يجوز للواقف أن يفوض تعيين الولي علي الوقف إلي شخص بعينه]

(مسألة 32): يجوز للواقف أن يفوض تعيين الولي علي الوقف الي شخص بعينه و أن يجعل الولاية لشخص و يفوض اليه

______________________________

(1) لأن المفروض كون الوقف ملكا للأشخاص الموجودين في الخارج و مع وجود المالك لا تصل النوبة الي الحاكم و بعبارة اخري: الحاكم ولي في مورد عدم الولي و مع وجوده لا موضوع لولايته.

(2) اذ علي كلا التقديرين لا ولي للوقف فالولاية للحاكم الشرعي.

(3) اذ لا دليل علي جواز عزله من قبله فان العين الموقوفة بعد تمامية الوقف لا ترتبط بالواقف كما أن المتولي بعد جعل الولاية له من قبل الواقف له الولاية الشرعية و جواز عزله يحتاج الي الدليل و كذلك الكلام في الناظر فالأمر كما أفاده.

(4) فان الولاية مجعولة للعادل علي الفرض فالفاسق خارج عن تلك الدائرة

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 467

تعيين من بعده (1).

[مسألة 33: إذا عين الواقف للولي (المجعول له) الولاية جهة خاصة اختصت ولايته بتلك الجهة]

(مسألة 33): اذا عين الواقف للولي (المجعول له) الولاية جهة خاصة اختصت ولايته بتلك الجهة (2) و كان المرجع في بقية الجهات الحاكم الشرعي (3) و ان أطلق له الولاية كانت الجهات كلها تحت ولايته فله الاجارة و التعمير و اخذ العوض و دفع الخراج و جمع الحاصل و قسمته علي الموقوف عليهم و غير ذلك مما يكون تحت ولاية الولي (4) نعم اذا كان تعارف تنصرف اليه الولاية اختصت بذلك التعارف (5).

[مسألة 34: لا يشترط في الواقف الإسلام فيصح وقف الكافر علي الأقوي]

(مسألة 34): لا يشترط في الواقف الإسلام فيصح وقف الكافر علي الاقوي (6).

______________________________

و ان شئت فقل: ان خروج فاقد الشرط موضوعي و بالتخصص.

(1) اذ المفروض ان الأمر بيده و لا فرق في تعيين المتولي بين أقسامه و هذا احد اقسامه.

(2) كما هو ظاهر فان دائرة المجعول سعة و ضيقا بمقدار الجعل فلا بد من ملاحظته و الاقتصار علي مقداره فلاحظ.

(3) فان الحاكم الشرعي ولي في الامور العامة فله الولاية.

(4) كما هو ظاهر فان الولاية بمقدار الجعل و المفروض اطلاقه.

(5) فان التعارف بنفسه قرينة علي المراد.

(6) لعدم اشتراط قصد القربة في الوقف كي يقال: لا يتمشي قصد القربة من الكافر و لذا يجوز وقف المخالف مع عدم صحة العبادات الا مع الولاية فمقتضي اطلاق

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 468

[فصل في شرائط العين الموقوفة]

اشارة

فصل في شرائط العين الموقوفة

[مسألة 35: يعتبر في العين الموقوفة أن تكون عينا موجودة]

(مسألة 35): يعتبر في العين الموقوفة أن تكون عينا موجودة فلا يصح وقف الدين و لا وقف الكلي و لا وقف المنفعة فاذا قال:

وقفت ما هو لي في ذمة زيد من فراش او اناء او نحوهما أو قال وقفت فرسا أو عبدا من دون تعيين أو قال وقفت منفعة داري لم يصح في الجميع (1).

[مسألة 36: يعتبر أن تكون العين مملوكة أو بحكمها]

(مسألة 36): يعتبر أن تكون العين مملوكة أو بحكمها فلا يصح وقف الحر و المباحات الاصليه قبل حيازتها (2) و يجوز وقف ابل الصدقة و غنمها و بقرها اذا كان الواقف مالك العين الزكوية (3).

______________________________

الأدلة جوازه حتي من الكافر فلاحظ.

(1) اذ مشروعية الوقف تحتاج الي الدليل المعتبر و لا دليل علي صحة الوقف الا فيما يتعلق بالعين المعينة الخارجية مضافا الي أن وقف الكلي أو الشخصي غير المعين أو المنفعة غير معهود فلا يكون صحيحا.

(2) اذ لا دليل علي جواز وقف المباح الأصلي فعدم الجواز مطابق للأصل كما ان وقف مملوك الغير علي خلاف القاعدة الأولية فلا بد من كون الموقوف عينا مملوكة للواقف أو يكون كالمملوك اي يكون اختياره بيده.

(3) لم يظهر لي مراد الماتن من قوله «اذا كان الواقف مالك العين الزكوية» اذ المالك للعين الزكوية لا يتصور الا بأحد نحوين أحدهما: من يكون الزكاة واجبة عليه و تكون الزكاة متعلقة بماله.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 469

أو الحاكم الشرعي (1).

[مسألة 37: يعتبر أن تكون العين مما يمكن الانتفاع بها مع بقائها]

(مسألة 37): يعتبر أن تكون العين مما يمكن الانتفاع بها مع بقائها فلا يصح وقف الأطعمة و الخضر و الفواكه مما لا نفع فيه الا باتلاف عينه (2) و أن تكون المنفعة محللة فلا يصح وقف آلات اللهو و آلات القمار و الصلبان و نحوها مما يحرم الانتفاء بها و أن تكون المنفعة المقصودة بالوقف محللة فلا يصح وقف الدابة لحمل الخمر و الخنزير (3).

[مسألة 38: لا يعتبر في إنشاء الوقف أن تكون العين مما يمكن قبضها حال الوقف]

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 9، ص: 469

(مسألة 38): لا يعتبر في إنشاء الوقف أن تكون العين مما يمكن قبضها حال الوقف فاذا وقف العبد الآبق أو الجمل الشارد

______________________________

ثانيهما: من تملك الزكاة باخذها أما النحو الاول فلا يكون المكلف مالكا للزكاة و ليس له الولاية عليها فكيف يقفها و أما النحو الثاني فالاخذ للزكاة مالك لها لا في حكم المالك اللهم الا أن يكون مراده ان من تجب عليه الزكاة يصح أن يقف العين الزكوية اذ جعله وقفا من وجوه الخير فله أن يقف و بالوقف يخرج عن عهدة تكليفه.

(1) فان الحاكم الشرعي له الولاية علي المال الزكوي فمع تمامية الجهات يجوز له أن يقف العين الزكوية و اللّه العالم.

(2) فان الوقف تحبيس الأصل و تسبيل الثمرة فلا تتحقق الا مع قابلية بقاء العين و امكان الانتفاع بمنفعتها.

(3) كما هو ظاهر واضح اذ مع حرمة الانتفاع لا يمكن أن يكون الوقف صحيحا و بعبارة اخري لا يكون الوقف مقتضيا لصيرورة المحرم محللا.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 470

أو الطير الطائر و تحقق القبض بعده صح الوقف (1).

[مسألة 39: لا إشكال في صحة وقف الثياب و الأواني و الفرش و الدور و البساتين و الأراضي الزراعية و الكتب و السلاح و الحيوانات]

(مسألة 39): لا اشكال في صحة وقف الثياب و الاواني و الفرش و الدور و البساتين و الاراضي الزراعية و الكتب و السلاح و الحيوانات اذا كان ينتفع بها في الركوب أو الحمل أو اللبن أو الوبر و الشعر و الصوف أو غير ذلك و كذا غيرها مما له منفعة محللة (2) و يجوز وقف الدراهم و الدنانير اذا كان ينتفع بها في التزيين (3) و أما وقفها لحفظ الاعتبار ففيه اشكال

(4).

[مسألة 40: المراد من المنفعة أعم من المنفعة العينية]

(مسألة 40): المراد من المنفعة اعم من المنفعة العينية مثل الثمر و اللبن و نحوهما و المنفعة الفعلية مثل الركوب و الحرث و السكني و غيرها (5).

______________________________

(1) اذ قد تقدم انه لا تشترط الفورية في القبض فلو تحقق القبض و لو بعد مدة صح الوقف فلاحظ.

(2) اذ المقتضي للصحة موجود و المانع عنها مفقود فلا وجه للتوقف.

(3) الكلام فيها هو الكلام.

(4) لم يظهر لي وجه الاشكال قال السيد اليزدي قدس سره في ملحقات العروة في المسألة الخامسة: «الأقوي جواز وقف الدراهم و الدنانير لإمكان الانتفاع بها مع بقاء عينها بمثل التزيين و حفظ الاعتبار كما يجوز عاريتها كما يظهر من بعض الأخبار فالقول بعدم الجواز ضعيف» «1» انتهي و الظاهر ان ما أفاده لا بأس به و اللّه العالم.

(5) كما هو ظاهر فان المنفعة علي قسمين و لا مخصص لأدلة الوقف كما أن السيرة

______________________________

(1) ملحقات العروة ج 1 ص: 206

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 471

[مسألة 41: لا يشترط في المنفعة أن تكون موجودة حال الوقف]

(مسألة 41): لا يشترط في المنفعة أن تكون موجودة حال الوقف فيكفي أن تكون متوقعة الوجود في المستقبل مثل وقف الشجرة قبل ان تثمر و وقف الدابة الصغيرة قبل أن تقوي علي الركوب أو الحمل عليها (1).

[فصل في شرائط الموقوف عليه]

اشارة

فصل في شرائط الموقوف عليه

[مسألة 42: يشترط في الموقوف عليه أمور]

(مسألة 42): يشترط في الموقوف عليه امور الاول: التعيين فاذا وقف علي المردد بين شيئين او الاشياء مثل احد المسجدين او احد المشهدين او احد الولدين لم يصح (2) نعم اذا وقف علي الجامع بين امرين او امور صح (3) الثاني: أن يكون موجودا حال الوقف فلا يصح الوقف علي المعدوم حاله سواء كان موجودا قبل ذلك كما اذا وقف علي زيد الذي مات أو يوجد بعد الوقف مثل أن يقف علي ولده الذي سيولد (4) و أما اذا كان حملا لم ينفصل حين الوقف

______________________________

الخارجية لا فرق فيها فلاحظ.

(1) لعدم دليل علي الاشتراط المذكور و مقتضي اطلاق ادلة الوقف العموم و عدم الاختصاص كما انه يبعد جريان السيرة الخارجية علي العموم فلاحظ.

(2) فان المردد لا واقع له فلا مجال لكون الوقف عليه صحيحا فلاحظ.

(3) كما هو ظاهر فان كثيرا من الأوقاف علي الجامع الذي تكون له مصاديق.

(4) ما يمكن أن يذكر في تقريب المدعي وجوه: الوجه الأول: الاتفاق كما يظهر من كلام صاحب الحدائق قدس سره.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 472

ففي بطلان الوقف تأمل (1) نعم اذا وقف علي المعدوم تبعا للموجود كما اذا وقف علي اولاده ثم علي اولادهم ثم علي اولاد اولادهم و هكذا صح (2).

[مسألة 43: إذا وقف علي أولاده الموجودين ثم علي من سيوجد علي أن يكون بعد وجوده مقدما علي الموجودين]

(مسألة 43): اذا وقف علي اولاده الموجودين ثم علي من سيوجد علي أن يكون بعد وجوده مقدما علي الموجودين فالظاهر الصحة (3) الثالث: أن لا يكون الوقف عليه علي نحو الصرف في المعصية كالصرف في الزنا و شرب الخمر و نسخ كتب الضلال

______________________________

الوجه الثاني: أن الوقف تمليك و المعدوم غير قابل لكونه مالكا و ان علق علي وجوده في ظرفه يكون معلقا و التعليق باطل في الوقف.

الوجه الثالث: عدم الدليل عليه فانه اي دليل دل علي جواز الوقف علي المعدوم.

(1) بتقريب ان الحمل في حكم المعدوم و المعدوم غير قابل لأن يملك و يمكن أن يرد عليه بأنه قابل لأن يملك اللهم الا أن يقال: بأن عدم تملكه اجماعي و يمكن أن يستدل علي المدعي بعدم دليل يدل بعمومه او اطلاقه علي الصحة في المقام.

(2) بلا كلام و لا اشكال فان السيرة الخارجية جارية عليه مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه عجلان أبو صالح قال أملي ابو عبد اللّه عليه السلام بسم اللّه الرحمن الرحيم هذا ما تصدق به فلان بن فلان و هو حي سوي بداره التي في بني فلان بحدودها صدقة لا تباع و لا توهب حتي يرثها وارث السماوات و الأرض و انه قد أسكن صدقته هذه فلانا و عقبه فاذا انقرضوا فهي علي ذي الحاجة من المسلمين «1»

(3) لوجود المقتضي و عدم المانع و بعبارة اخري: مقتضي اطلاق كون الوقوف علي حسب ما اوقفها اهلها جوازه فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الوقوف و الصدقات الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 473

و نشرها و تدريسها و شراء آلات الملاهي و نحو ذلك (1).

[مسألة 44: يجوز وقف المسلم علي الكافر]

(مسألة 44): يجوز وقف المسلم علي الكافر (2).

______________________________

(1) كما هو ظاهر اذ لا يعقل ان الشارع ينهي عن امور و مع ذلك يجعل الوقف باعتبار تلك الامور مشروعا و صحيحا فانه جمع بين الضدين.

(2) لوجود المقتضي و عدم المانع فان قوله عليه السلام: «الوقوف علي حسب ما يقفها اهلها إن شاء اللّه» «1»، باطلاقه يشمل المقام و ربما يقال: ان قوله تعالي لٰا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللّٰهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوٰادُّونَ مَنْ حَادَّ

اللّٰهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَوْ كٰانُوا آبٰاءَهُمْ «2»، يقتضي عدم الصحة للنهي عن مودة من حاد اللّه و مثله قوله تعالي أيضا يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لٰا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِيٰاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ «3».

و اجاب السيد اليزدي قدس سره في ملحقات عروته بأن المنهي عنه المودة معهم من حيث كونهم يحادون اللّه فلا ترتبط الاية بالمقام و يرد عليه انه لا دليل علي التقييد بل مقتضي الاطلاق عموم الحكم.

و لكن يمكن الجواب عن الاستدلال بالآية- اولا بأن المستفاد من قوله لٰا يَنْهٰاكُمُ اللّٰهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقٰاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَ لَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيٰارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَ تُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ «4» أن المنهي عنه الموادة مع جماعة خاصة من الكفار لا مطلقا بل صرح في الاية الشريفة بعدم النهي عن الموادة علي نحو العموم و ثانيا: ان النهي عن الموادة تكليفي و غايته اقتضائه حرمة الوقف عليهم لكن

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب الوقوف و الصدقات الحديث: 2

(2) المجادلة/ 22

(3) الممتحنة/ 1

(4) الممتحنة/ 8

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 474

______________________________

لا منافاة بين حرمة الوقف تكليفا و صحته وضعا.

مضافا الي ما يقتضي موادتهم و لو في الجملة لاحظ قوله تعالي «وَ إِنْ جٰاهَدٰاكَ عَليٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مٰا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلٰا تُطِعْهُمٰا وَ صٰاحِبْهُمٰا فِي الدُّنْيٰا مَعْرُوفاً «1»

و قوله تعالي أيضا وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسٰانَ بِوٰالِدَيْهِ إِحْسٰاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصٰالُهُ ثَلٰاثُونَ شَهْراً حَتّٰي إِذٰا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قٰالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَ عَليٰ وٰالِدَيَّ «2».

و لاحظ ما رواه مصادف قال كنت مع أبي عبد اللّه عليه

السلام فيما بين مكة و المدينة فمررنا علي رجل في اصل شجرة و قد القي بنفسه فقال: مل بنا الي هذا الرجل فاني اخاف أن يكون قد أصابه عطش فملت اليه فاذا رجل من القراشين طويل الشعر فسأله أ عطشان أنت؟ فقال: نعم فقال لي انزل يا مصادف فاسقه فنزلت و سقيته ثم ركبت و سرنا فقلت هذا نصراني أ فتصدق علي نصراني؟ فقال: نعم اذا كانوا في مثل هذه الحال «3».

و لاحظ الباب 49 من ابواب الصدقة من الوسائل الي غير ذلك من النصوص الدالة باطلاقها أو عمومها علي جواز الاحسان علي الكافر و اللّه العالم.

و أما ما في بعض الكلمات من عدم الجواز لاشتراط الوقف بقصد القربة و لا يمكن قصد التقرب في الوقف علي الكافر فنقول: علي فرض تسليم عدم امكان قصد القربة و تسلمه، يرد علي الاستدلال انه لا دليل علي اشتراط الوقف بقصد القربة بل يصح و لو مع عدم قصد القربة و لذا قلنا انه لا منافاة بين كونه حراما و بين كونه صحيحا.

______________________________

(1) لقمان/ 15

(2) الاحقاف/ 15

(3) الوسائل الباب 19 من ابواب الصدقة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 475

[مسألة 45: يجوز الوقف علي المملوك قنا كان أم كان غيره علي نحو التمليك أم الصرف]

(مسألة 45): يجوز الوقف علي المملوك قنا كان أم كان غيره علي نحو التمليك (1) أم الصرف (2).

[مسألة 46: إذا وقف علي ما لا يصح الوقف عليه و ما يصح علي نحو التشريك بطل بالنسبة إلي حصة الأول و صح بالنسبة إلي حصة الثاني]

(مسألة 46): اذا وقف علي ما لا يصح الوقف عليه و ما يصح علي نحو التشريك بطل بالنسبة الي حصة الاول و صح بالنسبة الي حصة الثاني (3) و ان كان علي نحو الترتيب فان كان الاول مقدما فالاقوي بطلانه رأسا و ان كان مؤخرا كان من المنقطع الاخر فيصح فيما يصح الوقف عليه و يبطل فيما بعده (4).

[مسألة 47: إذا وقف علي ما يصح الوقف عليه ثم علي ما لا يصح الوقف عليه ثم علي ما يصح الوقف عليه كان من المنقطع الوسط]

(مسألة 47): اذا وقف علي ما يصح الوقف عليه ثم علي ما لا يصح الوقف عليه ثم علي ما يصح الوقف عليه كان من المنقطع الوسط فيصح في الاول و يبطل فيما بعده مطلقا حتي في الاخير (5).

______________________________

(1) بناء علي جواز تملك العبد فان مقتضي اطلاق دليل جواز الوقف جوازه علي المملوك كما افاده الماتن.

(2) كما هو ظاهر فانه يجوز علي نحو الصرف و لو علي القول بعدم قابلية العبد لأن يكون مالكا.

(3) يشكل ما أفاده اذا كان المقصود المقيد بما هو مقيد نعم اذا كان المقصود العموم الاستغراقي صح ما أفاده من البطلان بالنسبة و الصحة كذلك.

(4) اذ المفروض بطلان الاول فيكون من مصاديق الوقف المنقطع الاول و المفروض بطلانه كما تقدم و أما في الصورة الثانية فلا مانع من صحته بالنسبة الي الاول و بطلانه بالنسبة الي الثاني فان انقطاع الاخر لا يوجب البطلان.

(5) أما الصحة في الاول فلوجود المقتضي و عدم المانع و أما البطلان في الثاني

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 476

[مسألة 48: إذا وقف علي الزائرين أو الحجاج أو عالم البلد أو نحو ذلك من العناوين العامة التي توجد لها أفراد في وقت و لا توجد في وقت آخر صح]

(مسألة 48): اذا وقف علي الزائرين او الحجاج او عالم البلد او نحو ذلك من العناوين العامة التي توجد لها افراد في وقت و لا توجد في وقت آخر صح و ان لم يكن له فرد حين الوقف (1).

[فصل في بيان المراد من بعض عبارات الواقف]

اشارة

فصل في بيان المراد من بعض عبارات الواقف

[مسألة 49: إذا وقف مسلم علي الفقراء أو فقراء البلد]

(مسألة 49): اذا وقف مسلم علي الفقراء او فقراء البلد فالمراد فقراء المسلمين و اذا كان الواقف من الشيعة فالمراد فقراء الشيعة و اذا كان كافرا فالمراد فقراء اهل دينه فان كان يهوديا فالمراد فقراء اليهود و ان كان نصرانيا فالمراد فقراء النصاري و هكذا و كذا اذا كان سنيا فالمراد فقراء السنة و اذا كان السنيون علي مذاهب بحيث لا ينعطف بعضهم علي بعض اختص بفقراء مذهب الواقف (2).

______________________________

فلفرض عدم جوازه و عدم تمامية الشرائط و أما البطلان في الثالث فلعدم جواز الوقف في فرض كونه منقطع الاول.

(1) و الوجه فيه انه لا اجماع علي البطلان في المقام و مقتضي اطلاق دليل الصحة صحته مضافا الي أن المالك في امثال المقام هو الكلي فلا يتوجه اشكال ان المعدوم غير قابل لكونه مالكا فان الكلي قابل لأن يملك و لذا تكون العين الزكوية لكلي الفقير و الخمس لكلي السيد و لو لم يكن فرد للكلي في الخارج بالفعل و صفوة القول انه لا ريب في تمامية ما أفاده و اللّه العالم.

(2) الانصاف ان الجزم بما افاده مشكل فان النفوس مختلفة و الآراء متفاوتة فلا يمكن أن يلتزم بأن اهل كل ملة يكون قاصدا لخصوص فقراء تلك الملة فعلي

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 477

[مسألة 50: إذا وقف علي الفقراء أو فقراء البلد أو فقراء بني فلان أو الحجاج فالظاهر منه المصرف]

(مسألة 50): اذا وقف علي الفقراء او فقراء البلد أو فقراء بني فلان او الحجاج او الزوار او العلماء او مجالس العزاء لسيد الشهداء عليه السلام او خصوص مجالس البلد فالظاهر منه المصرف فلا يجب الاستيعاب و ان كان الافراد محصورة نعم اذا وقف علي جميعهم وجب الاستيعاب (1) فان لم يمكن لتفرقهم عزل حصة من لم يتمكن من ايصال حصته اليه

الي زمان التمكن (2) و اذا شك في عددهم اقتصر علي الاقل المعلوم (3) و الاحوط له التفتيش و التفحص (4) و اذا قال: هذا وقف علي اولادي أو ذريتي او اصهاري او ارحامي او تلامذتي او مشايخي او جيراني فالظاهر منه العموم فيجب فيه الاستيعاب (5).

______________________________

هذا لا بد من رعاية العرف العام في مقام استفادة المقاصد فلا وجه للتقييد و التخصيص نعم لو دلت علي الاختصاص قرينة حالية أو مقالية لا مناص عن الالتزام بالاختصاص كما انه لو لم يحرز الظهور العرفي لا بد من التقييد من باب كونه المتيقن.

(1) اذ مع فرض كون الظاهر من اللفظ كون المذكور من مصرف الوقف لا يجب الاستيعاب كما هو ظاهر و أما مع فرض كون الوقف علي جميعهم وجب الاستيعاب.

(2) اذ يجب حفظ مال الغير لأن يوصل اليه.

(3) لعدم الدليل علي الأكثر بل مقتضي الاصل عدمه.

(4) لا اشكال في حسن الاحتياط سيما في الأموال و الأنفس و الأعراض.

(5) لا يبعد أن يكون الأمر كما أفاده الماتن و العرف ببابك.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 478

[مسألة 51: إذا وقف علي المسلمين كان لمن يعتقد الواقف إسلامه]

(مسألة 51): إذا وقف علي المسلمين كان لمن يعتقد الواقف إسلامه فلا يدخل في الموقوف عليهم كل من يعتقد الواقف كفره و ان اقر بالشهادتين (1) و يعم الوقف المسلمين جميعا الذكور و الآنات و الكبار و الصغار (2).

[مسألة 52: إذا وقف علي المؤمنين اختص الوقف بمن كان مؤمنا في اعتقاد الواقف]

(مسألة 52): اذا وقف علي المؤمنين اختص الوقف بمن كان مؤمنا في اعتقاد الواقف فاذا كان الواقف اثني عشريا اختص الوقف بالاثني عشرية من الامامية (3) و لا فرق بين الرجال و النساء و الاطفال و المستضعفين و لا بين العدول و الفساق (4) و كذا اذا وقف علي الشيعة (5) نعم اذا كان الواقف علي الشيعة من بعض الفرق الاخر

______________________________

(1) يمكن أن يرد عليه بأنه لا وجه للاختصاص كما تقدم فان المفروض ان الواقف قصد ما هو الظاهر من اللفظ و لا وجه للتقييد و بعبارة اخري: يكون المقام نظير الخطأ في التطبيق.

و صفوة القول: ان الميزان بالظهور و لا وجه لرفع اليد عن الظهور العرفي بمجرد الاعتقاد الا أن يقال: انه لا اشكال في أن الامور النفسية تؤثر في الظهور اللفظي فاذا امر المولي عبده باشتراء عبد مسلم و لا يعتقد اسلام غير الشيعي لا يجوز للعبد أن يشتري له عبدا غير شيعي مع علمه باعتقاد المولي فان الاعتقاد يكون قرينة علي كون المراد من المسلم الشيعي فلاحظ.

(2) كما هو مقتضي الظهور العرفي و العرف ببابك.

(3) الكلام فيه هو الكلام و التقريب لإثبات المدعي هو التقريب.

(4) لشمول اللفظ جميع ما ذكر في المتن.

(5) لعين الملاك و وحدة المناط.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 479

من الشيعة فالظاهر من الشيعة العموم للاثني عشرية و غيرهم ممن يعتقد الخلافة لعلي عليه السلام بلا فصل (1).

[مسألة 53: إذا وقف في سبيل اللّه تعالي او في وجوه البر فالمراد منه ما يكون قربة و طاعة]

(مسألة 53): اذا وقف في سبيل اللّه تعالي او في وجوه البر فالمراد منه ما يكون قربة و طاعة (2).

[مسألة 54: إذا وقف علي أرحامه أو أقاربه فالمرجع فيه العرف]

(مسألة 54): اذا وقف علي ارحامه أو أقاربه فالمرجع فيه العرف (3) و اذا وقف علي الاقرب فالاقرب كان علي كيفية الارث (4).

[مسألة 55: إذا وقف علي أولاده اشترك الذكر و الأنثي و الخنثي]

(مسألة 55): اذا وقف علي اولاده اشترك الذكر و الانثي و الخنثي (5) نعم اذا كان العرف الخاص لبعض البلاد خصوص الذكر اختص به دون الانثي و كذا الحال اذا وقف علي اولاده و اولاد اولاده (6).

______________________________

(1) يرد عليه انه ما الوجه في التفريق بين الموارد فان الاسماعيلية مثلا لا يعتقدون بكون غيرهم علي الطريق الحق و كذا الزيدية بالنسبة الي غيرهم فالتقريب المتقدم للاختصاص يجري في المقام أيضا.

(2) يرد عليه ان وجوه البر لا تختص بالامور العبادية بل يعم الامور التوصلية أيضا فلا وجه للاختصاص فلاحظ.

(3) فان الظهور العرفي حجة فلا بد من اتباعه في جميع الموارد الا مع قيام القرينة علي خلافه.

(4) اذ روعي في طبقات الارث عنوان الأقرب فالأقرب و لا يبعد أن يفهم العرف من هذه الجملة الاشارة الي مراتب الارث فلاحظ.

(5) للظهور العرفي غير القابل للإنكار.

(6) فان الميزان بالظهور و لا اشكال في تقديم العرف الخاص علي العام في المقام.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 480

[مسألة 56: إذا وقف علي إخوته اشترك الإخوة للأبوين و الإخوة للأب فقط و الإخوة للأم فقط بالسوية]

(مسألة 56): اذا وقف علي اخوته اشترك الاخوة للأبوين و الاخوة للأب فقط و الاخوة للأم فقط بالسوية و كذا اذا وقف علي اجداده اشترك الاجداد لأبيه و الاجداد لأمه و كذا اذا وقف علي الاعمام أو الاخوال فانه يعم الاعمام للأبوين و الاب و للأم و كذلك الاخوال و لا يشمل الوقف علي الاخوة اولادهم و لا الاخوات و لا الوقف علي الاعمام و الاخوال اعمام الاب و الام و اخوالهما (1) و العمات مطلقا و الخالات كذلك (2).

[مسألة 57: إذا وقف علي أبنائه لم تدخل البنات]

(مسألة 57): اذا وقف علي ابنائه لم تدخل البنات (3) و اذا وقف علي ذريته دخل الذكر و الانثي و الصلبي و غيره (4).

[مسألة 58: إذا قال: هذا وقف علي اولادي ما تعاقبوا و تناسلوا فالظاهر منه التشريك]

(مسألة 58): اذا قال: هذا وقف علي اولادي ما تعاقبوا و تناسلوا فالظاهر منه التشريك (5) و اذا قال: وقف علي اولادي الاعلي فالاعلي فالظاهر منه الترتيب (6) و اذا قال: وقف علي اولادي نسلا بعد نسل او طبقة بعد طبقة أو طبقة فطبقة ففي كونه للترتيب او للتشريك

______________________________

(1) كل ذلك للظهور العرفي.

(2) لعدم صدق العم علي العمة و لا الخال علي الخالة.

(3) لعدم صدق الابن علي البنت.

(4) لصدق الذرية علي الجميع بحسب الظهور العرفي.

(5) الأمر كما أفاده اذ لا دليل علي الترتيب فيكون من مصاديق التشريك.

(6) فانه ظاهر بل نص في الترتيب.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 481

قولان و الاظهر الاول (1).

[مسألة 59: إذا تردد الموقوف عليه بين عنوانين أو شخصين فالمرجع في تعيينه القرعة]

(مسألة 59): اذا تردد الموقوف عليه بين عنوانين أو شخصين فالمرجع في تعيينه القرعة (2) و اذا شك في الوقف أنه ترتيبي أو تشريكي فان كان اطلاق في عبارة الواقف كان مقتضاه التشريك (3) و ان لم يكن اطلاق اعطي اهل المرتبة المحتملة التقدم حصتهم (4) و اقرع في الحصه المرددة بينهم و بين من بعدهم فيعطي من خرجت القرعة باسمه (5).

[مسألة 60: إذا وقف علي العلماء فالظاهر منه علماء الشريعة]

(مسألة 60): اذا وقف علي العلماء فالظاهر منه علماء الشريعة فلا يشمل علماء الطب و النجوم و الهندسة و الجغرافيا و نحوهم (6).

[مسألة 61: إذا وقف علي أهل بلد اختص بالمواطنين و المجاورين منهم و لا يشمل المسافرين]

(مسألة 61) اذا وقف علي اهل بلد اختص بالمواطنين و المجاورين منهم و لا يشمل المسافرين و ان نووا اقامة فيه (7).

[مسألة 62: إذا وقف علي مسجد أو مشهد صرف نماؤه في مصالحه]

(مسألة 62): اذا وقف علي مسجد أو مشهد صرف نماؤه في

______________________________

(1) الظاهر ان الأمر كما أفاده بحسب الظهور العرفي و علي فرض الشك يكون مقتضي القاعدة التوسل بالقرعة.

(2) فانها لكل أمر مشكل سيما في الامور المالية الواقعة مورد الترديد و الشك

(3) اذ الاطلاق حجة و المفروض ان مقتضاه التشريك بحسب الفهم العرفي.

(4) لعدم الشك في هذا المقدار و انه لهم علي كلا التقديرين.

(5) لكون القرعة من طرق الكشف.

(6) للقرينة المتصلة الموجبة لانصراف اللفظ الي الطائفة الخاصة.

(7) ما افاده ظاهر واضح فان المقيم لا يصدق عليه انه من اهل البلد.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 482

مصالحه من تعمير و فراش و سراج و كنس و نحو ذلك من مصالحه (1) و في جواز اعطاء شي ء من النماء لإمام الجماعة اشكال (2) الا أن تكون قرينة علي ارادة ما يشمل ذلك فيعطي منه حينئذ (3).

[مسألة 63: اذا وقف علي الحسين عليه السلام صرف في اقامة عزائه مع بذل الطعام فيه و بدونه]

(مسألة 63): اذا وقف علي الحسين عليه السلام صرف في اقامة عزائه مع بذل الطعام فيه و بدونه (4) و الاحوط اهداء ثواب ذلك اليه عليه السلام (5) و لا فرق بين اقامة مجلس للعزاء و أن يعطي الذاكر لعزائه عليه السلام في المسجد أو الحرم أو الصحن أو غير ذلك (6).

[مسألة 64: إذا وقف علي ميت أو أموات صرف في مصالحهم الأخروية من الصدقات عنهم و فعل الخيرات لهم]

(مسألة 64): اذا وقف علي ميت أو أموات صرف في مصالحهم الاخروية من الصدقات عنهم و فعل الخيرات لهم و اذا احتمل اشتغال ذمتهم بالديون صرف أيضا في افراغ ذمتهم (7).

______________________________

(1) فان المذكورات من الامور الراجعة الي مصالح المسجد و المشهد فيجوز الصرف بالنسبة الي كلها.

(2) الظاهر ان الاشكال ضعيف.

(3) كما هو ظاهر.

(4) فانه مقتضي الاطلاق المنعقد في عبارة الوقف.

(5) لا اشكال في حسن الاحتياط لكن لا وجه له علي نحو اللزوم بل يمكن ان يتصور علي نحو لا يكون له ثواب بأن لا يقصد القربة في العمل فلاحظ.

(6) للإطلاق و عدم ما يقتضي التقييد.

(7) فان انتفاع الميت في تلك الدار بهذه الامور فلا بد من صرف الموقوف فيها.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 483

[مسألة 65: إذا وقف علي النبي صلي اللّه عليه و آله و الائمة عليهم السلام صرف في إقامة مجالس لذكر فضائلهم و مناقبهم و وفياتهم]

(مسألة 65): اذا وقف علي النبي صلي اللّه عليه و آله و الائمة عليهم السلام صرف في اقامة مجالس لذكر فضائلهم و مناقبهم و وفياتهم و بيان ظلاماتهم و نحو ذلك مما يوجب التبصر بمقامهم الرفيع (1) و الاحوط اهداء ثواب ذلك اليهم عليهم السلام (2) و لا فرق بين امام العصر عجل اللّه تعالي فرجه الشريف و آبائه الطاهرين (3).

[مسألة 66: إذا وقف علي أولاده فالأقوي العموم لأولاد أولاده و أولادهم و إن سفلوا]

(مسألة 66): اذا وقف علي اولاده فالاقوي العموم لأولاد أولاده و اولادهم و ان سفلوا (4).

[مسألة 67: إذا قال: هذا وقف علي أولادي فإذا انقرض أولادي و أولاد أولادي فهو علي الفقراء]

(مسألة 67): اذا قال: هذا وقف علي اولادي فاذا انقرض اولادي و اولاد اولادي فهو علي الفقراء فالاقوي انه وقف علي اولاده الصلبيين و غيرهم علي التشريك (5) و كذا اذا قال: وقف علي اولادي فاذا انقرضوا و انقرض اولاد اولادي فهو علي الفقراء علي الاقوي (6).

______________________________

(1) ما أفاده تام فان المذكورات راجعة اليهم فلا بد من صرف الوقف فيها.

(2) الكلام فيه هو الكلام السابق فراجع.

(3) اذ لا وجه للفرق و رجوع أمره الي الحاكم الشرعي كما في عبارة السيد اليزدي في ملحقات عروته لا وجه له بل يصرف فيما يرجع اليه أرواحنا فداه و لا يكون من قبيل السهم المبارك الراجع أمره الي الحاكم الشرعي.

(4) للظهور العرفي حتي علي القول بعدم صدق الولد علي الولد مع الواسطة الا مجازا فانه لو قال: هذا وقف علي اولادي يفهم منه العموم كما في المتن.

(5) الظاهر ان الأمر كما أفاده.

(6) بتقريب ان قوله في صدر كلامه وقف علي اولادي يقتضي التشريك و ذيل

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 484

[مسألة 68: إذا قال هذا وقف علي سكني أولادي فالظاهر أنه لا يجوز أن يؤجروها و يقتسموا الأجرة]

(مسألة 68): اذا قال هذا وقف علي سكني اولادي فالظاهر انه لا يجوز ان يؤجروها و يقتسموا الاجرة بل يتعين عليهم السكني فيها (1) فان امكن سكني الجميع سكنوا جميعا (2) و ان تشاحوا في تعيين المسكن فالمرجع نظر الولي (3) فان تعدد الاولياء و اختلف نظرهم فالمرجع الحاكم الشرعي (4) و اذا اختلف حكام الشرع فالمرجع القرعة (5).

______________________________

كلامه متفرع علي الصدر و لا يخلو ما أفاده من شائبة الاشكال اذ لا يبعد أن يستفاد من الذيل الترتيب و يكون الذيل قرينة علي الصدر و لا أقلّ من الاجمال.

(1) الأمر كما افاده فان الوقف علي حسب جعل الواقف و

يلزم اتباعه و لا يجوز تغييره و التصرف فيه.

(2) كما هو ظاهر.

(3) فان المتولي للوقف يكون مرجعا في امور الموقوفة.

(4) فان الحاكم الشرعي يكون وليا عاما و مرجعا في جميع الامور الحسبية فالمعتبر نظره.

(5) الظاهر انه لا دليل علي مشروعية القرعة في أمثال المقام التي لا واقع لها فانه قد دل بعض ادلة القرعة علي جريانها في مورد تعلق النذر بأول مملوك و قد ملك مماليك دفعة منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل قال: اول مملوك أملكه فهو حر فورث سبعة جميعا قال: يقرع بينهم و يعتق الذي قرع «1».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سليمان قال: سألته عن رجل قال: اول مملوك املكه فهو حر فلم يلبث أن ملك ستة أيهم يعتق؟ قال: يقرع بينهم ثم يعتق واحدا الحديث 2.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 57 من أبواب العتق الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 485

______________________________

و منها: ما رواه ابراهيم بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل قال:

اول مملوك املكه فهو حر فورث ثلاثة قال يقرع بينهم فمن اصابه القرعة اعتق قال و القرعة سنة «1».

و قد دل بعض النصوص علي مورد الشك في كون المولود ذكرا أو انثي منها ما رواه عبد اللّه بن مسكان قال سئل ابو عبد اللّه عليه السلام و أنا عنده عن مولود ليس بذكر و لا بانثي ليس له إلا دبر كيف يورث؟ فقال يجلس الامام و يجلس عنده أناس من المسلمين فيدعون اللّه و يجيل السهام عليه علي اي ميراث يورثه ثم قال و أي قضية اعدل من قضية يجال عليها بالسهام يقول اللّه تعالي

فَسٰاهَمَ فَكٰانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ «2».

و دلت طائفة ثالثة في مورد اشتباه الحر بالعبد منها ما رواه حريز عن احدهما عليهما السلام قال قضي امير المؤمنين عليه السلام باليمن في قوم انهدمت عليهم دار لهم فبقي صبيان احدهما مملوك و الاخر حر فاسهم بينهما فخرج السهم علي احدهما فجعل المال له و اعتق الاخر «3».

و دلت طائفة رابعة علي مورد واقع متعدد مع امرأة في طهر واحد منها ما رواه سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قضي علي عليه السلام في ثلاثة وقعوا علي امرأة في طهر واحد و ذلك في الجاهلية قبل أن يظهر الإسلام فاقرع بينهم فجعل الولد للذي قرع و جعل عليه ثلثي الدية للآخرين فضحك رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله حتي بدت نواجده قال: و قال: ما أعلم فيها شيئا الا ما قضي

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب كيفية الحكم الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب ميراث الخنثي الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب ميراث الغرقي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 486

و اذا امتنع بعضهم عن السكني حينئذ جاز للاخر الاستقلال فيها (1).

______________________________

علي عليه السلام «1».

و دلت طائفة خامسة علي مشروعيتها في مورد النزاع في ملك او حق له واقع و يكون ذو الحق مجهولا منها ما رواه جميل قال قال الطيار لزرارة: ما تقول في المساهمة أ ليس حقا؟ فقال زرارة بلي هي حق، فقال الطيار: أ ليس قد ورد انه يخرج سهم المحق؟ قال: بلي قال فتعال حتي ادعي أنا و انت شيئا ثم نساهم عليه و ننظر هكذا هو فقال له زرارة: انما جاء الحديث بأنه ليس من قوم فوضوا

أمرهم الي اللّه ثم اقترعوا الا خرج سهم المحق فأما علي التجارب فلم يوضع علي التجارب فقال الطيار: أ رأيت ان كانا جميعا مدعيين ادعيا ما ليس لهما من ان يخرج سهم احدهما؟ فقال: زرارة: اذا كان كذلك جعل معه سهم مبيح فان كانا ادعيا ما ليس لهما خرج سهم المبيح «2».

و منها ما رواه منصور بن حازم قال سأل بعض اصحابنا أبا عبد اللّه عليه السلام عن مسئلة فقال: هذه تخرج في القرعة ثم قال: فأي قضية اعدل من القرعة اذا فوضوا أمرهم الي اللّه عز و جل أ ليس اللّه يقول فَسٰاهَمَ فَكٰانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ «3».

و صفوة القول: انه لا دليل علي مشروعية القرعة في مثل المقام فلا بد من التوافق بين حكام الشرع و بعبارة اخري الحاكم الشرعي تشترط فيه العدالة فيجب عليه رفع اليد عن التشاجر و بعد رفع التشاجر و الخلاف يكون قوله المرجع و أمره يكون نافذا فلاحظ.

(1) اذ لا يسقط حق واحد منهم بامتناع آخر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 57 من أبواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 13 من ابواب كيفية الحكم الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 17

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 487

و ليس عليه شي ء لصاحبه (1) و ان تعذر سكني الجميع اقتسموها بينهم يوما فيوما أو شهرا فشهرا أو سنة فسنة (2) و ان اختلفوا في ذلك و تشاحوا فالحكم كما سبق (3) و ليس لبعضهم ترك السكني و عدم الرضا بالمهاياة و المطالبة بالاجرة حينئذ بالنسبة الي حصته (4:

[مسألة 69: إذا قال هذا وقف علي الذكور من أولادي أو ذكور أولادي نسلا بعد نسل أو طبقة بعد طبقة اختص بالذكور من الذكور]

(مسألة 69): اذا قال هذا وقف علي الذكور من اولادي او ذكور اولادي نسلا بعد نسل أو طبقة بعد طبقة اختص بالذكور من الذكور و

لا يشمل الذكور من الآنات (5).

[مسألة 70: إذا قال: هذا وقف علي إخوتي نسلا بعد نسل فالظاهر العموم لأولادهم الذكور و الإناث]

(مسألة 70): اذا قال: هذا وقف علي اخوتي نسلا بعد نسل فالظاهر العموم لأولادهم الذكور و الاناث (6).

[مسألة 71: إذا قال: هذا وقف علي أولادي ثم أولاد أولادي كان الترتيب بين أولاده الصلبيين و أولادهم]

(مسألة 71): اذا قال: هذا وقف علي اولادي ثم اولاد اولادي كان الترتيب بين اولاده الصلبيين و اولادهم و لا يكون بين اولاد اولاده

______________________________

(1) لعدم المقتضي.

(2) اذ مع عدم امكان سكني الجميع لا بد من القسمة.

(3) الكلام فيه هو الكلام.

(4) لعدم الدليل عليه.

(5) للظهور العرفي فان مقتضي الظهور العرفي حصر النظر في خصوص الذكور طبقة بعد طبقة و عدم اعتبار الاناث و بعبارة اخري: يفهم عرفا كون الموقوف عليهم الذكور بلا وساطة الاناث.

(6) للظهور العرفي.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 488

و اولادهم ترتيب بل الحكم بينهم علي نحو التشريك (1).

[مسألة 72: إذا وقف علي زيد و الفقراء فالظاهر التنصيف]

(مسألة 72): اذا وقف علي زيد و الفقراء فالظاهر التنصيف و كذا اذا قال: وقف علي زيد و اولاد عمرو أو علي اولاد زيد و أولاد عمرو او علي العلماء و الفقراء (2).

[مسألة 73: إذا وقف علي الزوار فالظاهر الاختصاص بغير أهل المشهد ممن يأتي من الخارج للزيارة]

(مسألة 73): اذا وقف علي الزوار فالظاهر الاختصاص بغير اهل المشهد ممن يأتي من الخارج للزيارة (3) و في كونه كذلك اذا قال: وقف علي من يزور اشكال (4).

[فصل في بعض احكام الوقف]

اشارة

فصل في بعض احكام الوقف

[مسألة 74: إذا تم الوقف لا يجوز للواقف و لا لغيره التبديل و التغيير في الموقوف عليه بنقله منهم إلي غيرهم]

(مسألة 74): اذا تم الوقف لا يجوز للواقف و لا لغيره التبديل و التغيير في الموقوف عليه بنقله منهم الي غيرهم و اخراج بعضهم منه و ادخال اجنبي عنهم معهم اذا لم يشترط ذلك (5) أما اذا اشترط ادخال

______________________________

(1) الامر كما افاده ظاهرا للظهور العرفي فان الترتيب بين اولاده و اولاد اولاده و لا مقتضي للترتيب بين اولاد اولاده بل مقتضي القاعدة التشريك.

(2) للظهور العرفي و العرف ببابك.

(3) الأمر كما أفاده فانه المتفاهم العرفي من اللفظ.

(4) الظاهر انه يصدق علي الزائر الساكن في البلد و العرف ببابك.

(5) فان الوقف علي حسب ما اوقفه اهله و بعبارة اخري: جواز التصرف في الوقف يحتاج الي الدليل و الا فمقتضي القاعدة الأولية عدم الجواز اذ يجب العمل علي طبق الوقف.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 489

من شاء معهم فالظاهر صحته (1) و حينئذ اذا ادخل غيرهم معهم نفذ و اذا لم يدخل احدا الي ان مات بقي الوقف علي حاله الاولي (2) و اذا اشترط اخراج بعضهم فالظاهر صحته أيضا (3).

______________________________

(1) الظاهر ان دليل الجواز في نظر الماتن ما رواه ابن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يتصدق علي بعض ولده بطرف من ماله ثم يبدو له بعد ذلك أن يدخل معه غيره من ولده قال: لا بأس بذلك و عن الرجل يتصدق ببعض ماله علي بعض ولده و يبينه لهم أله أن يدخل معهم من ولده غيرهم بعد أن أبانهم بصدقة؟ قال ليس له ذلك الا أن يشترط انه من ولد له فهو مثل من تصدق عليه فذلك له «1».

فان المستفاد من الخبر المذكور التفصيل بين صورة الاشتراط و عدمه

فعلي الأولي يجوز و في الثانية لا يجوز و لكن الانصاف ان المستفاد من الحديث صورة الوقف من الأول علي النحو الخاص لا صورة تغييره بعد تماميته فلاحظ.

(2) اذ مع الإدخال يصح علي مقتضي الحديث المتقدم ذكره آنفا و اما مع عدم الإدخال فلا وجه لدخول غير الموقوف عليه فيه فلاحظ.

(3) لم يظهر لي وجه ما أفاده و ربما يقال: انه مقتضي قوله عليه السلام الوقوف علي حسب ما يقفها اهلها ان شاء اللّه «2» و لكن الاستدلال علي المدعي بهذا التقريب مشكل اذ لا يستفاد من هذه الجملة الا صحة كيفية الوقف و اما اشتراط التصرف فيه و فسخه من اصله أو في الجملة أو تبديله بأمر آخر فلا يستفاد من الحديث و الا كان تبديله بشي ء آخر جائزا و الظاهر ان الأصحاب لم يلتزموا به و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 2 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 490

[مسألة 75: العين الموقوفة تخرج عن ملك الواقف و تدخل في ملك الموقوف عليه]

(مسألة 75): العين الموقوفة تخرج عن ملك الواقف و تدخل في ملك الموقوف عليه و يكون نماؤها له نعم اذا كان الوقف وقفا علي الصرف لم تدخل في ملك الموقوف عليه بل يتعين صرف نمائها في الجهة الموقوف عليها علي اختلاف كيفيات الوقف (1).

______________________________

(1) قال في الحدائق: «اختلف الاصحاب رحمهم اللّه في أن الوقف هل ينتقل عن ملك الواقف أم لا؟ و علي الاول فهل ينتقل الي الموقوف عليه أم الي اللّه تعالي؟ أم يفصل في ذلك بين ما كان الوقف لمصلحة أو جهة عامة فانه ينتقل الي اللّه عز و جل و ما كان الموقوف عليه ممن يصح تملكه

فانه ينتقل اليه» «1» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

اذا عرفت ما تقدم نقول يظهر من كلام الجواهر في هذا المقام انه نقل الاجماع علي خروج الوقف عن ملك الواقف «2».

و يمكن الاستدلال علي المدعي بجملة من النصوص منها: ما رواه احمد بن محمد عن أبي الحسن الثاني عليه السلام قال سألته عن الحيطان السبعة التي كانت ميراث رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لفاطمة عليها السلام؟ فقال: لا انما كانت وقفا و كان رسول اللّه يأخذ اليه منها ما ينفق علي أضيافه و التابعة يلزمه فيها فلما قبض جاء العباس يخاصم فاطمة عليها السلام فيها فشهد علي عليه السلام و غيره أنها وقف علي فاطمة عليها السلام و هي الدلال و العواف و الحسني و الصافية و ما لأم ابراهيم و الميثب و البرقه «3».

و تقريب الاستدلال بهذه النصوص بوجوه: الوجه الاول: انه عبر في هذه النصوص

______________________________

(1) الحدائق ج 22 ص: 223

(2) الجواهر ج 28 ص: 88

(3) الفروع من الكافي ج 7 ص- 47 باب صدقات النّبيّ و فاطمه و الائمة عليهم السلام

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 491

______________________________

عن الوقف بالصدقة و الصدقة متقومة باخراج العين عن الملك.

الوجه الثاني: انه قد عبر في بعض تلك النصوص بما يدل علي كون العين الموقوفة ملكا للموقوف عليه لاحظ ما رواه أبو مريم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صدقة رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و صدقة علي عليه السلام فقال:

هي لنا حلال و قال ان فاطمة عليها السلام جعلت صدقتها لبني هاشم و بني المطلب «1».

و مثله الحديث الثاني من الباب فان قوله عليه السلام «صدقتهما لبني هاشم و بني عبد

المطلب» يدل علي جعل بني هاشم و بني عبد المطلب مالكا للعين بلحاظ الجار الدال علي الملكية.

الوجه الثالث انه عبر في بعض هذه النصوص بقوله بتلا بتّا اي منقطعة عن صاحبها الاول و مبانة عنه لاحظ ما رواه أيوب بن عطية قال فيه عليه السلام بشر الوارث في صدقة بتة بتلا «2» فان البتل لغة القطع و البت أيضا بمعناه.

الوجه الرابع انه قد عين القيم في بعض تلك النصوص للموقوفة لاحظ ما رواه عبد الرحمن الحجاج «3» و لا مجال لجعل القيم مع بقاء العين في ملك مالكها.

و مما يمكن الاستدلال به علي المدعي الارتكاز في أذهان اهل الشرع و العقلاء و العرف فان المرتكز في الأذهان خروج العين الموقوفة عن ملك الواقف اضف الي ذلك انه لا يبعد أن يستفاد المدعي من مفهوم صيغة الوقف كقول الواقف وقفت الدار الفلانية علي اولادي اذ لو لم تنتقل العين الي الموقوف عليه فما ذا يكون

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 492

______________________________

المراد من الجملة.

و بعبارة اخري الوقوف عليهم بمعني انه لا يتجاوزهم فتكون العين حبسا عليهم و ان شئت قلت: ان العين مع كونها مملوكة لهم تكون ساكنة و غير متحركة بالحركة الاعتبارية فالنتيجة ان الوقف يخرج عن ملك الواقف و مما تقدم ظهر ان الوقف كما انه يخرج عن ملك الواقف يدخل في ملك الموقوف عليه و الذي يدل علي المدعي بوضوح ان السيرة جارية علي كون أمر الموقوفات الخاصة بيد الموقوف عليهم فانهم يتصرفون فيه و في شئونه و هذه آية كونهم مالكين.

و استدل علي كونه ملكا له تعالي بأن الوقف ازالة للملك و

المنفعة علي وجه القربة فانتقل الملك الي اللّه تعالي كالعتق و لأن الموقوف عليه ممنوع عن البيع و لو كان مالكا للوقف لم يكن ممنوعا عن البيع لأن الناس مسلطون علي أموالهم «1».

و في كلا التقريبين اشكال أما التقريب الاول فلأن الوقف لا يتوقف علي قصد القربة بل يمكن تحققه و لو مع عدم قصد القربة مضافا الي أن قياسه بالعتق مع الفارق اذ العتق ازالة للملك و تحرير للعين بخلاف الوقف اضف الي ذلك كله ان المعتق لا يكون ملكا له تعالي.

و اما التقريب الثاني ففيه انه لا تنافي بين كون الشخص مالكا و كونه ممنوعا عن التصرف و لا فرق بين الوقف العام و الخاص غاية الأمر يكون المالك في الوقف العام الجامع فانه لو وقف علي العلماء أو الفقراء يكون الملك للجامع بين العلماء أو الفقراء فلا يتوجه الاشكال بأنه لا يمكن أن يكون جميع الأفراد مالكا و ترجيح بعضهم علي البعض الاخر بلا مرجح فان المالك لو كان هو

______________________________

(1) البحار ج 2 ص 272 الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 493

[مسألة 76: إذا اشترط الواقف شرطا في الموقوف عليه]

(مسألة 76): اذا اشترط الواقف شرطا في الموقوف عليه كما اذا وقف المدرسة علي الطلبة العدول أو المجتهدين ففقد الشرط خرج عن الوقف (1) و اذا اشترط عليه شرطا كما اذا وقف علي الطلبة و اشترط عليهم التهجد في الليل وجب فعل الشرط فان لم يتهجد فالظاهر انه يخرج عن الوقف أيضا (2).

[مسألة 77: إذا احتاجت الأملاك الموقوفة إلي التعمير]

(مسألة 77): اذا احتاجت الاملاك الموقوفة الي التعمير أو

______________________________

الجامع لا يكون لهذا الاشكال مجال كما هو ظاهر.

و أما لو كان الوقف علي الصرف فيظهر من الجواهر ان الأكثر قائلون بكون العين مملوكة لتلك الجهة الموقوف عليها و الظاهر انه لا مانع من كون الجهة الخاصة كالمسجد مالكا للعين الموقوفة فان اعتبار الملكية خفيف المئونة فاذا قلنا هذا الفرش للمسجد يكون صحيحا و لا تتوقف الملكية علي كون المالك من الأناسي بل تتصور الملكية للجمادات أيضا فعلي هذا لا مانع عن القول بالانتقال من ناحية الثبوت غاية ما في الباب انه يمكن أن يقال- كما قيل- لا دليل في مقام الاثبات علي هذه الدعوي و يمكن أن يقال انه لا فرق في مقام الانشاء من قبل الواقف بين الموارد فانه يخرج العين عن ملكه و يدخلها في ملك الموقوف عليه نعم في خصوص المسجد لا يكون الوقف علي نحو التمليك بل تحرير فقط و هذا الفرق علي اجماله لعله ارتكازي هذا ما يخطر ببالي القاصر في هذه العجالة و اللّه العالم بحقائق الامور

(1) بلا اشكال و لا كلام اذ مع عدم كونه عادلا يكون خارجا عن دائرة الوقف

(2) هذا الوجوب شرطي اي لو لم يتهجد يحرم عليه أن يسكن في المدرسة فانه كالأجنبي فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 494

الترميم لأجل بقائها و حصول

النماء فان عين الواقف لها ما يصرف فيها عمل عليه (1) و إلا صرف من نمائها وجوبا مقدما علي حق الموقوف عليهم (2) و اذا احتاج الي التعمير بحيث لولاه لم يبق للبطون اللاحقة فالظاهر وجوبه و ان ادي الي حرمان البطن السابق (3).

[مسألة 78: الثمر الموجود علي النخل أو الشجر حين إجراء صيغة الوقف باق علي ملك مالكها]

(مسألة 78): الثمر الموجود علي النخل أو الشجر حين اجراء صيغة الوقف باق علي ملك مالكها و لا يكون للموقوف عليه و كذا الحمل الموجود حين وقف الدابة و اللبن و الصوف الموجودان حين وقف الشاة (4). و كذلك ما يتجدد من الثمر أو الحمل أو اللبن أو الصوف و نحوها بعد إنشاء الوقف و قبل القبض (5).

______________________________

(1) كما هو ظاهر فان المفروض ان الواقف هكذا وقف و الوقف علي حسب ايقاف اهله.

(2) بتقريب ان مقتضي الارتكاز جعل الوقف كذلك و بعبارة اخري الواقف بارتكازه جعل النماء للترميم فان بقاء العين الموقوفة مطلوبه الأولي فيجب الصرف فيه.

(3) بعين البيان المتقدم فان مطلوب الواقف اولا بقاء العين فيجب.

(4) بتقريب ان النماء تابع للملك فما دام العين باقية في ملك المالك يكون نمائها له و لا مقتضي لخروجها عن ملكه و أما بعد تمامية الوقف يكون النماء للموقوف عليه و ان شئت قلت: النماء الموجود قبل الوقف نماء الملك النماء الوقف فلا وجه لصيرورته ملكا للموقوف عليه و أما النماء المتجدد فهو يصير ملكا له فلاحظ.

(5) علي تقدير عدم تمامية الوقف الا بالقبض فالمسألة مبنائية.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 495

[مسأله 79: إذا وقف علي مصلحة فبطل رسمها]

(مسأله 79): اذا وقف علي مصلحة فبطل رسمها كما اذا وقف علي مسجد فخرب أو مدرسة فخربت و لم يمكن تعميرها أو لم يحتاجا الي مصرف لانقطاع من يصلي في المسجد أو مهاجرة الطلبة أو نحو ذلك فان كان الوقف علي نحو تعدد المطلوب كما هو الغالب صرف نماء الوقف في مسجد أو مدرسة اخري ان أمكن و الا ففي وجوه البر الاقرب فالاقرب (1).

[مسألة 80: إذا جهل مصرف الوقف فان كانت المحتملات متصادقة صرف في المتيقن]

(مسألة 80): اذا جهل مصرف الوقف فان كانت المحتملات متصادقة صرف في المتيقن كما اذا لم يدر ان الوقف وقف علي العلماء مطلقا أو علي خصوص العدول أو الفقراء أو لم يدر ان الوقف وقف علي العلماء أو الفقراء فانه يصرف في الفرض الاول علي العلماء العدول أو الفقراء و في الفرض الثاني علي العلماء الفقراء (2) و ان كانت متباينة فان كانت غير محصورة تصدق به اذا كان التصدق من الوجوه المحتملة للوقف و إلا صرفه في وجه آخر من الوجوه المحتملة (3).

______________________________

(1) بتقريب ان هذه المراتب مقصود الواقف و من مرتكزاته فيكون المقدر كالمذكور و بعبارة اخري: يصح أن يقال: ان الواقف هكذا وقف و لو لم تكن التفاصيل موردا للحاظه علي النحو التفصيل و يكون المقام نظير الشروط الضمنية التي تعتبر عند العقلاء بملاحظة كونها امورا ارتكازية فلاحظ.

(2) اذ الصرف في المتيقن عمل بالوظيفة قطعا فلا اشكال فيه.

(3) قد استدل السيد اليزدي في الملحقات برواية ابن راشد قال: سألت أبا الحسن عليه السلام قلت: جعلت فداك اشنريت ارضا الي جنب ضيعتي بألفي

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 496

و ان كانت الوجوه محصورة كما اذا لم يدر أن الوقف علي المسجد الفلاني أو علي المسجد الاخر أو لزيد أو

لعمرو علي نحو المصرف أو علي نحو التمليك فالاقرب الرجوع الي القرعة في تعيين الموقوف عليه (1).

[مسألة 81: إذا آجر العين الموقوفة البطن الأول من الموقوف عليهم في الوقف الترتيبي و انقرضوا قبل انقضاء مدة الإجارة]

(مسألة 81): اذا آجر العين الموقوفة البطن الاول من الموقوف عليهم في الوقف الترتيبي و انقرضوا قبل انقضاء مدة الاجارة لم تصح الاجارة بالنسبة الي بقية المدة (2).

______________________________

درهم فلما وفيت المال خبرت ان الأرض وقف، فقال لا يجوز شراء الوقف و لا تدخل الغلة في مالك و ادفعها الي من وقفت عليه قلت: لا أعرف لها ربا قال: تصدق بغلتها «1».

و هذه الرواية لا ترتبط بالمقام بل المستفاد من الحديث ان المكلف اذا لم يمكنه الوصول الي الموقوف عليه يتصدق بغلتها و كلامنا فيما نحن في حكم الوقف الذي يكون مصرفه مجهولا مضافا الي ضعف سند الحديث.

و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان مقتضي القاعدة الرجوع الي القرعة اذ لا وجه للتفريق بين كون الأطراف محصورة و بين ما يكون غير محصور نعم اذا كانت الدائرة علي نحو لا يمكن أن يقرع بين اطرافها يلزم بحكم العقل اختيار احد الأطراف و ترجيح التصدق علي غيره علي فرض كونه من الأطراف موافق للاحتياط و أما اللزوم فلا.

(1) فان القرعة لكل أمر مشكل سيما في الامور المالية و اللّه العالم.

(2) لأن المفروض ان الاجارة وقعت علي ملك الغير فلا تصح و بعبارة اخري

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من ابواب عقد البيع و شروطه

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 497

و كذا الحكم في الوقف التشريكي اذا ولد في اثناء المدة من يشارك الموقوف عليه المؤجر فانه لا تصح الاجارة بالنسبة الي حصته (1) و الظاهر صحتها بالاجازة من البطن الثاني في الصورة الاولي و من الشريك في الصورة الثانية فيكون للمجيز حصته من

الاجرة و لا يحتاج الي تجديد الاجارة (2) و ان كان احوط (3) نعم اذا كانت الاجارة من الولي لمصلحة الوقف صحت و نفذت (4) و كذا اذا كانت لمصلحة البطون اللاحقة اذا كانت له ولاية علي ذلك فانها تصح (5) و يكون للبطون اللاحقة حصتهم من الاجرة (6).

[مسألة 82: إذا كانت للعين الموقوفة منافع مختلفة و ثمرات متنوعة كان الجميع للموقوف له مع إطلاق الوقف]

(مسألة 82): اذا كانت للعين الموقوفة منافع مختلفة و ثمرات متنوعة كان الجميع للموقوف له مع اطلاق الوقف فاذا وقف الشجر

______________________________

المنفعة بعد انقراض البطن الاول تكون للبطن الثاني فلا ولاية للبطن الأول في تمليكها من الغير بالاجارة.

(1) اذ مع فرض الشركة لا تصح اجارة حصة الشريك بلا رضاه.

(2) لصحة الفضولي مع الاجازة.

(3) لعل الوجه في الاحتياط الخروج عن شبهة الخلاف.

(4) لأن الاجارة في مفروض الكلام صدرت من اهلها و وقعت في محلها و ان شئت قلت: الاجارة الصادرة عن الولي بعد فرض كونها لمصلحة الوقف تامة و لا وجه لبطلانها.

(5) الكلام فيه هو الكلام فلاحظ.

(6) كما هو ظاهر.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 498

أو النخل كان ثمرتهما و منفعة الاستظلال بهما و السعف و الاغصان و الاوراق اليابسة و اكمام الطلع و الفسيل و نحوها مما هو مبني علي الانفصال للموقوف له (1) و لا يجوز للمالك و لا لغيره التصرف فيها (2) الا علي الوجه الذي اشترطه الواقف (3).

[مسألة 83: الفسيل الخارج بعد الوقف إذا نما و استطال حتي صار نخلا أو قلع من موضعه و غرس في موضع آخر فنما حتي صار مثمرا لا يكون وقفا]

(مسألة 83): الفسيل الخارج بعد الوقف اذا نما و استطال حتي صار نخلا أو قلع من موضعه و غرس في موضع آخر فنما حتي صار مثمرا لا يكون وقفا بل هو من نماء الوقف (4) فيجوز بيعه و صرفه في الموقوف عليه (5) و كذا اذا قطع للإصلاح بعض الاغصان الزائدة و غرس فصار شجرة فانه لا يكون وقفا بل يجري عليه حكم نماء الوقف من جواز بيعه و صرف ثمنه في مصرف الوقف (6).

______________________________

(1) لأن المفروض اطلاق الوقف و لازم الاطلاق عدم التقييد و منفعة الوقف للموقوف عليه فالمنافع كلها للموقوف عليه.

(2) اذ التصرف في ملك الغير لا يجوز الا مع الاذن.

(3) اذ أمر الوقف

بحسب الجعل بيد الواقف فاللازم رعاية جعله و متابعته.

(4) اذ لا وجه لكونه داخلا في الوقف و لا مقتضي له و بعبارة اخري: الفصيل الخارج بعد الوقف لم تشمله دائرة جعل الوقف فيكون نماء له.

(5) كبقية النماءات التي يجوز بيعها لمصلحة الموقوف عليه.

(6) الكلام فيه هو الكلام اذ بعد القطع يخرج عن دائرة الوقف و يدخل تحت عنوان النماء فيترتب عليه حكمه و لقائل أن يقول: ان المفروض كونه وقفا و يمكن ابقائه كذلك بغرسه فيجب التحفظ عليه فيكون باقيا علي عنوانه الأولي.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 499

[مسألة 84: إذا خرب المسجد لم تخرج العرصة عن المسجدية]

(مسألة 84): اذا خرب المسجد لم تخرج العرصة عن المسجدية (1) و ان تعذر تعميره (2) و كذا اذا خربت القرية التي هو فيها حتي بطل الانتفاع به الي الابد (3) و أما غيره من الاعيان الموقوفة فانها اذا تعذر الانتفاع بها في الجهة المقصودة للواقف لخرابها و زوال منفعتها فانه يجوز حينئذ بيع بعضها و عمارة الباقي للانتفاع به فان لم يمكن ذلك جاز بيعها و تبديلها بما يمكن الانتفاع به (4) و اذا تعذر الانتفاع بها لانتفاء الجهة الموقوف عليها صرفت منافعها فيما هو الاقرب فالاقرب فاذا كان الوقف وقفا علي اقامة عزاء الحسين عليه السلام في بلد خاص و لم يمكن ذلك صرف منافعه في اقامة عزائه عليه السلام في بلد آخر (5) و اذا كان تعذر الانتفاع لانقراض الموقوف عليه تبطل وقفيتها (6).

______________________________

(1) لعدم ما يقتضي خروج العرصة عن كونها مسجدا بل هي باقية علي حالها

(2) اذ لا دليل علي كون التعذر موجبا لزوال العنوان و القاعدة الأولية تقتضي بقائها علي ما كانت.

(3) لعين التقريب.

(4) قد تعرض الماتن لهذا الفرع في مسئلة (13)

من فروع جواز بيع الوقف في كتاب البيع و تكلمنا حول كلامه و شرحناه فراجع ما ذكرناه هناك.

(5) بتقريب ان الترتب المذكور مركوز في ذهن الواقف و يكون المقدر كالمذكور كما مر في نظيره قريبا.

(6) الحق ان يعبر بانقضاء امد الوقف و بعبارة اخري: يكشف انه كان وقفا بهذا

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 500

و ترجع ملكا للواقف علي ما تقدم فان لم يكن موجودا كان لورثته (1) و اذا خرب الوقف و لم تبطل منفعته بل بقي له منفعة معتد بها قليلة أو كثيرة فان أمكن تجديده و ان كان باجارته مدة و صرف الاجارة في العمارة وجب ذلك (2) و ان لم يمكن فالظاهر بقاء الوقفية بحالها و تصرف منافعه في جهة الموقوف عليها مثلا اذا وقف بستانا للمسجد فانقطع عنها الماء حتي يبس شجرها أو انقلع و بقيت عرصة و أمكن ايجارها وجب ذلك و صرفت الاجرة في مصالح المسجد (3) نعم اذا فهم من القرائن ان الوقفية قائمة بعنوان البستان كما اذا وقفها للتنزه أو للاستظلال بطلت الوقفية بذهاب عنوان البستان و ترجع ملكا للواقف (4).

______________________________

المقدار و يكون من مصاديق الوقف المنقطع الاخر و قد تقدم كونه صحيحا.

(1) بل الصحيح ان العين لم تخرج عن ملكه الا بهذا المقدار و الزائد عليه كان باقيا في ملكه فعلي تقدير بقائه يكون هو المرجع و علي تقدير موته يكون أمر العين راجعا الي ورثته.

(2) كما تقدم و قلنا الواقف بارتكازه يجعل المنافع اولا للصرف في نفس العين ثم للموقوف عليه و بعبارة اخري: لا بد من التحفظ علي الوقف ما دام ممكنا.

(3) اذ لا مقتضي لزوال عنوان الوقف بل هو باق بحاله.

(4) بل الصحيح

في التعبير أن يقال: تنقضي مدة الوقف بزوال عنوان البستان و امرها راجع الي الواقف اذ لم تخرج العين عن ملكه الا مدة و المفروض انقضاء تلك المدة فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 501

[مسألة 85: يجوز وقف البستان و استثناء نخلة منها]

(مسألة 85): يجوز وقف البستان و استثناء نخلة منها (1) و يجوز له حينئذ الدخول اليها بمقدار الحاجة (2) كما ان له ابقاءها مجانا (3) و ليس للموقوف عليهم قلعها (4) و اذا انقلعت ليس له حق في الارض فلا يجوز له غرس نخلة اخري مكانها (5) و كذا يجوز في وقف الدار استثناء غرفة منها (6) و لكن اذا خربت بقيت الارض له لان الارض جزء الغرفة (7).

[مسألة 86: إذا كانت العين مشتركة بين الوقف و الملك الطلق جازت قسمتها بتمييز الوقف عن الملك الطلق]

(مسألة 86): اذا كانت العين مشتركة بين الوقف و الملك الطلق جازت قسمتها بتمييز الوقف عن الملك الطلق (8) و يتولي القسمة المالك للطلق و متولي الوقف (9) بل الاقوي جواز القسمة

______________________________

(1) فان المالك له التصرف في ماله علي جميع الأنحاء و بعبارة اخري: هذا حكم علي طبق القاعدة الأولية.

(2) فانه من لوازم ملكه كما لو كانت نخلة لزيد في دار بكر فانه يجوز لزيد الدخول و التصرف في نخله كما هو ظاهر.

(3) اذ المفروض انه ملكه و استثناه من الوقف فله ابقاءها و لا مقتضي للزوم العوض عليه.

(4) فان التصرف في مال الغير بلا اذن منه حرام.

(5) لعدم المقتضي لبقاء حق له و عليه لا يجوز غرس نخلة اخري مكانها.

(6) الكلام فيه هو الكلام.

(7) الأمر كما افاده فان الأرض جزء الغرفة فتكون الأرض له.

(8) فان القسمة علي طبق القاعدة الأولية.

(9) فان الأمر بيدهما فالمتصدي للقسمة المالك للطلق و المتولي للوقف.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 502

اذا تعدد الواقف و الموقوف عليه كما اذا كانت دار مشتركة بين شخصين فوقف كل منهما نصفه المشاع علي اولاده (1) و كذا اذا اتحد الواقف مع تعدد الموقوف عليه كما اذا وقف مالك الدار نصفها علي مسجد و نصفها علي

مشهد (2) و كذا اذا اتحد الواقف و الموقوف عليه اذا لم تكن القسمة منافية للوقف كما اذا وقف أرضا علي اولاده و كانوا اربعة (3) فانه يجوز لهم اقتسامها ارباعا فاذا صار له ولد آخر بطلت القسمة و جاز اقتسامها اخماسا فاذا مات اثنان منهم بطلت و جاز اقتسامها اثلاثا و هكذا (4).

[مسألة 87: لا يجوز تغيير العين الموقوفة إذا علم من الواقف إرادة بقاء عنوانها]

(مسألة 87): لا يجوز تغيير العين الموقوفة اذا علم من الواقف ارادة بقاء عنوانها سواء فهم ذلك من كيفية الوقف كما اذا وقف داره علي السكني فلا يجوز تغييرها الي الدكاكين أم من قرينة خارجية (5) بل اذا احتمل ذلك و لم يكن اطلاق في إنشاء الوقف لم يجز ذلك (6) نعم اذا كان اطلاق في إنشاء الوقف جاز للولي التغيير فيبدل الدار

______________________________

(1) لعدم مانع في القسمة.

(2) الكلام فيه هو الكلام.

(3) اذ مع عدم التنافي للوقف لا يكون مانع عن القسمة.

(4) لأن هذه القسمة لا تؤثر بالنسبة الي البطون اللاحقة كما صرح به في المتن فلا مانع منها و بعبارة اخري لا تكون موجبة لتضييع حق احد و المفروض عدم تنافي القسمة مع الوقف.

(5) فان الوقوف علي حسب ما أوقفها اهلها.

(6) لعدم احراز الجواز و اصالة عدم ارادة المقيد لا يثبت الاطلاق الا علي

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 503

الي دكاكين و الدكاكين الي دار و هكذا (1) و قد يعلم من حال الوقف ارادة بقاء العنوان ما دام له دخل في كثرة المنفعة فحينئذ لا يجوز ما دام الحال كذلك فاذا قلت المنفعة جاز التغيير (2).

[مسألة 88: إذا انقلعت نخلة من البستان الموقوفة]

(مسألة 88): اذا انقلعت نخلة من البستان الموقوفة فان كان وقفها للانتفاع بثمرها جاز بيعها (3) و صرف ثمنها في البستان ان احتاج اليه و الا ففي الجهة الموقوف عليها (4) و اذا وقفها للانتفاع بأي وجه كان فان أمكن الانتفاع بها في جعلها سقفا أو عمدا أو نحو ذلك لم يجز بيعها (5) و ان بطل الانتفاع بها علي حالها جاز بيعها و صرف ثمنها في البستان مع الحاجة و مع عدمها في الجهة الموقوف

______________________________

القول بالمثبت مضافا الي

أنه تعارضها اصالة عدم ارادة الاطلاق فان الاطلاق كالتقييد ملحوظ في مقام الثبوت و تكون النسبة بينهما نسبة التضاد و أصالة عدم احد الضدين لا تثبت الضد الاخر.

(1) كما هو ظاهر فانه علي هذا التقدير يكون العمل علي طبق ما قرره الواقف فيكون جائزا.

(2) كل ذلك بمقتضي ان الوقف تابع لجعل الواقف و إنشائه.

(3) علي ما تقدم في كتاب البيع من جواز بيع الوقف في الفرض المذكور و قد تقدم شرح كلام الماتن هناك.

(4) علي ما تقدم من أن الصرف في العين الموقوفة ان احتاج يقدم علي الصرف في الجهة الموقوف عليها.

(5) لعدم جواز بيع الوقف قبل عروض المجوز.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 504

عليها (1).

[مسألة 89: الأموال التي تجمع لعزاء سيد الشهداء عليه السلام من صنف خاص لإقامة مأتمهم الظاهر أنها من قسم الصدقات المشروط صرفها في جهة معينة]

(مسألة 89): الاموال التي تجمع لعزاء سيد الشهداء عليه السلام من صنف خاص لإقامة مأتمهم أو من اهل البلد لإقامة مأتم فيها أو للأنصار الذين يذهبون في زيارة الاربعين الي كربلا الظاهر أنها من قسم الصدقات المشروط صرفها في جهة معينة (2) و ليست باقية علي ملك مالكها (3) و لا يجوز لمالكها الرجوع فيها (4).

______________________________

(1) علي ما تقدم آنفا و الكلام فيه هو الكلام لوحدة الملاك.

(2) الصدقة اما تتحقق بصورة الوقف كما عبر بها في جملة من الأوقاف الصادرة عنهم عليهم السلام و اما تتحقق بصورة التمليك و التملك و المفروض ان المقام غير داخل في القسمين المذكورين فأي دليل دل علي كونه من الصدقات و لعل الوجه في نظر الماتن السيرة الخارجية و هو كما تري.

(3) اذ الصدقة اذا تحققت تخرج عن ملك مالكها.

(4) لعدم الدليل علي الرجوع بل الدليل قائم علي عدم الرجوع في الصدقة لاحظ ما رواه الحسين ابن علوان عن جعفر عن أبيه ان عليا

عليه السلام كان يقول: من تصدق بصدقة فردت عليه فلا يجوز له أكلها و لا يجوز له الا انفاقها انما منزلتها بمنزلة العتق للّه فلو ان رجلا اعتق عبدا للّه فرد ذلك العبد لم يرجع في الأمر الذي جعله للّه فكذلك لا يرجع في الصدقة «1».

و ما رواه طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عليه السلام قال: من تصدق بصدقة ثم ردت عليه فلا يأكلها لأنه لا شريك للّه عز و جل في شي ء مما جعل له انما هو بمنزلة العتاقة لا يصلح ردها بعد ما يعتق «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب الصدقة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب الوقوف و الصدقات الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 505

و اذا ماتت قبل صرفها لا يجوز لوارثه المطالبة بها (1) و اذا تعذر صرفها في الجهة المعينة فالاحوط صرفها فيما هو الاقرب الي الجهة الخاصة (2) نعم اذا كان الدافع للمال غير معرض عنه و يري ان الاخذ للمال بمنزلة الوكيل عنه لم يخرج حينئذ عن ملك الدافع و جاز له و لورثته و لغرمائه المطالبة به بل يجب ارجاعه اليه عند مطالبته و الي وارثه عند موته و الي غرمائه عند تفليسه و اذا تعذر صرفه في الجهة الخاصة و احتمل عدم اذنه في التصرف فيه في غيرها وجبت مراجعته في ذلك (3).

[مسألة 90: لا يجوز بيع العين الموقوفة إلا في موارد ذكرناها]

(مسألة 90): لا يجوز بيع العين الموقوفة الا في موارد ذكرناها

______________________________

(1) اذ المفروض خروجها عن ملك المورث فلا مقتضي للمطالبة و كذا للغرماء كما هو ظاهر.

(2) بتقريب ان مقصود المالك كذلك.

(3) لبقاء المال في ملكه فيترتب عليه أحكام ملكه و من هذا البيان يظهر ان الماتن يري ان المالك

في القسم الأول أعرض عن مملوكه و قد ذكرنا في بعض المباحث السابقة ان الأعراض يوجب خروج الملك عن ملك المعرض كالأموال المنذورة للمعصومين عليهم السلام الموضوعة في الضرائح المقدسة فان الذي يختلج بالبال ان الناذر يعرض عن ملكه و يجعله حسب نذره في الضريح المقدس و حيث ان الاعراض مخرج للمال عن ملك مالكه لا يبعد أن يقال ان الأموال المشار اليها تدخل في المباحات و لكن الظاهر ان هذا التقريب غير مرضي عند القوم و اللّه العالم.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 506

في كتاب البيع (1).

[مسألة 91: إذا كان غرض الواقف من الوقف حصول شي ء فتبين عدم حصوله لا يكون ذلك موجبا لبطلان الوقف]

(مسألة 91): اذا كان غرض الواقف من الوقف حصول شي ء فتبين عدم حصوله لا يكون ذلك موجبا لبطلان الوقف فاذا علم ان غرض الواقف من الوقف أن يستعينوا به علي طلب العلم أو الاقامة بالمشهد الفلاني أو نحو ذلك فلم يترتب الغرض المذكور لم يكن ذلك موجبا لبطلان الوقف و هكذا الحال في جميع الاغراض و الدواعي التي تدعو الي ايقاع المعاملات أو الايقاعات فاذا كان غرض المشتري الربح فلم يربح لم يكن ذلك موجبا لبطلان الشراء أو التسلط علي الفسخ (2).

[مسألة 92: الشرائط التي يشترطها الواقف تصح و يجب العمل عليها إذا كانت مشروعة]

(مسألة 92): الشرائط التي يشترطها للواقف تصح و يجب العمل عليها اذا كانت مشروعة فاذا اشترط أن لا يؤجر الوقف اكثر من سنة اولا يؤجر علي غير اهل العلم لا تصح اجارته سنتين و لا علي غير اهل العلم (3).

[مسألة 93: تثبت الوقفية بالعلم و إن حصل من الشياع]

(مسألة 93): تثبت الوقفية بالعلم و ان حصل من الشياع (4).

______________________________

(1) و قد تقدم شرح ما أفاده هناك فراجع.

(2) كما هو ظاهر فان الأغراض و الدواعي لا تؤثر في مركز الانشاء و لا أثر لها في تغيير العقود و الإيقاعات عما هي عليها فلاحظ.

(3) فان الوقوف علي حسب ما اوقفها اهلها فما دام يكون شرطه و جعله مشروعا يجب العمل به كما ان السيرة الخارجية الجارية في الخارج هكذا.

(4) فان حجية العلم ذاتية فلا فرق بين مناشئه.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 507

و بالبينة الشرعية (1) و باقرار ذي اليد (2) و ان لم تكن اليد مستقلة كما اذا كان جماعة في دار فاخبر بعضهم بأنها وقف حكم بها في حصته و ان لم يعترف غيره بها (3).

[مسألة 94: إذا كان كتاب أو إناء قد كتب عليه انه وقف فالظاهر الحكم بوقفيته]

(مسألة 94): اذا كان كتاب او اناء قد كتب عليه انه وقف فالظاهر الحكم بوقفيته (4) نعم اذا كان بيد شخص و ادعي ملكيته و اعتذر عن الكتابة بعذر مقبول قيل: صدق و حكم بملكيته له فيجوز حينئذ الشراء منه و التصرف باذنه و غير ذلك من احكام الملك (5) لكنه لا يخلو عن اشكال (6).

[مسألة 95: إذا وجدت ورقة في تركة الميت قد كتب عليها أن الشي ء الفلاني وقف]

(مسألة 95): اذا وجدت ورقة في تركة الميت قد كتب عليها ان الشي ء الفلاني وقف فان كان عليه امارة الاعتراف بالوقفية من توقيعه في ذيلها و وضعها في ظرف مكتوب عليه هذه ورقة الوقف الفلاني او نحو ذلك مما يكون ظاهرا في الاعتراف بالوقفية حكم بالوقفية (7).

______________________________

(1) فان ثبوت الموضوعات بالبينة الشرعية من الواضحات.

(2) لنفوذ الاقرار عقلائيا و شرعا فلاحظ.

(3) لأن صدق الاقرار محدود بهذا الحد فلا أثر له بالنسبة الي الزائد عليه.

(4) لا يبعد أن يكون من الظهورات العرفية المعتبرة فيعمل علي طبقه.

(5) بتقريب ان اليد امارة الملكية فيعمل بها.

(6) لا يبعد أن يكون وجه الاشكال انه لا دليل علي حجية اليد حتي مع وجود الامارة علي خلافها و ان شئت قلت: يدخل المقام في تعارض الامارتين فلاحظ.

(7) اذ مع فرض الامارية تكون الحجة تامة فلا بد من العمل بها.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 508

و الا فلا يحكم بها و ان علم انها بخط المالك (1).

[مسألة 96: لا فرق في حجية أخبار ذي اليد بين أن يكون إخبارا بأصل الوقف و أن يكون إخبارا بكيفيته]

(مسألة 96): لا فرق في حجية اخبار ذي اليد بين أن يكون اخبارا باصل الوقف و أن يكون اخبارا بكيفيته من كونه ترتيبا أو تشريكيا و كونه علي الذكور فقط أو علي الذكور و الاناث و انه علي نحو التساوي او علي نحو الاختلاف (2) كما انه لا فرق في الاخبار بين أن يكون بالقول و أن يكون بالفعل كما اذا كان يتصرف فيه علي نحو الوقف أو يتصرف فيه علي نحو الوقف الترتيبي او التشريكي او للذكور و الاناث أو للذكور دون الاناث و هكذا فان تصرفه اذا كان ظاهرا في الاخبار عن حاله كان حجة كخبره القولي (3).

[مسألة 97: إذا كانت العين الموقوفة من الأعيان الزكوية كالغنم و البقر و الإبل لم تجب الزكاة فيها]

(مسألة 97): اذا كانت العين الموقوفة من الاعيان الزكوية كالغنم و البقر و الابل لم تجب الزكاة فيها و ان اجتمعت فيها شرائط الزكاة (4) و اما اذا كان نمائها زكويا كما اذا وقف بستانا فان كان الوقف علي نحو التمليك لأشخاص الموقوف عليهم كما اذا قال:

وقفت البستان لأولادي فان بلغت حصة واحد منهم النصاب وجبت

______________________________

(1) كما هو ظاهر اذ اليد امارة الملكية و الخروج عنها يتوقف علي قيام دليل معتبر علي خلافها و المفروض عدمه و اللّه العالم.

(2) اذ لا وجه للتفريق فان اقرار ذي اليد نافذ بالنسبة الي ما في يده.

و ان شئت قلت قول ذي اليد حجة بالنسبة الي الشئون العارضة لما في يده.

(3) اذ الميزان تحقق الاخبار بلا فرق بين مصاديقه فالأخبار الفعلي كالقولي حجة.

(4) فان العين الموقوفة لو كانت زكوية لا تجب الزكاة فيها لعدم اجتماع شرائط

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 509

عليه الزكاة و الا لم تجب (1) و ان كان الوقف علي نحو التمليك للعنوان كما اذا قال: وقفت

البستان علي فقراء البلد غير قاصد لاستيعابهم لم تجب الزكاة علي واحد منهم (2) الا اذا اعطي الولي واحدا منهم بعض النماء قبل زمان تعلق الزكاة و كان يبلغ النصاب فانه تجب الزكاة علي من ملك منهم واحد كان او اكثر (3) و كذلك لا تجب الزكاة علي حاصل الوقف اذا كان علي نحو المصرف كما اذا قال وقفت البستان علي تزويج اولادي او علي اطعام الفقراء و كسوتهم و نحو ذلك (4).

[إلحاق فيه بابان]

اشارة

الحاق فيه بابان

[الباب الأول: في الحبس و أخواته]

اشارة

الباب الاول: في الحبس و اخواته.

______________________________

الوجوب فان الموقوف عليه ليس له التصرف في العين الموقوفة.

(1) كما هو ظاهر لتمامية موضوع الوجوب و أما مع عدم بلوغ الحصة لا تجب.

(2) ما أفاده ظاهر و صفوة القول: ان المكلف الشخصي اذا ملك النصاب مع اجتماع الشرائط تجب عليه الزكاة و أما المالك لو كان الجامع أو الجهة فلا مقتضي للوجوب كما هو ظاهر فان الزكاة واجبة علي المكلف مع اجتماع الشرائط المقررة فلاحظ.

(3) اذ في هذه الصورة يكون موضوع الوجوب تاما فتجب.

(4) قد ظهر الوجه مما تقدم فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 510

[مسألة 98: يجوز للمالك أن يحبس ملكه علي جهة معينة يجوز الوقف عليها علي أن يصرف نماؤه فيها]

(مسألة 98): يجوز للمالك أن يحبس ملكه علي جهة معينة يجوز الوقف عليها علي أن يصرف نماؤه فيها (1) و لا يخرج بذلك عن ملكه (2) فان كان الحابس قد قصد القربة بحبسه و كان حبسه

______________________________

(1) الظاهر انه لا خلاف و لا اشكال في مشروعية الحبس في الجملة و انما الاختلاف في الخصوصيات و يدل علي مشروعيته من النصوص ما رواه ابن اذينة قال: كنت شاهدا عند ابن أبي ليلي و قضي في رجل جعل لبعض قرابته غلة داره و لم يوقت وقتا فمات الرجل فحضر ورثته ابن أبي ليلي و حضر قرابته الذي جعل له غلة الدار فقال ابن ابي ليلي أري ان ادعها علي ما تركها صاحبها فقال محمد بن مسلم الثقفي: اما ان علي بن ابي طالب عليه السلام قد قضي في هذا المسجد بخلاف ما قضيت فقال: و ما علمك؟ فقال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام يقول قضي علي عليه السلام برد الحبيس و انفاذ المواريث فقال: له ابن ابي ليلي هذا عندك في كتابك؟ قال: نعم

قال: فارسل و ائتني به فقال له محمد بن مسلم:

علي أن لا تنظر من الكتاب الا في ذلك الحديث قال: لك ذلك قال: فاحضر الكتاب واراه الحديث عن أبي جعفر عليه السلام في الكتاب فرد قضيته «1» فان المستفاد من هذه الرواية جواز الحبيس اجمالا.

(2) لعدم الدليل عليه و ان شئت قلت: الخروج عن الملك يتوقف علي قيام دليل عليه و لا دليل علي الخروج و اقوال الأصحاب و آرائهم مختلفة كما يظهر بالمراجعة في كلماتهم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من احكام السكني و الحبيس الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 511

مطلقا او مقيدا بالدوام لزم ما دامت العين و لم يجز له الرجوع فيه (1) و ان كان مقيدا بمدة معينة لم يجز له الرجوع قبل انقضاء المدة (2) و اذا انتهت المدة انتهي التحبيس فاذا قال فرسي محبس علي نقل الحجاج أو عبدي محبس علي خدمة العلماء لزمت ما دامت العين باقية و اذا جعل المدة عشر سنين مثلا لزم في العشر و انتهي بانقضائها (3).

[مسألة 99: ذكر جماعة كثيرة أنه لا يصح التحبيس إلا بعد القبض و لا يخلو من إشكال]

(مسألة 99): ذكر جماعة كثيرة انه لا يصح التحبيس الا بعد القبض و لا يخلو من اشكال بل الاظهر الصحة بدونه (4) و لكنه شرط في اللزوم فيجوز للمالك الرجوع فيه قبل القبض (5).

[مسألة 100: إذا حبس ملكه علي شخص فإن عين مدة كعشر سنين أو مدة حياة ذلك الشخص لزم الحبس في تلك المدة]

(مسألة 100): اذا حبس ملكه علي شخص فان عين مدة كعشر سنين أو مدة حياة ذلك الشخص لزم الحبس في تلك المدة (6) و بعدها

______________________________

(1) لعدم الدليل علي الجواز و بعبارة اخري بعد نفوذه شرعا يتوقف جواز الفسخ و الرجوع علي قيام الدليل عليه و ليس فليس.

(2) الكلام فيه هو الكلام.

(3) كما هو ظاهر فان انقضاء الوقت بانقضاء مقدار الجعل.

و يظهر من كلام الماتن ان عدم جواز الرجوع مقيد بقصد القربة و لقائل أن يقول: ان الحبس اذا لم يكن مقيدا بقصد القربة و يتحقق و لو مع عدمه لا يجوز الرجوع أيضا لعدم الدليل علي جوازه الا أن يكون الحكم اجماعيا و اللّه العالم

(4) اذ لا دليل علي الاشتراط.

(5) ان تم المدعي بالإجماع التعبدي الكاشف فهو و الا فللمناقشة فيه مجال.

(6) كما تقدم.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 512

يرجع الي الحابس (1) و اذا مات الحابس قبل انقضاء المدة بقي الحبس علي حاله الي أن تنتهي المدة فيرجع ميراثا (2) و اذا حبس عليه مدة حياة نفسه يعني الحابس لم يجز له الرجوع ما دام حيا فاذا مات رجع ميراثا (3) و اذا حبسه علي شخص و لم يذكر مدة معينة و لا مدة حياة نفسه و لا حياة المحبس عليه ففي لزومه الي موت الحابس و بعد موته يرجع ميراثا و جوازه فيجوز له الرجوع فيه متي شاء؟ قولان اقربهما الثاني (4).

[مسألة 101: يلحق بالحبس السكني و العمري و الرقبي]

(مسألة 101): يلحق بالحبس السكني و العمري و الرقبي (5).

______________________________

(1) علي طبق القاعدة اذ المفروض عدم الخروج عن ملك الحابس بل الصحيح أن يعبر بتمامية مدة الحبس و صيرورة العين طلقا اذ المفروض عدم الخروج فلا موضوع للرجوع.

(2) لا يبعد أن يستفاد

المدعي من حيث ابن اذينة فان المستفاد منه انه مع تعيين المدة يتعين فلا يزول بموت الحابس كما ان مقتضي صحة الحبس كذلك.

(3) كما هو ظاهر لأن المفروض انقضاء المدة.

(4) لا اري وجها لجواز الرجوع الا أن يقوم اجماع عليه و المفروض عدمه اذ صرح في المتن بأن المسألة ذات قولين.

و صفوة القول: انه مع الالتزام بالصحة يتوقف الجزم بالجواز علي قيام دليل عليه و الظاهر عدمه و اللّه العالم.

(5) قال في الحدائق: «ثم انه ينبغي أن يعلم ان الاختلاف في هذه الألفاظ اعتباري بحسب اختلاف ما تضاف و المرجع الي أمر واحد فاذا قرنت بالإسكان قيل سكني و اذا قرنت بالعمر من المالك أو الساكن قيل عمري و اذا قرنت بمدة معينة قيل رقبي» «1».

______________________________

(1) الحدائق ج 22 ص 275

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 513

و الاولي تختص بالمسكن و الاخيرتان تجريان فيه و في غيره من العقار و الحيوانات و الاثاث و نحوها مما لا يتحقق فيه الاسكان فان كان المجعول الاسكان قيل له (سكني) فان قيد بعمر المالك أو الساكن قيل له أيضا (عمري) و ان قيده بمدة معينة قيل له (رقبي) و اذا كان المجعول غير الاسكان كما في الاثاث و نحوه مما لا يتحقق فيه السكني لا يقال له سكني بل قيل (عمري) ان قيد بعمر احدهما و (رقبي) ان قيد بمدة معينة (1).

[مسألة 102: الظاهر أن القبض فيها ليس شرطا في الصحة]

(مسألة 102): الظاهر ان القبض فيها ليس شرطا في الصحة بل في اللزوم كما تقدم في الحبس (2).

______________________________

و علي هذا تكون النسبة بين كل من الرقبي و العمري و بين السكني عموما من وجه لأنه ان قرنت بالإسكان فقط يقال: سكني و لا يصدق عليها احد العنوانين

الاخرين و ان قرنت بالعمر تكون عمري و لا تكون سكني و ان قرنت بمدة تكون رقبي و لا تكون سكني و ان قرنت بالسكني و قرنت بالعمر أيضا أو قرنت بمدة تكون مصداقا للسكني و العمري أو مصداقا للسكني و الرقبي و أما النسبة بين الرقبي و العمري هو التباين اذ لا يجتمع التوقيت بالزمان مع التوقيت بالعمر و يمكن أن يقال: ان النسبة بين كل واحد من الثلاثة مع كل واحد من العنوانين الاخرين هو التباين بأن يقال: اذا قرنت السكني بالعمر أو المدة لا تصدق السكني و الأمر سهل.

(1) كما هو ظاهر فان السكني في غير المسكن لا موضوع لها و يظهر من كلمات الأصحاب ان مشروعية المذكورات اتفاقية عندهم و تدل علي المدعي و لو في الجملة جملة من النصوص التي ستمر عليك إن شاء اللّه تعالي اثناء البحث.

(2) قال في الحدائق: «لا خلاف في أنه لا يلزم شي ء منها قبل القبض» فان

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 514

[مسألة 103: إذا أسكنه مدة معينة كعشر سنين أو مدة عمر المالك أو مدة عمر الساكن لم يجز الرجوع قبل انقضاء المدة]

(مسألة 103): اذا أسكنه مدة معينة كعشر سنين او مدة عمر المالك أو مدة عمر الساكن لم يجز الرجوع قبل انقضاء المدة (1) فان انقضت المدة في الصور الثلاث رجع المسكن الي المالك أو ورثته (2).

______________________________

تم المدعي بالإجماع فهو و الا فللمناقشة فيه مجال فان الخيار بعد فرض الصحة يحتاج الي الدليل و يظهر من بعض الروايات جواز الرجوع في السكني اذا لم يعين وقتا منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قلت له رجل اسكن رجلا داره و لم يوقت قال: جائز و يخرجه اذا شاء «1».

و منها ما رواه احمد بن عمر الحلبي عن أبيه عن أبي

عبد اللّه عليه السلام قال و سألته عن الرجل يسكن رجلا و لم يوقت شيئا قال يخرجه صاحب الدار اذا شاء «2».

و منها: ما رواه ابو البختري عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام ان السكني بمنزلة العارية ان احب صاحبها أن يأخذها أخذها و ان أحب أن يدعها فعل أي ذلك شاء «3».

بل يظهر من حديث أبي البختري جواز الرجوع و كون السكني كالعارية في كونها جائزة و لكن الرواية ضعيفة بأبي البحتري.

(1) كما هو مقتضي القاعدة الاولية و لا دليل علي الجواز فتلزم.

(2) و هذا علي طبق القاعدة الأولية مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام ان امير المؤمنين عليه السلام قضي في العمري أنها جائزة لمن أعمرها فمن اعمر شيئا ما دام حيا فانه لورثته اذا

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب السكني و الحبيس الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 515

[مسألة 104: إذا قال له: أسكنتك هذه الدار لك و لعقبك لم يجز له الرجوع في هذه السكني ما دام الساكن موجودا أو عقبه]

(مسألة 104): اذا قال له: أسكنتك هذه الدار لك و لعقبك لم يجز له الرجوع في هذه السكني ما دام الساكن موجودا او عقبه (1) فاذا انقرض هو و عقبه رجعت الدار الي المالك (2).

[مسألة 105: إذا قال له: أسكنتك هذه الدار مدة عمري فمات الساكن في حال حياة المالك]

(مسألة 105): اذا قال له: اسكنتك هذه الدار مدة عمري فمات الساكن في حال حياة المالك فان كان المقصود السكني بنفسه و توابعه كما يقتضيه اطلاق السكني انتقلت السكني بموته الي المالك قبل

______________________________

توفي «1».

و لاحظ ما رواه ابو الصباح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سئل عن السكني و العمري فقال: ان كان جعل السكني في حياته فهو كما شرط و ان كان جعلها له و لعقبه بعده حتي يفني عقبه فليس لهم أن يبيعوا و لا يورثوا حتي ترجع الدار الي صاحبها الاول «2».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يسكن الرجل داره قال:

يجوز و سألته عن الرجل يسكن الرجل داره و لعقبه من بعده قال يجوز و ليس لهم أن يبيعوا و لا يورثوا قلت فرجل أسكن داره حياته قال يجوز ذلك «3».

(1) كما هو مقتضي صحة السكني و يدل علي المدعي ما رواه الحلبي و يدل علي المدعي أيضا ما رواه أبو الصباح «4».

(2) اذ المفروض انه ملكه فلا بد من رجوعه اليه بل صرح بالرجوع اليه في حديث الكناني.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من ابواب السكني و الحبيس الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 3 من ابواب السكني و الحبيس الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 516

وفاته علي اشكال (1) و ان كان المقصود تمليك السكني له انتقلت السكني الي وارثه ما دام المالك حيا فاذا مات

انتقلت من ورثة الساكن الي ورثة المالك (2) و كذا الحكم لو عين مدة معينة فمات الساكن في اثنائها (3).

______________________________

(1) لم يظهر لي وجه الاشكال اذ المفروض ان المالك جعل السكني لمن جعل له و لتوابعه ما دام حياته فلا وجه لبقاء السكني بعد وفاته و بعبارة اخري يلزم الخلف فمقتضي القاعدة انتقال المنفعة بعد وفاته الي المالك و يدل علي المدعي بعض النصوص و هو ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن حمران قال: سألته عن السكني و العمري فقال: الناس فيه عند شروطهم ان كان شرط حياته فهي حياته و ان كان لعقبه فهو لعقبه كما شرط حتي يفنوا ثم يرد الي صاحب الدار «1».

(2) بناء علي صحة هذا النحو من السكني يتم ما أفاده في المتن و ربما يقال انه يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه حسن بن نعيم عن أبي الحسن موسي بن جعفر عليهما السلام قال: سألته عن رجل جعل سكني داره لرجل ايام حياته أو له و لعقبه من بعده قال هي له و لعقبه كما شرط «2».

و لكن يرد عليه: ان المستفاد من الحديث انه يجعل له السكني ايام حياته و السكني بهذا القيد لا يعقل ان تورث و بعبارة اخري: المنفعة المفروضة يقيده بحياته فلا تكون قابلة للإرث و يدل علي المدعي أيضا قوله في السؤال: «اوله و لعقبه» و كيف يمكن الجمع بين الانتقال بالارث و جعل الوارث مالكا بالاستقلال.

و الظاهر انه لا يمكن اثبات ما ادعاه في المتن بالنصوص الواردة في المقام و اللّه العالم.

(3) الكلام فيه هو الكلام.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب السكني و الحبيس الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني

منهاج الصالحين، ج 9، ص: 517

[مسألة 106: إذا جعل السكني له مدة حياته]

(مسألة 106): اذا جعل السكني له مدة حياته كما اذا قال له:

اسكنتك هذه الدار مدة حياتك، فمات المالك قبل الساكن لم يجز لورثة المالك منع الساكن بل تبقي السكني علي حالها الي أن يموت الساكن (1).

[مسألة 107: اذا جعل له السكني و لم يذكر له مدة و لا عمر أحدهما صح]

(مسألة 107): اذا جعل له السكني و لم يذكر له مدة و لا عمر احدهما صح (2) و لزم بالقبض (3) و وجب علي المالك اسكانه وقتا ما و جاز له الرجوع بعد ذلك اي وقت شاء (4) و لا يجري ذلك في الرقبي

______________________________

(1) فانه مقتضي القاعدة اذ لا وجه للانقضاء قبل موت من جعلت له السكني فان المالك له أن يتصرف في ماله كيف ما شاء فالمقام كالعين المستأجرة مدة اذا مات المؤجر قبل تمام مدة الاجارة مضافا الي النص الخاص الدال علي المدعي لاحظ ما رواه حسين بن نعيم «1».

(2) بلا اشكال و لا كلام نصا و فتوي.

(3) قد مر الكلام من حيث ان اللزوم هل يتوقف علي القبض أم لا؟.

(4) لا يبعد أن يكون الماتن ناظرا فيما أفاده الي حديث الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: قلت له رجل اسكن رجلا داره و لم يوقت قال: جائز و يخرجه اذا شاء «2».

و حديث احمد بن عمر الحلبي عن ابيه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

و سألته عن الرجل يسكن رجلا و لم يوقت شيئا قال: يخرجه صاحب الدار اذا شاء 3.

______________________________

(1) لاحظ ص: 516

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 4 من ابواب السكني و الحبيس الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 518

و العمري لاختصاص الاول بالمدة المعينة و الثانية بمدة عمر احدهما و المفروض انتفاء ذلك كله (1).

[مسألة 108: إطلاق السكني كما تقدم يقتضي أن يسكن هو و أهله و سائر توابعه من أولاده و خدمه و عبيده و ضيوفه]

(مسألة 108): اطلاق السكني كما تقدم يقتضي أن يسكن هو و اهله و سائر توابعه من اولاده و خدمه و عبيده و ضيوفه بل دوابه ان كان فيها موضع معد لذلك و له اقتناء ما جرت العادة

فيه لمثله من غلة و أوان و امتعة و المدار علي ما جرت به العادة من توابعه (2) و ليس له

______________________________

بتقريب ان المستفاد من الحديثين جواز الاخراج فيجب الاسكان وقتا ما و لا يجوز الرجوع قبل الاسكان و يظهر من الجواهر توقف السكني علي مسمي الاسكان حيث يقول في جملة كلام له في المقام «علي أن الظاهر لزومها في الفرض أيضا بالنسبة الي مسمي الإسكان» «1» الي آخر كلامه.

و يرد عليه ان الماتن يري الامور الثلاثة من العقود و يصرح به في مسألة 109 فلو عقد علي الاسكان و لم يسكن المجعول له في الدار مثلا و قد انقضي شهر أو شهر ان أو ثلاثة اشهر فهل يكون للمسكن حق الرجوع أم لا؟ الظاهر انه لا اشكال في أن له الخيار فالاسكان الخارجي ليس مقوما للخيار و عليه لا يبعد أن المستفاد من الحديثين ثبوت الخيار للمسكن في الصورة المفروضة في الحديثين و التعبير بقوله عليه السلام «يخرجه اذا شاء» من باب العادة الخارجية فان الاسكان بحسب الطبع يستلزم السكونة لا بلحاظ توقف الخيار عليها كي يقال: يجب اسكانه وقتا ما كما في المتن و اللّه العالم.

(1) لعدم الدليل و اختصاصه بالسكني فلاحظ.

(2) و العرف ببابك فانه مع فرض العادة الخارجية لا مجال لإنكار الاطلاق و ان

______________________________

(1) الجواهر ج 28 ص: 133

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 519

اجارته و لا اعارته لغيره (1) فلو آجره ففي صحة الاجارة باجازة المالك و كون الاجرة له حينئذ اشكال (2).

[مسألة 109: الظاهر أن (السكني) و (العمري) و (الرقبي) من العقود المحتاجة في وجودها الاعتباري إلي إيجاب و قبول]

(مسألة 109): الظاهر ان (السكني) و (العمري) و (الرقبي) من العقود المحتاجة في وجودها الاعتباري الي ايجاب و قبول (3).

و يعتبر فيها ما يعتبر في العقود كما يعتبر في

المتعاقدين هنا ما يعتبر في

______________________________

شئت قلت: ان التعارف الخارجي قرينة للظهور الاطلاقي المدعي في المقام.

(1) لعدم ما يقتضي الجواز فان المفروض انه تصرف في مملوك الغير بلا اذنه.

(2) لا يبعد أن يكون وجه الاشكال ان السكني لمن جعلت له فكيف يجوز اجارة المكان للغير و تمليك منفعته منه و اللّه العالم.

(3) قال في الجواهر: «و هي عقد بالمعني الاعم الشامل للمعاطاة بناء علي علي مشروعيتها يفتقر في الصحة الي معني الايجاب و القبول و لو فعلا بلا خلاف و لا اشكال» انتهي فان تم اجماع تعبدي كاشف فهو و الا يشكل الجزم بالمدعي لعدم دليل عليه في نصوص الباب بل مقتضي اطلاقها عدم اشتراط القبول فيها لاحظ ما رواه الحلبي «1» فان مقتضي اطلاق هذه الرواية كفاية الايجاب و في الحدائق ما حاصله: انه لا دليل علي المدعي و المستفاد من النصوص الواردة في المقام كفاية مجرد رضي من تجعل له السكني و اما اشتراط العقد به فلا.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 9، ص: 519

و ما أفاده يؤيد ما ذكرناه و مع وجود اطلاق النصوص لا مجال لأن يقال ان مقتضي الاصل عدم انتقال شي ء في ملك الغير و القدر المعلوم صورة تحقق العقد.

______________________________

(1) لاحظ ص: 517

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 520

المتعاقدين في غيره و قد تقدم ذلك في كتاب البيع (1) و أما الحبس فالظاهر اعتبار القبول فيه في الحبس علي الشخص (2) و عدم اعتباره في الحبس علي الصرف في جهة معينه (3).

[مسألة 110: الظاهر جواز بيع المحبس قبل انتهاء أجل التحبيس]

(مسألة 110): الظاهر جواز بيع المحبس قبل انتهاء اجل التحبيس (4) فتنتقل العين

الي المشتري علي النحو الذي كانت عليه عند البائع (5) فيكون للمحبس عليهم الانتفاع بالعين حسب ما يقتضيه التحبيس (6) و يجوز للمشتري المصالحة معهم علي نحو لا تجوز لهم مزاحمته في الانتفاع بالعين مدة التحبيس بأن يعطيهم مالا علي أن لا ينتفعوا بالعين (7) أما المصالحة معهم علي اسقاط حق الانتفاع بها أو المعاوضة معهم علي حق الانتفاع بها ففيه اشكال (8.

______________________________

(1) اذ بعد فرض توقفها علي العقد لا بد من الالتزام باشتراط ما يشترط في العقد لوحدة حكم الامثال.

(2) الكلام فيه هو الكلام فاشتراطه بالعقد من باب الاجماع.

(3) لعدم الدليل علي الاشتراط.

(4) اذ المفروض ان العين باقية في ملك مالكها فلا مانع من بيعها.

(5) كما ان الأمر كذلك في بيع العين المستأجرة.

(6) كما ان الأمر كذلك في المستأجر و كلاهما من واد واحد و لا فرق بين المقامين من هذه الجهة.

(7) لجواز الصلح بلا كلام.

(8) اما الاول فلعدم دليل علي جواز الاسقاط شرعا و بعبارة اخري: لا دليل علي جواز اسقاط الحق المذكور.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 521

[الباب الثاني في الصدقة]

اشارة

الباب الثاني في الصدقة التي تواتر الروايات في الحث عليها و الترغيب فيها (1) و قد ورد أنها دواء المريض (2) و بها يدفع البلاء (3).

______________________________

و أما الثاني فايضا لعدم دليل علي صحة المعاوضة عليه و ان شئت قلت: ان المصالحة عليه تتوقف علي جواز نقل حق الانتفاع و الحال ان مشروعيته اول الكلام.

(1) كما يظهر لمن يراجع مظانها.

(2) لاحظ حديث عبد اللّه بن سنان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: داووا مرضاكم بالصدقة و ادفعوا البلاء بالدعاء و استنزلوا الرزق بالصدقة فانها تفك من بين لحي سبعمائة شيطان «1».

و حديث معاذ بن مسلم

قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فذكروا الوجع فقال: داووا مرضاكم بالصدقة و ما علي أحدكم أن يتصدق بقوت يومه ان ملك الموت يدفع اليه الصك يقبض روح العبد فيتصدق فيقال له: رد عليه الصك 2

(3) لاحظ ما رواه السكوني عن جعفر عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ان اللّه لا إله الا هو ليدفع بالصدقة الداء و الدبيلة و الحرق و الغرق و الهدم و الجنون و عد سبعين بابا من السوء 3.

و لاحظ ما رواه أبو ولاد قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول بكروا بالصدقة و ارغبوا فيها فما من مؤمن يتصدق بصدقة يريد بها ما عند اللّه ليدفع اللّه بها عنه شر ما ينزل من السماء الي الأرض في ذلك اليوم الا وقاه اللّه شر ما ينزل من السماء الي الأرض في ذلك اليوم 4.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 3 من ابواب الصدقة الحديث: 1 و 2

(2) (3) الوسائل الباب 9 من ابواب الصدقة الحديث: 1

(3) (4) الوسائل الباب 8 من ابواب الصدقة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 522

و قد ابرم ابراما (1) و بها يستنزل الرزق (2) و أنها تقع في يد الرب قبل ان تقع في يد العبد (3) و انها تخلف البركة (4) و بها يقضي الدين (5) و أنها تزيد في المال (6).

______________________________

(1) لاحظ وصية النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم لعلي عليه السلام قال: يا علي الصدقة ترد القضاء الذي قد ابرم ابراما، يا علي صلة الرحم تزيد في العمر يا علي لا صدقة و ذو رحم محتاج يا علي لا خير

في القول الا مع الفعل و لا في الصدقة الا مع النية «1».

(2) لاحظ ما رواه زرارة عن الصادق عليه السلام في حديث قال: استنزلوا الرزق بالصدقة من ايقن بالخلف جاد بالعطية ان اللّه ينزل المعونة علي قدر المئونة «2».

(3) لاحظ ما رواه ابن سنان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ليس شي ء أثقل علي الشيطان من الصدقة علي المؤمن و هي تقع في يد الرب تبارك و تعالي قبل أن تقع في يد العبد «3».

(4) لاحظ ما رواه غياث بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان الصدقة تقضي الدين و تخلف بالبركة «4».

(5) لاحظ ما رواه غياث بن ابراهيم المتقدم.

(6) لاحظ ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: تصدقوا فان الصدقة تزيد في المال كثرة فتصدقوا رحمكم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الصدقة الحديث: 11

(3) الوسائل الباب 18 من أبواب الصدقة الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 1 من ابواب الصدقة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 523

و أنها تدفع ميتة السوء (1) و الداء و الدبيلة و الحرق و الغرق و الجذام و الجنون الي ان عد سبعين بابا من السوء (2) و يستحب التبكير بها (3) يدفع

______________________________

اللّه «1».

(1) لاحظ ما رواه سالم بن مكرم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال مر يهودي الي أن قال فقال النبي صلي اللّه عليه و آله: ان هذا اليهودي يعضه اسود في قفاه فيقتله قال: فذهب اليهودي فاحتطب حطبا كثيرا فاحتمله ثم لم يلبث أن انصرف فقال له رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ضعه فوضع الحطب

فاذا أسود في جوف الحطب عاض علي عود فقال يا يهودي أي شي ء عملت اليوم؟ فقال ما عملت عملا الا حطبي هذا احتملته فجئت به و كان معي كعكتان فأكلت واحدة و تصدقت بواحدة علي مسكين فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بها دفع اللّه عنه و قال:

ان الصدقة تدفع الميتة السوء عن الانسان «2».

(2) لاحظ ما رواه السكوني عن جعفر عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ان اللّه لا إله الا هو ليدفع بالصدقة الداء و الدبيلة و الحرق و الغرق و الهدم و الجنون وعد سبعين بابا من السوء «3» و قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: ان اللّه لا إله الا هو ليدفع بالصدقة الداء و الدبيلة و الحرق و الغرق و الهدم و الجنون وعد عليه السلام سبعين بابا من الشر «4».

(3) لاحظ ما رواه النخعي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: بكروا بالصدقة فان البلاء لا يتخطاها «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 9 من ابواب الصدقة الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 9 من ابواب الصدقة الحديث: 1

(4) من لا يحضره الفقيه ج 2 ص 38 حديث: 7

(5) الوسائل الباب 8 من ابواب الصدقة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 524

شر ذلك اليوم (1) و في اول الليل يدفع بها شر الليل (2).

[مسألة 111: المشهور كون الصدقة من العقود فيعتبر فيها الإيجاب و القبول]

(مسألة 111): المشهور كون الصدقة من العقود فيعتبر فيها الايجاب و القبول (3) و لكن الاظهر كونها الاحسان بالمال علي وجه القربة فان كان الاحسان بالتمليك احتاج الي ايجاب و قبول و ان كان

بالابراء كفي الايجاب بمثل ابرأت ذمتك و ان كان بالبذل كفي الاذن

______________________________

(1) لاحظ ما رواه مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من تصدق بالصدقة حين يصبح أذهب اللّه عنه نحس ذلك اليوم «1».

(2) لاحظ ما ارسله الصدوق قال: و قال يعني الصادق عليه السلام باكروا بالصدقة فان البلايا لا تتخطاها و من تصدق بالصدقة اول النهار دفع اللّه عنه شر ما ينزل من السماء في ذلك اليوم فان تصدق اول الليل دفع اللّه عنه شر ما ينزل من السماء في تلك الليلة 2.

(3) قال في الجواهر: «و علي كل حال فهي عقد يفتقر الي ايجاب و قبول بلا خلاف محقق اجده فيه بل عن ظاهر المبسوط و فقه الراوندي و الغنية و الكفاية و المفاتيح الاجماع عليه بل صريح بعض و ظاهر آخر اعتبار ما يعتبر في العقد اللازم فيها» الخ 3.

مضافا الي أنها قسم من التمليك و لا فرق بينها و بين الهبة الا بأن الصدقة مشروطة بقصد القربة بخلاف الهبة فلا اشكال في كون الصدقة من العقود و يعتبر في عقدها ما يعتبر في سائر العقود.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 8 من ابواب الصدقة الحديث: 2 و 5

(2) (3) الجواهر ج 28 ص: 124

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 525

في التصرف و هكذا فيختلف حكمها من هذه الجهة باختلاف مواردها (1).

______________________________

(1) قال في الجواهر: «يبقي شي ء و هو احتمال دعوي اعمية الصدقة من العقد ضرورة صدقها علي الابراء المتقرب به و الوقف كذلك بل و علي بذل الطعام و الماء و نحوهما للفقراء و المساكين مثلا و ان لم يكن علي جهة معني العقدية الذي هو قصد الارتباط

بالايجاب و القبول و لقد كان علي بن الحسين عليه السلام يتصدق علي الفقير» الخ.

و الذي يختلج بالبال في هذه العجالة ان الامور المذكورة في المتن لا تكون داخلة في الصدقة و لا تكون محكومة بأحكامها و لا دلالة فيما نقل عن علي بن الحسين علي المدعي لاحظ ما رواه ابن حمران عن ابيه عن أبي جعفر عليه السلام ان علي بن الحسين عليه السلام كان يخرج في الليلة الظلماء فيحمل الجراب علي ظهره و فيه الصرر من الدنانير و الدراهم و ربما حمل علي ظهره الطعام أو الحطب حتي يأتي بابا بابا فيقرع ثم يناول من يخرج اليه و كان يغطي وجهه اذا ناول فقيرا لئلا يعرفه فلما توفي فقدوا ذلك فعلموا أنه كان علي بن الحسين و لما وضع علي المغتسل نظروا الي ظهره و عليه مثل ركب الابل مما كان يحمل علي ظهره الي منازل الفقراء و المساكين الخ «1».

فان المستفاد من هذه الرواية و امثالها انه عليه السلام كان يحسن الي الفقراء و المساكين و يستفاد من هذه الرواية المشار اليها انه عليه السلام كان يعطي في حال كون وجهه مغطي للمساكين و لا دلالة في الرواية ان مجرد الاحسان و لو مع قصد القربة داخل في الصدقة و محكوم بأحكامها و لعل الماتن ناظر الي وجه و مدرك موجه عنده و علي الجملة لا دليل علي هذا المدعي و هو ان مجرد الاحسان مع قصد القربة داخل في الصدقة نعم ريما يستعمل عنوان الصدقة في بعض الموارد كقولهم

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من ابواب الصدقة الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 526

[مسألة 112: المشهور اعتبار القبض فيها مطلقا]

(مسألة 112): المشهور اعتبار القبض فيها مطلقا و لكن

الظاهر انه لا يعتبر فيها كلية (1) و انما يعتبر فيها اذا كان العنوان المنطبق عليه مما يتوقف علي القبض فاذا كان التصدق بالهبة او بالوقف اعتبر القبض و اذا كان التصدق بالابراء او البذل لم يعتبر و هكذا (2).

[مسألة 113: يعتبر في الصدقة القربة]

(مسألة 113): يعتبر في الصدقة القربة (3) فاذا وهب او أبرأ او وقف

______________________________

«عون الضعيف من افضل الصدقة» و لكن الاستعمال أعم من الحقيقة و باب المجاز واسع و اللّه العالم.

(1) قد ظهر مما تقدم ان كون مطلق الاحسان بالمال مع قصد القربة داخلا في الصدقة اول الكلام و الاشكال فلو بذل شخص مقدارا من الاموال للفقراء و المساكين بقصد القربة و لكن لم يعرض عن مملوكه هل يمكن الجزم بعدم امكان الرجوع فيه و اما اذا أعرض عن مملوكه و قلنا ان الاعراض يوجب الخروج عن الملك فهل يمكن أن يقال: انه مصداق للصدقة بحيث لا يجوز الرجوع فيه من قبل مالكه؟

و أيضا لا يجوز التصرف فيه لمن لا يكون فقيرا و بعبارة اخري: اي دليل دل علي خروجه عن ملكه بعد الاعراض و اختصاصه بناحية خاصة و علي فرض الالتزام بما ذكر لا فرق بين أن يكون الصادر منه بقصد القربة و بين أن لا يكون كذلك فلاحظ.

(2) بلا خلاف اجده فيه كما اعترف به غير واحد- هكذا في الجواهر- و الحق أن يقال: انه اذا كانت الصدقة بعنوان الهبة فلا اشكال في توقفها علي القبض و أما الوقف فقد مر الكلام فيه سابقا و أما التصدق بنحو آخر فقد مر الاشكال فيه.

(3) بلا خلاف اجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه- هكذا في الجواهر- و تدل علي المدعي النصوص منها ما رواه حماد عن

أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا صدقة

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 527

بلا قصد القربة كان هبة و ابراء و وقفا و لا يكون صدقه (1).

[مسألة 114: تحل صدقة الهاشمي علي الهاشمي و علي غيره حتي زكاة المال و زكاة الفطرة]

(مسألة 114): تحل صدقة الهاشمي علي الهاشمي و علي غيره حتي زكاة المال و زكاة الفطرة و أما صدقة غير الهاشمي فان كانت زكاة المال او زكاة الفطرة فهي حرام (2) و لا تحل للمتصدق عليه (3) و لا تفرغ ذمة المتصدق بها عنها (4) و ان كانت غيرهما فالاقوي جوازها سواء كانت واجبة كرد المظالم و الكفارات و فدية الصوم أم مندوبة (5) الا اذا كانت من قبيل ما يتعارف من دفع المال القليل لدفع البلاء و نحو ذلك مما كان من مراسم الذل و الهوان ففي جواز مثل ذلك اشكال (6).

[مسألة 115: لا يجوز الرجوع في الصدقة اذا كانت هبة مقبوضة]

(مسألة 115): لا يجوز الرجوع في الصدقة اذا كانت هبة

______________________________

و لا عتق الا ما اريد به وجه اللّه عز و جل «1».

(1) اذ بعد فرض كون الصدقة متقومة بقصد القربة لا يمكن تحققها بدون قصد القربة.

(2) كما تقدم الكلام حول هذه الجهة في كتاب الزكاة.

(3) اذ التمليك بهذا العنوان و حيث انه وقع في غير محله لا مجال للحلية.

(4) كما هو ظاهر فان المقيد ينتفي بانتفاء قيده و ان شئت قلت: الاجزاء يحتاج الي الدليل و المفروض عدم الدليل فلا وجه للفراغ.

(5) لعدم الدليل علي الاشتراط و مقتضي الاطلاقات هو الجواز.

(6) ما أفاده من العناوين الثانوية و لا بد من ملاحظته في كل مورد.

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب الوقوف و الصدقات الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 528

مقبوضة (1) و ان كانت لا جنبي علي الأصحّ (2).

[مسألة 116: تجوز الصدقة المندوبة علي الغني و المخالف]

(مسألة 116): تجوز الصدقة المندوبة علي الغني و المخالف (3) و الكافر الذمي (4).

______________________________

(1) ادعي عليه الاجماع و تدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه ابن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتصدق بالصدقة ثم يعود في صدقته فقال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله انما مثل الذي يتصدق بالصدقة ثم يعود فيها مثل الذي يقيئ ثم يعود في قيئه «1».

(2) للإطلاق فلاحظ.

(3) للإطلاق و عدم التقييد لاحظ ما رواه غياث ابن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان الصدقة تقضي الدين و تخلف بالبركة «2».

(4) قال في الحدائق: «قد صرح جملة من الاصحاب بأنه تجوز الصدقة علي الذمي و ان كان اجنبيا» «3» انتهي موضع الحاجة من كلامه رفع في علو مقامه و يمكن الاستدلال علي المدعي

بقوله تعالي لٰا يَنْهٰاكُمُ اللّٰهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقٰاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَ لَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيٰارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَ تُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ «4» فان المستفاد من الاية الشريفة جواز الاحسان الي اهل الذمة.

و يمكن الاستدلال بما رواه سدير الصير في قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام اطعم سائلا لا أعرفه مسلما؟ قال: نعم اعط من لا تعرفه بولاية و لا عداوة للحق ان اللّه عز و جل يقول: و قولوا للناس حسنا و لا تطعم من نصب لشي ء من الحق أو

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب الوقوف و الصدقات الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب الصدقة الحديث: 1

(3) الحدائق ج 22 ص: 271

(4) الممتحنة/ 8

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 529

[مسألة 117: الصدقة المندوبة سرا افضل]

(مسألة 117): الصدقة المندوبة سرا افضل (1) الا اذا كان الاجهار بها بقصد رفع التهمة او الترغيب او نحو ذلك مما يتوقف علي الاجهار (2) أما الصدقة الواجبة ففي بعض الروايات ان الافضل اظهارها (3) و قيل

______________________________

دعا الي شي ء من الباطل «1».

و بحديث محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه قال: قال ابو جعفر عليه السلام:

أعط السائل و لو كان علي ظهر فرس «2».

و بحديثه الاخر قال: قال أبو جعفر عليه السلام لو يعلم المعطي ما في العطية ما رد أحد احدا 3.

و برواية السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: لا تقطعوا علي السائل مسألته فلو لا ان المساكين يكذبون ما أفلح من ردهم 4.

(1) تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال صدقة العلانية تدفع سبعين نوعا من أنواع البلاء و صدقة

السر تطفي غضب الرب 5.

(2) فان العناوين الثانوية تغير الاحكام.

(3) لاحظ ما رواه أبو بصير يعني ليث بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوله تعالي: «إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ الْمَسٰاكِينِ» (الي أن قال) و كلما فرض اللّه عليك فاعلانه افضل من اسراره و كلما كان تطوعا فاسراره افضل من

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من ابواب الصدقة الحديث: 3

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 22 من ابواب الصدقة الحديث: 1 و 2

(3) (4) الوسائل الباب 22 من ابواب الصدقة الحديث: 3

(4) (5) الوسائل الباب 13 من ابواب الصدقة الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 530

الافضل الاسرار بها (1) و الاظهر اختلاف الحكم باختلاف الموارد في الجهات المقتضية للإسرار و الاجهار (2).

[مسألة 118: التوسعة علي العيال أفضل من الصدقة علي غيرهم]

(مسألة 118): التوسعة علي العيال أفضل من الصدقة علي غيرهم (3) و الصدقة علي القريب المحتاج أفضل من الصدقة علي غيره (4).

______________________________

اعلانه، و لو ان رجلا يحمل زكاة ماله علي عاتقه فقسمها علانية كان ذلك حسنا جميلا «1» و السند ضعيف بابن يحيي.

(1) قال في الجواهر: «نعم في الدروس و غيرها تخصيص ذلك للمندوبة و أما الواجبة فالأفضل اظهارها» الي أن قال: «لكن المصنف و غيره اطلقوا افضلية السر و هو لا يخلو عن وجه و الأمر سهل» الخ «2».

(2) لعدم الدليل المعتبر علي احد الطرفين فيختلف الحكم باختلاف الموارد و لا يبعد أن يستفاد من بعض النصوص الاختلاف بين الزكاة و غيرها لاحظ ما رواه ابن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل «وَ إِنْ تُخْفُوهٰا وَ تُؤْتُوهَا الْفُقَرٰاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ» فقال: هي سوي الزكاة ان الزكاة علانية غير سر «3» فلا بأس بالتفصيل بين

الزكاة و غيرها و اللّه العالم.

(3) لاحظ ما رواه عبد الأعلي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: كل معروف صدقة و افضل الصدقة عن ظهر غني و ابدء بمن تعول و اليد العليا خير من اليد السفلي و لا يلوم اللّه علي الكفاف «4».

(4) لاحظ ما ارسله الصدوق قال: قال عليه السلام: لا صدقة و ذو رحم

______________________________

(1) الوسائل الباب 54 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 1

(2) الجواهر ج 28 ص: 130- 131

(3) الوسائل الباب 54 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 42 من ابواب الصدقة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 531

و افضل منها الصدقة علي الرحم الكاشح يعني المعادي (1) و يستحب التوسط في ايصالها الي المسكين ففي الخبر لو جري المعروف علي ثمانين كفا لأجروا كلهم من غير ان ينقص صاحبه من اجره شيئا و اللّه سبحانه العالم الموفق (2).

[كتاب النكاح]

اشارة

كتاب النكاح و فيه فصول

[الفصل الأول النكاح ثلاثة دائم و منقطع و ملك يمين]

اشارة

الفصل الاول النكاح ثلاثة دائم و منقطع و ملك يمين (3) و يفتقر الاول الي العقد

______________________________

محتاج «1».

(1) لاحظ ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه قال: سئل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أي الصدقة أفضل؟ قال: علي ذي الرحم الكاشح «2».

(2) لاحظ ما رواه أبو نهشل مرسلا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لو جري المعروف علي ثمانين كفا لأجروا كلهم من غير أن ينقص صاحبه من اجره شيئا «3».

و الحمد للّه اولا و آخرا و ظاهرا و باطنا قد وقع الفراغ من كتابة شرح كتاب الوقف و الصدقات في يوم الاربعاء غرة شهر ربيع الثاني من سنة 1410 بعد الهجرة علي مهاجرها و آله آلاف التحية و الثناء.

(3) قد يراد من النكاح الوطي، قال في الحدائق: «لا اشكال و لا خلاف في أن لفظ النكاح قد يطلق و يراد به الوطي و قد يطلق و يراد به العقد خاصة في كل

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من ابواب الصدقة الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 20 من ابواب الصدقة الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 26 من ابواب الصدقة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 532

و هو الايجاب و القبول (1).

______________________________

من عرفي الشرع و اللغة و ظاهر كلام الجوهري ان استعماله في الوطء اكثر» «1» انتهي.

و قد عقد صاحب الوسائل بابا سماه باب ان النكاح الحلال ثلاثة اقسام: دائم و منقطع و ملك يمين عينا و منفعة «2».

(1) قال في الحدائق: «اجمع العلماء من الخاصة و العامة علي توقف النكاح علي الايجاب و القبول اللفظيين «3» انتهي.

و عن الشيخ الاعظم قدس سره انه اجمع علماء الإسلام- كما صرح به غير واحد- علي

اعتبار اصل الصيغة في عقد النكاح لا يباح بالاباحة و لا المعاطاة الخ

و يمكن الاستدلال علي المدعي بعدة روايات منها رواية ابان بن تغلب قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام كيف اقول لها اذا خلوت بها؟ قال: تقول: أتزوجك متعة علي كتاب اللّه و سنة نبيه لا وارثة و لا مورثة كذا و كذا يوما، و ان شئت كذا و كذا سنة بكذا و كذا درهما و تسمي من الاجر «من الأجل يب» ما تراضيتما عليه قليلا كان أو كثيرا، فاذا قالت: نعم فقد رضيت و هي امراتك و أنت أولي الناس بها الحديث «4» و غيرها من الروايات الواردة في الباب 18 من أبواب المتعة من الوسائل.

و للاستدلال بهذه النصوص علي المدعي تقريبات احدها: مفروغية اشتراط القول في تحقق المتعة و انه لا بد من إنشائها باللفظ فانه يستفاد من بعض تلك الروايات ان هذا امر مفروغ عنه عند السائل و انما يسئل الامام روحي فداه عن

______________________________

(1) الحدائق ج 23 ص: 18

(2) الوسائل الباب 35 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه

(3) الحدائق: ج- 23 ص: 156

(4) الوسائل الباب 18 من ابواب المتعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 533

بلفظ الماضي (1).

______________________________

الكيفية لاحظ الحديث الاول و السادس من الباب.

ثانيها: قوله روحي فداه في ذيل الحديث الاول من الباب (فاذا قالت نعم فقد رضيت و هي امرأتك) فان المستفاد من هذه الجملة بمقتضي مفهوم الشرط انه لا تتحقق الزوجية و لا تحل الا بقولها نعم.

ثالثها: ان المستفاد من تلك النصوص ان نكاح المتعة يشترط في تحققه اللفظ في مقام الانشاء فانه عليه السلام في جميع تلك النصوص يأمر بالاتيان باللفظ في مقام الانشاء.

و يمكن الاستدلال علي

المدعي بما رواه بريد قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول اللّه عز و جل «وَ أَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثٰاقاً غَلِيظاً» فقال: الميثاق هو الكلمة التي عقد بها النكاح، و أما قوله: «غليظا» فهو ماء الرجل يفيضه اليها «1»، فان المستفاد من الرواية ببركة تفسيره روحي فداه ان النكاح يتقوم بالقبول فلاحظ.

(1) كما ذهب اليه المشهور علي ما في كلام بعض الاصحاب و ذكرت في تقريب دليله امور:

الأمر الاول: انه القدر المتيقن و فيه اولا ان هذا المقدار لا يكون مانعا عن الاخذ باطلاق دليل النكاح و الا يلزم انهدام الاطلاق في جميع الادلة اذ في كل مورد يكون المتيقن متصورا و ثانيا يكفي للدلالة علي العموم مضافا الي الاطلاق النصوص الواردة في باب المتعة «2» فان المذكور فيها غير الماضي.

الامر الثاني: ان الماضي صريح في الانشاء و فيه انه لا فرق بين الماضي

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب أولياء العقد الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 532

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 534

علي الاحوط استحبابا كزوجت و انكحت و قبلت (1) و تجزي ترجمتها بشرط العجز عن العربية علي الاحوط وجوبا (2).

______________________________

و المضارع من هذه الجهة و ان الجملة الخبرية ماضوية كانت أو مضارعية ظاهرة في الاخبار فلو قامت قرينة علي ارادة الانشاء من الصيغة ترفع اليد عن الظهور الاولي بلا فرق بين الماضي و المضارع و احتمال الوعد في المضارع مدفوع بالقرينة مضافا الي انه يكفي في تحقق الانشاء الظهور و لا يحتاج الي الصراحة اضف الي ذلك كله النصوص المشار اليها آنفا فلا مجال لهذه التقاريب اذ لا فرق بين الدوام و الانقطاع من هذه الجهة عرفا و حيث لا تشترط الماضوية في ايجاب المتعة

لا يشترط في الدائم.

الامر الثالث ان التعدي من الماضي الي المضارع يوجب الانتشار و عدم وقوع الصيغة علي قاعدة معينة و فيه انه لا مانع من الانتشار اذا كان علي طبق القواعد المقررة.

و صفوة القول: انه بعد فرض الاطلاق مضافا الي النصوص الخاصة الواردة في باب المتعة لا يبقي مجال للإشكال فلاحظ.

(1) خروجا عن شبهة الخلاف.

(2) في المقام فرعان: الاول انه هل يجوز الانشاء بغير العربية مع امكانها؟

ربما يقال بالاشتراط بل هو المعروف عندهم و ما استدل عليه أو يمكن الاستدلال به وجوه:

احدها: انه لا يصدق العقد علي غير العربية و فيه ان العقد امر قلبي و اللفظ او الفعل مبرز لذلك الأمر القلبي فلا مجال لهذا الاستدلال و الحاصل ان العقد عبارة عن ارتباط احد الاعتبارين بالاخر و لا فرق في تحققه بين أن يكون المبرز لفظا أو فعلا و علي تقدير كونه لفظا عربيا كان أو غيره مضافا الي أنه لو سلم عدم صدق

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 535

______________________________

العقد علي غير العربي فلازمه عدم الفرق بين القدرة و عدمها و بعبارة اخري: ليس هذا من التكاليف الشرعية كي يقال يختص بحال القدرة.

ثانيها: ان اللفظ العربي هو القدر المتيقن من جواز إنشاء العقد به و فيه ان هذا لا يكون مانعا عن الاخذ بالاطلاق و قد مر قريبا ان المتيقن لو كان مانعا عن الاخذ بالاطلاق لانسد باب الاخذ باطلاقات الكتاب و السنة فلاحظ.

ثالثها: الاجماع فانه نقل عن العلامة (ره) بأنه لا يتحقق بغير العربية عند علمائنا و هو قول الشافعي و احمد و فيه ان الاجماع المنقول لا يكون حجة و المحصل منه علي تقدير حصوله محتمل المدرك فلا يكون حجة.

رابعها: انه مقتضي

الأصل فان مقتضاه عدم ترتب الأثر عند الشك و فيه انه لا مجال للأصل مع وجود الاطلاق ان قلت لا مجال للأخذ بالاطلاق لانصرافه الي ما هو المتعارف من العربية قلت: التعارف لا يقتضي الانصراف و علي فرض تسلمه بدوي فلا يكون مانعا من الاطلاق و معه لا مجال للأصل.

خامسها: ان غير العربية بالنسبة اليها كالكناية و فيه اولا منع كون غير العربية كالكناية و ثانيا انه لا مانع من الانشاء بالكناية اذا صدق عليه المفهوم.

سادسها: ان اعتبار غير العربية خلاف الاحتياط اللازم في الفروج و فيه انه لا مجال لهذا التقريب مع الاطلاق مضافا الي أنه يمكن أن يقال بأن الاحتياط يقتضي التوسعة كي ينسد باب السفاح.

الفرع الثاني: الجواز مع عدم امكان العربية و ربما يستدل عليه بما ورد في الاخرس من جواز طلاقه بالاشارة لاحظ ما رواه البزنطي انه سأل أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الرجل تكون عند المرأة يصمت و لا يتكلم قال: اخرس هو؟

قلت: نعم و يعلم منه بغض لامرأته و كراهة لها أ يجوز أن يطلق عنه وليه؟ قال:

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 536

و تجزي الاشارة مع العجز عن النطق (1) و لو زوجت المرأة نفسها صح (2) و يشترط في تزويج البكر اذن الولي و هو الاب أو الجد للأب علي

______________________________

لا و لكن يكتب و يشهد علي ذلك قلت: فانه لا يكتب و لا يسمع كيف يطلقها قال: بالذي يعرف به من افعاله مثل ما ذكرت من كراهته و بغضه لها «1» و غيره من الروايات الواردة في الباب 19 من أبواب مقدمات الطلاق و شرائطه من الوسائل فراجع.

بتقريب ان المستفاد من هذه النصوص انه مع العجز عن

العربية يكفي غيرها عن الطلاق و فيه انه حكم وارد في مورد خاص و لذا لا يمكن الالتزام بالاشارة في غير الاخرس كالذي يكون مانع في لسانه من التكلم فالحق أن يقال: ان كان المستند للاشتراط قاصرا للشمول كالإجماع الذي ليس له اطلاق و المقدار المعلوم صورة التمكن فلا بد من الالتزام بعدم الاشتراط مع عدم التمكن و نلتزم بالجواز للإطلاقات، و ان قلنا ان المستند النصوص الواردة في المتعة بتقريب انه يستفاد منها الاشتراط فلا بد من الالتزام بالاشتراط علي الاطلاق اذ الحكم الوضعي غير مرهون بالقدرة فمع عدم التمكن و لو من التوكيل يلزم أن يكون بالعربي و مع عدم الامكان حتي من التوكيل لا يجوز له النكاح الا أن يقال انا نقطع بعدم رضاء الشارع بتعطيل أمر النكاح و اثبات هذا المدعي علي مدعيه و اللّه العالم.

(1) لاحظ النصوص الواردة في الاخرس منها ما رواه البزنطي «2» المتقدم و لا يخفي ان هذا حكم وارد في الاخرس و لا وجه لتسريته الي كل مورد لا يكون الشخص قادرا علي النطق و لذا رتب الحكم في المورد علي هذا العنوان.

(2) بلا اشكال و لا كلام بل من الضروريات و الواضحات.

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من ابواب مقدمات الطلاق الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 535

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 537

الاحوط وجوبا (1).

______________________________

(1) الاقوال في المقام مختلفة: الاول استقلال الولي ذهب اليه جماعة منهم صاحب الحدائق (ره) الثاني: استقلال البكر، الثالث: التشريك بينها و بين وليها و تدل علي القول الاول جملة من النصوص: منها ما رواه فضل بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تستأمر الجارية التي بين ابويها اذا اراد ابوها

أن يزوجها هو أنظر لها و أما الثيب فانها تستأذن، و ان كانت بين ابويها اذا أرادا أن يزوجاها «1».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن البكر اذا بلغت مبلغ النساء أ لها مع أبيها أمر؟ فقال: ليس لها مع ابيها أمر ما لم تثيب «2»

و منها: ما رواه عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

لا تستأمر الجارية في ذلك اذا كانت بين ابويها فاذا كانت ثيبا فهي أولي بنفسها «3»

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال: لا تستأمر الجارية اذا كانت بين ابويها ليس لها مع الأب أمر، و قال: يستأمرها كل احد ما عدا الأب «4».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الجارية يزوجها ابوها بغير رضاء منها قال: ليس لها مع أبيها أمر اذا أنكحها جاز نكاحه و ان كانت كارهة «5».

و منها: ما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) نفس المصدر الحديث: 13

(4) الوسائل الباب 4 من أبواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 3

(5) الوسائل الباب 9 من أبواب عقد النكاح و أولياء العقد الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 538

______________________________

قال: سألته عن الرجل هل يصلح له أن يزوج ابنته بغير اذنها؟ قال: نعم ليس يكون للولد أمر الا أن تكون امرأة قد دخل بها قبل ذلك، فتلك لا يجوز نكاحها الا أن تستأمر «1».

و منها ما رواه عبد اللّه «عبد الملك خ ل» بن

الصلت قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الجارية الصغيرة يزوجها ابوها لها أمر اذا بلغت؟ قال: لا ليس لها مع أبيها أمر قال: و سألته عن البكر اذا بلغت مبلغ النساء أ لها مع ابيها أمر قال: ليس لها مع ابيها أمر ما لم تكبر «تثيب» «2».

و منها: ما رواه بريد «يزيد» الكناسي قال قلت لأبي جعفر عليه السلام متي يجوز للأب أن يزوج ابنته و لا يستأمرها؟ قال اذا جازت تسع سنين الحديث «3» و يستفاد من هذه الطائفة ان البكر لا أمر لها و أمرها بيد ابيها.

و يعارضها ما رواه صفوان قال: استشار عبد الرحمن موسي بن جعفر عليه السلام في تزويج ابنته لابن اخيه، فقال: افعل و يكون ذلك برضاها، فان لها في نفسها نصيبا قال: و استشار خالد بن داود موسي بن جعفر عليه السلام في تزويج ابنته علي بن جعفر فقال: افعل و يكون ذلك برضاها فان لها في نفسها حظا «4»

و في كلام سيدنا الاستاد «5» ان الجمهور قائلون باستقلال الأب فيكون الترجيح بالمخالف مع الطائفة الثانية، و علي تقدير الاغماض تصل النوبة الي الطائفة الثالثة الدالة بالاطلاق علي استقلال البكر في نكاحها.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 9

(4) الوسائل الباب 9 من أبواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 2

(5) ج- 2 مستند العروة كتاب النكاح ص: 256

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 539

______________________________

لاحظ ما رواه منصور بن حازم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: تستأمر البكر و غيرها و لا تنكح الا بأمرها «1».

و لاحظ ما رواه ميسرة قال: قلت لأبي

عبد اللّه عليه السلام: القي المرأة بالفلاة التي ليس فيها احد، فاقول لها: أ لك زوج؟ فتقول: لا؟ فاتزوجها؟ قال نعم هي المصدقة علي نفسها «2».

و لاحظ ما رواه عبيد بن زرارة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن مملوكة كانت بيني و بين وارث معي فاعتقناها «فاعتقها. فاعتقتها. خ ل» و لها اخ غائب و هي بكر أ يجوز لي ان ازوجها أو لا يجوز الا بأمر اخيها؟ قال: بلي يجوز ذلك ان تزوجها، قلت: فاتزوجها ان اردت ذلك؟ قال: نعم؟ 3.

و في المقام نصوص تدل علي اشتراط اذن الأب في نكاح البكر: منها: ما رواه ابو مريم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الجارية البكر التي لها الأب لا تتزوج الا باذن ابيها، و قال: اذا كانت مالكة لأمرها تزوجت متي «ما. خ» شاءت 4.

و منها: ما رواه ابن بكير، عن رجل، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

لا بأس ان تزوج المرأة نفسها اذا كانت ثيبا بغير اذن ابيها اذا كان لا بأس بما صنعت 5.

و منها: ما رواه سعيد بن اسماعيل، عن ابيه، قال: سألت الرضا عليه السلام عن رجل تزوج ببكر أو ثيب لا يعلم أبوها و لا احد من قرابتها، و لكن تجعل المرأة وكيلا فيزوجها من غير علمهم، قال: لا يكون ذا 6.

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 1

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 3 من أبواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 5 و 9

(3) (4 و 5 و 6) نفس المصدر الحديث: 7 و 14 و 15

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 540

______________________________

و منها: ما رواه زرارة بن

اعين قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:

لا ينقض النكاح الا الأب «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا ينقض النكاح الا الأب 2.

و منها: ما رواه ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تنكح ذوات الآباء من الابكار الا باذن آبائهن 3 و منها ما رواه صفوان 4.

اذا عرفت ذلك نقول: تقع المعارضة بين هذه الطائفة و ما يدل علي استقلال الاب و ان شئت قلت: ما يدل علي استقلال الأب يعارض ما يدل علي استقلال البكر و أيضا يعارض ما يدل علي لزوم رضا الأب و البكر جميعا و حيث ان مذهب العامة مختلف علي ما في كلام صاحب الحدائق (قده) 5 لا ترجيح في احد الطرفين من هذه الجهة فتصل النوبة الي ما يدل باطلاقه ان امرها بيدها.

فالحق هو القول الثاني، لكن يرد علي هذا التقريب ان ما يدل علي استقلال الأب يعارض ما يدل علي استقلال البكر فان ما يدل علي استقلاله لا يجتمع مع ما يدل علي كفاية رضا البكر فالنتيجة ان النصوص متعارضة و حيث ان المرجح الاول في باب الترجيح الموافقة مع الكتاب يكون الكتاب مرجحا لما يدل باطلاقه علي جواز النكاح فان مقتضي قوله تعالي «فَانْكِحُوا مٰا طٰابَ لَكُمْ مِنَ النِّسٰاءِ مَثْنيٰ وَ ثُلٰاثَ وَ رُبٰاعَ» 6 و قوله تعالي «وَ أَنْكِحُوا الْأَيٰاميٰ مِنْكُمْ وَ الصّٰالِحِينَ مِنْ عِبٰادِكُمْ وَ إِمٰائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرٰاءَ يُغْنِهِمُ اللّٰهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ اللّٰهُ وٰاسِعٌ

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 4 من أبواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 1 و 5

(2) (3) الوسائل الباب 6 من أبواب عقد النكاح و

اولياء العقد الحديث: 5

(3) (4) لاحظ ص: 538

(4) (5) ج 23 ص: 224

(5) (6) النساء/ 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 541

______________________________

عَلِيمٌ «1» جواز نكاح البكر بلا اذن ابيها.

و بعبارة اخري: ان المستفاد من الآيتين جواز النكاح علي الاطلاق بلا اشتراط اذن الأب، و ان شئت قلت: ان المستفاد منهما كفاية اذن البكر كما انهما تدلان علي كفاية رضي الزوج فالنتيجة انه يتحقق النكاح باذن البكر و لا يشترط فيه اذن الاب.

و قد بنينا اخيرا علي انحصار المرجح في الأحدثية و تعرضنا لتفصيل البحث في خاتمة الجزء الثامن من هذه الموسوعة و علي هذا حيث ان الأحدث غير محرز يدخل المقام في باب اشتباه الحجة بغيرها فلا بد من الاحتياط و اللّه العالم.

ثم انه ليس في هذه النصوص ما يدل علي ولاية الجد علي البكر الرشيدة فعلي القول بولاية الأب استقلالا أو اشتراكا لا وجه لتسرية الحكم الي الجد و يظهر من كلماتهم التسالم علي ولايته أيضا نعم النصوص التي استدل بها علي ولاية الجد علي الصغيرة باطلاقها تشمل البالغة لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال: اذا زوج الرجل ابنة ابنه فهو جائز علي ابنه، و لابنه أيضا ان يزوجها فقلت: فان هوي ابوها رجلا وجدها رجلا فقال: الجد اولي بنكاحها «2»

و ما رواه عبيد بن زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الجارية يريد أبوها أن يزوجها من رجل و يريد جدها أن يزوجها من رجل آخر فقال: الجد أولي بذلك ما لم يكن مضارا ان لم يكن الأب زوجها قبله، و يجوز عليها ترويج الاب و الجد 3.

و ما رواه ابو العباس عن أبي عبد اللّه عليه السلام

قال: اذا زوج الرجل فأبي ذلك والده فان تزويج الأب جائز و ان كره الجد ليس هذا مثل الذي يفعله الجد ثم يريد الأب أن يرده 4.

______________________________

(1) النور/ 32

(2) (2 و 3 و 4) الوسائل الباب 11 من عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 1 و 2 و 6

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 542

الا اذا منعها الولي عن التزويج بالكف ء شرعا و عرفا فانه تسقط ولايته حينئذ (1).

______________________________

و لكن ترفع اليد عن اطلاقها بما دل علي أن البالغة الرشيدة أمرها بيدها لاحظ ما رواه محمد بن مسلم و زرارة و بريد بن معاوية كلهم عن أبي جعفر عليه السلام قال: المرأة التي قد ملكت نفسها غير السفيهة و لا المولي عليها تزويجها بغير ولي جائز «1».

و ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

تزوج المرأة من شاءت اذا كانت مالكة لأمرها، فان شاءت جعلت وليا «2» و ما رواه ميسرة «3» و ما رواه منصور بن حازم 4.

(1) قد ذكرت لإثبات المدعي وجوه: الوجه الاول: الاجماع، نقل دعواه عن الشرائع و التذكرة و القواعد و جامع المقاصد و المسالك و كشف اللثام و عن الجواهر ادعاء الاجماع بقسميه عليه و هو العمدة و ان أمكن النقاش في كونه تعبديا كاشفا اذ يحتمل الاستناد الي بقية الوجوه و اللّه العالم.

الوجه الثاني: دليل نفي العسر و الحرج بتقريب: ان المستفاد من الأدلة كون البكر الرشيدة مالكة لأمرها و زواجها لكن قيد الدليل باشتراط اذن الأب و دليل الاشتراط مقيد بصورة عدم الحرج فان دليله حاكم علي جميع ادلة الاحكام ففي صورة الحرج ترفع اليد عن دليل التقييد و يبقي دليل

كون اختيارها بيدها سالما عن المعارض فلا مجال لأن يقال: ان دليل نفي الحرج رافع للحكم لا مثبت اذ ظهر ان الاثبات ليس بدليل نفي الحرج لكن هذا الوجه يختص بصورة كون الاشتراط حرجيا لا مطلقا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) (3 و 4) لاحظ ص: 539

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 543

و اذا تزوجت البكر بدون اذن وليها ثم اجاز وليها العقد صح بلا اشكال (1).

______________________________

الوجه الثالث: ما رواه أبو حمزة الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال لرجل: أنت و مالك لأبيك، ثم قال أبو جعفر عليه السلام: ما احب «لا تحب خ ل» أن يأخذ من مال ابنه الا ما احتاج اليه مما لا بد منه ان اللّه لٰا يُحِبُّ الْفَسٰادَ «1».

بتقريب ان المستفاد من الحديث ان ولاية الأب محدودة في مال الولد فبطريق اولي محدودة في باب النكاح فان العرض اهم من المال و ان اللّه لٰا يُحِبُّ الْفَسٰادَ.

الوجه الرابع: انه يستفاد من بعض نصوص ولاية الأب ان جعل الولاية لأجل مصلحة البنت و ان للأب النظر لاحظ ما رواه فضل بن عبد الملك «2» فجعل الولاية بلحاظ مصلحة البنت فلا تبقي ولايته مع العزل.

الوجه الخامس: انه يستفاد من عدة نصوص ان الزوج اذا طلق زوجته طلاقا علي طبق مذهبه يكون الطلاق صحيحا و يجوز تزويج المرأة و قد علل في بعض تلك النصوص بأنها لا تترك بلا زوج لاحظ ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قلت له: امرأة طلقت علي غير السنة، فقال: يتزوج هذه المرأة لا تترك بغير

زوج «3» فان المستفاد من هذا التعليل و نحوه ان المرأة لا تترك بلا زوج، فلاحظ.

(1) يمكن الاستدلال علي المدعي بوجوه: الوجه الاول: ان العقد بالاجازة ينسب الي من بيده الامر فيصح و بعبارة اخري: الفضولي يصح بالإجازة لتحقق النسبة بقاء، و ان شئت قلت العقد يصير منسوبا الي المجيز فيصير موضوعا للحكم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 78 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 537

(3) الوسائل الباب 30 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 544

______________________________

و فيه انه لا اشكال في أن الشي ء لا ينقلب عما هو عليه و الانقلاب محال و المفروض ان اذن الولي شرط في صحة العقد و من ناحية اخري المفروض ان ما وقع فضولة لم يكن واجدا للشرط ففي زمان حدوث العقد لم يكن مقرونا بالشرط و بقاء لا يكون عقدا جديدا.

و صفوة القول: ان الفاقد للشرط لا يصير واجدا فالفضولي لا يكون صحيحا علي طبق القاعدة الأولية كما هو المدعي عند القوم بل يحتاج الي دليل خاص.

الوجه الثاني: ما رواه ابو عبيدة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن غلام و جارية زوجهما وليان لهما و هما غير مدركين قال: فقال: النكاح جائز ايهما أدرك كان له الخيار فان ماتا قبل أن يدركا فلا ميراث بينهما و لا مهر الا أن يكون قد أدركا و رضيا، قلت: فان أدرك احدهما قبل الاخر قال: يجوز ذلك عليه ان هو رضي، قلت: فان كان الرجل الذي أدرك قبل الجارية و رضي النكاح ثم مات قبل أن تدرك الجارية أ ترثه؟ قال: نعم يعزل ميراثها منه حتي تدرك و تحلف باللّه ما دعاها الي اخذ الميراث

الا رضاها بالتزويج ثم يدفع اليها الميراث و نصف المهر قلت: فان ماتت الجارية و لم تكن أدركت أ يرثها الزوج المدرك؟ قال: لا لأن لها الخيار اذا ادركت قلت: فان كان أبوها هو الذي زوجها قبل أن تدرك قال:

يجوز عليها تزويج الأب و يجوز علي الغلام و المهر علي الأب للجارية «1».

فان المستفاد من الحديث ان عقد النكاح فضولة يصح بالاجازة، و فيه انه يتوقف علي استفادة الكلية من الحديث و ادعاء عدم الفرق بين الموارد و هل يمكن هذه الدعوي بالنسبة الي الاحكام الشرعية التعبدية أم لا؟.

الوجه الثالث: ما ورد في نكاح العبد بدون اجازة المولي من الحكم بالصحة

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من ابواب ميراث الازواج الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 545

______________________________

مع الاجازة معللا بأنه لم يعص اللّه و انما عصي سيده، لاحظ ما رواه زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن مملوك تزوج بغير اذن سيده، فقال: ذاك الي سيده ان شاء اجازه و ان شاء فرق بينهما، قلت: أصلحك اللّه ان الحكم بن عيينة و ابراهيم النخعي و اصحابهما يقولون: ان اصل النكاح فاسد و لا تحل اجازة السيد له، فقال أبو جعفر عليه السلام: انه لم يعص اللّه، و انما عصي سيده، فاذا اجازه فهو له جائز «1».

بتقريب ان المستفاد من الحديث بمقتضي عموم التعليل ان العقد لو لم يكن فاقدا للشرائط و كان نقصانه بلحاظ فقده اذن بيده الأمر يصح بالاجازة اللاحقة فالعقد الفضولي يصح بالاجازة اللاحقة مطلقا.

و فيه: اولا انه حكم وارد في مورد العبد و بعموم العلة نتعدي عن زواجه الي بيعه و صلحه و بقية عقوده و اما السراية الي غير العبد فلا

وجه له و ان شئت قلت مقتضي عموم العلة أن يقال: ان العبد اذا عقد عقدا بلا اذن المولي يصح عقده باجازة اللاحقة و أما في غير العبد فبأي تقريب نلتزم بالسراية، و بعبارة اخري:

العبد موضوع للحكم و تسرية الحكم من موضوع الي موضوع آخر يتوقف علي الدليل، و بعبارة ثالثة العلة المنصوصة المذكورة كون العبد لم يعص اللّه فلا بد من التحفظ علي عنوان الموضوع.

و ثانيا: انه يستفاد من رواية اخري لزرارة ان العقد صحيح غاية الأمر ان المولي يجوز له فسخه و هي ما رواه زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال:

سألته عن رجل تزوج عبده «امرأة» بغير اذنه فدخل بها ثم اطلع علي ذلك مولاه قال: ذاك لمولاه ان شاء فرق بينهما، و ان شاء أجاز نكاحهما فان فرق بينهما فللمرأة

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 546

[مسألة 1: صيغة عقد النكاح الدائم]

(مسألة 1): يجري في صورة عقد النكاح الدائم أن تقول الزوجة للزوج: زوجتك نفسي بمهر دينار مثلا، فيقول الزوج:

قبلت و اذا كانت الزوجة قد و كلت كيلا قال و كيلها للزوج: زوجتك موكلتي هندا مثلا بمهر دينار، فيقول الزوج قبلت و اذا كان الزوج قد

______________________________

ما أصدقها، الا أن يكون اعتدي فأصدقها صداقا كثيرا، و ان اجاز نكاحه فهما علي نكاحهما الاول، فقلت لأبي جعفر عليه السلام: فان اصل النكاح كان عاصيا، فقال أبو جعفر عليه السلام: انما اتي شيئا حلالا و ليس بعاص للّه انما عصي سيده و لم يعص اللّه ان ذلك ليس كإتيان ما حرم اللّه عليه من نكاح في عدة و اشباهه «1»

و لاحظ ما رواه علي بن جعفر، عن أخيه موسي

بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه عن علي عليهم السلام انه اتاه رجل بعبده، فقال: ان عبدي تزوج بغير اذني فقال علي عليه السلام لسيده، فرق بينهما، فقال السيد لعبده: يا عدو اللّه طلق، فقال له علي عليه السلام كيف قلت له؟ قال: قلت له: طلق، فقال علي عليه السلام للعبد:

أما الان فان شئت فطلق و ان شئت فامسك، فقال السيد: يا أمير المؤمنين أمر كان بيدي فجعلته بيد غيري، قال: ذلك لأنك حين قلت له: طلق أقررت له بالنكاح «2»

و لكن الحق: ان المستفاد من الحديث الاول لزرارة صحة العقد الفضولي بالاجازة اللاحقة الصادرة ممن بيده الامر فان العرف يفهم من هذا الحديث كبري كلية و هي ان العقد الفاقد للشرط المذكور يصح بالاجازة فيما لا يكون معصية له تعالي و الحديث الثاني لزرارة يدل علي جواز الاجازة أيضا فالنتيجة ان العقد الفضولي يصح بالاجازة اللاحقة و لذا بنينا علي صحة البيع الفضولي بالاجازة

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 27 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 547

و كل وكيلا قالت الزوجة لوكيل الزوج: زوجت موكلك زيدا مثلا نفسي بمهر دينار مثلا، فيقول الوكيل: قبلت و اذا كان كل من الزوج و الزوجة قد و كل وكيلا قال وكيل الزوجة لوكيل الزوج:

زوجت موكلك زيدا موكلتي هندا بمهر دينار مثلا، فيقول وكيل الزوج: قبلت (1) و يجوز لشخص واحد تولي طرفي العقد حتي الزوج نفسه (2).

______________________________

اللاحقة في باب البيع، و اللّه العالم.

(1) لا اشكال عندهم في تحقق العقد بهذه المادة اذا كانت بصيغة الماضي و يكون الايجاب مقدما علي القبول في حال كون الايجاب من الزوجة.

و بعبارة اخري: ما

أفاده الماتن هو القدر المتيقن من الصحيح في مورد العقد و السيرة جارية عليه كما انه لا اشكال نصا و فتوي في جواز التوكيل من قبل الزوجة و الزوج كبقية العقود و الايقاعات.

(2) كما في بقية الموارد و ربما يقال انه لا يجوز لرواية عمار الساباطي قال:

سألت أبا الحسن عليه السلام عن امرأة تكون في اهل بيت فتكره أن يعلم بها اهل بيتها، أ يحل لها ان توكل رجلا يريد أن يتزوجها؟ تقول له: قد وكلتك فاشهد علي تزويجي؟ قال: لا، قلت له: جعلت فداك و ان كانت ايما قال: و ان كانت ايما، قلت: فان وكلت غيره بتزويجها «فيزوجها خ ل» منه، قال: نعم «1»

بتقريب ان المستفاد من الرواية النهي عن تولي طرفي العقد اذا كان المتولي هو الزوج، و لكن يمكن أن يقال ان المستفاد من الحديث ان النهي عن كون المتولي للعقد هو الشاهد علي النكاح و حيث ان الخاصة لا يقولون باعتبار الاشهاد

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من ابواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 548

لكن الاحوط استحبابا أن لا يتولي الزوج الايجاب عن الزوجة و القبول عن نفسه (1).

[مسألة 2: لا يشترط الشهود في صحة النكاح]

(مسألة 2): لا يشترط الشهود في صحة النكاح (2) و لا يلتفت الي دعوي الزوجية بغير بينة مع حلف المنكر و ان تصادقا علي

______________________________

عند الزواج تكون الرواية محمولة علي بيان الحكم تقية لأن العامة يشترطون أن لا يكون الشاهد هو الزوج و علي الجملة المستفاد من الرواية النهي عن كون الزوج وكيلا في العقد و شاهدا علي الزواج فلا ترتبط الرواية بما نحن فيه، فلاحظ.

(1) خروجا عن شبهة الخلاف.

(2) بلا كلام خلافا للعامة و يكفي للمدعي الاطلاقات

و السيرة الجارية الخارجية بلا نكير، مضافا الي جملة من النصوص: منها ما رواه هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: انما جعلت البينات للنسب و المواريث «1».

و منها: ما رواه زرارة بن اعين قال: سئل ابو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتزوج المرأة بغير شهود، فقال لا بأس بتزويج البتة فيما بينه و بين اللّه، انما جعل الشهود في تزويج البتة من اجل الولد، لو لا ذلك لم يكن به بأس «2».

و منها: ما رواه حفص بن البختري، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يتزوج بغير بينة، قال: لا بأس 3.

و منها: ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: انما جعلت الشهادة في النكاح للميراث 4.

______________________________

(1) الوسائل الباب 43 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1

(2) (2 و 3 و 4) نفس المصدر الحديث: 3 و 4 و 8

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 549

الدخول (1) فلو رد اليمين فحلف المدعي حكم بها (2) كما انه يلزم المقر باقراره علي كل حال (3) و لو تصادقا علي الزوجية ثبتت (4).

و القول قول الاب في تعيين المعقود عليها بغير تسمية مع رؤية الزوج للجميع و الا بطل العقد (5) و يستحب أن يتخير البكر (6).

______________________________

(1) اذ مجرد الدعوي لا يترتب عليه اثر و المستفاد من الادلة ان وظيفة المدعي اقامة البينة و اليمين علي المنكر و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين التصادق علي الدخول و عدمه.

(2) كما هو الميزان في اليمين المردودة.

(3) لقاعدة الاقرار.

(4) لأن الحق ليس خارجا عنهما.

(5) لاحظ ما رواه أبو عبيدة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل كن له ثلاث بنات ابكار

فزوج احداهن رجلا و لم يسم التي زوج للزوج و لا للشهود و قد كان الزوج فرض لها صداقها، فلما بلغ ادخالها علي الزوج بلغ الزوج انها الكبري من الثلاثة، فقال: الزوج لأبيها: انما تزوجت منك الصغيرة من بناتك قال: فقال أبو جعفر عليه السلام: ان كان الزوج رآهن كلهن و لم يسم له واحدة منهن فالقول في ذلك قول الأب، و علي الأب فيما بينه و بين اللّه أن يدفع الي الزوج الجارية التي كان نوي أن يزوجها اياه عند عقدة النكاح، و ان كان الزوج لم يرهن كلهن و لم يسم له واحدة منهن عند عقدة النكاح فالنكاح باطل «1».

(6) لاحظ ما رواه عبد الأعلي بن اعين مولي آل سام عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: تزوجوا الابكار فانهن اطيب شي ء افواها قال: (و في حديث آخر) و انشفه ارحاما، و ادر شي ء اخلافا (احلاما) و افتح

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من ابواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 550

العفيفة (1) الكريمة الاصل (2) و صلاة ركعتين عند ارادة التزويج و الدعاء بالمأثور

______________________________

شي ء ارحاما، أما علمتم اني اباهي بكم الامم يوم القيامة حتي بالسقط يظل محبنطيا علي باب الجنة، فيقول اللّه عز و جل: ادخل فيقول: لا ادخل حتي يدخل أبو اي قبلي فيقول اللّه تبارك و تعالي لملك من الملائكة: ائتني بأبويه فيأمر بهما الي الجنة، فيقول: هذا بفضل رحمتي لك «1».

(1) لاحظ ما رواه جابر بن عبد اللّه قال: سمعته يقول: كنا عند النبي صلي اللّه عليه و آله فقال: ان خير نسائكم الولود الودود العفيفة العزيزة في

اهلها، الذليلة مع بعلها، المتبرجة مع زوجها، الحصان علي غيره التي تسمع قوله، و تطيع أمره، و اذا خلابها بذلت له ما يريد منها، و لم تبذل كتبذل الرجل 2.

(2) لاحظ ما رواه السكوني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال النبي صلي اللّه عليه و آله: اختاروا لنطفكم فان الخال احد الضجيعين 3.

و ما رواه باسناده قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: انكحوا الاكفاء و انكحوا فيهم و اختاروا لنطفكم 4 و ما عن النّبيّ صلي اللّه عليه و آله قال:

قام النبي صلي اللّه عليه و آله خطيبا فقال: ايها الناس اياكم و خضراء الدمن قيل:

يا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: و ما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء في منبت السوء 5.

و قال في الجواهر 6: «و قيل: المراد من كرم الأصل من لم يكن مس آبائها رق و قيل بأن يكون ابواها صالحين، و يمكن ارادة ما يشمل جميع ذلك

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 17 و 6 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1 و 2

(2) (3) الوسائل الباب 13 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 2

(3) (4 و 5) نفس المصدر الحديث: 3 و 4

(4) (6) ج- 29 ص: 27.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 551

و هو: «اللهم اني اريد أن اتزوج فقدر لي من النساء اعفهن فرجا و احفظهن لي في نفسها و مالي و اوسعهن رزقا و اعظمهن بركة» (1).

و الاشهاد علي العقد (2).

______________________________

منه علي معني ان ليس في اصلها ما هو معيب و مذموم».

(1) لاحظ ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا تزوج احدكم كيف يصنع؟

قال: قلت له: ما ادري جعلت فداك قال: اذا هم بذلك فليصل ركعتين و يحمد اللّه و يقول: «اللهم اني اريد أن اتزوج اللهم فاقدر لي من النساء اعفهن فرجا و احفظهن لي في نفسها و في مالي، و اوسعهن رزقا و اعظمهن بركة، و اقدر لي منها ولدا طيبا تجعله خلفا صالحا في حياتي و بعد موتي» فاذا ادخلت عليه فليضع يده علي ناصيتها و يقول: اللهم علي كتابك تزوجتها، و في امانتك أخذتها، و بكلماتك استحللت فرجها فان قضيت في رحمها شيئا فاجعله مسلما سويا، و لا تجعله شرك شيطان» قلت: و كيف يكون شرك شيطان؟ فقال:

ان الرجل اذا دنا من المرأة و جلس مجلسه حضره الشيطان، فان هو ذكر اسم اللّه تنحي الشيطان عنه و ان فعل و لم يسم أدخل الشيطان ذكره فكان العمل منهما جميعا و النطفة واحدة، قلت: فبأي شي ء يعرف هذا جعلت فداك؟ قال: بحبنا و بغضنا «1».

(2) لاحظ ما رواه المهلب الدلال انه كتب الي أبي الحسن عليه السلام ان امرأة كانت معي في الدار، ثم انها زوجتني نفسها، و اشهدت اللّه و ملائكته علي ذلك ثم ان اباها زوجها من رجل آخر، فما تقول؟ فكتب عليه السلام: التزويج الدائم لا يكون الا بولي و شاهدين، و لا يكون تزويج متعة ببكر، استر علي نفسك و اكتم

______________________________

(1) الوسائل: الباب 53 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 552

و الاعلان به (1) و الخطبة امام العقد (2) و ايقاعه ليلا (3) و صلاة ركعتين عند الدخول (4).

______________________________

رحمك اللّه «1».

(1) قال في الجواهر: «2» «للأمر به في النبوي صلي اللّه عليه و آله «اعلنوا

هذا النكاح» بل في المسالك الاستدلال عليه بالخصوص بما روي «ان النبي صلي اللّه عليه و آله كان يكره نكاح السر حتي يضرب بدف و يقال: اتيناكم اعناكم فحيونا نحييكم».

و لاحظ ما عن علي قال: اجتاز النبي صلي اللّه عليه و آله بدار علي حبار فسمع صوت دف فقال: ما هذا؟ قالوا علي حبار أعرس بأهله فقال صلي اللّه عليه و آله:

حسن هذا النكاح لا السفاح ثم قال صلي اللّه عليه و آله: اسندوا النكاح و اعلنوه بينكم و اضربوا عليه بالدف فجرت السنة في النكاح بذلك «3».

(2) لاحظ ما روي عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: انه قال: كل نكاح لا خطبة فيه فهو كاليد الجذاء «4».

(3) لاحظ ما رواه الحسن بن علي الوشاء عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سمعته يقول في التزويج قال: من السنة التزويج بالليل لأن اللّه جعل الليل سكنا، و النساء انما هن سكن «5».

(4) لاحظ ما رواه أبو بصير قال: سمعت رجلا و هو يقول لأبي جعفر عليه السلام اني رجل قد أسننت و قد تزوجت امرأة بكرا صغيرة و لم ادخل بها، و انا اخاف اذا دخلت علي فرأتني أن تكرهني لخضابي و كبري، فقال أبو جعفر عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من ابواب المتعة الحديث: 11.

(2) ج- 29 ص: 40.

(3) بحار الأنوار ج 103 ص 375/ الحديث: 32

(4) مستدرك الوسائل: الباب 33 من ابواب مقدمات النكاح الحديث: 1.

(5) الوسائل الباب 37 من أبواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 553

و الدعاء بالمأثور بعد أن يضع يده علي ناصيتها و هو «اللهم علي كتابك زوجتها و في امانتك اخذتها و بكلماتك

استحللت فرجها فان قضيت لي في رحمها شيئا فاجعله مسلما سويا و لا تجعله شرك شيطان» (1) و امرها بمثله (2) و يسأل اللّه تعالي الولد الذكر (3) و يكره ايقاع العقد

______________________________

السلام: اذا دخلت فمرهم قبل ان تصل إليك ان تكون متوضية، ثم انت لا تصل اليها حتي توضأ وصل ركعتين، ثم مجد اللّه و صل علي محمد و آل محمد، ثم ادع اللّه و مر من معها أن يؤمنوا علي دعائك، و قل: «اللهم ارزقني الفها و ودها و رضاها، و ارضني بها و اجمع بيننا باحسن اجتماع و آنس ايتلاف فانك تحب الحلال و تكره الحرام» ثم قال: و اعلم ان الألف من اللّه، و الفرك من الشيطان ليكره ما احل اللّه «1».

(1) لاحظ ما رواه أبو بصير «2».

(2) لاحظ ما رواه أبو بصير «3» لكن ليس في هذه الرواية الا امرها بالوضوء و أما امرها بغير الوضوء فلم اظفر بدليله، و اللّه العالم.

(3) لاحظ ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا أردت الجماع فقل: اللهم ارزقني ولدا و اجعله تقيا زكيا ليس في خلقه زيادة و لا نقصان و اجعل عاقبته الي خير «4».

و ما روي في حديث أربعمائة قال: اذا اراد احدكم مجامعة زوجته فليقل اللهم اني استحللت فرجها بأمرك و قبلتها بامانتك فان قضيت لي منها ولدا فاجعله ذكرا

______________________________

(1) الوسائل الباب 55 من ابواب مقدمات النكاح و ادابه الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 551

(3) لاحظ ص: 552

(4) الوسائل الباب 55 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 554

و القمر في العقرب (1) و تزويج العقيم (2) و الجماع في ليلة الخسوف

و يوم الكسوف (3).

______________________________

سويا الحديث «1».

(1) لاحظ ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من تزوج امراة و القمر في العقرب لم ير الحسني «2».

(2) لاحظ ما رواه جابر بن عبد اللّه قال: سمعته يقول: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: الا اخبركم بشرار نسائكم؟ الذليلة في أهلها، العزيزة مع بعلها، العقيم الحقود التي لا تتورع من قبيح المتبرجة اذا غاب عنها بعلها، الحصان معه اذا حضر لا تسمع قوله و لا تطيع امره، و اذا خلابها بعلها تمنعت منه كما تمنع الصعبة عند ركوبها، و لا تقبل منه عذرا و لا تغفر له ذنبا «3».

(3) لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن سالم، عن ابيه، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: هل يكره الجماع في وقت من الاوقات و ان كان حلالا؟ قال:

نعم ما بين طلوع الفجر الي طلوع الشمس، و من مغيب الشمس الي مغيب الشفق و في اليوم الذي تنكسف فيه الشمس، و في الليلة التي ينكسف فيها القمر، و في الليلة و في اليوم اللذين يكون فيهما الريح السوداء أو الريح الحمراء أو الريح الصفراء و اليوم و الليلة اللذين يكون فيهما الزلزلة، و لقد بات رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عند بعض أزواجه في ليلة انكسف فيها القمر فلم يكن منه في تلك الليلة ما يكون منه في غيرها حتي أصبح، فقالت له: يا رسول اللّه البغض كان هذا منك في هذه الليلة؟ قال: لا، و لكن هذه الاية ظهرت في هذه الليلة فكرهت ان اتلذذ و ألهو فيها و قد عير اللّه في كتابه اقواما فقال: «و ان يروا كسفاء من السماء

ساقطا يقولوا سحاب مركوم*

______________________________

(1) بحار الأنوار ج 103 ص 287 الحديث: 19

(2) الوسائل الباب 54 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1.

(3) الوسائل: الباب 7 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 555

و عند الزوال (1) الا يوم الخميس (2).

______________________________

فذرهم حتي يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون» ثم قال أبو جعفر عليه السلام، و ايم اللّه لا يجامع احد في هذه الاوقات التي نهي عنها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و قد انتهي اليه الخبر فيرزق ولدا فيري في ولده ذلك ما يحب «1».

(1) لاحظ ما رواه ابو سعيد الخدري في وصية النبي صلي اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام انه قال: يا علي لا تجامع امرأتك بعد «قبل. علل» الظهر فانه ان قضي بينكما ولد في ذلك الوقت يكون أحول، و الشيطان يفرح بالحول في الانسان «الي أن قال:» يا علي لا تجامع امرأتك في ليلة الفطر فانه ان قضي بينكما ولد «لم يكن ذلك الولد إلا كثير الشر» فيكبر ذلك الولد و لا يصيب ولد الاعلي كبر السن، يا علي لا تجامع امرأتك في ليلة الاضحي فانه ان قضي بينكما ولدا يكون له ست اصابع أو اربع اصابع يا علي لا تجامع امرأتك تحت شجرة مثمرة فانه ان قضي بينكما ولد يكون جلادا قتالا أو عريفا، يا علي لا تجامع امرأتك في وجه الشمس و تلألئها الا ان ترخي سترا فيستر كما فانه ان قضي بينكما ولد لا يزال في بؤس و فقر حتي يموت، يا علي لا تجامع امرأتك بين الاذان و الاقامة فانه ان قضي بينكما ولد يكون حريصا علي اهراق الدماء، يا

علي لا تجامع اهلك في النصف من شعبان فانه ان قضي بينكما ولد يكون مشئوما ذا شامة في وجهه «2»

(2) لاحظ ما رواه أبو سعيد الخدري في وصية النبي صلي اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام قال: يا علي عليك بالجماع ليلة الاثنين فانه ان قضي بينكما ولد يكون حافظا لكتاب اللّه راضيا بما قسم اللّه عز و جل، يا علي ان جامعت اهلك ليلة الثلثا فقضي بينكما ولد فانه يرزق الشهادة بعد شهادة ان لا إله الا اللّه، و ان محمدا رسول

______________________________

(1) الوسائل الباب 62 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1.

(2) الوسائل الباب 149 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 556

و عند الغروب قبل ذهاب الشفق (1) و في المحاق (2) و بعد الفجر حتي تطلع الشمس (3) و في اول ليلة من الشهر (4).

______________________________

اللّه صلي اللّه عليه و آله، و لا يعذبه اللّه مع المشركين، و يكون طيب النكهة و الفم رحيم القلب، سخي اليد، طاهر اللسان من الكذب و الغيبة و البهتان، يا علي و ان جامعت اهلك ليلة الخميس فقضي بينكما ولد فانه يكون حاكما من الحكام «الحكماء خ» أو عالما من العلماء، و ان جامعتها يوم الخميس عند زوال الشمس عن كبد السماء فقضي بينكما ولد، فان الشيطان لا يقربه حتي يشيب و يكون قيما و يرزقه اللّه السلامة في الدين و الدنيا، يا علي و ان جامعتها ليلة الجمعة و كان بينكما ولد فانه يكون خطيبا قوالا مفوها، و ان جامعتها يوم الجمعة بعد العصر فقضي بينكما ولد فانه يكون معروفا مشهورا عالما، و ان جامعتها في ليلة الجمعة بعد

العشاء الآخرة فانه يرجي أن يكون الولد من الابدال ان شاء اللّه «1».

(1) لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن سالم «2».

(2) لاحظ ما رواه سليمان بن جعفر الجعفري، عن أبي الحسن عليه السلام قال: من أتي اهله في محاق الشهر فليسلم لسقط الولد «3».

(3) لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن سالم «4».

(4) لاحظ ما عن أبي الحسن موسي عليه السلام، عن أبيه، عن جده قال كان فيما أوصي به رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عليا عليه السلام قال: يا علي لا تجامع اهلك في اول ليلة من الهلال و لا في ليلة النصف و لا في آخر ليلة فانه يتخوف علي ولد من يفعل ذلك الخبل فقال علي عليه السلام و لم ذاك يا رسول اللّه؟ صلي اللّه

______________________________

(1) الوسائل الباب 151 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 554

(3) الوسائل الباب 63 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1.

(4) لاحظ ص: 554

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 557

الا رمضان (1) و في ليلة النصف من الشهر (2) و عند الزلزلة و الريح الصفراء و السوداء (3) و يكره مستقبل القبلة و مستدبرها (4) و في السفينة (5) و عاريا (6).

______________________________

عليه و آله فقال: ان الجن يكثرون غشيان نسائهم في اول ليلة من الهلال و ليلة النصف و في آخر ليلة أما رأيت المجنون يصرع في اول الشهر و في وسطه و في آخره «1».

(1) لاحظ ما عن علي عليه السلام: يستحب أن يأتي الرجل أهله اول ليلة من شهر رمضان لقول اللّه عز و جل «أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيٰامِ الرَّفَثُ إِليٰ نِسٰائِكُمْ» و الرفث المجامعة 2.

(2) لاحظ ما رواه مسمع

بن أبي سيار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم اكره لأمتي أن يغشي الرجل أهله «امرأته خ» في النصف من الشهر أو في غرة الهلال فان مردة الجن و الشياطين تغشي بني آدم فيجيئون و يخبلون أما رأيتم المصاب يصرع في النصف من الشهر و عند غرة الهلال 3.

(3) لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن سالم 4.

(4) لاحظ ما رواه محمد بن العيص انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام فقال:

اجامع و انا عريان؟ فقال: لا و لا مستقبل «تستقبل خ» القبلة و لا تستدبرها 5

(5) لاحظ مرسل الشيخ و هو قوله عليه السلام: لا تجامع في السفينة 6.

(6) لاحظ ما رواه محمد بن العيص.

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) الوسائل الباب 64 من أبواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1 و 4 و 2

(2) (4) لاحظ ص: 554

(3) (5 و 6) الوسائل: الباب 69 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 558

و عقيب الاحتلام قبل الغسل (1) و النظر في فرج المرأة (2) و الكلام بغير الذكر (3) و العزل عن الحرة بغير اذنها (4) و أن يطرق المسافر ليلا (5) و يحرم الدخول بالزوجة قبل بلوغها تسع سنين (6).

______________________________

(1) لاحظ ما ارسله الشيخ قال قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: يكره أن يغشي الرجل المرأة و قد احتلم حتي يغتسل من احتلامه الذي رأي فان فعل فخرج الولد مجنونا فلا يلو من الا نفسه «1».

(2) لاحظ ما رواه سماعة قال: سألته عن الرجل ينظر في فرج المرأة و هو يجامعها؟ قال: لا بأس به

الا أنه يورث العمي «2».

(3) لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اتقوا الكلام عند ملتقي الختانين فانه يورث الخرس «3».

(4) لاحظ ما رواه محمد بن مسلم، عن احدهما عليهما السلام انه سئل عن العزل فقال: أما الامة فلا بأس فأما الحرة فاني اكره ذلك الا أن يشترط عليها حين يتزوجها «4».

(5) لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان. عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يكره للرجل اذا قدم من سفره أن يطرق اهله ليلا حتي يصبح «5».

(6) لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال: اذا تزوج الرجل الجارية و هي صغيرة فلا يدخل بها حتي يأتي لها تسع سنين 6.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 70 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 59 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 3.

(3) الوسائل: الباب 60 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1.

(4) الوسائل: الباب 76 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1.

(5) (5 و 6) الوسائل: الباب 65 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه و الباب 45 من هذه الابواب الحديث 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 559

[مسألة 3: يجوز للرجل النظر إلي من يريد التزويج بها]

(مسألة 3): يجوز للرجل النظر الي من يريد التزويج بها (1).

______________________________

و ما رواه زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا يدخل بالجارية حتي يأتي لها تسع سنين أو عشر سنين «1».

(1) عن الجواهر نفي الخلاف فيه بين المسلمين و دعوي الاجماع بقسميه عليه و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه محمد بن مسلم قال:

سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يريد أن يتزوج المرأة أ ينظر اليها؟ قال:

نعم

انما يشتريها بأغلي الثمن 2.

و منها ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بأن ينظر الي وجهها و معاصمها اذا أراد أن يتزوجها 3.

و منها ما رواه الحسن بن السري قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يريد أن يتزوج المرأة يتأملها و ينظر الي خلفها و الي وجهها؟ قال: نعم لا بأس أن ينظر الرجل الي المرأة اذا اراد أن يتزوجها ينظر الي خلفها و الي وجهها 4 و غيرها من النصوص الواردة في هذا الباب.

فالحكم في الجملة مما لا اشكال فيه و انما قيد الجواز في المتن بعدم التلذذ.

و استدل عليه بما ارسله الفضل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت: أ ينظر الرجل الي المرأة يريد تزويجها فينظر الي شعرها و محاسنها؟ قال: لا بأس بذلك اذا لم يكن ملتذذا 5 و المرسل لا اعتبار به.

و استدل عليه أيضا بأن جواز النظر بلحاظ ارادة التزويج لا بداعي التلذذ.

و فيه: ان الكلام في التلذذ المجامع مع الفرد الجائز من النظر و بعبارة واضحة: نفرض ان المكلف يريد تزويج المرأة الفلانية و شرائط الجواز موجودة

______________________________

(1) (1 و 2 و 3 و 4) الوسائل الباب 45 و 36 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث:

2 و 1 و 2 و 3

(2) (5) نفس المصدر الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 560

و شرائها (1).

______________________________

لكن ينظر اليها و يتلذذ.

و صفوة القول: انه تارة ينظر اليها بقصد التلذذ و هذا خارج عن الفرض و اخري ينظر بقصد ارادة التزويج غاية الامر يتلذذ و الجزم بالحرمة يتوقف علي اقامة دليل عليه، فلاحظ.

(1) و يمكن الاستدلال علي المدعي بوجوه: الوجه الاول: ما رواه أبو

بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يعترض الامة ليشتريها، قال: لا بأس بأن ينظر الي محاسنها و يمسها ما لم ينظر الي مالا ينبغي النظر اليه «1» و هذه الرواية ضعيفة بالبطائني.

الوجه الثاني: ما رواه حبيب بن المعلي الخثعمي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اني اعترضت جواري المدينة فامذيت، فقال: أما لمن يريد الشراء فليس به بأس و أما لمن لا يريد أن يشتري فاني اكرهه «2» و هذه الرواية ضعيفة بالخثعمي.

الوجه الثالث: ما رواه عمران الجعفري، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

لا احب للرجل أن يقلب الاجارية يريد شرائها 3 و هذه الرواية ضعيفة بالجعفري.

الوجه الرابع، ما رواه الحسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه، عن علي عليهم السلام انه كان اذا أراد ان يشتري الجارية يكشف عن ساقيها فينظر اليها 4.

و هذه الرواية تامة سندا، و يمكن الاستدلال به علي المدعي فان جواز النظر الي الساق يستلزم جواز النظر الي وجهها و كفيها بالاولوية.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 20 من أبواب بيع الحيوان الحديث: 1.

(2) (2 و 3 و 4) نفس المصدر الحديث: 2 و 3 و 4.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 561

و كذا الي نساء اهل الذمة (1).

______________________________

الوجه الخامس: ما ادعي من السيرة بتقريب ان الجواري كن في عهدهم يخدمن في المجالس و الخدمة في المجامع تستلزم وقوع النظر الي وجوههن و ايديهن و هم أرواحنا فداهم لم يكونوا ينهون عنه.

و لكن هذا الوجه علي فرض تماميته يكون دليلا علي جواز النظر الي الاماء و الكلام في جواز النظر للمشتري، فلاحظ.

الوجه السادس: ما رواه محمد بن مسلم «1» فانه يستفاد من هذه الرواية انه يجوز النظر للمشتري

و لذا يجوز النظر لمن يريد الزواج حيث يشتري بأغلي الثمن، و الكلام في جواز التلذذ و عدمه هو الكلام فلا نعيد.

(1) يمكن الاستدلال علي المدعي بعدة نصوص منها: ما رواه السكوني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: لا حرمة لنساء اهل الذمة أن ينظر الي شعورهن و ايديهن «2» و هذه الرواية ضعيفة بالنوفلي بل و بغيره أيضا.

و منها: ما رواه أبو البختري عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: لا بأس بالنظر الي رءوس نساء اهل الذمة، و قال:

ينزل المسلمون علي اهل الذمة في أسفارهم و حاجاتهم و لا ينزل المسلم علي المسلم الا باذنه 3 و السند ضعيف بأبي البختري.

و منها: ما رواه عباد بن صهيب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

لا بأس بالنظر الي رءوس اهل تهامة و الأعراب و اهل السواد و العلوج، لأنهم اذا نهوا لا ينتهون، قال: و المجنونة و المغلوبة علي عقلها لا بأس بالنظر الي شعرها

______________________________

(1) لاحظ ص: 559-

(2) (2 و 3) الوسائل: الباب 112 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 562

و كذا المبتذلات اللاتي لا ينتهين اذا نهين عن التكشف (1) و الي المرام اللاتي يحرم نكاحهن مؤبدا لنسب (2).

______________________________

و جسدها ما لم يتعمد ذلك «1» و هذه الرواية تامة سندا و تدل علي المدعي بعموم العلة فان المستفاد منها ان عدم الانتهاء ملاك جواز النظر بل لا يبعد أن يكون المراد بالعلوج هم الكفار علي ما يظهر من مجمع البحرين.

و أما الكلام من حيث جواز التلذذ و عدمه

هو الكلام بل يمكن أن يقال: ان المستفاد من الحديث جواز النظر مع التلذذ و الشهوة حيث قيد الجواز في الذيل بعدم التعمد و التقسيم قاطع للشركة و قال صاحب الوسائل (قدس سره) في هذا المقام، الظاهر ان المراد بالتعمد هنا النظر بشهوة.

(1) لحديث عباد بن صهيب فان مقتضاه جواز النظر في مورد عدم تأثير النهي رأسا تقييد الجواز بعدم التلذذ فقد مر الكلام فيه.

و صفوة القول: انه لم يقم دليل علي حرمة التلذذ بما هو بل الدليل قائم علي حرمة النظر علي الاطلاق لكن قد قيد ذلك الدليل بالمقيد و مقتضي الصناعة تقديم الدليل المقيد باطلاقه علي الدليل المطلق، و بعبارة اخري اطلاق المقيد حاكم علي اطلاق المطلق.

(2) يمكن الاستدلال علي المدعي بوجوه: الوجه الاول: السيرة الخارجية المتصلة بزمانهم عليهم السلام فانه لم يعهد تحجب النساء عن المحارم بل يعد مستنكرا عند المتشرعة.

الوجه الثاني: الاجماع بل الضرورة فانه نقل عن الجواهر دعوي الضرورة عليه.

الوجه الثالث: قوله تعالي «وَ قُلْ لِلْمُؤْمِنٰاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصٰارِهِنَّ وَ يَحْفَظْنَ

______________________________

(1) الوسائل الباب 113 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 563

______________________________

فُرُوجَهُنَّ وَ لٰا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلّٰا مٰا ظَهَرَ مِنْهٰا وَ لْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلي جُيُوبِهِنَّ وَ لٰا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلّٰا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبٰائِهِنَّ أَوْ آبٰاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنٰائِهِنَّ أَوْ أَبْنٰاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوٰانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوٰانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوٰاتِهِنَّ أَوْ نِسٰائِهِنَّ أَوْ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُهُنَّ أَوِ التّٰابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجٰالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلي عَوْرٰاتِ النِّسٰاءِ وَ لٰا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مٰا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ» «1».

فانه يستفاد من الاية الكريمة جواز النظر الي المذكورين و بعبارة اخري:

لا مجال لأن يقال ان

الاية غير متعرضة لجواز النظر بل متعرضة لجواز الابداء فان العرف يفهم من هذا التعبير كلا الامرين، و العرف ببابك.

الوجه الرابع: ما ورد في باب غسل الميت من جواز تغسيل المرأة قرابتها من المحارم و كذا الرجل، منها ما رواه منصور قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يخرج في السفر و معه امرأته أ يغسلها؟ قال نعم و امه و اخته و نحو هذا يلقي علي عورتها خرقة «2».

و منها: ما رواه منصور بن حازم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام مثله الا انه قال الرجل يسافر مع امرأته (الي أن قال:) و نحوهما يلقي علي عورتها خرقة و يغسلها 3

و منها ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن الرجل يموت و ليس عنده من يغسله الا النساء قال: تغسله امرأته أو ذات قرابته ان كانت له، و يصب النساء عليه الماء صبا الحديث 4 فانه يستفاد من هذه النصوص جواز النظر الي المحارم.

الوجه الخامس: ما رواه السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما

______________________________

(1) النور/ 31.

(2) (2 و 3 و 4) الوسائل: الباب 20 من ابواب غسل الميت الحديث: 1 و 2 و 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 564

______________________________

السلام قال: لا بأس أن ينظر الي شعر امه او اخته او بنته «1».

فانه يدل علي المدعي في الجملة و يثبت الحكم عموما بعدم القول بالفصل، و في المقام عدة نصوص يستفاد منها خلاف المدعي منها ما رواه أبو الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله وَ لٰا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلّٰا مٰا ظَهَرَ مِنْهٰا فهي الثياب و الكحل و الخاتم و خضاب الكف و السوار و الزينة

ثلاث: زينة للناس و زينة للمحرم و زينة للزوج فأما زينة الناس فقد ذكرناه و أما زينة المحرم فموضع القلادة مما فوقها و الدملج و ما دونه و الخلخال و ما اسفل منه و اما زينة الزوج فالجسد كله «2» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال.

و منها ما رواه ابن جعفر قال: سألته عن الرجل ما يصلح له ان ينظر اليه من المرأة التي لا تحل له قال الوجه و الكف و موضع السوار «3» و هذه الرواية ضعيفة بعبد اللّه بن حسن علي ما في كلام سيدنا الاستاد «4» مضافا الي أنها لا تكون قابلة للعمل بها بعد قيام الضرورة علي خلافها.

و منها ما رواه حسين بن علوان، عن جعفر عن ابيه عليه السلام قال، اذا زوج الرجل امته فلا ينظرن الي عورتها و العورة ما بين السرة و الركبة «5» فان المستفاد من هذه الرواية ان ما بين السرة و الركبة عورة، و لا اشكال في حرمة النظر الي عورة الغير و لو كان من المحارم.

و لكن هل يمكن الالتزام بمفاد الحديث مع كونها خلاف السيرة، و قد تعرضنا

______________________________

(1) الوسائل الباب 104 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 7

(2) مستدرك الوسائل: الباب 8 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 3

(3) مستند العروة ج 1 من النكاح ص 58

(4) مستند العروة ج- 1 من النكاح ص: 58

(5) الوسائل الباب 44 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 565

أو مصاهرة (1) أو رضاع (2).

______________________________

لهذه الجهة في الجزء الاول من هذا الشرح «1» و قلنا انه لا يمكن الالتزام بمفاد الرواية.

(1) المراد منها الحرمة الحاصلة من العلقة الزوجية الموجبة لحرمة الأبدية كأم

الزوجة و الربيبة بشرط الدخول بامها و نحوهما فانه يدل علي المدعي الاية الشريفة «2» و بعدم القول بالفصل القطعي يثبت المدعي في الباقي.

مضافا الي السيرة و يضاف الي جميع ذلك النصوص الواردة في الغسل لاحظ ما رواه سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل مات و ليس عنده الا نساء، قال: تغسله امرأة ذات محرم منه، و تصب النساء عليه الماء، و لا تخلع ثوبه، و ان كانت امرأة ماتت معها رجال و ليس معها امرأة و لا محرم لها فلتدفن كما هي في ثيابها، و ان كان معها ذو محرم لها غسلها من فوق ثيابها «3».

(2) لجملة من النصوص: منها ما رواه بريد العجلي، عن أبي جعفر عليه السلام في حديث ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب «4».

و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول يحرم من الرضاع ما يحرم من القرابة 5.

و منها ما رواه ابو الصباح الكناني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن الرضاع فقال: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب 6 فانها تدل علي انه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب و في المقام شبهتان:

______________________________

(1) لاحظ ص: 269

(2) لاحظ ص: 562

(3) الوسائل الباب 20 من ابواب غسل الميت الحديث: 9

(4) (4 و 5 و 6) الوسائل: الباب 1 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1 و 2 و 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 566

بشرط عدم التلذذ في الجميع (1) و يحرم النظر الي غيرهن بغير تلذذ أيضا في غير الوجه و الكفين بلا

اشكال (2).

______________________________

الاولي: ان الحكم المذكور يختص بالمرضعة و صاحب اللبن و الاصول و الفروع و الحواشي لهما و لا يشمل أبا المرتضع اذ دليل التنزيل ناظر الي المرتضع و المرضعة و صاحب اللبن، و اما ابو المرتضع فلا دخل له في ذلك و حرمة نكاحه لأولاد المرضعة او صاحب اللبن مستفادة من دليل خارجي.

و الجواب عن هذه الشبهة انه يستفاد من حديث ايوب بن نوح قال: كتب علي بن شعيب الي أبي الحسن عليه السلام امرأة ارضعت بعض ولدي هل يجوز لي أن اتزوج بعض ولدها؟ فكتب عليه السلام: لا يجوز ذلك لك لأن ولدها صارت بمنزلة ولدك «1»، ان اولاد المرضعة بمنزلة اولاد أبي المرتضع فلا مجال لهذه الشبهة.

الثانية: ان دليل التنزيل يقتضي جعل الرضاع كالنسب في الحرمة و هذا المقدار لا يكفي في جواز النظر و بعبارة اخري: اذا كان الدليل دالا علي جعل ما بالرضاع منزلة ما بالنسب لكان القول بجواز النظر في محله لاقتضاء عموم دليل التنزيل و لكن الأمر ليس كذلك فان دليل التنزيل نزل ما بالرضاع منزلة ما بالنسب في الحرمة فيتوقف الحكم بجواز النظر علي قيام دليل علي جواز النظر الي كل من يحرم نكاحه و الحال انه ليس في الأدلة ما يدل عليه، الا أن يستدل باطلاق ما ورد من النصوص في باب غسل الميت «2» فراجع.

(1) الظاهر انه لا بد من اتمامه بالتسالم و الاجماع، الا أن يدل علي الحرمة دليل خاص كما قامت بالنسبة الي المجنونة.

(2) ما يمكن أن يستدل به عليه أو استدل وجوه: الوجه الاول: الاجماع

______________________________

(1) الوسائل: الباب 16 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 563 و 565

مباني منهاج الصالحين،

ج 9، ص: 567

______________________________

فعن الجواهر دعوي الاجماع بل الضرورة عليه، و لكن لا يخفي ان المستفاد من الاجماع و الضرورة الحرمة في الجملة.

الوجه الثاني: قوله تعالي «1» و في دلالة الاية الكريمة علي المدعي اشكال فانه فسر الغض في اللغة بقصر النظر لا الترك فيكون المراد من الاية النقص من النظر، قال في مجمع البحرين في بيان المراد من الاية: «أي ينقصوا من نظرهم» الي آخر كلامه، و عليه يكون الجار للتبعيض.

مضافا الي أنه لم يذكر في الاية متعلق الغض الا أن يقال بأن المراد يفهم من الاية الشريفة بقرينة المقابلة اي بغض كل من الفريقين من ابصارهم بالنسبة الي الفريق الاخر، مضافا الي النص الوارد في شأن نزولها، لاحظ ما رواه سعد الاسكاف، عن أبي جعفر عليه السلام قال: استقبل شاب من الانصار امرأة بالمدينة و كان النساء يتقنعن خلف آذانهن، فنظر اليها و هي مقبلة، فلما جازت نظر اليها و دخل في زقاق قد سماه ببني فلان فجعل ينظر خلفها و اعترض وجهه عظم في الحائط أو زجاجة فشق وجهه، فلما مضت المرأة نظر فاذا الدماء تسيل علي ثوبه و صدره، فقال: و اللّه لاتين رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و لأخبرنه فاتاه، فلما رآه رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: ما هذا؟ فأخبره فهبط جبرئيل عليه السلام بهذه الاية: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصٰارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذٰلِكَ أَزْكيٰ لَهُمْ إِنَّ اللّٰهَ خَبِيرٌ بِمٰا يَصْنَعُونَ «2».

و يضاف الي ذلك ان قوله تعالي في ذيل الاية ذٰلِكَ أَزْكيٰ لَهُمْ يدل علي ان الغض أنفع فلا يكون حراما.

ان قلت: قد ذكر في الاية حفظ الفرج و لا اشكال في وجوبه فانه

لا اشكال في

______________________________

(1) لاحظ ص: 562

(2) الوسائل: الباب 104 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 568

______________________________

حرمة الزنا فلا يمكن أن يكون المراد من قوله أزكي التفضيل بل المراد التعين.

قلت: اولا قد ورد حديث في ذيل الاية و هو ما رواه أبو بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام كل آية في القرآن في ذكر الفرج فهي من الزنا الا هذه الاية فانها من النظر فلا يحل للرجل المؤمن (لرجل مؤمن خ) أن ينظر الي فرج اخيه و لا يحل للمرأة ان تنظر الي فرج اختها «1» و يستفاد منه ان المراد بحفظ الفرج النظر.

و ثانيا: المشار اليه بلفظ ذلك مجموع الامور المذكورة في الاية لا كل منها فيكون المستفاد من الاية ان حفظ الفرج و غض النظر أزكي لهم فالاية لا تدل علي الحرمة بل تدل علي الجواز و لا أقلّ من عدم انعقاد الظهور في التحريم.

الوجه الثالث: قوله تعالي «وَ لٰا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ» بتقريب ان المراد ان المحرم ابداء محل الزينة لا نفس الزينة و فيه: ان المحرم علي هذا التقريب هو الابداء و أما حرمة النظر فلا يستفاد من الاية، و بعبارة اخري لا دليل علي التلازم بين الطرفين

الوجه الرابع: حديث عباد بن صهيب «2» فان المستفاد من الحديث ان وجه الجواز عدم انتهائهن و الا فعدم الجواز هو الحكم الاولي، لكن المستفاد من الحديث حرمة النظر الي رءوس النساء فليس متعلق الحرمة مطلقا.

الوجه الخامس: النصوص الدالة «3» علي جواز النظر لمن يريد الزواج او الاشتراء، فان المستفاد من هذه النصوص حرمة النظر الا في الموارد المخصوصة.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم

الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 9، ص: 568

الوجه السادس: النصوص الدالة علي حرمة النظر: منها: ما رواه علي بن

______________________________

(1) تفسير البرهان: ج- 3 ص: 130 الحديث: 7

(2) لاحظ ص: 561

(3) لاحظ ص: 559 و 560

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 569

و فيهما علي الاحوط (1).

______________________________

عقبة، عن ابيه، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: النظرة سهم من سهام ابليس مسموم، و كم من نظرة أورثت حسرة طويلة «1».

و منها: ما رواه أبو جميلة، عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا:

ما من احد الا و هو يصيب حظا من الزنا، فزنا العينين النظر، و زنا الفم القبلة و زنا اليدين اللمس، صدق الفرج ذلك أو كذب 2.

و منها: ما رواه جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: لعن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله رجلا ينظر الي فرج امرأة لا تحل له، و رجلا خان أخاه في امرأته، و رجلا يحتاج الناس الي نفعه فيسألهم الرشوة 3.

(1) يقع البحث في موضعين: الموضع الاول في المقتضي للمنع، الموضع الثاني في المانع، فنقول أما الموضع الاول: فيمكن الاستدلال علي المنع بتقريبات:

التقريب الاول للاستدلال علي عدم الجواز جملة من النصوص الواردة في جواز النظر لمن يريد التزويج لاحظ ما رواه ابن السري و ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام 4 فان مقتضي هذه النصوص بلحاظ مفهوم الشرط عدم جواز النظر اذا لم يرد التزويج.

التقريب الثاني: الروايات الدالة علي حرمة النظر 5.

التقريب الثالث: قوله تعالي «قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصٰارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذٰلِكَ أَزْكيٰ لَهُمْ» 6 بناء علي أنه يستفاد منها حرمة النظر.

______________________________

(1) (1 و 2

و 3) الوسائل الباب 104 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1 و 2 و 3

(2) (4) لاحظ ص: 559 و 560

(3) (5) مرت آنفا

(4) (6) النور/ 30

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 570

______________________________

التقريب الرابع: ما رواه محمد بن الحسن بن الصفار قال: كتبت الي الفقيه عليه السلام في رجل اراد ان يشهد علي امرأة ليس لها بمحرم هل يجوز له أن يشهد عليها و هي من وراء الستر و يسمع كلامها اذا شهد رجلان عدلان انها فلانة بنت فلان التي تشهدك و هذا كلامها و لا يجوز له الشهادة عليها حتي تبرز و يثبتها بعينها؟ فوقع عليه السلام تتنقب و تظهر للشهود ان شاء اللّه «1».

اذ لو كان النظر الي وجه الأجنبية جائزا لم يكن وجه لأمره بالنقاب فالمقتضي لحرمة النظر تام.

و لقائل أن يقول: ان هذه الرواية تدل علي وجوب الستر و لا يدل علي حرمة النظر و بعبارة اخري المستفاد من هذه الرواية انه لا يجوز للمرأة أن تظهر وجهها عند الأجنبي. هذا تمام الكلام في الموضع الاول.

و أما الكلام في الموضع الثاني: فيمكن الاستدلال علي المدعي بوجوه:

الوجه الاول: ما رواه زرعة بن محمد قال: كان رجل بالمدينة له جارية نفيسة فوقعت في قلب رجل و أعجب بها فشكي ذلك الي أبي عبد اللّه عليه السلام: فقال له: تعرض رؤيتها و كلما رأيتها فقل: اسأل اللّه من فضله الحديث «2» فان هذه الرواية تدل بالصراحة علي جواز النظر الي الأجنبية بل تدل علي الجواز حتي مع التلذذ و الشهوة و العرف ببابك.

الوجه الثاني: ما رواه علي بن سويد قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام:

اني مبتلي بالنظر الي المرأة الجميلة فيعجبني النظر اليها،

فقال يا علي لا بأس اذا عرف اللّه من نيتك الصدق و اياك و الزنا فانه يمحق البركة و يهلك الدين «3»

______________________________

(1) تهذيب الاحكام: ج- 6 ص: 255- الحديث: 71

(2) الوسائل: الباب 36 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 6

(3) الوسائل الباب 1 من ابواب النكاح المحرم و ما يناسبه الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 571

______________________________

و هذه الرواية تدل بالصراحة علي جواز النظر مع التلذذ و الشهوة و ما افاده سيدنا الاستاد من القطع بخلاف مفاد الرواية عهدته عليه فان الأحكام الشرعية امرها بيد الشارع و لا مجال لأعمال النظر فيها.

الوجه الثالث: ما رواه ابو الجارود «1» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال

الوجه الرابع: ما رواه علي بن جعفر «2» فان هذه الرواية تدل بالصراحة علي جواز النظر الي الوجه و الكفين و موضع السوار، و هذه الرواية ضعيفة بعبد اللّه بن حسن علي ما في كلام سيدنا الاستاد حسب تقرير بحثه الشريف.

الوجه الخامس: ما رواه عمرو بن شمر، عن أبي جعفر عليه السلام، عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال: خرج رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يريد فاطمة و أنا معه فلما انتهينا الي الباب وضع يده عليه فدفعه ثم قال: السلام عليكم، فقالت فاطمة عليها السلام: و عليك السلام يا رسول اللّه، قال: ادخل؟ قالت: ادخل يا رسول اللّه، قال ادخل و من معي؟ قالت: ليس علي قناع، فقال: يا فاطمة خذي فضل ملحفتك فقنعي به رأسك ففعلت ثم قال: السلام عليك، فقالت: و عليك السلام يا رسول اللّه قال: ادخل؟ قالت: نعم يا رسول اللّه، قال: انا و معي؟ قالت: و من معك؟ قال جابر: فدخل رسول اللّه صلي

اللّه عليه و آله و دخلت و اذا وجه فاطمة عليها السلام اصفر كأنه بطن جرادة، فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ما لي أري وجهك أصفر، قالت: يا رسول اللّه الجوع، فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: اللهم مشبع الجوعة و دافع الضيعة اشبع فاطمة بنت محمد، قال جابر:

فو اللّه لنظرت الي الدم ينحدر من قصاصها حتي عاد وجهها احمر فما جاعت بعد

______________________________

(1) لاحظ ص: 564

(2) لاحظ ص: 564 و مستند العروة ج 1 ص: 58

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 572

______________________________

ذلك اليوم «1» و هذه الرواية ضعيفة بعمرو بن شمر.

الوجه السادس: ما رواه مروك بن عبيد، عن بعض اصحابنا، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال. قلت له: ما يحل للرجل أن يري من المرأة اذا لم يكن محرما؟

قال: الوجه و الكفان و القدمان «2» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال.

الوجه السابع: ما رواه أبو حمزة الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن المرأة المسلمة يصيبها البلاء في جسدها اما كسر و اما جرح في مكان لا يصلح النظر اليه يكون الرجل ارفق بعلاجه من النساء، أ يصلح له النظر اليها؟

قال: اذا اضطرت اليه فليعالجها ان شاءت «3» فانه يستفاد من هذه الرواية ان النظر الي بعض مواضع جسد المرأة جائز.

الوجه الثامن: ما رواه مسعدة بن زياد قال: سمعت جعفرا و سئل عما تظهر المرأة من زينتها قال: الوجه و الكفين «4» فانه يستفاد من هذه الرواية انه يجوز للمرأة اظهار وجهها و كفيها و يمكن أن يقال: انه لا تلازم بين جواز الاظهار و جواز النظر، فتأمل.

الوجه التاسع: ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في

قول اللّه عز و جل «الا ما ظهر منها» قال: الزينة الظاهرة الكحل و الخاتم 5.

و ما رواه أبو بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن قول اللّه عز و جل: «وَ لٰا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلّٰا مٰا ظَهَرَ مِنْهٰا» قال: الخاتم و المسكة و هي القلب 6 و الكلام فيهما هو الكلام في سابقهما.

______________________________

(1) الوسائل الباب 120 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 109 من أبواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 130 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1

(4) (4 و 5 و 6) الوسائل الباب 109 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 5 و 3 و 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 573

______________________________

الوجه العاشر: ما رواه الفضيل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الذراعين من المرأة هما من الزينة التي قال اللّه: «وَ لٰا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلّٰا لِبُعُولَتِهِنَّ»؟ قال:

نعم و ما دون الخمار من الزينة، و ما دون السوارين «1» و المستفاد من هذه الرواية جواز النظر الي الوجه و عدم جواز النظر الي الذراعين.

و قال في الحدائق: «و دون السوار بمعني تحت السوار و هو الجهة المقابلة للعلو فان الكفين أسفل بالنسبة الي ما فوق السوارين» و لا يبعد ان ما أفاده تام اذ يستفاد من كلام مجمع البحرين ان (دون) نقيض فوق فالمراد من الكلمة ان تحت السوارين من الزينة فتكون الكفان خارجتان.

الوجه الحادي عشر: قوله تعالي «2» فان المستفاد من الاية الكريمة عدم وجوب الستر علي المرأة فيجوز النظر للرجل.

و فيه: انه قد مر ان مجرد عدم وجوب الستر عليها لا يدل علي الجواز بالنسبة الي الرجل: الا

أن يقال: انه يستفاد من الاية تقسيم الزينة الي قسمين: قسم منها لا يجوز ابدائها الا للمذكورين في الاية الشريفة و قسم منها يجوز ابدائها للأجنبي علي الاطلاق و من ناحية اخري لا اشكال في أنه لو جاز الابداء للغير يجوز للغير النظر أيضا.

و ان شئت قلت: اذا قيل يجوز الإراءة يفهم عرفا انه يجوز النظر، و العرف ببابك.

و قال سيدنا الاستاد في هذا المقام «3» ما حاصله ان المستفاد من قوله تعالي «إِلّٰا مٰا ظَهَرَ مِنْهٰا» انه لا يجب علي المرأة الستر بالنسبة إلي ما ظهر من

______________________________

(1) الوسائل الباب 109 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 562

(3) مستند العروة ج- 1 من النكاح ص: 55- 56

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 574

______________________________

الزينة و لكن عدم وجوب الستر لا يستلزم جواز النظر و لذا نري ان جماعة قائلون بحرمة نظر المرأة الي الرجل و الحال انه لا يجب علي الرجل التستر و المستفاد من قوله تعالي «وَ لٰا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلّٰا لِبُعُولَتِهِنَّ الخ» انه يحرم علي المرأة ارائة زينتها علي الاطلاق حتي الظاهرة منها الا للطوائف الخاصة فاذا حرم عليها الإراءة يحرم علي الرجال النظر فالاية الكريمة أولي بالدلالة علي الحرمة، هذا ملخص كلامه في هذا المقام.

اقول: الظاهر ان ذيل الكلام يناقض الصدر اذ صرح في الصدر بعدم وجوب تستر الزينة الظاهرة فنسأل ان عدم وجوب التستر و جواز الكشف مع فرض عدم وجود الأجنبي أو مع فرض وجوده؟ و علي الثاني علي فرض عدم النظر او مع النظر، و من الظاهر ان الاهمال غير معقول في الواقع فعلي الاول و الثاني يكون جعل الحكم لغوا فينحصر في الثالث و عليه تكون

الإراءة جائزة فكيف يقول في الذيل بالحرمة؟.

و بعبارة اخري: نسأل مع وجود الرجل الناظر اليها هل يجوز لها الكشف أم لا؟ ان قلت بعدم الجواز فعدلت عن قولك الاول و ان قلت بالثاني فالإراءة جائزة و علي الجملة لا يعقل أن تكون الإراءة محرمة و مع ذلك لا يكون التستر واجبا فان هذين لا يجتمعان.

و صفوة القول: انه يفهم من مجموع الاية الشريفة الكريمة ان ابداء المرأة زينتها غير الظاهرة للرجل حرام الا لطوائف خاصة و أما ابداء زينتها الظاهرة فيجوز بلا تخصيص و حيث ان الابداء بالنسبة الي الزينة غير الظاهرة للطوائف المخصوصة جائز فابداء الزينة الظاهرة جائز للأجنبي علي الاطلاق.

و لكن الانصاف: انه فرق بين جواز الإراءة و بين جواز الابداء اذ لا يبعد أن

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 575

______________________________

يفهم العرف من جواز الإراءة جواز الرؤية بالملازمة و اما الابداء فجوازه لا يستلزم جواز النظر.

نعم اذا قيل يجوز الابداء لفلان لا يبعد أن يفهم جواز النظر فما أفاده سيدنا الاستاد لا تناقض فيه.

نعم ما أفاده في كلامه من أن الاية تدل علي حرمة النظر حيث انه يحرم عليها الإراءة ففيه انه لا ملازمة بين الأمرين، اذ يمكن أن تكون الإراءة محرمة و مع ذلك يكون النظر جائزا، فعلي هذا الأساس لا يستفاد من الاية الا جواز الكشف و أما جواز النظر فلا يستفاد من الاية.

فنقول: يقع التعارض بين النصوص الواردة فان قلنا مقتضي الجمع بينها حمل المانعة علي الكراهة فهو و الا فلا بد من اعمال قانون التعارض فيمكن أن يقال: ان الترجيح مع نصوص المنع لموافقها مع الكتاب فان قوله تعالي «قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ» الخ يدل علي المنع عن النظر لكن قد مر

انه يمكن أن يقال ان ذيل الاية يدل علي الجواز، فحديث الجواز موافق مع الكتاب.

و ان ابيت و قلت: ان ذيل الاية يوجب اجمالها و لا تكون الاية ظاهرة في الجواز نقول الترجيح بمخالفة القوم مع حديث الجواز أيضا فانه يظهر من كلام الشيخ (قده) في الخلاف «1» ان العامة قائلون بعدم جواز النظر فالترجيح بمخالفة القوم مع دليل الجواز كما ان الترجيح بالأحدثية مع دليل الجواز أيضا لاحظ ما رواه علي بن سويد، فان الحديث مروي عن أبي الحسن عليه السلام «2» و لو قطعنا النظر عن الترجيح تصل النوبة الي التعارض و التساقط، و مقتضي الأصل

______________________________

(1) ج- 2 ص 139 مسألة: 3

(2) لاحظ ص: 570

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 576

و من غير المحارم اخت الزوجة (1) و الربيبة قبل الدخول بامها (2) و كذا يحرم علي المرأة النظر الي الرجل مما يحرم علي الرجل النظر اليه منها (3) و كذا

______________________________

الاولي الجواز أيضا.

(1) بلا اشكال اذ حرمتها من باب الجمع و لذا يجوز تزويجها في غير صورة الجمع.

(2) اذ دليل الحرمة يختص بصورة الدخول بمقتضي الكتاب و السنة و الاجماع فهي قبل الدخول كبقية النساء.

(3) ما يمكن أن يذكر مستندا للحكم وجوه: الوجه الاول الاجماع، و فيه ان الاجماع المنقول لا يكون حجة و المحصل منه، غير حاصل، كيف و من الممكن استناد المجمعين الي الوجوه المذكورة في المقام فلا يحصل اجماع تعبدي كاشف.

الوجه الثاني: قوله تعالي «1» بتقريب ان المستفاد من الاية حرمة نظرهن الي الرجال، و فيه اولا: ان الغض غير الترك كما مر.

و ثانيا: لا يبعد أن يكون المراد النهي عن النظر الي الفروج بقرينة المقابلة بأن يقال: ان المستفاد من

الاية وجوب حفظ الفرج عن نظر الغير اليه و حرمة النظر الي فرج الغير لاحظ ما في تفسير البرهان «2».

و ثالثا ان المتعلق محذوف فلا بد من ارادة العموم اي يغضوا من ابصارهم عن كل محرم و اثبات ان المراد من المتعلق النساء في الجملة الاولي و الرجال في الجملة

______________________________

(1) لاحظ ص: 562

(2) لاحظ ص: 568

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 577

______________________________

الثانية بالإجماع مشكل لما ذكر من الاشكال في حجية الاجماع و بعبارة واضحة لا دليل علي كون المتعلق العموم و لعل المراد من الاية النهي عن النظر الي خصوص الفرج.

و أما حديث سعد الاسكاف «1» الوارد في شأن نزول الاية فضعيف بالاسكاف حيث انه لم يوثق، و قول الشيخ (قده) في حقه انه صحيح الحديث لا يكون توثيقا.

و يمكن أن يكون الوجه في صحة حديثه عنده اجتهادا كما أن كونه في اسناد كامل الزيارة لا أثر له كما ذكرناه مرارا و مثله كونه في تفسير القمي مضافا الي كونه معارضا بتضعيف ابن الغضائري اياه و صاحب الوسائل يشهد بتضعيفه فلا وجه للمناقشة فيه.

و يضاف الي جميع ذلك كله ان الرواية متعرضة للجملة الاولي من الاية و لا تتعرض لقوله تعالي «وَ قُلْ لِلْمُؤْمِنٰاتِ» الذي هو محل الكلام في المقام.

الوجه الثالث: جملة من النصوص: منها ما ارسله احمد بن أبي عبد اللّه قال استأذن ابن أم مكتوم علي النبي صلي اللّه عليه و آله و عنده عائشة و حفصة فقال لهما: قوما فادخلا البيت، فقالتا: انه اعمي فقال: ان لم يركما فانكما تريانه «2» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال فان احمد لا يمكن أن ينقل عن النبي صلي اللّه عليه و آله بلا واسطة.

و منها: ما

رواه الصدوق (قده) في (عقاب الاعمال) قال: قال النبي صلي اللّه عليه و آله: اشتد غضب اللّه علي امرأة ذات بعل ملأت عينها من غير زوجها أو غير ذي محرم منها، فانها ان فعلت ذلك احبط اللّه عز و جل كل عمل عملته فان اوطت فراشه غيره كان حقا علي اللّه أن يحرقها بالنار بعد أن يعذبها في قبرها 3

______________________________

(1) لاحظ ص: 565

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 129 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 578

______________________________

و هذه الرواية ضعيفة سندا، مضافا الي أنها تختص بذات بعل.

و منها: ما ارسله الطيرسي في (مكارم الاخلاق) عن النبي صلي اللّه عليه و آله ان فاطمة قالت له في حديث: خير للنساء ان لا يرين الرجال، و لا يراهن الرجال فقال صلي اللّه عليه و آله فاطمة مني «1» و المرسل لا اعتبار به.

و منها: ما روي عن أم سلمة قالت: كنت عند رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و عنده ميمونة فاقبل ابن أم مكتوم و ذلك بعد ان امر بالحجاب، فقال: احتجبا، فقلنا يا رسول اللّه أ ليس أعمي لا يصبرنا؟ قال أ فعمياوان انتما أ لستما تبصرانه 2 و المرسل لا اعتبار به.

و منها: ما رواه وهب، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام: خلق الرجال من الأرض و انما همهم في الارض و خلقت المرأة من الرجال و انما هما في الرجال، فاحبسوا نسائكم يا معاشر الرجال 3.

و منها: ما رواه نوح ابن شعيب رفعه قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام كان علي بن الحسين عليهما السلام اذا اتاه ختنه

علي ابنته أو علي اخته بسط له رداءه ثم اجلسه ثم يقول: مرحبا بمن كفي المئونة و ستر العورة 4.

و منها: ما رواه غياث بن ابراهيم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان المرأة خلقت من الرجل و انما همتها في الرجال، فاحبسوا نسائكم، و ان الرجل خلق من الأرض فانما همته في الأرض 5 و هذه الروايات اما مخدوشة سندا أو دلالة او من كلتا الناحيتين.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 129 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 3 و 4

(2) (3 و 4) الوسائل الباب 24 من أبواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1 و 3

(3) (5) الوسائل الباب 24 من أبواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 579

يحرم النظر مع التلذذ و لو الي المماثل (1) و كذا يحرم اللمس من الرجل و المرأة لغير المماثل في غير المحارم (2) و يجوز النظر و اللمس

______________________________

(1) ادعي سيدنا الاستاد ان المدعي يستفاد من الاية الشريفة بتقريب ان المستفاد من قوله تعالي «يَغُضُّوا و يَغْضُضْنَ» النهي عن صرف كل من القبيلين عن الاخر.

و بعبارة اخري: المراد بالغض أن يقطع الرجل طمعه عن غير زوجته و ملك يمينه و علي هذا يحرم نظر الرجل الي مذكر اخر مع التلذذ و كذلك يحرم أن تنظر المرأة الي مماثلها بشهوة و عهدة هذه الدعوي علي مدعيه فلا بد من اتمام الأمر بالإجماع و التسالم.

(2) لاحظ ما رواه أبو بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: هل يصافح الرجل المرأة ليست بذات محرم، فقال: لا الا من وراء الثوب «1».

و ما رواه سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد

اللّه عليه السلام عن مصافحة الرجل المرأة، قال: لا يحل للرجل أن يصافح المرأة الا امرأة يحرم عليه ان يتزوجها اخت او بنت او عمة أو خالة او بنت اخت أو نحوها، و أما المرأة التي يحل أن يتزوجها فلا يصافحها الا من وراء الثوب و لا يغمز كفها «2».

و حيث انه لا فرق بين المصافحة و غيرها يكون مقتضي القاعدة حرمة اللمس علي الاطلاق و لكن لا يخفي ان المستفاد من الحديثين حكم الرجل.

و يؤيد المدعي ما رواه مفضل بن عمر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

كيف ماسح رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله النساء حين بايعهن؟ فقال: دعا بمركنه الذي كان يتوضأ فيه فصب فيه ماء ثم غمس فيه يده اليمني، فكلما بايع واحدة منهن قال: اغمسي يدك فتغمس كما غمس رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فكان هذا مما سحته اياهن 3.

______________________________

(1) الوسائل الباب 115 من أبواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1

(2) (2 و 3) نفس المصدر الحديث: 2 و 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 580

من الرجل للصبية غير البالغة و من المرأة للصبي غير البالغ مع عدم التلذذ في الجميع (1) أما مع التلذذ فانه حرام مطلقا و كذا يحرم مع التلذذ و لو الي الرجل (2).

______________________________

و ما رواه سعدان بن مسلم قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: أ تدري كيف بايع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله النساء؟ قلت: اللّه اعلم و ابن رسوله اعلم، قال:

جمعهن حوله ثم دعا بتور برام فصب فيه نضوحا ثم غمس يده «الي أن قال» ثم قال: اغمسن ايديكن ففعلن فكانت يد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله

الطاهرة أطيب من أن يمس بها كف انثي ليست له بمحرم «1».

(1) كما هو مقتضي القاعدة الأولية و لا دليل علي الحرمة، نعم ربما يستدل بجملة من النصوص علي الحرمة: منها: ما رواه أبو احمد الكاهلي، و اظنني قد حضرته قال: سألته عن جارية «جويرية» خ ل» ليس بيني و بينها محرم تغشاني فاحملها و اقبلها، فقال: اذا اتي عليها ست سنين فلا تضعها علي حجرك «2».

و منها: ما رواه زرارة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا بلغت الجارية الحرة ست سنين فلا ينبغي لك أن تقبلها 3.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن يحيي الكاهلي قال: سأل محمد بن النعمان أبا عبد اللّه عليه السلام فقال له: عندي جويرية ليس بيني و بينها رحم و لها ست سنين قال: لا تضعها في حجرك 4 و لكن هذه الروايات كلها ضعيفة سندا، مضافا الي جريان السيرة الخارجية علي الخلاف.

(2) فان الحكم لعله مورد تسالم الفقهاء.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) (2 و 3) الوسائل: الباب 127 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1 و 2

(3) (4) من لا يحضره الفقيه: ج- 3 ص: 275 باب 128 الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 581

[مسألة 4: يجب علي المرأة ستر ما زاد علي الوجه و الكفين عن غير الزوج و المحارم]

(مسألة 4): يجب علي المرأة ستر ما زاد علي الوجه و الكفين عن غير الزوج و المحارم (1) بل يجب عليها ستر الوجه و الكفين عن غير الزوج حتي المحارم مع تلذذه (2) و لا يجب علي الرجل الستر مطلقا (3).

[مسألة 5: يجوز سماع صوت الأجنبية مع عدم التلذذ]

(مسألة 5): يجوز سماع صوت الاجنبية مع عدم التلذذ (4).

______________________________

(1) بلا كلام و يدل علي المدعي قوله تعالي «وَ لٰا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ» مضافا الي النصوص و الفتاوي و السيرة الخارجية، و تدل علي المدعي أيضا الروايات الواردة في حكم الْقَوٰاعِدُ مِنَ النِّسٰاءِ:

منها: ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل «وَ الْقَوٰاعِدُ مِنَ النِّسٰاءِ اللّٰاتِي لٰا يَرْجُونَ نِكٰاحاً، ما الذي يصلح لهن أن يضعن من ثيابهن؟ قال: الجلباب «1».

و منها: ما رواه محمد بن أبي حمزة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الْقَوٰاعِدُ مِنَ النِّسٰاءِ ليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن قال: تضع الجلباب وحده 2

و منها: ما رواه حريز بن عبد اللّه، عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قرأ يضعن من ثيابهن قال: الجلباب و الخمار اذا كانت المرأة مسنة 3 فانه يستفاد من هذه الروايات ان غير الْقَوٰاعِدُ مِنَ النِّسٰاءِ لا يجوز له الكشف الا بالمقدار المستثني فلاحظ.

(2) كأن الحكم متسالم عليه بين القوم.

(3) لعدم الدليل عليه بل السيرة الخارجية تدل علي الجواز.

(4) ربما يقال بأنه لا يجوز لجملة من الروايات: منها: ما رواه مسعدة ابن

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل: الباب 110 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1 و 3

(2) (3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 582

[الفصل الثاني في الأولياء]

اشارة

الفصل الثاني في الاولياء انما الولاية للأب و ان علا و وصيه و الحاكم فالاب علي الصغيرين (1).

______________________________

صدقة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام: لا تبدءوا النساء بالسلام و لا تدعوهن الي الطعام، فان النبي صلي اللّه عليه و آله قال: النساء عي و

عورة فاستروا عيهن بالسكوت و استروا عوراتهن بالبيوت «1».

و منها: ما رواه غياث بن ابراهيم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: لا تسلم علي المرأة «2».

و منها: ما رواه ربعي بن عبد اللّه، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يسلم علي النساء و يرددن عليه و كان امير المؤمنين عليه السلام يسلم علي النساء و كان يكره أن يسلم علي الشابة منهن و يقول: اتخوف أن يعجبني صوتها فيدخل علي اكثر مما طلبت من الاجر 3.

و فيه: انه لا يستفاد منها عدم الجواز، نعم يمكن أن يقال ان المستفاد من حديث ربعي الكراهة في الجملة فلا مجال للالتزام بالحرمة فان السيرة من صدر الأول جارية علي مكالمة الرجال مع النساء فلا تصل النوبة الي الأصل كي يقال ان مقتضاه الجواز أيضا، فلاحظ.

(1) قال سيد المستمسك (قده) «ثبوت الولاية لهما في الجملة من القطعيات المدعي عليه الاجماع و النصوص و الفتاوي شاهدة بذلك»، انتهي و تدل علي

______________________________

(1) الوسائل: الباب 131 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1.

(2) (2 و 3) نفس المصدر الحديث: 2 و 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 583

و المجنونين البالغين كذلك (1) و لا خيار لهما بعد زوال الوصفين (2).

______________________________

المدعي جملة من النصوص: منها ما رواه محمد بن مسلم «1».

و منها: ما رواه هشام بن سالم و محمد بن حكيم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا زوج الأب و الجد كان التزويج للأول، فان كانا جميعا في حال واحدة فالجد أولي «2».

و منها: ما روي عن ابن بزيع قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصبية يزوجها أبوها ثم

يموت و هي صغيرة فتكبر قبل أن يدخل بها زوجها يجوز عليها التزويج أو الأمر اليها؟ قال: يجوز عليها تزويج ابيها «3».

و منها: ما رواه ابن الصلت «4» و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في الصبي يتزوج الصبية يتوارثان؟ فقال: اذا كان ابواهما اللذان زوجاهما فنعم، قلت: فهل يجوز طلاق الأب؟ قال: لا «5».

(1) الظاهر انه لا خلاف بينهم و الحكم اجماعي، و استدل عليه السيد الحكيم (قده) بالاستصحاب أيضا و يرد عليه ان الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باستصحاب عدم جعل الزائد، مضافا الي اشكال تغيير الموضوع و عدم بقائه كما عن الجواهر.

(2) الخيار يحتاج الي الدليل و لولاه يكون العقد باقيا بحاله و لا ينفسخ بالفسخ و ان شئت قلت: ادلة نفوذ تزويج الولي يقتضي نفوذ عقده علي الاطلاق فلا اثر للفسخ مضافا الي عدة نصوص تدل علي نفوذ عقد الولي بعد فرض صيرورة

______________________________

(1) لاحظ ص: 541

(2) الوسائل: الباب 11 من ابواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 3

(3) الوسائل: الباب 6 من ابواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث 1.

(4) لاحظ ص: 538

(5) الوسائل الباب 12 من ابواب عقد النكاح و اولياء العقد

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 584

______________________________

الصغير كبيرا.

لاحظ ما رواه ابن بزيع «1» و لاحظ ما رواه ابن الصلت «2» فان المستفاد من الحديثين نفوذ العقد بعد زوال الصغر و انه لا خيار له بعد كبره كما ان مقتضي اطلاق نصوص كثيرة ذلك لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «3».

و لاحظ ما رواه الحلبي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الغلام له عشر سنين فيزوجه أبوه في صغره أ يجوز طلاقه و هو

ابن عشر سنين؟ قال: فقال: اما تزويجه فهو صحيح، و أما طلاقه فينبغي أن تحبس عليه امرأته حتي يدرك فيعلم انه كان قد طلق فان اقر بذلك و امضاه فهي واحدة بائنة و هو خاطب من الخطاب و ان انكر ذلك و أبي أن يمضيه فهي امرأته قلت: فان ماتت أو مات قال: يوقف الميراث حتي يدرك ايهما بقي ثم يحلف باللّه ما دعاه الي أخذ الميراث الا الرضا بالنكاح، و يدفع اليه الميراث «4».

و لاحظ ما رواه عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يزوج ابنه و هو صغير؟ قال: ان كان لابنه مال فعليه المهر، و ان لم يكن للابن مال فالأب ضامن المهر ضمن أو لم يضمن «5».

و في المقام حديثان يستفاد منهما خلاف المدعي: احدهما: ما رواه الكناسي «6» و هذه الرواية ضعيفة سندا.

ثانيهما: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الصبي

______________________________

(1) لاحظ ص: 583

(2) لاحظ ص: 541

(3) لاحظ ص: 583

(4) الوسائل: الباب 11 من ابواب ميراث الازواج الحديث: 4

(5) الوسائل: الباب 28 من ابواب المهور الحديث: 1

(6) لاحظ ص: 538

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 585

الا اذا كان العقد حين وقوعه مفسدة عند العقلاء فلا يصح (1).

______________________________

يزوج الصبية، قال: ان كان ابواهما اللذان زوجاهما فنعم جائز، و لكن لهما الخيار اذا ادركا فان رضيا بعد ذلك فان المهر علي الأب قلت له: فهل يجوز طلاق الأب علي ابنه في صغره؟ قال: لا «1».

و هذه الرواية تامة سندا و لكن الأصحاب لم يعملوا بمفادها و الشيخ (قده) حملها علي جواز الطلاق بعد البلوغ و طلب المهر او الطلاق بعده فان تم الاجماع

التعبدي الكاشف علي خلاف الرواية فهو و الا فيشكل رفع اليد عن الرواية و لذا احتاط الماتن بعد اسطر، فلاحظ.

هذا بالنسبة الي الصغير و أما بالنسبة الي المجنون فالالتزام بعدم الخيار له بعد الافاقة مشكل اذ لا دليل علي الولاية عليه الا الاجماع و الاتفاق فلا بد من تمامية الاجماع الكاشف علي عدم ثبوت الخيار و لا تصل النوبة الي الأصل و استصحاب بقاء الزوجية بعد الفسخ معارض كما ذكرناه مرارا.

(1) ادعي عليه الاتفاق و عدم الخلاف و يمكن أن يستدل علي المدعي بما رواه ابو حمزة الثمالي «2» بتقريب ان اطلاق قوله عليه السلام ان اللّه لٰا يُحِبُّ الْفَسٰادَ يشمل النكاح، و ان قلت انه يختص بالتصرف المالي و الرواية ناظرة اليه قلت تدل علي المقام بالاولوية.

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه عبيد بن زرارة «3» فان المستفاد من الرواية اختصاص الحكم بمورد عدم الضرر و لكن قد فرض في مورد الرواية كونه مضارا فلا يستفاد المدعي من الرواية.

و يدل عليه أيضا ما رواه الفضل بن عبد الملك، عن أبي عبد اللّه عليه السلام

______________________________

(1) الوسائل: الباب 6 من ابواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 8.

(2) لاحظ ص: 543

(3) لاحظ ص: 541

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 586

الا بالاجازة بعد البلوغ و العقل (1) نعم اذا زوج الابوان الصغيرين ولاية فالعقد و ان كان صحيحا الا ان في لزومه عليهما بعد بلوغهما اشكالا فالاحتياط لا يترك (2) و لا يبعد ولاية الاب علي من جن بعد بلوغه (3).

______________________________

قال: ان الجد اذا زوج ابنة ابنه و كان ابوها حيا و كان الجد مرضيا جاز، قلنا: فان هوي أبو الجارية هوي، و هوي الجد هوي و

هما سواء في العدل و الرضا، قال:

احب إلي أن ترضي بقول الجد «1» و فيه ان المستفاد من الحديث لزوم كون الجد مرضيا و لا يستفاد من الحديث عدم كون العقد ذا مفسدة.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بقاعدة لا ضرر علي ما هو المقرر عند القوم من حكومتها علي ادلة الأحكام فان مقتضي تلك القاعدة عدم صحة العقد الضرري فالنتيجة ان الولاية لهما فيما لا يكون التزويج مضرا بحال الصغير.

و لكن يمكن الانتقاض بعدم التزامهم بالبطلان في مورد الغبن في باب البيع فان مقتضي القاعدة المذكورة بطلان العقد اذا كان احد المتعاقدين مغبونا و الأصحاب لم يلتزموا به بل قائلون بالخيار الا أن يقال ان القاعدة امتنانية و الحكم بالفساد خلاف الامتنان، فتأمل.

(1) فان بناء الأصحاب علي صحة الفضولي بالاجازة مضافا الي النص الخاص الوارد في المقام، لاحظ ما رواه ابو عبيدة «2».

(2) قد ظهر وجه الاشكال مما تقدم و قلنا ان الخيار مقتضي النص الوارد لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «3».

(3) يمكن الاستدلال علي المدعي بوجوه: الوجه الاول ما رواه زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا كانت المرأة مالكة امرها تبيع و تشتري و تعتق

______________________________

(1) الوسائل: الباب 11 من ابواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 544

(3) لاحظ ص: 584

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 587

______________________________

و تشهد و تعطي من مالها ما شاءت فان أمرها جائز تزوج ان شاءت بغير اذن وليها و ان لم تكن كذلك فلا يجوز تزويجها الا بامر وليها «1».

بتقريب ان الولي الأب و الجد، و فيه ان السند ضعيف فلا أثر للرواية الوجه الثاني: ان السيرة القطعية قائمة علي قيام الأب و الجد بادارة

شئون المجنون و المجنونة في النكاح و غيره من دون ان يثبت ردع عنها و فيه: ان اثبات السيرة المتصلة بزمانهم في غاية الاشكال بل تحقق السيرة المدعاة مورد الكلام و الاشكال

الوجه الثالث: قوله تعالي «إِلّٰا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكٰاحِ وَ أَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْويٰ» «2» فانه يستفاد من هذه الاية الشريفة بضميمة النصوص المفسرة ان المراد من الذي بيده عقدة النكاح الأب و الجد و الأخ منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الذي بيده عقدة النكاح هو ولي امرها «3»

و منها: ما رواه أبو بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الذي بيده عقدة النكاح، قال: هو الأب و الأخ و الرجل يوصي اليه، و الذي يجوز امره في مال المرأة فيبتاع لها و يشتري فأي هؤلاء عفا فقد جاز 4.

و منها: ما روي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام في قوله: «إِلّٰا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكٰاحِ» قال: هو الذي يعفوا عن بعض الصداق أو يحطون عنه بعضه أو كله 5.

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألت جعفر بن محمد عليهما السلام عن قول اللّه: «إِلّٰا أَنْ يَعْفُونَ» قال: المرأة تعفوا عن نصف الصداق، قلت «أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح، قال: أبوها اذا عفا جاز له، و أخوها اذا كان يقيم

______________________________

(1) الوسائل: الباب 9 من ابواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 6.

(2) البقرة/ 237.

(3) (3 و 4) الوسائل: الباب 8 من ابواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 2 و 4

(4) (5) الوسائل الباب 52 من أبواب المهور

الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 588

______________________________

بها و هو القائم عليها فهو بمنزلة الأب يجوز له، و اذا كان الأخ لا يهتم بها و لا يقوم عليها لم يجز عليها امره «1».

غاية الأمر ترفع اليد عن النص بالنسبة الي الأخ لعدم ولايته، و يبقي الجد و الأب تحت النصوص، و لا يخفي ان المذكور في النصوص الأب و الأخ و لم يذكر فيها الجد الا أن يقال بعدم الفصل بين الأب و الجد أو يقال ان المذكور في حديث ابن سنان «2» عنوان الولي، و الجد ولي.

و لقائل أن يقول: من اين ثبت ولاية الجد و الحكم لا يثبت موضوع نفسه كما هو ظاهر.

الوجه الرابع: انه قد دلت جملة من النصوص علي ولاية الأب أو الوالد علي نكاح ولده علي الاطلاق لاحظ ما رواه ابن جعفر «3» فان مقتضي هذه الرواية ان امر نكاح الولد بيد والده علي الاطلاق فبالمقدار الخارج قطعا نرفع اليد و في الباقي نأخذ بها، و المقام من موارد الأخذ اذ لا دليل علي عدم ولاية الوالد.

الوجه الخامس: ما رواه أبو خالد القماط قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام الرجل الأحمق الذاهب العقل يجوز طلاق وليه عليه؟ قال: و لم لا يطلق هو؟

قلت: لا يؤمن ان طلق هو أن يقول غدا: لم أطلق، أو لا يحسن أن يطلق قال:

ما اري وليه الا بمنزلة السلطان «4».

بتقريب ان المستفاد من الرواية ان الولي له الولاية علي الطلاق كالسلطان

______________________________

(1) الوسائل: الباب 52 من ابواب المهور الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 587

(3) لاحظ ص: 537

(4) الوسائل: الباب 35 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 589

علي اشكال (1) فالاحوط الاستجازة

من الحاكم الشرعي أيضا (2) و لا ولاية للأب علي البالغ الرشيد (3).

______________________________

و اذا ثبت الولاية علي الطلاق ثبت ولايته علي النكاح بالاولوية اذ الطلاق اهم و اعظم هذا من ناحية و من ناحية اخري ان وليه أبوه فانه الذي يباشر اموره.

و ان ابيت عن الاولوية نقول: المستفاد من الحديث ان وليه بمنزلة السلطان و هو الامام المعصوم عليه السلام و حيث ان الامام عليه السلام له الولاية المطلقة في جميع الامور يكون وليه كذلك فكما ان نكاح الامام عليه السلام صحيح كذلك نكاح وليه، فلاحظ.

(1) فإنّه قد وقع مورد الاشكال في كلام الأصحاب من باب عدم ورد نص خاص فيه.

(2) من باب أن الجمع بين الأمرين لا يبقي اشكالا اذ الأمر دائر بين الولي و الحاكم.

(3) بلا اشكال و لا خلاف كما في كلام بعض و عن كشف اللثام اجماعا منا و من العامة و السيرة الخارجية شاهدة علي المدعي.

و صفوة القول: انه لا مجال للإشكال و الكلام و ان كان للأب ولاية علي البالغ الرشيد لكان ظاهرا و واضحا، اضف الي ذلك بعض النصوص الدال علي المدعي لاحظ ما رواه الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

اذا زوج الرجل ابنه فذاك الي ابنه «الي أبيه» و اذا زوجت الابنة جاز «1» و ما رواه ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: اني اريد أن اتزوج امرأة و ان ابوي أرادا أن يزوجاني غيرها فقال: تزوج الذي هويت ودع التي

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 590

و لا علي البالغة الرشيدة (1).

______________________________

«الذي» يهوي

أبواك «1» و ما رواه ابان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا زوج الرجل ابنه كان ذلك الي ابنه و اذا زوج ابنته جاز ذلك «2».

(1) عن جامع المقاصد اتفاق علمائنا عليه، و عن المسالك انه لا خلاف بين اصحابنا في سقوط الولاية عنها الا ما نقل عن الحسن ابن أبي عقيل من بقاء الولاية و هو شاذ، و عن رسالة الشيخ الأعظم (قده) دعوي اتفاق النص و الفتوي عليه.

و تدل علي المدعي جملة من النصوص.

منها: ما رواه عبد الخالق قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة الثيب تخطب الي نفسها قال: هي املك بنفسها تولي من شاءت اذا كان كفوا بعد أن تكون قد نكحت زوجا قبل ذلك «3».

و منها ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في المرأة الثيب تخطب الي نفسها قال: هي أملك بنفسها تولي أمرها من شاءت اذا كان كفوا بعد أن تكون قد نكحت رجلا قبله «4».

و منها: ما رواه فضل بن عبد الملك و الحلبي «5».

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الثيب تخطب الي نفسها؟ قال: نعم هي أملك بنفسها تولي امرها من شاءت اذا كانت قد تزوجت زوجا قبله «6».

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب عقد النكاح و اوليا العقد الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل: الباب 3 من أبواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 2.

(4) نفس المصدر: الحديث 4

(5) لاحظ ص: 537

(6) المصدر السابق الحديث: 21.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 591

عدا البكر فان الاحوط لزوما في تزويجها اعتبار اذن الاب و اذنها معا كما

مر (1) و يكفي في اثبات اذنها سكوتها (2) الا اذا كانت هناك قرينة علي عدم الرضا (3) و اذا زالت بكارتها بغير الوطي فهي بمنزلة البكر (4) بخلاف

______________________________

و منها: ما رواه عبيد بن زرارة «1».

(1) و قد مر شرح ما أفاده و بيان ما هو المختار فراجع.

(2) لجملة من الروايات: منها ما رواه احمد بن محمد بن أبي نصر قال:

قال أبو الحسن عليه السلام: في المرأة البكر اذنها صماتها، و الثيب أمرها، اليها «2».

و منها ما رواه داود بن سرحان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل يريد أن يزوج اخته قال: يؤامرها فان سكتت فهو اقرارها و ان ابت لم يزوجها 3.

و منها: ما رواه داود بن سرحان «سليمان خ ل» عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل يريد أن يزوج اخته، قال: يؤامرها فان سكتت فهو اقرارها و ان ابت لم يزوجها، فان قالت: زوجني فلانا زوجها ممن ترضي، و اليتيمة في حجر الرجل لا يزوجها الا برضاها 4 فان مقتضي هذه النصوص ان الشارع الأقدس جعل سكوتها امارة علي اذنها.

(3) اذ من الواضح ان الامارة انما تؤثر فيما لا يكون دليل علي خلافها و أما مع كشف الخلاف فلا أثر للأمارة كما هو ظاهر.

(4) الحكم رتب علي البكر و البكر فسر في اللغة بالتي لم تمس فاللازم تحقق الدخول و المس و الا لا يصدق عليه عنوان الثيب.

______________________________

(1) لاحظ ص: 537

(2) (2 و 3) الوسائل: الباب 5 من ابواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 1 و 2.

(3) (4) الوسائل: الباب 3 من أبواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 592

ما اذا زالت بالوطي

شبهة أو زنا علي الاظهر (1) و للوصي أيضا ولاية

______________________________

و ربما يستدل علي المدعي بقوله تعالي «فَجَعَلْنٰاهُنَّ أَبْكٰاراً» «1» بضميمة قوله تعالي «لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَ لٰا جَانٌّ» «2» و لكن الظاهر انه لا يمكن اتمام المدعي بهما اذ المستفاد من الآيتين انهن ابكار و انه لم يحصل المس معهن لا من الانس و لا من الجن و لا يستفاد من الآيتين ان البكارة باقية ما دام لا يحصل المس.

و لكن يمكن اثبات المدعي ببعض النصوص لاحظ ما رواه ابن جعفر «3» فان المستفاد من هذه الرواية ان الميزان في ارتفاع الولاية هو الدخول فلا أثر بازالة العذرة بغير الدخول.

(1) فان المستفاد من حديث ابن جعفر «4» ان الولاية تزول بالدخول مطلقا و في المقام روايات تدل علي اشتراط السقوط بالنكاح فلا أثر للدخول اذا كان شبهة أو بالزنا.

و منها: ما رواه عبد الخالق «5» و هذه الرواية ضعيفة بعبد الخالق فانه لم يوثق و منها: ما رواه عبد الرحمن «6» و هذه الرواية ضعيفة بقاسم قال سيدنا الاستاد:

انه مشترك بين الثقة و الضعيف.

و منها: ما رواه الحلبي «7» و مقتضي هذه الرواية ان انقطاع الولاية بالتزويج و مقتضي حديث ابن جعفر ان الميزان بالدخول فلو تحقق الدخول بالزنا

______________________________

(1) الواقعة/ 36.

(2) الرحمن/ 56.

(3) لاحظ ص: 537

(4) لاحظ ص: 537

(5) لاحظ ص: 590

(6) لاحظ ص: 590

(7) لاحظ ص: 590

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 593

النكاح علي الصبي اذا نص عليه الموصي (1).

______________________________

يكون مورد التعارض بين الجانبين و الترجيح مع حديث ابن جعفر للأحدثية كما انه لو قلنا بتساقطهما بالتعاريض تصل النوبة الي الأخذ بدليل جواز تزويج الثيب بدون اذن الولي، فلاحظ.

(1) ما يمكن أن يستدل به

علي المدعي وجوه: الوجه الاول: قوله تعالي «كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذٰا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوٰالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَي الْمُتَّقِينَ» «1» بتقريب ان صدر الاية و ان كان راجعا الي الوصية بالمال و لكن ذيلها مطلق و مقتضي اطلاق الذيل عدم الاختصاص بالمال بل الاعم فان قوله تعالي «فَمَنْ خٰافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلٰا إِثْمَ عَلَيْهِ» «2»، يقتضي باطلاقه نفوذ الوصية الا فيما كان جنفا و ميلا عن الحق.

و لكن الانصاف ان استفادة الاطلاق من ذيل الاية الشريفة مشكلة و بعض النصوص الواردة في شرحها ناظرة الي الوصية المالية لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل أوصي بماله في سبيل اللّه قال اعطه لمن أوصي له به و ان كان يهوديا أو نصرانيا ان اللّه عز و جل يقول: فمن بد له بعد ما سمعه فانما اثمه علي الذين يبدلونه «3».

الوجه الثاني قوله تعالي «قُلْ إِصْلٰاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَ إِنْ تُخٰالِطُوهُمْ فَإِخْوٰانُكُمْ» «4» بتقريب ان النكاح لو كان لهم صلاح يصدق عنوان الاصلاح عليه فيجوز.

و يمكن أن يرد علي هذا الاستدلال بأن الاية لا تكون في مقام تشريع القدرة بل في مقام الحث علي المقدور و الا فأي فرق بين الوصي و الأجنبي؟ و ان شئت قلت: لا يمكن اثبات الولاية علي اليتيم بالآية.

______________________________

(1) البقرة/ 180.

(2) البقرة 182

(3) الوسائل الباب 32 من احكام الوصايا الحديث: 1

(4) البقرة/ 220

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 594

______________________________

الوجه الثالث: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن رجل أوصي الي رجل بولده و بمال لهم و اذن له عند

الوصية أن يعمل بالمال و أن يكون الربح بينه و بينهم، فقال: لا بأس به من اجل ان اباه قد اذن له في ذلك و هو حي «1» بتقريب ان المستفاد من الرواية جواز الوصية بالمضاربة و يستفاد من جوابه عليه السلام ان الميزان في نفوذ الوصية جواز ذلك الأمر بالنسبة الي الأب حيث قال عليه السلام «لا بأس به من اجل ان اباه قد اذن له في ذلك و هو حي» فيعلم ان كل امر يكون جائزا في حال حياته يجوز الايصاء به لما بعد الوفاة و حيث ان النكاح أمره بيده في حال الحياة فيجوز الايصاء به و هذه الرواية ضعيفة بحسن بن علي و قد عبر عنها سيدنا الاستاد بالصحيحة.

و في المقام رواية اخري رواها خالة «ابن بكير خ» الطويل قال: دعاني أبي حين حضرته الوفاة فقال: يا بني اقبض مال اخوتك الصغار و اعمل به، و خذ نصف الربح و اعطهم النصف، و ليس عليك ضمان فقد متني أم ولد أبي بعد وفاة أبي الي ابن أبي ليلي، فقالت: ان هذا يأكل اموال ولدي، قال: فاقتصصت عليه ما أمرني به ابي، فقال لي ابن أبي ليلي ان كان أبوك أمرك بالباطل لم أجزه، ثم اشهد علي ابن أبي ليلي ان انا حركته فأنا له ضامن، فدخلت علي أبي عبد اللّه عليه السلام فقصصت عليه قصتي، ثم قلت له: ما تري؟ فقال: أما قول ابن أبي ليلي فلا استطيع رده، و أما فيما بينك و بين اللّه عز و جل فليس عليك ضمان «2» يستفاد منها أيضا جواز الوصية بالمضاربة، و لكن سندها مخدوش بخالد مضافا الي أنها خالية عن التعليل.

الوجه الرابع:

انه قد فسر في بعض النصوص من بيده عقد النكاح و من

______________________________

(1) الوسائل الباب 92 من احكام الوصايا الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 92 من احكام الوصايا الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 595

______________________________

جملتهم الوصي، لاحظ حديث أبي بصير و محمد بن مسلم «1».

و لاحظ حديث سماعة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل:

«وَ إِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَ قَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مٰا فَرَضْتُمْ إِلّٰا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكٰاحِ» قال: هو الأب أو الأخ أو الرجل يوصي اليه، و الذي يجوز امره في مال المرأة فيبتاع لها فتجيز «و يتجر- يه» فاذا عفا فقد جاز «2» فانه لو أوصي الميت بالنكاح بالنسبة الي ولده يكون الوصي له الولاية بمقتضي النص و الظاهر ان هذا الوجه تام للاستدلال به علي المدعي.

و في المقام حديثان يستفاد منهما عدم الجواز: احدهما: ما رواه اسماعيل ابن بزيع قال: سأله رجل عن رجل مات و ترك اخوين و ابنة و البنت صغيرة فعمد احد الاخوين الوصي فزوج الابنة من ابنه ثم مات ابو الابن المزوج، فلما ان مات قال الاخر: اخي لم يزوج ابنه فزوج الجارية من ابنه، فقيل للجارية: اي الزوجين احب إليك الاول او الاخر؟ قالت: الاخر، ثم ان الاخ الثاني مات و للأخ الأول ابن اكبر من الابن المزوج، فقال للجارية: اختاري ايهما احب إليك الزوج الأول أو الزوج الاخر، فقال: الرواية فيها انها للزوج الأخير، و ذلك انها قد كانت ادركت حين زوجها و ليس لها أن تنقض ما عقدته بعد ادراكها «3» بتقريب انه فرض في الرواية ان الوصي زوج الجارية من ابنه

و مع ذلك جعلها للزوج الأخير فلا ولاية للوصي.

و يمكن أن يجاب علي الاستدلال بأنه لم يفرض في هذه الرواية كون الابن

______________________________

(1) لاحظ ص: 587 و الوسائل الباب 8 من أبواب مقدمات النكاح و اولياء العقد الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 52 من ابواب المهور الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 596

و كذا علي المجنون (1).

______________________________

الأكبر وصيا في النكاح بخلاف النصوص المفسرة لمن بيده عقدة النكاح فان المستفاد من تلك النصوص و لو بملاحظة مناسبة الحكم و الموضوع ان الوصي وصي في النكاح فلا تعارض بين الطرفين.

و ان شئت قلت: ان حديث ابن بزيع يشمل الوصي في النكاح بالاطلاق فان الوصي الوارد في الحديث مطلق فيمكن أن يكون وصيا في خصوص النكاح و يمكن كونه وصيا في خصوص غير النكاح و يمكن كونه وصيا علي الاطلاق و حيث انه اعم من هذه الجهات يكون قابلا لأن يقيد بما عارضه فان كون الوصاية في النكاح قطعي، فلاحظ.

ثانيهما: ما رواه محمد بن مسلم «1» بتقريب ان المستفاد من الرواية ان تزويج غير الأب لا اثر له و اجيب عن الاستدلال بأن ذكر الأب من باب كونه وليا لا لخصوصية فيه و الا فلا اشكال في الولاية للجد و لم يذكر في الرواية فلا تعارض بين الطرفين.

و فيه: انه خلاف الظاهر و كون الجد ذا ولاية يقتضي تخصيص الرواية بدليل كون الجد وليا أيضا فهذا الجواب غير تام فيقال في الجواب عن الاشكال ان دلالة الرواية علي عدم ولاية الوصي بالاطلاق و قابل لأن يقيد بدليل صحة الوصاية و بعبارة اخري: قد علم من نصوص تفسير من

بيده عقدة النكاح ان الوصي في النكاح له الولاية فتقيد حديث محمد بن مسلم بتلك النصوص.

و مما ذكرنا ظهر الجواب عن الاستدلال بحديث أبي عبيدة «2» فان غاية دلالته علي نفي الولاية بالاطلاق و الاطلاق قابل للتقييد، فلاحظ.

(1) فان مقتضي نفوذ الوصية نفوذها في المقام كما ان مقتضي تفسير من بيده

______________________________

(1) لاحظ ص: 583

(2) لاحظ ص: 544

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 597

و اضطر الي التزويج (1) و الاحوط استئذان الحاكم (2) و للحاكم الولاية علي المجنون اذا لم يكن له ولي مع ضرورته الي التزويج و في ولايته علي الصبي في ذلك اشكال و الاظهر الجواز مع ضرورته اليه (3).

______________________________

عقدة النكاح بالوصي جواز نكاح الوصي كما تقدم بالنسبة الي الصغير طابق النعل بالنعل

(1) عن الشرائع: «للوصي أن يزوج من بلغ فاسد العقل اذا كان به ضرورة الي النكاح» و نحوه عن القواعد و عن المسالك يظهر منهما عدم الخلاف في هذه الصورة يعني صورة ما اذا بلغ فاسد العقل و عن الجواهر نفي بعضهم الخلاف عن ثبوتها في ذلك و المقام محل الاشكال اذ دليل الولاية اذا كان هو الاجماع فلا بد من الاقتصار علي صورة تحقق البلوغ في حال فساد العقل بالاضافة الي الضرورة الي النكاح و لا مجال للتعدي، مضافا الي الاشكال في الاستدلال بهذه الاجماعات.

و لقائل أن يقول: بأي وجه نلتزم بولاية الوصي فانه مع فرض الضرورة تصل النوبة الي الحاكم الشرعي من باب كونه ذا ولاية بالنسبة الي الامور الحسبية و مع عدمه تصل النوبة الي العدول و الي جميع المكلفين و ان كان المدرك ما تقدم من اطلاق الاية و كون الوصي من أفراد من بيدهم عقدة النكاح فلا وجه

للتقييد بصورة الضرورة و كيف كان الالتزام بثبوتها للوصي فرع وجود الولاية للأب اذ مع عدمها لا مجال للإيصاء بها فلاحظ.

(2) قد ظهر وجهه فان المقام محل الكلام و الاشكال فيكون مورد الاحتياط بالنحو المذكور.

(3) اذ مع الضرورة يكون تزويجه من الامور التي لا بد من تصديها و القدر المتيقن هو الحاكم الشرعي فاذا فرضت الضرورة و لم يكن له ولي تصل النوبة الي الحاكم و عين هذا البيان جارية في الصغير.

و وجه الاشكال عدم الدليل علي ولاية الحاكم و تحقق الولاية علي خلاف

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 598

و أما السفيه ففي صحة تزويجه اشكال (1) فالاحوط أن لا ينكح الا باذن الاب ان كان و الا فالحاكم (2) و اذا كان رشيدا في المال

______________________________

الأصل الأولي و لكن ظهر مما تقدم انه مع الضرورة و عدم الولي يكون للحاكم التصدي.

(1) يستفاد من حديث أبي الحسين الخادم بياع اللؤلؤ- عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأله أبي و أنا حاضر عن اليتيم متي يجوز امره؟ قال: حتي يبلغ أشده قال. و ما أشده؟ قال: احتلامه، قال: قلت: قد يكون الغلام ابن ثمان عشرة سنة أو أقل أو اكثر و لم يحتلم، قال: اذا بلغ و كتب عليه الشي ء «و نبت عليه الشعر ظ» جاز عليه الا أن يكون سفيها أو ضعيفا «1» عدم جواز نكاحه فان مقتضي اطلاق الحديث ان البالغ اذا كان سفيها أو ضعيفا لا يجوز أمره علي الاطلاق فلا يجوز نكاحه.

و لكن هذه الرواية ضعيفة سندا و عليه لا مانع من تزويجه اذا لم يستلزم التصرف في ماله، الا أن يقال ان مقتضي حديث الفضلاء «2» ان المرأة السفيهة لا يجوز نكاحها

بدون الولي و بعدم القول بالفصل بين المرأة و الرجل نلتزم ان نكاح الرجل السفيه أيضا غير جائز الا مع اذن الولي، فتأمل.

(2) قد ذكرنا ان مقتضي بعض النصوص ان امر تزويج الولد بيد والده لاحظ ما رواه ابن جعفر «3» فان مقتضي هذا الحديث ان امر ازدواج الولد بيد والده خرج منه من خرج و بقي الباقي فالولاية مع وجوب الأب مع الأب و مع عدمه ينتقل الي الحاكم فانه الولي العام هذا بالنسبة الي السفيه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب احكام الحجر الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 542

(3) لاحظ ص: 537

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 599

غير رشيد في التزويج فالاحوط له الاستئذان من الحاكم في تزويجه (1) و للمولي الولاية علي مملوكه ذكرا كان أم انثي مطلقا (2) و لو زوج الولي الصغيرين توارثا (3) و لو كان المزوج غيره وقف علي الاجازة فان مات احدهما قبل البلوغ بطل و ان بلغ احدهما و أجاز ثم مات

______________________________

و أما بالنسبة الي السفيهة فيمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه الفضلاء «1»

و الظاهر انه يشترط ولاية الحاكم بضرورة التزويج و الا فلا اري وجها لولايته فان ولايته من باب الحسبة.

(1) فان مقتضي اطلاق حديثي ابن جعفر «2» و الفضلاء «3» عدم الفرق بين كونه رشيدا في المال و عدمه و لكن الذي يخطر بالبال ان مقتضي الظاهر أو الاحتياط تقديم ولاية الأب مع وجوده علي الحاكم و مع عدمه تصل النوبة اليه، و الظاهر من المتن خلافه و اللّه العالم.

(2) لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يجوز للعبد تحرير و لا تزويج و لا اعطاء في ماله الا

باذن مولاه «4» و لاحظ أيضا ما رواه أبو العباس قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الامة تتزوج بغير اذن اهلها، قال:

يحرم ذلك عليها و هو الزنا 5.

و في الاستدلال علي المدعي بالحديثين اشكال اذ المستفاد منهما اشتراط اذن المولي في التزويج و أما استقلاله فيه فلا الا أن يقال: ان المسألة اتفاقية بين القوم و الذي يهون الخطب عدم كونها مورد الابتلاء في هذه الأزمنة.

(3) كما هو مقتضي القاعدة فان الزوجية اذا تحققت يترتب عليها الارث من

______________________________

(1) لاحظ ص: 542

(2) لاحظ ص: 537

(3) لاحظ ص: 542

(4) (4 و 5) الوسائل الباب 17 من ابواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 600

احلف الثاني بعد بلوغه علي انتفاء الطمع اذا احتمل كون اجازته طمعا في الميراث فاذا حلف علي ذلك ورث و الا فلا (1).

[مسألة 1: كما يصح عقد الفضولي في البيع يصح في النكاح]

(مسألة 1): كما يصح عقد الفضولي في البيع يصح في النكاح فاذا عقد شخص لغيره من دون اذنه فاجاز المعقود له صح العقد و اذا لم يجر بطل (2) و اذا و كلت المرأة شخصا علي تزويجها لم يصح

______________________________

الطرفين.

(1) لاحظ ما رواه أبو عبيدة «1» فانه يستفاد التفصيل المذكور من الرواية و لكن قد ذكر في المقام امران: احدهما انه قد ذكر في الرواية ان الولي زوجهما و الفتوي لا تكون كذلك.

ثانيهما: انه فرض موت الزوج و الأصحاب عمموا الحكم بالنسبة الي كليهما.

و اجيب عن الاشكال الأول بأن المراد من الولي الولي العرفي و لذا حكم بصحة التزويج في ذيل الرواية اذ كان المزوج الأبوان، و عن الثاني باتفاق الاصحاب و الاجماع علي عدم الفرق، فلاحظ.

(2) يمكن الاستدلال علي المدعي بوجوه: الوجه

الاول: صحة الفضولي بالاجازة علي طبق القاعدة الأولية الجارية في جميع العقود بتقريب انه بالاجازة ينتسب العقد الي المجيز و يصير عقدا له فيترتب عليه الاثر.

و قد اوردنا في هذا التقريب في بحث البيع الفضولي و قلنا ان صحة الفضولي بالاجازة تحتاج الي دليل خاص و لا تتم بالقاعدة و التفصيل موكول الي ذلك الباب.

الوجه الثاني: ما ورد من التعليل في تزويج العبد بدون اذن سيده لاحظ ما

______________________________

(1) لاحظ ص: 544

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 601

______________________________

رواه زرارة «1» بتقريب ان مقتضي عموم العلة جواز الفضولي في النكاح بل جواز الفضولي علي الاطلاق اذ المستفاد من التعليل ان المناط في الفساد معصية اللّه تعالي و أما اذا لم تكن معصية له تعالي بل معصية للخلق يصح ما وقع بالاجازة المتأخرة ممن بيده الأمر كالمولي في نكاح العبد.

و يشكل بأن المستفاد من الرواية ان نكاح العبد يصح باجازة المولي و بعموم العلة نتعدي الي غير النكاح من بقية عقوده و ايقاعاته و أما التعدي الي مطلق الفضولي فلا وجه له.

و ان شئت قلت: مقتضي التعدي بعموم العلة أن يقال: ان العبد اذ عقد عقدا أو أوقع ايقاعا و لم يكن معصية له تعالي يصح باجازة مولاه و هل يمكن التعدي من اثبات حكم بالنسبة الي العبد الي غيره، فلاحظ.

نعم لا يبعد أن يستفاد صحة البيع الفضولي بالاجازة من حديث محمد بن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قضي في وليدة باعها ابن سيدها و ابوه غائب فاشتراها رجل فولدت منه غلاما، ثم قدم سيدها الاول فخاصم سيدها الأخير فقال هذه وليدتي باعها ابني بغير اذني، فقال خذ وليدتك و ابنها، فناشده المشتري فقال: خذ ابنه يعني

الذي باع الوليدة حتي ينفذ لك ما باعك، فلما اخذ البيع الابن قال ابوه: ارسل ابني فقال: لا ارسل ابنك حتي ترسل ابني، فلما رأي ذلك سيد الوليدة الاول اجاز بيع ابنه «2» و لكن الحق استفادة صحة الفضولي بالاجازة من حديث زرارة بتقريب عموم العلة، فلاحظ.

الوجه الثالث النصوص الواردة في الموارد المختلفة الدالة علي جواز الفضولي في النكاح، منها: ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام

______________________________

(1) لاحظ ص: 545

(2) الوسائل: الباب 88 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 602

______________________________

انه سأله عن رجل زوجته امه و هو غائب، قال: النكاح جائز ان شاء المتزوج قبل و ان شاء ترك فان ترك المتزوج تزويجه فالمهر لازم لأمه «1» و منها ما رواه زرارة «2».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل تزوج عبده «امرأة» بغير اذنه فدخل بها ثم اطلع علي ذلك مولاه، قال: ذاك لمولاه ان شاء فرق بينهما، و ان شاء اجاز نكاحهما فان فرق بينهما فللمرأة ما أصدقها، الا أن يكون اعتدي فاصدقها صداقا كثيرا، و ان اجاز نكاحه فهما علي نكاحهما الاول، فقلت: لأبي جعفر عليه السلام: فان اصل النكاح كان عاصيا، فقال أبو جعفر عليه السلام: انما اتي شيئا حلالا و ليس بعاص للّه انما عصي سيده و لم يعص اللّه، ان ذلك ليس كإتيان ما حرم اللّه عليه من نكاح في عدة و اشباهه «3».

و منها: ما رواه معاوية بن وهب قال: جاء رجل الي أبي عبد اللّه عليه السلام فقال: اني كنت مملوكا لقوم، و اني تزوجت امراة حرة بغير اذن موالي ثم اعتقوني

بعد ذلك، فاجدد نكاحي اياها حين اعتقت؟ فقال له: أ كانوا علموا انك تزوجت امرأة و انت مملوك لهم؟ فقال: نعم و سكتوا عني و لم يغيروا علي، قال: فقال سكوتهم عنك بعد علمهم اقرار منهم، اثبت علي نكاحك الاول «4».

و منها: ما رواه الحسن ابن زياد الطائي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام اني كنت رجلا مملوكا فتزوجت بغير اذن مولاي، ثم اعتقني اللّه بعد فاجدد النكاح قال: فقال: علموا انك تزوجت؟ قلت: نعم قد علموا فسكتوا و لم يقولوا لي

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 545

(3) الوسائل الباب 24 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 26 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 603

أن يتزوجها (1) الا مع عموم الاذن منها (2) بل لو اذنت له في أن أن يتزوجها فالاحوط له استحبابا أن لا يتولي بنفسه الايجاب و القبول بل يوكل عنها من يتولي الايجاب عنها (3) و لا بأس له أن يوكلها

______________________________

شيئا قال: ذلك اقرار منهم انت علي نكاحك «1».

و منها: ما رواه أبو عبيدة «2» و منها: ما رواه الفضل بن عبد الملك «3» مضافا الي الشهرة و الاجماع و نفي الخلاف المدعاة.

(1) كما نقل عن جملة من الاساطين كالمحقق و العلامة، و عن المسالك دعوي عدم الخلاف و الوجه فيه انصراف التوكيل عن نفس الوكيل.

(2) كما هو ظاهر.

(3) لرواية عمار الساباطي «4» و لا يبعد أن يكون النهي راجعا الي كون الزوج بنفسه شاهدا في الزواج فيكون المنع من هذه الجهة فلا يدل علي فساد تولي الزوج لطرفي الايجاب و

القبول.

مضافا الي دعوي ضرورة عدم القدح، لاحظ كلام السيد الحكيم (قده) في هذا المقام و لو تنزلنا عما قلنا و سلمنا ان النهي راجع الي تولي الرجل الايجاب لكن نقول ان المستفاد من الرواية ان المنهي عنه هو المجموع المركب من الايجاب و الشهادة و أما الايجاب بلا شهادة فلا يكون متعلقا للنهي و مقتضي القاعدة الاولية هو الجواز.

ثم لا يخفي: ان المنهي عنه الوكالة في الايجاب فلو فرض ان الرجل و كل شخصا آخر للقبول و تصدي بنفسه للإيجاب يكون مشمولا للنهي فما في كلمات

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 544

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 4

(4) لاحظ ص: 547

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 604

فتتولي الايجاب منها و القبول عنه (1).

[الفصل الثالث في المحرمات]

اشارة

الفصل الثالث في المحرمات: و هي قسمان نسب و سبب (فالنسب) الام و ان علت و البنت و ان سفلت و الاخت و بناتها و ان نزلن و العمة و الخالة و ان علنا كعمة الابوين و الجدين و خالتهما و بنات الاخ و ان نزلن

[و أما السبب فأمور]

اشارة

و أما السبب فامور:

[الأول ما يحرم بالمصاهرة]
اشارة

(الاول) ما يحرم بالمصاهرة (2).

______________________________

الاصحاب من كراهة تولي طرفي العقد أو حرمته ليس علي ما ينبغي بل المنهي عنه كون الزوج متصديا للإيجاب، فلاحظ.

(1) لخروج الفرض عن مفاد الحديث.

(2) حرمة المذكورات من الأمور الواضحة التي لا مجال للبحث فيها بالاضافة الي الاية الشريفة «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهٰاتُكُمْ وَ بَنٰاتُكُمْ وَ أَخَوٰاتُكُمْ وَ عَمّٰاتُكُمْ وَ خٰالٰاتُكُمْ وَ بَنٰاتُ الْأَخِ وَ بَنٰاتُ الْأُخْتِ وَ أُمَّهٰاتُكُمُ اللّٰاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَ أَخَوٰاتُكُمْ مِنَ الرَّضٰاعَةِ وَ أُمَّهٰاتُ نِسٰائِكُمْ وَ رَبٰائِبُكُمُ اللّٰاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسٰائِكُمُ اللّٰاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْكُمْ، وَ حَلٰائِلُ أَبْنٰائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلٰابِكُمْ وَ أَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلّٰا مٰا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّٰهَ كٰانَ غَفُوراً رَحِيماً» «1» فان صدق بعض العناوين المذكورة في الاية الكريمة علي بعض المراتب و ان كان محل التأمل او المنع، لكن يتم الامر بالتسالم و الاجماع و الارتكاز المتشرعي، فلاحظ.

______________________________

(1) النساء/ 23

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 605

[مسألة 1: من وطأ امرأة بالعقد أو الملك حرمت عليه أمها و إن علت و بناتها و إن نزلت]

(مسألة 1): من وطأ امرأة بالعقد او الملك حرمت عليه امها و ان علت و بناتها و ان نزلت لابن او بنت تحريما مؤبدا سواء سبقن علي الوطء أم تأخرن عنه (1).

______________________________

(1) في هذه مسئلة فروع: الفرع: الاول: انه من وطأ امرأة بالعقد حرمت عليه امها بلا خلاف و لا اشكال و يدل علي المدعي قوله تعالي «1» و مقتضي اطلاق الاية الشريفة تحقق الحرمة و لو مع عدم الدخول بل هو المعروف و المشهور بين الاصحاب علي ما يظهر من بعض الكلمات، بل ادعي عليه الاجماع عدا ما نسب الي ابن أبي عقيل من اشتراط الدخول بالبنت لحرمة امها.

و ربما يقال: انه يستفاد الاشتراط من الكتاب العزيز و له

تقريبان احدهما: أن يكون قوله تعالي «مِنْ نِسٰائِكُمُ اللّٰاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ» راجعا الي كل من نسائكم و ربائبكم و فيه: ان الجار اذا كان راجعا الي نسائكم يكون بيانية و اذا كان متعلقا بقوله تعالي «وَ رَبٰائِبُكُمُ» يكون نشوية و الجمع بين الامرين علي فرض جوازه و صحته خلاف الظاهر لا يصار اليه بلا قرينه فهذا التقريب فاسد.

ثانيهما: أن يكون قوله تعالي «اللّٰاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ» صفة لكل من نسائكم الاولي و الثانية و فيه: ان الفصل بين الصفة و الموصوف لا دليل علي صحته و صفوة القول:

ان العرف محكم في باب الظواهر و الظاهر من الاية الشريفة رجوع القيد الي امهات الربائب، فمقتضي اطلاق الاية المباركة عدم الاشتراط و تحقق الحرمة بنفس تحقق عنوان أمّ الزوجة هذا بحسب المستفاد من الكتاب.

و اما بحسب النص فيستفاد من بعض الروايات عدم الاشتراط، لاحظ ما رواه غياث ابن ابراهيم، عن جعفر، عن ابيه ان عليا عليه السلام قال. اذا تزوج الرجل المرأة حرمت عليه ابنتها اذا دخل بالام فاذا لم يدخل بالام فلا بأس أن يتزوج بالابنة

______________________________

(1) لاحظ ص: 604

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 606

______________________________

و اذا تزوج بالابنة فدخل بها او لم يدخل فقد حرمت عليه الام و قال: الربائب عليكم حرام كن في الحجر أو لم يكن «1».

و لاحظ ما رواه ابو بصير قال: سألته عن رجل تزوج امرأة ثم طلقها قبل أن يدخل بها فقال: تحل له ابنتها و لا تحل له امها 2.

و في قبال هذه الطائفة، طائفة اخري تعارضها و تدل علي الاشتراط:

منها: ما رواه حماد بن عثمان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الام و البنت سواء اذا لم يدخل بها يعني

اذا تزوج المرأة ثم طلقها قبل ان يدخل بها فانه ان شاء تزوج امها و ان شاء ابنتها 3.

و منها: ما رواه محمد بن اسحاق بن عمار قال: قلت له: رجل تزوج امرأة و دخل بها ثم ماتت أ يحل له أن يتزوج امها؟ قال: سبحان اللّه كيف تحل له امها و قد دخل بها؟ قال: قلت له: فرجل تزوج امرأة فهلكت قبل أن يدخل بها تحل له امها؟ قال: و ما الذي يحرم عليه منها و لم يدخل بها 4.

و منها: ما رواه جميل بن دراج انه سئل ابو عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج امرأة ثم طلقها قبل أن يدخل بها هل تحل له ابنتها؟ قال الام و الابنة في هذا سواء اذا لم يدخل باحداهما حلت له الاخري 5 فلا بد من العلاج و الترجيح مع الطائفه الاولي لموافقتها مع الكتاب و قد ذكرنا اخيرا ان المرجح منحصر بالاحدثيه فيدخل المقام في كبري اشتباه الحجة بغيرها و حيث ان تخصيص الكتاب غير ثابت فلا بد من العمل علي طبق ظاهر قوله تعالي فالنتيجه هي الحرمة و اللّه العالم. الفرع الثاني: انه تحرم أم الزوجه و ان علت و الامر كما افاده فان الظاهر

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 18 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 4 و 5

(2) (3 و 4 و 5) الوسائل الباب 20 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث:

3 و 5 و 6

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 607

______________________________

التسالم علي أن المذكورات في الاية الشريفة لا تختص بالدرجة الاولي.

قال سيدنا الاستاد المراد من الامهات و البنات و بنات الاخ و بنات الاخت الاعم من الصلبية

و غير ذات الواسطة و من ذات الواسطة بلا كلام.

الفرع الثالث: انه يحرم علي الواطئ بنت الزوجة بلا اشكال و لا كلام و يدل عليه قوله تعالي «وَ رَبٰائِبُكُمُ» مضافا الي النصوص و قد تقدم بعض تلك النصوص في ذيل الفرع الاول.

الفرع الرابع: ان البنت تحرم و ان نزلت و الأمر كما افاده بالتسالم و الاجماع و يمكن أن يقال: ان المدعي مستفاد من الكتاب الكريم بمقتضي وحدة السياق اذ قد مر قريبا ان المراد من الام و البنت الاعم فالربيبة كذلك.

الفرع الخامس: انه لا فرق في حرمة الربيبة بين كونها سابقة علي الوطء و بين كونها لاحقه، و يدل علي المدعي ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت احدهما عليهما السلام عن رجل كانت له جارية فاعتقت فزوجت فولدت أ يصلح لمولاها الأول أن يتزوج ابنتها؟ قال: لا هي حرام و هي ابنته و الحرة و المملوكة في هذا سواء «1» مضافا الي التسالم فيما بينهم

الفرع السادس: انه من وطأ امرأة بالملك حرمت عليه امها للنصوص: منها ما رواه حسين بن سعيد قال: كتبت الي أبي الحسن عليه السلام رجل له امة يطأها فماتت أو باعها ثم أصاب بعد ذلك امها هل له أن ينكحها؟ فكتب عليه السلام لا تحل له «2» و لا يعارض النصوص الدالة علي المنع ما روي عن ابي عبد اللّه عليه السلام عن رجل كانت له مملوكة يطأها فماتت ثم اصاب بعد امها قال: لا بأس ليست بمنزلة الحرة 3 فان هذا الرواية تدل علي الجواز لكن لا اعتبار بسندها بمحمد

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 2

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 21

من أبواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 7 و 15

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 608

[مسألة 2: تحرم الموطوءة بالملك أو العقد علي أبي الواطئ و إن علا]

(مسألة 2): تحرم الموطوءة بالملك أو العقد علي أبي الواطئ و ان علا، و لو كان لأمه و علي أولاده و ان نزلوا و كذا المعقود عليها لأحدهما مطلقا فانها تحرم علي الاخر و كذا الامة المملوكة الملموسة بشهوة أو المنظور الي شي ء منها مما يحرم النظر اليه لغير المالك بشهوة فانها تحرم علي الاخر (1).

______________________________

بن سنان.

الفرع السابع: من وطأ امرأة بالملك تحرم عليه بنتها و يدل علي المدعي ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل كانت له جارية و كان يأتيها فباعها فاعتقت و تزوجت فولدت ابنة هل تصلح ابنتها لمولاها الأول؟

قال: هي عليه حرام «1».

و اما حديث رزين بياع الانماط- عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له:

تكون عندي الامة فأطؤها ثم تموت أو تخرج من ملكي فاصيب ابنتها يحل لي أن أطأها؟ قال: نعم، لا بأس به انما حرم اللّه ذلك من الحرائر فأما الاماء فلا بأس به 2- فلضعف سنده غير قابل لأن يعارض دليل المنع فان سنده مخدوش برزين و غيره.

و أما شمول الحكم للمرتبة الاولي و بقية المراتب فكما مر، فان عموم الحكم مورد تسالمهم هذا علي تقدير عدم صدق عنوان الام أو البنت علي ذي الواسطة و الا فالأمر اوضح.

(1) في هذا المسألة فروع الفرع الأول: ان الموطوءة بالملك تحرم علي اب الواطئ، ادعي عليه اجماع المسلمين، و يمكن الاستدلال علي المدعي بقوله

______________________________

(1) (1 و 2) نفس المصدر الحديث: 6 و 16

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 609

______________________________

تعالي «وَ حَلٰائِلُ أَبْنٰائِكُمُ» «1». و يدل علي

المدعي ما رواه زرارة قال: قال ابو جعفر عليه السلام في حديث اذا اتي الجارية و هي حلال فلا تحل تلك الجارية لابنه و لا لأبيه «2».

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما يدل علي التحريم مع اللمس و النظر بالاولوية لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل تكون عنده الجارية يجردها و ينظر الي جسمها نظر شهوة هل تحل لأبيه؟ و ان فعل ابوه هل تحل لابنه؟ قال: اذا نظر اليها نظر شهوة و نظر منها الي ما يحرم علي غيره لم تحل لابنه و ان فعل ذلك الابن لم تحل للأب 3

الفرع الثاني: انها تحرم علي اب الواطئ و ان علا و ان كان لأمه ادعي عليه الاجماع و لصدق الابن علي الحفيد علي ما ادعي.

الفرع الثالث: انه لو وطي بالملك تحرم الموطوءة علي اولاد الواطئ و يدل عليه ما عن أبي جعفر عليه السلام 4 و يمكن الاستدلال بحديث عبد اللّه بن سنان 5 بالتقريب المتقدم و هي الاولوية.

الفرع الرابع: انها تحرم علي اولاد الواطئ و ان نزلوا، فانه يمكن الاستدلال علي المدعي مضافا الي التسالم و الاجماع بما يدل علي حرمتها علي الابن بدعوي ان الابن يصدق علي الحفيد.

الفرع الخامس: انه تحرم المعقود لكل منهما علي الاخر و لو مع عدم الدخول.

و يمكن الاستدلال علي المدعي مضافا الي الاجماع و التسالم بقول تعالي «وَ لٰا

______________________________

(1) النساء 6/ 23

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 3 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 5 و 6

(3) (4) لاحظ صدر هذه الصفحه

(4) (5) لاحظ ص: 565

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 610

______________________________

تَنْكِحُوا مٰا نَكَحَ آبٰاؤُكُمْ مِنَ النِّسٰاءِ»

«1» و قوله تعالي «وَ حَلٰائِلُ أَبْنٰائِكُمُ» 2 فان زوجة كل واحد منهما حرام علي الاخر بالكتاب مضافا الي النصوص، لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام انه قال: لو لم تحرم علي الناس ازواج النّبيّ صلي اللّه عليه و آله لقول اللّه عز و جل: «وَ مٰا كٰانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللّٰهِ وَ لٰا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوٰاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً» حر من علي الحسن و الحسين بقول اللّه عز و جل «وَ لٰا تَنْكِحُوا مٰا نَكَحَ آبٰاؤُكُمْ مِنَ النِّسٰاءِ و لا يصلح للرجل أن ينكح امرأة جده 3 و لاحظ ما رواه زرارة قال: قال ابو جعفر عليه السلام في حديث:

و اذا تزوج الرجل امرأة تزويجا حلالا فلا تحل تلك المرأة لأبيه و لا لابنه 4.

و قال السيد الحكيم (قده): بل لعله ضروري من ضروريات اسلام.

الفرع السادس: ان الملموسة بشهوة لأحدهما تحرم علي الاخر و أيضا المنظور الي شي ء منها مما يحرم النظر اليه لغير المالك اذا كان النظر بشهوة تحرم علي الاخر و الدليل علي المدعي النصوص الواردة في المقام:

منها: ما رواه محمد بن اسماعيل قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل تكون له الجارية فيقبلها هل تحل لولده؟ قال: بشهوة؟ قلت: نعم: قال ما ترك شيئا اذا قبلها بشهوة ثم قال ابتداء منه: ان جردها و نظر اليها بشهوة حرمت علي ابيه و ابنه قلت: اذا نظر الي جسدها، فقال: اذا نظر الي فرجها و جسدها بشهوة حرمت عليه 5 فانه يستفاد من هذه الرواية انه اذا قبلها بشهوة تحرم علي الابن و أيضا يستفاد من الحديث ان النظر من كل واحد منهما بشهوة الي موضع لا

يحل النظر اليه لغير المالك يوجب الحرمة علي الاخر.

______________________________

(1) (1 و 2) النساء 22 و 23

(2) (3) الوسائل الباب 2 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 1

(3) (4) نفس المصدر الحديث: 2

(4) (5) الوسائل الباب 3 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 611

______________________________

و يمكن أن يقال انه يستفاد حكم اللمس بشهوة من حكم النظر بالاولوية و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل تكون عنده الجارية يجردها و ينظر الي جسمها نظر شهوة هل تحل لأبيه؟ و ان فعل ابوه هل تحل لابنه؟ قال: اذا نظر اليها نظر شهوة و نظر منها الي ما يحرم علي غيره لم تحل لابنه و ان فعل ذلك الابن لم تحل للأب «1» فانه يستفاد حكم النظر بشهوة من هذه الرواية و يستفاد حكم اللمس بالاولوية.

و في المقام روايتان ربما يتوهم معارضتهما مع دليل المنع. الاولي: ما رواه عبد اللّه بن يحيي الكاهلي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: سألته عن رجل تكون له جارية فيضع ابوه يده عليها من شهوة أو ينظر منها الي محرم من شهوة، فكره أن يمسها ابنه 2 بتقريب ان الكراهة ظاهرة في عدم الحرمة فتعارض دليل الحرمة.

و فيه اولا ان الكراهة اعم من الحرمة فتقيد بدليل الحرمة و ثانيا: كلامنا في المقام في نظر كل من الاب و الابن الي مملوكته أو لمسها و حديث الكاهلي مورده لمس الاب مملوكة الابن فلا ترتبط الرواية ما نحن فيه الثانية: ما رواه علي بن يقطين عن العبد الصالح عليه السلام عن الرجل يقبل الجارية يباشرها

من غير جماع داخل أو خارج أ تحل لابنه أو لأبيه؟ قال لا بأس 3 بتقريب ان المستفاد من الرواية ان اللمس بدون الجماع لا يوجب الحرمة.

و فيه: ان تقييد الاطلاق بالمقيد علي طبق القاعدة الاولية و حيث ان هذه الرواية مطلقة من حيث الشهوة و عدمها تقيد بما تشترط فيه الحرمة بالشهوة. و ان ابيت عن هذا البيان و قلت ان الظاهر من الرواية ان المباشرة فرضت في الرواية بشهوة نقول لم تفرض في الرواية ان الجارية جارية لمن يقبلها فمن هذه الجهة مطلقة فتقيد بتلك الروايات المفروض فيها كون اللمس بشهوة.

______________________________

(1) (1 و 2) نفس المصدر الحديث: 6 و 2

(2) (3) الوسائل الباب 77 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 612

[مسألة 3: من عقد علي امرأة و لم يدخل بها حرمت عليه أمها و إن علت أبدا]

(مسألة 3): من عقد علي امرأة و لم يدخل بها حرمت عليه امها (1) و ان علت ابدا (2) و تحرم بنتها علي الاحوط و ان نزلت من بنت كانت او من ابن ما دامت الام في عقده (3).

______________________________

بقي شي ء و هو ان المستفاد من بعض نصوص الباب ان مجرد النظر يوجب الحرمة، لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل تكون عنده الجارية فيكشف ثوبها و يجردها لا يزيد علي ذلك قال: لا تحل لابنه اذا رأي فرجها «1» فان مقتضي اطلاق هذه الرواية ان النظر الي فرج الجارية يوجب الحرمة بالنسبة الي الابن و ان لم يكن عن شهوة و لكن يقيد هذا الاطلاق بحديث محمد بن اسماعيل «2»:

(1) قد تعرضنا لهذا الفرع سابقا فراجع.

(2) بلا كلام و لا اشكال هذا علي تقدير عدم صدق الام علي

الجدة و الا يكون الأمر اوضح فان مقتضي قوله تعالي «وَ أُمَّهٰاتُ نِسٰائِكُمْ» الحرمة علي الاطلاق، فلاحظ

(3) بلا كلام و يمكن الاستدلال علي المدعي بأنه لو عقد علي البنت فأما نلتزم بصحة كلا العقدين و اما نلتزم بصحة الثاني و بطلان الاول و اما نلتزم بالعكس أما الاول فلا يمكن الالتزام به لعدم جواز نكاح أمّ الزوجة و كونها محرمة ابدا كتابا و سنة و اما الالتزام بالثاني فبلا وجه اذ قد صدر العقد عن أهله و وقع في محله فلا وجه لبطلان فيتعين الثالث.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه احمد بن محمد ابن أبي نصر قال: سألت

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 7

(2) لاحظ ص: 610

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 613

فان فارقها قبل الدخول جاز له العقد علي بنتها (1) و لو دخل حرمت

______________________________

أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يتزوج المرأة متعة أ يحل له أن يتزوج ابنتها؟ قال:

لا «1» فان مقتضي اطلاق الرواية عدم الجواز و لو مع عدم الدخول. و لا يبعد ان نظر الماتن في بناء المسألة علي الاحتياط التشكيك في صدق الابنة علي بنت الابن او بنت البنت و الحال انه صرح في بعض كلماته بصدق الابن علي الحفيد، الا أن يقال بأن الظاهر من كلامه الاحتياط في اصل الحكم.

(1) بمقتضي صراحة الاية الكريمه «فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْكُمْ «2» و بنص الرواية، لاحظ ما رواه عيص بن قاسم، قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن رجل باشر امرأته و قبل غير انه لم يفض اليها ثم تزوج ابنتها قال:

ان لم يكن افضي الي الام فلا بأس. و ان

كان افضي فلا يتزوج «3».

و في المقام نصوص يستفاد منها الخلاف، و تعارض الطائفة الاولي: منها:

ما رواه محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهم السلام قال: سألته عن رجل تزوج امراة فنظر الي بعض جسدها يتزوج ابنتها؟ قال: لا اذا رأي منها ما يحرم علي غيره فليس له أن يتزوج ابنتها 4.

و منها: ما رواه ابو الربيع قال: سئل ابو عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج امراة فمكث اياما معها لا يستطيعها غير انه قد رأي منها ما يحرم علي غيره ثم يطلقها أ يصلح له أن يتزوج ابنتها؟ قال أ يصلح له و قد رأي من امها ما رأي؟ 5.

فنقول: اذا امكن الجمع بين الطرفين بالجمع العرفي فهو و الا يكون الترجيح مع الطائفة الاولي لكونها موافقه مع الكتاب و تلك الطائفة تخالفه، فان

______________________________

(1) الوسائل: الباب 18 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 604

(3) (3 و 4) الوسائل الباب 19 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 3 و 1

(4) (5) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 614

عليه البنت ابدا (1) و لم تحرم البنت علي ابيه و لا علي ابنه (2).

[مسألة 4: تحرم أخت الزوجة جمعا لا عينا]

(مسألة 4) تحرم اخت الزوجة جمعا (3) لا عينا (4) و كذا بنت اختها و اخيها الا مع اذن العمة و الخالة (5). و لو عقد من دون اذنهما

______________________________

المستفاد من الكتاب ان الميزان في تحقق الحرمة الدخول و من الظاهر ان الدخول يلازم عادة المس و النظر فيلزم أن يكون التحريم بالسبب المتقدم و اسقاط الدخول عن الموضوعية مع صراحة الكتاب به، فان تلك النصوص لكونها مخالفة مع الكتاب تضرب عرض الجدار.

فانها تخالف صراحة

الاية الكريمة الدالة علي الجواز حيث قال تعالي «فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْكُمْ».

(1) قد تقدم الكلام حول هذا الفرع، فلا نعيد.

(2) لعدم دليل عليه.

(3) بلا اشكال بل في بعض الكلمات بلا خلاف بين المسلمين قاطبة و يدل عليه قوله تعالي «1» مضافا الي النصوص:

منها: ما رواه ابو عبيده قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: لا تنكح المرأة علي عمتها و لا خالتها و لا علي اختها من الرضاعة «2».

(4) بمقتضي القاعدة الاولية و عدم الدليل علي المنع، مضافا الي ما يستفاد من النصوص و بالاضافة الي عدم الاستنكار من المتشرعة، فلاحظ.

(5) علي ما هو المشهور بين الاصحاب بل ادعي عليه الاجماع و النصوص دالة علي المدعي، منها ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال:

لا تزوج ابنة الاخ و لا ابنة الاخت علي العمة و لا علي الخالة الا باذنهما و تزوج العمة

______________________________

(1) لاحظ ص: 404

(2) الوسائل: الباب 24 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 615

فأجازتا صحّ علي الاقوي و ان كان الاحوط تجديد العقد (1).

______________________________

و الخالة علي ابنة الاخ و ابنة الاخت بغير اذنهما «1».

و أما حديث علي بن جعفر- عن اخيه، موسي بن جعفر عليهما السلام قال:

سألته عن امرأة تزوج علي عمتها و خالتها قال: لا بأس و قال: تزوج العمة و الخالة علي ابنة الاخ و ابنة الاخت و لا تزوج بنت الاخ و الاخت علي العمة و الخالة الا برضاء منهما فمن فعل ذلك فنكاحه باطل «2»، الدال علي الجواز فحيث انه مطلق يحمل علي المقيد.

و بعبارة اخري: الحديث الدال علي الجواز مطلق من حيث الاذن

و عدمه فيحمل علي حديث ابن مسلم المفصل بين صورتي الاذن و عدمه مضافا الي الاختلاف الواقع بين الصدر و الذيل في حديث ابن جعفر فلاحظ.

(1) وقع الكلام بين القوم في المقام فذهب جملة من الاصحاب علي ما نسب اليهم الي الفساد و عدم تأثير الاجازة المتأخرة بتقريب ان العقد حين صدوره ممن بيده الأمر فاقد للشرط و الشي ء لا ينقلب عما هو عليه، و لذا لو بيع شي ء بالبيع الغرري و بعد البيع ارتفع الغرر لا يصح اذ حين تحققه صدر غرريا و المقام كذلك و ما افيد في تقريب البطلان تام.

لكن القائلين بالصحة تمسكوا في مقام اثباتها بما رواه زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن مملوك تزوج بغير اذن سيده، فقال: ذاك الي سيده ان شاء اجازه و ان شاء فرق بينهما، قلت اصلحك اللّه ان الحكم بن عيينة و ابراهيم النخعي و أصحابهما يقولون: ان اصل النكاح فاسد و لا تحل اجازة السيد له، فقال

______________________________

(1) الوسائل: الباب 30 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 616

[مسألة 5: من زني بخالته في قبلها أو دبرها حرمت عليه بناتها أبدا]

(مسألة 5): من زني بخالته في قبلها أو دبرها حرمت عليه بناتها ابدا (1).

______________________________

ابو جعفر عليه السلام: انه لم يعص اللّه، و انما عصي سيده، فاذا أجازه فهو له جائز «1» بتقريب ان المستفاد من الرواية ببركة عموم التعليل ان كل عقد واجد للشرائط الشرعية الالهية اذا كان فساده من ناحية عدم الرضا يصح بلحوق الرضا و المقام من مصاديق تلك الكبري.

و قد مر منا سابقا ان استفادة العموم من الحديث مشكل بل غاية ما يستفاد منه ان كل ما صدر عن العبد

من العقد و الايقاع اذا لم يكن مقرونا برضا المولي يصح بلحوق رضاه، فعلي هذا لا بد من جعل الاحتياط المذكور في ذيل المسألة وجوبيا لكن الانصاف: ان الحديث يستفاد منه صحة الفضولي بالاجازة علي الاطلاق و قد بنينا علي الصحة في البيع الفضولي فما افاده في المتن تام.

(1) في المقام روايتان:

الاولي: ما رواه محمد بن مسلم قال: سأل رجل ابا عبد اللّه عليه السلام و انا جالس عن رجل نال من خالته في شبابه ثم ارتدع يتزوج ابنتها؟ قال: لا، قلت انه لم يكن افضي اليها انما كان شي ء دون شي ء فقال: لا يصدق و لا كرامة «2».

الثانية ما رواه ابو ايوب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأله محمد بن مسلم و انا جالس عن رجل نال من خالته و هو شاب ثم ارتدع أ يتزوج ابنتها؟ قال:

لا قال انه لم يكن افضي اليها انما كان شي ء دون ذلك قال: كذب 3 و هذه الرواية ضعيفه بضعف اسناد الشيخ الي الطاطري، فالعمدة الرواية الاولي.

و ربما يقال: ان المناقشة الصغروية الواردة في ذيل الحديث لا تناسب مقام

______________________________

(1) الوسائل: الباب 24 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 1

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 10 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 617

اذا كان الزنا سابقا علي العقد (1) و يلحق بالزنا بالخالة الزنا بالعمة علي الاحوط وجوبا (2) و الاحوط استحبابا أن لا يتزوج الزاني بنت المزني بها مطلقا (3).

______________________________

الإمام عليه السلام فهذا يوجب التوقف، و فيه انه يمكن أن تكون المناقشه الصغروية بلحاظ مصلحة مكشوفة لدي الامام عليه السلام.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج

الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 9، ص: 617

و ان شئت قلت: هذه المناقشة لا توجب رفع اليد عن صدر الحديث و المستفاد منه حرمة بنت المزني بها علي الزاني و الماتن عمم الحكم الي صورة تحقق الزنا في الدبر، و الظاهر ان الجزم بالمدعي مشكل، الا أن يقال ان مقتضي اطلاق قوله «نال من خالته» عدم الفرق بين القبل و الدبر، لكن المتبادر من هذه الجملة النيل منها علي حسب المتعارف و هو الدخول في القبل.

(1) كما هو المفروض في النص.

(2) الوجه في التوقف عدم نص بالنسبة الي العمة، فان ثبت اجماع علي اتحاد المقامين من هذه الجهة او ان تم الدليل علي ان الزنا بامرأة يوجب حرمة بنتها فهو و الا فلا بد من بناء المسألة علي الاحتياط.

(3) المسألة مورد الخلاف بين الاصحاب و منشأ الاختلاف معارضة النصوص فطائفة منها تدل علي المنع:

منها: ما رواه محمد بن مسلم، عن احدهما عليها السلام انه سئل عن الرجل يفجر بالمرأة أ يتزوج بابنتها؟ قال: لا الحديث «1».

و منها: ما رواه عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل باشر امرأة و قبل غير انه لم يفض اليها ثم تزوج ابنتها فقال: ان لم يمكن افضي

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 618

______________________________

الي الام فلا بأس و ان كان افضي فلا يتزوج ابنتها «1».

و منها: ما رواه منصور بن حازم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل كان بينه و بين امرأة فجور هل يتزوج ابنتها؟ فقال: ان كان من قبلة

او شبهها فليتزوج ابنتها و ليتزوجها هي إن شاء 2.

و منها: ما روي عن منصور بن حازم مثله الا انه قال: فليتزوج ابنتها إن شاء و ان كان جماعا فلا يتزوج ابنتها و ليتزوجها 3.

و منها: ما رواه بريد قال: ان رجلا من اصحابنا تزوج امرأة قد زعم انه كان يلاعب امها و يقبلها من غير أن يكون افضي اليها قال: فسألت أبا عبد اللّه عليه السلام فقال لي: كذب مره فليفارقها قال: فأخبرت الرجل فو اللّه ما دفع ذلك عن نفسه و خلي سبيلها 4.

و منها: ما رواه منصور بن حازم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل فجر بامرأة أ يتزوج ابنتها؟ قال: ان كان قبلة أو شبهها فلا بأس و ان كان زنا فلا 5.

و مما يدل علي المنع ما رواه محمد بن مسلم، عن احدهما عليهما السلام:

قال: سألته عن رجل فجر بامرأة أ يتزوج امها من الرضاعة او ابنتها؟ قال: لا 6.

فان المستفاد من الحديث ان حرمة أم المزني بها أو بنتها من النسب مفروغ عنها و انما السؤال عنهما اذا كانت النسبة بالرضاع فاجاب عليه السلام بالحرمة.

و بتقريب آخر: يمكن اثبات المدعي بالاولوية اذ لو تم الحكم في الرضاع يتم في النسب بالاولوية و منها: ما رواه ابن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام في رجل فجر بامرأة أ يتزوج امها من الرضاع او ابنتها؟ قال: لا 7 و التقريب

______________________________

(1) (1 و 2 و 3 و 4 و 5) نفس المصدر الحديث: 2 و 3 و 4 و 5 و 8

(2) (6 و 7) الوسائل الباب 7 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 1 و

2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 619

______________________________

هو التقريب.

و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري تدل علي الجواز: منها ما رواه هشام «هاشم خ ل» بن المثني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن الرجل يأتي المرأة حراما أ يتزوجها؟ قال: نعم، و امها و ابنتها «1».

و منها: ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام رجل فجر بامرأة هل يجوز له أن يتزوج ابنتها؟ قال: ما حرم حرام حلالا قط 2

و منها: ما رواه هشام بن المثني قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فقال له رجل: رجل فجر بامرأة أ تحل له ابنتها؟ قال: نعم، ان الحرام لا يفسد الحلال 3

و منها: ما رواه حنان بن سدير قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام اذ سأله سعيد عن رجل تزوج امرأة سفاحا هل تحل له ابنتها؟ قال: نعم، ان الحرام لا يحرم الحلال 4.

و منها: ما رواه صفوان قال: سأله المرزبان عن رجل يفجر بالمرأة و هي جارية قوم آخرين ثم اشتري ابنتها أ تحل له ذلك؟ قال: لا يحرم الحرام الحلال و رجل فجر بامرأة حراما أ يتزوج بابنتها؟ قال: لا يحرم الحرام الحلال 5.

فيقع التعارض بين الطرفين فلا بد من اعمال قاعدة التعارض، و الظاهر ان الترجيح في طرف الطائفة المجوزة لكونها موافقة مع الكتاب فان قوله تعالي «وَ أُحِلَّ لَكُمْ مٰا وَرٰاءَ ذٰلِكُمْ» 6 يقتضي حلية تزويج غير ما ذكر في الاية من الأصناف و علي فرض عدم الترجيح تصل النوبة الي التعارض و بعد التساقط يكون اطلاق الاية محكما كما هو ظاهر.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 6 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث:

7 و 9

(2) (3 و 4 و 5) نفس المصدر الحديث: 10 و 11 و 12

(3) (6) النساء/ 24.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 620

و في الحاق الزنا بعد العقد و قبل الدخول بالزنا قبل العقد قولان و الالحاق احوط و اولي (1).

______________________________

لكن قد تقدم ان الترجيح منحصر في الأحدثية و لا طريق الي احرازها الا أن يقال ان مقتضي اطلاق الكتاب هو الجواز و لا دليل علي تقييده فيجوز و الله العالم

بقي شي ء: و هو ان الماتن احتاط استحبابا و الحال انه صرح في موارد من كلامه انه لا مجال للقول بالاستحباب في الاحكام الوضعية فما هو المراد من الاستحباب فاما يكون مراده من الاستحباب المذكور حكم العقل بحسن الكف عن مورد احتمال الحرمة الواقعية و أما يكون المراد ان المستفاد من مجموع ادلة الاحتياط و البراءة استحباب الاحتياط في كل شبهة وجوبية كانت او تحريمية و اللّه العالم.

(1) القاعدة الاولية تقتضي عدم الحرمة فان الادلة الاولية المقتضية لجواز التزويج كقوله تعالي «وَ أُحِلَّ لَكُمْ مٰا وَرٰاءَ ذٰلِكُمْ» مقتضية للحلية مضافا الي قوله في نصوص كثيرة ان الحرام لا يحرم الحلال منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام انه قال في رجل زنا بام امرأته او بنتها او باختها فقال: لا يحرم ذلك عليه امرأته ثم قال: ما حرم حرام حلا لاقط «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام انه سئل عن الرجل يفجر بالمرأة أ يتزوج ابنتها؟ قال لا، و لكن ان كان عنده امرأة ثم فجر بابنتها او اختها لم تحرم عليه التي عنده 2.

و في المقام حديثان يستفاد منهما التفصيل بين كون الزنا قبل الدخول و

كونه بعد الدخول بالحكم بالحرمة في الاول و بعدمها في الثاني.

الحديث الاول: ما رواه عمار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل تكون عنده الجارية فيقع عليها ابن ابنه قبل أن يطأها الجد أو الرجل يزني بالمرأة هل

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل: الباب 8 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 3 و 7

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 621

و لا يلحق بالزنا التقبيل و اللمس و النظر بشهوة و نحوها (1) و في الحاق الوطء بالشبهة اذا سبق علي العقد بالزنا في التحريم اشكال (2).

______________________________

يجوز لأبيه أن يتزوجها؟ قال: لا انما ذلك اذا تزوجها فوطأها ثم زنا بها ابنه لم يضره لأن الحرام لا يفسد الحلال و كذلك الجارية «1» فان المستفاد من الحديث ان الميزان الكلي في كون الفجور سببا للحرمة و عدمه وقوعه قبل الدخول و بعده و هذه الرواية ضعيفة بسهل.

الحديث الثاني: ما رواه ابو الصباح الكناني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

اذا فجر الرجل بالمرأة لم تحل له ابنتها ابدا و ان كان قد تزوج ابنتها قبل ذلك و لم يدخل بها فقد بطل تزويجه و ان هو تزوج ابنتها و دخل بها ثم فجر بامها بعد ما دخل بابنتها فليس يفسد فجوره بامها نكاح ابنتها اذا هو دخل بها و هو قوله: لا يفسد الحرام الحلال اذا كان هكذا «2» و هذه الرواية مخدوشة بمحمد بن فضيل اذ لا يبعد أن يكون هو الا زدي، و الاقوال فيه متعارضة فالنتيجة انه لا وجه للقول بالحرمة.

(1) لعدم الدليل علي الالحاق بل الدليل قائم علي خلافه، لاحظ ما رواه عيص بن القاسم «3».

(2) ما قيل في وجه الالحاق امور:

الاول: ان الزنا اذا كان موجبا للتحريم فالوطء بالشبهة بطريق أولي يكون محرما. و فيه: اولا ان الزنا السابق في غير الخالة و العمة موجبا للحرمة اول الكلام بل التزمنا بعدمه. و ثانيا: لا نري وجها للأولوية و ربما يكون التحريم في مورد الزنا لأمر مفقود في المقام كتأديب الزاني مثلا، و علي الجملة ان ملاكات الأحكام الشرعية لا نعلمها.

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 8 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 8

(3) لاحظ ص: 617

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 622

أما الزنا و الوطء بالشبهة الطارئان علي العقد فلا يوجبان التحريم (1) و المرأة المزني بها تحرم علي آباء الزاني و ابنائه اذا كان الزنا سابقا علي العقد و الا لم تحرم (2).

______________________________

الثاني: ان الوطء بالشبهة ملحقة بالنكاح الصحيح بحسب الاستقراء اذ الوطء بالشبهة توجب المهر و العدة و الحاق الولد بالواطي فتكون ملحقة به في جميع الأحكام و حيث ان النكاح الصحيح يوجب الحرمة فالوطء بالشبهة كذلك.

و فيه: ان كونها في جملة من الاحكام كالنكاح الصحيح لا يدل علي العموم بل المتبع هو الدليل و لذا نري انه لا يجوز النظر الي أم الموطوءة شبهة و الحال انه جائز في النكاح بل من اظهر آثاره.

الثالث: ان قولهم «عليهم السلام «1» «الحرام لا يحرم الحلال» بمفهومه يدل علي أن الحلال يحرم و حيث ان الوطء بالشبهة حلال يوجب التحريم.

و فيه: ان الوطء بالشبهة ربما يكون حراما كما لو كانت الموطوءة اختا للواطي بحسب الواقع و لكن تحل له بحسب الموازين الشرعية، مضافا الي أن قولهم الحرام لا يحرم الحلال لا مفهوم له كي تكون

نتيجته كون الحلال محرما فالمتحصل مما تقدم عدم قيام دليل علي هذا المدعي و عليه يكون مقتضي القاعدة عدم كونه محرما.

(1) لعدم الدليل علي كونهما محرمين و القاعدة الاولية تقتضي الجواز، و قد تقدم الكلام حول الزنا الطاري علي العقد قبل الوطء.

(2) النصوص الواردة في المقام متعارضة و استدل علي المنع بما رواه أبو بصير قال: سألته عن الرجل يفجر بالمرأة أ تحل لابنه؟ او يفجر بها الابن أ تحل لأبيه؟

______________________________

(1) لاحظ ص: 619 و 620

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 623

______________________________

قال: لا ان كان الاب او الابن مسها و احد منهما فلا تحل «1».

و أيضا بما رواه علي بن جعفر، عن اخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألته عن رجل زنا بامرأة هل يحل لابنه أن يتزوجها؟ قال: لا 2

و الرواية الاولي ضعيفه سندا بمحمد بن عيسي بن عبد اللّه حيث انه لم يوثق و اذا كان الراوي عنه العبيدي فهو أيضا محل الاشكال، و الرواية الثانية لها سندان و السند الاول مخدوش ببنان بن محمد و السند الثاني مخدوش بعبد اللّه بن حسن.

و المعارض لهما ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ان زنا رجل بامرأة ابيه او بجارية ابيه فان ذلك لا يحرمها علي زوجها و لا يحرم الجارية علي سيدها انما يحرم ذلك منه اذا اتي الجارية و هي له حلال فلا تحل تلك الجارية لابنه و لا لأبيه الحديث 3 فان المستفاد من ذيل الحديث بمقتضي الحصر ان المحرم ما يكون حلالا، و هذه الرواية ضعيفة بموسي بن بكر، و مقتضي اطلاق قوله تعالي «وَ أُحِلَّ لَكُمْ» 4 جواز كل واحدة منهما علي الاخر.

و ربما يقال: ان قوله تعالي

«وَ لٰا تَنْكِحُوا مٰا نَكَحَ آبٰاؤُكُمْ» 5 يقتضي حرمة موطوئة الاب علي الابن و لكن الظاهر بحسب التبادر العرفي أن يكون المراد من النكاح في المقام العقد و الزواج لا الوطء.

و يؤكد المدعي ان وحدة السياق تقتضي أن يكون المراد العقد اذ المراد من المنهي بقوله تعالي «لٰا تَنْكِحُوا» هو العقد فالمراد من قوله «مٰا نَكَحَ آبٰاؤُكُمْ» أيضا هو العقد و علي تقدير الشك يكون الكلام مجملا فلا يترتب عليه اثر.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل: الباب 9 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث 1 و 2

(2) (3) الوسائل الباب 4 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 1

(3) (4) النساء/ 24

(4) (5) النساء/ 22

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 624

[مسألة 6: لو ملك الأختين فوطئ إحداهما حرمت الأخري جمعا]

(مسألة 6): لو ملك الاختين فوطئ احداهما حرمت الاخري جمعا (1) فلو وطئها لم تحرم الاولي الا أن يكون عالما بالحرمة و الموضوع فتحرم حينئذ (2). ثم انه ان اخرج الاولي عن ملكه حلت الثانية مطلقا (3) و ان اخرج الثانية عن ملكه لم تحل الاولي الا اذا كان اخراجه للثانية لا بقصد الرجوع الي الاولي (4) و الاحوط في وطء

______________________________

(1) لجملة من النصوص منها ما رواه مسعدة بن زياد، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام يحرم من الاماء عشر لا تجمع بين الام و الابنة و لا بين الاختين الحديث «1» فان المراد من الجمع في الرواية الجمع بينهما بالوطي و إلا فلا اشكال في الجمع في الملك.

(2) لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: الرجل يشتري الاختين فيطأ احداهما ثم يطأ الاخري بجهالة قال: اذا وطئ الاخيرة بجهالة لم تحرم عليه الاولي و ان

وطئ الاخيرة و هو يعلم انها عليه حرام حرمتا عليه جميعا «2» فان المستفاد من الحديث انه لو وطئ الثانية مع العلم تحرم الاولي و الا فلا و أما الثانية فلا اشكال في حرمتها كما تقدم.

(3) لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: اذا كانت عند الرجل الاختان المملوكتان فنكح احداهما ثم بدا له في الثانية ينكحها فليس ينبغي له أن ينكح الاخري حتي تخرج الاولي من ملكه يهبها أو يبيعها فإن و هبها لولده يجزيه 3 فان المستفاد من الرواية ان اخراج الاولي عن الملكية يوجب لحلية بالنسبه الي الثانية.

(4) لاحظ ما رواه أبو الصباح الكناني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 8

(2) (2 و 3) نفس المصدر الحديث: 5 و 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 625

الثانية جهلا أن لا تحل له الاولي الا بالشرط المذكور (1).

______________________________

حديث قال: سألته عن رجل عنده اختان مملوكتان فوطئ احدهما ثم وطئ الاخري فقال: اذا وطئ الاخري فقد حرمت عليه الاولي حتي تموت الاخري قلت أ رأيت ان باعها؟ فقال: ان كان انما يبيعها لحاجة و لا يخطر علي باله من الاخري شي ء فلا اري بذلك بأسا، و ان كان انما يبيعها ليرجع الي الأولي فلا «1».

فان المستفاد من الخبر التفصيل، فلاحظ.

(1) منشأ الاحتياط ما رواه عبد الغفار الطائي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل كانت عنده اختان فوطئ احداهما ثم أراد أن يطأ الاخري قال: يخرجها عن ملكه قلت: الي من؟ قال: الي بعض أهله قلت: فان جهل ذلك حتي وطأها قال: حرمتا عليه كلتاهما

2.

بتقريب ان المستفاد من الرواية حرمة الاولي مع الجهل بالحرمة فيقع التعارض بين هذه الرواية و رواية الحلبي.

و يمكن أن يقال ان حديث عبد الغفار لا يعارض حديث الحلبي لأن المراد من الجهالة المذكورة فيه الجهالة بالطريق المحلل لا الجهالة بحرمة الثانية فغاية ما في الباب دلالة حديث عبد الغفار علي الحرمة علي الاطلاق بلا فرق بين صورة العلم و الجهل فتقيد بحديث الحلبي كما يمكن أن تقيد بحديث عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث من أحرم في قميصه الي أن قال: اي رجل ركب امرا بجهالة فلا شي ء عليه 3.

مضافا الي انه يمكن أن يقال انه علي فرض التعارض يكون الترجيح مع دليل الجواز لموافقته مع اطلاق الكتاب و هو قوله «وَ الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حٰافِظُونَ إِلّٰا عَليٰ أَزْوٰاجِهِمْ أَوْ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُهُمْ» 4 و قد تقدم الاشكال في الترجيح بالكتاب

______________________________

(1) (1 و 2) نفس المصدر الحديث: 9 و 6.

(2) (3) الوسائل: الباب 30 من ابواب ما الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

(3) (4) المؤمنون/ 5 و 6

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 626

[مسألة 7: يحرم علي الحر في الدائم ما زاد علي أربع حرائر]

(مسألة 7): يحرم علي الحر في الدائم ما زاد علي اربع حرائر (1).

______________________________

(1) نقل عليه اجماع المسلمين قاطبة بل في بعض الكلمات ادعيت عليه الضرورة و لا اشكال في انه من الواضحات و يمكن الاستدلال علي المدعي بقوله تعالي «فَانْكِحُوا مٰا طٰابَ لَكُمْ مِنَ النِّسٰاءِ مَثْنيٰ وَ ثُلٰاثَ وَ رُبٰاعَ» «1» فان الاية الكريمة حيث انها في مقام التحديد تدل علي حرمة الخامسة.

و تدل علي المدعي أيضا جملة من النصوص: منها: ما روي في (مجمع البيان) قال: قال الصادق عليه السلام لا يحل لماء الرجل

أن يجري في اكثر من اربعة ارحام «2».

و منها: ما رواه زرارة بن اعين و محمد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا جمع الرجل اربعا و طلق احداهن فلا يتزوج الخامسة حتي تنقضي عدة المرأة التي طلق و قال: لا يجمع مائة في خمس «3»:

و منها: ما رواه محمد بن احمد بن مطهر قال: كتبت الي أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام اني تزوجت اربع نسوة و لم اسأل عن اسمائهن ثم اني اردت طلاق احداهن و تزويج امرأة اخري فكتب عليه السلام انظر الي علامة ان كانت بواحدة منهن فتقول: اشهد و ان فلانة التي بها علامة كذا و كذا هي طالق ثم تزوج الاخري اذا انقضت العدة 4.

و منها: ما رواه جميل بن دراج، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل تزوج خمسا في عقدة قال: يخلي سبيل ايتهن شاء و يمسك الاربع 5.

______________________________

(1) النساء/ 3

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث: 3

(3) (3 و 4) الوسائل: الباب 3 و 2 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث: 1 و 3

(4) (5) الوسائل الباب 4 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 627

و في الاماء ما زاد علي الامتين (1) و له أن يجمع بين حرتين و امتين أو ثلاث حرائر و امة (2) و يحرم علي العبد ما زاد علي أربع اماء و في الحرائر ما زاد علي حرتين (3). و له ان ينكح حرة و امتين (4) و لا يجوز

______________________________

و منها: ما رواه عقبة بن خالد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في مجوسي أسلم و له سبع نسوة

و أسلمن معه كيف يصنع؟ قال: يمسك اربعا و يطلق ثلاثا «1»

(1) ادعي عليه تسالم الاصحاب و عدم الخلاف و يدل علي المدعي ما رواه ابو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل له امرأة نصرانية له أن يتزوج عليها يهودية؟ فقال: ان اهل الكتاب مماليك للإمام و ذلك موسع منا عليكم خاصة فلا بأس أن يتزوج قلت: فانه يتزوج عليهما امة قال: لا يصلح له أن يتزوج ثلاث اماء الحديث «2» فانه لو كان جائزا لكان صالحا فعدم كونه صالحا يلازم مع عدم الجواز و هذا هو المدعي.

(2) كما هو ظاهر اذ يجوز له الأربع فيجوز الجمع بين حرتين و امتين كما انه يجوز له الجمع بين امة و ثلاث حرائر.

(3) و يدل عليه ما رواه محمد بن مسلم، عن احدهما عليهما السلام قال سألته عن العبد يتزوج اربع حرائر؟ قال: لا و لكن يتزوج حرتين و إن شاء اربع اماء «3»

(4) لاحظ ما ارسله الصدوق (قده) يتزوج العبد بحرّتين او اربع اماء او امتين و حرة «4» و مقتضي الادلة الاولية هو الجواز اذ لا يشمله دليل المنع مضافا الي انه ادعي عليه الاجماع.

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث: 1

(2) الوسائل: الباب 2 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث: 2.

(3) الوسائل: الباب 8 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث: 1

(4) الوسائل: الباب 22 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 628

نكاح الامة علي الحرة الا باذنها (1) و لو عقد بدونه كان باطلا بدون اجازتها (2).

______________________________

(1) اجماعا بقسميه كما في الجواهر و يدل علي المدعي ما رواه محمد

بن اسماعيل قال: سألت أبا الحسن عليه السلام هل للرجل أن يتمتع من المملوكة باذن اهلها و له امرأة حرة؟ قال: نعم اذا رضيت الحرة، قلت: فان اذنت الحرة يتمتع منها، قال: نعم «1».

و يدل عليه أيضا ما رواه يعقوب بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يتزوج الامة علي الحرة متعة؟ قال: لا 2.

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه حذيفة بن منصور قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج امة علي حرة لم يستأذنها؟ قال: يفرق بينهما قلت: عليه ادب؟ قال: نعم اثنا عشر سوطا و نصف ثمن حد الزاني و هو صاغر 3.

(2) لاحظ ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: تزوج الحرة علي الامة و لا تزوج الامة علي الحرة و من تزوج امة علي حرة فنكاحه باطل 4.

و يستفاد من حديث سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج امة علي حرة فقال: ان شاءت الحرة تقيم مع الامة اقامت و ان شاءت ذهب الي اهلها قال:

قلت: فان لم ترض بذلك و ذهبت الي اهلها أله عليها سبيل اذا لم ترض بالمقام؟

قال: لا سبيل عليها اذا لم ترض حين تعلم قلت: فذهابها الي اهلها طلاقها؟ قال:

نعم اذا خرجت من منزله اعتدت ثلاثة اشهر او ثلاثة قروء ثم تتزوج ان شاءت 5 ما ينافي مفاد حديث الحلبي، فان المستفاد من هذا الحديث عدم بطلان عقد الامة علي الحرة غاية الامر يكون للحرة الخيار و الفسخ بالنسبة الي عقد نفسها، و لكن

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 16 من ابواب المتعة الحديث: 1 و 3

(2) (3) الوسائل الباب 47 من ابواب

ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 2

(3) (4) الوسائل الباب 46 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1

(4) (5) الوسائل الباب 47 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 629

و أما معها فالاظهر الصحة (1) و لو ادخل الحرة علي الامة و لم تعلم فلها الخيار في عقد نفسها (2).

______________________________

الرواية نقلها في الكافي بنحو آخر في رجل تزوج امرأة حره و له امرأة امة فيتعارض النقلان.

و قال سيدنا الاستاد: يقدم ما في نسخة الكافي لأنها اضبط، هذا علي تقدير كون الرواية رواية واحدة منقولة بطريقين و اما علي تقدير احتمال كونهما روايتين يقع التعارض بين حديث الحلبي و رواية سماعة اذ مقتضي إحداهما بطلان تزويج الامة علي الحرة و مقتضي الاخري الصحة و الترجيح مع ما يدل علي الصحة لكونها موافقة مع الاطلاق الكتابي و قد مر الاشكال في الترجيح بالكتاب.

(1) لما ورد في نكاح العبد بدون اذن سيده، بتقريب انه يستفاد من عموم التعليل الجواز مع اجازة من بيده الامر لاحظ ما رواه زرارة «1» و قد مر اشكال في التقريب المذكور و قلنا ان غاية ما يستفاد من الرواية ان العبد اذا عقد عقدا او أوقع ايقاعا بدون اذن سيده يصح مع الاجازة المتأخرة.

مضافا الي أنه صرح في حديث الحلبي بالبطلان، و مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين لحوق الاجازة و عدمها، و مع ذلك كيف يمكن الالتزام بالصحة بلحوق الاجازة، الا أن يقال ان حديث زرارة بتقريب عموم العلة حاكم علي حديث الحلبي.

و بعبارة اخري البطلان في حديث الحلبي بلحاظ العصيان الخلقي و المفروض انه قابل للتصحيح بالاجازة اللاحقة.

(2) للحديث سماعة «2» و لحديث يحيي بن الازرق،

قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل كانت له امرأة وليدة فتزوج حرة و لم يعلمها بأن له امرأة وليدة فقال ان شاءت الحرة اقامت و ان شاءت لم تقم قلت: قد اخذت المهر فتذهب به؟

______________________________

(1) لاحظ ص: 615

(2) لاحظ ص: 628-

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 630

و لو جمعهما في عقد واحد صح عقد الحرة (1) و توقف عقد الامة علي اجازة الحرة (2).

[مسألة 8: يحرم العقد علي ذات البعل أو المعتدة ما دامتا كذلك]

(مسألة 8): يحرم العقد علي ذات البعل أو المعتدة ما دامتا كذلك و لو تزوجها جاهلا بالحكم أو الموضوع بطل العقد فان دخل حينئذ حرمت ابدا و الولد له و عليه مهر المثل للمرأة مع جهلها و الاحوط ان تتم عدة الاول ان كانت معتدة و تستأنف عدة الثاني و الاظهر التداخل و لو عقد عالما بالحكم و الموضوع حرمت ابدا بالعقد و كذا اذا كانت المعتدة المعقود عليها عالمة بهما و اما ذات البعل فلا اثر لعلمها و لا فرق في العدة بين عدة الطلاق بائنا او رجعيا و عدة الوفاة و عدة وطء الشبهة و لا فرق في المعتدة بين الحرة و الامة و لا في الدخول بين أن يكون في القبل و الدبر و لا يلحق بالعدة مدة استبراء الامة

______________________________

قال: نعم بما استحل من فرجها «1»

(1) لاحظ ما رواه ابو عبيدة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سئل أبو جعفر عليه السلام عن رجل تزوج امرأة حرة و امتين مملوكتين في عقد واحد قال: أما الحرة فنكاحها جائز و ان كان سمي لها مهرا فهو لها، و أما المملوكتان فان نكاحهما في عقد مع الحرة باطل يفرق بينه و بينهما «2» فان مقتضي هذا الحديث صحة

عقد الحرة.

(2) بدعوي استفادة حكم المقام عن مورد دخول الامة علي الحرة و جوازه

______________________________

(1) الوسائل الباب 47 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 48 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 631

و لا بالعقد وطء الشبهة و لا الوطء بالملك و لا بالتحليل و المدار علي علم الزوج فلا يقدح علم وليه او وكيله (1).

______________________________

باذنها و لكن الانصاف ان الجزم بالجواز مشكل و مقتضي اطلاق حديث أبي عبيدة هو البطلان بل لنا ان نقول بأن مقتضي الرواية عدم الجواز حتي مع اذن الحرة و حمل اطلاق الرواية علي كون الغالب عدم الاذن لا دليل عليه فلا وجه للحمل المذكور.

(1) في هذه المسألة فروع: الفرع الاول: انه لو تزوج بذات بعل مع الجعل بالحكم أو الموضوع و دخل بها يكون العقد باطلا و تحرم علي الواطئ ابدا و النصوص الواردة في المقام مختلفة.

منها: ما رواه اديم بن الحر قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: التي يتزوج و لها زوج يفرق بينهما ثم لا يتعاودان ابدا «1» و مقتضي هذه الرواية ان مجرد العقد علي ذات بعل يوجب الحرمة الابدية.

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج امرأة و لها زوج و هو لا يعلم فطلقها الأول او مات عنها ثم علم الاخير أ يراجعها؟ قال: لا حتي تنقضي عدتها 2 و المستفاد من هذه الرواية ان العقد علي ذات البعل مع الجهل بكونها ذات بعل لا يوجب الحرمة بل يجوز التزويج معها بعد انقضاء عدتها اعم من تحقق الدخول بها و عدمه.

و منها: ما رواه زرارة،

عن أبي جعفر عليه السلام في امرأة فقد زوجها او نعي اليها فتزوجت ثم قدم زوجها بعد ذلك فطلقها قال تعتد منهما جميعا ثلاثة اشهر عدة واحدة و ليس للاخر أن يتزوجها ابدا 3 فان المستفاد من هذه الرواية انه لو تزوج بذات بعل مع الجهل و دخل بها تحرم عليه مؤبدا. و الدليل علي تحقق الدخول

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) الوسائل الباب 16 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث:

1 و 3 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 632

______________________________

قوله عليه السلام تعتد منهما جميعا- اذ لا عدة مع عدم الدخول.

و منها: ما رواه زرارة (أيضا) عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا نعي الرجل الي اهله او اخبروها انه قد طلقها فاعتدت ثم تزوجت فجاء زوجها الاول فان الاول احق بها من هذا الاخير دخل بها الاول أو لم يدخل بها و ليس للاخر أن يتزوجها ابدا و لها المهر بما استحل من فرجها «1» و هذه الرواية كالرواية السابقة في المفاد.

و الدليل علي الدخول في هذه الرواية قول عليه السلام و لها المهر بما استحل من فرجها» و حيث ان الظاهر بحسب الفهم العرفي فرض الجهل في روايتي زرارة تكونان بالنسبة الي حديث عبد الرحمن بن الحجاج نسبة الخاص الي العام، اذ مقتضي اطلاق حديث عبد الرحمن عدم الفرق بين الدخول و عدمه، لكن فرض الجهل بالموضوع في الرواية فحديث عبد الرحمن يخصص بحديثي زرارة كما ان عموم حديث اديم بن الحر يخصص بهذه النصوص.

فالنتيجة ان الحرمة الابدية في صورة الجهل بالموضوع و الدخول، لكن هذا التقريب انما يتم علي فرض تمامية حديث عبد الرحمن بن الحجاج سندا و أما لو

لم يتم لأجل كون محمد بن عيسي في السند و احتمال المراد منه اليونسي فيشكل و لا يتم التقريب اذ علي هذا التقدير لا دليل علي الجواز مع عدم الدخول، فان مقتضي حديث اديم بن الحر الحرمة علي الاطلاق و مقتضي حديثي زرارة الحرمة في صورة الجهل بالموضوع و الدخول و من الظاهر انه لا تنافي بين المثبتين.

و بعبارة اخري: لا مفهوم لحديثي زرارة بل المستفاد منهما ثبوت الحرمة في صورة خاصة و أما نفي الحرمة عن غيرها فلا يستفاد منهما و الحال ان المستفاد من

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 633

______________________________

حديث اديم الحرمة علي الاطلاق.

بقي شي ء: و هو ان الماتن عمم الجهل حيث قال جاهلا بالحكم او الموضوع و الحال ان المستفاد من النصوص ان الموضوع الذي رتب عليه الحكم هو الجهل بالموضوع فعليه الجهل بالحكم لا أثر له و اذا لم يكن جهل بالموضوع تترتب الحرمة.

و في المقام رواية لعبد الرحمن- قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج امرأة ثم استبان له بعد ما دخل بها ان لها زوجا غائبا فتركها ثم ان الزوج قدم فطلقها أو مات عنها أ يتزوجها بعد هذا الذي كان تزوجها و لم يعلم ان لها زوجا؟ قال: ما احب له أن يتزوجها حتي تنكح زوجا غيره «1»، يتوهم منها المعارضة بدعوي ان المستفاد منها عدم تحقق الحرمة الابدية حتي مع فرض الدخول حيث فرض الدخول في الرواية في قول الراوي بعد ما دخل بها، و صاحب الوسائل احتمل أن يكون المراد بالدخول الخلوة معها و لكن الاحتمال المذكور خلاف الظاهر و المنشأ لتوهم المعارضة أمران:

احدهما: قوله: «ما احب له أن يتزوجها»

بدعوي ان هذه الكلمة تدل علي الكراهة لا الحرمة، فالنكاح جائز، و فيه: ان هذه اعم من الحرمة، و بعبارة اخري ليست بنحو يعارض دليل الحرمة.

ثانيهما: قوله عليه السلام: حتي تنكح زوجا غيره بتقريب ان المستفاد من هذه الجملة جواز التزويج معها بعد ذلك نظير جواز التزويج للمطلق ثلاثا بعد أن تنكح زوجا آخر و انفصالها منه.

و فيه: انه لا يمكن الالتزام به جزما اذ بعد فرض نكاحها زوجا آخر و فرض

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 634

______________________________

كونها ذات بعل كيف يمكن الالتزام بجواز التزويج معها فالجار كلمة (حتي) لا يكون للتحديد بل يكون للغاية اي لا يزاحمها و يفتح الطريق لها كي تنكح زوجا آخر باختيارها.

و بعبارة اخري: لا يجعلها معطلة بل يرفع عنها يده كي تتزوج زوجا حلالا.

و لكن الانصاف: ان هذا التقريب خلاف الظاهر العرفي و هذا العرف ببابك الفرع الثاني: انه لو تزوج بامرأة ذات عدة جاهلا اما بالحكم أو بالموضوع و دخل بها تحرم عليه مؤبدا.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا تزوج الرجل المرأة في عدتها و دخل بها لم تحل له ابدا عالما كان أو جاهلا و ان لم يدخل حلت للجاهل و لم تحل للاخر «1» فان المستفاد من هذه الرواية ان الدخول و لو مع الجهل بالموضوع أو الحكم أو كليهما يوجب الحرمة الابدية فلا مجال لأن يقال ان المستفاد من بعض النصوص ان الجهل مانع عن الحرمة الابدية و لو مع الدخول.

لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار، قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن الامة يموت سيدها قال: تعتد عدة المتوفي عنها زوجها

قلت: فان رجلا تزوجها قبل أن تنقضي عدتها قال فقال: يفارقها ثم يتزوجها نكاحا جديدا بعد انقضاء عدتها قلت: فأين ما بلغنا عن ابيك في الرجل اذا تزوج المرأة في عدتها لم تحل له ابدا؟ قال: هذا جاهل 2 فان المستفاد من هذا الخبر ان الجهل مانع عن الحرمة الابدية بلا فرق بين الدخول و عدمه.

و لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار أيضا، قال: قلت لأبي ابراهيم عليه السلام بلغنا عن ابيك ان الرجل اذا تزوج المرأة في عدتها لم تحل له ابدا فقال: هذا اذا

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 17 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 3 و 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 635

______________________________

كان عالما فاذا كان جاهلا فارقها و يعتد ثم يتزوجها نكاحا جديدا «1» فان المستفاد منه كالمستفاد من سابقه و لكن يقيد ان بحديث الحلبي و تكون النتيجة ان الدخول يوجب الحرمة و لو مع الجهل كما انه لا مجال للأخذ بما يدل علي أن الميزان بالدخول علي الاطلاق بلا فرق بين العلم و الجهل لاحظ ما رواه سليمان بن خالد قال: سألته عن رجل تزوج امرأة في عدتها قال: فقال: يفرق بينهما و ان كان دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها و يفرق بينهما فلا تحل له ابدا و ان لم يكن دخل بها فلا شي ء لها من مهرها «2».

فان المستفاد من هذا الحديث ان الموضوع للحرمة الابدية الدخول بلا فرق بين الجهل و العلم و لكن حديث الحلبي يقيد كلا الحديثين.

الفرع الثالث: ان الولد له قال في الجواهر: «يثبت النسب مع الشبهة اجماعا بقسميه الخ «3» مضافا الي أن القاعدة الاولية تقتضي ذلك فان ولد المنعقد

من ماء شخص يكون منسوبا اليه و بعبارة اخري: يصدق عليه انه ولده عرفا و لغة و انما المنفي بحسب التعبد ولد الزنا و يدل علي المدعي مرسل جميل، عن احدهما عليهما السلام في المرأة تزوج في عدتها قال: يفرق بينهما و تعتد عدة واحدة منهما جميعا و ان جاءت بولد لستة اشهر او اكثر فهو للأخير و ان جاءت بولد لأقل من ستة اشهر فهو للأول «4».

الفرع الرابع: ان علي الواطئ مهر المثل مع جهل المرأة و في المقام قولان:

احدهما: ان لها المهر المسمي، ثانيهما ان لها المهر المثل و يدل علي القول الثاني

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) ج- 29 ص 244

(4) الوسائل الباب 17 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 636

______________________________

النصوص الدالة علي ان لها المهر بما استحل من فرجها لاحظ حديثي سليمان بن خالد «1» و أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في رجل نكح امرأة و هي في عدتها قال: يفرق بينهما ثم تقضي عدتها فان كان دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها و يفرق بينهما و ان لم يكن دخل بها فلا شي ء لها الحديث «2».

و لاحظ حديث زرارة «3» فان الظاهر من قوله عليه السلام- «لها المهر بما استحل من فرجها» بالاضافة الي أن العقد الفاسد لا يقتضي استحقاق المهر ان المراد من المهر في هذه النصوص المهر المثل لا المسمي.

و بعبارة اخري: لا يكون المراد في هذه النصوص من المهر المسمي لعدم المقتضي و لا جنس المهر و الا كان يكفي ما يصدق عليه المهر فيكون المراد منه المهر المثل الثابت

في امثال المقام.

و يمكن الاستدلال علي القول الاول بما رواه عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يتزوج المرأة المطلقة قبل أن تنقضي عدتها قال: يفرق بينهما و لا تحل له ابدا و يكون لها صداقها بما استحل من فرجها او نصفه ان لم يكن دخل بها «4» فان هذه الرواية تدل علي أن لها نصف المهر المسمي مع عدم الدخول و تمامه مع الدخول لكن لا وجه لحمل الصداق في هذه الرواية علي المهر المسمي اذ المذكور في الرواية قوله عليه السلام «لها صداقها بما استحل من فرجها» فيكون المراد من الصداق مهر المثل كما يكون كذلك في بقية الروايات و علي تقدير تسليم ظهور الرواية في المهر المسمي يعارضها حديثا سليمان بن خالد «5»

______________________________

(1) لاحظ ص: 635

(2) الوسائل الباب 17 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 8

(3) لاحظ ص: 632

(4) الوسائل الباب 17 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 21

(5) لاحظ ص: 635

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 637

______________________________

و أبي بصير قال: سألته عن رجل يتزوج امرأة في عدتها و يعطيها المهر ثم يفرق بينهما قبل أن يدخل بها قال: يرجع عليها بما أعطاها «1».

فان قلنا بأن حديث عبد اللّه بن سنان لعدم العمل به و هجره مطروح فهو كما انه لو قلنا بظهورها في المهر في المثل أو قلنا باجماله فلا تعارض و الا فتصل النوبة الي اعمال قانون التعارض فان مقتضي التعارض التساقط و الرجوع الي الاصل و مقتضاه عدم شي ء علي الواطئ فمع عدم الدخول لا مهر عليه و حيث ان الترجيح مع الأحدث و المفروض انه لا يميز فيدخل المقام في كبري اشتباه

الحجة بغيرها فلا بد من العمل علي طبق القواعد فنقول: ان الأمر دائرا بين الاقل و الأكثر و لا بد من الأخذ بالاقل و اجراء الأصل في الأكثر و ان كان دائرا بين المتباينين فالمرجع القرعة هذا ما يختلج بالبال في هذه العجالة فلاحظ.

الفرع الخامس: انها تعتد منهما عدة واحدة بنحو التداخل و الاحوط عدم التداخل و الكلام في هذا الموضع يقع في مقامين: المقام الاول في مقتضي القاعدة الاولية و المقام الثاني فيما هو المستفاد من النصوص:

أما المقام الاول: فالقاعدة تقتضي التداخل فان المستفاد من دليل العدة ان اول زمانه زمان تحقق السبب نعم في حصول عدة الوفاة قد دل الدليل علي أن اول زمانه زمان وصول خبر الوفاة فاذا اجتمع السببان يكون التداخل لازما و خلافه يحتاج الي الدليل اذ الزمان الواحد غير صالح لاجتماع العدتين بنحو الاستقلال و ان شئت قلت: ان تأخير احدهما عن الاخر بلا وجه و هذا لا ينافي ما بني عليه في الأصول من عدم التداخل فان عدم التداخل هناك قابل مثلا اذا وجدت أسباب عديدة للغسل يجب التعدد الا مع قيام دليل علي التداخل و لا محذور في عدم التداخل فان تحقق الأغسال العديدة ممكن بخلاف المقام حيث ان الزمان الواحد لا يصلح

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 638

______________________________

لعدتين مستقلتين هذا بحسب مقتضي القاعدة الاولية.

و أما المقام الثاني: فالمستفاد من بعض النصوص التداخل علي الاطلاق لاحظ ما رواه زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام في امرأة تزوجت قبل أن تنقضي عدتها قال: يفرق بينهما و تعتد عدة واحدة منهما جميعا «1».

و أيضا لاحظ ما رواه ابو

العباس، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المرأة تزوج في عدتها قال: يفرق بينهما و تعتد عدة واحدة منهما جميعا «2».

و المستفاد من بعضها الاخر عدم التداخل لاحظ حديث محمد بن مسلم، عن عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يتزوج المرأة في عدتها قال: ان كان دخل بها فرق بينهما و لم تحل له ابدا و اتمت عدتها من الاول و عدة اخري من الاخر، و ان لم يكن دخل بها فرق بينهما و اتمت عدتها من الاول و كان خاطبا من الخطاب 3.

و لاحظ حديث علي بن بشير النبال قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج امرأة في عدتها و لم يعلم و كانت هي قد علمت انه قد بقي من عدتها و انه قذفها بعد علمه بذلك فقال: ان كانت علمت ان الذي صنعت يحرم عليها فقدمت علي ذلك فان عليها الحد حد الزاني و لا أري علي زوجها حين قذفها شيئا، و ان فعلت ذلك بجهالة منها ثم قذفها بالزنا ضرب قاذفها الحد و فرق بينهما و تعتد ما بقي من عدتها الاولي و تعتد بعد ذلك عدة كاملة 4.

و في المقام طائفة ثالثة تدل علي أن التزويج بذات عدة من الوفاة مع الدخول يوجب العدة المستقلة و عدم تداخلها مع الاولي.

لاحظ ما رواه محمد ابن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: المرأة الحبلي يتوفي عنها زوجها فتضع و تزوج قبل أن تعتد اربعة اشهر و عشرا فقال: ان كان

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 11

(2) (2 و 3 و 4) نفس المصدر الحديث: 12 و 9 و

18

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 639

______________________________

الذي تزوجها دخل بها فرق بينهما و لم تحل له ابدا و اعتدت بما بقي عليها من عدة الاول و استقبلت عدة اخري من الاخر ثلاثة قروء، و ان لم يكن دخل بها فرق بينهما و اتمت ما بقي من عدتها و هو خاطب من الخطاب «1».

و ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن المرأة الحبلي يموت زوجها فتضع و تزوج قبل أن تمضي لها اربعة اشهر و عشرا فقال: ان كان دخل بها فرق بينهما و لم تحل له ابدا و اعتدت ما بقي عليها من الاول و استقبلت عدة اخري من الاخر ثلاثة قروء و ان لم يكن دخل بها فرق بينهما و اعتدت بما بقي عليها من الاول و هو خاطب من الخطاب 2.

فعلي مسلك انقلاب النسبة يقيد ما يدل علي التداخل علي الاطلاق بالطائفة الثالثة و بعد التقييد تصير نسبتها الي ما يدل علي عدم التداخل نسبة الخاص الي العام بعد ما كانت النسبة بينهما التباين، فتصير النتيجة بعد الانقلاب و التقييد التفضيل بين عدة الوفاة و غيرها بعدم التداخل في الاولي و التداخل في الثانية، و علي فرض عدم القول بالانقلاب يقع التعارض بين الطائفة الاولي و الثانية و لا مرجح لأحد الطرفين من الكتاب، و أيضا لا مرجح بلحاظ مخالفة القوم اذ يظهر من خلاف الشيخ (قده) 3 ان اقوال العامة في المقام مختلفة فتصل النوبة الي المرجح الثالث و هي الأحدثية و حيث انها مجهولة فتصل النوبة الي الاصل العملي و مقتضاه عدم وجوب الزائد علي الواطئ و مقتضي القاعدة الاولية هو التداخل كما تقدم و لا اشكال

في أن الاحوط عدم التداخل كما في المتن.

الفرع السادس: انه لو كان عالما بالحكم و الموضوع و مع ذلك عقد عليها

______________________________

(1) (1 و 2) نفس المصدر الحديث: 2 و 6

(2) (3) ج 2 ص: 311- المسألة 31

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 640

______________________________

تحرم عليه مؤيدا، فانه يمكن الاستدلال علي المدعي بالنسبة الي ذات البعل بحديث اديم بن الحر «1» فان مقتضي هذه الرواية ان التزويج بذات البعل يوجب الحرمة الابدية و في صورة العلم بالموضوع و الحكم لا معارض للرواية

و اما بالنسبة الي ذات العدة فيدل علي المدعي ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث انه قال: و الذي يتزوج المرأة في عدتها و هو يعلم لا تحل له ابدا «2»

بتقريب ان العلم بالموضوع لا ينفك عن العلم بالحكم اذ كيف يمكن العلم بكون المرأة ذات عدة و الجهل بالحرمة فان العدة معناها عد ايام معينة و عدم جواز التزويج فيها.

مضافا الي أنه يكفي لإثبات المدعي ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي ابراهيم عليه السلام قال: سألته عن الرجل يتزوج المراة في عدتها بجهالة أ هي ممن لا تحل له ابدا؟ فقال: لا اما اذا كان بجهالة فليزوجها بعد ما تنقضي عدتها و قد يعذر الناس في الجهالة بما هو اعظم من ذلك فقلت: بأي الجهالتين يعذر بجهالته ان ذلك محرم عليه؟ أم بجهالته انها في عدة؟ فقال: احدي الجهالتين أهون من الاخر الجهالة بأن اللّه حرم ذلك عليه و ذلك بأنه لا يقدر علي الاحتياط معها فقلت: و هو في الاخري معذور؟ قال: نعم اذا انقضت عدتها فهو معذور في أن يتزوجها فقلت: فان كان احدهما متعمدا و الاخر يجهل

فقال: الذي تعمد لا يحل له أن يرجع الي صاحبه ابدا «3» فان المستفاد من هذه الرواية ان احدي الجهالتين تكفي للمنع عن الحرمة الابدية.

______________________________

(1) لاحظ ص: 631

(2) الوسائل الباب 17 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 641

______________________________

الفرع السابع: انه لو كانت المعتدة المعقودة عليها عالمة بالحكم و الموضوع تحرم علي العاقد، لاحظ ما روي عن أبي ابراهيم عليه السلام «1» فان مقتضي هذه الرواية اشتراك العاقد، و المعقود عليها في هذا الحكم.

الفرع الثامن: انه لا اثر لعلم ذات البعل و ذلك لعدم الدليل عليه و القاعدة الاولية تقتضي عدم الحرمة، فلاحظ.

الفرع التاسع: انه لا فرق في هذا الحكم في المعتدة بين أقسام العدة من كونها رجعية أو بائنة أو من وفاة فان عدم جواز العقد علي المعتدة و بطلانه من الواضحات و يدل عليه الكتاب و السنة، مضافا الي اجماع المسلمين، و أما ترتب الحرمة الابدية بشرائطها فلا طلاق الدليل فان الموضوع المأخوذ في لسان الروايات هي المعتدة كما ان مقتضي اطلاقها عدم الفرق بين كون المرأة المعتدة حرة او امة.

الفرع العاشر: انه لا فرق في الدخول بين أن يكون في القبل و الدبر استدل عليه باطلاق الدخول الوارد في النصوص و بحديث حفص بن سوقة، عمن أخبره قال: سألت أبا عبد اللّه عن الرجل يأتي اهله من خلفها، قال: هو احد المأتيين فيه الغسل «2».

و يرد علي الاول، ان دعوي الانصراف الي الدخول المتعارف الخارجي لا تكون جزافية و علي الثاني، بأنها مرسلة و لا اعتبار بها، و الاحتياط طريق النجاة

الفرع الحادي عشر: انه لا تلحق بالعدة ايام استبراء الامة لعدم الدليل

فان العدة لها أحكام خاصة لا تترتب علي مدة الاستبراء و لذا يجوز الاستمتاع بها و المحرم خصوص الوطء و الحال انه لا يجوز العقد علي المعتدة و الأحكام الشرعية تعبدية

______________________________

(1) عين المصدر

(2) الوسائل: الباب 12 من أبواب الجنابة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 642

[مسألة 9: لا يصح العقد علي المرأة في المدة التي تكون بين وفاة زوجها و علمها بوفاته]

(مسألة 9): لا يصح العقد علي المرأة في المدة التي تكون بين وفاة زوجها و علمها بوفاته (1).

و هل يجري عليها حكم العدة قيل لا فلو عقد علي امرأة في تلك المدة لم تحرم عليه و ان كان عالما و دخل بها فله تجديد العقد بعد العلم بالوفاة و انقضاء العدة بعده و لكنه محل اشكال جدا و الاحتياط لا يترك (3).

______________________________

الفرع الثاني عشر انه لا تلحق بالعقد الوطء بالشبهة و لا الوطء بالملك و لا بالتحليل و ذلك لأن الحكم تابع لموضوعه و الحكم في لسان الروايات مترتب علي العقد فلا وجه للتسريته الي غير مورده.

الفرع الثالث عشر: ان المدار علم الزوج و أما علم الولي أو الوكيل فلا يوجب الحرمة اذ المأخوذ في الدليل علم الزوج فلا وجه لتسرية الحرمة الي غير ذلك المورد فلاحظ.

(1) بلا اشكال و لا خلاف فيه ظاهرا اذ المستفاد من الكتاب و السنة و الاجماع ان المرأة التي يموت عنها زوجها لا يجوز تزويجها الا بعد تمامية عدتها فلا يجوز العقد عليها في المدة الفاصلة بين وفاة زوجها و وصول موتها اليها.

(2) في المقام قولان كما يظهر من المتن، ذهب الماتن الي أن حكمها حكم زمان العدة لوجهين: احدهما: ان المستفاد من الدليل وجوب التربص من حين الوفاة، غاية الأمر بعد المدة المقررة من حين بلوغها بنبإ وفاة زوجها فيحرم عليها التزويج

من حين الوفاة و وجوب العدة عليها من ذلك الحين.

و فيه: انه لا اشكال في حرمة التزويج و بطلانه كما انه لا اشكال في عدم وقوع التزويج خلال العدة اذ المفروض ان مبدأ عدتها من حين البلوغ و المفروض عدمه فلا يترتب عليه ذلك الحكم المترتب علي ذلك الموضوع المغاير للمقام.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 643

______________________________

ثانيهما: ان الموضوع المأخوذ في حديث اسحاق بن عمار «1» عنوان عدم انقضاء عدتها، و من الظاهر ان عنوان عدم انقضاء العدة يصدق علي تلك المدة المقررة فيترتب عليه الحكم.

و فيه: ان المستفاد من الخبر ان المفروض وقوع الزواج اثناء العدة، و الظاهر من قول السائل انه فرض وقوع التزويج اثناء العدة، بل ذيل الحديث صريح فيه حيث يسئل عن التزويج في العدة، و المفروض ان مبدأ العدة من حين البلوغ فمقتضي الصناعة هو القول الاخر و مقتضي الاحتياط ما أفاده في المتن.

______________________________

(1) لاحظ ص: 634

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 644

استدراك

ذكرنا في الجزء الاول في ص 199 و نصف الدائره شبران و الصحيح ان يقال و نصف القطر شبر و نصف

*** ذكرنا في الجزء الاول في ص 200 فالنتيجه بلوغ المجموع (27) شبرا و الحال انه ليس الامر كذلك بل النتيجة أقلّ و الذي يهون الخطب ان السند ضعيف فلا يترتب علي الرواية اثر

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.